الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، وَأَكْثِرْنَ الِاسْتِغْفَارَ"، إلَى آخِرِهِ سَوَاءٌ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ حَدِيثَ الْخُدْرِيِّ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، مُحِيلًا عَلَيْهِ، وَقَالَ بِمِثْلِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي النِّكَاحِ عَنْهُ مَرْفُوعًا، نَحْوَهُ سَوَاءً إلَّا أَنَّهُ قَالَ:" وَأَمَّا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ، فَإِنَّ إحْدَاهُنَّ تَقْعُدُ مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً"، وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
كِتَابُ الْوَكَالَةِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: صَحَّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكَّلَ بِالشِّرَاءِ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ.
قُلْت: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْبُيُوعِ1 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنِي أَبُو حُصَيْنٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ مَعَهُ بِدِينَارٍ يَشْتَرِي لَهُ أُضْحِيَّةً، فَاشْتَرَاهَا بِدِينَارٍ، وَبَاعَهَا بِدِينَارَيْنِ، فَرَجَعَ وَاشْتَرَى أُضْحِيَّةً بِدِينَارٍ، وَجَاءَ بِدِينَارٍ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَصَدَّقَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَدَعَا لَهُ أَنْ يُبَارِكَ فِي تِجَارَتِهِ، انْتَهَى. فِي إسْنَادِهِ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، فَذَكَرَهُ، وَقَالَ: لَا نَعْرِفُهُ إلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَحَبِيبٌ لَمْ يَسْمَعْ عِنْدِي مِنْ حَكِيمٍ، انْتَهَى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ: حَدِيثُ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ2 عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ حَدَّثَنِي الْحَيُّ عَنْ عُرْوَةَ الْبَارِقِيِّ، قَالَ: أَعْطَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم دِينَارًا يَشْتَرِي بِهِ أُضْحِيَّةً، أَوْ شَاةً، فَاشْتَرَى شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، فَأَتَاهُ بِشَاةٍ، وَدِينَارٍ، فَدَعَا به بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، فَكَانَ لَوْ اشْتَرَى تُرَابًا لَرَبِحَ فِيهِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي لَبِيدٍ، وَاسْمُهُ: لُمَازَةُ بْنُ زَبَّارٍ3عَنْ عُرْوَةَ، فَذَكَرَهُ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عُرْوَةَ، فَذَكَرَهُ بِنَحْوِهِ، وَذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ الْخَبَرَيْنِ مَعًا غَيْرُ مُتَّصِلَيْنِ، لِأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا،
1 باب في الشركة ص 124 ج 2، وعند الترمذي في البيوع في باب بعد ما جاء في اشتراط الولاء والزجر عن ذلك ص 163 ج 1.
2 عند أبي داود في البيوع في الشركة ص 124 ج 2، وعند الترمذي في البيوع ص 63 ج 1 عن أبي لبيد عن عروة البارقي، وعند ابن ماجه من طريق شبيب بن غرقدة، وأبي لبيد لمازة بن زبار عن عروة البارقي: ص 175، قبل باب الحوالة.
3 لمازة بن زبار الأزدري الجهضمي أبو لبيد بصري، قال في التقريب: لمازة: بكسر اللام، وتخفيف الميم، وبالزاي، وزبار: بفتح الزاي، وتثقيل الموحدة، وآخره راء.
وَهُوَ خَبَرُ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، رَجُلًا مَجْهُولًا لَا يُدْرَى مَنْ هُوَ، وَفِي خَبَرِ عُرْوَةَ أَنَّ الْحَيَّ حَدَّثُوهُ، وَمَا كَانَ هَذَا سَبِيلَهُ مِنْ الرِّوَايَةِ، لَمْ تَقُمْ بِهِ الْحُجَّةُ، انْتَهَى. وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: وَأَمَّا تَخْرِيجُ الْبُخَارِيِّ لَهُ فِي صَحِيحِهِ فِي صَدْرِ حَدِيثِ الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الخير فيحتمل أنه سمع مِنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، عَلَى التَّمَامِ، فَحَدَّثَ بِهِ كَمَا سَمِعَهُ، وَذَكَرَ فِيهِ إنْكَارَ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، سَمَاعَهُ مِنْ عُرْوَةَ حَدِيثَ شِرَاءِ الشَّاةِ، وَإِنَّمَا سَمِعَهُ مِنْ الْحَيِّ عَنْ عُرْوَةَ، وَلَمْ يَسْمَعْ عَنْ عُرْوَةَ إلَّا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم:" الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ"، وَيُشْبِهُ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي الشِّرَاءِ، لَوْ كَانَ عَلَى شَرْطِهِ لَأَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَكِتَابِ الْوَكَالَةِ كَمَا جَرَتْ عَادَتُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى أَحْكَامٍ أَنْ يَذْكُرَهُ فِي الْأَبْوَابِ الَّتِي تَصْلُحُ لَهُ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، وَذَكَرَ بَعْدَهُ حَدِيثَ الْخَيْلِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وأنس بن مالك، وأبو هُرَيْرَةَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ حَدِيثُ الْخَيْلِ فَقَطْ، إذْ هُوَ عَلَى شَرْطِهِ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ عَنْ عُرْوَةَ، مُقْتَصِرًا عَلَى ذِكْرِ الْخَيْلِ، وَلَمْ يَذْكُرْ حَدِيثَ الشَّاةِ، وَحَدِيثُ الشَّاةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي لَبِيدٍ عَنْ عُرْوَةَ طَرِيقٌ حَسَنَةٌ، انْتَهَى. قُلْت: لَفْظُ الْبُخَارِيِّ فِيهِ1 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا سُفْيَانُ ثَنَا شَبِيبُ بْنُ غَرْقَدَةَ، قَالَ: سَمِعْت الْحَيَّ يَتَحَدَّثُونَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ، فَبَاعَ إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ، وَأَتَاهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ رَبِحَ فِيهِ، قَالَ سُفْيَانُ2 لَوْ كَانَ الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ جَاءَ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْهُ قَالَ: سَمِعَهُ شَبِيبٌ مِنْ عُرْوَةَ، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ شَبِيبٌ: إنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ عُرْوَةَ، سَمِعْتُ الْحَيَّ يُخْبِرُونَهُ عَنْهُ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ بَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ رَدًّا عَلَى عَبْدِ الْحَقِّ فِي قَوْلِهِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، فَقَالَ: وَاعْلَمْ أَنَّ نِسْبَةَ هَذَا الْحَدِيثِ إلَى الْبُخَارِيِّ كَمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مَا يُخَرِّجُهُ مِنْ صَحِيحِ الْحَدِيثِ خَطَأٌ، إذْ لَيْسَ مِنْ مَذْهَبِهِ تَصْحِيحُ حَدِيثٍ فِي إسْنَادِهِ مَنْ لَمْ يُسَمَّ، كَهَذَا الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الْحَيَّ الَّذِينَ حَدَّثُوا بِهِ شَبِيبًا لَا يُعْرَفُونَ، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ هَكَذَا مُنْقَطِعٌ، وَإِنَّمَا سَاقَهُ الْبُخَارِيُّ جَارًا لِمَا هُوَ مَقْصُودُهُ فِي آخِرِهِ، مِنْ ذِكْرِ الْخَيْلِ، وَلِذَلِكَ
1 عند البخاري في بدء الخلق قبل باب فضائل الصحابة ص 514 ج 1، وعند مسلم في الإمارة باب فضيلة الخيل ص 132 ج 2 في فضيلة الخيل فقط.
2 قال سفيان: كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه، أي عن شبيب بن غرقدة، قال: سمعه شبيب من عروة القائل هو الحسن، قوله: فأتيته، أي قال سفيان: أتيت شبيباً، قال في فتح الباري: أراد البخاري بذلك بيان ضعف رواية الحسن بن عمارة، وأن شبيباً لم يسمع الخبر من عروة البارقي، وإنما سمعه من الحي، انتهى. من هوامش، البخاري ص 514 ج 1.
أَتْبَعَهُ الْأَحَادِيثَ بِذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، كُلُّهَا فِي الْخَيْلِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَقْصِدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هُوَ سَوْقُ أَخْبَارٍ تَتَضَمَّنُ أَنَّهُ عليه السلام أَخْبَرَ بِمُغَيَّبَاتٍ تكون بَعْدَهُ، فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ حَدِيثُ: الْخَيْلُ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِيمَا يُورِدُهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُعَلَّقَةِ، وَالْمُرْسَلَةِ، وَالْمُنْقَطِعَةِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ مَذْهَبَهُ صِحَّتُهَا، بَلْ لَيْسَ هَذَا مَذْهَبَهُ إلَّا فِيمَا يُورِدُهُ بِإِسْنَادٍ مَوْصُولٍ، عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ شَرْطِهِ، وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إسْنَادَ سُفْيَانَ عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ يَقُولُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْخَيْرُ مَعْقُودٌ بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ"، وَجَرَى فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مِنْ قِصَّةِ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ، مَا لَيْسَ مِنْ مَقْصُودِهِ، وَلَا عَلَى شَرْطِهِ عَنْ شَبِيبٍ عَنْ الْحَيِّ عَنْ عُرْوَةَ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قُلْت: وَفَاتَ ابْنَ الْقَطَّانِ شَيْءٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ عَبْدَ الْحَقِّ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ فَرَّقَ الْحَدِيثَيْنِ شَطْرَيْنِ، فَذَكَرَ فَصْلَ الْخَيْلِ فِي الْجِهَادِ وَعَزَاهُ لِلصَّحِيحَيْنِ، وَذَكَرَ فَصْلَ الشَّاةِ فِي كِتَابِ الْمَنَاقِبِ، وَجَعَلَهُ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْبُخَارِيِّ، وَهَذَا أَيْضًا خَطَأٌ مِنْهُ، لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ فَصْلَ الشَّاةِ عَلَى شَرْطِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ كَانَ مِنْ الْوَاجِبِ أَنْ لَا يَذْكُرَهُ بِالْكُلِّيَّةِ، أَوْ يَذْكُرَهُ فِي كِتَابِ التَّعَالِيقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: وَرُوِيَ أَنَّهُ عليه السلام وَكَّلَ بِالتَّزَوُّجِ عُمَرَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، قُلْت: أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ فِي النِّكَاحِ1 عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ثَنَا ثَابِتٌ حَدَّثَنِي ابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ إلَيْهَا يَخْطُبُهَا، فَأَرْسَلَتْ إلَيْهِ إنِّي امْرَأَةٌ مُصْبِيَةٌ، وَإِنِّي غَيْرَى، وَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِدًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" أَمَّا كَوْنُكِ غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللَّهَ، فَيُذْهِبُ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا كَوْنُك مُصْبِيَةً، فَإِنَّ اللَّهَ سَيَكْفِيك صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَوْلِيَائِكِ لَيْسَ شَاهِدًا فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِكِ لَا شَاهِدٌ وَلَا غَائِبٌ إلَّا سَيَرْضَانِي"، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: قُمْ يَا عُمَرُ فَزَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو يَعْلَى فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالتِّسْعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ فِي فَضَائِلِ أُمِّ سَلَمَةَ2 وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَاسْمُ ابْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ سَعِيدٌ، وَلَمْ يُسَمِّهِ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَسَمَّاهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيَّ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرَهُ
1 باب إنكاح الابن أمه ص 76 ج 2.
2 باب ذكر أم المؤمنين أم سلمة ص 16 ج 4، وفي النكاح ص 178 ج 2.
وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى. وَعَجِبْت مِنْ عَبْدِ الْحَقِّ كَيْفَ ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ فِي النِّكَاحِ، وَعَزَاهُ لِابْنِ سَنْجَرٍ فَقَطْ، وَأَهْمَلَ هَذِهِ الْكُتُبَ جَمِيعَهَا، وَقَالَ: وَابْنُ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ لَا يُعْرَفُ، انْتَهَى. قُلْت: تَقَدَّمَ لِلْحَاكِمِ أَنَّ اسْمَهُ سَعِيدٌ، وَقَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَرِوَايَةُ ثَابِتٍ عَنْهُ تُقَوِّي أَمْرَهُ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ1 حَدَّثَنِي مَجْمَعُ بْنُ يَعْقُوبَ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ أُمَّ سَلَمَةَ إلَى ابْنِهَا عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، فَزَوَّجَهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ غُلَامٌ صَغِيرٌ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَظَرٌ، لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ لَهُ مِنْ الْعُمُرِ يَوْمَ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثُ سِنِينَ، فَكَيْفَ يُقَالُ لِمِثْلِ هَذَا: زَوِّجْ؟ وَبَيَانُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ، وَمَاتَ عليه السلام، وَلِعُمَرَ تِسْعُ سِنِينَ، فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهَا لِعُمَرَ: قُمْ فَزَوِّجْ، عَلَى الْمُدَاعَبَةِ لِلصَّغِيرِ، وَلَوْ صَحَّ أَنَّ الصَّغِيرَ زَوَّجَهَا، فَلِأَنَّهُ عليه السلام لَا يَحْتَاجُ إلَى وَلِيٍّ، لِأَنَّهُ مَقْطُوعٌ بِكَفَاءَتِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ2 عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ وَشُهُودٍ وَمَهْرٍ، إلَّا مَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، انْتَهَى. وَأَبُو هَارُونَ فِيهِ مَقَالٌ، وَقَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: قَوْلُهُ: إنَّهُ عليه السلام مَاتَ وَلِعُمَرَ تِسْعُ سِنِينَ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَهُ الْكَلَابَاذِيُّ، وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ ابْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ: إنَّهُ وُلِدَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ إلَى الْحَبَشَةِ، وَيُقَوِّي هَذَا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيُقَبِّلُ الصَّائِمُ؟ فَقَالَ عليه السلام:"سَلْ هَذِهِ"، فَأَخْبَرَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ أَنَّهُ عليه السلام يَصْنَعُ ذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَك مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِك وَمَا تَأَخَّرَ، فَقَالَ:"أَمَا وَاَللَّهِ إنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَخْشَاكُمْ لَهُ"، انْتَهَى. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ عُمَرَ كَانَ كَبِيرًا، وَقَدْ قِيلَ: إنَّ عُمَرَ الْمَقُولَ لَهُ: زَوِّجْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهَا رَضِيَتْ، وَالْمُزَوِّجُ لَهَا هُوَ سَلَمَةُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَعَنْ أَبَانَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَمُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم زَوَّجَ ابْنَةَ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ سَلَمَةَ بْنَ أَبِي سَلَمَةَ، فَمَاتَا قَبْلَ أَنْ يَجْتَمِعَا، فَكَانَ عليه السلام يَقُولُ:"هَلْ حَزِنَتْ سَلَمَةُ"، وَهُوَ كَانَ زَوَّجَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أُمَّهُ، انتهى. وروى ابن سعيد فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ أُمِّ سَلَمَةَ3 أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ ثَنَا أَبُو حَيَّانَ التَّيْمِيُّ عَنْ حَبِيبِ
1 قلت: ما وجدت في سنن البيهقي هذا الحديث بهذا السند، وهذا السند وجدته في طبقات ابن سعد في ترجمة أم سلمة.
2 قلت: سند الحديث عند الدارقطني في النكاح ص 381 نا ابن أبي داود حدثني عمي نا ابن الأصبهاني نا شريك عن الزهري عن أبي سعيد مرفوعاً.
3 ص 63 ج 8.