الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«أَنَّ بِلَالًا أُمِرَ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ إِلَّا: قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَإِنَّهُ يُثَنِّيهَا» وَخَرَّجَ مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَحْذُورَةَ عَلَى صِفَةِ أَذَانِ الْحِجَازِيِّينَ، وَلِمَكَانِ هَذَا التَّعَارُضِ الَّذِي وَرَدَ فِي الْأَذَانِ رَأَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَدَاوُدُ أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْمُخْتَلِفَةَ إِنَّمَا وَرَدَتْ عَلَى التَّخْيِيرِ لَا عَلَى إِيجَابِ وَاحِدَةٍ مِنْهَا، وَأَنَّ الْإِنْسَانَ مُخَيَّرٌ فِيهَا، وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الْمُؤَذِّنِ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ هَلْ يُقَالُ فِيهَا أَمْ لَا؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ يُقَالُ ذَلِكَ فِيهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّهُ لَا يُقَالُ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْأَذَانِ الْمَسْنُونِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ: اخْتِلَافُهُمْ هَلْ قِيلَ ذَلِكَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ إِنَّمَا قِيلَ فِي زَمَانِ عُمَرَ؟ .
[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنَ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنَ الْبَابِ الثَّانِي حُكْمُ الْأَذَانِ]
ِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْأَذَانِ: هَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ؟ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا، فَهَلْ هُوَ مِنْ فُرُوضِ الْأَعْيَانِ أَوْ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ؟ فَقِيلَ عَنْ مَالِكٍ: إِنَّ الْأَذَانَ هُوَ فَرْضٌ عَلَى مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ، وَقِيلَ: سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، وَلَمْ يَرَهُ عَلَى الْمُنْفَرِدِ لَا فَرْضًا وَلَا سُنَّةً.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ: هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَلَى الْجَمَاعَةِ كَانَتْ فِي سَفَرٍ أَوْ فِي حَضَرٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي السَّفَرِ.
وَاتَّفَقَ الشَّافِعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْجَمَاعَةِ إِلَّا أَنَّهُ آكَدُ فِي حَقِّ الْجَمَاعَةِ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: وَاتَّفَقَ الْكُلُّ عَلَى أَنَّهُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ أَوْ فَرْضٌ عَلَى الْمِصْرِيِّ لِمَا ثَبَتَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ لَمْ يُغِرْ، وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْهُ أَغَارَ» .
وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ: مُعَارَضَةُ الْمَفْهُومِ مِنْ ذَلِكَ لِظَوَاهِرِ الْآثَارِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِمَالِكِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ وَلِصَاحِبِهِ:«إِذَا كُنْتُمَا فِي سَفَرٍ فَأَذِّنَا، وَأَقِيمَا، وَلْيَؤُمُّكُمَا أَكْبَرُكُمَا» ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ مِنِ اتِّصَالِ عَمَلِهِ بِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْجَمَاعَةِ.
فَمَنْ فَهِمَ مِنْ هَذَا الْوُجُوبَ مُطْلَقًا قَالَ: إِنَّهُ فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ أَوْ عَلَى الْجَمَاعَةِ، وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ الْمُغَلِّسِ عَنْ دَاوُدَ، وَمَنْ فَهِمِ مِنْهُ الدُّعَاءَ إِلَى الِاجْتِمَاعِ لِلصَّلَاةِ قَالَ: إِنَّهُ سُنَّةُ الْمَسَاجِدِ أَوْ فَرْضٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يَجْتَمِعُ إِلَيْهَا الْجَمَاعَةُ.