الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ربيع الآخر]
[سقوط منارة الحسنيّة]
وفي ربيع الآخر سقطت أحد (1) منارتي المدرسة الحسنيّة، وهلك تحتها نحوا (2) من ثلاثماية من أطفال المسلمين الأيتام وغيرهم، ممّن كان بالمكتب الحسني، فتشاءم (3) بذلك. وتطيّروا بزوال السلطان، وكان كذلك.
وعمل بعض الشعراء أبياتا للسلطان تسلية ممّا وقع النظر فيه (4).
[جماد الأول]
تولية الملك المنصور وقتل السلطان حسن
وفي جماد الأول كان ما تطيّر الناس به من زوال السلطان. وكان يلبغا قد فخّم أمره، وبلغ السلطان عنه / 67 أ / أنه يريد الوثوب عليه، وأنه لا يدخل عليه إلاّ وهو لابس آلة الحرب تحت ثيابه.
واتّفق أن كان السلطان بسرحة الأهرام، فاستدعا (5) بيلبغا في خلوة والسلطان مع حريمه، وأن ينزع ثيابه عنه، فنزعت، ثم كتّفت يداه. فشفعت إحدى حظايا السلطان منه، فحلّ عنه لأمر أراده الله (تعالى)(6)، واعتذر إليه بأنه بلغه عنه ما ذكرناه، ثم خلع عليه فخرج إلى مخيّمه وقد اشتدّ حنقه وحقد على أستاذه، فلم يمض سوى ثلاثة أيام حتى ركب بآلة الحرب مع مماليكه، وأظهر الخروج عن طاعة أستاذه. وكان أستاذه أراد أن يبادر بالركوب إليه ليأخذه قبل ركوبه، فاتفق أن ركب هو أيضا، والتقى عسكره بعسكره بعد غروب الشمس، فلم يثبت السلطان حتى انهزم إلى شاطيء النيل، وعدّى صاعد (7) القلعة وقد تفرّقت مماليكه. ثم لم يجد معينا لكون الخيول مرتبطة بالربيع، فأضمر التوجّه إلى الشام، ونزل متنكّرا.
وجرت أمور آلت إلى قبض يلبغا عليه هو وأيدمر الدوادار من دار موسى، ومضى بهما في الحال إلى داره فوق جبل الكبش، ووكّل بهما من يثق به، وعاد إلى القلعة،
(1) الصواب: «إحدى» .
(2)
الصواب: «نحو» .
(3)
في الأصل: «فتشام» .
(4)
البداية والنهاية 14/ 277، وتاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 180، ووجيز الكلام 1/ 113، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 575.
(5)
الصواب: «فاستدعى» .
(6)
كتبت فوق السطر.
(7)
الصواب: «وعدا صاعدا» .
وأعلم من امتنع بها، فأخذه السلطان وحبسه بداره، فسلّمها في الحال، ومعه طيبغا الطويل أمير سلاح، وملكتمر المارداني، وأشقتمر أمير مجلس، وآخرين (1) من الأمراء، فاشتوروا بينهم فيمن يقام في السلطنة، حتى وقع الاختيار على محمد بن المظفّر حاجي، فاستدعوا القضاة والخليفة، وأحضر محمد المذكور فبايعه الخليفة ومن حضر. وعمره إذ ذاك نحو أربع عشرة سنة، وأفيض عليه شعار السلطنة، وأركب إلى الإيوان، فأجلس على سرير الملك، وقام الكلّ بين يديه، ولقّب بالمنصور (2). وهو أول سلطان تسلطن من أولاد أولاد الناصر محمد بن قلاون
[244]
- وقام الأمير يلبغا بتدبير المملكة، وقتل أستاذه حسن (3)، فيقال ذبحه بعد أن عاقبه.
ويقال: مات تحت العقوبة.
ويقال: إنه دفن بمصطبة بدار يلبغا.
وقيل: بل بكيمان مصر.
وزال ملكه كأنه لم يكن.
وكان سنّه دون الثلاثين سنة.
وكانت مدّة سلطنته أولا وثانيا عشرة (4) سنين وأربعة أشهر.
وكان ملكا جليلا، حسن الرأي والتدبير عفيفا عن الزنا واللواط وشرب المسكرات.
ومن آثاره تربة بناها بالقرافة جليلة. والمدرسة المعظّمة التي لم يبن مثلها في الإسلام.
وكانت سلطنة المنصور في يوم الأربعاء تاسع جماد الأول. وأظنّ أنّ فيه قتل.
(1) الصواب: «وآخرون» .
(2)
انظر عن (السلطان المنصور) في: البداية والنهاية 14/ 278، وذيل العبر للحسيني 339، والجوهر الثمين 2/ 213، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 47 ب، وذيل العبر للعراقي 1/ 49، 50، وتاريخ ابن قاضي شهبة 181، والسلوك ج 3 ق 1/ 60 - 63، وتذكرة النبيه 3/ 240، والنجوم الزاهرة 10/ 312 و 11/ 3، ووجيز الكلام 1/ 114، 115، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 576، 577.
(3)
انظر عن (السلطان حسن) في: البداية والنهاية 14/ 278، وذيل العبر للحسيني 339، والجوهر الثمين 2/ 214، 215، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 47 ب، وتاريخ ابن قاضي شهبة 3/ 182 و 191، والذيل على العبر للعراقي 1/ 49، 50، والنجوم الزاهرة 15/ 313 - 318 و 11/ 7، 8، والدرر الكامنة 2/ 38 - 40 رقم 1560، ووجيز الكلام 1/ 115، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 577 - 580.
(4)
الصواب: «عشر» .