المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌ ‌ ‌كِتَابُ الْهِبَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، قُلْت تَكَلَّفَ - نصب الراية - جـ ٤

[الجمال الزيلعي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب البيوع

- ‌مدخل

- ‌بَابُ خِيَارِ الشَّرْطِ

- ‌بَابُ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ

- ‌باب الْبَيْعِ الْفَاسِدِ

- ‌فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْبَيْعِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يُكْرَهُ

- ‌بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌بَابُ الْمُرَابَحَةِ وَالتَّوْلِيَةِ

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌باب الاستحقاق

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌مَسَائِلُ مَنْثُورَةٌ

- ‌كِتَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

- ‌كِتَابُ الْحَوَالَةِ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

-

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌بَابُ مَنْ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَمَنْ لَا تُقْبَلُ

- ‌بَابُ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي شَاهِدِ الزُّورِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

-

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌بَابُ الْيَمِينِ

- ‌بَابٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ

- ‌بَابُ التَّحَالُفِ

- ‌بَابُ مَا يَدَّعِيهِ الرَّجُلَانِ

- ‌بَابُ دَعْوَى النَّسَبِ

- ‌كِتَابُ الإقرار

- ‌باب إقرار المريض

- ‌كِتَابُ الصُّلْحِ

- ‌كِتَابُ الْمُضَارَبَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَدِيعَةِ

- ‌كِتَابُ الْعَارِيَّةِ

-

- ‌كِتَابُ الْهِبَةِ

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ

-

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَاتِ

- ‌بَابُ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ

- ‌بَابُ ضَمَانِ الْأَجِيرِ

-

- ‌كِتَابُ الْمُكَاتَبِ

- ‌بَابُ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَجْزِهِ

- ‌كِتَابُ الْوَلَاءِ

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

-

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ لِلْفَسَادِ

- ‌فَصْلٌ فِي حَدِّ الْبُلُوغِ

- ‌بَابُ الْحَجْرِ بِسَبَبِ الدَّيْنِ

- ‌كِتَابُ الْمَأْذُونِ

- ‌كِتَاب الْغَصْب

-

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ طَلَبِ الشُّفْعَةِ

- ‌بَابُ مَا تَجِبُ فِيهِ الشُّفْعَةُ

- ‌كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ

- ‌كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ

-

- ‌كِتَابُ الذَّبَائِحِ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَمَا لَا يَحِلُّ

- ‌كِتَابُ الْأُضْحِيَّةِ

- ‌كتاب الكراهية

- ‌النهي عن الشرب في آنية الذهب والفضة

- ‌فَصْلٌ فِي اللُّبْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْوَطْءِ، وَالنَّظَرِ، وَالْمَسِّ

- ‌فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ

- ‌مَسَائِلُ مُتَفَرِّقَةٌ

- ‌كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ

- ‌كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ

- ‌كِتَابُ الصَّيْدِ

- ‌إرسال الكلب المعلم

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَوَارِحِ

- ‌فصل في الرمي

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌كتاب الجنايات

- ‌تحريم قتل المسلم

- ‌باب ما يوجب القصاص

- ‌باب الشهادة في القتل

- ‌كِتَابُ الديات

- ‌ما يجب فيه الدية كاملة

- ‌فَصْلٌ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ

- ‌فَصْلٌ فِي الشِّجَاجِ

- ‌فَصْلٌ فِي الْجَنِينِ

- ‌بَابُ مَا يُحْدِثُهُ الرَّجُلُ فِي الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ جِنَايَةِ الْبَهِيمَةِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا

- ‌بَابُ جنَايَةِ الْمَمْلُوكِ، وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ

- ‌فَصْلٌ فِي جِنَايَةِ الْمُدَبَّرِ، وَأُمِّ الْوَلَدِ

- ‌بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌كِتَابُ الْمَعَاقِلِ

- ‌كِتَابُ الْوَصَايَا

- ‌مدخل

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ الْمَالِ

- ‌فصل: في الوعيد على ترك الزكاة أو الحج

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ

- ‌كِتَابُ الخنثى

- ‌كيفية إرث الخنثى

- ‌مَسَائِلُ شَتَّى

- ‌ملاحق

- ‌مقدمة ط دار الحديث

- ‌نصب الرَّايَة" وَكلمَة عَن فقه أهل الْعرَاق

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌الرَّأْي وَالِاجْتِهَاد

- ‌الِاسْتِحْسَان

- ‌شُرُوط قبُول الْأَخْبَار

- ‌منزلَة الْكُوفَة من عُلُوم الِاجْتِهَاد

- ‌‌‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌طَريقَة أبي حنيفَة فِي التفقيه

- ‌بعض الْحفاظ، وكبار الْمُحدثين من أَصْحَابه، وَأهل مذْهبه

- ‌كلمة فِي كتب الْجرْح وَالتَّعْدِيل

الفصل: ‌ ‌ ‌ ‌كِتَابُ الْهِبَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، قُلْت تَكَلَّفَ

‌كِتَابُ الْهِبَةِ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، قُلْت تَكَلَّفَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ مُقَلِّدًا لِغَيْرِهِ، فَعَزَاهُ لِلْفِرْدَوْسِ دُونَ غَيْرِهِ، وَهَذَا عَجْزٌ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَمْرٍو، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَرُوِيَ مُرْسَلًا.

فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ في كتابه الْمُفْرَدِ فِي الْأَدَبِ وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ بَابُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ ثَنَا ضِمَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ سَمِعْت مُوسَى بْنَ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْكُنَى عَنْ أَبِي الْحُسَيْنِ مُحَمَّدِ بْنِ بُكَيْر الْحَضْرَمِيِّ عَنْ ضِمَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ فِي الْبَابِ الْحَادِي وَالسِّتِّينَ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِضِمَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ، وَقَالَ: إنَّ أَحَادِيثَهُ لَا يَرْوِيهَا غَيْرُهُ، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو: فَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي كِتَابِ عُلُومِ الْحَدِيثِ1 فَقَالَ: سَمِعْت أَبَا زَكَرِيَّا الْعَنْبَرِيَّ، قَالَ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ الله البوشبخي عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْر عَنْ ضِمَامِ بْنِ إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي قَبِيلٍ الْمَعَافِرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: قَالَ: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا"، انْتَهَى. قَالَ الْحَاكِمُ: وَتَحَابُّوا إمَّا بِتَشْدِيدِ الْبَاءِ مِنْ الْحُبِّ، وَإِمَّا بِالتَّخْفِيفِ مِنْ الْمُحَابَاةِ، انْتَهَى. قُلْت: يَتَرَجَّحُ الْأَوَّلُ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حَرْبٍ عَنْ أُمِّ حَكِيمٍ بِنْتِ وَدَاعٍ، أَوْ قَالَ: وادع، قال: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: {تَهَادَوْا تَزِيدُوا فِي الْقَلْبِ حُبًّا} انْتَهَى. قَالَ ابْنُ طَاهِرٍ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَحَادِيثِ الشِّهَابِ: حَدِيثُ: {تَهَادَوْا تَحَابُّوا} ، رَوَاهُ ضِمَامُ بْنُ إسْمَاعِيلَ، وَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ، فَرَوَى عَنْهُ مُوسَى بْنُ وَرْدَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ حَدِيثَ أَبَا النَّذِيرِ، وَرَوَى عَنْهُ أَبُو قَبِيلٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ لِضِمَامٍ فِيهِ طَرِيقَانِ: عَنْ أَبِي قَبِيلٍ، وَعَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، رواه إسماعيل الرَّاشِدِيُّ بِالْإِسْنَادِ الَّذِي يَأْتِي.

1 أخرجه الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث في النوع العشرين، من علوم الحديث: ص 80.

ص: 120

وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ: فَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي كِتَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ إسْحَاقَ الرَّاشِدِيِّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُد بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "تهادوا تحابو"، انْتَهَى.

وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الوسط حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ثنا يحيى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّكَنِ ثَنَا رَيْحَانُ بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا عَرْعَرَةُ بْنُ الْبِرِنْدِ ثَنَا الْمُثَنَّى أَبُو حَاتِمٍ الْعَطَّارُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْعَيْزَارِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَهَاجِرُوا تُورِثُوا أَوْلَادَكُمْ مَجْدًا، وَأَقِيلُوا الْكِرَامَ عَثَرَاتِهِمْ"، انْتَهَى. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَضْرَمِيِّ ثَنَا إسْحَاقُ بْنُ زَيْدٍ الْخَطَّابِيُّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي دَاوُد ثَنَا الْمُثَنَّى أَبُو حَاتِمٍ الْعَطَّارُ بِهِ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ: فَرَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ1 عَنْ عَطَاءِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْخُرَاسَانِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا، وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ"، انْتَهَى. ذَكَرَهُ فِي أَوَاخِرِ الْكِتَابِ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي الْمُهَاجَرَةِ، وَفِي نُسْخَةٍ الْهِجْرَةِ.

أَحَادِيثُ الْبَابِ: أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ2عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"لَوْ دُعِيت إلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لَأَجَبْته، وَلَوْ أُهْدِيَ إلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْت"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ أَيْضًا3 عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا، انْتَهَى.

حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ4 فِي الْوَلَاءِ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ نَجِيحِ السِّنْدِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"تَهَادَوْا، فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُذْهِبُ وَحَرَ الصَّدْرِ، وَلَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسَنَ شَاةٍ"، انْتَهَى. وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَأَبُو مَعْشَرٍ هَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُضَعِّفُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُوَثِّقُهُ، فَالْحَدِيثُ مِنْ أَجْلِهِ حَسَنٌ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إلَّا مَقْبُوضَةً"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ قَوْلِ النَّخَعِيّ، رَوَاهُ فِي آخِرِ الْوَصَايَا مِنْ مُصَنَّفِهِ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ حَتَّى تُقْبَضَ، وَالصَّدَقَةُ تَجُوزُ قَبْلَ أَنْ تُقْبَضَ، انْتَهَى.

1 عند مالك في أواخر الموطأ باب ما جاء في المهاجرة ص 365.

2 عند البخاري في الهبة باب القليل من الهبة ص 349 ج 1، وفي الأطعمة باب من أجاب إلى كراع ص 778 ج 2.

3 عند البخاري في الهبة باب المكافأة في الهبة ص 352 ج 1.

4 عند الترمذي في الولاء باب ما جاء في حث النبي صلى الله عليه وسلم على الهدية ص 36 ج 2.

ص: 121

وَفِي الْبَابِ آثَارٌ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ1 فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ نَحَلَهَا جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا بِالْعَالِيَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: مَا مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَحَبَّ إلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْك، وَلَا أَعَزَّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْك، وَإِنِّي كُنْت نَحَلْتُك جِدَادَ عِشْرِينَ وَسْقًا، فلو كنت حزيته كَانَ لَك، وَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ: هُمَا أَخَوَاك، وَأُخْتَاك، فَاقْتَسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، قَالَتْ: يَا أَبَتِ وَاَللَّهِ لَوْ كَانَ كَذَا وَكَذَا لَتَرَكْته، إنَّمَا هِيَ أَسْمَاءُ، فَمَنْ الْأُخْرَى؟ قَالَ: ذُو بَطْنٍ بِنْتُ خَارِجَةَ، أَرَاهَا جَارِيَةً، فَوُلِدَتْ جَارِيَةً أَخَوَاهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٌ، وَبِنْتُ خَارِجَةَ هِيَ حَبِيبَةُ بِنْتُ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ زَوْجَةُ أَبِي بَكْرٍ، كَانَتْ ذَلِكَ الْوَقْتَ خَارِجَةٌ، فَوَلَدَتْ أُمَّ كُلْثُومٍ، انْتَهَى. وَعَنْ مَالِكٍ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فِي مُوَطَّأَهُ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعَائِشَةَ: يَا بُنَيَّةَ إنِّي كُنْت نَحَلْتُك نَخْلًا مِنْ خَيْبَرَ، وَإِنِّي أَخَافُ أَنْ أَكُونَ آثَرْتُك عَلَى وَلَدِي، وَإِنَّك لَمْ تكوني حزيته فَرُدِّيهِ عَلَى وَلَدِي، فَقَالَتْ: لَوْ كَانَتْ لِي خَيْبَرُ بجدادها لَرَدَدْتهَا، انْتَهَى.

أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَيْضًا أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدٍ الْقَارِي أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَنْحَلُونَ أَوْلَادَهُمْ، فَإِذَا مَاتَ الِابْنُ قال الأب: مالي وَفِي يَدِي، وَإِذَا مَاتَ الأب، قال: مالي كُنْت نَحَلْت ابْنِي إلَى كذا وكذا، ألا لايحل إلَّا لِمَنْ حَازَهُ وَقَبَضَهُ، انْتَهَى2.

أَثَرٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: زَعَمَ سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ: أَيُّمَا رَجُلٍ نَحَلَ مَنْ قَدْ بَلَغَ الْحَوْزَ، فَلَمْ يَدْفَعْهُ إلَيْهِ، فَتِلْكَ النِّحْلَةُ بَاطِلَةٌ، وَزَعَمَ أَنَّ عُمَرَ أَخَذَهُ مِنْ نَحْلِ أَبِي بَكْرٍ عَائِشَةَ، فَلَمْ يَبْنِهَا بِإِفْرَادِهِ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: حَدِيثُ أَكُلَّ أَوْلَادِكَ نَحَلْت مِثْلَ هَذَا؟، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ3 عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: إنَّ أَبَاهُ أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنِّي نَحَلْت ابْنِي هَذَا غُلَامًا كَانَ لِي، فَقَالَ

1 عند مالك في الموطأ في القضاء باب مالا يجوز من النحل ص 314، وفيه أن أبا بكر نحلها جداد عشرين وسقاً بالغابة، وفي الموطأ لمحمد بن الحسن الشيباني بالعالية كما في التخريج، والله أعلم.

2 قال الإمام محمد في الموطأ في باب النحلى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عثمان ابن عفان قال: من نحل ولداً صغيراً لم يبلغ أن يجوز نحله، فأعلن بها، وأشهد عليها، فهي جائزة، وإن وليها أبوها، قال محمد: وبهذا كله نأخذ، وهو قول أبي حنيفة، والعامة من فقهائنا.

3 عند البخاري في الهبة باب الهبة للولد ص 352 ج 1، وعند مسلم في الهبة باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة ص 36 ج 2، وعند الدارقطني في البيوع ص 306 ج 2.

ص: 122

النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَكُلَّ وَلَدِك نَحَلْته مِثْلَ هَذَا"؟ قَالَ: لَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"فَارْجِعْهُ"، زَادَ مُسْلِمٌ فِي لَفْظٍ:"أَيَسُرُّك أَنْ يَكُونُوا لَك فِي الْبِرِّ سَوَاءٌ"؟ قَالَ بَلَى، قال:"فلا إذن"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ فِي الْهِبَةِ، وَأَبُو دَاوُد في االبيوع، وَالنَّسَائِيُّ فِي النِّحَلِ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ فِي الْأَحْكَامِ أَخْرَجُوهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ، وَفِي لَفْظٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ: أَنَّ الَّذِي نَحَلَهُ أَبُو النُّعْمَانِ لِلنُّعْمَانِ كَانَ حَائِطًا مِنْ نَخْلٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ: الْحَائِطُ هُوَ الْمُخَرَّفُ ذُو النَّخْلِ وَالشَّجَرِ وَالزَّرْعِ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: فِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى أُمُورٍ: مِنْهَا حُسْنُ الْأَدَبِ فِي أَنْ لَا يُفَضِّلَ أَحَدَ بَعْضِ وَلَدِهِ عَلَى بَعْضٍ فِي كُلٍّ، فَيَعْرِضُ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ يَمْنَعُهُ مِنْ بِرِّهِ، لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ جُبِلَتْ عَلَى الْقُصُورِ فِي الْبِرِّ إذَا أُوثِرَ عَلَيْهِ، وَمِنْهَا أَنَّ نَحْلَ الْوَالِدِ بَعْضَ وَلَدِهِ دُونَ بَعْضٍ جَائِزٌ، وَإِلَّا لَكَانَ عَطَاؤُهُ وَتَرْكُهُ سَوَاءٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَقَدْ فَضَّلَ أَبُو بَكْرٍ عَائِشَةَ بِنِحَلٍ، وَفَضَّلَ عُمَرُ ابْنَهُ عَاصِمًا بِشَيْءٍ أَعْطَاهُ، وَفَضَّلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَلَدَ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَمِنْهَا رُجُوعُ الْوَالِدِ فِي هِبَتِهِ لِلْوَلَدِ، انْتَهَى. وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وُجُوبُ التَّسَاوِي بَيْنَ الْوَلَدِ، وَإِنْ نَحَلَ بَعْضَهُمْ وَجَبَ الرُّجُوعُ فِيهِ، أَخْذًا بِظَاهِرِ الْحَدِيثِ، هَكَذَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَاسْتَدَلَّ لِلْقَائِلَيْنِ بِعَدَمِ وجوب الرجوع بِمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "سَاوُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، فَلَوْ كُنْتُ مُفَضِّلًا أَحَدًا لَفَضَّلْتُ النِّسَاءَ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَقَالَ: لَا أَعْلَمُ يَرْوِيهِ عَنْهُ غَيْرُ إسْمَاعِيلَ بْنَ عَيَّاشٍ، وَهُوَ قَلِيلُ الْحَدِيثِ، وَرِوَايَاتُهُ بِإِثْبَاتِ الْأَسَانِيدِ لَا بَأْسَ بِهَا، وَلَا أَعْرِفُ لَهُ شَيْئًا أَنْكَرُ مِمَّا ذَكَرْت مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَسَعِيدُ بْنُ يُوسُفَ تَكَلَّمَ فِيهِ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَالنَّسَائِيُّ، انْتَهَى.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ أَعْمَرَ عُمْرَى فَهِيَ لِلْمُعْمَرِ لَهُ، وَلِوَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا الْبُخَارِيُّ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا عُمْرَى لَهُ وَلِعَقِبِهِ، فَقَدْ قَطَعَ".

قوله: حقه فيها وهي لِمَنْ أُعْمِرَ وَلِعَقِبِهِ، انْتَهَى. وَسَيَأْتِي قَرِيبًا.

ص: 123