الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[وفاة أخي السلطان]
[52]
- وفيه مات يوسف بن الناصر (1) محمد بن قلاون أخو السلطان، واتّهم بأنه هو الذي قتله، وتنكّر عليه أمراؤه، فأعاد هو أيضا حركة (سفر)(2) الحجاز. وكان ذلك سببا مفضيا إلى قتله.
[خلاف السلطان مع أمرائه]
وكان قد بعث يلبغا اليحياوي نائب الشام يسأل السلطان في أن يترك حركة سفر الحجاز لأمور يبديها له، منها: اشتداد الغلاء على الناس، إلى غير ذلك من أشياء. وقام أمراء مصر في ذلك حتى ترك، فلم يعجب ذلك نساء السلطان. ولا / 13 ب / زالوا به حتى أعاد قصده. وكتب إلى الشام أنه لا بدّ من سفره، فأعادوا الطلب على الناس بسبب تجهيز الإقامات وغير ذلك ممّا يحتاج إليه السلطان. فلما رأى الأمراء ذلك سألا (3) العلائي والحجازي في أن يكلّما السلطان عساه يثني عزمه عن ذلك، فلما كلّماه حنق حنقا زائدا واشتدّ غضبه، وأطلق لسانه، فما زالا به حتى سكن غضبه. ثم أمر الأمراء كلهم بالتأهّب للسفر، فاشتدّ الأمر على الناس.
وبلغ (ذلك)(4) يلبغا نائب الشام، فتنكّر على السلطان. وبلغ السلطان ذلك، فكثرت الإشاعة بأنّ السلطان قصد القبض على يلبغا، وكان اشتدّ أمره.
وفيه لما بلغ يلبغا اليحياوي هذه الماجريات والإشاعات أخذ في الاحتراز على نفسه، وجمع أمراء دمشق وحلّفهم لنفسه على القيام معه (5).
[جماد الأول]
[خروج أمراء الشام عن طاعة السلطان]
وفي جماد الأول أعلن يلبغا بدمشق بالخروج عن طاعة السلطان (شعبان)(6). وركب مبرّزا إلى ظاهر دمشق، وأنشأ هناك قبّة مشهورة بقبّة يلبغا وهي معروفة في محلّها. ولما نزل هناك حضر إليه جماعة من نواب البلاد الشامية كنائب حمص، وحماه، وطرابلس، وصفد، وكتبوا بخلع الكامل. وكتب نائب الشام إلى السلطان يقول له: «إنّني
(1) السلوك ج 2 ق 3/ 707، الدرر الكامنة 4/ 472، 473 رقم 1299.
(2)
كتبت فوق السطر.
(3)
الصواب: «سألوا» .
(4)
كتبت فوق السطر.
(5)
السلوك ج 2 ق 3/ 707، 708، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 37 ب.
(6)
كتبت فوق السطر.
من جملة الأوصياء عليك، وإنّ ممّا قاله الشهيد، يعني الملك الناصر محمد لي وللأمراء في وصيّته إذا أقمتم أحدا من أولادي ولم ترضوا سيرته خذوا برجله وأخرجوه وأقيموا غيره. وأنت أفسدت المملكة، وأفقرت الناس من الأمراء والأجناد، وقتلت أخاك، وقبضت على أكابر أمراء السلطان الشهيد، واستقلت عن الملك بلهوك بالنساء وشرب الخمر، وصرت تبيع أخباز الأجناد إلى غير ذلك من أشياء عدّدها في مكاتبته. فلما وردت عليه وقرأها تغيّر مزاجه تغيّرا كبيرا، وأوقف عليها العلائيّ زوج أمّه فقط. فقال:«والله كنت أخشى هذا» .
وكتب الجواب إلى نائب الشام يتلطّف له بالقول، وأخرج إليه منجك على البريد ليردّه عمّا عزم عليه من قصده، ويكشف له عن أحوال الأمراء.
ثم كتب إلى الأعمال بإبطال حركة الحجّ. وكثرت الإشاعات بالقاهرة بخروج نائب الشام، حتى بلغ الأمراء والمماليك، فأشار العلائي على السلطان بإعلام الأمراء بالحال، فطلبوا / 14 أ / إلى القلعة، وأخذ رأيهم. فوقع الاتفاق على خروج العسكر إلى الشام مع أرقطاي، فعيّن السلطان تجريدة فيها عدّة من الأمراء وهم ستة من المقدّمين ألوف، ومن الطبلخانات أربعين (1) أميرا، ومن العشرات عشرين (2)، ومن مقدّمي الحلقة أربعين (3). وحملت إليهم النفقات، وساروا وهم في الحقيقة مع نائب الشام.
وقبض نائب الشام على منجك وسجنه بدمشق، وجرت أمور مطوّلة.
وبعث السلطان أخويه حسين وأمير حاج فتمنّعا (4). وبلغ العلائي والحجازي ما أوجب تنكّرهما على السلطان، وكذا المماليك. وفسد حال السلطنة. واتفق الجيش بأجمعهم مع نائب الشام، وكاتبه غالبهم.
ثم ألحّ السلطان في إحضار إخوته حسين وحاجّي إليه، فأحضرا، ووكّل بهما، وقام العزاء بدورهما، وهمّ الجند بالركوب للحرب، وكثرت الإشاعات والأراجيف (5).
(1) الطواب: «أربعون» .
(2)
الصواب: «عشرون» .
(3)
الصواب: «أربعون» .
(4)
في الأصل: «فمنعانه» .
(5)
ذيل العبر 254، 255، البداية والنهاية 14/ 219، الجوهر الثمين 2/ 186، وتاريخ الدولة التركية، ورقة 38 أ، ب، وتاريخ ابن الوردي 2/ 343، 344، وتاريخ ابن سباط 2/ 682، بدائع الزهور ج 1 ق 1/ 508، السلوك ج 2 ق 3 / ج 2 ق 3/ 708 - 711، ووجيز الكلام 1/ 21.