الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ضَعَّفُوهُ إلَّا الْحَاكِمَ، فَإِنَّهُ وَثَّقَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا إسْمَاعِيلُ ثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: جُعْت مَرَّةً بِالْمَدِينَةِ جُوعًا شَدِيدًا فَخَرَجْت أَطْلُبُ الْعَمَلَ فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، فَإِذَا أَنَا بِامْرَأَةٍ تُرِيدُ الْمَاءَ، فَقَاطَعْتهَا كُلَّ ذَنُوبٍ بِتَمْرَةٍ، فَمَدَدْت سِتَّةَ عَشَرَ ذَنُوبًا حَتَّى قَحِلَتْ يَدَايَ، ثُمَّ أَتَيْتهَا فَقُلْت بِكَفِّي هَكَذَا بَيْنَ يَدَيْهَا فَعَدَّتْ لِي سِتَّ عَشْرَةَ تَمْرَةً، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْته، فَأَكَلَ مَعِي مِنْهَا، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: فِيهِ انْقِطَاعٌ، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُجَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مُرْسَلٌ: وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مُجَاهِدٌ أَدْرَكَ عَلِيًّا، وَلَا نَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً وَلَا سَمَاعًا، انْتَهَى كَلَامُهُ.
بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ"، قُلْت: غَرِيبٌ مَرْفُوعًا، وَلَمْ أَجِدْهُ إلَّا مَوْقُوفًا عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَلَهُ طُرُقٌ:
أَحَدُهَا: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ثَنَا عَاصِمٌ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: إنَّ اللَّهَ نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَ نَبِيِّهِ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَوْهُ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سيء، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 فِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ وَزَادَ فِيهِ: وَقَدْ رَأَى الصَّحَابَةُ جَمِيعًا أَنْ يَسْتَخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ، انْتَهَى. وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَدْخَلِ، وَقَالَا: لَا نَعْلَمُ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ زِرٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ غَيْرُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، وَغَيْرُ أَبِي بَكْرٍ يَرْوِيهِ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: وَرِوَايَةُ ابْنِ عَيَّاشٍ أَشْبَهُ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ عِوَضُ سيء، قَبِيحٌ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الِاعْتِقَادِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَالْمَسْعُودِيُّ ضَعِيفٌ.
1 في فضائل أبي بكر الصديق ص 78 ج 3، وصححه الذهبي أيضاً.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا فِي الْمَدْخَلِ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ ثَنَا أَبُو الْجَوَّابِ ثَنَا عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ، فَذَكَرَهُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام احْتَجَمَ، وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ، وَأَعْطَى الْحَجَّامَ أَجْرَهُ، انْتَهَى. زَادَ الْبُخَارِيُّ فِي لَفْظٍ: وَلَوْ كَانَ حَرَامًا لَمْ يُعْطِهِ، وَفِي لَفْظٍ: وَلَوْ عَلِمَ كَرَاهِيَةً لَمْ يُعْطِهِ، وَلِمُسْلِمٍ: وَلَوْ كَانَ سُحْتًا لَمْ يُعْطِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَا غُلَامًا لِبَنِي بَيَاضَةَ، فَحَجَمَهُ، وَأَعْطَاهُ أَجْرَهُ مُدًّا وَنِصْفًا، وَكَلَّمَ مَوَالِيَهُ، فَحَطُّوا عَنْهُ نِصْفَ مُدٍّ، وَكَانَ عَلَيْهِ مُدَّانِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ عَنْ حُمَيْدٍ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ كَسْبِ الْحَجَّامِ، فَقَالَ: احْتَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَجَمَهُ أَبُو طَيْبَةَ، فَأَمَرَ لَهُ بِصَاعَيْنِ مِنْ طَعَامٍ، وَكَلَّمَ أَهْلَهُ فَوَضَعُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: وَلِأَحْمَدَ فِي مَنْعِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى الْحِجَامَةِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "كَسْبُ الْحَجَّامِ خَبِيثٌ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ3 مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ ابْنِ مُحَيِّصَةُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ غُلَامٌ حَجَّامٌ، فَزَجَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِهِ، فَقَالَ: أَلَا أُطْعِمُهُ أَيْتَامًا لِي؟ قَالَ: "لَا"، قَالَ: أَفَلَا أَتَصَدَّقُ بِهِ، قَالَ:"لَا"، فَرَخَّصَ لَهُ أَنْ يُعْلِفَهُ نَاضِحَهُ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ4 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ شَبَابَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةُ عَنْ أَبِيهِ نَحْوَهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ5 حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ، أَنَّ مُحَيِّصَةُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ كَسْبِ حَجَّامٍ لَهُ، فَنَهَاهُ عَنْهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُكَلِّمُهُ، حَتَّى قَالَ:"أَعْلِفْهُ نَاضِحَك، أَوْ أَطْعِمْهُ رَقِيقَك"، انْتَهَى. حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ6 ثَنَا لَيْثٌ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي عُفَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنْ مُحَيِّصَةُ بْنِ مَسْعُودٍ
1 عند البخاري في مواضع، فقوله: ولو كان حراماً لم يعطه، عند البخاري في البيوع باب ذكر الحجام ص 283 ج 1، ولو علم كراهيته لم يعطه، عنده في الإجارات باب خراج الحجام ص 304 ج 1، وعند مسلم في البيوع باب حل أجرة الحجامة ص 22 ج 2.
2 عند مسلم في البيوع باب تحريم بيع الخمر والميتة ص 23 ج 2.
3 عند أبي داود في البيوع باب في كسب الحجام ص 130 ج 1، وعند الترمذي فيه: ص 165 ج 1.
4 عند ابن ماجه في البيوع باب في كسب الحجام ص 157.
5 عند أحمد في مسند محيصة بن مسعود ص 436 ج 5.
6 عند أحمد في مسند محيصة بن مسعود الأنصاري ص 435، وص 436 ج 5.
الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ كَانَ لَهُ غُلَامٌ حَجَّامٌ، يُقَالُ لَهُ: نَافِعٌ أَبُو طَيْبَةَ، فَانْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُهُ عَنْ خَرَاجِهِ، فَقَالَ:"لَا تَقْرَبْهُ"، فَرَدَّدَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ:"اعْلِفْ بِهِ النَّاضِحَ"، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ1 ثَنَا هِشَامٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَيُّوبَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: مُحَيِّصَةُ، بِلَفْظِ أَبِي دَاوُد، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حَرَامِ بْنِ سَعْدِ بْنِ مُحَيِّصَةُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَمَعَ الِاضْطِرَابِ فَفِيهِ مَنْ يُجْهَلُ حَالُهُ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "إنَّ مِنْ السُّحْتِ عَسْبَ التَّيْسِ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ2 عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، انْتَهَى. وَهُوَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ ثَمَنِ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَوَهَمَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فَرَوَاهُ فِي الْبُيُوعِ وَقَالَ: إنَّهُ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَأَعْجَبُ مِنْهُ أَنَّ الْمُنْذِرِيَّ عَزَاهُ فِي مُخْتَصَرِهِ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَمْ يَعْزِهِ لِلْبُخَارِيِّ، وَالْبُخَارِيُّ ذَكَرَهُ فِي الْإِجَارَةِ، وَالْبَاقُونَ فِي الْبُيُوعِ، وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَعَسْبِ التَّيْسِ، انْتَهَى. وَعَزَاهُ عَبْدُ الْحَقِّ لِلنَّسَائِيِّ، وَمَا وَجَدْته، وَنَقَلَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ عَنْ مَالِكٍ إبَاحَةَ أُجْرَةِ عَسْبِ التَّيْسِ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِمَا أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ3 عَنْ إبْرَاهِيمَ بن حميد الرواسي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَجُلًا مِنْ كِلَابٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، فَنَهَاهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّا نُطْرِقُ الْفَحْلَ، فَنُكْرَمُ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي الْكَرَامَةِ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ إبْرَاهِيمَ بْنِ حُمَيْدٍ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ حُمَيْدٍ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "اقْرَءُوا الْقُرْآنَ، وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
1 قلت: صورة السند في المسند ص 436 ج 5 هكذا: حدثنا عبد الصمد ثنا هشام بن يحيى عن محمد بن أيوب أن رجلاً من الأنصار حدثه يقال له: محيصة، الخ، فليحرر، لعل الصواب ما في التخريج، والله أعلم.
2 عند البخاري في الإجارات باب عسب الفحل ص 305 ج 1، وعند الترمذي في البيوع باب ما جاء في كراهية عسب الفحل ص 165 ج 1، وعند أبي داود باب في عسب الفحل ص 130، وعند النسائي فيه: باب بيع ضراب الجمل ص 231 ج 2، وفي المستدرك باب النهي عن عسب الفحل ص 42 ج 2.
3 عند النسائي في البيوع باب ضراب الجمل ص 231 ج 2، ولفظه: جاء رجل من بني الصعق، أحد بني كلاب الخ، وعمد الترمذي فيه باب ما جاء في كراهية عسب الفحل ص 165 ج 1.
فَحَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ1 حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ هِشَامٍ الدَّسْتُوَائِيِّ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شِبْلٍ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " اقْرَءُوا الْقُرْآنَ وَلَا تَأْكُلُوا بِهِ، وَلَا تَجْفُوا عَنْهُ، وَلَا تَغْلُوا فِيهِ. وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ"، انْتَهَى، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي بَابِ التَّرَاوِيحِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ هِشَامِ الدَّسْتُوَائِيِّ بِهِ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِي رَاشِدٍ الْحُبْرَانِيِّ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَكَذَلِكَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: فَأَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ سَوَاءٌ، ثُمَّ قَالَ: هَذَا خَطَأٌ، أَخْطَأَ فِيهِ حَمَّادُ بْنُ يَحْيَى، وَالصَّحِيحُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي رَاشِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِبْلٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ نِبْرَاسَ الْبَصْرِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ سَوَاءً، وَأَسْنَدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الضَّحَّاكِ بْنِ نِبْرَاسٍ هَذَا: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَنْ النَّسَائِيّ قَالَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: مِنْهَا حَدِيثُ الْقَوْسِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَمِنْ حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ.
فَحَدِيثُ عُبَادَةَ، لَهُ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2 فِي الْبُيُوعِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي التِّجَارَاتِ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: عَلَّمْت نَاسًا مِنْ أَهْلِ الصُّفَّةِ الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى إلَيَّ رَجُلٌ مِنْهُمْ قَوْسًا، فَقُلْت: لَيْسَتْ بِمَالٍ، وَأَرْمِي بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَسَأَلْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ:"إنْ أَرَدْت أَنْ يُطَوِّقَك اللَّهُ طَوْقًا مِنْ نَارٍ فَاقْبَلْهَا"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْبُيُوعِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَالْحَاكِمُ قَدْ تَنَاقَضَ كَلَامُهُ فِي الْمُغِيرَةِ بْنِ زِيَادٍ، فَإِنَّهُ صَحَّحَ حَدِيثَهُ هُنَا. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ صَاحِبُ مَنَاكِيرَ، لَمْ يَخْتَلِفُوا
1 عند أحمد في مسند عبد الرحمن بن شبل ص 328 ج 3.
2 عند أبي داود في البيوع باب في كسب المعلم ص 128، وعند ابن ماجه في التجارات باب الأجر على تعليم القرآن ص 157.
فِي تَرْكِهِ، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْهُ، وَتَنَاقُضٌ، وَالْمُغِيرَةُ يُخْتَلَفُ فِيهِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَالْعِجْلِيُّ، وَغَيْرُهُمْ، وَتَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَالْبُخَارِيُّ، وَأَبُو حَاتِمٍ، وَغَيْرُهُمْ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: الْأَسْوَدُ بْنُ ثَعْلَبَةَ مَجْهُولُ الْحَالِ، وَلَا نَعْرِفُ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، وَالْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، انْتَهَى. وَقَالَ ابن حبان فيكتاب الضُّعَفَاءِ: الْمُغِيرَةُ بْنُ زِيَادٍ الْمَوْصِلِيُّ يَرْوِي عَنْ عَطَاءٍ، وَعُبَادَةُ بْنُ نُسَيٍّ، كُنْيَتُهُ أَبُو هِشَامٍ، رَوَى عَنْهُ الثَّوْرِيُّ، وَوَكِيعٌ كَانَ يَنْفَرِدُ عَنْ الثِّقَاتِ، بِمَا لَا يُشْبِهُ حَدِيثَ الْأَثْبَاتِ لَا يُحْتَجُّ بِمَا خَالَفَ فِيهِ الْأَثْبَاتَ. وَإِنَّمَا يُحْتَجُّ بِمَا وَافَقَ فِيهِ الثِّقَاتِ، انْتَهَى.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 عَنْ ثِقَةٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ حَدَّثَنِي عُبَادَةَ بْنُ نُسَيٍّ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا قَدِمَ الرَّجُلُ مُهَاجِرًا دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ مِنَّا يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، فَدَفَعَ إلَيَّ رَجُلًا كَانَ مَعِي، وَكُنْت أَقْرَأْته الْقُرْآنَ، فَانْصَرَفْت يَوْمًا إلَى أَهْلِي، فَرَأَى أَنَّ عَلَيْهِ حَقًّا، فَأَهْدَى إلَيَّ قَوْسًا مَا رَأَيْت أَجْوَدَ مِنْهَا عُودًا، وَلَا أَحْسَنَ مِنْهَا عِطَافًا، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَيْته، فَقَالَ:"جَمْرَةٌ بَيْنَ كَتِفَيْك تَقَلَّدْتهَا، أَوْ تَعَلَّقْتهَا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ عَنْ أَبِي الْمُغِيرَةِ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ الْحَجَّاجِ عَنْ بِشْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَسَارٍ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي التِّجَارَاتِ2 عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ عَنْ عَطِيَّةَ الْكَلَاعِيِّ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: عَلَّمْت رَجُلًا الْقُرْآنَ، فَأَهْدَى إلَيَّ قَوْسًا، فَذَكَرْت ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إنْ أَخَذْتهَا أَخَذْت قَوْسًا مِنْ نَارٍ"، قَالَ: فَرَدَدْتهَا، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ: هَذَا حَدِيثٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ، فَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَقِيلَ: عَنْهُ عَنْ الْأَسْوَدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ عُبَادَةَ، وَقِيلَ: عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَهُ مَتْرُوكٌ عِنْدَنَا، وَعِنْدَهُمْ، فَإِنَّهُ لَوْ قَبِلَ الْهَدِيَّةَ، وَكَانَتْ غَيْرَ مَشْرُوطَةٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا الْوَعِيدَ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، ذَهَبَ إلَى جَوَازِ الْأَخْذِ فِيهِ عَلَى مَا لَا يَتَعَيَّنُ فَرْضُهُ عَلَى مُعَلِّمِهِ، وَمَنَعَهُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ تَعْلِيمُهُ، وَحَمَلَ عَلَى ذَلِكَ اخْتِلَافَ الْآثَارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ كَانَ يَرْزُقُ الْمُعَلِّمِينَ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ إلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ: أَنْ أَعْطِ النَّاسَ عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: حَدِيثُ أُبَيٍّ
1 عند أبي داود في البيوع باب في كسب المعلم ص 129 ج 2، وفي المستدرك في الفضائل باب مناقب عبادة بن الصامت ص 356 ج 3.
2 باب الأجر على تعليم القرآن ص 157 ج 2.
هَذَا رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ، وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، ذَكَرَهَا بَقِيٍّ بْنُ مَخْلَدٍ، وَغَيْرُهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمٍ لَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، رَوَى لَهُ ابْنُ مَاجَهْ هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ، وَذَكَرَهُ شَيْخُنَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ ثَوْرٍ خَالِدُ بْنُ مَعْدَانُ، وَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي آخِرِ الْبَابِ التَّاسِعَ عَشَرَ، مِنْ حَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ قَادِمٍ الْخُزَاعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ يَتَأَكَّلُ بِهِ النَّاسَ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَوَجْهُهُ عَظْمٌ، لَيْسَ عَلَيْهِ لَحْمٌ"، انْتَهَى. وَأَسْنَدَ عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَى بَابِ قَوْمٍ بِالْبَصْرَةِ، فَاسْتَسْقَى مِنْهُمْ، فَلَمَّا أُخْرِجَ إلَيْهِ الْكُوزُ رَدَّهُ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: أَخْشَى أَنْ يَكُونَ بَعْضُ صِبْيَانِ هَذِهِ الدَّارِ قَرَأَ عَلَيَّ فَيَكُونُ ثَوَابِي مِنْهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ فِي: التَّنْقِيحِ: قَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ أَخَذَ قَوْسًا عَلَى تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ، قَلَّدَهُ اللَّهُ قَوْسًا مِنْ نَارٍ"، انْتَهَى. وَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ إلَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ هَذَا، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: رُوِيَ عَنْهُ أَبِي، وَسَأَلْته عَنْهُ، فَقَالَ: صَدُوقٌ، مَا بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ضَعِيفٌ، وَبَقِيَّةُ السَّنَدِ صَحِيحٌ، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ بِهَذَا السَّنَدِ فِي الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْبَابِ حَدِيثًا آخَرَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا:" لَا تَسْتَأْجِرُوا الْمُعَلِّمِينَ"، وَفِي إسْنَادِهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، قَالَ: وَهُوَ دَجَّالٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَهَذَا مِنْ صُنْعِهِ، وَوَافَقَهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ عَلَى ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ فِي الرُّخْصَةِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةٍ، فَأَتَيْنَا عَلَى رَجُلٍ لَدِيغٍ فِي جَبِينِهِ، فَدَاوَوْهُ فَلَمْ يَنْفَعْهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا بِكُمْ، لَعَلَّهُ يَكُونُ عِنْدَهُمْ شَيْءٌ يَنْفَعُ، فَأَتَوْنَا، فَقَالُوا: أَيُّهَا الرَّهْطُ إنَّ سَيِّدَنَا لَدِيغٌ، فَابْتَغَيْنَا لَهُ كُلَّ شَيْءٍ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ، فَهَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَاَللَّهِ إنِّي لَأَرْقِي، لَكِنْ وَاَللَّهِ لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا، لَا نَرْقِي حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ، فَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَيْهِ، وَيَقْرَأُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
1 عند البخاري في الإجارات باب ما يعطى في الرقية على أحياء العرب ص 304، وفي مواضع أخر، وعند مسلم في الآداب باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالأذكار والقرآن ص 224 ج 2، وقال النووي: إن هذا الراقي هو أبو سعيد الخدري الراوي، كذا جاء مبيناً في رواية أخرى، في غير مسلم، انتهى.
يَعْنِي فَاتِحَةَ الْكِتَابِ حَتَّى بَرَأَ، فَكَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَقَامَ يَمْشِي مَا بِهِ قَلَبَةٌ، فَوَفُّوهُمْ جُعْلَهُمْ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْتَسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ ما يأمرنا له، فَغَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرُوا لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ:"أَصَبْتُمْ، اقْتَسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ بِسَهْمٍ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ1 فِي كِتَابِ الطِّبِّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرُّوا بِمَاءٍ فِيهِمْ لَدِيغٌ، أَوْ سَلِيمٌ، فَعَرَضَ لَهُمْ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَاءِ، فَقَالَ: هَلْ فِيكُمْ مِنْ رَاقٍ؟ فَإِنَّ فِي الْمَاءِ رَجُلًا لَدِيغًا، أَوْ سَلِيمًا، فَانْطَلَقَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَقَرَأَ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، عَلَى شَاءٍ، فَجَاءَ بِالشَّاءِ إلَى الصَّحَابَةِ، فَكَرِهُوا ذَلِكَ، وَقَالُوا: أَخَذْت عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا! حَتَّى قَدِمُوا الْمَدِينَةَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخَذَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ أَجْرًا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ"، انْتَهَى. وَوَهَمَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ فَعَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبُخَارِيِّ، نَبَّهَ عَلَيْهِ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَدْ أَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ: أَحَدِهَا: أَنَّ الْقَوْمَ كَانُوا كُفَّارًا، فَجَازَ أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ، وَالثَّانِي أَنَّ حَقَّ الضَّيْفِ وَاجِبٌ، وَلَمْ يُضَيِّفُوهُمْ، وَالثَّالِثُ: أَنَّ الرُّقْيَةَ لَيْسَتْ بِقُرْبَةٍ مَحْضَةٍ، فَجَازَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهَا، انْتَهَى. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ جَوَازَ الْأَجْرِ فِي الرُّقَى، يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّعْلِيمِ بِالْأَجْرِ، وَالْحَدِيثُ إنَّمَا هُوَ فِي الرُّقْيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: وَفِي آخِرِ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ: "وَإِنْ اُتُّخِذْت مُؤَذِّنًا فَلَا تَأْخُذْ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا"، قُلْت: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ2 بِطُرُقٍ مُخْتَلِفَةٍ، فَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ:" أَنْتَ إمَامُهُمْ، وَاِتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذْ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ3 عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، قَالَ: إنَّ مِنْ آخِرِ مَا عَهِدَ إلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ
1 عند البخاري في الطب باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم ص 854 ج 2.
2 عند أبي داود في الصلاة باب أخذ الأجر على التأذين ص 79 ج 1، وعند النسائي في الأذان باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجراً ص 109، ولفظهما: فقال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم، واتخذ مؤذناً، الحديث.
3 عند الترمذي في الصلاة باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجراً ص 36 ج 1، وعند ابن ماجه في الصلاة باب السنة في الأذان ص 52 ج 1.
عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ بِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ1 مُرْسَلًا، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الطَّنَافِسِيُّ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ عَنْ مُوسَى بْنُ طَلْحَةَ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ عَلَى الطَّائِفِ، وَقَالَ لَهُ:"صَلِّ بِهِمْ صَلَاةَ أَضْعَفِهِمْ، وَلَا يَأْخُذُ مُؤَذِّنُك عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ عُثْمَانَ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ حَدَّثَنِي الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ طَهْمَانَ الْقَطِيعِيِّ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ اجْعَلْنِي إمَامَ قَوْمِي، قَالَ:" قَدْ فَعَلْت"، ثُمَّ قَالَ:" صَلِّ بِصَلَاةِ أَضْعَفِ الْقَوْمِ، وَلَا تَتَّخِذْ مُؤَذِّنًا يَأْخُذُ عَلَى الْأَذَانِ أَجْرًا"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ سَعِيدِ بْنِ طَهْمَانَ.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْبَكَّاءِ، قَالَ: سَمِعْت رَجُلًا، قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: إنِّي أُحِبُّك فِي اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عُمَرَ: وَأَنَا أُبْغِضُك فِي اللَّهِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَنَا أُحِبُّك فِي اللَّهِ، وَأَنْتَ تُبْغِضُنِي فِي اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَإِنَّك تَأْخُذُ عَلَى أَذَانِك أَجْرًا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَيَحْيَى الْبَكَّاءُ لَيْسَ بِذَاكَ الْمَعْرُوفِ، وَلَا لَهُ كَثِيرُ رِوَايَةٍ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: رُوِيَ أَنَّ التَّعَامُلَ بِاسْتِئْجَارِ الظِّئْرِ كَانَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَبْلَهُ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ، قُلْت2:
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ يَعْنِي قَفِيزَ الطَّحَّانِ. قُلْت: أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا3 فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ثَنَا سُفْيَانُ عَنْ هِشَامٍ أَبِي كُلَيْبٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي نُعْمٍ الْبَجَلِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: نُهِيَ عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ، وَعَنْ قَفِيزِ الطَّحَّانِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ ثَنَا سُفْيَانُ بِهِ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَقَالَ فِيهِ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
1 عند ابن سعد في الطبقات في ترجمة عثمان بن أبي العاص ص 26 ج 7 القسم الأول.
2 هنا بياض في الأصل.
3 عند الدارقطني في البيوع ص 308 ج 2، وعند البيهقي في السنن في البيوع باب النهي عن عسب الفحل ص 339 ج 5، وقال: ورواه عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي نعم، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهى.