الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في معجمه الوسط عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَمَنْ أُحِيلَ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِهِ، بِلَفْظِ:"وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ"، انْتَهَى. وَرَوَى أَحْمَدُ أَيْضًا أَخْبَرَنَا سريج بْنُ النُّعْمَانِ ثَنَا هُشَيْمِ ثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُحِلْت عَلَى مَلِيءٍ فَاتْبَعْهُ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا. قُلْت رَوَى الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ حَمْزَةَ أَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ عَنْ عُمَارَةَ الْهَمْدَانِيِّ، قَالَ: سَمِعْت عَلِيًّا يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا"، انْتَهَى. وَمِنْ جِهَةِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ فِي الْبُيُوعِ، وَأَعَلَّهُ بِسَوَّارِ بْنِ مُصْعَبٍ، وَقَالَ: إنَّهُ مَتْرُوكٌ، انتهى. ورواه أَبُو الْجَهْمِ فِي جُزْئِهِ الْمَعْرُوفِ حَدَّثَنَا سَوَّارُ بْنُ مُصْعَبٍ بِهِ، وَلَمْ يَعْزُهُ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ إلَّا – لِجُزْءِ - أَبِي الْجَهْمِ، وَقَالَ: إسْنَادُهُ سَاقِطٌ، وَسَوَّارٌ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ الْحَلَّابِ ثَنَا عمر بْنُ مُوسَى بْنِ وَجِيهٍ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "السَّفْتَجَاتُ حَرَامٌ"، انْتَهَى. وَأَعَلَّهُ بِعُمَرَ بْنِ مُوسَى بْنِ وَجِيهٍ، وَضَعَّفَهُ عَنْ الْبُخَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ، وَوَافَقَهُمْ، وَقَالَ: إنَّهُ فِي عِدَادِ مَنْ يَضَعُ الْحَدِيثَ، انْتَهَى. وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَدِيٍّ رَوَاهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَنَقَلَ كَلَامَهُ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ عَطَاءٍ، قَالَ: كَانُوا يَكْرَهُونَ كُلَّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً، انْتَهَى.
1 عند مسلم باب تحريم مطل الغني ص 18 ج 2، وعند البخاري في الحوالة ص 305 ج 1.
كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي
.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَلَّدَ عَلِيًّا قَضَاءَ الْيَمَنِ حِينَ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الِاجْتِهَادِ. قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَحَدِيثُ عَلِيٍّ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2 عَنْ شَرِيكٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ حَنَشٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُرْسِلُنِي، وَأَنَا حَدِيثُ السِّنِّ، وَلَا عِلْمَ لِي
2 عند أبي داود في القضاء باب كيف القضاء ص 148 ج 2، وقال المخرج: أخرجه الحاكم في المستدرك في الأحكام، قلت: حديث حنش عن علي في المستدرك في الأحكام ص 93 ج 4.
بِالْقَضَاءِ!؟ فَقَالَ: "إنَّ اللَّهَ سَيَهْدِي قَلْبَك، وَيُثَبِّتُ لِسَانَك، فَإِذَا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْك الْخَصْمَانِ، فَلَا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنْ الْآخَرِ، كَمَا سَمِعْت مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَحْرَى بِك أَنْ يَتَبَيَّنَ لَك الْقَضَاءُ"، قَالَ، فَمَا زِلْت قَاضِيًا، أَوْ مَا شَكَكْت فِي قَضَاءٍ بَعْدُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْفَضَائِلِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ1 عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَاسْمُهُ سَعِيدُ بْنُ فَيْرُوزَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى الْيَمَنِ، وَأَنَا شَابٌّ أَقْضِي بَيْنَهُمْ، وَلَا أَدْرِي مَا الْقَضَاءُ، قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي بِيَدِهِ، وَقَالَ:"اللَّهُمَّ اهْدِ قَلْبَهُ، وَثَبِّتْ لِسَانَهُ"، قَالَ: فَمَا شَكَكْت بَعْدُ فِي قَضَاءٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَا يَصِحُّ سَمَاعُهُ مِنْ عَلِيٍّ، وَقَدْ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مرة عن أبي البحتري حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيًّا، انْتَهَى. وَرَأَيْت حَاشِيَتَهُ عَلَى الْمُسْتَدْرَكِ، قَالَ شُعْبَةُ: أَبُو الْبَخْتَرِيِّ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قُتِلَ فِي الْجَمَاجِمِ، لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا، انْتَهَى. وَاَلَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْبَزَّارُ أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ غُنْدَرٍ ثَنَا شُعْبَةُ عن عمر، فَقَالَ: سَمِعْت أَبَا الْبَخْتَرِيِّ يَقُولُ: أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عَلِيًّا، فَذَكَرَهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ عَنْ عَلِيٍّ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: هَذَا أَحْسَنُ إسْنَادٍ فِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرِسَالَةٍ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَبْعَثُنِي وَأَنَا غُلَامٌ حَدِيثُ السِّنِّ، فَأُسْأَلُ عَنْ الْقَضَاءِ، وَلَا أَدْرِي مَا أُجِيبُ؟ قَالَ:"مَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ، أَنْ أَذْهَبَ بِهَا أَنَا، أَوْ أَنْتَ، فَقُلْت: إنْ كَانَ وَلَا بُدَّ، فَأَنَا أَذْهَبُ، قَالَ: "انْطَلِقْ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُثَبِّتُ لِسَانَك، وَيَهْدِي قَلْبَك، إنَّ النَّاسَ يَتَقَاضَوْنَ إلَيْك، فَإِذَا أَتَاك الْخَصْمَانِ فَلَا تَقْضِ لِوَاحِدٍ حَتَّى تَسْمَعَ كَلَامَ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ تَعْلَمَ لِمَنْ الْحَقُّ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ2 فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ شَبَابَةَ بْنِ سَوَّارٍ ثَنَا وَرْقَاءُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا إلَى الْيَمَنِ،
1 عند ابن ماجه في الأحكام باب ذكر القضاء ص 168، وفي المستدرك في الفضائل في مناقب علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه ص 135 ج 3.
2 في المستدرك في أوائل الأحاكم ص 88 ج 4 عن شبابة بن سوار عن ورقاء بن عمر عن مسلم عن مجاهد به، وبهذا السند في تلخيصه للذهبي، فسقط في نسخة التخريج راو بين ورقاء بن عمر، وبين مجاهد، وهو مسلم.
فَقَالَ: "عَلِّمْهُمْ الشَّرَائِعَ، وَاقْضِ بَيْنَهُمْ"، فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِالْقَضَاءِ، فَدَفَعَ فِي صَدْرِهِ، وَقَالَ:"اللَّهُمَّ اهْدِهِ لِلْقَضَاءِ"، انْتَهَى. وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا فِي مَرَاسِيلِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المغيرة المدني المخزومي ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيِّ، قَالَ: لَمَّا اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْيَمَنِ، قَالَ عَلِيٌّ: دَعَانِي، وَأَعَلَّهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ بِالْإِرْسَالِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: وَفِيهِ جَمَاعَةٌ مَجْهُولُونَ أَعْنِي لَا يُعْرَفُونَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، لَا يُعْرَفَانِ بِغَيْرِ هَذَا، وَالْعُمَرِيُّ هُوَ الزَّاهِدُ الْمَشْهُورُ، وَحَالُهُ فِي الْحَدِيثِ مَجْهُولَةٌ، وَلَا أَعْلَمُ لَهُ رِوَايَةً غَيْرَ هَذِهِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "مَنْ قَلَّدَ إنْسَانًا عَمَلًا، وَفِي رَعِيَّتِهِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ"؛ قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ.
فَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ الرَّحَبِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى عِصَابَةٍ، وَفِي تِلْكَ الْعِصَابَةِ مَنْ هُوَ أَرْضَى لِلَّهِ مِنْهُ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَتَعَقَّبَهُ شَيْخُنَا شَمْسُ الدِّينِ الذَّهَبِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ: حُسَيْنُ بْنُ قَيْسٍ ضَعِيفٌ، انْتَهَى. قُلْت: رَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَضَعَّفَ حُسَيْنَ بْنَ قَيْسٍ عَنْ النَّسَائِيّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَرَوَاهُ الْعُقَيْلِيُّ أَيْضًا فِي كِتَابِهِ، وَأَعَلَّهُ بِحُسَيْنِ بْنِ قَيْسٍ، وَقَالَ: إنَّمَا يُعْرَفُ هَذَا مِنْ كَلَامِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عن حمزة النصيبيني عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ تولى من أمر المسليمن شَيْئًا فَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِذَلِكَ، وَأَعْلَمُ مِنْهُ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ"، مُخْتَصَرٌ. وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ فِي تَارِيخِ بَغْدَادَ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ زِيَادٍ الْقُرَشِيِّ عَنْ خَصِيفٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ الطَّبَرَانِيِّ، قَالَ الْخَطِيبُ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ فِي حَدِيثِهِ نُكْرَةٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا أَعْرِفُهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ حُذَيْفَةَ: فَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ خَالِدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ ثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلَفٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ ضِرَارٍ
1 في المستدرك في الأحكام ص 92 ج 4، ولفظه: من استعمل رجلاً من عصابة، الحديث، ولم يذكره الذهبي في تلخيصه.
عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" أَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ رَجُلًا عَلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، وَعَلِمَ أَنَّ فِي الْعَشَرَةِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَقَدْ غَشَّ اللَّهَ، وَرَسُولَهُ، وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ"، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ تَقَلَّدُوا الْقَضَاءَ، وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً، قُلْت: تَقَدَّمَ عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، أَنَّ عَلِيًّا تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَأَخْرَجَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ لَمَّا وَلَّى ولى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ الْقَضَاءَ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ الْمَالَ، وَأَخْرَجَ أيضاً عن عَنْ أَبِي وَائِلٍ، أَنَّ عُمَرَ اسْتَعْمَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى الْقَضَاءِ، وَبَيْتِ الْمَالِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: لَمَّا اسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ عَلَى الْقَضَاءِ فَرَضَ لَهُ رِزْقًا، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الِاجْتِهَادِ، وَالْقِيَاسِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 عَنْ أَبِي قَيْسٍ مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ، فَأَصَابَ، فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ وَأَخْطَأَ، فَلَهُ أَجْرٌ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ2 عَنْ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ عَنْ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَعَثَهُ إلَى الْيَمَنِ، قَالَ لَهُ:"كَيْفَ تَقْضِي إذَا عَرَضَ لَك قَضَاءٌ"؟ قَالَ: أَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ:"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي كِتَابِ اللَّهِ"؟ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ:"فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَلَا فِي كِتَابِ اللَّهِ"؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي، وَلَا آلُو، فَضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَدْرَهُ، وَقَالَ:"الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا عَنْ أُنَاسٍ مِنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مُرْسَلًا، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا نَعْرِفُهُ، إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ: الْحَارِثُ بْنُ عَمْرِو ابْنِ أَخِي الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَصْحَابِ مُعَاذٍ عَنْ مُعَاذٍ، رَوَى عَنْهُ أَبُو عَوْنٍ، وَلَا يَصِحُّ، وَلَا يُعْرَفُ إلَّا بِهَذَا، مُرْسَلٌ، انْتَهَى. وَفِيهِ كِتَابُ عُمَرَ إلَى أَبِي مُوسَى، رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ3 ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ في سننيهما، وفيه: الفهم فيما يختلج فِي صَدْرِك، مِمَّا لَمْ يَبْلُغْك فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، اعْرِفْ الْأَشْبَاهَ وَالْأَمْثَالَ، ثُمَّ قِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ، فاعمد إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ، وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ فِيمَا تَرَى، الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ
1 عند البخاري في أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ ص 1092 ج 2، وعند مسلم في الأقضية باب بيان أجر الحاكم إذا اجتهد ص 76 ج 2.
2 عند أبي داود في القضاء باب اجتهاد الرأي في القضاء ص 149 ج 2، وعند الترمذي في الأحكام باب ما جاء في القاضي كيف يقضي ص 171 ج 1.
3 كتاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، عند الدارقطني في الأقضية ص 512 ج 2، وسيأتي في هذا الكتاب أيضاً، والكتاب تفهيق فيه بحر بلاغته، وأودع فيه من الحكمة وفصل الخطاب، كيف! وقد كان ينطق عن لسان الوحي، وإن لم يوح إليه.
قَرِيبًا، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَالِاجْتِهَادُ هُوَ الْقِيَاسُ، وَأَخْرَجَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ اجْتَهَدُوا، وَقَاسُوا، فَأَخْرَجَ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي يَزِيدَ، قَالَ: سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ إذَا سُئِلَ عَنْ الشَّيْءِ، فَإِنْ كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ، وَكَانَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ، وَكَانَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ عُمَرَ، قَالَ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ اجْتَهَدَ رَأْيَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَأَخْرَجَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ الْأَنْصَارُ: مِنَّا أَمِيرٌ، وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ، فَأَتَاهُمْ، فَقَالَ لَهُمْ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ"؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: نَعُوذُ بِاَللَّهِ أَنْ نَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ، قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: فَقَدْ قَاسَ عُمَرُ الْإِمَامَةَ فِي سَائِرِ الْأُمُورِ عَلَى إمَامَةِ الصَّلَاةِ، وَقَبِلَهُ مِنْهُ جَمِيعُ الصحابة المهاجرين وَالْأَنْصَارُ، وَأَخْرَجَ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي قِصَّةِ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ، أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي، وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي الْكَلَالَةِ أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُ صَوَابًا فَمِنْ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنْ الشَّيْطَانِ، وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، قَالَ: أَنْزَلَ اللَّهُ كِتَابَهُ، وَتَرَكَ فِيهِ مَوْضِعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَسَنَّ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم السُّنَنَ، وَتَرَكَ فِيهَا مَوْضِعًا لِلرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ جُعِلَ عَلَى الْقَضَاءِ، فَكَأَنَّمَا ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، وَالتِّرْمِذِيُّ1 عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْبَاقُونَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ جُعِلَ قَاضِيًا، فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"، انْتَهَى. قَالَ: التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَبِالسَّنَدِ الثَّانِي رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَبِسَنَدِ التِّرْمِذِيِّ أَيْضًا رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالْبَزَّارُ، والدارقطني.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ دَاوُد بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْ عَطَاءِ
1 عند الترمذي في الأحكام ص 170 ج 1، وعند أبي داود في طلب القضاء ص 147 ج 2، بكلا السندين، وفي المستدرك في الأحكام باب من جعل قاضياً فكأنما ذبح بغير سكين ص 91 ج 4، وعند الدارقطني في الأحكام ص 511 عن عمرو بن أبي عمرو بن أبي هريرة، وعن عثمان بن محمد الأخنسي عن الأعرج، والمقبري عن أبي هريرة.
بْنِ السَّائِبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" مَنْ اُسْتُقْضِيَ، فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا أَعْرِفُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، إلَّا مِنْ حَدِيثِ دَاوُد بْنِ الزِّبْرِقَانِ عَنْهُ، وَأَسْنَدَ تَضْعِيفَهُ أَعْنِي دَاوُد عَنْ النَّسَائِيّ، وَابْنِ مَعِينٍ.
قَوْلُهُ: وَقَدْ جَاءَ فِي التَّحْذِيرِ مِنْ الْقَضَاءِ آثَارٌ، وَقَدْ اجْتَنَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه وَصَبَرَ عَلَى الضَّرْبِ وَاجْتَنَبَهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ، وَقُيِّدَ مُحَمَّدٌ نَيِّفًا وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، أَوْ نَيِّفًا وَأَرْبَعِينَ يَوْمًا، حَتَّى تَقَلَّدَهُ: قُلْت: فِيهِ حَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ1 أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: "يَا أَبَا ذَرٍّ إنِّي أُحِبُّ لَك مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي، لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتِيمٍ"، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَوَهَمَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فَرَوَاهُ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَفِيهِ حَدِيثُ: مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ، فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَهُ.
وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد2 عَنْ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ، وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ، فَلَمْ يَقْضِ بِهِ، وَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ لَمْ يَعْرِفْ الْحَقَّ، فَقَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ، فَهُوَ فِي النَّارِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي الْأَحْكَامِ، وَزَادَ فِيهِ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا ذَنْبُ هَذَا الَّذِي يَجْهَلُ؟ قَالَ:"ذَنْبُهُ أَنْ لَا يَكُونَ قَاضِيًا حَتَّى يَعْلَمَ"، وَقَالَ فِيهِ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحِطَّانِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يُدْعَى بِالْقَاضِي العادل يوم القيامة، فليقى مِنْ شِدَّةِ الْحِسَابِ، مَا يَتَمَنَّى أَنَّهُ لَمْ يَقْضِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي عُمْرِهِ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ3 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَيُوشِكَنَّ الرَّجُلُ أَنَّهُ يَتَمَنَّى أَنَّهُ خَرَّ مِنْ الثُّرَيَّا، وَلَمْ يَلِ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ شَيْئًا"، انْتَهَى. وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا4 عَنْ سَعْدَانَ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ وَلِيَ عَلَى عَشَرَةٍ، فَحَكَمَ بَيْنَهُمْ بِمَا أَحَبُّوا، أَوْ كَرِهُوا جِيءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
1 في المستدرك في الأحكام ص 91 ج 4، قلت: ذكره مسلم في الامارة باب كراهة الامارة بغير ضرورة121 ج 2.
2 عند أبي داود في أوائل القضاء ص 147 ج 2، وفي المستدرك في الأحكام باب قاضيان في النار، وقاض في الجنة ص 90 ج 4.
3 في المستدرك في الأحكام ص 91 ج 4.
4 في المستدرك في الأحكام ص 103 ج 4.
مَغْلُولَةً يَدَاهُ إلَى عُنُقِهِ، فَإِنْ حَكَمَ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَلَمْ يَرْتَشِ فِي حُكْمِهِ، ولم يجف فَكَّ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ لَا غُلَّ إلَّا غُلُّهُ، وَإِنْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ، وَارْتَشَى فِي حُكْمِهِ، وَحَابَى فِيهِ شُدَّتْ يَسَارُهُ إلَى يَمِينِهِ، ثُمَّ رُمِيَ بِهِ فِي جَهَنَّمَ"، وَسَكَتَ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَسَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ الْبَجَلِيُّ كُوفِيٌّ، قَلِيلُ الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ عَنْهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ في مسنده عن معمر بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا فَقَضَى بِالْجَوْرِ، كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا، فَقَضَى بِجَهْلٍ، كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَمَنْ كَانَ قَاضِيًا عَالِمًا فَقَضَى بِعَدْلٍ، فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْقَلِبَ كَفَافًا"، انْتَهَى. قَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ عَبْدُ الْمَلِكِ هَذَا مَجْهُولٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَرَى ابْنَ مَوْهَبٍ الرَّمْلِيَّ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ ثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ ثَنَا سُوَيْد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثَنَا يَسَارٌ أَبُو الْحَكَمِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَبِشْرِ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عنهما أَنَّهُمَا قَالَا لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَقَدْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ بِشْرَ بْنَ عَاصِمٍ عَلَى عَمَلٍ: سَمِعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ وَلِيَ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ أُتِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُوقَفَ عَلَى جِسْرِ جَهَنَّمَ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِنًا نَجَا، وَإِنْ كَانَ مُسِيئًا انْخَرَقَ بِهِ الْجِسْرُ، فَهَوَى فِيهِ سَبْعِينَ خَرِيفًا"، انْتَهَى.
الْآثَارُ: رَوَى النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عِمْرَانَ ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ بَكَّارَ ثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يَقُولُ: لَوْ خُيِّرْت بَيْنَ ضَرْبِ عُنُقِي، وَبَيْنَ الْقَضَاءِ لَاخْتَرْت ضَرْبَ عُنُقِي، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ1 فِي تَرْجَمَةِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَخْبَرَنَا عَفَّانَ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا حماد ابن يزيد عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: اُسْتُعْمِلَ أَبُو الدَّرْدَاءِ عَلَى الْقَضَاءِ، فَأَصْبَحَ النَّاسُ يهنونه، فقال: أتهنونني بِالْقَضَاءِ، وَقَدْ جُعِلْت عَلَى رَأْسِ مُهْوَاةٍ مَنْزِلَتُهَا أَبْعَدُ مِنْ عَدَنَ أَبْيَنَ، وَلَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْقَضَاءِ، لَأَخَذُوهُ بِالدُّوَلِ رَغْبَةً عَنْهُ وَكَرَاهِيَةً لَهُ، انْتَهَى2.
1 عند ابن سعد في ترجمة أبي الدرداء ص 117 ج 7 الجزء الثاني منه وتمامه: لو يعلم الناس ما في الأذان لأخذوه بالدول، رغبة فيه، وحرصاً عليه، انتهى.
2 قال ابن الهمام في الفتح ص 460 ج 5: وأما ما في البخاري. سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل الحديث. فلا ينافي مجيئه أولاً: مغلولة يده في عنقه إلى أن يفكها عدله، فيظله الله تعالى في عدله فلا يعارض، انتهى. قلت: يشهد لهذا ما أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ص 192 ج 4 عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكه إلا العدل"، وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، انتهى. قال ابن الهمام في الفتح ص 460 ج 5، وقد اجتنبه أبو حنيفة، وصبر على الضرب والسجن حتى مات في السجن، وقال: البحر عميق، فكيف أعبره بالسباحة؟ فقال أبو يوسف: البحر عميق، والسفينة وثيق، والملاح عالم، فقال أبو حنيفة: فكأني بك قاضياً اهـ.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: " عَدْلُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ سَنَةٍ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَرَوَى إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْحُرَيْثِيُّ ثَنَا عَفَّانَ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَوْمٌ مِنْ إمَامٍ عَادِلٍ، أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ سِتِّينَ سَنَةً، وَحَدٌّ يُقَامُ فِي الْأَرْضِ بِحَقِّهِ أَزْكَى فِيهَا مِنْ مَطَرِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الوسط، وَرَوَاهُ فِي الْكَبِيرِ عَنْ عَفَّانَ بْنِ جُبَيْرٍ الطَّائِيِّ عَنْ أَبِي حَرِيزٍ الْأَزْدِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنَا هُشَيْمِ عَنْ زِيَادِ بْنِ مِخْرَاقٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْعَادِلُ فِي رَعِيَّتِهِ يَوْمًا وَاحِدًا أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الْعَابِدِ فِي أَهْلِهِ مِائَةَ سَنَةٍ، أَوْ خَمْسِينَ سَنَةً" شَكَّ هُشَيْمِ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْبَابِ: فِيهِ حَدِيثُ: " سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ إمَامٌ عَادِلٌ"، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ1 فِي الزَّكَاةِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ: الْإِمَامُ العادل، وشاب نشأ بعبادة اللَّهِ، وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي الْمَسَاجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ عز وجل، اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ. وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ: إنِّي أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ مُسْلِمٍ:"حَتَّى لَا تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ"، وَالْأَوَّلُ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ:"وَرَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ بِالْمَسْجِدِ إذَا خَرَجَ مِنْهُ حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ"، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ2 عَنْ عِيَاضِ بْنِ حَمَّادٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: "أَصْحَابُ الْجَنَّةِ ثَلَاثٌ: ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ، وَرَجُلٌ رَحِيمُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى، وَمُسْلِمٌ عَفِيفٌ
1 عند مسلم في الزكاة باب فضل إخفاء الصدقة ص 331 ج 1، وعند البخاري فيه باب الصدقة باليمين ص 191 ج 2.
2 عند مسلم قبيل الفتن باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة ص 385 ج 1، وفي المستدرك في أوائل الأحكام ص 88 ج 4.
ذُو عِيَالٍ"، مُخْتَصَرٌ، أَخْرَجَهُ قُبَيْلَ الْفِتَنِ، وَوَهَمَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فَرَوَاهُ فِي الْأَحْكَامِ، وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إنَّ الْمُقْسِطِينَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ، وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ، الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ، وَأَهْلِهِمْ، وَمَا وَلُوا"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ2 عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أَحَبَّ النَّاسِ إلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَأَدْنَاهُمْ مَجْلِسًا مِنْهُ إمَامٌ عَادِلٌ"، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَعَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ مُضَعَّفٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ فِيهِ: صَالِحٌ، فَالْحَدِيثُ بِهِ حَسَنٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْحَاقَ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ثَنَا زُهَيْرٌ ثَنَا سَعْدٌ الطَّائِيُّ عَنْ أَبِي مُدِلَّةَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الْإِمَامُ الْعَادِلُ، وَالصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ"، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْن أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "يَدُ اللَّهِ مَعَ الْقَاضِي حِينَ يَقْضِي"، وَقَالَ: فَقَدْ تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ لَهِيعَةَ، انْتَهَى. وَفِي الطَّبَقَاتِ لِابْنِ سَعْدٍ3 عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: كَانَ مَسْرُوقٌ قَاضِيًا، وَكَانَ لَا يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ رِزْقًا، وَقَالَ: لَأَنْ أَقْضِيَ بِقَضِيَّةٍ فَأُوَافِقَ الْحَقَّ، أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ رِبَاطِ سَنَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ، وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ يُسَدِّدُهُ". قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ4 عَنْ إسْرَائِيلَ
1 عند مسلم في الامارة ص 121 ج 2 باب فضيلة الأمير العادل ص 121 ج 2، وفي المستدرك في الأحكام ص 88 ج 4، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، وقد أخرجاه جميعاً، ولكن قال الزيلعي المخرج: أخرجه مسلم فقط، ووافقه الحافظ ابن حجر في الدراية.
2 عند الترمذي في الأحكام باب ما جاء في الإمام العادل ص 171 ج 1.
3 عند ابن سعد في الطبقات في ترجمة مسروق بن الأجدع ص 55 جزء الأول من الحصة السادسة.
4 عند أبي داود في القضاء باب في طلب القضاء ص 147 ج 2، وعند الترمذي في الأحكام باب ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في القاضي ص 170 ج 1، وعند ابن ماجه في الأحكام باب ذكر القضاة ص 168، وفي المستدرك في الأحكام ص 92 ج 4، وصححه، وتبعه الذهبي في تلخيصه، فصححه.
عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَامِرٍ الثعلبي عن بلال عن أَبِي مُوسَى، وَيُقَالُ: ابْنُ مِرْدَاسٍ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَأَلَ الْقَضَاءَ، وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُجْبِرَ عَلَيْهِ نَزَلَ إلَيْهِ مَلَكٌ فَسَدَّدَهُ"، انْتَهَى. وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فِيهِ:" مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ، وَاسْتَعَانَ عَلَيْهِ، وُكِلَ إلَيْهِ، وَمَنْ لَمْ يَطْلُبْهُ، وَلَمْ يَسْتَعِنْ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيِّ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا:" مَنْ ابْتَغَى الْقَضَاءَ، وَسَأَلَ فِيهِ شُفَعَاءَ، وُكِلَ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ أُكْرِهَ عَلَيْهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ مَلَكًا يُسَدِّدُهُ"، انْتَهَى. وَقَالَ: حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ إسْرَائِيلَ، انْتَهَى. وَبِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى. وَذَهِلَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْ ابْنِ مَاجَهْ، فَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ فَقَطْ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَذَا حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أَبُو عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَامِرٍ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ بِلَالِ بْنِ مِرْدَاسٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: وَخَيْثَمَةُ بْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ الْبَصْرِيُّ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَبِلَالُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْفَزَارِيُّ مَجْهُولُ الْحَالِ، رَوَى عَنْهُ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ، وَالسُّدِّيُّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَامِرٍ ضَعِيفٌ، قَالَ: وَالْعَجَبُ مِنْ التِّرْمِذِيِّ، فَإِنَّهُ أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ إسْرَائِيلَ عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ بِلَالِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنْ أَنَسٍ، ثُمَّ قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ الْمُتَقَدِّمَةِ: إنَّهَا أَصَحُّ مِنْ رِوَايَةِ إسْرَائِيلَ1 قَالَ: وَإِسْرَائِيلُ أَحَدُ الْحُفَّاظِ، وَلَوْلَا ضَعْفُ عَبْدِ الْأَعْلَى كَانَ هَذَا الطَّرِيقُ خَيْرًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ الَّذِي فِيهِ خَيْثَمَةُ، وَبِلَالٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَوْلُهُ: رُوِيَ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم تَقَلَّدُوا الْقَضَاءَ مِنْ مُعَاوِيَةَ، وَالْحَقُّ كَانَ بِيَدِ عَلِيٍّ فِي نَوْبَتِهِ، وَالتَّابِعُونَ تَقَلَّدُوا الْقَضَاءَ مِنْ الْحَجَّاجِ وَكَانَ جَائِرًا، قُلْت: تَوَلَّى أَبُو الدَّرْدَاءِ الْقَضَاءَ بِالشَّامِ وَبِهَا مَاتَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ اسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يُوَلِّي بَعْدَهُ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِفُضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ، فَوَلَّاهُ الشَّامَ بَعْدَهُ، وَأَمَّا إنَّ الْحَقَّ كَانَ بِيَدِ عَلِيٍّ فِي نَوْبَتِهِ، فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمَّارٍ:"تَقْتُلُك الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ"، وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ عَلِيٍّ، وَقَتَلَهُ أَصْحَابُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي كِتَابِ الْإِرْشَادِ: وَعَلِيٌّ رضي الله عنه كَانَ إمَامًا حَقًّا فِي وِلَايَتِهِ، وَمُقَاتِلُوهُ بُغَاةٌ، وَحُسْنُ الظَّنِّ بِهِمْ يَقْتَضِي أَنْ يُظَنَّ بِهِمْ قَصْدُ الْخَيْرِ، وَإِنْ أخطأوه، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ عَلِيًّا كَانَ مُصِيبًا فِي قِتَالِ أَهْلِ الْجَمَلِ، وَهُمْ طَلْحَةُ، وَالزُّبَيْرُ، وَعَائِشَةُ، وَمَنْ مَعَهُمْ، وَأَهْلُ صِفِّينَ، وَهُمْ مُعَاوِيَةُ، وَعَسْكَرُهُ، وَقَدْ أَظْهَرَتْ عَائِشَةُ النَّدَمَ،
1 قال ابن الهمام في الفتح ص 460 ج 5: وأصح من الكل حديث البخاري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الامارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة، وكلت إليها، وإن أوتيتها عن غير مسألة أعنت عليها"، انتهى.
كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ الِاسْتِيعَابِ عَنْ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِابْنِ عُمَرَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، مَا مَنَعَك أَنْ تَنْهَانِي عَنْ مَسِيرِي؟! قَالَ: رَأَيْت رَجُلًا غَلَبَ عَلَيْك يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَتْ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْ نَهَيْتَنِي مَا خَرَجْت، انْتَهَى. وَفِي الطَّبَقَاتِ لِابْنِ سَعْدٍ أَنَّ عُثْمَانَ أَفْرَدَ مُعَاوِيَةَ بِالشَّامِ، فَلَمَّا وَلِيَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الْخِلَافَةَ بعد عثمان، فال: مُعَاوِيَةُ: وَاَللَّهِ لَا أَلِي لَهُ شَيْئًا أَبَدًا، وَلَا أُبَايِعُهُ، وَلَا أَقْدُمُ عَلَيْهِ، حَتَّى كَانَتْ الْوَقْعَةُ بَيْنَهُمَا بِصِفِّينَ، فِي الْمُحَرَّمِ، سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَرَجَعَ عَلِيٌّ الْكُوفَةَ بِأَصْحَابِهِ مُخْتَلِفِينَ عَلَيْهِ، وَرَجَعَ مُعَاوِيَةُ إلَى الشَّامِ بِأَصْحَابِهِ مُتَّفِقِينَ عَلَيْهِ، وَأَقَرَّ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيَّ عَلَى قَضَائِهِ بِالشَّامِ، مُخْتَصَرٌ.
وَأَمَّا تَقَلُّدُ الْوِلَايَةِ مِنْ الْحَجَّاجِ: فَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا أَبُو دَاوُد عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِي إسْحَاقَ، قَالَ: كَانَ أَبُو بُرْدَةَ عَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ، فَعَزَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَجَعَلَ أَخَاهُ1 مَكَانَهُ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ رَافِعٍ ثَنَا ضَمْرَةُ، قَالَ اسْتَقْضَى الْحَجَّاجُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ أَبِي مُوسَى، وَأَجْلَسَ مَعَهُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ، ثُمَّ قُتِلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَاتَ الْحَجَّاجُ بَعْدَهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَلَمْ يَقْتُلْ بَعْدَهُ أَحَدًا، انْتَهَى. وَفِي تَارِيخِ أَصْبَهَانَ لِلْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ فِي بَابِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ الْأُمَوِيُّ، وَلِيَ الْقَضَاءَ فِي أَصْبَهَانَ لِلْحَجَّاجِ، ثُمَّ عَزَلَهُ الْحَجَّاجُ، وَأَقَامَ مَحْبُوسًا بِوَاسِطَ، فَلَمَّا هَلَكَ الْحَجَّاجُ رَجَعَ إلَى أَصْبَهَانَ، وَتُوُفِّيَ بِهَا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ فِي بَابِ الِاسْتِسْقَاءِ: وَطَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْفٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: طَلْحَةُ النَّدِيُّ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ مِنْ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ، يَرْوِي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي بَكْرَةَ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّادِسُ: قَالَ عليه السلام: "إنَّمَا بُنِيَتْ الْمَسَاجِدُ لِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلِلْحُكْمِ"، قُلْت: غَرِيبٌ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ: لَيْسَ فِيهِ: الْحُكْمُ، رَوَاهُ فِي الطَّهَارَةِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ2 قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَامَ يَبُولُ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ، فَقَالَ عليه السلام:"لَا تُرْزِمُوهُ، دَعُوهُ"، فَتَرَكُوهُ حَتَّى بَالَ، ثُمَّ إنَّهُ عليه السلام دَعَاهُ، فَقَالَ لَهُ:"إنَّ هَذِهِ الْمَسَاجِدَ لَا تَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَوْلِ، وَلَا الْقَذَرِ، وَإِنَّمَا هِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ"، قَالَ: وَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ الْقَوْمِ فَدَعَا بِدَلْوٍ مِنْ مَاءٍ، فَشَنَّهُ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
1 اسمه أبو بكر كما في الدراية.
2 عند مسلم في الطهارة باب وجوب غسل البول، وغيره من النجاسات إذا حصلت في المسجد ص 138، وعند ابن ماجه فيه باب الأرض يصيبها البول كيف تغسل ص 40 ج 1.
وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِي آخِرِهِ: فَقَالَ: "إنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ لَا يُبَالِ فِيهِ، وَإِنَّمَا بُنِيَ لِذِكْرِ اللَّهِ، وَلِلصَّلَاةِ"، ثُمَّ أَمَرَ بِسَجْلٍ مِنْ مَاءٍ، فَأُفْرِغَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ السَّابِعُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْصِلُ الْخُصُومَاتِ فِي مُعْتَكَفِهِ،
قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ: فَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ1 إلَّا التِّرْمِذِيُّ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنُ أَبِي حَدْرَدٍ دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا حَتَّى سَمِعَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَخَرَجَ إلَيْهِمَا حَتَّى كَشَفَ سَجَفَ حُجْرَتِهِ، فَنَادَى:"يَا كَعْبُ"، قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِك، قَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:"قُمْ فَاقْضِهِ"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَشْخَاصِ2 وَفِي الشَّهَادَاتِ، وَمُسْلِمٌ فِي الْبُيُوعِ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْقَضَاءِ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَحْكَامِ، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُنْتَقَى، فِيهِ جَوَازُ الْحُكْمِ فِي الْمَسْجِدِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ3 عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي قِصَّةِ اللِّعَانِ أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْت رَجُلًا وَجَدَ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا، إلَى أَنْ قَالَ: فَتَلَاعَنَا فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنَا شَاهِدٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ فَيَّاضٍ عَنْ خَلَّادِ4 بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إذْ أَتَى رَجُلٌ فَتَخَطَّى النَّاسَ، حَتَّى قَرُبَ إلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ، فَقَالَ لَهُ:"اجْلِسْ"، فَجَلَسَ، وَقَامَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ، يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ، فَقَالَ:"اجْلِسْ"، فَجَلَسَ، وَقَامَ الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِمْ عَلَيَّ الْحَدَّ، فَقَالَ:" وَمَا حَدُّك"؟ قَالَ: أَتَيْت امْرَأَةً حَرَامًا، فَقَالَ عليه السلام لِعَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَعُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ:
1 عند البخاري في الصلاة باب التقاضي والملازمة في المسجد ص 65 ج 1، وباب رفع الصوت في المسجد ص 67 ج 1، وباب الملازمة ص 327 ج 1، وفي الصلح باب هل يشير الامام بالصلح ص 373 ج 1، وباب الصلح بالدين والعين ص 374 ج 1، وعند مسلم في البيوع باب استحباب الوضع من الدين ص 16 ج 2، وعند أبي داود في القضاء باب في الصلح ص 149 ج 2، وعند النسائي باب إشارة الحاكم على الخصم بالصلح ص 309 ج 2، وعند ابن ماجه في الأحكام باب الحبس بالدين ص 177 ج 2.
2 قلت: ليس الحديث عند البخاري في باب ما يذكر في الأشخاص، والخصومة بين المسلم واليهودي نعم أخرجه في باب الملازمة ص 327 ج 1، وقد حررت قبيل هذا مخارج هذا الحديث، عند البخاري.
3 عند البخاري في الطلاق باب التلاعن في المسجد ص 80 ج 2، وعند مسلم في اللعان ص 289 ج 1.
4 خلاد بن عبد الرحمن بن جندة الصنعاني الأبناوي روى عن سعيد بن المسيب، وشقيق ابن ثور، وسعيد بن جبير، وطاوس، ومجاهد، ذكره ابن حبان، وكان من الصالحين، كذا في اللسان ص 113 ج 3.
"انْطَلِقُوا، فَاجْلِدُوهُ مِائَةً"، وَلَمْ يَكُنْ تَزَوَّجَ، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَجْلِدُ الَّتِي خَبُثَ بِهَا؟ فَقَالَ لَهُ عليه السلام:"مَنْ صَاحِبَتُك"؟ قَالَ: فُلَانَةُ، فَدَعَاهَا، ثُمَّ سَأَلَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَذَبَ عَلَيَّ، وَاَللَّهِ إنِّي لَا أَعْرِفُهُ، فَقَالَ لَهُ عليه السلام:"مَنْ شَاهِدُك"؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِي شَاهِدٌ، فَأَمَرَ بِهِ، فَجُلِدَ حَدَّ الْفِرْيَةِ ثَمَانِينَ، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَرُوِيَ أَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ كَانُوا يَجْلِسُونَ فِي الْمَسَاجِدِ لِفَصْلِ الْخُصُومَاتِ، قُلْت: غَرِيبٌ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ1 فِي بَابِ مَنْ قَضَى وَلَاعَنَ فِي الْمَسْجِدِ: وَلَاعَنَ عُمَرُ عِنْدَ مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَضَى شُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَيَحْيَى بْنُ يَعْمُرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَقَضَى مَرْوَانُ عَلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ بِالْيَمِينِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعِجْلِيّ أَبُو الْمُعَلَّى، قَالَ: أرأيت الشَّعْبِيَّ، وَابْنَ أَشْوَعَ يَقْضِيَانِ فِي الْمَسْجِدِ، انْتَهَى. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ رَأَى أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ يقضي في السمجد عِنْدَ الْقَبْرِ، وَكَانَ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي وِلَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى ثَنَا سَعِيدُ بْنُ مسلم بن بابك، قَالَ: رَأَيْت سَعْدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ قَدْ وَلِيَ قَضَاءَ الْمَدِينَةِ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ إمْرَةَ الْمَدِينَةِ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَلَّى أَبَا طُوَالَةَ الْقَضَاءَ بِالْمَدِينَةِ، فَكَانَ يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ، انْتَهَى. قَالَ: وَأَبُو طُوَالَةَ يَرْوِي عَنْ أَنَسٍ، وَهُوَ ثِقَةٌ، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ2 ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، قَالَ: رَأَيْت شريحاً يقضي في السجد، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ3 ثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانُ، قَالَ: رَأَيْت الشَّعْبِيَّ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَاضِي الْكُوفَةِ، يَقْضِي فِي الْمَسْجِدِ، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الثَّامِنُ: قَالَ عليه السلام: "لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ ست حُقُوقٍ"، وَذَكَرَ مِنْهَا " شُهُودَ الْجِنَازَةِ، وَعَوْدَ الْمَرِيضِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ4 فِي كِتَابِ الْأَدَبِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَهُ"، انْتَهَى.
1 عند البخاري في الأحكام باب من قضى ولاعن في المسجد ص 1062 ج 2.
2 عند ابن سعد في الطبقات ص 96 ج 6 الجزء الأول من السادس.
3 عند ابن سعد: ص 176 ج 6 في ترجمة عامر الشعبي.
4 عند مسلم في الآداب ص 213 ج 2، وعند البخاري في الجنائز باب الأمر باتباع الجنائز ص 166 ج 1.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ، فَذَكَرَهَا لَيْسَ فِيهِ: وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَهُ، ذَكَرَهُ فِي الْجَنَائِزِ. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ عَنْ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ مُسْلِمٍ سَوَاءٌ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ فِيهِ: وَإِذَا عَطَسَ، فَحَمِدَ اللَّهُ، فَشَمِّتْهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُفْرَدُ فِي الْأَدَبِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ الْأَفْرِيقِيِّ حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: كُنَّا غُزَاةً فِي الْبَحْرِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ، فَانْضَمَّ مَرْكَبُنَا إلَى مَرْكَبِ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، فَلَمَّا حَضَرَ غداءنا أَرْسَلْنَا إلَيْهِ، فَأَتَانَا، فَقَالَ: دَعَوْتُمُونِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَلَمْ يَكُنْ لِي بُدٌّ مِنْ أَنْ أُجِيبَكُمْ، لِأَنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"إنَّ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ سِتَّ خِصَالٍ وَاجِبَةٍ، إنْ تَرَكَ مِنْهَا شَيْئًا فَقَدْ تَرَكَ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ لِأَخِيهِ: يُسَلِّمُ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ، وَيُجِيبُهُ إذَا دَعَاهُ، وَيُشَمِّتُهُ إذَا عَطَسَ، وَيَعُودُهُ إذَا مَرِضَ، وَيَحْضُرُهُ إذَا مَاتَ، وَيَنْصَحُهُ إذَا اسْتَنْصَحَهُ"، انْتَهَى. وَفِيهِ زِيَادَةُ ذِكْرِ الْوُجُوبِ.
الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْ ضِيَافَةِ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ، قُلْت: رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ الْحَسَنِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ، فَنَزَلَ عَلَى عَلِيٍّ فَأَضَافَهُ، فَلَمَّا قَالَ لَهُ، إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُخَاصِمَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: تَحَوَّلْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَانَا أَنْ نُضَيِّفَ الْخَصْمَ، إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْمُؤْتَلِفِ وَالْمُخْتَلِفِ عَنْ جَارِيَةَ بْنِ هَرِمٍ أَبِي الشَّيْخِ الْفُقَيْمِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ.
طَرِيقٌ آخَرُ: رَوَاهُ الطبراني في معجمه الوسط1 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الرَّازِيُّ ثَنَا مُوسَى بْنُ سَهْلٍ الرَّمْلِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَاسِطِيُّ ثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ غُصْنٍ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ حَرْبِ بْنِ أَبِي الْأَسْوَدِ الرَّمْلِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُضَيَّفَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ دُونَ الْآخَرِ، انْتَهَى. وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ الْوَاسِطِيُّ.
الْحَدِيثُ الْعَاشِرُ: قَالَ عليه السلام: "إذَا اُبْتُلِيَ أَحَدُكُمْ بِالْقَضَاءِ، فَلْيُسَوِّ بَيْنَهُمْ فِي الْمَجْلِسِ، وَالْإِشَارَةِ، وَالنَّظَرِ". قُلْت: رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ أَخْبَرَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ
1 قال الهيثمي في مجمع الزوائد باب التسوية بين الخصمين 197 ج 4: رواه الطبراني في الأوسط وفيه: الهيثم بن غصن، ولم أجد من ذكره، وبقية رجاله ثقات، قلت: وفي التخريج بدله: القاسم بن غصن، ولعل الصواب ما قاله الهيثمي، وراجع له اللسان.