المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الشُّفْعَةُ لِشَرِيكٍ لَمْ يُقَاسِمْ"، - نصب الراية - جـ ٤

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌باب الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌باب الاستحقاق

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

- ‌كِتَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

-

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي شَاهِدِ الزُّورِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

-

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌بَابُ الْيَمِينِ

- ‌بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الإقرار

- ‌باب إقرار المريض

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

-

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

-

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

-

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ

- ‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

-

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَاب الْغَصْب

-

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

-

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كتاب الكراهية

- ‌النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ، وَالنَّظَرِ، وَالْمَسِّ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌إرسال الكلب المعلم

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَوَارِحِ

- ‌فصل في الرمي

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كتاب الجنايات

- ‌تحريم قتل المسلم

- ‌باب ما يوجب القصاص

- ‌باب الشهادة في القتل

- ‌كِتَابُ الديات

- ‌ما يجب فيه الدية كاملة

- ‌فَصْلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ جنَايَةِ الْمَمْلُوكِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌فصل: في الوعيد على ترك الزكاة أو الحج

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ

- ‌كِتَابُ الخنثى

- ‌كيفية إرث الخنثى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌ملاحق

- ‌مقدمة ط دار الحديث

- ‌نصب الرَّايَة" وَكلمَة عَن فقه أهل الْعرَاق

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد

- ‌الِاسْتِحْسَان

- ‌شُرُوط قبُول الْأَخْبَار

- ‌منزلَة الْكُوفَة من عُلُوم الِاجْتِهَاد

- ‌‌‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌بعض الْحفاظ، وكبار الْمُحدثين من أَصْحَابه، وَأهل مذْهبه

- ‌كلمة فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الشُّفْعَةُ لِشَرِيكٍ لَمْ يُقَاسِمْ"،

‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "الشُّفْعَةُ لِشَرِيكٍ لَمْ يُقَاسِمْ"، قُلْتُ: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ1 عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إدْرِيسَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ لَمْ تُقْسَمْ رَبْعَةٍ، أَوْ حَائِطٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، فَإِذَا بَاعَ، وَلَمْ يُؤْذِنْهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: لَمْ يَقُلْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: لَمْ يَقْسِمْ، إلَّا ابْنُ إدْرِيسَ، وَهُوَ مِنْ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ، انْتَهَى، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعٍ أَوْ حَائِطٍ، لَا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يَعْرِضَ عَلَى شَرِيكِهِ، فَيَأْخُذَ أَوْ يَدَعَ، فَإِنْ أَبَى، فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ"، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ وَالْأَرْضِ، يُنْتَظَرُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِدًا"، قُلْت: هُوَ مُرَكَّبٌ مِنْ حَدِيثَيْنِ، فَصَدْرُ الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْبُيُوعِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْأَحْكَامِ2 وَالنَّسَائِيُّ فِي الشُّرُوطِ، فَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ إسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بِهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدَارِ الْجَارِ، وَالْأَرْضِ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ، وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِمْ: جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ الدَّارِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ، انْتَهَى. وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيثُ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْجَارِ الَّذِي يَكُونُ شَرِيكًا، دُونَ الْجَارِ الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيكٍ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْبَرْنَا، وَأُسْنِدَ عَنْ عَمْرِو الشَّرِيدِ، قَالَ: كُنْت مَعَ سعيد بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَالْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ

1 عند مسلم في الشفعة ص 32 ج 2، وكذا ما روى عن ابن وهب عن ابن جريج، وعند الدارقطني في القضاء ص 520.

2 عند أبي داود في الشفعة ص 140 ج 2، وعند الترمذي فيه: ص 176 ج 2، ولفظه: جار الدار أحق بالدار.

ص: 172

مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ1: اشْتَرِ مِنِّي بَيْتِي الَّذِي فِي دَارِكَ، فَقَالَ: لَا، إلَّا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ مُنَجَّمَةٍ، فَقَالَ: أَمَا وَاَللَّهِ لَوْلَا أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ مَا بِعْتُكَهَا، لَقَدْ أُعْطِيتُ بِهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِينَارٍ"، انْتَهَى. قُلْتُ: هَذَا مُعَارَضٌ بِمَا أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ2 عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلًا، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرْضِي لَيْسَ فِيهَا لِأَحَدٍ شِرْكٌ، وَلَا قِسْمٌ، إلَّا الْجِوَارُ، فَقَالَ: الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ مَا كَانَ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: وَيُرْوَى هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ جَمَعَ بَيْنَ الطرفين، أَعْنِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، وَعَنْ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ3 وَقَالَ: وَهَمَ فِيهِ عِيسَى بْنُ يُونُسَ، وَغَيْرُهُ يَرْوِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ، هَكَذَا رَوَاهُ شُعْبَةُ، وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَقَدْ مَالَا بِهَذَا الْقَوْلِ عَلَى عِيسَى بْنِ يُونُسَ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ جَمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، أَعْنِي عَنْ أَنَسٍ، وَعَنْ سَمُرَةَ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يُعَضِّدُ ذَلِكَ، قَالَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ ثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَبِهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا، فَذَكَرَهُ، قَالَ: وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ ثِقَةٌ، فَوَجَبَ تَصْحِيحُ ذَلِكَ عَنْهُ، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ4 حَدَّثَنَا عَفَّانَ ثَنَا هَمَّامٌ أَنْبَأَ قَتَادَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ الشَّرِيدِ بْنِ سُوَيْد الثَّقَفِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "جَارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِالدَّارِ مِنْ غَيْرِهِ"، انْتَهَى. وَبَقِيَّةُ الْحَدِيثِ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ5 عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ، يُنْتَظَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا كَانَ طريقهما واحد"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ جَابِرٍ، وَقَدْ تَكَلَّمَ شُعْبَةُ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ عِنْدَ

1 قلت: سعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص، قاسم أبي وقاص مالك، راجع الطبقات لابن سعد في ترجمة سعد بن أبي وقاص هذا.

2 عند النسائي في البيوع في الشفعة ص 234 ج 2، ولفظه: الجار أحق بسبقه، وعند ابن ماجه في الشفعة ص 182، ولفظه: الجار أحق بسقبه، اهـ.

3 لم أجد هذا القول في نسخة الدارقطني المطبوعة عندنا، والله أعلم.

4 عند أحمد في مسند شريد بن سويد الثقفي ص 388 ج 4.

5 عند ابن ماجه في أبواب الشفعة وعند أبي داود في الشفعة ص 140 ج 2، وعند الترمذي باب ما جاء في الشفعة للغائب ص 176 ج 1.

ص: 173

أَهْلِ الْحَدِيثِ لَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ شُعْبَةَ مِنْ أَجْلِ هَذَا الْحَدِيثِ1 انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: يُخَافُ أَنْ لَا يَكُونَ مَحْفُوظًا، وَأَبُو سَلَمَةَ حَافِظٌ، وَكَذَلِكَ أَبُو الزُّبَيْرِ، وَلَا يُعَارَضُ حَدِيثُهُمَا بِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَسُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ، وَقَالَ يَحْيَى: لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ إلَّا عَبْدُ الْمَلِكِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَاهُ عَنْ عَطَاءٍ غَيْرُ عَبْدِ الْمَلِكِ، تَفَرَّدَ بِهِ، وَيُرْوَى عَنْ جَابِرٍ خِلَافُ هَذَا، انْتَهَى كَلَامُهُ. وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: وَاعْلَمْ أَنَّ حَدِيثَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْمَشْهُورَةِ، وَهِيَ الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ فَلَا شُفْعَةَ، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ إذَا كَانَ طَرِيقُهَا وَاحِدًا، وَحَدِيثُ جَابِرٍ الْمَشْهُورُ لَمْ يُنْفَ فِيهِ اسْتِحْقَاقُ الشُّفْعَةِ، إلَّا بِشَرْطِ تَصَرُّفِ الطُّرُقِ، فَيَقُولُ: إذَا اشْتَرَطَ الْجَارَانِ فِي الْمَنَافِعِ، كَالْبِئْرِ، أَوْ السَّطْحِ، أَوْ الطَّرِيقِ، فَالْجَارُ أَحَقُّ بِصَقَبِ جَارِهِ، لِحَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِكَا فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَنَافِعِ، فَلَا شُفْعَةَ لِحَدِيثِ جَابِرٍ الْمَشْهُورِ، وَطَعْنُ شُعْبَةَ فِي عَبْدِ الْمَلِكِ بِسَبَبِ هَذَا الْحَدِيثِ، لَا يَقْدَحُ فِيهِ، فَإِنَّهُ ثِقَةٌ، وَشُعْبَةُ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْحُذَّاقِ فِي الْفِقْهِ، لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، إذَا ظَهَرَ تَعَارُضُهَا، إنَّمَا كَانَ حَافِظًا، وَغَيْرُ شُعْبَةَ إنَّمَا طَعَنَ فِيهِ تَبَعًا لِشُعْبَةَ، وَقَدْ احْتَجَّ بِعَبْدِ الْمَلِكِ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَاسْتَشْهَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَا إنَّمَا لَمْ يُخَرِّجَا حَدِيثَهُ هَذَا لِتَفَرُّدِهِ بِهِ، وَإِنْكَارِ الْأَئِمَّةِ عَلَيْهِ فِيهِ، وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ رَأْيًا لِعَطَاءٍ، أَدْرَجَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْحَدِيثِ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالْعِجْلِيُّ، وَقَالَ الْخَطِيبُ: لَقَدْ أَسَاءَ شُعْبَةُ، حَيْثُ حَدَّثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ، وَتَرَكَ التَّحْدِيثَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، فَإِنَّ الْعَرْزَمِيَّ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ الْأَثَرِ فِي سُقُوطِ روايته، وعبد الملك ثناءهم عَلَيْهِ مُسْتَفِيضٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا سَقَبُهُ؟ قَالَ:"شُفْعَتُهُ"، وَيُرْوَى: أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ،

قُلْتُ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ2 عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"، انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: وَيُرْوَى: أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ، تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ، عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا، الْحَدِيثَ، وَبِالرِّوَايَتَيْنِ رَوَاهُ إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ، فَقَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "الْجَارُ

1 وقال الترمذي بعد هذا: وروي عن ابن المبارك عن سفيان الثوري، قال: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان يعني في العلم انتهى.

2 عند البخاري في البيوع في الشفعة ص 300 ج 2، وعند النسائي أيضاً في الشفعة ص 234 ج 2.

ص: 174

أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"، انْتَهَى. أَخْبَرَنَا الْمُحَارِبِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ عَنْ أَبِي رَافِعٍ أَنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ"، انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ1 وَفِي مُعْجَمِ الطَّبَرَانِيِّ قِيلَ لِعَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ: مَا السَّقَبُ؟ قَالَ: الْجِوَارُ، وَفِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ قَالَ: الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ يَعْنِي شُفْعَتَهُ، انْتَهَى. قَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِهِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ: الصَّقَبُ بِالصَّادِ، مَا قَرُبَ مِنْ الدَّارِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: سَقَبٌ، فَيَكُونُ السِّينُ عِوَضَ الصَّادِ، لِأَنَّ فِي آخِرِ الكلمة قاف، وَكَذَا لَوْ كَانَ فِي آخِرِ الْكَلِمَةِ خَاءٌ، أَوْ غَيْنٌ، أَوْ طَاءٌ، فَيَقُولُ: صَخْرٌ وَسَخْرٌ، وَصَدْغٌ وَسَدْغٌ، وَسَطْرٌ وَصَطْرٌ، فَإِنْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْحُرُوفُ الْأَرْبَعَةُ السِّينَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، فَلَا يُقَالُ: خَصْرٌ وَخَسْرٌ، وَلَا قَصْبٌ وَلَا قَسْبٌ، وَلَا غَرْسٌ وَلَا غَرْصٌ، انْتَهَى كَلَامُهُ2.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: " الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ، وَضُرِبَتْ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ"، قُلْتُ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ3 عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ، وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ، فَلَا شُفْعَةَ، انتهى. لَفْظِ الْبُخَارِيِّ: إنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ، الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، وَكَذَلِكَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ، وَلَوْ كَانَ ثَابِتًا، فَفِي نَفْيِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْأَمْرَيْنِ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِهَا قَبْلَ صَرْفِ الطُّرُقِ، وَإِنْ حُدَّتْ الْحُدُودُ فَقَدْ وَافَقَ مَا رَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمُتَقَدِّمِ: الْجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَتِهِ، يُنْتَظَرُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا إذَا كَانَ

1 نعم عند الدارقطني في القضاء ص 520 في حديث عمرو بن الشريد قيل: ما السقب؟ قال: الجوار، انتهى.

2 قال سيبويه في كتابه ص 427 ج 2: هذا باب ما تقلب السين صاداً، في بعض اللغات، تقلبها القاف إذا كانت بعدها في كلمة واحدة، وذلك نحو صقت، وصبقت، والصملق، إلى قوله: والخاء والغين بمنزلة القاف، وهما من حروف الحلق بمنزلة القاف من حروف الفم، وقربهما من الفم كقرب القاف من الحلق، نحو صانع في سانع، وصلخ في سلخ، انتهى. وقال السيوطي في المزهر ص 277 ج 1: قال أبو محمد البطليوسي في كتاب الفرق بين الأحرف الخمسة: من هذا الباب ما ينقاس، ومنه ما هو موقوف على السماع، كل سين وقعت بعدها عين، أو غين، أو خاء، أو قاف، أو طاء جاز قلبها صاداً، مثل يساقون ويصاقون، وصقر وسقر، وصخر وسخر، مصدر سخرت منه إذا هزأت، فأما الحجارة فبالصاد لا غير، وقال: شرط هذا الباب أن تكون السين متقدمة على هذه الأحرف لا متأخرة بعدها، وأن تكون هذه الأحرف مقاربة لها لا متباعدة عنها، وأن لا تكون السين هي الأصل، فإن كانت هي الأصل لم يجز قلبها شيئاً، لأن الأضعف يقلب إلى الأقوى، ولا يقلب الأقوى إلى الأضعف، اهـ. ومثله صرح به الزمخشري في أواخر المفصل وابن الحجاب في مقدمته في التصريف.

3 عند البخاري في الشفعة ص 300 ج 1، واللفظ في الآخر في البيوع باب بيع الأرض والدور والعروض مشاعاً غير مقسوم ص 294 ج 1، وفي الشركة باب الشركة في الأرضين وغيرها 339 ج 1.

ص: 175