الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حِينَ طَابَ، وَحَلَّ، قَالَ: فَخَرَجَ مُعَاذٌ عِنْدَ ذَلِكَ إلَى الشَّامِ، قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِي رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ، يَقُولُ: لَمَّا بَاعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَالَ مُعَاذٍ أَوْقَفَهُ لِلنَّاسِ، فَقَالَ:"مَنْ باع هَذَا شَيْئًا فَهُوَ بَاطِلٌ"، انْتَهَى. أَخْرَجَهُ فِي الْبُيُوعِ، وَبَعْثُ عَلِيٍّ إلَى الْيَمَنِ تَقَدَّمَ فِي أَدَبِ الْقَاضِي، وَلَيْسَ فِيهِ أَيْضًا: أَنَّهُ فَرَضَ لَهُ.
كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام: "من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَمِنْ حَدِيثِ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، وَمِنْ حَدِيثِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
فَحَدِيثُ عَائِشَةَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ1 فِي الْمُزَارَعَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ أَعْمَرَ أَرْضًا لَيْسَتْ لِأَحَدٍ"، فَهُوَ أَحَقُّ قَالَ عُرْوَةُ: قَضَى بِهِ عُمَرُ فِي خِلَافَتِهِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ بِلَفْظِ الْمُصَنِّفِ، فَقَالَ: حدثنا زُهَيْرٌ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ"، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا زَمْعَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا بِلَفْظِ أَبِي يَعْلَى، وَمِنْ طَرِيقِ الطَّيَالِسِيِّ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ، وَلَيَّنَ زَمْعَةَ، وَقَالَ: أَرْجُو أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ: فَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد3 فِي الْخَرَاجِ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْأَحْكَامِ، وَالنَّسَائِيُّ فِي الْمَوَاتِ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ سَعِيدِ
1 عند البخاري في المزارعة في باب من أحيى أرضاً مواتاً ص 314 ج 1، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 157 ج 4، وزاد في رواية، فقال عمر بن عبد العزيز يعني لعروة: تشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا؟ قال: أشهد أن عائشة حدثتني بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأشهد أن عائشة ما كذبتني رواه كله الطبرااني في الأوسط باسنادين في أحدهما عصام بن داود بن الجراح، قال الذهبي: لينه أبو أحمد الحاكم، وبقية رجاله ثقات، انتهى.
2 عند الدارقطني في الأقضية ص 517.
3 عند أبي داود في الخراج في باب إحياء الموات ص 81، وعند الترمذي في الأحكام فيه: ص 178 ج 1.
بْنِ زَيْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِعِرْقٍ ظَالِمٍ حَقٌّ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ هِشَامٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ: عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، إلَّا عَبْدَ الْوَهَّابِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامٍ، انْتَهَى. وَهَذَا الْمُرْسَلُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد1 مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إسْحَاقَ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مِثْلَهُ، وَزَادَ: قَالَ عُرْوَةُ: فَلَقَدْ خَبَّرَنِي الَّذِي حَدَّثَنِي هَذَا الْحَدِيثَ أَنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، غَرَسَ أَحَدُهُمَا نَخْلًا فِي أَرْضِ الْآخَرِ، فَقَضَى لِصَاحِبِ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ، وَأَمَرَ صَاحِبَ النَّخْلِ أَنْ يُخْرِجَ نَخْلَهُ مِنْهَا، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتهَا، فَإِنَّهَا لَتُضْرَبُ أُصُولُهَا بِالْفُؤُوسِ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ أَبُو سَعِيدٍ: فَأَنَا رَأَيْت الرَّجُلَ يَضْرِبُ فِي أُصُولِ النَّخْلِ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ، مُرْسَلًا، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ2 فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ أَخْبَرْنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ، فَذَكَرَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ: فَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ3، وَالنَّسَائِيُّ أَيْضًا، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ"، انْتَهَى. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى. وَفِي لَفْظٍ لِلنَّسَائِيِّ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ، وَمَا أَكَلَتْ الْعَافِيَةُ مِنْهَا، فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ في صحيحه فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي هَذَا الْخَبَرِ دَلِيلٌ عَلَى أن الذمي إذا أحيى أَرْضًا مَيْتَةً لَمْ تَكُنْ لَهُ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَكُونُ إلَّا لِلْمُسْلِمِ، وَأَعَادَهُ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَقَالَ: إنَّ هَذَا الْخِطَابَ إنَّمَا وَرَدَ لِلْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْهُمْ، قَالَ: وَالْعَافِيَةُ طِلَابُ الرِّزْقِ، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، مَرْفُوعًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَمْرٍو: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في معجمه الوسط حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُسَاوِرٍ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاهِبِ الْحَارِثِيُّ ثَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ الزَّنْجِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، انْتَهَى.
1 عند أبي داود في الخراج في باب إحياء الموات ص 82 ج 2.
2 عند مالك في القضاء في عمارة الموات ص 311.
3 عند الترمذي في الأحكام في باب إحياء أرض الموات ص 378 ج 1.
وَأَمَّا حَدِيثُ فَضَالَةَ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ1 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ ثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " الْأَرْضُ أَرْضُ اللَّهِ، وَالْعِبَادُ عِبَادُ اللَّهِ، مَنْ أحيى أَرْضًا مَوَاتًا فَهِيَ لَهُ"، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ: فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْوَسَطِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثَنَا حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُد ثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ الْجُمَحِيُّ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِلَفْظِ حَدِيثِ فَضَالَةَ، وَقَالَ: تَفَرَّدَ بِهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا، بِلَفْظِ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَأَعَلَّهُ بِكَثِيرٍ، وَضَعَّفَهُ عَنْ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنِ مَعِينٍ جِدًّا.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا، بِنَحْوِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ رَبَاحٍ مَوْلَى ابْنِ طَاوُسٍ يُحَدِّثُ عَنْهُ بِالْأَبَاطِيلِ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَسْنَدَ عَنْ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: عُمَرُ بْنُ رَبَاحٍ هُوَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَبْدِيُّ دَجَّالٌ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْ الْفَلَّاسِ، وَوَافَقَهُمَا.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: قَالَ عليه السلام: "لَيْسَ لِلْمَرْءِ إلَّا مَا طَابَتْ بِهِ نَفْسُ إمَامِهِ"، قُلْت: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ السِّيَرِ.
قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ حَقٌّ، قُلْت: رَوَاهُ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ: من أحيى أَرْضًا مَيْتَةً فَهِيَ لَهُ، وَلَيْسَ لِمُحْتَجِرٍ حَقٌّ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ، انْتَهَى. وَالْحَسَنُ بْنُ عُمَارَةَ ضَعِيفٌ، وَسَعِيدٌ عَنْ عُمَرَ فِيهِ كَلَامٌ، وَرَوَى حُمَيْدٍ بْنُ زَنْجُوَيْهِ النَّسَائِيّ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَبَّادٍ ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عن ابن نَجِيحٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَ نَاسًا مِنْ جُهَيْنَةَ أَرْضًا، فَعَطَّلُوهَا وَتَرَكُوهَا، فَأَخَذَهَا قَوْمٌ آخَرُونَ، فَأَحْيَوْهَا، فَخَاصَمَ فِيهَا
1 قال الهيثمي في مجمع الزوائد ص 158 ج 4: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، انتهى.
الْأَوَّلُونَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: لَوْ كَانَتْ قَطِيعَةً مِنِّي، أَوْ مِنْ أَبِي بكر لم أردها، وَلَكِنَّهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ:"مَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ، فَعَطَّلَهَا ثَلَاثَ سِنِينَ، لَا يُعَمِّرُهَا، فَعَمَّرَهَا غَيْرُهُ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا"، انْتَهَى.
قَوْلُهُ: وَفِي الْأَخِيرِ وَرَدَ الْخَبَرُ، قُلْت: قَالَ السِّغْنَاقِيُّ1 فِي الشَّرْحِ الْأَخِيرِ هُوَ حَفَرَ الْبِئْرَ، وَرَدَّ فِيهِ الْخَبَرَ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه السلام:"مَنْ حَفَرَ مِنْ بِئْرٍ مِقْدَارَ ذِرَاعٍ، فَهُوَ مُحْتَجِرٌ"، وَهَذَا الْحَدِيثُ مَا رَأَيْته، وَلَا أَعْرِفُهُ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ.
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: قَالَ عليه السلام: "مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ مِمَّا حَوْلَهَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ"، قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.
فَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ: أَخْرَجَهُ ابن ماجه في سنننه2 عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ ثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فَلَهُ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، عَطَنًا لِمَاشِيَتِهِ"، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ بِالسَّنَدِ الْأَوَّلِ فَقَطْ، وَضَعَّفَهُ، فَقَالَ: وَعَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ قَالَ الرَّازِيُّ: كَانَ يَكْذِبُ، وَقَالَ الْعُقَيْلِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهَذَا الَّذِي فَعَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَقْبَحِ الْأَشْيَاءِ، لِأَنَّ ابْنَ مَاجَهْ أَخْرَجَهُ مِنْ رِوَايَةِ اثْنَيْنِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، فَذَكَرَهُ، هُوَ مِنْ رِوَايَةِ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ إنَّهُ وَهَمَ فِيهِ، فَإِنَّ عَبْدَ الْوَهَّابِ هَذَا هُوَ الْخَفَّافُ، وَهُوَ صَدُوقٌ مِنْ رِجَالِ مُسْلِمٍ، وَاَلَّذِي نَقَلَ فِيهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ هُوَ ابْنُ الضَّحَّاكِ، وَهُوَ مُتَأَخِّرٌ عَنْ الْخَفَّافِ، مع أن الخفاف لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ إسْمَاعِيلَ ، وَلَكِنْ يَكْفِي فِي تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ إسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْمَكِّيُّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، قُلْت: صَرَّحَ بنسبة الخفاف إسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ الْخَفَّافُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ بِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ إسْحَاقَ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، وَأَمَّا تَضْعِيفُهُ بِإِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ فَقَدْ تَابَعَهُ أَشْعَثُ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، نَحْوَهُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْجَوْزِيِّ إنَّمَا تَمَحَّلَ فِي تَضْعِيفِ هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّهُ احْتَجَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ عَلَى أَحْمَدَ
1 السغناقي هو حسين بن علي بن حجاج بن علي الإمام الملقب بحسام الدين الحنفي، شارح الهداية فرغ منه على ما قال هو: في أواخر ربيع الأول سنة سبعمائة، والسغناق: بلدة بتركستان، كذا في الجواهر المضيئة.
2 عند ابن ماجه في باب حريم البئر ص 181.
فِي قَوْلِهِ: إنَّ حَرِيمَهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَاحْتُجَّ لِأَحْمَدَ بِحَدِيثٍ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْمُقْرِي ثَنَا إسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ ثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي عَبْلَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَرِيمُ الْبِئْرِ الْبَدِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا"، انْتَهَى. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: الصَّحِيحُ مُرْسَلٌ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَنْ أَسْنَدَهُ فَقَدْ وَهَمَ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْمُقْرِي، وَضَعَ نَحْوًا مِنْ سِتِّينَ نُسْخَةً، وَوَضَعَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمُسْنَدَةِ، وَالنُّسَخِ مَا لَا يُضْبَطُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ مُرْسَلًا، وَهُوَ الصَّوَابُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا هُشَيْمِ عَنْ عَوْفٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَرِيمُ الْبِئْرِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا مِنْ جَوَانِبِهَا كُلِّهَا لِأَعْطَانِ الْإِبِلِ، وَالْغَنَمِ، وَابْنِ السَّبِيلِ، أَوْ الشَّارِبِ، وَلَا يَمْنَعُ فَضْلَ مَاءٍ، لِيَمْنَعَ بِهِ الْكَلَأَ"، انْتَهَى.
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ: قَالَ عليه السلام: "حَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ، وَحَرِيمُ بِئْرِ الْعَطَنِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ بِئْرِ النَّاضِحِ سِتُّونَ ذِرَاعًا"، قُلْت: غَرِيبٌ، وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيلِهِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ بِئْرِ الْبَدِيِّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا"، قَالَ سَعِيدٌ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ: وحريم قليب الزرع ثلثمائة ذِرَاعٍ، وَزَادَ الزُّهْرِيُّ: وَحَرِيمُ الْعَيْنِ خَمْسُمِائَةِ ذِرَاعٍ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، فَهَذَا حَرِيمُ مَا يَأْذَنُ بِهِ السُّلْطَانُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَوْمُ فِي أَرْضٍ أَسْلَمُوا عَلَيْهَا وَابْتَاعُوهَا، انْتَهَى. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي أَثْنَاءِ الْبُيُوعِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَذَكَرَهُ بِدُونِ زِيَادَةِ الزُّهْرِيِّ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ فِي أَوَاخِرِ الْبُيُوعِ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَرِيمَ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمَ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسِينَ ذِرَاعًا، قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ: وَأَرَى أَنَا حَرِيمَ بِئْرِ الزَّرْعِ ثلثمائة ذِرَاعٍ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ2 عَنْ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "حَرِيمُ الْبِئْرِ الْبَدِيِّ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ العين السائحة ثلثمائة
1 عند الدارقطني في الأقضية ص 518.
2 عند الدارقطني في الأقضية ص 518.
ذِرَاعٍ، وحريم عين الزرع ثلثمائة ذِرَاعٍ"، انْتَهَى. وَابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ضَعِيفٌ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ الْمُقْرِي ثَنَا إسْحَاقُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي الْخَصِيبِ ثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عن إبراهيم بن عَبْلَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلٌ، وَمَنْ أَسْنَدَهُ فَقَدْ وَهَمَ، انْتَهَى. وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ1 فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "حَرِيمُ قَلِيبِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذراعاً، وحرريم قَلِيبِ الْبَادِي خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا"، انْتَهَى. قَالَ: وَأَسْنَدَهُ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: "حَرِيمُ الْبِئْرِ الْعَادِيَّةِ خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَحَرِيمُ الْبِئْرِ الْمُحْدَثَةِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ ذِرَاعًا"، انْتَهَى. وَسَكَتَ عَنْهُ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ: وَالْمُرْسَلُ أَشْبَهُ.
قَوْلُهُ: وَهُوَ مُقَدَّرٌ بِخَمْسَةِ أَذْرُعٍ، بِهِ وَرَدَ الْحَدِيثُ يَعْنِي حَرِيمَ الشَّجَرَةِ الَّتِي تُغْرَسُ فِي أَرْضِ الْمَوَاتِ، قُلْت: أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ2 فِي آخِرِ الْأَقْضِيَةِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي طوالة، وعمرو بْنِ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: اخْتَصَمَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلَانِ فِي حَرِيمِ نَخْلَةٍ، فِي حَدِيثِ أَحَدِهِمَا: فَأَمَرَ بِهَا فَذُرِعَتْ، فَوُجِدَتْ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ، وَفِي حَدِيثِ الْآخَرِ: فَوُجِدَتْ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ، فَقَضَى بذاك، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: فَأَمَرَ بِجَرِيدَةٍ مِنْ جَرِيدِهَا، فَذُرِعَتْ، انْتَهَى. سَكَتَ عَنْهُ أَبُو دَاوُد، ثُمَّ الْمُنْذِرِيُّ بَعْدَهُ، وَرَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ3 وَلَفْظُهُ: قَالَ: اخْتَصَمَ رَجُلَانِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي نَخْلَةٍ، فَقَطَعَ مِنْهَا جَرِيدَةً، ثُمَّ ذَرَعَ بِهَا النَّخْلَةَ، فَإِذَا فِيهَا خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، فَجَعَلَهَا حَرِيمَهَا، انْتَهَى. وَمِنْ جِهَةِ الطَّحَاوِيِّ ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ، قَالَ: قَالَ أَبُو دَاوُد: خَمْسَةُ أَذْرُعٍ، أَوْ سَبْعَةٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ4 فِي كِتَابِ الْأَحْكَامِ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ إسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى فِي النَّخْلَةِ أَنَّ حَرِيمَهَا مَبْلَغُ جَرِيدِهَا، انْتَهَى. وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابِتٍ الْعَبْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ حَرِيمَ النَّخْلَةِ مَدَّ جَرِيدِهَا، انْتَهَى.
1 في المستدرك في الأحكام ص 97 ج 4.
2 عند أبي داود في آخر الأقضية ص 156 ج 2.
3 قال الطحاوي: المراد به النخلة التي تغرس في الموات، فيتملكه بأمر الامام، أو يتملكه من غير إذن بمجرد الاحياء، كما هو مذهب الشافعي، ومالك، وغيرهما، فيستحق بذلك ما لا تقوم النخلة إلا به، وهو الحريم الذي جعل لها في الحديث، اهـ. نقلاً من المعتصر باب حريم النخلة ص 244.
4 في المستدرك في الأحكام ص 97 ج 4.
وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَرِيمِ النَّخْلَةِ طُولَ عَسِيبِهَا، انْتَهَى.
فَصْلٌ فِي الْمِيَاه
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ: قَالَ عليه السلام: " النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّارِ"،
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ رَجُلٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
فَحَدِيثُ الرَّجُلِ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ1 فِي الْبُيُوعِ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِي خداش ابن حِبَّانَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا، أَسْمَعُهُ يَقُولُ:"الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْكَلَإِ، وَالْمَاءِ، وَالنَّارِ"، انْتَهَى. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ فِي الْأَقْضِيَةِ، وَأَسْنَدَ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُمَا قَالَا فِي حَرِيزٍ: ثِقَةٌ، وَذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ مِنْ جِهَةِ أَبِي دَاوُد، قَالَ: لَا أَعْلَمُ رَوَى عَنْ أَبِي خِدَاشٍ إلَّا حَرِيزُ بْنَ عُثْمَانَ، وَقَدْ قِيلَ فِيهِ: مَجْهُولٌ، انْتَهَى. قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كُلُّهُمْ ثِقَاتٌ، وَتَرْكُ ذِكْرِ أَسْمَائِهِمْ فِي الْإِسْنَادِ لَا يَضُرُّ إنْ لَمْ يُعَارِضْهُ ما هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَأَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ فِي الْأَحْكَامِ عَنْ عبد الله بن خداش عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّارِ، وَثَمَنُهُ حَرَامٌ"، انْتَهَى. قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: عَبْدُ اللَّهِ بن خداش عَنْ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَضَعَّفَهُ أَيْضًا أَبُو زُرْعَةَ، وَقَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ: ذَاهِبُ الْحَدِيثِ، انتهى كلامه. وأقرره ابْنُ الْقَطَّانِ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إسْحَاقَ التُّسْتَرِيُّ ثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ عَنْ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ، وَالْكَلَإِ، وَالنَّارِ"، انْتَهَى.
فَصْلٌ فِي كَرْيِ الْأَنْهَارِ
قَوْلُهُ: عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ قَالَ: لَوْ تُرِكْتُمْ لَبِعْتُمْ أَوْلَادَكُمْ، قُلْت: غَرِيبٌ.
1 عند أبي داود في باب منع الماء ص 135 ج 2.