المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الباب الثامن في صلاة العيدين] - بداية المجتهد ونهاية المقتصد - جـ ١

[ابن رشد الحفيد]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَةُ الْمُؤَلِّفِ]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ مِنَ الْحَدَثِ] [

- ‌كِتَابُ الْوُضُوءِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي مَعْرِفَةُ أَعْمَالِ الْوُضُوءِ]

- ‌[الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْمِيَاهِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ وَهُوَ مَعْرِفَةُ الْأَفْعَالِ الَّتِي تُشْتَرَطُ هَذِهِ الطَّهَارَةُ فِي فِعْلِهَا]

- ‌[كِتَابُ الْغُسْلِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ نَوَاقِضِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي أَحْكَامِ هَذَيْنِ الْحَدَثَيْنِ الْجَنَابَةَ وَالْحَيْضَ]

- ‌[أَحْكَامُ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنَ الرَّحِمِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ أَنْوَاعُ الدِّمَاءِ الْخَارِجَةِ مِنَ الرَّحِمِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ وَهُوَ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ الْحَيْضِ وَالِاسْتِحَاضَةِ]

- ‌[كِتَابُ التَّيَمُّمِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الطَّهَارَةِ الَّتِي هَذِهِ الطَّهَارَةُ بَدَلٌ مِنْهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تَجُوزُ لَهُ هَذِهِ الطَّهَارَةُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ جَوَازِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِيمَا تُصْنَعُ بِهِ هَذِهِ الطَّهَارَةُ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي نَوَاقِضِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي هَذِهِ الطَّهَارَةُ شَرْطٌ فِي صِحَّتِهَا أَوْ فِي اسْتِبَاحَتِهَا]

- ‌[كِتَابُ الطَّهَارَةِ مِنَ النَّجَسِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ هَذِهِ الطَّهَارَةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ أَنْوَاعِ النَّجَاسَاتِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْمَحَالِّ الَّتِي تُزَالُ عَنْهَا النَّجَاسَاتُ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تُزَالُ بِهِ النجاسات]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الصِّفَةُ الَّتِي بِهَا تَزُولُ النجاسات]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي آدَابِ الِاسْتِنْجَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ] [

- ‌الْجُمْلَةُ الْأُولَى فِي مَعْرِفَةِ وُجُوبِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّانِيَةُ فِي الشُّرُوطِ شُرُوطُ الصَّلَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ أَوْقَاتِ الصلاة]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَوْقَاتِ الْمَأْمُورِ بِهَا]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْقَاتُ الصلاة الْمُوَسَّعَةُ وَالْمُخْتَارَةُ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ أَوْقَاتُ الضَّرُورَةِ وَالْعُذْرِ للصلاة]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهَا]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ الْأَذَانُ]

- ‌[الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي فِي صِفَةِ الْأَذَانِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي حُكْمُ الْأَذَانِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّالِثُ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَقْتُ الْأَذَانِ]

- ‌[الْقِسْمُ الرَّابِعُ مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ فِي شُّرُوطِ الأذان]

- ‌[الْقِسْمُ الْخَامِسُ فِيمَا يَقُولُهُ السَّامِعُ لِلْمُؤَذِّنِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ الثَّانِي مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْإِقَامَةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فِي الْقِبْلَةِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ وَاللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ سَتْرُ الْعَوْرَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْبَابِ الرَّابِعِ فِيمَا يُجْزِئُ فِي اللِّبَاسِ فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلَاةِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يُصَلَّى فِيهَا]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ فِي مَعْرِفَةِ التُّرُوكِ الَّتِي هِيَ شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي مَعْرِفَةِ النِّيَّةِ وَكَيْفِيَّةِ اشْتِرَاطِهَا فِي الصَّلَاةِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ أَرْكَانُ الصَّلَاةِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ الْحَاضِرِ الْآمِنِ الصَّحِيحِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي أَقْوَالِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ أَرْكَان في الصلاة]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ] [

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ شُرُوطِ الْإِمَامَةِ وَمَنْ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَأَحْكَامِ الْإِمَامِ الْخَاصَّةِ بِهِ]

- ‌[أَحْكَامُ الْإِمَامِ الْخَاصَّةِ بِهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَقَامِ الْمَأْمُومِ مِنَ الْإِمَامِ وَالْأَحْكَامِ الْخَاصَّةِ بِالْمَأْمُومِينَ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي مَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَأْمُومِ أَنْ يَتْبَعَ فِيهِ الْإِمَامَ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي صِفَةِ اتِّبَاعِ المأموم للإمام]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ فِيمَا يَحْمِلُهُ الْإِمَامُ عَنِ الْمَأْمُومِينَ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّابِعُ فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي إِذَا فَسَدَتْ لَهَا صَلَاةُ الْإِمَامِ يَتَعَدَّى الْفَسَادُ إِلَى الْمَأْمُومِينَ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ في حكم الصلاة]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ وَمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي شُرُوطِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي أَرْكَان الجمعة]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي أَحْكَامِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صَلَاةِ السَّفَرِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي الْقَصْرِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي الْجَمْعِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ مِنَ الْجُمْلَةِ الثَّالِثَةِ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ]

- ‌[الْجُمْلَةُ الرَّابِعَةُ فِي قَضَاءِ الصَّلَاةِ وَجَبْرِ مَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ خَلَلٍ]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي الْإِعَادَةِ مُفْسِدَاتِ الصَّلَاةِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي قَضَاء الصلاة]

- ‌[عَلَى مَنْ يَجِبُ قضَاء الصلاة]

- ‌[صِفَةُ قَضَاءِ الصلاة]

- ‌[قَضَاءُ جُمْلَةِ الصَّلَاةِ]

- ‌[قَضَاءُ بَعْضِ الصَّلَاةِ]

- ‌[قَضَاءُ بَعْضِ الصَّلَاةِ بِسَبَبِ النِّسْيَانِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ مِنَ الْجُمْلَةِ الرَّابِعَةِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[السُّجُودُ الَّذِي يَكُونُ لِلنِّسْيَانِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي مَعْرِفَةِ حُكْمِ السُّجُودِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِي مَعْرِفَةِ مَوَاضِعِ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي مَعْرِفَةِ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ الَّتِي يَسْجُدُ لَهَا]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ سُجُودِ السَّهْوِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ]

- ‌[الْفَصْلُ السَّادِسُ بِمَاذَا يُنَبِّهُ الْمَأْمُومُ الْإِمَامَ السَّاهِيَ]

- ‌[السُّجُودُ الَّذِي يَكُونُ لِلشَّكِّ]

- ‌[كِتَابُ الصَّلَاةِ الثَّانِي]

- ‌[الْبَابُ الْأَوَّلُ الْقَوْلُ فِي الْوِتْرِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي النَّوَافِلِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي رَكْعَتَيْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[الْبَابُ السَّابِعُ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[الْبَابُ التَّاسِعُ فِي سُجُودِ الْقُرْآنِ]

- ‌[كِتَابُ أَحْكَامِ الْمَيِّتِ] [

- ‌الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ عِنْدَ الِاحْتِضَارِ وَبَعْدَهُ]

- ‌[الْبَابُ الثَّانِي فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حُكْمِ الْغُسْلِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يَجِبُ غُسْلُهُ مِنَ الْمَوْتَى]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِيمَنْ يَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَ الْمَيِّتَ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْغُسْلِ]

- ‌[الْبَابُ الثَّالِثُ فِي الْأَكْفَانِ]

- ‌[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي صِفَةِ الْمَشْيِ مَعَ الْجَنَازَةِ]

- ‌[الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْجَنَازَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّانِي فِيمَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ وَمَنْ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ]

- ‌[الْفَصْلُ الثَّالِثُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌[الْفَصْلُ الرَّابِعُ فِي مَوَاضِعِ صلاة الجنازة]

- ‌[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي شُرُوطِ الصَّلَاةِ عَلَى الْجَنَازَةِ]

- ‌[الْبَابُ السَّادِسُ فِي الدَّفْنِ]

الفصل: ‌[الباب الثامن في صلاة العيدين]

وَأَمَّا مَتَى يَفْعَلُ الْإِمَامُ ذَلِكَ، فَإِنَّ مَالِكًا وَالشَّافِعِيَّ قَالَا: يَفْعَلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْخُطْبَةِ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يُحَوِّلُ رِدَاءَهُ إِذَا مَضَى صَدْرٌ مِنَ الْخُطْبَةِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ، وَكُلُّهُمْ يَقُولُ: إِنَّهُ إِذَا حَوَّلَ الْإِمَامُ رِدَاءَهُ قَائِمًا حَوَّلَ النَّاسُ أَرْدِيَتَهُمْ جُلُوسًا، لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» إِلَّا مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ وَاللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ وَبَعْضَ أَصْحَابِ مَالِكٍ، فَإِنَّ النَّاسَ عِنْدَهُمْ لَا يُحَوِّلُونَ أَرْدِيَتَهُمْ بِتَحْوِيلِ الْإِمَامِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام بِهِمْ.

وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْخُرُوجَ لَهَا وَقْتَ الْخُرُوجِ إِلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ إِلَّا أَبَا بَكْرِ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْخُرُوجَ إِلَيْهَا عِنْدَ الزَّوَالِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ إِلَى الِاسْتِسْقَاءِ حِينَ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ» .

[الْبَابُ الثَّامِنُ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

الْبَابُ الثَّامِنُ

فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى اسْتِحْسَانِ الْغُسْلِ لِصَلَاةِ الْعِيدَيْنِ، وَأَنَّهُمَا بِلَا أَذَانٍ وَلَا إِقَامَةٍ، لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا مَا أَحْدَثَ مِنْ ذَلِكَ مُعَاوِيَةُ فِي أَصَحِّ الْأَقَاوِيلِ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ.

وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ فِيهَا تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْخُطْبَةِ لِثُبُوتِ ذَلِكَ أَيْضًا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ أَخَّرَ الصَّلَاةَ وَقَدَّمَ الْخُطْبَةَ لِئَلَّا يَفْتَرِقَ النَّاسُ قَبْلَ الْخُطْبَةِ.

وَأَجْمَعُوا أَيْضًا عَلَى أَنَّهُ لَا تَوْقِيتَ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَأَكْثَرُهُمُ اسْتَحَبَّ أَنْ يَقْرَأَ فِي الْأَوْلَى بِسَبِّحِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِالْغَاشِيَةِ، لِتَوَاتُرِ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ

ص: 227

الْقِرَاءَةَ فِيهِمَا بِـ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: 1] و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: 1] لِثُبُوتِ ذَلِكَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام.

وَاخْتَلَفُوا مِنْ ذَلِكَ فِي مَسَائِلَ أَشْهَرُهَا: اخْتِلَافُهُمْ فِي التَّكْبِيرِ: وَذَلِكَ أَنَّهُ حَكَى فِي ذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ نَحْوًا مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ قَوْلًا، إِلَّا أَنَّا نَذْكُرُ مِنْ ذَلِكَ الْمَشْهُورَ الَّذِي يَسْتَنِدُ إِلَى صَحَابِيٍّ أَوْ سَمَاعٍ فَنَقُولُ:

ذَهَبَ مَالِكٌ إِلَى أَنَّ التَّكْبِيرَ فِي الْأُولَى مِنْ رَكْعَتَيِ الْعِيدَيْنِ: سَبْعٌ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ: سِتٌّ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ مِنَ السُّجُودِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: فِي الْأُولَى: ثَمَان، وَفِي الثَّانِيَةِ: سِتٌّ مَعَ تَكْبِيرَةِ الْقِيَامِ مِنَ السُّجُودِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُكَبِّرُ فِي الْأُولَى ثَلَاثًا بَعْدَ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِيهَا، ثُمَّ يَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنِ وَسُورَةً، ثُمَّ يُكَبِّرُ رَاكِعًا وَلَا يَرْفَعُ يَدَيْهِ، فَإِذَا قَامَ إِلَى الثَّانِيَةِ كَبَّرَ وَلَمْ يَرْفَعْ يَدَيْهِ وَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، ثُمَّ كَبَّرَ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ يَرْفَعُ فِيهَا يَدَيْهِ، ثُمَّ يُكَبِّرُ لِلرُّكُوعِ وَلَا يَرْفَعُ فِيهَا يَدَيْهِ.

وَقَالَ قَوْمٌ: فِيهَا تِسْعٌ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمُ: اخْتِلَافُ الْآثَارِ الْمَنْقُولَةِ فِي ذَلِكَ عَنِ الصَّحَابَةِ.

فَذَهَبَ مَالِكٌ رحمه الله إِلَى مَا رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: شَهِدْتُ الْأَضْحَى وَالْفِطْرَ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَكَبَّرَ فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَلِأَنَّ الْعَمَلَ عِنْدَهُ بِالْمَدِينَةِ كَانَ عَلَى هَذَا، وَبِهَذَا الْأَثَرِ بِعَيْنِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، إِلَّا أَنَّهُ تَأَوَّلَ فِي السَّبْعِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ، كَمَا لَيْسَ فِي الْخَمْسِ تَكْبِيرَةُ الْقِيَامِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ إِنَّمَا أَصَارَهُ أَنْ يَعُدَّ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ فِي السَّبْعِ، وَيَعُدَّ تَكْبِيرَةَ الْقِيَامِ زَائِدًا عَلَى الْخَمْسِ الْمَرْوِيَّةِ أَنَّ الْعَمَلَ أَلْفَاهُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ عِنْدَهُ وَجْهٌ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَثَرِ وَالْعَمَلِ، وَقَدْ خَرَّجَ أَبُو دَاوُدَ مَعْنَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. وَروي أَنَّهُ «سُئِلَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: " كَانَ يُكَبِّرُ أَرْبَعًا تكبيره عَلَى الْجَنَائِزِ "

ص: 228

فَقَالَ حُذَيْفَةُ: صَدَقَ، فَقَالَ أَبُو مُوسَى: كَذَلِكَ كُنْتُ أُكَبِّرُ فِي الْبَصْرَةِ حِينَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ» ، وَقَالَ قَوْمٌ بِهَذَا.

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَسَائِرُ الْكُوفِيِّينَ فَإِنَّهُمُ اعْتَمَدُوا فِي ذَلِكَ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُعَلِّمُهُمْ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ عَلَى الصِّفَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَإِنَّمَا صَارَ الْجَمِيعُ إِلَى الْأَخْذِ بِأَقَاوِيلِ الصَّحَابَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا عَنِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام شَيْءٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ فِعْلَ الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ هُوَ تَوْقِيفٌ، إِذْ لَا مَدْخَلَ لِلْقِيَاسِ فِي ذَلِكَ.

وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي رَفْعِ الْيَدَيْنِ عِنْدَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ: فَمِنْهُمْ مَنْ رَأَى ذَلِكَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَرَ الرَّفْعَ إِلَّا فِي الِاسْتِفْتَاحِ فَقَطْ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَيَّرَ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ صَلَاةُ الْعِيدِ - أَعْنِي: وُجُوبَ السُّنَّةِ - فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُصَلِّيهَا الْحَاضِرُ وَالْمُسَافِرُ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ: إِنَّهُ يُصَلِّيهَا أَهْلُ الْبَوَادِي، وَمَنْ لَا يُجَمِّعُ حَتَّى الْمَرْأَةَ فِي بَيْتِهَا. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ: إِنَّمَا تَجِبُ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ عَلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْمَدَائِنِ. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إِلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ. وَرُوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَا صَلَاةَ فِطْرٍ وَلَا أَضْحَى عَلَى مُسَافِرٍ.

وَالسَّبَبُ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ: اخْتِلَافُهُمْ فِي قِيَاسِهَا عَلَى الْجُمُعَةِ، فَمَنْ قَاسَهَا عَلَى الْجُمُعَةِ كَانَ مَذْهَبُهُ فِيهَا على مَذْهَبَهُ فِي الْجُمُعَةِ، وَمَنْ لَمْ يَقِسْهَا رَأَى أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنَّ كُلَّ مُكَلَّفٍ مُخَاطِبٌ بِهَا حَتَّى يَثْبُتَ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنَ الْخِطَابِ.

قَالَ الْقَاضِي: قَدْ فَرَّقَتِ السُّنَّةُ بَيْنَ الْحُكْمِ لِلنِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَمَرَ النِّسَاءَ بِالْخُرُوجِ لِلْعِيدَيْنِ، وَلَمْ يَأْمُرْ بِذَلِكَ فِي الْجُمُعَةِ» .

وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَجِبُ مِنْهُ الْمَجِيءُ إِلَيْهَا كَاخْتِلَافِهِمْ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ مِنَ الثلاثة الْأَمْيَالِ إِلَى مَسِيرَةِ الْيَوْمِ التَّامِّ.

وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ وَقْتَهَا مِنْ شُرُوقِ الشَّمْسِ إِلَى الزَّوَالِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ لَمْ يَأْتِهِمْ عِلْمٌ بِأَنَّهُ الْعِيدُ إِلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوا يَوْمَهُمْ وَلَا مِنَ الْغَدِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ.

ص: 229

وَقَالَ آخَرُونَ: يَخْرُجُونَ إِلَى الصَّلَاةِ فِي غَدَاةِ ثَانِي الْعِيدِ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ: وَبِهِ نَقُولُ لِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ عَنِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: «أَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، فَإِذَا أَصْبَحُوا أَنْ يَعُودُوا إِلَى مُصَلَّاهُمْ» . قَالَ الْقَاضِي: خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُدَ، إِلَّا أَنَّهُ عَنْ صَحَابِيٍّ مَجْهُولٍ، وَلَكِنَّ الْأَصْلَ فِيهِمْ رضي الله عنهم حَمْلُهُمْ عَلَى الْعَدَالَةِ.

وَاخْتَلَفُوا إِذَا اجْتَمَعَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عِيدٌ وَجُمُعَةٌ، هَلْ يُجْزِئُ الْعِيدُ عَنِ الْجُمُعَةِ؟ .

فَقَالَ قَوْمٌ: يُجْزِئُ الْعِيدُ عَنِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَّا الْعَصْرُ فَقَطْ، وَبِهِ قَالَ عَطَاءٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَعَلِيٍّ.

وَقَالَ قَوْمٌ: هَذِهِ رُخْصَةٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ يَرِدُونَ الْأَمْصَارَ لِلْعِيدِ وَالْجُمُعَةِ خَاصَّةً، كَمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ أَنَّهُ خَطَبَ فِي يَوْمِ عِيدٍ وَجُمُعَةٍ فَقَالَ:(مَنْ أَحَبَّ مِنْ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَنْ يَنْتَظِرَ الْجُمُعَةَ فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَلْيَرْجِعْ)

وَروي نَحْوَهُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ: إِذَا اجْتَمَعَ عِيدٌ وَجُمُعَةٌ فَالْمُكَلَّفُ مُخَاطِبٌ بِهِمَا جَمِيعًا: الْعِيدُ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ، وَالْجُمُعَةُ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ، وَلَا يَنُوبُ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ، وَمَنْ تَمَسَّكَ بِقَوْلِ عُثْمَانَ، فَلِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَيْسَ هُوَ بِالرَّأْيِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَوْقِيفٌ، وَلَيْسَ هُوَ بِخَارِجٍ عَنِ الْأُصُولِ كُلَّ الْخُرُوجِ. وَأَمَّا إِسْقَاطُ فَرْضِ الظُّهْرِ وَالْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ بَدَلَهُ لِمَكَانِ صَلَاةِ الْعِيدِ فَخَارِجٌ عَنِ الْأُصُولِ جِدًّا، إِلَّا أَنْ يَثْبُتَ فِي ذَلِكَ شَرْعٌ يَجِبُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.

وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ تَفُوتُهُ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ: فَقَالَ قَوْمٌ: يُصَلِّي أَرْبَعًا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَالثَّوْرِيُّ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ يَقْضِيهَا عَلَى صِفَةِ صَلَاةِ الْإِمَامِ رَكْعَتَيْنِ يُكَبِّرُ فِيهِمَا نَحْوَ تَكْبِيرِهِ وَيَجْهَرُ كَجَهْرِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: بَلْ رَكْعَتَيْنِ فَقَطْ لَا يَجْهَرُ فِيهِمَا وَلَا يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْعِيدِ. وَقَالَ قَوْمٌ: إِنْ صَلَّى الْإِمَامُ فِي الْمُصَلَّى صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ صَلَّى فِي غَيْرِ الْمُصَلَّى صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ أَصْلًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْهُ مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ.

ص: 230

فَمَنْ قَالَ أَرْبَعًا شَبَّهَهَا بِصَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَهُوَ تَشْبِيهٌ ضَعِيفٌ، وَمَنْ قَالَ رَكْعَتَيْنِ كَمَا صَلَّاهُمَا الْإِمَامُ فَمَصِيرًا إِلَى أَنَّ الْأَصْلَ هُوَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَلَى صِفَةِ الْأَدَاءِ، وَمَنْ مَنَعَ الْقَضَاءَ فَلِأَنَّهُ رَأَى أَنَّهَا صَلَاةٌ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ وَالْإِمَامُ كَالْجُمُعَةِ، فَلَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهَا رَكْعَتَيْنِ وَلَا أَرْبَعًا إِذْ لَيْسَتْ هِيَ بَدَلًا مِنْ شَيْءٍ، وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ هُمَا اللَّذَانِ يَتَرَدَّدُ فِيهِمَا النَّظَرُ - أَعْنِي: قَوْلَ الشَّافِعِيِّ وَقَوْلَ مَالِكٍ -، وَأَمَّا سَائِرُ الْأَقَاوِيلِ فِي ذَلِكَ فَضَعِيفٌ لَا مَعْنَى لَهُ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ بَدَلٌ مِنَ الظُّهْرِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ بَدَلًا مِنْ شَيْءٍ، فَكَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُقَاسَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فِي الْقَضَاءِ، وَعَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَيْسَ مِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَصَلَاتُهُ الظُّهْر قَضَاءٌ بَلْ أَدَاءٌ، لِأَنَّهُ إِذَا فَاتَهُ الْبَدَلُ وَجَبَتْ هِيَ. وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ. وَاخْتَلَفُوا فِي التَّنَفُّلِ قَبْلَ صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَهَا: فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَنَفَّلُ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحُذَيْفَةَ وَجَابِرٍ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ. وَقِيلَ يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا، وَهُوَ مَذْهَبُ أَنَسٍ وَعُرْوَةَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ: وَهُوَ أَنْ يَتَنَفَّلَ بَعْدَهَا وَلَا يَتَنَفَّلَ قَبْلَهَا، وَقَالَ بِهِ الثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ أَيْضًا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَفَرَّقَ قَوْمٌ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاةُ فِي الْمُصَلَّى أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، وَهُوَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: أَنَّهُ ثَبَتَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ فِطْرٍ أَوْ يَوْمَ أَضْحَى فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الْمَسْجِدَ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ» . وَتَرَدُّدُهَا أَيْضًا مِنْ حَيْثُ هِيَ مَشْرُوعَةٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا فِي اسْتِحْبَابِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا حُكْمَ الْمَكْتُوبَةِ أَوْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ حُكْمَهَا؟

فَمَنْ رَأَى أَنَّ تَرْكَهُ الصَّلَاةَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا هُوَ مِنْ بَابِ تَرْكِ الصَّلَاةِ قَبْلَ السُّنَنِ وَبَعْدَهَا، وَلَمْ يَنْطَلِقِ اسْمُ الْمَسْجِدِ عِنْدَهُ عَلَى الْمُصَلَّى لَمْ يُسْتَحَبَّ تَنَفُّلًا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَلِذَلِكَ تَرَدَّدَ الْمَذْهَبُ فِي الصَّلَاةِ قَبْلَهَا إِذَا صُلِّيَتْ فِي الْمَسْجِدِ، لِكَوْنِ دَلِيلِ الْفِعْلِ مُعَارِضًا فِي ذَلِكَ الْقَوْلِ - أَعْنِي: أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ دَاخِلٌ فِي مَسْجِدٍ يُسْتَحَبُّ لَهُ الرُّكُوعُ، وَمِنْ حَيْثُ هُوَ مُصَلَّى صَلَاةَ الْعِيدِ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يَرْكَعَ تَشَبُّهًا بِفِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام.

وَمَنْ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الرُّخْصَةِ، وَرَأَى أَنَّ اسْمَ الْمَسْجِدِ يَنْطَلِقُ عَلَى الْمُصَلَّى نُدِبَ إِلَى التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا.

وَمَنْ شَبَّهَهَا بِالصَّلَاةِ الْمَفْرُوضَةِ اسْتَحَبَّ التَّنَفُّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا كَمَا قُلْنَا.

ص: 231

وَرَأَى قَوْمٌ أَنَّ التَّنَفُّلَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مِنْ بَابِ الْمُبَاحِ الْجَائِزِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنْدُوبِ وَلَا مِنْ بَابِ الْمَكْرُوهِ، وَهُوَ أَقَلُّ اشْتِبَاهًا إِنْ لَمْ يَتَنَاوَلِ اسْمُ الْمَسْجِدِ الْمُصَلَّى.

وَاخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ التَّكْبِيرِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ بَعْدَ أَنْ أَجْمَعَ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ الْجُمْهُورُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] فَقَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ: يُكَبِّرُ عِنْدَ الْغُدُوِّ إِلَى الصَّلَاةِ، وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقَالَ قَوْمٌ: يُكَبِّرُ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ حَتَّى يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى، وَحَتَّى يَخْرُجَ الْإِمَامُ، وَكَذَلِكَ فِي لَيْلَةِ الْأَضْحَى عِنْدَهُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنْكَارُ التَّكْبِيرِ جُمْلَةً إِلَّا إِذَا كَبَّرَ الْإِمَامُ.

وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى التَّكْبِيرِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ أَيَّامَ الْحَجِّ، وَاخْتَلَفُوا فِي تَوْقِيتِ ذَلِكَ اخْتِلَافًا كَثِيرًا: فَقَالَ قَوْمٌ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخَرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ. وَقِيلَ يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَضَتِ السُّنَّةُ أَنْ يُكَبِّرَ الْإِمَامُ فِي الْأَمْصَارِ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إِلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ كَثِيرٌ، حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِيهَا عَشَرَةَ أَقْوَالٍ.

وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: هُوَ أَنَّهُ نُقِلَتْ بِالْعَمَلِ وَلَمْ يُنْقَلْ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ مَحْدُودٌ، فَلَمَّا اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِي ذَلِكَ اخْتَلَفَ مَنْ بَعْدَهُمْ. وَالْأَصْلُ فِي هَذَا الْبَابِ قَوْله تَعَالَى:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: 203] . فَهَذَا الْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ بِهِ أَوَّلًا أَهْلَ الْحَجِّ، فَإِنَّ الْجُمْهُورَ رَأَوْا أَنَّهُ يَعُمُّ أَهْلَ الْحَجِّ وَغَيْرَهُمْ، وَتُلُقِّيَ ذَلِكَ بِالْعَمَلِ، وَإِنْ كَانُوا اخْتَلَفُوا فِي التَّوْقِيتِ فِي ذَلِكَ، وَلَعَلَّ التَّوْقِيتَ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّخْيِيرِ ; لِأَنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى التَّوْقِيتِ وَاخْتَلَفُوا فِيهِ. وَقَالَ قَوْمٌ: التَّكْبِيرُ دُبُرَ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ.

وَكَذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي صِفَةِ التَّكْبِيرِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: يُكَبِّرُ ثَلَاثًا: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ) . وَقِيلَ: يَزِيدُ بَعْدَ هَذَا: (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْملكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

ص: 232