الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُنَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَعُمَرَ، قُلْت: أَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُمَرَ، قَالَ فِي الرَّجُلِ يَرْتَهِنُ الرَّهْنَ، فَيَضِيعُ، قَالَ: إنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا فِيهِ رَدَّ عَلَيْهِ تَمَامَ حَقِّهِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ، فَهُوَ أَمِينٌ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالطَّحَاوِيُّ عَنْهُ، قَالَ: إذَا كَانَ الرَّهْنُ بِأَكْثَرَ مِمَّا رَهَنَ بِهِ، فَهُوَ أَمِينٌ فِي الْفَضْلِ، وَإِذَا كَانَ بِأَقَلَّ رَدَّ عَلَيْهِ، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ، وَقَالَ: هَذَا لَيْسَ بِمَشْهُورٍ عَنْ عُمَرَ، وَالرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ غَرِيبٌ.
قَوْلُهُ: وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: الْمُرْتَهِنُ أَمِينٌ فِي الْفَضْلِ، قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَامِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: إذا كَانَ الرَّهْنُ أَكْثَرَ مِمَّا رَهَنَ بِهِ فَهَلَكَ، فَهُوَ بِمَا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي الْفَضْلِ، وَإِذَا كَانَ أَقَلَّ مِمَّا رَهَنَ بِهِ فَهَلَكَ، رَدَّ الرَّاهِنُ الْفَضْلَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ عُمَر حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عِمْرَانَ الْقَطَّانِ عَنْ مَطَرٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: إذَا كَانَ الرَّهْنُ أَكْثَرَ مِمَّا رَهَنَ بِهِ فَهُوَ أَمِينٌ فِي الْفَضْلِ، وَإِذَا كَانَ أَقَلَّ رَدَّ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ
قَوْلُهُ: وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهُ صَفْقَةٌ فِي صَفْقَتَيْنِ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صَفْقَتَيْنِ فِي صَفْقَةٍ، أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.
كتاب الجنايات
تحريم قتل المسلم
…
كِتَابُ الْجِنَايَاتِ
قَوْلُهُ: وَقَدْ نَطَقَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ: مِنْ السُّنَّةِ يَعْنِي الْإِثْمَ فِي الْقَتْلِ الْعَمْدِ: قُلْت: الْأَحَادِيثُ فِي تَحْرِيمِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ كَثِيرَةٌ جِدًّا: فَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ1 عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا يَحِلُّ دم امرىء يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: الثَّيِّبُ الزَّانِي، وَالنَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ الْمُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ
1 عند مسلم في القصاص والديات ص 59 ج 2، وعند البخاري في الديات في باب قول الله:{أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} ص 1016 ج 2، وعند الترمذي فيه في باب ما جاء: لا يحل دم امرىء مسلم إلا باحدى ثلاث ص 180 ج 1، وعند أبي داود في أوائل الحدود ص 242 ج 2، وعند النسائي في أوائل القود ص 237 ج 2، وعند ابن ماجه في أوائل الحدود ص 185.
التِّرْمِذِيُّ فِي الدِّيَاتِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْقَوَدِ وَالْبَاقُونَ فِي الْحُدُودِ وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ لَا يَحِلُّ دَمُ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، إلَّا ثَلَاثَةُ نَفَرٍ: التَّارِكُ لِلْإِسْلَامِ"، الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ، مُحِيلًا عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَمْ يَسُقْ الْمَتْنَ، وَلَفْظُهُ: قَالَ الْأَعْمَشُ: وَحَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ الْأَسْوَدِ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 فِي الْإِيمَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إلَّا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 عَنْ أَنَسٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَهَذَا وَهْمٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ مُسْلِمًا رَوَاهُ، الثَّانِي: أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ لَيْسَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَوَقَعَ مِثْلُ هَذَا فِي حَدِيثٍ آخَرَ، أَخْرَجَهُ فِي الْمَغَازِي عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ بِسَنَدِهِ، وَقَالَ فِيهِ: عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَابْنُ إسْحَاقَ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3 فِي الْفِتَنِ، وَمُسْلِمٌ فِي الْحُدُودِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا، أَلَيْسَ بِيَوْمِ النَّحْرِ "؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا"؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"أَلَيْسَ بِذِي الْحِجَّةِ"، قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا"؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:"أَلَيْسَ الْبَلْدَةَ"؟ قُلْنَا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ"، انْتَهَى.
1 عند مسلم في الايمان في باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله ص 37 ج 1، وعند البخاري فيه في با ب {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} ص 8 ج 1، وحديث أبي هريرة، عند البخاري في باب وجوب الزكاة ص 188 ج 1.
2 حديث أنس، عند البخاري في الصلاة في باب فضل استقبال القبلة ص 56 ج 1، وحديث جابر في المستدرك ص 38 ج 3، وعند مسلم في الايمان ص 37 ج 1.
3 عند البخاري في الحدود في باب ظهر المؤمن حمى ص 1003.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1 فِي الْحُدُودِ فِي بَابِ ظَهْرُ الْمُؤْمِنِ حِمًى عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "أَلَا أَيُّ شَهْرٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً"؟ قَالُوا: أَلَا شَهْرُنَا هَذَا، قَالَ:"أَلَا أَيُّ بَلَدٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً"؟ قَالُوا: أَلَا بَلَدُنَا هَذَا، قَالَ:" أَلَا أَيُّ يَوْمٍ تَعْلَمُونَهُ أَعْظَمُ حُرْمَةً"؟ قَالُوا: أَلَا يَوْمُنَا هَذَا قَالَ: "فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، إلَّا بِحَقِّهَا، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، أَلَا هَلْ بَلَّغْت"، مُخْتَصَرٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ2 في الحج بَابِ الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ:"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا"؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ:"فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا"؟ قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ:"فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا"؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ:" فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا" ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: "اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْت"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد3 فِي الْفِتَنِ حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ دِهْقَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي زَكَرِيَّا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مُؤْمِنًا قَتَلَ مُؤْمِنًا عمداً"، فقال هانىء بْنُ كُلْثُومٍ: سَمِعْتُ مَحْمُودَ بْنَ الرَّبِيعِ يُحَدِّثُ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا فَاعْتَبَطَ4 بِقَتْلِهِ، لَمْ يَقْبَلْ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا"، قَالَ لَنَا خَالِدٌ: ثُمَّ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَكَرِيَّا عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ معنقاً5 صالحاً، مالم يُصِبْ دَمًا حَرَامًا، فَإِذَا أَصَابَ دَمًا حَرَامًا بَلَّحَ"، انْتَهَى.
1 عند مسلم في القصاص في باب تغليظ تحريم الدماء والأعراض ص 60 ج 2، وعند البخاري في الفتن في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:"لا ترجعوا بعدي كفاراً" ص 1048 ج 2، وغيره.
2 عند البخاري في الحج في باب الخطبة أيام منى ص 234 ج 1.
3 عند أبي داود في الفتن في باب تعظيم قتل المؤمن ص 230، ثم قال: وحديث هانىء بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مثله سواء.
4 قال ابن الأثير في النهاية ص 69 ج 3: من قتل مؤمناً فاعتبط بقتله، هكذا جاء الحديث في سنن أبي داود ثم قال في آخر الحديث: قال خالد بن دهقان، وهو راوي الحديث: سألت يحيى بن يحيى النسائي عن قوله: "اعتبط بقتله"، قال: الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم، فيرى أنه على هدى، لا يستغفر الله، وهذا التفسير يدل على أنه من الغبطة، بالغين المعجمة، وهي الفرح، والسرور، وحسن الحال، لأن القائل يفرح بقتل خصمه، فاذا كان المقتول مؤمناً وفرح بقتله، دخل في الوعيد، وقال الخطابي في معالم السنن وشرح هذا الحديث، فقال: اعتبط قتله، أي قتله ظلماً، لا عن قصاص، وذكر نحو ما تقدم في الحديث قبله، ولم يذكر قول خالد، ولا تفسير يحيى ابن يحيى، انتهى.
5 قوله: "لايزال المؤمن معنقاً"، أي مسرعاً في طاعته، منبسطاً في عمله، قوله:" فإذا أصاب دماً حراماً بلح"، بلح الرجل إذا انقطع من الاعياء، فلم يقدر أن يتحرك، وقد أبلحه السير فانقطع، يريد به وقوعه في الهلاك، بإصابة الدم الحرام، وقد تخفف اللام من النهاية ص 111 ج 1.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْحُدُودِ1 وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، انْتَهَى. وَبَعْضُهُ فِي الْبُخَارِيِّ وَأَخْرَجَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لايزال الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي الْمُحَارَبَةِ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ صَفْوَانَ بْن عِيسَى عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي عَوْنٍ عَنْ أَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَائِذِ اللَّهِ عَنْ مُعَاوِيَةَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إلَّا الرَّجُلَ يَمُوتُ كَافِرًا، أَوْ الرَّجُلَ يَقْتُلُ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ بِهِ مَوْقُوفًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ أَصَحُّ من حديث ابن عَدِيٍّ، انْتَهَى. قُلْتُ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي الدِّيَاتِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ مَرْفُوعًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى4 ذَكَرْنَاهَا فِي أَحَادِيثِ الْكَشَّافِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ5 عَنْ أَبِي الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ يَذْكُرَانِ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ، وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ، لَأَكَبَّهُمُ اللَّهُ فِي النَّارِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ الْخُدْرِيِّ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ في معجمه الوسط عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ6 عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ
1 في المستدرك في الحدود بهذا اللفظ، عن ابن عمر، وعند البخاري في أوائل الديات ص 1014 ج 2.
2 عند النسائي فيالمحاربة ص 162 ج 2، وفي المستدرك في الحدود عن معاوية، وأم الدرداء ص 351 ج 4.
3 عند الترمذي في الديات في باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن ص 180 ج 1، وعند النسائي في المحاربة في باب تعظيم الدم ص 162 ج 2.
4 بعضها عند النسائي في المحاربة ص 162 ج 2، وعند ابن ماجه في الديات ص 191.
5 عند الترمذي في الديات في باب الحكم في الدماء ص 180 ج 1، وفي المستدرك في الحدود ص 353 ج 4.
6 عند ابن ماجه في الديات في باب تغليظ قتل المؤمن ص 191.
كَلِمَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى"، انْتَهَى. وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وَلَهُ طُرُقٌ أخرى، ذكرناها فِي أَحَادِيثِ الْكَشَّافِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 فِي الْحُدُودِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إذَا أَصْبَحَ إبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْته التَّاجَ، فَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، فَيَقُولُ: يُوشِكُ أَنْ يَبَرَّهُمَا، وَيَجِيءُ الْآخَرُ فَيَقُولُ: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ زَوْجَتَهُ، فَيَقُولُ: يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ، فَذَكَرَ نَحْوَ ذَلِكَ، إلَى أَنْ قَالَ: وَيَقُولُ الْآخَرُ لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ، فَيَقُولُ أَنْتَ أَنْتَ، وَيُلْبِسُهُ التَّاجَ"، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرْنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ جُنْدُبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَا يَحُولَنَّ بَيْنَ أَحَدِكُمْ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ وَهُوَ يَرَى بَابَهَا مِلْءُ كَفٍّ مِنْ دَمِ امرىء مُسْلِمٍ أَهْرَاقَهُ، بِغَيْرِ حِلِّهِ"، مُخْتَصَرٌ، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ2 مِنْ قَوْلِ جُنْدُبٍ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَالُوا لَهُ: أَوْصِنَا، فَقَالَ: أَوَّلُ مَا يُنْتِنُ مِنْ الْإِنْسَانِ بَطْنُهُ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَأْكُلَ إلَّا طَيِّبًا، فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَنَّةِ بِمِلْءِ كَفٍّ مِنْ دَمٍ أَهْرَاقَهُ ، فَلْيَفْعَلْ، أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الْعَمْدُ قَوَدٌ". قُلْتُ: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدَيْهِمَا، قَالَ الْأَوَّلُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، وَقَالَ الثَّانِي: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالَا: ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَمْدُ قَوَدٌ، إلَّا أَنْ يَعْفُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ"، انْتَهَى. لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَزَادَ إسْحَاقُ: وَالْخَطَأُ عقل لاقود فِيهِ، وَشِبْهُ الْعَمْدِ قَتِيلُ الْعَصَا وَالْحَجَرِ، وَرَمْيِ السَّهْمِ فِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً مِنْ أَسْنَانِ الْإِبِلِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3 بِلَفْظِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَكَذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ4 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
1 في المستدرك في الحدود ص 350 ج 4.
2 عند البخاري في الأحكام في باب من شاق شاق الله عليه ص 1059 ج 2.
3 عند الدارقطني في الحدود والديات ص 328.
4 عند أبي داود في الديات في باب عفو الانسان عن الدم ص 268 ج 2، وص 275 ج 2، وعند ابن ماجه في الديات في باب من حال بين ولي المقتول وبين القود ص 193، وعند النسائي في الديات في باب من قتل بحجر أو سوط ص 245 ج 2.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قُتِلَ في عمياء، أو رمياء تَكُونُ بَيْنَهُمْ بِحِجَارَةٍ، أَوْ بِالسِّيَاطِ، أَوْ ضَرْبٍ بِعَصًا، فَهُوَ خَطَأٌ، وَعَقْلُهُ عَقْلُ الْخَطَإِ، وَمَنْ قَتَلَ عَمْدًا، فَهُوَ قَوَدٌ، وَمَنْ حَالَ دُونَهُ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ، وَلَا عَدْلٌ" ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ حَزْمٍ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ1 مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي الْفَضْلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بن عمرو عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الْعَمْدُ قَوَدٌ، وَالْخَطَأُ دِيَةٌ"، انْتَهَى. وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِجَدِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فَهُوَ مُرْسَلٌ، قَالَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ2 فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وُلِدَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَنَةَ عَشْرٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَقَالَ لِأَبِيهِ عَمْرٍو: سَمِّهِ مُحَمَّدًا، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "لاميراث لِلْقَاتِلِ". قُلْت: روي من حديث أبي هريرة، ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ومن حديث عمر، ومن حديث ابن عباس.
فحديث أبي هريرة: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3 فِي الْفَرَائِضِ وَابْنُ مَاجَهْ فِيهِ وَفِي الدِّيَاتِ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ تَرَكَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، انْتَهَى. وَعَزَا شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ هَذَا الْحَدِيثَ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ إلَى النَّسَائِيّ، وَلَمْ أَجِدْهُ، وَلَا عَزَاهُ أَصْحَابُ الْأَطْرَافِ، مَعَ أَنَّ الشَّيْخَ، وَاَلَّذِي قَلَّدَهُ تَرَكَا ابْنَ مَاجَهْ، لَكِنِّي وَجَدْت الدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ4 رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ النَّسَائِيّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثَنَا اللَّيْثُ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إسْحَاقُ مَتْرُوكٌ، وَإِنَّمَا أَخْرَجَهُ فِي مَشَايِخِ اللَّيْثِ لِئَلَّا يُتْرَكَ مِنْ الْوَسَطِ انْتَهَى. فَلَعَلَّهُ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد5 فِي الدِّيَاتِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ
1 قال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 286 ج 6: رواه الطبراني عن عمرو بن حزم، وفيه عمران ابن أبي الفضل، وهو ضعيف، انتهى.
2 وفي ترجمة محمد بن عمرو بن حزم عند ابن سعد: ص 49 ج 5، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استعمل عمرو بن حزم على نجران اليمن، فولد له هنالك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة غلاماً، فأسماه محمداً، وكناه أبا سليمان، وكتب بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، "أن سمه محمداً وأكنه أبا عبد الملك"، ففعل، انتهى.
3 عند الترمذي في الفرائض في باب ما جاء في إبطال ميراث القاتل ص 33 ج 2، وعند ابن ماجه في الديات في باب القاتل لا يرث ص 194، وفي الفرائض في باب ميراث القاتل ص 201.
4 عند الدارقطني في الفرائض ص 465.
5 عند أبي داود في الديات في باب ديات الأعضاء ص 271 ج 2.
يُقَوِّمُ دِيَةَ الْخَطَإِ عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ، فَذَكَرَهُ بِطُولِهِ، إلَى أَنْ قَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ لِلْقَاتِلِ شَيْءٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، فَوَارِثُهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ، وَلَا يَرِثُ الْقَاتِلُ شَيْئًا"، مُخْتَصَرٌ. وَمُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ الدِّمَشْقِيُّ فِيهِ مَقَالٌ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِهِ مَرْفُوعًا، لَيْسَ لِلْقَاتِلِ مِنْ الْمِيرَاثِ شَيْءٌ، انْتَهَى. ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَيْسَ لِقَاتِلٍ شَيْءٌ"، قَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَيَّاشٍ خَطَأٌ، انْتَهَى. وَضَعَّفَ ابْنُ الْقَطَّانِ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، مِنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، وَغَيْرِهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ1 فِي الدِّيَاتِ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الْأَحْمَرِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ قتل ابنه، فَأَخَذَ مِنْهُ عُمَرُ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ: ثَلَاثِينَ حِقَّةً، وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً، فقال أين أخو الْمَقْتُولِ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"لَيْسَ لِقَاتِلٍ مِيرَاثٌ" ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِهِ، وَعَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ رَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَالَ: هُوَ الصَّوَابُ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عُمَرَ فِيهِ انْقِطَاعٌ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْن أَبِي دَاوُد ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ. وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ بِأَنَّ سَعِيدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ إلَّا نَعْيَهُ النُّعْمَانَ بْنَ مُقَرِّنٍ، قَالَ: وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَهُ مُطْلَقًا، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِمُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ هَذَا، قَالَ: قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَأَقَرَّهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا3 عَنْ أَبِي حَمَّةَ عَنْ أَبِي قُرَّةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ لَيْثٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوُهُ، وَأَعَلَّهُ ابْنُ الْقَطَّانِ بِأَبِي حَمَّةَ، وَبِاللَّيْثِ، قَالَ: وَأَبُو حَمَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو يُوسُفَ، قَالَ: وَلَا أَعْرِفُ حاله4 وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ
1 عند ابن ماجه في الديات في باب القاتل لا يرث ص 194، وعند مالك في الموطأ في باب ميراث العقل والتغليظ فيه ص 339.
2 عند الدارقطني في الفرائض ص 465.
3 عند الدارقطني في الفرائض ص 465 عن أبي قرة به.
4 قلت: وفي التهذيب ص 538 ج 9: محمد بن يوسف الزبيدي أبو حمة اليماني، روى عن أبي قرة، وموسى بن طارق، وهو من أقران ابن سعد، كاتب الواقدي، انتهى. وفي هامشه أبو حمة بضم المهملة، وفتح الميم الخفيفة من العاشرة، انتهى.
إلَّا ابْنَ الْجَارُودِ فِي كِتَابِ الْكُنَيْ، وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ حَالًا، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَأَبُو قُرَّةَ هَذَا أَظُنُّهُ مُوسَى بْنَ طَارِقٍ، وَكَانَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَيْثٌ هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ1 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ التُّسْتَرِيُّ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ الْمَدَنِيُّ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ شَيْبَةَ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ الْأَشْجَعِيُّ، قَالَ: كُنْت أُدَاعِبُ امْرَأَتِي، فَأَصَابَتْ يَدِي بَطْنَهَا فَمَاتَتْ وَذَلِكَ فِي غَزْوَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِتَبُوكَ فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْته عَنْ امْرَأَتِي، وَأَنِّي أَصَبْتهَا خَطَأً، فَقَالَ:"لَا تَرِثْهَا"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ: رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ2 أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَا: ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى عَنْ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، وَقَالَ: مُحَمَّدُ بْن يَحْيَى عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ، فَقَالَ:"لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ، وَالْمَرْأَةُ تَرِثُ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا وَمَالِهِ، وَهُوَ يَرِثُ من دينها وَمَالِهَا، مَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ عَمْدًا، فَإِنْ قَتَلَ صَاحِبَهُ عَمْدًا لَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ وَمَالِهِ شَيْئًا، وَإِنْ قَتَلَ صَاحِبَهُ خَطَأً وَرِثَ مِنْ مَالِهِ، وَلَمْ يَرِثْ مِنْ دِيَتِهِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ وَقَالَ: مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا هُوَ الطَّائِفِيُّ، وَهُوَ ثِقَةٌ، انْتَهَى. وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ، بَعْدَ أَنْ ذَكَرَهُ مِنْ جِهَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ: وَمُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ هَذَا أَظُنُّهُ الصَّلْتَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ، انْتَهَى. وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ كَلَامَ الدَّارَقُطْنِيِّ، أَوْ يَكُونُ تَوْثِيقُ الدَّارَقُطْنِيِّ لَهُ سَاقِطًا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ ابْنِ مَاجَهْ عَمْرُو بْنُ سَعِيدٍ بِالْوَاوِ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي أَطْرَافِ ابْنِ عَسَاكِرَ وَهُوَ خَطَأٌ، نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ، وَفَرَّقَ شَيْخُنَا فِي التَّهْذِيبِ بَيْنَ رَاوِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عُمَرَ، وَبَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الطَّائِفِيِّ، وَعِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ أَنَّهُ الطَّائِفِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ مَجْرُوحٌ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يروي عن الثقات مالا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهَذَا خَطَأٌ، فَإِنَّ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ هَذَا هُوَ ابْنُ حُيَيِّ، وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ، الْمُخْرَجِ لَهُمْ فِي الصَّحِيحِ، وَاَلَّذِي تَكَلَّمَ فِيهِ ابْنُ حِبَّانَ هُوَ آخَرُ، مُخْتَلَفٌ فِي نِسْبَتِهِ، يَرْوِي عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ. وَيُقَالُ لَهُ: الْعِجْلِيّ،
1 قال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 230 ج 4: رواه الطبراني، وعمر بن شيبة، قال أبو حاتم: مجهول، اهـ، وراجع له اللسان ص 312 ج 4.
2 عند ابن ماجه في الفرائض في باب ميراث القاتل ص 201، وعند الدارقطني فيه: ص 456، عن محمد بن سعيد، وص 457 عن الضحاك بن عثمان، كلاهما عن عمرو بن شعيب به.
وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، وَحَكَى كَلَامَ ابْنِ حِبَّانَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ عَشَرَةٌ، لَيْسَ فِيهِمْ مَجْرُوحٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "أَلَا إنَّ قَتِيلَ خَطَإِ الْعَمْدِ: قَتِيلُ السَّوْطِ، وَالْعَصَا، وَفِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ1 عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ: مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَعُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ وَثَّقَهُ ابْنُ سَعْدٍ، وَالْعِجْلِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ مَعَ جَلَالَتِهِ، والقاسم وَثَّقَهُ أَبُو دَاوُد، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ حِبَّانَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ خَالِدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ خَالِدٍ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عُقْبَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي الْحُدُودِ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عن القاسم بن ربيعة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ عُقْبَةَ بْنَ أَوْسٍ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَلَا يَضُرُّهُ الِاخْتِلَافُ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ وَعُقْبَةُ بْنُ أَوْسٍ بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ يَوْمَ الْفَتْحِ بِمَكَّةَ، فَكَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ:"لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصْرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ دَمٍ أَوْ مَالٍ تَحْتَ قَدَمَيَّ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ سِقَايَةِ الْحَاجِّ، وَسِدَانَةِ الْبَيْتِ"، ثُمَّ قَالَ:"أَلَا إنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ، مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا، مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ: مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَرَوَاهُ ابْنُ
1 عند أبي داود في الديات في باب دية شبه العمد ص 269 ج 2، وعند ابن ماجه فيه في باب دية شبه العمد مغلظة ص 192، وعند النسائي في القود في باب دية شبه العمد ص 246، وعند الدارقطني في الحدود ص 232، وأخرجه الدارقطني أيضاً عن وهيب عن القاسم بن ربيعة عن عقبة بن أوس، مرفوعاً.
2 عند أبي داود في باب دية الخطأ شبه العمد ص 269 ج 2، وعند ابن ماجه في باب دية شبه العمد مغلظة ص 192، وعند النسائي في القود في باب كم دية شبه العمد ص 246 ج 2، وعند الدارقطني في الحدود ص 333.
أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِيهِمَا، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرزاق رواه الطبراني فيمعجمه، والدارقطني فِي سُنَنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَهُوَ حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ، لِضَعْفِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرْنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "شِبْهُ الْعَمْدِ قَتِيلُ الْحَجَرِ وَالْعَصَا، فِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ، مِنْ أَسْنَانِ الْإِبِلِ" مُخْتَصَرٌ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَاشِدٍ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"عَقْلُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظٌ، مِثْلُ عَقْلِ الْعَمْدِ، وَلَا يُقْتَلُ صَاحِبُهُ، وَذَلِكَ أَنْ يَنْزُوَ الشَّيْطَانُ بَيْنَ النَّاسِ، فيكون رمياً في عمياء فِي غَيْرِ ضَغِينَةٍ وَلَا سِلَاحٍ"، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ يُعْرَفُ بِالْمَكْحُولِ، وَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: إذَا حَدَّثَ عَنْهُ ثِقَةٌ فَحَدِيثُهُ مُسْتَقِيمٌ، انْتَهَى. وَهَذَا دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ.
حَدِيثٌ آخَرُ مُرْسَلٌ: رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي الدِّيَاتِ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا شِبْهُ عَمْدٍ، فِيهِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، أَرْبَعُونَ مِنْهَا فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا"، انْتَهَى.
الْآثَارُ: أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا، قَالَ: قَتِيلُ السَّوْطِ وَالْعَصَا شِبْهُ عَمْدٍ، وَأَخْرَجَ عَنْ الشَّعْبِيِّ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ قَالُوا: مَا أَصَبْت بِهِ مِنْ حَجَرٍ، أَوْ سَوْطٍ، أَوْ عَصًا فَأَتَى عَلَى النَّفْسِ، فَهُوَ شِبْهُ الْعَمْدِ، وَفِيهِ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةٌ، وَأَخْرَجَ عَنْ إبْرَاهِيمِ النَّخَعِيّ، قَالَ: شِبْهُ الْعَمْدِ كُلُّ شَيْءٍ تَعَمَّدَ بِهِ بِغَيْرِ حَدِيدٍ، وَلَا يَكُونُ شِبْهُ الْعَمْدِ إلَّا فِي النَّفْسِ، وَلَا يَكُونُ دُونَ النَّفْسِ، انْتَهَى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَعْنِي الْقَتْلَ بِالْمُثَقَّلِ: مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قال: قال سول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قُتِلَ فِي عمياء أو رمياء بحجر أو سوطاً، أَوْ عَصًا، فَعَلَيْهِ عَقْلُ الْخَطَإِ"، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، لَكِنَّهُ رُوِيَ مُرْسَلًا.
1 عند أبي داود في الديات في باب ديات الأعضاء ص 272 ج 2.
2 عند أبي داود في أواخر الديات ص 275 ج 2، وعند ابن ماجه في الديات ص 193، وعند النسائي في القود في باب من قتل بحجر أو سوط ص 245، وص 246 ج 2.
وَحَدِيثُ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ، إلَّا السَّيْفَ، وَفِي كُلِّ خَطَأٍ، أَرْشٌ، رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ: وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ وَرْقَاءَ عَنْ جَابِرٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَرَاكٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، مَرْفُوعًا: كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا مَا كَانَ بِحَدِيدَةٍ، وَلِكُلِّ خَطَإٍ أَرْشٌ، انْتَهَى. وَمُسْلِمُ بْنُ أَرَاكٍ هُوَ أَبُو عَازِبٍ قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: اسْمُهُ مُسْلِمُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَأَبُو عَازِبٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَالْحَدِيثُ مَدَارُهُ عَلَى جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَقَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَهُمَا غَيْرُ مُحْتَجٍّ بِهِمَا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَاحْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْقَتْلِ بِالْمُثَقَّلِ بِحَدِيثِ أَنَسٍ1 أَنَّ يَهُودِيًّا رَضَخَ رَأْسَ امْرَأَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فَقَتَلَهَا، فَرَضَخَ عليه السلام رَأْسَهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ ثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ أَنَّهُ سَمِعَ طَاوُسًا يُخْبِرُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ نَشَدَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَنِينِ، فَجَاءَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ، فَقَالَ كُنْت بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ، فَضَرَبْت إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى بِمِسْطَحٍ فَقَتَلَتْهَا وَجَنِينَهَا، فَقَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَنِينِهَا بِغُرَّةٍ، وَأَنْ تُقْتَلَ بِهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ3: وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَذَكَرَا فِي الْحَدِيثِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ شَكَّ فِي قَتْلِ الْمَرْأَةِ بِالْمَرْأَةِ، فَأَخْبَرَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِدِيَتِهَا، وَبِغُرَّةٍ فِي جَنِينِهَا، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ4 مِنْ طَرِيقِ مُسَدَّدٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ علاقة عن مِرْدَاسٍ أَنَّ رَجُلًا رَمَى رَجُلًا بِحَجَرٍ فَقَتَلَهُ، فَأَقَادَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، انْتَهَى.
1 عند مسلم في القصاص ص 58 ج 2، وعند البخاري في الديات في باب من أقاد بحجر ص 1016 ج 2.
2 عند أبي داود في الديات في باب دية الجنين ص 272 ج 2، وعند ابن ماجه فيه: ص 194، وعند النسائي في القود في باب دية جنين المرأة ص 248، وفي المستدرك في مناقب حمل بن مالك بن النابغة الهزلي ص 575 ج 3.
3 قال صاحب الجوهر النقي ص 44 ج 8: وإذا كان الصواب في هذه القضية القضاء بالدية لا القود، كما هو المفهوم من كلام البيهقي، وقد قتلتها بحجر، أو عمود فسطاط، كما ثبت في الصحيح والأظهر أن مثل هذا القتل إنما يكون بآلة قاتلة، دل هذا الحديث على أن القتل بما يقتل غالباً ولا يعاش منه، شبه عمد، فهو حجة على البيهقي، وإمامه، ومخالف لمقصود البيهقي، انتهى.
4 عند البيهقي في السنن ص 43 ج 8.