الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ الْهِجْرَةَ ابْتَاعَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَعِيرَيْنِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"وَلِّنِي أَحَدَهُمَا"، فَقَالَ: هُوَ لَك بِغَيْرِ شَيْءٍ، فَقَالَ:"أَمَّا بِغَيْرِ ثَمَنٍ فَلَا"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: التَّوْلِيَةُ وَالْإِقَالَةُ سَوَاءٌ، لَا بَأْسَ بِهِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ رَبِيعَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا مُسْتَفَاضًا بِالْمَدِينَةِ، قَالَ:"مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا، فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَيَسْتَوْفِيَهُ، إلَّا أَنْ يُشْرِكَ فِيهِ، أَوْ يُوَلِّيَهُ، أَوْ يُقِيلَهُ"، انْتَهَى.
وَحَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ: فِي الْبُخَارِيِّ1 عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَفِيهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: خُذْ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ إحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، فَقَالَ عليه السلام:"بِالثَّمَنِ"، الْحَدِيثَ. لَيْسَ فِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَفْظُهُ: فَأَعْطَاهُ أَبُو بَكْرٍ إحْدَى الرَّاحِلَتَيْنِ، فَقَالَ: خُذْهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَارْكَبْهَا، فَقَالَ عليه السلام:"قَدْ أَخَذْتُهَا بِالثَّمَنِ" 2 الْحَدِيثَ. وَفِي الطَّبَقَاتِ لِابْنِ سَعْدٍ3 وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اشْتَرَاهُمَا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ مِنْ نَعَمِ بَنِي قُشَيْرٍ، فَأَخَذَ إحْدَاهُمَا، وَهِيَ الْقَصْوَاءُ، الْحَدِيثَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ الْحَسَنِ، وَابْنِ سِيرِينَ، وَالشَّعْبِيِّ، وَطَاوُسٍ، قَالُوا: التَّوْلِيَةُ بَيْعٌ، وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَزَادَ: وَلَا بَيْعَ حَتَّى يَقْبِضَ، انْتَهَى.
1 قلت: عند البخاري في مواضع، وهذا اللفظ أخرجه في المناقب باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة ص 553 ج 1 في حديث طويل.
2 قال السهيلي في الروض الأنف حين مر على هذا الحديث: فسئل بعض أهل العلم لِمَ لم يقبلها إلا بالثمن، وقد أنفق أبو بكر عليه من ماله ما هو أكثر من هذا فقبل، وقد قال عليه السلام:"ليس من أحد أمّن عليّ في أهل ومال من أبي بكر"، وقد دفع إليه حين بنى بعائشة ثنتي عشرة أوقية ونشاً، فلم يأب من ذلك؟ فقال المسئول: إنما ذلك لتكون هجرته إلى الله بنفسه وماله، رغبة منه عليه السلام في استكمال فضل الهجرة، وأن تكون الهجرة والجهاد على أتم أحوالهما، وهو قول حسن، انتهى.
3 عند ابن سعد في ذكر خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر إلى المدينة للهجرة: ص 153 القسم الأول من الجزء الأول فسماها القصواء، وذكر السهيلي أن تلك الناقة تسمى بالجدعاء، وهي غير العضباء التي جاء فيها الحديث، انتهى.
فَصْلٌ
الْحَدِيثُ الثَّانِي: رُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْ بَيْعِ مَا لَمْ يُقْبَضْ، قُلْت: فِيهِ أَحَادِيثُ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 عَنْ ابْنِ إسْحَاقَ حَدَّثَنِي أَبُو الزِّنَادِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: ابْتَعْتُ زَيْتًا فِي السُّوقِ، فَلَمَّا اسْتَوْجَبْته لَقِيَنِي رَجُلٌ، فَأَعْطَانِي فِيهِ رِبْحًا حَسَنًا، فَأَرَدْت أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ، فَأَخَذَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي بِذِرَاعِي، فَالْتَفَتُّ، فَإِذَا زَيْدُ بْنِ ثَابِتٍ، قَالَ: لَا تَبِعْهُ حَيْثُ ابْتَعْته حَتَّى تَحُوزَهُ إلَى رَحْلِك، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ تُبَاعَ السِّلَعُ حَيْثُ تَبْتَاعُ حَتَّى يَحُوزَهَا التُّجَّارُ إلَى رِحَالِهِمْ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَصَحَّحَهُ، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: فِي سَنَدِهِ عُبَيْدٌ، فَإِنَّ ابْنَ إسْحَاقَ صَرَّحَ فِيهِ بِالتَّحَدُّثِ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرَ: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ الْكُبْرَى عَنْ يَعْلَى بْنِ حَكِيمٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِصْمَةَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي رَجُلٌ ابْتَاعَ هَذِهِ الْبُيُوعَ وَأَبِيعُهَا فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا، وَمَا يَحْرُمُ؟ قَالَ:" لَا تَبِيعَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَقْبِضَهُ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ قِسْمُ النَّوَاهِي، وَلَفْظُهُ: قَالَ: " إذَا ابْتَعْت بَيْعًا، فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ"، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذَا الْخَبَرُ مَشْهُورٌ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، لَيْسَ بَيْنَهُمَا ابْنُ عِصْمَةَ، وَهُوَ خَبَرٌ غَرِيبٌ، انْتَهَى. وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ ذِكْرَ الْخَبَرِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ سِوَى الطَّعَامِ حُكْمُهُ حُكْمُ الطَّعَامِ فِي النَّهْيِ عَنْ بَيْعِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ عامر الأحوال عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ ابْنِ عِصْمَةَ بِهِ، وَبِسَنَدِ النَّسَائِيّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا2 قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَقَدْ رَوَاهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ فِي كِتَابِهِ عَنْ هَمَّامٍ ثَنَا يَحْيَى أَنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ يُوسُفَ حَدَّثَهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ حَدَّثَهُ، فَذَكَرَهُ، هَكَذَا ذَكَرَ يَعْلَى سَمَاعَ يُوسُفَ بْنَ مَاهَكَ مِنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، وَهِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ يَرْوِيهِ عَنْ يَحْيَى، فَيُدْخِلُ بَيْنَ يُوسُفَ، وَحَكِيمٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ، وَكَذَلِكَ هُوَ بَيْنَهُمَا فِي غَيْرِ حَدِيثٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: هَكَذَا رَوَاهُ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، وَأَنَا أَخَافُ أَنْ يَكُونَ سَقَطَ مِنْ الْإِسْنَادِ ابْنُ عِصْمَةَ، وَرِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ تُبَيِّنُ ذَلِكَ، قَالَ: وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِهِ رِوَايَةَ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ، وَقَالَ: إنَّ يَعْلَى بْنَ حَكِيمٍ ثِقَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ سَمَاعَ
1 عند أبي داود في البيوع باب في بيع الطعام قبل أن يستوفي ص 138 ج 2، عند الدارقطني في البيوع ص 294 ج 2.
2 عند الدارقطني في البيوع ص 292 ج 2، وعند البيهقي في السنن باب النهي عن بيع ما لم يقبض، وإن كان غير طعام ص 313 ج 5.
يُوسُفَ مِنْ حَكِيمٍ، فَيَصِيرُ سَمَاعُ يُوسُفَ مِنْ ابْنِ عِصْمَةَ عَنْ حَكِيمٍ لَغْوًا، لِأَنَّهُ إذَا سَمِعَهُ مِنْ حَكِيمٍ فَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِ حَكِيمٍ عَنْ حَكِيمٍ، انْتَهَى. وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ مَجْهُولٌ، وَصَحَّحَ الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ يُوسُفَ نَفْسِهِ عَنْ حَكِيمٍ، لِأَنَّهُ صَرَّحَ فِي رِوَايَةِ قَاسِمِ بْنِ أَصْبَغَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ بَيْنَ يُوسُفَ، وَحَكِيمٍ فِيهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ، وَهُوَ الْجُشَمِيُّ حِجَازِيٌّ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْحَدِيثَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ ضَعِيفٌ جِدًّا، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْقَطَّانِ، وَكِلَاهُمَا مُخْطِئٌ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عِصْمَةَ هَذَا بِالنُّصَيْبِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ، مِمَّنْ يُسَمَّى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عِصْمَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ1 عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ إلَّا مِثْلَهُ، انْتَهَى. وَقَدْ اسْتَدَلَّ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ لِمَذْهَبِنَا فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرَ الْعَقَارِ بِثَلَاثَةِ أَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ حَمَلَ أَصْحَابُنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ عَلَى غَيْرِ الْمُتَمَيِّزِ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ لِمَذْهَبِهِ فِي الْجَوَازِ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ2 عَنْ سِمَاكٍ عن سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: كُنْت أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالْبَقِيعِ، فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ، وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ، وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فَأَتَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ حُجْرَتَهُ، فَأَخَذْت بِثَوْبِهِ، فَسَأَلْته، فَقَالَ:" إذَا أَخَذْت وَاحِدًا مِنْهُمَا بِالْآخَرِ، فَلَا يُفَارِقُك وَبَيْنَك وَبَيْنَهُ بَيْعٌ"، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، والدارقطني، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إلَّا مِنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ3، وَرَوَى دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ
1 عند البخاري في البيوع باب بيع الطعام قبل أن يقبض ص 286 ج 1، وعند مسلم باب بطلان بيع المبيع قبل القبض ص 5 ج 2.
2 عند أبي داود في البيوع باب في اقتضاء الذهب من الورق ص 120 ج 2، وعند الترمذي في البيوع باب ما جاء في الصرف ص 161 ج 1، وعند النسائي في البيوع باب أخذ الورق من الذهب، والذهب من الورق ص 223 ج 2، وعند ابن ماجه في البيوع باب اقتضاء الذهب من الورق، والورق من الذهب ص 165، وعند الدارقطني في البيوع ص 299.
3 قال ابن الهمام في الفتح 270 ج 5، وقول الترمذي: لانعرفه مرفوعاً إلا من حديث سماك، لا يضره، وإن كان شعبة قال: حدثني قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر لم يرفعه، وحدثني داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يرفعه، وحدثني فلان، أراه أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر لم يرفعه، ورفعه سماك، وأنا أهابه، لأن المختار في تعارف الرفع والوقف تقديم الرفع، لأنه زيادة، والزيادة من الثقة مقبولة، ولأن الظاهر من حال ابن عمر وشدة اتباعه للأثر أنه لم يكن يقتضي أحد النقدين عن الآخر مستمراً من غير أن يكون عرفه عنه صلى الله عليه وسلم، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يفارقه، وبينهما بيع، معناه دين من ذلك البيع، لأنه صرف، فمنع النسيئة فيه، انتهى.
هَذَا عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي هَاشِمٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
قَوْلُهُ: وَمِنْ حَدِيثِ مُوسَى بْنِ نَافِعٍ عَنْ سَعِيدٍ قَوْلُهُ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِي دَاوُد، قَالَ: كُنْت عِنْدَ شُعْبَةَ، فَجَاءَهُ خَالِدُ بْنُ طَلِيقٍ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ: فَسَأَلْته عَنْ حَدِيثِ سِمَاكٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنْ الْوَرِقِ، وَالْوَرِقِ مِنْ الذَّهَبِ، فَقَالَ لَهُ شُعْبَةُ: أَصْلَحَك اللَّهُ، حَدَّثَنِي قَتَادَةُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَرْفَعْهُ، وَحَدَّثَنِي دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ لَمْ يَرْفَعْهُ، وَرَفَعَهُ سِمَاكٌ، وَأَنَا أَهَابُهُ، انْتَهَى. مِنْ التَّنْقِيحِ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ، صَاعُ الْبَائِعِ، وَصَاعُ الْمُشْتَرِي، قُلْت رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَحَدِيثُ جَابِرٍ: أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ حَتَّى يَجْرِيَ فِيهِ الصَّاعَانِ، صَاعُ الْبَائِعِ، وَصَاعُ الْمُشْتَرِي، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالْبَزَّارُ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنَيْهِمَا، وَهُوَ مَعْلُولٌ بِابْنِ أَبِي لَيْلَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ثَنَا مُسْلِمٌ الْجَرْمِيِّ ثَنَا مَخْلَدٍ بْنُ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ سَوَاءً، وَزَادَ فِيهِ: فَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ الزِّيَادَةُ، وَعَلَيْهِ النُّقْصَانُ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ الْقُشَيْرِيِّ ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِلَفْظِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ لَا يَرْوِيهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ غَيْرُ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَعَنْ خَالِدٍ أَحْمَدُ بْنُ بَكْرٍ الْبَالِسِيُّ، وَأَنَا أَخَاف أَنْ يَكُونَ الْبَلَاءُ فِيهِ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ بَكْرٍ لَا مِنْ خَالِدٍ، فَإِنَّ أَحْمَدَ
1 عند ابن ماجه في البيوع باب النهي عن بيع الطعام قبل ما لم يقبض ص 162 ج 1 وعند الدارقطني في البيوع ص 292 ج 2.