الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْخَمْرِ بِيَدِهِ فِي أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي أَحَادِيثِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَهَذَا صَرِيحٌ في الغليظ، لِأَنَّ فِيهِ إتْلَافَ مَالِ الْغَيْرِ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ إرَاقَةُ الدِّنَانِ، وَالزِّقَاقِ، وَتَطْهِيرُهَا، وَلَكِنْ قَصَدَ بِإِتْلَافِهَا التَّشْدِيدَ، لِيَكُونَ أَبْلَغَ فِي الرَّدْعِ، وقد روي عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَحْرَقَ بَيْتَ خَمَّارٍ، كَمَا رَوَاهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ1 أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ حَرَّقَ بَيْتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ، وَكَانَ حَانُوتًا لِشَرَابٍ، قَالَ: فَقَدْ رَأَيْته يَلْتَهِبُ نَارًا، انْتَهَى. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَوَّضَ الْأَيْتَامَ عَنْ خَمْرِهِمْ مَالًا، كَمَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى الْمَوْصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ2 حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ حُمَيْدٍ الْكُوفِيُّ ثَنَا يَعْقُوبُ الْعَمِّيُّ عَنْ عِيسَى بْنِ جَارِيَةَ عَنْ جَارِيَةَ، فَذَكَرَهُ، وَفِيهِ قَالَ: إذَا أَتَانَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ فَأْتِنَا، نُعَوِّضْ أَيْتَامَك مَالَهُمْ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي أَحَادِيثِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ.
1 عند ابن سعد في طبقاته في ترجمة عمر ص 202 في القسم الأول، من الجزء الثالث.
2 وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ص 89 ج 4، وقال: وقد تقدم الكلام في عيسى بن جارية، انتهى.
كِتَابُ الصَّيْدِ
إرسال الكلب المعلم
…
كتاب الصيد
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: قَالَ عليه السلام لِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: "إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَك الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ شَارَكَ كَلْبَك كَلْبٌ آخَرَ فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ إنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِك، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبِ غَيْرِك"، قُلْت: أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ3 عَنْهُ، قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي، وَأُسَمِّي فَقَالَ:"إذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَك وَسَمَّيْتَ، فَأَخَذَ فَقَتَلَ فَكُلْ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ"، قُلْتُ: إنِّي أُرْسِلُ كَلْبِي فَأَجِدُ مَعَهُ آخَرَ، لَا أَدْرِي أَيُّهُمَا أَخَذَهُ، فَقَالَ:"لَا تَأْكُلْ، فَإِنَّمَا سَمَّيْتَ عَلَى كَلْبِك، وَلَمْ تُسَمِّ عَلَى كَلْبٍ آخَرَ"، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: اُسْتُدِلَّ لِمَالِكٍ فِي إبَاحَةِ مَا أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ بِحَدِيثَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد4 عَنْ دَاوُد بْنِ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيِّ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي إدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فِي صَيْدِ الْكَلْبِ:"إذَا أَرْسَلْت كَلْبَك، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ، وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ، وَكُلْ مَا رَدَّتْ عَلَيْك يَدُك"، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: إسْنَادُهُ حَسَنٌ.
3 عند البخاري في الذبح والصيد في باب إذا وجد مع الصيد كلباً آخرص 824 ج 2 وعند مسلم في الصيد ص 145 ج 2، وكذا عند الأربعة فيه.
4 عند أبي داود في الضحايا ص 38 ج 2.
الْحَدِيثُ الثَّانِي: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ1 عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ: لَهُ أَبُو ثَعْلَبَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ لِي كلاباً مكلبة، فأفتني ففي صَيْدِهَا، فَقَالَ:"إنْ كَانَتْ لَك كِلَابٌ مُكَلَّبَةٌ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْك" قَالَ: ذَكِيٌّ، وَغَيْرُ ذَكِيٍّ؟ قَالَ:" ذَكِيٌّ، وَغَيْرُ ذَكِيٍّ"، قَالَ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ؟ قَالَ: "وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ"، قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفْتِنِي فِي قَوْسِي، قَالَ:" كُلْ مَا رَدَّ عَلَيْك قَوْسُك"، قَالَ: ذَكِيٌّ، وَغَيْرُ ذَكِيٍّ؟ قَالَ:"ذَكِيٌّ، وَغَيْرُ ذَكِيٍّ"، قَالَ: وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنِّي؟ قَالَ: "وَإِنْ تَغَيَّبَ عَنْك مَا لَمْ يَصِلْ2 أَوْ تَجِدْ فِيهِ أَثَرًا غَيْرَ سَهْمِك"، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ، قَالَ: وَقَدْ يُجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ بِأَنَّهُ عَلَّلَ التَّحْرِيمَ فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ بِكَوْنِهِ أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَفِي حَدِيثِ دَاوُد، وَعُمَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَبَاحَهُ لِكَوْنِهِ أَكَلَ مِنْهُ بَعْدَ انْصِرَافِهِ، انْتَهَى. قُلْت: يُعَكَّرُ هَذَا بِمَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ فِي تَرْجَمَةِ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ الدَّهَّانِ ثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا أَدْرَكْت كَلْبَك، وَقَدْ أَكَلَ نِصْفَهُ فَكُلْ"، انْتَهَى. وَقَالَ: غَرِيبٌ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ الْفُضَيْلِ عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ: وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ، فَلَا تَأْكُلْ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ لِأَحْمَدَ فِي تَحْرِيمِهِ أَكْلَ صَيْدِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ: أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ3 عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مغفل، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ، لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا، فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ"، انْتَهَى. وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: قَالَ أَحْمَدُ: الْحَسَنُ سَمِعَ مِنْ ابْنِ الْمُغَفَّلِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: فَأَمْرُهُ بِقَتْلِهِ، نَهْيٌ عَنْ إمْسَاكِهِ وَالِاصْطِيَادِ بِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَحَدِيثُ أَبِي ثَعْلَبَةَ مُخْرَجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْأَكْلِ، وَحَدِيثُ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ إذَا أَكَلَ مِنْهُ الْكَلْبُ، فَلَا تَأْكُلْ، أَصَحُّ مِنْ حَدِيثِ دَاوُد، وَحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، انْتَهَى.
1 عند الدارقطني في الصيد والذبائح ص 548، وعند أبي داود في الضحايا ص 38 ج 2.
2 قال في النهاية ص 296 ج 2: كل ما رد عليك قوسك ما لم يصلّ، أي ما لم ينتن، يقال: صلّ اللحم، وأصل هذا على الاستحباب، فإنه يجوز أكل اللحم المتغير الريح، إذ كان ذكياً، انتهى.
3 عند الترمذي في الصيد في باب ما جاء في قتل الكلاب ص 192 ج 1 وعند النسائي في الصيد في باب صفة الكلاب التي أمر بقتلها ص 193 ج 2، وعند ابن ماجه في الصيد في باب النهي عن اقتناء الكلب ص 238، وعند أبي داود في الذبائح في باب اتخاذ الكلب للصيد وغيره ص 37 ج 2.