الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله رب الْعَالمين الرَّحْمَن الرَّحِيم مَالك يَوْم الدّين إياك نعْبد وَإِيَّاك نستعين اهدنا الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أَنْعَمت عَلَيْهِم غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين
وَبعد فَلَمَّا كنت فِي بيروت من أَعمال سورية أَيَّام بعدى عَن مصر عقب حوادث سنة 1299 هجرية ودعيت فِي سنة 1303 إِلَى تدريس بعض الْعُلُوم فِي الْمدرسَة السُّلْطَانِيَّة وَمِنْهَا كَانَ علم التَّوْحِيد رَأَيْت أَن المختصرات فِي هَذَا الْفَنّ رُبمَا لَا تأتى على الْغَرَض من إِفَادَة التلامذة والمطولات تعلوعلى أفهامهم والمتوسطات ألفت لزمن غير زمانهم فَرَأَيْت من الْأَلْيَق أَن أمْلى عَلَيْهِم مَا هُوَ أمس بحالهم فَكَانَت آمالى مُخْتَلفَة تتغاير بتغاير طبقاتهم أقربها إِلَى كِفَايَة الطَّالِب مَا أمْلى على الْفرْقَة الأولى فِي أسلوب لَا يصعب تنَاوله وَإِن لم يعْهَد تداوله تمهيد مُقَدمَات وسير مِنْهَا إِلَى المطالب من غير نظر إِلَّا إِلَى صِحَة الدَّلِيل وَإِن جَاءَ فِي التَّعْبِير على خلاف مَا عهد من هَيْئَة التَّأْلِيف راميا إِلَى الْخلاف من مَكَان بعيد حَتَّى رُبمَا لَا يُدْرِكهُ إِلَّا الرجل الرشيد غير أَن تِلْكَ الأمالى لم تحفظ إِلَّا فِي دفاتر التلامذة وَلم أستبق لنفسى مِنْهَا شَيْئا وَعرض بعد ذَلِك مَا استقدمنى إِلَى مصر وَكَانَ من تَقْدِير الله أَن أشتغل بِغَيْر التَّعْلِيم حَتَّى أَتَى النسْيَان على مَا أمليت وَذهب عَن الخاطر جَمِيع مَا القيت إِلَى أَن خطر لى من مُدَّة أشهر خاطر الْعود إِلَى مَا تهواه نفسى ويصبو إِلَيْهِ عقلى وحسى وَأَن أشغل أَوْقَات فراغى بمدارسة شَيْء من علم التَّوْحِيد علما منى أَنه ركن الْعلم الشَّديد فَذكرت سَابق الْعَمَل وَتعلق بِمثلِهِ الأمل وعزمت أَن أكتب إِلَى بعض التلامذة ليرسل إِلَى مَا تَلقاهُ بَين يدى لكيلا أنْفق من الزَّمن مَا أَنا فِي أَشد الْحَاجة إِلَيْهِ فِي إنْشَاء مَا أرى التعويل عَلَيْهِ وَذكرت ذَلِك لأخى فأخبرنى أَنه نسخ مَا أمْلى على الْفرْقَة الأولى
فطلبته وقرأته فَإِذا هُوَ قريب مِمَّا أحب قد يحْتَاج إِلَيْهِ الْقَاصِر وَرُبمَا لَا يسْتَغْنى عَنهُ المكاثر على اخْتِصَار فِيهِ مَقْصُود ووقوف عِنْد حد من القَوْل مَحْدُود قد سلك فِي العقائد مَسْلَك السّلف وَلم يعب فِي سيره آراء الْخلف وَبعد عَن الْخلاف بَين الْمذَاهب بعد ممليه عَن أعاصير المشاغب وَلَكِن وجدت فِيهِ إيجازا فِي بعض الْمَوَاضِع رُبمَا لَا ينفذ مِنْهُ ذهن الْمطَالع وإغفالا لبَعض مَا تمس الْحَاجة إِلَيْهِ وَزِيَادَة عَمَّا يجب فِي مُخْتَصر مثله أَن يقْتَصر عَلَيْهِ فبسطت بعض عباراته وحررت مَا غمض من مقدماته وزدت مَا أغفل وحذفت مَا فضل وتوكلت على الله فِي نشره راجيا أَن لَا يكون فِي قصره مَا يحمل على إغفال أمره أَو يغض من قدره فَمَا من أحد بِدُونِ أَن يعين وَلَا بفوق أَن يعان وَالله وَحده ولى الْأَمر وَهُوَ الْمُسْتَعَان