المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌باب الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌باب الاستحقاق

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

- ‌كِتَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

-

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي شَاهِدِ الزُّورِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

-

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌بَابُ الْيَمِينِ

- ‌بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الإقرار

- ‌باب إقرار المريض

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

-

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

-

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

-

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ

- ‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

-

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَاب الْغَصْب

-

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

-

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كتاب الكراهية

- ‌النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ، وَالنَّظَرِ، وَالْمَسِّ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌إرسال الكلب المعلم

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَوَارِحِ

- ‌فصل في الرمي

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كتاب الجنايات

- ‌تحريم قتل المسلم

- ‌باب ما يوجب القصاص

- ‌باب الشهادة في القتل

- ‌كِتَابُ الديات

- ‌ما يجب فيه الدية كاملة

- ‌فَصْلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ جنَايَةِ الْمَمْلُوكِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌فصل: في الوعيد على ترك الزكاة أو الحج

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ

- ‌كِتَابُ الخنثى

- ‌كيفية إرث الخنثى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌ملاحق

- ‌مقدمة ط دار الحديث

- ‌نصب الرَّايَة" وَكلمَة عَن فقه أهل الْعرَاق

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد

- ‌الِاسْتِحْسَان

- ‌شُرُوط قبُول الْأَخْبَار

- ‌منزلَة الْكُوفَة من عُلُوم الِاجْتِهَاد

- ‌‌‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌بعض الْحفاظ، وكبار الْمُحدثين من أَصْحَابه، وَأهل مذْهبه

- ‌كلمة فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل

الفصل: ‌باب خيار الشرط

وَابْنُ مَاجَهْ عن حماد عن سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ، وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يَشْتَدَّ، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، لانعرفه مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ: وَعَنْ بَيْعِ الْحَبِّ حَتَّى يُفْرَكَ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ1: إنْ كَانَ بِخَفْضِ الرَّاءِ بِإِضَافَةِ الْإِفْرَاكِ إلَى الْحَبِّ وَهُوَ الْأَشْبَهُ وَافَقَ رِوَايَةَ: حَتَّى يَشْتَدَّ، وَإِنْ كَانَ بِفَتْحِ الرَّاءِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، خَالَفَ رِوَايَةً: حَتَّى يَشْتَدَّ، وَاقْتَضَى تَنْقِيَتَهُ عَنْ السُّنْبُلِ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهُ، قَالَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ: لَمْ أَرَ أَحَدًا مِنْ مُحَدِّثِي زَمَانِنَا ضَبَطَهُ، انْتَهَى.

1 عند البيهقي في السنن باب ما يذكر في بيع الحنطة في سنبلها ص 303 ج 5، قلت: قال ابن الأثير في النهاية في مادة فرك: ص 215 ج 3، يقال: أفرك الزرع إذا بلغ أن يفرك باليد، وفركته فهو مفروك، وفريك، ومن رواه بفتح الراء فمعناه حتى يخرج من قشره، انتهى.

ص: 6

‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

.

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ أَنَّ حَبَّانَ بْنَ مُنْقِذِ بْنِ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُغْبَنُ فِي الْبِيَاعَاتِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"إذَا بَايَعْت فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، وَلِيَ الْخِيَارُ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ"، قُلْت: رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إسحاق بن نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كَانَ حَبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ رَجُلًا ضَعِيفًا، وَكَانَ قَدْ سُفِعَ فِي رَأْسِهِ مَأْمُومَةً، فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخِيَارَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ، وَكَانَ قَدْ ثَقُلَ لِسَانُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"بِعْ، وَقُلْ: لَا خِلَابَةَ"، فَكُنْت أَسْمَعُهُ يَقُولُ: لَا خِلَابَةَ، لَا خِلَابَةَ، وَكَانَ يَشْتَرِي الشَّيْءَ، وَيَجِيءُ بِهِ إلَى أَهْلِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ: إنَّ هَذَا غَالٍ، فَيَقُولُ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَيَّرَنِي فِي بَيْعِي، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ الشَّافِعِيِّ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ بِالْخِيَارِ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا، وَلَكِنْ لَمَّا شَرَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُصَرَّاةِ خِيَارَ ثَلَاثٍ فِي الْبَيْعِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ جَعَلَ لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ خِيَارَ ثَلَاثٍ فِيمَا ابْتَاعَ، انْتَهَيْنَا إلَى مَا قَالَ صلى الله عليه وسلم، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْت رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ يَشْكُو إلَى النَّبِيِّ

2 عند البيهقي في السنن باب الدليل على أن لا يجوز شرط في البيع أكثر من ثلاثة أيام ص 273 ج 5، وأخرجه عن نافع عن ابن عمر: ص 273 ج 5، وفيه: وكنت أسمعه يقول: لا خذابة لا خذابة، انتهى.

ص: 6

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَزَالُ يُغْبَنُ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ عليه السلام:"إذَا بَايَعَتْ فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ بِالْخِيَارِ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَضِيَتْ فَأَمْسِكْ، وَإِنْ سَخِطْت فَارْدُدْ"، وَقَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: فَحَدَّثْت بِهِ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: كَانَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو قَدْ أُصِيبَ فِي رَأْسِهِ، فَكَانَ يُغْبَنُ فِي الْبَيْعِ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ، وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ1 رِوَايَةَ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بِانْفِرَادِهَا فِي بَابِ الْحَجْرِ مِنْ أَبْوَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يحيى بن حيان، قَالَ هُوَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو، وَكَانَ رَجُلًا قَدْ أَصَابَتْهُ آمَّةٌ فِي رَأْسِهِ، فَكَسَرَتْ لِسَانَهُ، وَكَانَ لَا يَدَعُ عَلَى ذَلِكَ التِّجَارَةَ، فَكَانَ لَا يَزَالُ يُغْبَنُ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ:"إذَا أَنْتَ بَايَعَتْ، فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، ثُمَّ أَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَإِنْ رَضِيتَ فَأَمْسِكْ، وَإِنْ سَخِطْتَ فَارْدُدْهَا عَلَى صَاحِبِهَا"، انْتَهَى. وَهِيَ مُرْسَلَةٌ، وَجَهِلَ مَنْ عَزَاهُ لِأَبِي دَاوُد، وَأَبُو دَاوُد لَمْ يَذْكُرْهُ فِي سُنَنِهِ وَلَا فِي مَرَاسِيلِهِ وَلَمْ يَعْزُهُ شَيْخُنَا أَبُو الْحَجَّاجِ الْمِزِّيُّ فِي أَطْرَافِهِ إلَّا لِابْنِ مَاجَهْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 كَذَلِكَ، وَزَادَ قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: مَا عَلِمْت ابْنَ الزُّبَيْرِ جَعَلَ الْعُهْدَةَ ثَلَاثًا إلَّا كَذَلِكَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في تاريخه الوسط فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ قَالَ: كَانَ جَدِّي مُنْقِذُ بْنُ عَمْرٍو أَصَابَتْهُ آمَّةٌ فِي رَأْسِهِ، فَكَسَرَتْ لِسَانَهُ، وَنَازَعَتْ عَقْلَهُ، وَكَانَ لَا يَدَعُ التِّجَارَةَ، فَلَا يَزَالُ يُغْبَنُ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"إذَا بِعْت فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ، وَأَنْتَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ ابْتَعْتهَا بِالْخِيَارِ ثَلَاثَ لَيَالٍ"، وَعَاشَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً، فَكَانَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ يَبْتَاعُ فِي السُّوقِ، فَيَصِيرُ إلَى أَهْلِهِ فَيَلُومُونَهُ، فَيَرُدُّهُ، وَيَقُولُ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَنِي بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا، فَيَمُرُّ الرَّجُلُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ: صَدَقَ، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي تَرْجَمَةِ مُنْقِذٍ، وَذَكَرَهُ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ، فَلَمْ يَصِل سَنَدَهُ بِهِ، فَقَالَ: قَالَ عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ: ثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بِهِ، سَوَاءٌ، وَذَهَلَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ فَأَنْكَرَ عَلَى عَبْدِ الْحَقِّ حِينَ عَزَاهُ إلَى تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ، وَقَالَ: إنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَصِلْ سَنَدَهُ بِهِ، ثُمَّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ كَوْنَهُ لَمْ يُعِلَّهُ بِابْنِ إسْحَاقَ، وَكَانَ ابْنُ الْقَطَّانِ لَمْ يَقِفْ عَلَى تَارِيخِ البخاري الوسط، وَابْنُ إسْحَاقَ الْأَكْثَرُ عَلَى تَوْثِيقِهِ، وَمِمَّنْ وَثَّقَهُ الْبُخَارِيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي بَابِ الرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِمُنْقِذِ بْنِ عَمْرٍو: " قُلْ: لَا خِلَابَةَ، إذَا بِعْت بَيْعًا، فَأَنْتَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا"، انتهى.

1 عند ابن ماجه في الأحكام باب الحجر على من يفسد ماله ص 171.

2 عند الدارقطني في البيوع ص 312.

ص: 7

طُرُقٌ أُخْرَى لِلْحَدِيثِ مُسْنَدَةٌ: قَالَ الطبراني في معجمه الوسيط: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ رِشْدِينَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْر ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ حَدَّثَنِي حِبَّانُ بْنُ وَاسِعٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ أَنَّهُ كَلَّمَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي الْبُيُوعِ، فَقَالَ عُمَرُ: مَا أَجِدُ لَكُمْ أَوْسَعَ مِمَّا جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ إنَّهُ كَانَ ضَرِيرَ الْبَصَرِ. فَجَعَلَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُهْدَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِيمَا اشْتَرَى، فَإِنْ رَضِيَ أَخَذَ، وَإِنْ سَخِطَ تَرَكَ، انْتَهَى. وَقَالَ: لَا يُرْوَى عَنْ عُمَرَ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ1 كَذَلِكَ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ بِهِ، وَتُلْحَقُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ بِالْأُولَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ2 مِنْ رِوَايَةِ أَنَسٍ، لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْخِيَارِ، أَخْرَجُوهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا كَانَ فِي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ، وَكَانَ يُبَايِعُ، وَأَنَّ أَهْلَهُ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ اُحْجُرْ عَلَيْهِ، فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَنَهَاهُ عَنْ الْبَيْعِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله لا أصبر عن الْبَيْعِ، فَقَالَ:"إذَا بَايَعْتَ، فَقُلْ: لَا خِلَابَةَ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا، وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ الْخِيَارَ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، فَأَبْطَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْعَ، وَقَالَ:"الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَعَلَّهُ بِأَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، مَعَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3 عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ ثَنَا أَبُو عَلْقَمَةَ الْفَرْوِيُّ ثَنَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْخِيَارُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ"، انْتَهَى. وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ إنْ كَانَ هُوَ الْحَرَّانِيِّ الْغَنَوِيُّ، فَهُوَ مَتْرُوكٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لِأَصْحَابِنَا فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا، ثُمَّ بِحَدِيثِ حِبَّانَ الْمُتَقَدِّمِ، وَأَجَابَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ بِأَنَّ فِيهِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْسَرَةَ، وَقَدْ ضَعَّفَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَعَنْ حَدِيثِ حِبَّانَ بِأَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، قَالَ: ثُمَّ التَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، لِأَنَّ النَّظَرَ يَحْصُلُ فِيهَا غَالِبًا، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كَمَا قُدِّرَتْ حِجَارَةُ الِاسْتِنْجَاءِ بِالثَّلَاثِ، ثُمَّ تَجِبُ الزِّيَادَةُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، انْتَهَى.

قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَجَازَ الْخِيَارَ إلَى شَهْرَيْنِ، قُلْت: غَرِيبٌ جِدًّا.

1 عند الدارقطني في البيوع ص 312 ج 2.

2 عند الترمذي في البيوع باب ما جاء فيمن يخدع في البيوع ص 162 ج 1، وعند أبي داود في البيوع باب في الرجل يقول عند البيع: لا خلابة ص 138 ج 2.

3 عند الدارقطني: ص 32 ج 2.

ص: 8