الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(75)
الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي الْعَبَّاس عبد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب رضي الله عنهما
977 -
الأول: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنهُ قَالَ: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَجود النَّاس، وَكَانَ أَجود مَا يكون فِي رَمَضَان حِين يلقاه جِبْرِيل، وَكَانَ جِبْرِيل يلقاه فِي كل ليلةٍ من رَمَضَان فيدارسه الْقُرْآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حِين يلقاه جِبْرِيل أَجود بِالْخَيرِ من الرّيح الْمُرْسلَة.
وَفِي رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن مَسْعُود نَحوه، قَالَ:
وَكَانَ جِبْرِيل عليه السلام يلقاه كل ليلةٍ فِي رَمَضَان حَتَّى يَنْسَلِخ، يعرض عَلَيْهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْقُرْآن.
978 -
الثَّانِي: عَن عبيد الله من رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج من الْمَدِينَة وَمَعَهُ عشرَة آلَاف، وَذَلِكَ على رَأس ثَمَان سِنِين وَنصف من مقدمه الْمَدِينَة، فَسَار بِمن مَعَه من الْمُسلمين إِلَى مَكَّة، يَصُوم وَيَصُومُونَ، حَتَّى بلغ الكديد - وَهُوَ مَاء بَين عسفان وقديد - أفطر وأفطروا. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَإِنَّمَا يُؤْخَذ من أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الآخر فالآخر. هَذَا لفظ معمر عَن الزُّهْرِيّ عِنْد البُخَارِيّ، وَهُوَ أطول الْأَحَادِيث.
وَحَدِيث اللَّيْث عَن عقيل عَن الزُّهْرِيّ عِنْد البُخَارِيّ مُخْتَصر:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم غزا غَزْوَة الْفَتْح فِي رَمَضَان. لم يزدْ: قَالَ: وَسمعت سعيد بن الْمسيب يَقُول مثل
ذَلِك. وَقَالَ مُتَّصِلا بِهِ: وَعَن عبيد الله بن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ:
صَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى إِذا بلغ الكديد - المَاء الَّذِي بَين قديد وَعُسْفَان - أفطر، فَلم يزل مُفطرا حَتَّى انْسَلَخَ الشَّهْر.
وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث اللَّيْث عَن ابْن شهَاب:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم خرج عَام الْفَتْح، فَصَارَ حَتَّى بلغ الكديد أفطر. قَالَ: وَكَانَ أَصْحَابه يتبعُون الأحدث فالأحدث من أمره.
وَعِنْده عَن يحيى بن يحيى وَغَيره عَن سُفْيَان مثله. قَالَ يحيى: قَالَ سُفْيَان: لَا أَدْرِي من قَول من هُوَ؟ يَعْنِي: كَانَ يُؤْخَذ بِالْآخرِ من قَول رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَهُوَ عِنْده من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر مثله. قَالَ الزُّهْرِيّ: فَكَانَ الْفطر آخر الْأَمريْنِ، وَإِنَّمَا يُؤْخَذ من أَمر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْآخرِ فالآخر. قَالَ الزُّهْرِيّ:
فَصبح رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَكَّة لثلاث عشرَة من رَمَضَان. وَكَذَا عِنْده من حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ: قَالَ ابْن شهَاب: فَكَانُوا يتبعُون الأحدث فالأحدث من أمره، ويرونه النَّاسِخ الْمُحكم.
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
سَافر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان فصَام حَتَّى بلغ عسفان، ثمَّ دَعَا بِإِنَاء من ماءٍ فَشرب نَهَارا ليراه النَّاس، وَأفْطر حَتَّى قدم مَكَّة. قَالَ: وَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: صَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي السّفر وَأفْطر، فَمن شَاءَ صَامَ وَمن شَاءَ أفطر.
وَلمُسلم من حَدِيث عبد الْكَرِيم بن مَالك الْجَزرِي عَن طَاوس أَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
لَا تَعب على من صَامَ وَلَا على من أفطر، قد صَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي السّفر، وَأفْطر.
وللبخاري من حَدِيث خَالِد بن مهْرَان الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَان إِلَى حنين، وَالنَّاس مُخْتَلفُونَ، فصائمٌ ومفطر، فَلَمَّا اسْتَوَى على رَاحِلَته دَعَا بِإِنَاء من لبن أَو مَاء فَوَضعه على رَاحِلَته أَو رَاحَته، ثمَّ نظر النَّاس فَقَالَ المفطرون للصوام: أفطروا. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ عبد الرَّزَّاق: أخبرنَا معمر عَن أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح - لم يزدْ.
زَاد أَبُو مَسْعُود وَأَبُو بكر البرقاني، والمتن عِنْده بِتَمَامِهِ من حَدِيث أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَنهُ قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَام الْفَتْح فِي شهر رَمَضَان، فصَام حَتَّى مر بغدير فِي الطَّرِيق، وَذَلِكَ فِي نحر الظهيرة، قَالَ: فعطش النَّاس، وَجعلُوا يهزون أَعْنَاقهم، وتتوق إِلَيْهِ أنفسهم، قَالَ: فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بقدحٍ فِيهِ ماءٌ فأمسكه على يَده حَتَّى رَآهُ النَّاس، ثمَّ شرب وَشرب النَّاس فِي رَمَضَان.
979 -
الثَّالِث: عَن عبيد الله بن عبد الله من حَدِيث الزُّهْرِيّ عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: استفتى سعد بن عبَادَة الْأنْصَارِيّ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي نذرٍ كَانَ على أمه توفيت قبل أَن تقضيه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " اقضه عَنْهَا " فِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: فَكَانَت سنة بعد.
وَقد رَوَاهُ مُحَمَّد بن أبي عبد الرَّحْمَن الْمُقْرِئ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة بِالْإِسْنَادِ الَّذِي أخرجه بِهِ مُسلم فَقَالَ فِيهِ:
عَن ابْن عَبَّاس عَن سعد بن عبَادَة، جعله فِي مُسْند سعد. ذكره أَبُو الْقَاسِم الْبَغَوِيّ فِي " المعجم ".
وَقد أخرجَا من حَدِيث الحكم بن عتيبة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: يَا رَسُول الله، إِن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم نذر، أفأصوم عَنْهَا؟ قَالَ:" أَرَأَيْت لَو أَن على أمك دينٌ فقضيته، أَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِك عَنْهَا؟ " قَالَت: نعم: قَالَ: " فصومي عَن أمك ".
وَفِي حَدِيث مُسلم البطين من رِوَايَة زَائِدَة عَن الْأَعْمَش عَنهُ عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أُمِّي مَاتَت وَعَلَيْهَا صَوْم شهرٍ، أفأقضيه عَنْهَا؟ فَقَالَ:" لَو كَانَ على أمك دينٌ أَكنت قاضيه عَنْهَا؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " فدين الله أَحَق أَن يقْضى ". قَالَ سُلَيْمَان الْأَعْمَش: فَقَالَ الحكم وَسَلَمَة بن كهيل: وَنحن جَمِيعًا جُلُوس حِين حدث مُسلم بِهَذَا الحَدِيث.
سمعنَا مُجَاهدًا يذكر هَذَا الحَدِيث عَن ابْن عَبَّاس. وَمِنْهُم من قَالَ: عَنهُ: إِن امْرَأَة قَالَت: إِن أُخْتِي مَاتَت. .
وللبخاري من حَدِيث أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
أَتَى رجلٌ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن أُخْتِي نذرت أَن تحج، وَإِنَّهَا مَاتَت، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: لَو كَانَ عَلَيْهَا دينٌ أَكنت قاضيه؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " فَاقْض الله، فَهُوَ أَحَق بِالْقضَاءِ ".
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة عَن أبي بشر:
أَن امْرَأَة من جُهَيْنَة جَاءَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت، أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ " حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين، أَكنت قاضيته؟ " قَالَت: نعم. قَالَ: " اقضوا الله، فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ "
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس:
أَن رجلا قَالَ لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم: أَن أُمِّي توفيت، أينفعها إِن تَصَدَّقت عَنْهَا؟ قَالَ:" نعم " قَالَ: فَإِن لي مخرفاً، فَأَنا أشهدك أَنِّي قد تَصَدَّقت بِهِ عَنْهَا.
وَفِي حَدِيث يعلى بن مُسلم عَن عِكْرِمَة نَحوه. وَفِي أَوله:
أَن سعد بن عبَادَة أَخا بني سعد توفيت أمه وَهُوَ غَائِب عَنْهَا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن أُمِّي توفيت وَأَنا غَائِب،، أفينفعها إِن تَصَدَّقت عَنْهَا؟ " قَالَ:" نعم " الحَدِيث. .
980 -
الرَّابِع: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما حضر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبَيْت رجالٌ فيهم عمر بن الْخطاب، قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" هلموا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده " فَقَالَ عمر - وَفِي رِوَايَة: فَقَالَ بَعضهم: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عَلَيْهَا الوجع وعندكم الْقُرْآن حسبكم كتاب الله. فَاخْتلف أهل الْبَيْت واختصموا: فَمنهمْ من يَقُول: قربوا يكْتب لكم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَمِنْهُم من يَقُول مَا قَالَ عمر.
وَفِي رِوَايَة: وَمِنْهُم من يَقُول غير ذَلِك. فَلَمَّا أَكْثرُوا اللَّغط وَالِاخْتِلَاف، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" قومُوا عني " قَالَ عبيد الله: فَكَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: إِن الرزية مَا حَال بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَبَين أَن يكْتب لَهُم ذَلِك الْكتاب، لاختلافهم ولغطهم.
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ قَالَ:
قومُوا عني، وَلَا يَنْبَغِي عِنْدِي التَّنَازُع " فَخرج ابْن عَبَّاس وَهُوَ يَقُول: إِن الرزية كل الرزية مَا حَال بَين رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَبَين كِتَابه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث سُلَيْمَان بن أبي مُسلم الْأَحول، وَفِيه زِيَادَة. قَالَ: قَالَ ابْن عَبَّاس: يَوْم الْخَمِيس وَمَا يَوْم الْخَمِيس: وَفِي رِوَايَة: ثمَّ بكا حَتَّى بل دمعه
الْحَصَا. قلت: يَا ابْن عَبَّاس، وَمَا يَوْم الْخَمِيس قَالَ: اشْتَدَّ برَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَجَعه فَقَالَ: " ائْتُونِي بكتف أكتب لكم كتابا لَا تضلوا بعده أبدا " فتنازعوا، وَلَا يَنْبَغِي عِنْد نَبِي تنَازع. فَقَالُوا. مَا شَأْنه، هجر؟ استفهموه، فَذَهَبُوا يردون عَلَيْهِ فَقَالَ: ذروني، دَعونِي، فَالَّذِي أَنا فِيهِ خير مِمَّا تدعونني إِلَيْهِ. فَأَمرهمْ - وَفِي رِوَايَة: فأوصاهم بِثَلَاث، فَقَالَ:" أخرجُوا الْمُشْركين من جَزِيرَة الْعَرَب، وأجيزوا الْوَفْد بِنَحْوِ مَا كنت أجيزهم بِهِ " وَسكت عَن الثَّالِثَة، أَو قَالَهَا فنسيتها. قَالَ سُفْيَان هَذَا من قَول سُلَيْمَان. وَفِي حَدِيث قبيصَة. ونسيت الثَّالِثَة.
وَأخرجه مُسلم مُخْتَصرا من حَدِيث طَلْحَة بن مصرف عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس.
981 -
الْخَامِس: بِهَذَا الْإِسْنَاد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَقْرَأَنِي جِبْرِيل على حرف، فراجعته، فَلم أزل أستزيده ويزيدني حَتَّى انْتهى إِلَى سَبْعَة أحرف. زَاد فِي رِوَايَة حَرْمَلَة بن يحيى: قَالَ ابْن شهَاب: بَلغنِي أَن تِلْكَ السَّبْعَة الأحرف إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمر الَّذِي يكون وَاحِدًا لَا يخْتَلف فِي حَلَال وَلَا حرَام.
982 -
السَّادِس: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَقبلت رَاكِبًا على أتانٍ وَأَنا يومئذٍ قد ناهزت الِاحْتِلَام، وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بِالنَّاسِ بمنى إِلَى غير جدارٍ، فمررت بَين يَدي بعض الصَّفّ، فَنزلت وَأرْسلت الأتان ترتع، وَدخلت فِي
الصَّفّ، فَلم يُنكر عَليّ ذَلِك أحد.
وَفِي حَدِيث يُونُس نَحوه، وَزَاد: بمنى فِي حجَّة الْوَدَاع
983 -
السَّابِع: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر بِشَاة ميتَة فَقَالَ: " هلا انتفعتم بإهابها؟ " قَالُوا. إِنَّهَا ميتَة. قَالَ: " إِنَّمَا حرم أكلهَا ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن يحيى وَعَمْرو النَّاقِد عَن سُفْيَان أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: تصدق على مولاة لميمونة بشاةٍ فَمَاتَتْ، فَمر بهَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" هلا أَخَذْتُم إهابها فدبغتموه فانتفعتم بِهِ؟ " فَقَالُوا: إِنَّهَا ميتَة. قَالَ: " إِنَّمَا حرم أكلهَا ".
وَلمُسلم من حَدِيث أبي بكر بن أبي شيبَة وَابْن أبي عمر عَن ابْن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة، جعلاه فِي مُسْند مَيْمُونَة.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث سُفْيَان عَن عَمْرو عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس نَحْو مَا تقدم من حَدِيث ابْن جريج عَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: أَخْبرنِي عَطاء مُنْذُ حِين قَالَ: أَخْبرنِي ابْن عَبَّاس: أَن مَيْمُونَة أخْبرته أَن داجنةً كَانَت لبَعض نسَاء رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَمَاتَتْ، فَقَالَ: رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أَلا أَخَذْتُم إهابها فاستمتعتم بِهِ ".
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث ثَابت بن عجلَان عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
مر النَّبِي صلى الله عليه وسلم بعنزٍ ميتةٍ، فَقَالَ:" مَا على أَهلهَا لَو انتفعوا بإهابها ".
984 -
الثَّامِن: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ أهل الْكتاب يسدلون أشعارهم، وَكَانَ الْمُشْركُونَ يفرقون رؤوسهم، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحب مُوَافقَة أهل الْكتاب فِيمَا لم يُؤمر بِهِ، فسدل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ فرق بعد.
985 -
التَّاسِع: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شرب لَبَنًا ثمَّ دَعَا بماءٍ فَمَضْمض، وَقَالَ:" إِن لَهُ دسماً ".
986 -
الْعَاشِر: بِهَذَا الْإِسْنَاد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: طَاف النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي حجَّة الْوَدَاع على بعيرٍ، يسْتَلم الرُّكْن بالمحجن.
987 -
الْحَادِي عشر: بِإِسْنَادِهِ أَن ابْن عَبَّاس كَانَ يحدث: أَن رجلا أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة فِي الْمَنَام ظلةً تنطف السّمن وَالْعَسَل، وَأرى النَّاس يَتَكَفَّفُونَ مِنْهَا بِأَيْدِيهِم، فالمستكثر والمستقل، وَإِذا بِسَبَب وَاصل من الأَرْض إِلَى السَّمَاء، فَأَرَاك أخذت بِهِ فعلوت، ثمَّ أَخذ بِهِ رجلٌ آخر فعلا بِهِ، ثمَّ أَخذ بِهِ رجلٌ آخر فعلا بِهِ، ثمَّ أَخذ بِهِ رجلٌ آخر فَانْقَطع بِهِ، ثمَّ وصل لَهُ فعلا. فَقَالَ أَبُو بكر: يَا رَسُول الله، بِأبي أَنْت، وَالله، لتدعني فأعبرها، فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" اعبر " قَالَ أَبُو بكر: أما الظلة فظلة الْإِسْلَام. وَأما الَّذِي ينطف من الْعَسَل وَالسمن فالقرآن: حلاوته وَلينه. وَأما مَا يَتَكَفَّف النَّاس من ذَلِك فالمستكثر من الْقُرْآن والمستقل. وَأما السَّبَب الْوَاصِل من السَّمَاء إِلَى الأَرْض فَالْحق
الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ، تَأْخُذ بِهِ فيعليك الله، ثمَّ يَأْخُذ بِهِ رجلٌ آخر بعْدك فيعلو بِهِ، ثمَّ يَأْخُذ رجلٌ فيعلو بِهِ، ثمَّ يَأْخُذ بِهِ رجلٌ آخر فَيَنْقَطِع بِهِ، ثمَّ يُوصل لَهُ فيعلو بِهِ.
فَأَخْبرنِي يَا رَسُول الله - بِأبي أَنْت، أصبت أم أَخْطَأت؟ قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" أصبت بَعْضًا وأخطأت بَعْضًا " قَالَ: وَالله لتحدثني بالذى أَخْطَأت بِهِ. قَالَ: " لَا تقسم ".
وَأول حَدِيث سُفْيَان عَن الزُّهْرِيّ:
جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُنْصَرفه من أحد، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي رَأَيْت اللَّيْلَة
…
الحَدِيث بِمَعْنَاهُ.
وَفِي حَدِيث معمر عَن ابْن عَبَّاس أَو أبي هُرَيْرَة، وَكَانَ معمرٌ أَحْيَانًا يَقُول: عَن ابْن عَبَّاس، وَأَحْيَانا يَقُول: عَن أبي هُرَيْرَة. قَالَ البُخَارِيّ:
قَالَ شُعَيْب وَإِسْحَاق بن يحيى عَن الزُّهْرِيّ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَة يحدثه عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ معمرٌ لَا يسْندهُ حَتَّى كَانَ بعد.
وَفِي أول حَدِيث سُلَيْمَان بن كثير عَن الزُّهْرِيّ:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ مِمَّا يَقُول لأَصْحَابه: " من رأى مِنْكُم فليقصها أعبرها " قَالَ: فجَاء رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله: رَأَيْت ظلة
…
بِنَحْوِهِ.
988 -
الثَّانِي عشر: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود - من رِوَايَة عرَاك بن مَالك عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَر فِي زمَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَلَيْسَ لعراك بن مَالك عَن ابْن عَبَّاس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
989 -
الثَّالِث عشر: عَن سعيد بن الْمسيب عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة مُسلم بن إِبْرَاهِيم عَن هِشَام وَشعْبَة عَن قَتَادَة عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ لنا مثل السوء. الَّذِي يعود فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه ".
قَالَ:
" مثل الَّذِي يرجع فِي صدقته كَمثل الْكَلْب يقيء، ثمَّ يعود فِي قيئه فيأكله ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن جَعْفَر غنْدر عَن شُعْبَة عَن قَتَادَة. وَفِي رِوَايَة سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة أَن النَّبِي، قَالَ:" الْعَائِد فِي هِبته كالعائد فِي قيئه ".
وَلَيْسَ لسَعِيد بن الْمسيب عَن ابْن عَبَّاس فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأَخْرَجَاهُ بِمَعْنى حَدِيث أبي جَعْفَر مُحَمَّد بن عَليّ من رِوَايَة عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس بِنَحْوِ حَدِيث ابْن أبي عرُوبَة:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الْعَائِد فِي هِبته كَالْكَلْبِ يعود فِي قيئه، لَيْسَ لنا مثل السوء ".
990 -
الرَّابِع عشر: عَن الْقَاسِم بن أبي بكر الصّديق عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهم قَالَ: ذكر التلاعن عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ عَاصِم بن عدي فِي ذَلِك قولا ثمَّ انْصَرف، فَأَتَاهُ رجلٌ من قومه يشكو إِلَيْهِ أَنه وجد مَعَ أَهله رجلا، فَقَالَ عاصمٌ: مَا ابْتليت بِهَذَا إِلَّا لقولي، فَذهب بِهِ إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأخْبرهُ بِالَّذِي وجد عَلَيْهِ امْرَأَته، وَكَانَ ذَلِك الرجل مصفراً قَلِيل اللَّحْم، سبط الشّعْر، وَكَانَ الَّذِي ادّعى عَلَيْهِ أَنه وجده عِنْد أَهله خدلاً، آدم، كثير اللَّحْم، فَقَالَ رَسُول
الله صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ بَين " فَوضعت شَبِيها بِالرجلِ الَّذِي ذكر زَوجهَا انه وجده عِنْدهَا.
فلاعن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَينهمَا، فَقَالَ رجلٌ لِابْنِ عَبَّاس فِي الْمجْلس: أَهِي الَّتِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَو رجمت أحدا بِغَيْر بينةٍ رجمت هَذِه "؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا، تِلْكَ امْرَأَة كَانَت تظهر فِي الْإِسْلَام السوء.
وَحَدِيث سُفْيَان مُخْتَصر، قَالَ:
ذكر ابْن عَبَّاس المتلاعنين، فَقَالَ عبد الله بن شَدَّاد: هِيَ الَّتِي قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِيهَا: " لَو كنت راجماً أحدا بِغَيْر بينةٍ لرجمتها " فَقَالَ: لَا، تِلْكَ امرأةٌ أعلنت. لم يزدْ.
991 -
الْخَامِس عشر: عَن عُرْوَة بن الزبير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَو أَن النَّاس غضوا من الثُّلُث إِلَى الرّبع، فَإِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:" الثُّلُث وَالثلث كثير " كَذَا فِي حَدِيث ابْن نمير، وَفِي حَدِيث سُفْيَان ووكيع " كثير أَو كَبِير ".
992 -
السَّادِس عشر: عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن أَن مَرْوَان قَالَ: اذْهَبْ يَا رَافع - لِبَوَّابِهِ - إِلَى ابْن عَبَّاس فَقل لَهُ: لَئِن كَانَ كل امرئٍ منا فَرح بِمَا أَتَى، وَأحب أَن يحمد بِمَا لم يفعل معذباً، لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: مَا لكم ولهذه الْآيَة؟ إِنَّمَا أنزلت هَذِه فِي أهل الْكتاب، ثمَّ تَلا ابْن عَبَّاس:{وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق الَّذين أُوتُوا الْكتاب لتبيننه للنَّاس} [سُورَة آل عمرَان] وتلا ابْن عَبَّاس: {لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا} [سُورَة آل عمرَان] وَقَالَ ابْن عَبَّاس: سَأَلَهُمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن شيءٍ فَكَتَمُوهُ إِيَّاه، وَأَخْبرُوهُ بِغَيْرِهِ، فَخَرجُوا قد أروه أَن قد أَخْبرُوهُ بِمَا سَأَلَهُمْ عَنهُ، وَاسْتحْمدُوا بذلك إِلَيْهِ، وفرحوا بِمَا أَتَوا من كتمانهم إِيَّاه مَا سَأَلَهُمْ عَنهُ.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث عَلْقَمَة بن وَقاص: أَن مَرْوَان قَالَ لِبَوَّابِهِ هَذَا.
993 -
السَّابِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار مولى مَيْمُونَة، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: انخسفت الشَّمْس على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فصلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَامَ قيَاما طَويلا نَحوا من قِرَاءَة سُورَة الْبَقَرَة، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا، ثمَّ رفع فَقَامَ قيَاما طَويلا، وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ سجد، ثمَّ قَامَ قيَاما طَويلا، وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا، وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ رفع فَقَامَ قيَاما طَويلا، وَهُوَ دون الْقيام الأول، ثمَّ ركع رُكُوعًا طَويلا، وَهُوَ دون الرُّكُوع الأول، ثمَّ سجد، ثمَّ انْصَرف وَقد تجلت الشَّمْس، فَقَالَ:" إِن الشَّمْس وَالْقَمَر آيتان من آيَات الله، لَا يخسفان لمَوْت أحدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذا رَأَيْتُمْ ذَلِك فاذكروا الله " قَالُوا: يَا رَسُول الله، رَأَيْتُك تناولت شَيْئا فِي مقامك، ثمَّ رَأَيْنَاك تكعكعت. قَالَ:" إِنِّي رَأَيْت الْجنَّة فتناولت عنقوداً، وَلَو أصبته لأكلتم مِنْهُ مَا بقيت الدُّنْيَا، وأريت النَّار، فَلم أر منْظرًا كَالْيَوْمِ قطّ أفظع، وَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء " قَالُوا: بِمَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بكفرهن " قيل: أيكفرن بِاللَّه؟ قَالَ: " يكفرن العشير، ويكفرن الْإِحْسَان. لَو أَحْسَنت إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْر كُله ثمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئا قَالَت: مَا رَأَيْت مِنْك خيرا قطّ ".
وَقد رَوَاهُ مُسلم مُخْتَصرا فِي " الصَّلَاة " فَقَط من حَدِيث كثير بن عَبَّاس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
أَنه صلى أَربع رَكْعَات فِي رَكْعَتَيْنِ، وَأَرْبع سَجدَات. يَعْنِي فِي كسوف الشَّمْس.
وَعَن عُرْوَة عَن عَائِشَة مثله
وَلَيْسَ لكثير بن الْعَبَّاس عَن أَخِيه عبد الله فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث.
وَعند مُسلم من حَدِيث ابْن أبي ثَابت عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حِين كسفت الشَّمْس ثَمَان رَكْعَات فِي أَربع سَجدَات.
وَعَن عَليّ مثل ذَلِك.
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد الْقطَّان:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي كسوف الشَّمْس قَرَأَ، ثمَّ ركع، ثمَّ قَرَأَ، ثمَّ ركع، ثمَّ قَرَأَ، ثمَّ ركع، ثمَّ قَرَأَ، ثمَّ ركع، ثمَّ سجد. وَالْأُخْرَى مثلهَا.
994 -
الثَّامِن عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن عبد الله بن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف شَاة، ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ.
وَقد أخرجه مُسلم من حَدِيث عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، وَمُحَمّد بن عمر بن عَطاء جَمِيعًا عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أكل عرقاً أَو لَحْمًا، ثمَّ صلى وَلم يتَوَضَّأ، أَو: لم يمس مَاء.
995 -
التَّاسِع عشر: عَن سُلَيْمَان بن يسَار عَن عبد الله بن عَبَّاس أَنه قَالَ: كَانَ الْفضل بن الْعَبَّاس رَدِيف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَتْهُ امْرَأَة من خثعم تستفتيه، فَجعل الْفضل ينظر إِلَيْهَا وَتنظر إِلَيْهِ، فَجعل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وَجه الْفضل إِلَى الشق الآخر. قَالَت: يَا رَسُول الله، إِن فَرِيضَة الله على عباده فِي الْحَج أدْركْت أبي شَيخا كَبِيرا لَا يَسْتَطِيع أَن يثبت على الرَّاحِلَة، أفأحج عَنهُ؟ قَالَ " نعم " وَذَلِكَ فِي حجَّة الْوَدَاع.
وَفِي رِوَايَة ابْن جريج عَن ابْن عَبَّاس عَن الْفضل، جعله من مُسْند الْفضل.
996 -
الْعشْرُونَ: عَن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكَة من رِوَايَة نَافِع بن عمر عَنهُ قَالَ: كتب ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قضى بِالْيَمِينِ على الْمُدعى عَلَيْهِ.
كَذَا عِنْد البُخَارِيّ.
وَقد أخرجه عَن ابْن جريج عَن ابْن أبي مليكَة بِطُولِهِ: أَن امْرَأتَيْنِ كَانَتَا تخرزان فِي بَيت أَو فِي الْحُجْرَة، فَخرجت إِحْدَاهمَا وَقد أنفذ بإشفى فِي كفها، فادعت على الْأُخْرَى، فَرفع ذَلِك إِلَى ابْن عَبَّاس، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لذهبت دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالهمْ، ذكروها بِاللَّه، واقرءوا عَلَيْهَا {إِن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله} [آل عمرَان] ، فذكروها فَاعْترفت. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ ".
وَعند مُسلم الْمسند مِنْهُ فَقَط من حَدِيث ابْن وهب عَن ابْن جريج بِهَذَا الْإِسْنَاد:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَو يعْطى النَّاس بدعواهم لادعى ناسٌ دِمَاء رجالٍ وَأَمْوَالهمْ، وَلَكِن الْيَمين على الْمُدعى عَلَيْهِ ".
وَعِنْده من رِوَايَة مُحَمَّد بن بشر عَن نَافِع بن عمر:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قضى بِالْيَمِينِ على الْمُدعى عَلَيْهِ.
997 -
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس بن كيسَان من رِوَايَة مُجَاهِد عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم فتح مَكَّة: " لَا هِجْرَة، وَلَكِن جهادٌ ونيةٌ، وَإِذا استنفرتم فانفروا " وَقَالَ يَوْم فتح مَكَّة: " إِن هَذَا الْبَلَد حرمه الله يَوْم خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، فَهُوَ حرامٌ بِحرْمَة الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، إِنَّه لم يحل الْقِتَال فِيهِ
لأحد قبلي، وَلم يحل لي إِلَّا سَاعَة من نَهَار، فَهُوَ حرامٍ بِحرْمَة الله إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، لَا يعضد شوكه، وَلَا ينفر صَيْده، وَلَا تلْتَقط لقطته إِلَّا من عرفهَا، وَلَا يخْتَلى خلاه " فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله، إِلَّا الْإِذْخر، فَإِنَّهُ لِقَيْنِهِم وَبُيُوتهمْ. قَالَ:" إِلَّا الْإِذْخر ".
قَالَ أَبُو مَسْعُود: قَالَ فِيهِ الْأَعْمَش عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس، وَلم يخرجَاهُ من حَدِيث الْأَعْمَش.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يعضد عضاهها، وَلَا ينفر صيدها، وَلَا تحل لقطتهَا إِلَّا لمنشدٍ، وَلَا يخْتَلى خَلاهَا ". قَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول الله، إِلَّا الْإِذْخر، قَالَ:" إِلَّا الْإِذْخر " لم يزدْ. وَهَكَذَا فِي كتاب البُخَارِيّ على خلاف مَا ذكره أَبُو مَسْعُود.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث خَالِد بن مهْرَان الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " حرم الله مَكَّة، فَلم تحل لأحدٍ قبلي، وَلَا تحل لأحد بعدِي، أحلّت لي سَاعَة من نَهَار، لَا يخْتَلى خَلاهَا، وَلَا يعضد شَجَرهَا، وَلَا ينفر صيدها وَلَا تحل لقطتهَا إِلَّا لمعرفٍ " فَقَالَ الْعَبَّاس: إِلَّا الْإِذْخر، لصاغتنا وَقُبُورنَا.
وَفِي رِوَايَة خَالِد بن عبد الله عَن خَالِد الْحذاء: ولسقف بُيُوتنَا. فَقَالَ: " إِلَّا
الْإِذْخر " فَقَالَ عِكْرِمَة: هَل تَدْرِي مَا ينفر صيدها؟ هُوَ أَن ينحيه من الظل وَينزل مَكَانَهُ.
وَقد أخرجه من حَدِيث الْحسن بن مُسلم عَن مُجَاهِد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ
…
مُرْسلا، وَمن آخِره عَن ابْن جريج عَن عبد الْكَرِيم عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ، أَو مثله.
998 -
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس من رِوَايَة مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على قبرين فَقَالَ: " أما إنَّهُمَا ليعذبان، وَمَا يعذبان فِي كَبِير ".
فِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش:
ثمَّ قَالَ: " بلَى، أما أَحدهمَا فَكَانَ يمشي بالنميمة، وَأما الآخر فَكَانَ لَا يسْتَتر من بَوْله ". قَالَ: فَدَعَا بعسيبٍ رطب فشقه بِاثْنَتَيْنِ، ثمَّ غرس على هَذَا وَاحِدًا وعَلى هَذَا وَاحِدًا، ثمَّ قَالَ:" لَعَلَّه أَن يُخَفف عَنْهُمَا مَا لم ييبسا ".
وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن الْأَعْمَش:
" أما أَحدهمَا فَكَانَ لَا يسْتَتر من الْبَوْل ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْوَاحِد عَن الْأَعْمَش نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:" وَكَانَ الآخر لَا يستنزه عَن الْبَوْل. أَو من الْبَوْل ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا وَحده من حَدِيث مَنْصُور عَن مُجَاهِد بِنَحْوِهِ عَن ابْن عَبَّاس وَفِيه: " وَالْآخر لَا يسْتَتر من بَوْله ".
999 -
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس من رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أمرنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن نسجد على سَبْعَة أَعْضَاء، وَلَا نكف شعرًا وَلَا ثوبا: الْجَبْهَة وَالْيَدَيْنِ والركبتين وَالرّجلَيْنِ.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة وَأبي عوَانَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
أمرنَا أَن نسجد. كَذَا قَالَ أَحدهمَا فِي رِوَايَته. وَقَالَ الآخر: إِنَّه قَالَ: أمرت أَن أَسجد. . وَذكره.
وَمِنْهُم من قَالَ: على سَبْعَة أعظم.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
" أمرت أَن أَسجد على سَبْعَة أعظمٍ: على الْجَبْهَة - وَأَشَارَ بِيَدِهِ على أَنفه - وَالْيَدَيْنِ والركبتين وأطراف الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نكفت الثِّيَاب وَلَا الشّعْر.
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة عَن ابْن طَاوس:
أَمر النَّبِي أَن يسْجد مِنْهُ على سَبْعَة، وَنهي أَن يكفت الشّعْر وَالثيَاب.
وَقد روى مسلمٌ نَحوه أَيْضا من حَدِيث حَمَّاد بن زِيَاد عَن عَمْرو بن دِينَار.
وروى أَيْضا من حَدِيث بكير بن عبد الله بن الْأَشَج عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس:
أَنه رأى عبد الله بن الْحَارِث يُصَلِّي وَرَأسه معقوص من وَرَائه، فَقَامَ فَجعل يحله، فَلَمَّا انْصَرف أقبل إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: مَالك ولرأسي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " إِنَّمَا مثل هَذَا مثل الَّذِي يُصَلِّي وَهُوَ مكتوفٌ ".
1000 -
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس من رِوَايَة عَمْرو بن دِينَار عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أما الَّذِي نهى عَنهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَهُوَ الطَّعَام أَن يُبَاع حَتَّى يقبض. قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلَا أَحسب كل شَيْء إِلَّا مثله.
وَلَفظ حَدِيث حَمَّاد بن زيد: أَنه عليه السلام قَالَ:
" من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه ".
وَقد أَخْرجَاهُ من حَدِيث ابْن طَاوس عَن أَبِيه بِنَحْوِهِ:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى أَن يَبِيع الرجل طَعَاما حَتَّى يَسْتَوْفِيه. قلت لِابْنِ عَبَّاس: كَيفَ ذَاك؟ قَالَ: ذَاك دَرَاهِم بِدَرَاهِم، وَالطَّعَام مرجئاً.
وَفِي حَدِيث معمر وَغَيره:
" من ابْتَاعَ طَعَاما فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يقبضهُ ". وَمِنْهُم من قَالَ: " حَتَّى يكتاله ".
1001 -
الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج إِلَى أَرض تهتز زرعا، فَقَالَ:" لمن هَذِه؟ " فَقَالُوا: اكتراها فلَان فَقَالَ: " أما إِنَّه لَو منحها إِيَّاه كَانَ خيرا لَهُ من أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا أجرا مَعْلُوما ".
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد عَن عَمْرو:
أَن مُجَاهدًا قَالَ لطاوس: انْطلق بِنَا إِلَى ابْن رَافع بن خديج فاستمع مِنْهُ الحَدِيث عَن أَبِيه عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فانتهره وَقَالَ:
إِنِّي وَالله لَو أعلم أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَنهُ مَا فعلته، وَلَكِن حَدثنِي من هُوَ أعلم بِهِ مِنْهُم - يَعْنِي ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لِأَن يمنح الرجل
أَخَاهُ أرضه خيرٌ لَهُ من أَن يَأْخُذ عَلَيْهَا خرجا مَعْلُوما ".
وَقد أخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث ابْن طَاوس عَن أَبِيه بِنَحْوِهِ، قَالَ: وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هُوَ الحقل، وَهُوَ بِلِسَان الْأَنْصَار: المحاقلة.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن ميسرَة عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " من كَانَت لَهُ أرضٌ فَإِنَّهُ إِن يمنحها أَخَاهُ خيرٌ لَهُ ". لم يزدْ.
1002 -
السَّادِس وَالْعشْرُونَ: فِي الْمَوَاقِيت: عَن عَمْرو عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: " وَقت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لأهل الْمَدِينَة ذَا الحليفة، وَلأَهل الشَّام الْجحْفَة، وَلأَهل نجد قرن الْمنَازل، وَلأَهل الْيمن يَلَمْلَم، قَالَ: " فهن لَهُنَّ وَلمن أَتَى عَلَيْهِنَّ من غير أهلهن لمن كَانَ يُرِيد الْحَج وَالْعمْرَة. فَمن كَانَ دونهن فمهله من أَهله، وكذاك حَتَّى أهل مَكَّة يهلون مِنْهَا. " وَفِي رِوَايَة:" وَمن كَانَ دون ذَاك فَمن حَيْثُ أنشأ، حَتَّى أهل مَكَّة من مَكَّة ".
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة عبد الله بن طَاوس عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقت
…
وَذكره بِمَعْنَاهُ.
1003 -
السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عَمْرو عَنْهُمَا عَنهُ قَالَ: احْتجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ محرمٌ.
وَفِي رِوَايَة عَليّ بن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان عَن عَمْرو قَالَ:
أول مَا سمعته عَن عَطاء يَقُول: سَمِعت ابْن عَبَّاس، ثمَّ سمعته يَقُول: حَدثنِي طَاوس عَن ابْن عَبَّاس. فَقلت: لَعَلَّه سَمعه مِنْهُمَا.
وَقد أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم احْتجم وَهُوَ محرمٌ. وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صائمٌ.
وَمن حَدِيث هِشَام بن حسان القردوسي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احْتجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي رَأسه وَهُوَ محرمٌ، من وجعٍ كَانَ بِهِ - بماءٍ يُقَال لَهُ لحي جمل. وَقَالَ مُحَمَّد بن سَوَاء عَن هِشَام: من شَقِيقَة كَانَت بِهِ. @ 1004 - الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن طَاوس من رِوَايَة إِبْرَاهِيم بن ميسرَة عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس: أَنه ذكر قَول النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة. قَالَ: فَقلت لِابْنِ عَبَّاس: أيمس طيبا أَو دهناً إِن كَانَ عِنْد أَهله؟ قَالَ: لَا أعلمهُ.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث الزُّهْرِيّ، قَالَ طَاوس: قلت لِابْنِ عَبَّاس: ذكرُوا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
اغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة واغسلوا رؤوسكم، وَإِن لم تَكُونُوا جنبا، وأصيبوا من الطّيب " قَالَ ابْن عَبَّاس: أما الْغسْل فَنعم، وَأما الطّيب فَلَا أَدْرِي. @ 1005 - التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن الْحسن بن مُسلم بن يناقٍ عَن طَاوس عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: شهِدت الصَّلَاة يَوْم الْفطر مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأبي بكر وَعمر وَعُثْمَان.
فكلهم يُصليهَا قبل الْخطْبَة ثمَّ يخْطب بعد، فَنزل نَبِي الله صلى الله عليه وسلم، وَكَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ حِين يجلس الرِّجَال بِيَدِهِ، ثمَّ أقبل يشقهم حَتَّى أَتَى النِّسَاء مَعَ بِلَال، فَقَرَأَ: (يَا أَيهَا النَّبِي
إِذا جَاءَك الْمُؤْمِنَات يبايعنك على أَن لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّه شَيْئا وَلَا يَسْرِقن وَلَا يَزْنِين وَلَا يقتلن أَوْلَادهنَّ} حَتَّى فرغ من الْآيَة كلهَا [الممتحنة]، ثمَّ قَالَ حِين فرغ:" أنتن على ذَلِك؟ " فَقَالَت امرأةٌ واحدةٌ، لم يجبهُ غَيرهَا: نعم يَا رَسُول الله. لَا يدْرِي الْحسن من هِيَ. قَالَ: فتصدقن، وَبسط بلالٌ ثَوْبه، فَجعلْنَ يلقين الفتخ وَالْخَوَاتِيم فِي ثوب بِلَال.
وَفِي حَدِيث أبي عَاصِم:
شهِدت الْعِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
.
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عِنْد قَوْله:
فَبسط بلالٌ ثَوْبه، وَقَالَ: هَلُمَّ، فدَاء لَكِن أبي وَأمي. فيلقين الفتخ وَالْخَوَاتِيم. قَالَ عبد الرَّزَّاق: الفتخ: الخواتيم الْعِظَام كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ:
أشهد على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ عَطاء: أشهد على ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج وَمَعَهُ بلالٌ، فَظن أَنه لم يسمع النِّسَاء، فوعظهن وأمرهن بِالصَّدَقَةِ، فَجعلت الْمَرْأَة تلقي القرط والخاتم وَالشَّيْء، وبلالٌ يَأْخُذ فِي طرف ثَوْبه.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث عدي بن ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
خرج النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَوْم عيدٍ فصلى رَكْعَتَيْنِ، لم يصل قبلهَا وَلَا بعْدهَا، ثمَّ أَتَى النِّسَاء وبلالٌ مَعَه، فأمرهن بِالصَّدَقَةِ، فَجعلت الْمَرْأَة تصدق بِخرْصِهَا وسخابها. وَفِي رِوَايَة معَاذ بن معَاذ عَن شُعْبَة: خرج فِي يَوْم أضحى أَو فطر. وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان ابْن حَرْب عَنهُ: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم صلى يَوْم الْفطر رَكْعَتَيْنِ. . الحَدِيث.
وَأَخْرَجَا عَن عَطاء بن أبي رَبَاح أَن ابْن عَبَّاس أرسل إِلَى ابْن الزبير أول مَا بُويِعَ لَهُ: أَنه لم يكن يُؤذن للصَّلَاة يَوْم الْفطر، فَلَا تؤذن لَهَا. قَالَ: فَلم يُؤذن لَهَا ابْن الزبير يَوْمه. وَأرْسل إِلَيْهِ مَعَ ذَلِك: إِنَّمَا الْخطْبَة بعد الصَّلَاة، وَأَن ذَلِك قد كَانَ يفعل. قَالَ: فصلى ابْن الزبير قبل الْخطْبَة.
وَعَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَعَن جَابر بن عبد الله قَالَا: لم يكن يُؤذن يَوْم الْفطر وَلَا يَوْم الْأَضْحَى.
جعل ابْن مَسْعُود هَذَا وَالَّذِي قبله فِي الْأَذَان طرفا من حَدِيث عَطاء فِي وعظ النِّسَاء، وَجمع أَسَانِيد ذَلِك فِي الأول، وَلم يذكر متن الْأَذَان، وَيحْتَمل أَن يفرد ذَلِك من حَدِيث الْأَذَان؛ لِأَنَّهُمَا مَعْنيانِ مُخْتَلِفَانِ، وَلِأَنَّهُمَا أفرداه عَن الأول فِي الْكِتَابَيْنِ.
1006 -
الثَّلَاثُونَ: عَن سُلَيْمَان بن أبي مُسلم الْأَحول عَن طَاوس: أَنه سمع ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِذا قَامَ من اللَّيْل يتهجد قَالَ: " اللَّهُمَّ رَبنَا لَك الْحَمد، أَنْت قيم السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمد، أَنْت نور السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمد، أَنْت ملك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ، وَلَك الْحَمد، أَنْت الْحق، وَوَعدك الْحق، ولقاؤك حقٌّ، وقولك حقٌّ، وَالْجنَّة حقٌّ، وَالنَّار حقٌّ، والنبيون حقٌّ، ومحمدٌ حقٌّ، والساعة حقٌّ. اللَّهُمَّ لَك أسلمت، وَبِك آمَنت، وَعَلَيْك توكلت، وَإِلَيْك أنبت، وَبِك خَاصَمت، وَإِلَيْك حاكمت، فَاغْفِر لي مَا قدمت وَمَا أخرت، وَمَا أسررت وَمَا أعلنت.
وَفِي حَدِيث ثَابت بن مُحَمَّد:
" وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني. أَنْت الْمُقدم وَأَنت الْمُؤخر، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، أَو: لَا إِلَه غَيْرك ".
وَفِي حَدِيث قبيصَة:
" اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، أَنْت رب السَّمَوَات وَالْأَرْض " وَفِي رِوَايَة ثَابت بن مُحَمَّد، ومحمودٍ بن غيلَان:" وَلَك الْحَمد، أَنْت رب السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمن فِيهِنَّ ".
وَأخرجه مُسلم من رِوَايَة أبي الزبير عَن طَاوس، وَعَن قيس بن سعد عَنهُ بقريب مِمَّا تقدم.
قَالَ أَبُو مَسْعُود: فِي حَدِيث قيس بن سعد:
إِن النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا قَامَ من اللَّيْل كبر، ثمَّ قَالَ:" اللَّهُمَّ لَك الْحَمد، أَنْت قيام السَّمَوَات وَالْأَرْض " قَالَ: ثمَّ ذكره.
1007 -
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ألْحقُوا الْفَرَائِض بِأَهْلِهَا، فَمَا بَقِي فَهُوَ لأولى رجل ذكر ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن معمر:
" اقسموا المَال بَين أهل الْفَرَائِض على كتاب الله، فَمَا تركت الْفَرَائِض فَلأولى رجلٍ ذكر ".
1008 -
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تلقوا الركْبَان، وَلَا يبع حاضرٌ لبادٍ " فَقلت لِابْنِ عَبَّاس: مَا قَوْله: " لَا يبع حاضرٌ لبادٍ "؟ قَالَ: لَا يكون لَهُ سمساراً.
1009 -
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن ابْن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم احْتجم وَأعْطى الْحجام أجره، واستعط.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث خَالِد عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احْتجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم [وَأعْطى الْحجام أجره] وَلَو علم كَرَاهِيَة لم يُعْطه.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من رِوَايَة عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: احْتجم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأعْطى الَّذِي حجمه، وَلَو كَانَ حَرَامًا لم يُعْطه.
وَلمُسلم من رِوَايَة الشّعبِيّ عَامر بن شرَاحِيل عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: حجم النَّبِي صلى الله عليه وسلم عبدٌ لبني بياضة، فَأعْطَاهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أجره، وكلم سَيّده فَخفف عَنهُ من ضريبته، وَلَو كَانَ سحتاً لم يُعْطه النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
1010 -
الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قيل لَهُ فِي الذّبْح وَالْحلق وَالرَّمْي والتقديم وَالتَّأْخِير، فَقَالَ:" لَا حرج ".
وَأخرجه البُخَارِيّ من رِوَايَة خَالِد بن مهْرَان الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يسْأَل يَوْم النَّحْر بمنى فَيَقُول " لَا حرج ". فَسَأَلَهُ رجلٌ فَقَالَ: حلقت قبل أَن أذبح. قَالَ: " اذْبَحْ وَلَا حرج " قَالَ: رميت بَعْدَمَا أمسيت. فَقَالَ: " لَا حرج ".
وَعند البُخَارِيّ من رِوَايَة عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَمَّن حلق قبل أَن يذبح، وَنَحْوه، فَقَالَ:" لَا حرج، لَا حرج ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن رفيع عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
قَالَ رجلٌ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: زرت قبل أَن أرمي. قَالَ: " لَا حرج ". قَالَ: حلقت قبل أَن أذبح.
قَالَ: " لَا حرج " قَالَ: " ذبحت قبل أَن أرمي " قَالَ: " لَا حرج ".
وَعِنْده من حَدِيث أَيُّوب عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم سُئِلَ فِي حجَّته عَن الذّبْح قبل الرَّمْي، وَعَن الْحلق قبل الذّبْح، فَأَوْمأ بِيَدِهِ، قَالَ:" لَا حرج ".
وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عبد الله بن خثيم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه سُئِلَ عَن التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير فِي الْحلق وَالرَّمْي، فَقَالَ:" لَا حرج ".
1011 -
الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: رخص للحائض أَن تنفر إِذا حَاضَت. وَكَانَ ابْن عمر يَقُول فِي أول أمره: إِنَّهَا لَا تنفر، ثمَّ سمعته يَقُول: تنفر؛ إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رخص لَهُنَّ.
وَلَفظ حَدِيث سعيد بن مَنْصُور أَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
أَمر النَّاس أَن يكون آخر عَهدهم بِالْبَيْتِ إِلَّا أَنه خفف عَن الْمَرْأَة الْحَائِض.
وَعند مُسلم من رِوَايَة الْحسن بن مُسلم عَن طَاوس قَالَ:
كنت مَعَ ابْن عَبَّاس وَقَالَ لَهُ زيد بن ثَابت: تُفْتِي أَن تصدر الْحَائِض قبل أَن يكون آخر عهدها بِالْبَيْتِ؟ فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِمَّا لَا، فسل فُلَانَة الْأَنْصَارِيَّة، هَل أمرهَا بذلك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَرجع زيد إِلَى ابْن عَبَّاس يضْحك وَهُوَ يَقُول: مَا أَرَاك إِلَّا قد صدقت.
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث قَتَادَة وَأَيوب وخَالِد الْحذاء عَن عِكْرِمَة:
أَن أهل الْمَدِينَة سَأَلُوا ابْن عَبَّاس عَن امْرَأَة طافت ثمَّ حَاضَت. قَالَ لَهُم: تنفر. قَالُوا: لَا نَأْخُذ بِقَوْلِك وَنَدع قَول زيد. قَالَ: إِذا قدمتم الْمَدِينَة فَسَلُوا. فقدموا الْمَدِينَة فسألوا،
فَكَانَ فِيمَن سَأَلُوا أم سليم، فَذكرت حَدِيث صَفِيَّة. يَعْنِي فِي الْإِذْن لَهَا بِأَن تنفر. @ 1012 - السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن طَاوس عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانُوا يرَوْنَ أَن الْعمرَة فِي أشهر الْحَج من أفجر الْفُجُور فِي الأَرْض، وَكَانُوا يسمون الْمحرم صفر. وَيَقُولُونَ: إِذا برأَ الدبر، وَعَفا الْأَثر، وانسلخ صفر، حلت الْعمرَة لمن اعْتَمر. قَالَ: فَقدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه صَبِيحَة رابعةٍ مهلين بِالْحَجِّ، فَأَمرهمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يجعلوها عمْرَة، فتعاظم ذَلِك عِنْدهم، فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، أَي الْحل؟ قَالَ:" الْحل كُله ".
قَالَ البُخَارِيّ: قَالَ ابْن الْمَدِينِيّ: قَالَ لنا سُفْيَان: كَانَ عَمْرو يَقُول: إِن هَذَا الحَدِيث لَهُ شَأْن.
وَأَخْرَجَا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث أبي الْعَالِيَة الْبَراء، قيل: اسْمه زِيَاد، وَقيل: كُلْثُوم بن فَيْرُوز، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه لصبح رابعةٍ يلبون بِالْحَجِّ، فَأَمرهمْ أَن يجعلوها عمْرَة، إِلَّا من مَعَه هدي.
وَفِي حَدِيث نصر بن عَليّ:
أهل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْحَجِّ فَقدم لأَرْبَع مضين من ذِي الْحجَّة، فصلى الصُّبْح، وَقَالَ حِين صلى الصُّبْح: " من شَاءَ أَن يَجْعَلهَا عمْرَة
فليجعلها عمْرَة "، وَمِنْهُم من قَالَ: فصلى الصُّبْح بالبطحاء. . وَمِنْهُم من قَالَ: بِذِي طوى.
وَعند مُسلم من حَدِيث مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " هَذِه عمرةٌ استمتعنا بهَا، فَمن لم يكن مَعَه الْهَدْي فليحل الْحل كُله، فَإِن الْعمرَة قد دخلت فِي الْحَج إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
1013 -
السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله بن أبي يزِيد الْمَكِّيّ عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَتَى الْخَلَاء، فَوضعت لَهُ وضُوءًا، فَلَمَّا خرج قَالَ:" من وضع هَذَا؟ " فَأخْبر. فِي كتاب مُسلم قَالَ: " اللَّهُمَّ فقهه " وَفِي كتاب البُخَارِيّ قَالَ: " اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين ".
وَحكى أَبُو مَسْعُود قَالَ:
اللَّهُمَّ فقهه فِي الدّين، وَعلمه التَّأْوِيل "، وَلم أَجِدهُ فِي الْكِتَابَيْنِ.
وروى البُخَارِيّ من حَدِيث الْحذاء عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
ضمني النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَى صَدره وَقَالَ:
اللَّهُمَّ علمه الْحِكْمَة " وَفِي رِوَايَة وهيب: " علمه الْكتاب ".
1014 -
الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن أبي يزِيد أَنه سمع ابْن عَبَّاس وَسُئِلَ عَن صِيَام عَاشُورَاء، فَقَالَ مَا علمت أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صَامَ يَوْمًا يطْلب فَضله على الْأَيَّام إِلَّا هَذَا الْيَوْم، وَلَا شهرا إِلَّا هَذَا الشَّهْر، يَعْنِي رَمَضَان.
وَفِي حَدِيث عبيد الله بن مُوسَى:
مَا رَأَيْت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يتحَرَّى صِيَام يَوْم فَضله على غَيره إِلَّا هَذَا الْيَوْم - يَوْم عَاشُورَاء، وَهَذَا الشَّهْر يَعْنِي شهر رَمَضَان.
1015 -
التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبيد الله بن أبي يزِيد أَنه سمع ابْن عَبَّاس يَقُول: أَنا مِمَّن قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة فِي ضعفة أَهله.
قَالَ أَبُو مَسْعُود فِي هَذِه التَّرْجَمَة: وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن زيد: بعثنَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي الثّقل من جمع بليلٍ، ورمينا قبل أَن يأتينا النَّاس. وَقَالَ أَبُو مَسْعُود: وَفِي حَدِيث عبد الله بن مُحَمَّد بن سُفْيَان: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ. ذكره مَعَ هَذَا الحَدِيث فِيمَن قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة الْمزْدَلِفَة. وَقَوله: كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ. إِنَّمَا هُوَ فِي أَمر الْهِجْرَة، وكونهم بِمَكَّة ممنوعين من الْخُرُوج. وَإِنَّمَا ذكره البُخَارِيّ فِي تَفْسِير سُورَة النِّسَاء لذَلِك، وَقرن مَعَه مَا أخرجه من حَدِيث أبي مليكَة عَن ابْن عَبَّاس: تَلا ابْن عَبَّاس: {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ من الرِّجَال وَالنِّسَاء} [النِّسَاء]، فَقَالَ: كنت أَنا وَأمي مِمَّن عذر الله. وَهُوَ فِي أَفْرَاده.
وَقد رُوِيَ من حَدِيث سُفْيَان عَن عبيد الله عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
كنت أَنا وَأمي من الْمُسْتَضْعَفِينَ، أَنا من الْولدَان، وَأمي من النِّسَاء، وَلم يذكر البُخَارِيّ هَذَا اللَّفْظ فِي كتاب " الْحَج " أصلا. وَأما مُسلم فَلَيْسَ هَذَا اللَّفْظ فِيمَا أخرجه. والمستضعف غير الضَّعِيف.
1016 -
الْأَرْبَعُونَ: عَن أبي معبد مولى ابْن عَبَّاس - واسْمه نَافِذ - عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معَاذًا إِلَى الْيمن قَالَ: " إِنَّك تقدم على قومٍ أهل كتاب، فَلْيَكُن أول مَا تدعوهم إِلَيْهِ عبَادَة الله عز وجل، فَإِذا عرفُوا الله فَأخْبرهُم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم خمس صلواتٍ فِي يومهم وليلتهم، فَإِذا فعلوا فَأخْبرهُم أَن الله قد فرض عَلَيْهِم زَكَاة تُؤْخَذ من أَمْوَالهم وَترد على فقرائهم، فَإِذا أطاعوا بهَا فَخذ مِنْهُم، وتوق كرائم أَمْوَالهم ". زَاد فِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك ووكيع: " وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَينه وَبَين الله حجابٌ ".
رِوَايَات البُخَارِيّ كلهَا هَكَذَا على أَنه من مُسْند ابْن عَبَّاس، وَكَذَلِكَ عِنْد مُسلم فِي رِوَايَته عَن ابْن أبي عمر وَعبد بن حميد. وَأما فِي رِوَايَته عَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَأبي كريب وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَن وَكِيع، فَإِن هَؤُلَاءِ قَالُوا فِيهِ: عَن أبي معبد عَن ابْن عَبَّاس عَن معَاذ بن جبل قَالَ:
بَعَثَنِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِنَّك تَأتي قوما من أهل الْكتاب، فادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله
…
. " وَذكر الحَدِيث بِنَحْوِهِ. وَكَانَ يَنْبَغِي أَن يخرج فِي أَفْرَاد مُسلم لذكره إِيَّاه وَحده عَن ابْن عَبَّاس عَن معَاذ، وَلَكِن أوردناه كَمَا أوردهُ أَبُو مَسْعُود، وَنَبَّهنَا عَلَيْهِ.
1017 -
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي معبدٍ عَن ابْن عَبَّاس: أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْطب، يَقُول:" لَا يخلون رجلٌ بامرأةٍ إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرمٍ، وَلَا تُسَافِر الْمَرْأَة إِلَّا مَعَ ذِي محرم " فَقَامَ رجل فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِن امْرَأَتي خرجت حَاجَة، وَإِنِّي اكتتبت فِي غَزْوَة كَذَا وَكَذَا، قَالَ:" انْطلق فحج مَعَ امْرَأَتك ".
1018 -
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي معبدٍ عَن ابْن عَبَّاس: أَن رفع الصَّوْت بِالذكر حِين ينْصَرف النَّاس من الْمَكْتُوبَة كَانَ على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ ابْن عَبَّاس: كنت أعلم إِذا انصرفوا بذلك إِذا سمعته.
وَفِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة:
مَا كُنَّا نَعْرِف انْقِضَاء صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَّا بِالتَّكْبِيرِ. قَالَ عَمْرو: وَأَخْبرنِي بِهِ أَبُو معبد، ثمَّ أنكرهُ بعد.
1019 -
الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: فِي قيام اللَّيْل: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة لَيْلَة، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم من اللَّيْل فَتَوَضَّأ من شن مُعَلّق وضُوءًا خَفِيفا، يخففه عَمْرو ويقلله - وَقَامَ يُصَلِّي، قَالَ: فَقُمْت فَتَوَضَّأت نَحوا مِمَّا تَوَضَّأ، ثمَّ جِئْت فَقُمْت عَن يسَاره، وَرُبمَا قَالَ سُفْيَان: عَن شِمَاله، فحولني فجعلني عَن يَمِينه، ثمَّ صلى مَا شَاءَ الله، ثمَّ اضْطجع فَنَامَ حَتَّى نفخ، ثمَّ أَتَاهُ الْمُنَادِي فآذنه بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ مَعَه إِلَى الصَّلَاة فصلى الصُّبْح وَلم يتَوَضَّأ.
قَالَ سُفْيَان، وَهَذَا للنَّبِي صلى الله عليه وسلم خَاصَّة؛ لِأَنَّهُ بلغنَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تنام عَيناهُ وَلَا ينَام قلبه. وَفِي رِوَايَة ابْن الْمَدِينِيّ عَن سُفْيَان قَالَ:
قُلْنَا لعَمْرو: إِن نَاسا يَقُولُونَ: إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم تنام عينه وَلَا ينَام قلبه. فَقَالَ عَمْرو: سَمِعت عبيد بن عُمَيْر يَقُول: رُؤْيا الْأَنْبِيَاء وَحي، ثمَّ قَرَأَ:{إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك} [سُورَة الصافات] .
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة شريك بن عبد الله بن أبي نمر الْقرشِي عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
بت فِي بَيت مَيْمُونَة، فَتحدث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهله سَاعَة ثمَّ رقد، فَلَمَّا كَانَ ثلث اللَّيْل الآخر قعد، فَنظر إِلَى السَّمَاء فَقَالَ:{إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} [سُورَة آل عمرَان] ، ثمَّ قَامَ فَتَوَضَّأ، واستن، فصلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، ثمَّ أذن فصلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ خرج.
وَفِي رِوَايَة أبي بكر مُحَمَّد بن إِسْحَاق أَنه قَالَ:
رقدت فِي بَيت مَيْمُونَة لَيْلَة كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْدهَا، لأنظر كَيفَ صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فَتحدث النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَعَ أَهله سَاعَة، ثمَّ رقد
…
الحَدِيث.
وَأَخْرَجَاهُ من رِوَايَة مخرمَة بن سُلَيْمَان الْأَسدي عَن كريب مولى ابْن عَبَّاس أَنه أخبرهُ عَن ابْن عَبَّاس:
أَنه بَات عِنْد مَيْمُونَة أم الْمُؤمنِينَ - وَهِي خَالَته - فِي رِوَايَة ابْن مهْدي عَن مَالك قَالَ: فَقلت: لأنظرن إِلَى صَلَاة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فطرحت لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم وسَادَة - وَفِي حَدِيث عبد الله بن يُوسُف قَالَ: فاضطجعت على عرض الوسادة. واضطجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأَهله فِي طولهَا فَنَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى انتصف اللَّيْل أَو قبله بِقَلِيل أَو بعده بِقَلِيل، ثمَّ اسْتَيْقَظَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَجَلَسَ يمسح النّوم عَن وَجهه بيدَيْهِ، ثمَّ قَرَأَ الْعشْر الْآيَات الْخَوَاتِم من سُورَة آل عمرَان، ثمَّ قَامَ إِلَى شن معلقةٍ، فَتَوَضَّأ مِنْهَا وَأحسن وضوءه، ثمَّ قَامَ يُصَلِّي، فَقَالَ عبد الله بن عَبَّاس: فَقُمْت فصنعت مثل مَا صنع، ثمَّ ذهب، فَقُمْت إِلَى جنبه، فَوضع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده الْيُمْنَى على رَأْسِي، وَأخذ بأذني الْيُمْنَى يفتلها، فصلى رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ أوتر، ثمَّ اضْطجع حَتَّى جَاءَ الْمُؤَذّن، فَقَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين، ثمَّ خرج فصلى الصُّبْح.
وَفِي حَدِيث عبد ربه بن سعيد عَن مخرمَة عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: نمت عِنْد مَيْمُونَة وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْدهَا تِلْكَ اللَّيْلَة، فَتَوَضَّأ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قَامَ فصلى، فَقُمْت عَن يسَاره، فأخذني فجعلني عَن يَمِينه، فصلى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ثمَّ نَام رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى نفخ، وَكَانَ إِذا نَام نفخ، ثمَّ أَتَاهُ الْمُؤَذّن،
فَخرج فصلى وَلم يتَوَضَّأ قَالَ عَمْرو بن الْحَارِث: فَحدثت بِهِ بكير بن الْأَشَج فَقَالَ: حَدثنِي كريبٌ بذلك.
وَفِي حَدِيث الضَّحَّاك بن عُثْمَان عَن مخرمَة قَالَ: بت لَيْلَة عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث، فَقلت لَهَا:
إِذا قَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فأيقظيني، فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقُمْت إِلَى جنبه الْأَيْسَر، فَأخذ بيَدي فجعلني من شقَّه الْأَيْمن، فَجعلت إِذا أغفيت يَأْخُذ بشحمة أُذُنِي، قَالَ: فصلى إِحْدَى عشرَة رَكْعَة، ثمَّ احتبى حَتَّى إِنِّي لأسْمع نَفسه رَاقِدًا، فَلَمَّا تبين لَهُ الْفجْر صلى رَكْعَتَيْنِ خفيفتين.
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من رِوَايَة سَلمَة بن كهيل عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بت عِنْد مَيْمُونَة، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَأتى حَاجته، ثمَّ غسل وَجهه وَيَديه، ثمَّ نَام، ثمَّ قَامَ فَأتى الْقرْبَة فَأطلق شناقها، ثمَّ تَوَضَّأ وضُوءًا بَين الوضوءين، لم يكثر، وَقد أبلغ، ثمَّ قَامَ فصلى، فَقُمْت كَرَاهِيَة أَن يرى أَنِّي كنت أتقيه، فَتَوَضَّأت، وَقَامَ يُصَلِّي فَقُمْت عَن يسَاره، فَأخذ بيَدي، فأدارني عَن يَمِينه، فتتامت صلَاته ثَلَاث عشرَة رَكْعَة، ثمَّ اضْطجع، فَنَامَ حَتَّى نفخ، وَكَانَ إِذا نَام نفخ، فَأَتَاهُ بلالٌ فآذنه بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ فصلى وَلم يتَوَضَّأ، وَكَانَ يَقُول فِي دُعَائِهِ:" اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا، وَفِي بَصرِي نورا، وَفِي سَمْعِي نورا، وَعَن يَمِيني نورا، وَعَن يساري نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وأمامي نورا، وَخَلْفِي نورا، وَاجعَل لي نورا ". قَالَ كريب: وَسبع فِي التابوت، فَلَقِيت رجلا من ولد الْعَبَّاس، فَحَدثني بِهن، فَذكر عصبي، ولحمي، وَدمِي، وشعري، وبشري، وَذكر خَصْلَتَيْنِ. هَذَا لفظ حَدِيث الثَّوْريّ.
وَفِي حَدِيث عبد الله بن هَاشم فِي آخِره: " وَعظم لي نورا " بدل قَوْله: " وَاجعَل لي نورا " وَفِيه: كَرَاهِيَة أَن يرى أَنِّي كنت أنتبه لَهُ. وَفِي رِوَايَة ابْن الْمَدِينِيّ: كَرَاهِيَة أَن يرى أَنِّي كنت أتقيه. وَقيل: مَعْنَاهُ أنتظره. وَعند البرقاني: كَرَاهِيَة أَن يرى أَنِّي كنت أرتقبه. وأظن أَن هَذَا هُوَ الصَّحِيح، وَالله أعلم. وَقد صَحَّ أَيْضا الأول فِي حَيْثُ اللُّغَة.
وَأول حَدِيث شُعْبَة: بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة، فَبَقيت - وَفِي رِوَايَة: فرقبت، وَفِي حَاشِيَة كتاب البرقاني بِخَطِّهِ: فرمقت كَيفَ يُصَلِّي النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَذكر نَحوه إِلَى أَن قَالَ: ثمَّ نَام حَتَّى نفخ، وَكُنَّا نعرفه إِذا نَام بنفخه، ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة فصلى، فَجعل يَقُول فِي صلَاته، أَو فِي سُجُوده:
" اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا، وَفِي سَمْعِي نورا، وَفِي بَصرِي نورا، وَعَن يَمِيني نورا، وَعَن شمَالي نورا، وأمامي نورا، وَخَلْفِي نورا، وفوقي نورا، وتحتي نورا، وَاجعَل لي نورا - أَو قَالَ: واجعلني نورا ". وَلم يذكر: فَلَقِيت بعض ولد الْعَبَّاس.
وَفِي حَدِيث النَّضر بن شُمَيْل نَحوه، وَقَالَ:" اجْعَلنِي نورا " وَلم يشك.
وَفِي حَدِيث عقيل:
فَدَعَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذٍ تسع عشرَة كلمة، قَالَ سَلمَة حدثنيها كريب، فَحفِظت مِنْهَا اثْنَتَيْ عشرَة ونسيت مَا بَقِي، قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " اللَّهُمَّ اجْعَل لي فِي قلبِي نورا، وَفِي لساني نورا، وَفِي سَمْعِي نورا، وَفِي بَصرِي نورا، وَمن فَوقِي نورا، وَمن تحتي نورا، وَعَن يَمِيني نورا، وَعَن شمَالي نورا، وَمن بَين يَدي نورا، وَمن خَلْفي نورا، وَاجعَل لي فِي نَفسِي نورا، وَأعظم لي نورا ".
وَفِي رِوَايَة سعيد بن مَسْرُوق عَن سَلمَة قَالَ: " بت عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة
…
" فاقتص الحَدِيث وَلم يذكر غسل الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ، غير أَنه قَالَ:
أَتَى الْقرْبَة فَحل شناقها فَتَوَضَّأ وضُوءًا بَين الوضوءين، ثمَّ أَتَى فرَاشه فَنَامَ، ثمَّ قَامَ قومة أُخْرَى، فَأتى الْقرْبَة، فَحل شناقها، ثمَّ تَوَضَّأ وضُوءًا هُوَ الْوضُوء، وَقَالَ "
…
أعظم لي نورا " وَلم يذ كرّ " واجعلني نورا ".
وَأخرجه البُخَارِيّ مُخْتَصرا من حَدِيث عبد الله بن سعيد بن جُبَير عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
بت عِنْد خَالَتِي، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل، فَقُمْت أُصَلِّي مَعَه، فَقُمْت عَن يسَاره، فَأخذ برأسي فأقامني عَن يَمِينه. لم يزدْ.
وَأخرجه من حَدِيث الحكم عَن سعيد بن جُبَير أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: بت فِي بَيت خَالَتِي مَيْمُونَة بنت الْحَارِث زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَتهَا، فصلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْعشَاء، ثمَّ جَاءَ إِلَى منزله فصلى أَربع رَكْعَات ثمَّ نَام، ثمَّ قَامَ، ثمَّ قَالَ:" نَام الغليم " أَو كلمة تشبهها، ثمَّ قَامَ فَقُمْت عَن يسَاره، فجعلني عَن يَمِينه، فصلى خمس رَكْعَات، ثمَّ صلى رَكْعَتَيْنِ ثمَّ نَام حَتَّى سَمِعت غَطِيطه أَو خطيطه، ثمَّ خرج إِلَى الصَّلَاة. لم يزدْ.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
بت عِنْد مَيْمُونَة بنت الْحَارِث خَالَتِي، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عِنْدهَا فِي لَيْلَتهَا، قَالَ: فَقَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي من اللَّيْل، فَقُمْت عَن يسَاره، قَالَ: فَأخذ بذؤابتي فجعلني من يَمِينه، وَفِي حَدِيث النَّاقِد: أَو برأسي.
وَأخرجه من حَدِيث عَامر الشّعبِيّ قَالَ:
قُمْت لَيْلَة أُصَلِّي مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقُمْت عَن يسَاره، فَقَامَ بِيَدِهِ من وَرَائه فَأخذ بيَدي أَو بعضدي حَتَّى أقامني عَن يَمِينه.
وَأخرجه مُسلم مُخْتَصرا من حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
بت ذَات لَيْلَة عِنْد خَالَتِي مَيْمُونَة، فَقَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مُتَطَوعا من اللَّيْل، فَقَامَ إِلَى الْقرْبَة فَتَوَضَّأ، وَقَامَ يُصَلِّي، فَقُمْت، فَلَمَّا رَأَيْته صنع ذَلِك، فَتَوَضَّأت من الْقرْبَة، ثمَّ قُمْت إِلَى شقَّه الْأَيْسَر، فَأخذ بيَدي من وَرَاء ظَهره يعدلني كَذَلِك من وَرَاء ظَهره إِلَى الشق الْأَيْمن. قلت: أَفِي تطوع كَانَ ذَلِك؟ قَالَ: نعم.
وَفِي حَدِيث قيس بن سعد عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
بَعَثَنِي الْعَبَّاس إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيت خَالَتِي مَيْمُونَة، فَبت مَعَه فِي تِلْكَ اللَّيْلَة، فَقَامَ يُصَلِّي من اللَّيْل، فَقُمْت فِي يسَاره، فتناولني من خلف ظَهره فجعلني عَن يَمِينه. لم يزدْ.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس عَن أَبِيه: أَنه رقد عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَاسْتَيْقَظَ فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأ وَهُوَ يَقُول: {إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} فَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَات حَتَّى ختم السُّورَة، ثمَّ قَامَ فصلى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فيهمَا الْقيام وَالرُّكُوع وَالسُّجُود، ثمَّ انْصَرف فَنَامَ حَتَّى نفخ، ثمَّ فعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات: سِتّ رَكْعَات، كل ذَلِك يستاك وَيتَوَضَّأ وَيقْرَأ هَؤُلَاءِ الْآيَات، ثمَّ أوتر بِثَلَاث. فَأذن الْمُؤَذّن، فَخرج إِلَى الصَّلَاة وَهُوَ يَقُول:" اللَّهُمَّ اجْعَل فِي قلبِي نورا، وَفِي لساني نورا، وَاجعَل فِي سَمْعِي نورا، وَاجعَل فِي بَصرِي نورا، وَاجعَل من خَلْفي نورا، وَمن أَمَامِي نورا، وَاجعَل من فَوقِي نورا، وَمن تحتي نورا، اللَّهُمَّ أَعْطِنِي نورا ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي:
أَن ابْن عَبَّاس حَدثهُ أَنه بَات عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة، فَقَامَ نَبِي الله صلى الله عليه وسلم من آخر اللَّيْل فَنظر إِلَى السَّمَاء، ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة فِي آل عمرَان:{إِن فِي خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار لآيَات لأولي الْأَلْبَاب} حَتَّى بلغ: {فقنا عَذَاب النَّار} ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْبَيْت فَتَسَوَّكَ وَتَوَضَّأ، ثمَّ قَامَ فصلى، ثمَّ اضْطجع، ثمَّ قَامَ فَخرج ينظر إِلَى السَّمَاء، ثمَّ تَلا هَذِه الْآيَة، ثمَّ رَجَعَ فَتَسَوَّكَ، فَتَوَضَّأ، ثمَّ قَامَ فصلى.
1020 -
الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن سَالم بن أبي الْجَعْد - وَاسم أبي الْجَعْد رَافع، عَن كريب عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَو أَن أحدهم إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي أَهله قَالَ: بِسم الله، اللَّهُمَّ جنبنا الشَّيْطَان، وجنب الشَّيْطَان مَا رزقتنا، فَإِنَّهُ إِن يقدر بَينهمَا ولدٌ فِي ذَلِك، لم يضرّهُ الشَّيْطَان أبدا ".
وَمن الروَاة من قَالَ:
لَو أَن أحدكُم إِذا أَتَى أَهله قَالَ: بِسم الله " وَمِنْهُم من قَالَ: " لَو أَن أحدهم يَقُول حِين يَأْتِي أَهله: بِسم الله
…
" ثمَّ ذكر نَحوه.
1021 -
الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مُجَاهِد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: نصرت بالصبا وأهلكت عادٌ بالدبور ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث مَسْعُود بن مَالك عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس مُسْندًا. @ 1022 - السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن مُجَاهِد أَنه سمع ابْن عَبَّاس وَذكروا لَهُ
الدَّجَّال، بَين عَيْنَيْهِ كَافِر، أَو: ك ف ر - قَالَ: لم أسمعهُ قَالَ ذَلِك، وَلكنه قَالَ:" أما إِبْرَاهِيم فانظروا إِلَى صَاحبكُم، وَأما مُوسَى فجعد آدم، على جمل أَحْمَر مَخْطُوم بخلبة، كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ انحدر فِي الْوَادي " هَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن عون عَن مُجَاهِد لَهما.
قَالَ أَبُو مَسْعُود: وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي " أَحَادِيث الْأَنْبِيَاء " عَن مُحَمَّد بن كثير عَن إِسْرَائِيل عَن عُثْمَان بن الْمُغيرَة عَن مُجَاهِد عَن ابْن عمر. وَمتْن هَذَا الحَدِيث فِي كتاب البُخَارِيّ:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " رَأَيْت عِيسَى ومُوسَى وَإِبْرَاهِيم، فَأَما عِيسَى فأحمر جعدٌ عريض الصَّدْر، وَأما مُوسَى فآدم جسيم سبط، كَأَنَّهُ من رجال الزط " زَاد البرقاني فِي رِوَايَته من حَدِيث إِسْرَائِيل: فَقيل لَهُ: وَإِبْرَاهِيم؟ قَالَ: " شَبيه صَاحبكُم " وَلَيْسَ ذَلِك عِنْد البُخَارِيّ فِيهِ. ثمَّ قَالَ أَبُو مَسْعُود: هَكَذَا قَالَ البُخَارِيّ فِي جَمِيع الرِّوَايَات عَن ابْن عمر. وَخَالف أَصْحَاب مُحَمَّد بن كثير وَأَصْحَاب إِسْرَائِيل لأَنهم قَالُوا كلهم: عَن مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس.
وَقد أَخْرجَاهُ جَمِيعًا من رِوَايَة أبي الْعَالِيَة الريَاحي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: ذكر النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة أسرِي بِهِ فَقَالَ:
" مُوسَى آدم طوال كَأَنَّهُ من رجال شنُوءَة ". وَقَالَ: " عِيسَى جعدٌ مَرْبُوع " وَذكر مَالِكًا خَازِن النَّار، وَذكر الدَّجَّال. زَاد فِي رِوَايَة شُعْبَة وَسَعِيد وشيبان عَن قَتَادَة: " وَرَأَيْت عِيسَى ابْن مَرْيَم مَرْبُوع الْخلق، إِلَى الْحمرَة
وَالْبَيَاض، سبط الرَّأْس، وَرَأَيْت مَالِكًا خَازِن النَّار، والدجال فِي آياتٍ أراهن الله إِيَّاه {فَلَا تكن فِي مرية من لِقَائِه} [سُورَة السَّجْدَة] .
وَفِي حَدِيث شَيبَان:
وَكَانَ قَتَادَة يُفَسِّرهَا: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد لَقِي مُوسَى صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيث دَاوُد بن أبي هِنْد من رِوَايَة هشيم عَنهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مر بوادي الْأَزْرَق فَقَالَ: " أَي وادٍ هَذَا؟ " قَالُوا: هَذَا وَادي الْأَزْرَق. قَالَ: " كَأَنِّي أنظر إِلَى مُوسَى عليه السلام هابطاً من الثَّنية وَله جؤار إِلَى الله بِالتَّلْبِيَةِ " ثمَّ أَتَى على ثنية هرشى فَقَالَ: " أَي ثنيةٍ هَذِه؟ " قَالُوا: ثنية هرشى، فِي حَدِيث ابْن أبي عدي: قَالَ: " كَأَنِّي أنظر إِلَى يُونُس بن مَتى عليه السلام على ناقةٍ حَمْرَاء جعدةٍ، عَلَيْهِ جبةٌ من صوف، خطام نَاقَته خلبةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي ". قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل فِي حَدِيثه: قَالَ هشيم: يَعْنِي لِيف.
وَفِي حَدِيث ابْن أبي عدي عَن دَاوُد فِي ذكر مُوسَى عليه السلام: " وَاضِعا إصبعيه فِي أُذُنَيْهِ "، وَفِي ذكر يُونُس عليه السلام:" خطام نَاقَته لِيف خلبةٍ، ماراً بِهَذَا الْوَادي ملبياً ".
1023 -
السَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَقِي ناسٌ من الْمُسلمين رجلا فِي غنيمَة لَهُ، فَقَالَ: السَّلَام عَلَيْكُم، فَأَخَذُوهُ فَقَتَلُوهُ، وَأخذُوا تِلْكَ الْغَنِيمَة، فَنزلت:{وَلَا تَقولُوا لمن ألْقى إِلَيْكُم السّلم لست مُؤمنا} [سُورَة النِّسَاء] ، وَقرأَهَا ابْن عَبَّاس {السَّلَام} .
1024 -
الثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذا أكل احدكم طَعَاما فَلَا يمسح يَده حَتَّى يلعقها أَو يلعقها ". @ 1025 - التَّاسِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: إِنَّمَا سعى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِالْبَيْتِ وَبَين الصَّفَا والمروة ليري الْمُشْركين قوته.
وَقد أخرجَا هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث سعيد بن جُبَير من رِوَايَة أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
قدم الرَّسُول صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه مَكَّة وَقد وهنتهم حمى يثرب، فَقَالَ الْمُشْركُونَ: إِنَّه يقدم عَلَيْكُم غَدا قومٌ قد وهنتهم الْحمى، ولقوا مِنْهَا شدَّة، فجلسوا مِمَّا يَلِي الْحجر، وَأمرهمْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يرملوا ثَلَاثَة أَشْوَاط، ويمشوا مَا بَين الرُّكْنَيْنِ ليرى الْمُشْركُونَ جلدهمْ. فَقَالَ الْمُشْركُونَ: هَؤُلَاءِ الَّذين زعمتم أَن الْحمى قد وهنتهم، هَؤُلَاءِ أجلد من كَذَا وَكَذَا. قَالَ ابْن عَبَّاس: وَلم يمنعهُ أَن يَأْمُرهُم أَن يرملوا الأشواط كلهَا إِلَّا للإبقاء عَلَيْهِم.
قَالَ البُخَارِيّ:
وَزَاد حَمَّاد بن سَلمَة عَن أَيُّوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم لعامه الَّذِي استأمن فِيهِ قَالَ: " ارملوا " ليرى الْمُشْركُونَ قوتهم. وَالْمُشْرِكُونَ من قبل قعيقعان.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي الطُّفَيْل عَن ابْن عَبَّاس مَعَ حكمٍ آخر فِي الرّكُوب، يَجِيء فِي أَفْرَاد مُسلم.
1026 -
الْخَمْسُونَ: عَن عَمْرو عَن عَطاء قَالَ: أعتم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء، فَخرج عمر فَقَالَ: الصَّلَاة يَا رَسُول الله، رقد النِّسَاء وَالصبيان. فَخرج وَرَأسه يقطر،
يَقُول:
" لَوْلَا أَن أشق على أمتِي أَو على النَّاس - وَقَالَ سُفْيَان مرّة: على النَّاس - لأمرتهم بِالصَّلَاةِ هَذِه السَّاعَة " كَذَا فِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة.
وَقَالَ: قَالَ ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
أخر النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذِه الصَّلَاة، وَذكره. . وَفِيه: فَخرج وَهُوَ يمسح المَاء عَن شقَّه يَقُول: " إِنَّه للْوَقْت لَوْلَا أَن أشق على أمتِي ".
قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر: قَالَ: حَدثنَا معنٌ عَن مُحَمَّد بن مُسلم عَن عَمْرو عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم.
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج قَالَ: حَدثنِي نَافِع عَن ابْن عمر: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم شغل عَنْهَا لَيْلَة فأخرها حَتَّى رقدنا فِي الْمَسْجِد، ثمَّ استيقظنا، ثمَّ رقدنا، ثمَّ استيقظنا، ثمَّ خرج علينا النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قَالَ:" لَيْسَ أحدٌ من أهل الأَرْض ينْتَظر الصَّلَاة غَيْركُمْ ". وَكَانَ ابْن عمر لَا يُبَالِي أقدمها أم أَخّرهَا إِذا كَانَ لَا يخْشَى أَن يغلبه النّوم عَن وَقتهَا، وَقل مَا كَانَ يرقد قبلهَا قَالَ ابْن جريج: قلت لعطاء.
وَقَالَ:
سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: أعتم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَيْلَة بالعشاء حَتَّى رقد النَّاس واستيقظوا، ورقدوا واستيقظوا. فَقَامَ عمر فَقَالَ: الصَّلَاة. قَالَ عَطاء: قَالَ ابْن عَبَّاس: فَخرج نَبِي الله صلى الله عليه وسلم كَأَنِّي أنظر إِلَيْهِ الْآن - يقطر رَأسه مَاء، وَاضِعا يَده على رَأسه، فَقَالَ " لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم أَن يصلوها هَكَذَا ". قَالَ: فاستثبت عَطاء: كَيفَ وضع النَّبِي صلى الله عليه وسلم على رَأسه يَده كَمَا أنبأه ابْن عَبَّاس؟ فبدد لي عطاءٌ بَين أَصَابِعه شَيْئا من تبديدٍ، ثمَّ وضع أَطْرَاف أَصَابِعه على قرن الرَّأْس،
ثمَّ ضمهَا يمرها كَذَلِك على الرَّأْس، حَتَّى مست إبهامه طرف الْأذن مِمَّا يَلِي الْوَجْه على الصدغ وناحية اللِّحْيَة، لَا يقصر وَلَا يبطش إِلَّا كَذَلِك.
وَهُوَ عِنْد مُسلم أَيْضا من حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن ابْن جريج عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس، وَلم يصله بِحَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر، بل ذكره مُفردا مَفْصُولًا مِنْهُ.
وَأول حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء عِنْد مُسلم:
قَالَ: قلت لعطاء: أَي حِين أحب إِلَيْك أَن أُصَلِّي الْعشَاء الَّتِي يَقُول لَهَا النَّاس الْعَتَمَة إِمَامًا وخلواً؟ فَقَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: أعتم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ذَات لَيْلَة الْعشَاء، ثمَّ ذكر نَحوا مِمَّا أوردناه من حَدِيث البُخَارِيّ، إِلَى قَوْله: لَا يقصر وَلَا يبطش بشيءٍ إِلَّا كَذَلِك. ثمَّ قَالَ: قلت لعطاء: كم ذكر لَك أَخّرهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليلتئذٍ؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. قَالَ عَطاء: فَأحب إِلَيّ أَن أصليها إِمَامًا وخلواً مؤخرةً كَمَا صلاهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم ليلتئذٍ، قَالَ: فَإِن شقّ عَلَيْك ذَلِك خلوا أَو على النَّاس فِي الْجَمَاعَة وَأَنت إمَامهمْ، فصلها وسطا لَا مُعجلَة وَلَا مؤخرة، وَلَيْسَت هَذِه الزِّيَادَة من قَول عَطاء عِنْد البُخَارِيّ فِيمَا أخرجه.
وَلَفظ حَدِيث ابْن جريج عَن نَافِع عَن ابْن عمر الَّذِي أفرده مُسلم بِهَذَا الْإِسْنَاد فِي مَوضِع قبله:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شغل عَنْهَا لَيْلَة، فأخرها حَتَّى رقدنا فِي الْمَسْجِد ثمَّ استيقظنا، ثمَّ رقدنا ثمَّ استيقظنا، ثمَّ خرج علينا، ثمَّ قَالَ:" لَيْسَ أحدٌ من أهل الأَرْض اللَّيْلَة ينْتَظر الصَّلَاة غَيْركُمْ ". لم يزدْ.
وَلَوْلَا أَن البُخَارِيّ قرن حَدِيث أَن عمر بِحَدِيث ابْن عَبَّاس مَا احتجنا إِلَى ذكره هَا هُنَا.
1027 -
الْحَادِي وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح قَالَ: قَالَ لي ابْن عَبَّاس: أَلا أريك امْرَأَة من أهل الْجنَّة؟ قلت: بلَى. قَالَ: هَذِه الْمَرْأَة السَّوْدَاء، أَتَت النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَت: إِنِّي أصرع، وَإِنِّي أتكشف، فَادع الله لي. قَالَ:" إِن شِئْت صبرت وَلَك الْجنَّة، وَإِن شِئْت دَعَوْت الله أَن يعافيك ". قَالَت: أَصْبِر. فَقَالَت: فَإِنِّي أتكشف، فَادع الله أَلا أتكشف. فَدَعَا لَهَا.
وَعند البُخَارِيّ من حَدِيث ابْن جريج عَن عَطاء أَنه رأى أم زفرٍ تِلْكَ الْمَرْأَة الطَّوِيلَة سَوْدَاء على ستر الْكَعْبَة.
1028 -
الثَّانِي وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء قَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: لَا يطوف بِالْبَيْتِ حاجٌّ وَلَا غير حاجٍّ إِلَّا حل. قلت لعطاء: من أَيْن يَقُول ذَلِك: قَالَ: من قَول الله تَعَالَى: {ثمَّ محلهَا إِلَى الْبَيْت الْعَتِيق} [سُورَة الْحَج] قلت: فَإِن ذَلِك بعد الْمُعَرّف. فَقَالَ: كَانَ ابْن عَبَّاس يَقُول: هُوَ بعد الْمُعَرّف وَقَبله، كَانَ يَأْخُذ ذَلِك من أَمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم حِين أَمرهم أَن يحلوا فِي حجَّة الْوَدَاع.
وَعند مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي حسان الْأَعْرَج، وَيُقَال لَهُ الأجرد قَالَ: قَالَ رجلٌ من بني الهجيم لِابْنِ عَبَّاس: مَا هَذِه الْفتيا الَّتِي قد تشغفت أَو تشغبت بِالنَّاسِ: أَن من طَاف بِالْبَيْتِ فقد حل؟ فَقَالَ: سنة نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم وَإِن رغمتم.
وَفِي حَدِيث همام بن يحيى:
قيل لِابْنِ عَبَّاس: إِن هَذَا الْأَمر قد تفشع بِالنَّاسِ، من طَاف بِالْبَيْتِ فقد حل الطّواف عمْرَة، فَقَالَ: سنة نَبِيكُم صلى الله عليه وسلم وَإِن رغمتم.
1029 -
الثَّالِث وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ لامْرَأَة من الْأَنْصَار يُقَال لَهَا أم سِنَان: " مَا مَنعك أَن تَكُونِي حججْت مَعنا؟ " قَالَت: ناضحان كَانَا لأبي فلَان، زَوجهَا، حج وَابْنه على أَحدهمَا، وَكَانَ الآخر يسْقِي أَرضًا لنا. قَالَ:" فعمرةٌ فِي رَمَضَان تقضي حجَّة - أَو حجَّة معي ".
وَفِي حَدِيث يحيى بن سعيد الْقطَّان:
" فَإِذا جَاءَ رَمَضَان فاعتمري، فَإِن عمْرَة فِيهِ تعدل حجَّة ". 1030 - الرَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: " لَو أَن لِابْنِ آدم مثل وادٍ مَالا لأحب أَن لَهُ إِلَيْهِ مثله، وَلَا يمْلَأ عين ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب، وَيَتُوب الله على من تَابَ ". قَالَ ابْن عَبَّاس: فَلَا أَدْرِي من الْقُرْآن هُوَ أم لَا، قَالَ: وَسمعت ابْن الزبير يَقُول ذَلِك على الْمِنْبَر.
وَفِي رِوَايَة أبي عَاصِم
" لَو كَانَ لِابْنِ آدم واديان من مالٍ لَا بتغى ثَالِثا، وَلَا يمْلَأ جَوف ابْن آدم إِلَّا التُّرَاب، وَيَتُوب الله على من تَابَ ".
1031 -
الْخَامِس وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء قَالَ: خرجنَا مَعَ ابْن عَبَّاس فِي جَنَازَة مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم بسرف، فَقَالَ ابْن عَبَّاس: هَذِه زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَإِذا رفعتم نعشها فَلَا تزعزعوا وَلَا تزلزلوا وارفقوا، فَإِنَّهُ كَانَ عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم تسع نسْوَة، فَكَانَ يقسم لثمانٍ وَلَا يقسم لوَاحِدَة. قَالَ عَطاء: وَالَّتِي لَا يقسم لَهَا - بلغنَا - أَنَّهَا صَفِيَّة بنت حييّ بن أَخطب. قَالَ عَطاء: كَانَت آخِرهنَّ موتا، مَاتَت بِالْمَدِينَةِ.
1032 -
السَّادِس وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَيْسَ التحصيب بِشَيْء، إِنَّمَا هُوَ منزلٌ نزله رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
1033 -
السَّابِع وَالْخَمْسُونَ: عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم دخل الْكَعْبَة وفيهَا سِتّ سوارٍ، فَقَامَ عِنْد كل سَارِيَة، فَدَعَا وَلم يصل.
وَفِي حَدِيث إِسْحَاق بن نصر عَن عبد الرَّزَّاق:
لما دخل النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْبَيْت دَعَا فِي نواحيه كلهَا، وَلم يصل حَتَّى خرج مِنْهُ، فَلَمَّا خرج ركع رَكْعَتَيْنِ فِي قبل الْكَعْبَة وَقَالَ:" هَذِه الْقبْلَة ".
وَقد رَوَاهُ مُسلم بِنَحْوِهِ من حَدِيث إِسْحَاق بن رَاهْوَيْةِ وَعبد بن حميد عَن مُحَمَّد ابْن بكر، وَقَالَ فِيهِ: عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس عَن أُسَامَة.
1034 -
الثَّامِن وَالْخَمْسُونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار الْمَكِّيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مكث رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة، وَتُوفِّي وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث هِشَام بن حسان عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أنزل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهُوَ ابْن أَرْبَعِينَ، فَمَكثَ ثَلَاث عشرَة، ثمَّ أَمر بِالْهِجْرَةِ فَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَة، فَمَكثَ بهَا عشر سِنِين، ثمَّ توفّي صلى الله عليه وسلم.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي سَلمَة عَن ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لبث بِمَكَّة عشر سِنِين ينزل عَلَيْهِ الْقُرْآن، وبالمدينة عشرا.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عمار بن أبي عمار مولى بني هَاشم قَالَ:
سَأَلت ابْن
عَبَّاس: كم أَتَى لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم مَاتَ؟ قَالَ: مَا كنت أَحسب مثلك من قومه يخفى عَلَيْهِ ذَلِك. قَالَ: قلت: إِنِّي قد سَأَلت النَّاس فَاخْتَلَفُوا عَليّ، فَأَحْبَبْت أَن أعلم قَوْلك فِيهِ. قَالَ: أتحسب؟ قلت: نعم. قَالَ: أمسك أَرْبَعِينَ، بعث لَهَا خمس عشرَة بِمَكَّة يَأْمَن وَيخَاف، وَعشرا مهاجره إِلَى الْمَدِينَة.
وَحَدِيث خَالِد الْحذاء مُخْتَصر:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم توفّي وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ. لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث حَمَّاد بن سَلمَة:
أَقَامَ رَسُول الله بِمَكَّة خمس عشرَة سنة، يسمع الصَّوْت وَيرى الضَّوْء سبع سِنِين، وَلَا يرى شَيْئا، وثمان سِنِين يُوحى إِلَيْهِ. وَأقَام بِالْمَدِينَةِ عشرا.
وَلَيْسَ لعمَّار بن أبي عمار فِي مُسْند ابْن عَبَّاس من الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَلمُسلم أَيْضا من حَدِيث عَمْرو بن دِينَار، قَالَ: قلت لعروة:
كم لبث النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة؟ قَالَ: عشرا. قَالَ: قلت: فَابْن عَبَّاس يَقُول: بضع عشرَة. قَالَ: فغفره وَقَالَ: إِنَّمَا أَخذه من قَول الشَّاعِر يعْنى قَوْله:
(ثوى فِي قُرَيْش بضع عشرَة حجَّة
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
... .
…
)
وَلمُسلم من حَدِيث أبي جَمْرَة نصر بن عمرَان الضبعِي عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
أَقَامَ رَسُول الله بِمَكَّة ثَلَاث عشرَة سنة يُوحى إِلَيْهِ، وبالمدينة عشرا، وَمَات وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَسِتِّينَ سنة.
1035 -
التَّاسِع وَالْخَمْسُونَ: عَن سعيد بن جُبَير من رِوَايَة ابْنه عبد الله عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة، فَرَأى الْيَهُود تَصُوم عَاشُورَاء، فَقَالَ:" مَا هَذَا؟ " قَالُوا: يومٌ صالحٌ، نجى الله فِيهِ مُوسَى وَبني إِسْرَائِيل من عدوهم، فصامه مُوسَى. فَقَالَ:" أَنا أَحَق بمُوسَى مِنْكُم " فصامه وَأمر بصيامه.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان عَن أَيُّوب: فَقَالَ لَهُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " مَا هَذَا الْيَوْم الَّذِي تصومونه " قَالُوا: هَذَا يومٌ عظيمٌ، أنجى الله فِيهِ مُوسَى وَقَومه، وغرق فِرْعَوْن وَقَومه، فصامه مُوسَى شكرا لله، فَنحْن نصومه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" فَنحْن أَحَق وَأولى بمُوسَى مِنْكُم " فصامه رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَأمر بصيامه.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي بشر جَعْفَر بن أبي إِيَاس بن أبي وحشية عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس مُسْندًا بِنَحْوِ ذَلِك، وَفِيه:" فَنحْن نصومه تَعْظِيمًا لَهُ ".
1036 -
السِّتُّونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يخْطب على الْمِنْبَر يَقُول: " إِنَّكُم ملاقو الله حُفَاة عُرَاة غرلًا " زَاد فِي حَدِيث أبي بكر بن أبي شيبَة وَغَيره عَن سُفْيَان " مشَاة " فِي أَوله.
وَأَخْرَجَا من حَدِيث الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فَقَالَ: " يَا أَيهَا النَّاس، إِنَّكُم مَحْشُورُونَ إِلَى الله حُفَاة عُرَاة غرلًا {كَمَا بدأنا أول خلق نعيده وَعدا علينا إِنَّا كُنَّا فاعلين} [سُورَة الْأَنْبِيَاء] ، أَلا إِن أول الْخَلَائق يكسى يَوْم الْقِيَامَة إِبْرَاهِيم صلى الله عليه وسلم، أَلا وَإنَّهُ سيجاء برجالٍ من أمتِي، فَيُؤْخَذ بهم ذَات الشمَال، فَأَقُول: يَا رب، أَصْحَابِي فَيُقَال: إِنَّك
لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بعْدك، فَأَقُول كَمَا قَالَ العَبْد الصَّالح:{وَكنت عَلَيْهِم شَهِيدا مَا دمت فيهم} إِلَى قَوْله: {الْعَزِيز الْحَكِيم} [سُورَة الْمَائِدَة: 117، 118]، قَالَ: فَيُقَال لي: إِنَّهُم لم يزَالُوا مرتدين على أَعْقَابهم مُنْذُ فَارَقْتهمْ.
1037 -
الْحَادِي وَالسِّتُّونَ: عَن عَمْرو بن دِينَار وَأَيوب عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: بَيْنَمَا رجلٌ وَاقِف مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَة، إِذْ وَقع من رَاحِلَته. قَالَ أَيُّوب: فأوقصته، أَو قَالَ: فأقعصته. وَقَالَ عمر: فوقصته. فَذكر ذَلِك للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" اغسلوه بِمَاء وسدرٍ، وكفنوه فِي ثَوْبَيْنِ، وَلَا تحنطوه، وَلَا تخمروا رَأسه "، قَالَ أَيُّوب:" فَإِن الله يَبْعَثهُ يَوْم الْقِيَامَة ملبياً " وَقَالَ عَمْرو: " يُلَبِّي ". وَمن الروَاة من قَالَ: " فِي ثوبيه ".
وَفِي حَدِيث إِسْمَاعِيل بن علية عَن أَيُّوب: نبئت عَن سعيد بن جُبَير
…
وَقد روياه بِمَعْنَاهُ من حَدِيث مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، فَقَالَ: جرير عَن الْمَنْصُور عَن الحكم عَن سعيد، وَقَالَ إِسْرَائِيل عَن مَنْصُور عَن سعيد عَن ابْن عَبَّاس مُسْندًا، وَفِيه:" وَلَا تغطوا وَجهه، وَلَا تقربوه طيبا؛ فَإِنَّهُ يبْعَث يُلَبِّي " وَفِي حَدِيث جرير: " يهل "
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي بشر جَعْفَر بن أبي وحشيه الْيَشْكُرِي عَن سعيد بن جُبَير بِنَحْوِهِ وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن أبي بشر:
خارجٌ رَأسه وَوَجهه، فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة ملبياً.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي الزبير عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قَالَ ابْن
عَبَّاس:
وقصت رجلا نَاقَته وَهُوَ محرم مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَأَمرهمْ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أَن يغسلوه بِمَاء وَسدر، ويكشفوا وَجهه. حسبته قَالَ: وَرَأسه، فَإِنَّهُ يبْعَث يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ يُلَبِّي.
1038 -
الثَّانِي وَالسِّتُّونَ: عَن الْقَاسِم بن أبي بزَّة، واسْمه أبي بزَّة نَافِع عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: أَلِمَنْ قتل مُؤمنا مُتَعَمدا من تَوْبَة؟ قَالَ: لَا. فتلوت عَلَيْهِ هَذِه الْآيَة الَّتِي فِي " الْفرْقَان "{وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله} إِلَى آخر الْآيَة. قَالَ: هَذِه آيَة مَكِّيَّة. نسختها آيَة مَدَنِيَّة: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} [النِّسَاء] .
وَفِي حَدِيث هِشَام بن يُوسُف أَن سعيد بن جُبَير قَالَ:
اخْتلف أهل الْكُوفَة فِي قتل الْمُؤمن، فرحلت فِيهِ إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: نزلت فِي آخر مَا نزل وَلم ينسخها شيءٌ
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة بِمَكَّة: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} إِلَى وَقَوله {مهانا} فَقَالَ الْمُشْركُونَ: وَمَا يُغني عَنَّا الْإِسْلَام وَقد عدلنا بِاللَّه، وَقد قتلنَا النَّفس الَّتِي حرم الله، وأتينا الْفَوَاحِش، فَأنْزل الله تبارك وتعالى:{إِلَّا من تَابَ وآمن وَعمل عملا صَالحا} إِلَى آخر الْآيَة [الْفرْقَان] . زَاد فِي حَدِيث أبي النَّصْر: فَأَما من دخل فِي الْإِسْلَام وعقله ثمَّ قتل فَلَا تَوْبَة لَهُ. وَفِي حَدِيث جرير عَن مَنْصُور نَحوه.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة من رِوَايَة غنْدر عَنهُ، وَمن رِوَايَة عَبْدَانِ بن عُثْمَان عَن أَبِيه عَنهُ عَن مَنْصُور عَن سعيد قَالَ:
أَمرنِي عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى أَن أسأَل ابْن عَبَّاس عَن هَاتين الْآيَتَيْنِ: {وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} فَسَأَلته فَقَالَ: لم ينسخها شَيْء.
وَعَن هَذِه الْآيَة: {وَالَّذين لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر وَلَا يقتلُون النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ} قَالَ: نزلت فِي أهل الشّرك.
وَفِي رِوَايَة آدم ابْن سعيد قَالَ:
سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن قَوْله: {فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} قَالَ: لَا تَوْبَة لَهُ. وَعَن قَوْله: {لَا يدعونَ مَعَ الله إِلَهًا آخر} قَالَ: كَانَت هَذِه فِي الْجَاهِلِيَّة.
وَفِي حَدِيث جرير عَن مَنْصُور:
حَدثنِي سعيد بن جُبَير - أَو قَالَ: حَدثنِي الحكم عَن سعيد.
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث الْمُغيرَة بن النُّعْمَان عَن سعيد بن جُبَير بِنَحْوِ حَدِيث هِشَام بن يُوسُف عَن سعيد بن جُبَير.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث يعلى بن مُسلم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ.
1039 -
الثَّالِث وَالسِّتُّونَ: عَن عَمْرو بن مرّة عَن سعيد بن جُبَير أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} [الشُّعَرَاء] صعد النَّبِي صلى الله عليه وسلم على الصَّفَا، فَجعل يُنَادي:" يَا بني فهر، يَا بني عدي " لبطون قُرَيْش، حَتَّى اجْتَمعُوا، فَجعل الرجل إِذا لم يسْتَطع أَن يخرج أرسل رَسُولا لينْظر مَا هُوَ، فجَاء أَبُو لَهب وقريش، فَقَالَ:" أَرَأَيْتكُم لَو أَخْبَرتكُم أَن خيلاً بالوادي تُرِيدُ أَن تغير عَلَيْكُم، كُنْتُم مصدقي؟ " قَالُوا: نعم، مَا جربنَا عَلَيْك إِلَّا صدقا. قَالَ:" فَإِنِّي نذيرٌ لكم بَين يَدي عَذَاب شَدِيد " فَقَالَ أَبُو لَهب: تَبًّا لَك سَائِر الْيَوْم، أَلِهَذَا جمعتنَا؟ ! فَنزلت
{تبت يدا أبي لَهب وَتب مَا أغْنى عَنهُ مَاله وَمَا كسب} [سُورَة المسد] وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن الْأَعْمَش: (وَقد تب) كَذَا قَرَأَ الْأَعْمَش.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن سَلام
عَن أبي مُعَاوِيَة أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم خرج إِلَى الْبَطْحَاء، فَصَعدَ الْجَبَل فَنَادَى:" يَا صَبَاحَاه " فاجتمعت إِلَيْهِ قُرَيْش فَقَالَ: " أَرَأَيْتُم إِن حدثتكم أَن الْعَدو مصبحكم أَو ممسيكم، أَكُنْتُم تصدقوني؟ " قَالُوا: نعم. قَالَ: " فَإِنِّي نَذِير لكم
…
" وَذكر نَحوه.
وَأخرجه البُخَارِيّ أَيْضا مُخْتَصرا من حَدِيث حبيب بن أبي ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الْأَقْرَبين} جعل النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَدعُوهُم قبائل قبائل. لم يزدْ.
وَقد أخرج البُخَارِيّ من حَدِيث عُثْمَان بن عَاصِم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: {وجعلناكم شعوبا وقبائل} [سُورَة الحجرات] قَالَ: الشعوب: الْقَبَائِل الْعِظَام. والقبائل: الْبُطُون.
1040 -
الرَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن حُصَيْن بن عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ قَالَ: كنت عِنْد سعيد بن جُبَير فَقَالَ: أَيّكُم رأى الْكَوْكَب الَّذِي انقض البارحة؟ قلت: أَنا. ثمَّ قلت: أما إِنِّي لم أكن فِي صَلَاة، وَلَكِن لدغت. قَالَ: فَمَاذَا صنعت؟ قلت: استرقيت. قَالَ: مَا حملك على ذَلِك؟ قلت: حَدِيث حَدَّثَنِيهِ الشّعبِيّ. فَقَالَ: وَمَا حَدثكُمْ الشّعبِيّ؟ قلت: حَدثنَا عَن بُرَيْدَة بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ أَنه قَالَ: لَا رقية إِلَّا من عينٍ أَو حمةٍ. فَقَالَ: قد أحسن من انْتهى إِلَى مَا سمع، وَلَكِن حَدثنَا ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " عرضت عَليّ الْأُمَم، فَرَأَيْت النَّبِي
وَمَعَهُ الرهيط، وَالنَّبِيّ وَمَعَهُ الرجل وَالرجلَانِ، وَالنَّبِيّ وَلَيْسَ مَعَه أحدٌ، إِذْ رفع لي سوادٌ عَظِيم، فَظَنَنْت أَنهم أمتِي، فَقيل لي: هَذَا مُوسَى وَقَومه، وَلَكِن انْظُر إِلَى الْأُفق. فَنَظَرت فَإِذا سَواد عَظِيم، فَقيل لي: انْظُر إِلَى الْأُفق الآخر. فَإِذا سوادٌ عَظِيم. فَقيل لي: هَذِه أمتك وَمَعَهُمْ سَبْعُونَ ألفا يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب ". ثمَّ نَهَضَ فَدخل منزله، فَخَاضَ النَّاس فِي أُولَئِكَ الَّذين يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حسابٍ وَلَا عذابٍ، فَقَالَ بَعضهم: فلعلهم الَّذين صحبوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَقَالَ بَعضهم: فلعلهم الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام فَلم يشركوا بِاللَّه، وَذكروا أَشْيَاء. فَخرج عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:
" مَا الَّذِي تخوضون فِيهِ؟ " فأخبروه فَقَالَ: " هم الَّذِي لَا يرقون، وَلَا يسْتَرقونَ، وَلَا يَتَطَيَّرُونَ، وعَلى رَبهم يَتَوَكَّلُونَ " فَقَامَ عكاشة بن مُحصن فَقَالَ: أدع الله لي أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: " أَنْت مِنْهُم " ثمَّ قَامَ رجل آخر فَقَالَ: ادْع الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم. فَقَالَ: " سَبَقَك بهَا عكاشة " هَذَا حَدِيث سعيد بن مَنْصُور عَن هشيم.
وَأول حَدِيث أبي بكر بن أبي شيبَة:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " عرضت عَليّ الْأُمَم " وَلم يذكر مَا قبله هُوَ وَلَا غَيره مِمَّن سمينا. وَذكروا مَا سوى ذَلِك بِنَحْوِهِ، أَو طرفا مِنْهُ.
1041 -
الْخَامِس وَالسِّتُّونَ: عَن مُوسَى بن أبي عَائِشَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله عز وجل: {لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ} [سُورَة الْقِيَامَة]، قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يعالج من التَّنْزِيل شدَّة، وَكَانَ مِمَّا يُحَرك شَفَتَيْه، فَقَالَ لي ابْن عَبَّاس: أَنا أحركهما كَمَا كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يحركهما، وَقَالَ سعيد: أَنا أحركهما كَمَا كَانَ ابْن عَبَّاس يحركهما، فحرك شَفَتَيْه، فَأنْزل الله:{لَا تحرّك بِهِ لسَانك لتعجل بِهِ إِن علينا جمعه وقرآنه} [سُورَة الْقِيَامَة] قَالَ: جمعه فِي صدرك، ثمَّ تَقْرَأهُ:{فَإِذا قرأناه فَاتبع قرآنه} [سُورَة الْقِيَامَة] قَالَ: فاستمع وأنصت، ثمَّ إِن
علينا أَن نقرأه. قَالَ:
فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِذا أَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام بعد ذَلِك اسْتمع، فَإِذا انْطلق جِبْرِيل قَرَأَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم كَمَا أقرأه. وَفِي رِوَايَة حَرِير: كَمَا وعده الله عز وجل.
1042 -
السَّادِس وَالسِّتُّونَ: عَن أبي بشر جَعْفَر بن إِيَاس - وَهُوَ ابْن أبي وحشية الْيَشْكُرِي عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَهْدَت خَالَتِي أم حفيد إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سمناً وَأَقِطًا وأضباً، فَأكل من السّمن والأقط، وَترك الضَّب تقذراً. وَأكل على مائدة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَو كَانَ حَرَامًا مَا أكل على مائدة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
وَفِي حَدِيث أبي النُّعْمَان وَغَيره:
أَن أم حفيدٍ بنت الْحَارِث بن حزن خَالَة ابْن عَبَّاس أَهْدَت إِلَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سمنا وَأَقِطًا وأضباً، فَدَعَا بِهن، فأكلن على مائدته وتركهن كالمتقذر لَهُنَّ، وَلَو كَانَ حَرَامًا مَا أكلن على مائدة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَلَا أَمر بأكلهن.
وَأَخْرَجَاهُ مَعْنَاهُ من حَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف، وَاخْتلف فِيهِ عَنهُ، فَقيل: عَنهُ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
دخلت أَنا وخَالِد بن الْوَلِيد مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيت مَيْمُونَة، فَأتي بضب محنوذٍ، فَأَهوى إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، فَقَالَ بعض النسْوَة اللَّاتِي فِي بَيت مَيْمُونَة: أخبروا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَا يُرِيد أَن يَأْكُل، فَرفع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده، قلت: أحرامٌ هُوَ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " لَا "، وَلكنه لم يكن بِأَرْض قومِي، فأجدني أعافه " قَالَ خَالِد: فاجتررته فأكلته وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينظر.
هَكَذَا فِي رِوَايَة يحيى عَن مَالك. وَفِي رِوَايَة عبد الرَّزَّاق عَن معمرٍ، كِلَاهُمَا عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي أُمَامَة.
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر عَن أبي أُمَامَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيت مَيْمُونَة - وَعِنْده خَالِد بن الْوَلِيد - بِلَحْم ضبٍّ، ثمَّ ذكر مَعْنَاهُ.
وَمِنْهُم من قَالَ فِيهِ:
عَن ابْن عَبَّاس عَن خَالِد بن الْوَلِيد: أَنه أخبرهُ أَنه دخل مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على مَيْمُونَة زوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَهِي خَالَته وَخَالَة ابْن عَبَّاس، فَوجدَ عِنْدهَا ضباًّ محنوذاً قدمت بِهِ أُخْتهَا حفيدة بنت الْحَارِث من نجد. قَالَ بعض الروَاة: وَكَانَت تَحت رجل من بني جَعْفَر، فَقدمت الضَّب لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ قَلما يقدم يَدَيْهِ لطعام حَتَّى يحدث بِهِ وَيُسمى لَهُ، فَأَهوى رَسُول صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ إِلَى الضَّب، فَقَالَت امْرَأَة من النسْوَة الْحُضُور: أخبرن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بِمَا قدمتن لَهُ، قُلْنَ: هُوَ الضَّب يَا رَسُول الله، فَوضع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَده، فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: أحرامٌ الضَّب يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " لَا، وَلَكِن لم يكن بِأَرْض قومِي، فأجدني أعافه ". قَالَ خالدٌ: فاجتررته فأكلته وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فَلم ينهني. وَهَكَذَا فِي رِوَايَة ابْن الْمُبَارك عَن يُونُس. وَفِي رِوَايَة هِشَام بن يُوسُف عَن معمر وَفِي رِوَايَة القعْنبِي عَن مَالك.
وعَلى هَذِه الرِّوَايَات عول البُخَارِيّ فِي أَنه من مُسْند خَالِد بن الْوَلِيد. وَقد أخرج مُسلم الرِّوَايَات بِالْوَجْهَيْنِ فِي كِتَابه.
وَقد أخرجه مُسلم أَيْضا حَدِيث يزِيد بن الْأَصَم قَالَ:
دَعَانَا عروسٌ بِالْمَدِينَةِ، فَقرب إِلَيْنَا ثَلَاثَة عشر ضباًّ، فآكلٌ وتاركٌ، فَلَقِيت ابْن عَبَّاس من الْغَد فَأَخْبَرته، فَأكْثر الْقَوْم حوله، حَتَّى قَالَ بَعضهم: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا آكله، وَلَا أنهى
عَنهُ، وَلَا أحرمهُ " فَقَالَ ابْن عَبَّاس: بئس مَا قُلْتُمْ: مَا بعث نَبِي الله صلى الله عليه وسلم إِلَّا محلا ومحرماً، إِن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَيْنَمَا هُوَ عِنْد مَيْمُونَة وَعِنْده الْفضل بن الْعَبَّاس وخَالِد ابْن الْوَلِيد وَامْرَأَة أُخْرَى إِذْ قرب إِلَيْهِم خوان عَلَيْهِ لحمٌ، فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَن يَأْكُل قَالَت لَهُ مَيْمُونَة: إِنَّه لحم ضبٍّ، فَكف يَده وَقَالَ:" هَذَا لحمٌ لم آكله قطّ " وَقَالَ لَهُم: " كلوه "، فَأكل مِنْهُ الْفضل وخَالِد بن الْوَلِيد وَالْمَرْأَة. وَقَالَت مَيْمُونَة: لَا آكل من شيءٍ إِلَّا شَيْئا يَأْكُل مِنْهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. 1043 - السَّابِع وَالسِّتُّونَ: عَن جَعْفَر بن أبي إِيَاس عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن أَوْلَاد الْمُشْركين. فَقَالَ: " الله أعلم بِمَا كَانُوا عاملين إِذْ خلقهمْ ".
1044 -
الثَّامِن وَالسِّتُّونَ: عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا صَامَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كَامِلا قطّ غير رَمَضَان، وَكَانَ يَصُوم إِذا صَامَ حَتَّى يَقُول الْقَائِل: لَا وَالله، لَا يفْطر، وَيفْطر إِذا أفطر حَتَّى يَقُول الْقَائِل: لَا وَالله، لَا يَصُوم.
وَفِي رِوَايَة غنْدر عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ:
شهرا مُتَتَابِعًا حَتَّى قدم الْمَدِينَة.
وَأخرج مُسلم أَيْضا طرفا مِنْهُ عَن عُثْمَان بن حَكِيم عَن عباد بن حنيف الْأنْصَارِيّ قَالَ: سَأَلت سعيد بن جُبَير عَن صَوْم رجبٍ وَنحن يومئذٍ فِي رَجَب، فَقَالَ: سَمِعت ابْن عَبَّاس يَقُول: كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَصُوم حَتَّى نقُول: لَا يفْطر، وَيفْطر حَتَّى نقُول: لَا يَصُوم. لم يزدْ.
1045 -
التَّاسِع وَالسِّتُّونَ: عَن أبي بشر جَعْفَر بن إِيَاس بن أبي وحشية عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: مَا قَرَأَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْجِنّ، وَمَا رَآهُمْ.
انْطلق رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي طائفةٍ من أَصْحَابه، عَامِدين إِلَى سوق عكاظ، وَقد حيل بَين الشَّيَاطِين وَبَين خبر السَّمَاء، وَأرْسل عَلَيْهِم الشهب، فَرَجَعت الشَّيَاطِين إِلَى قَومهمْ فَقَالُوا: مَا لكم؟ قَالُوا: حيل بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء، وَأرْسلت علينا الشهب. قَالُوا: مَا ذَاك إِلَّا من شيءٍ حدث، فاضربوا مَشَارِق الأَرْض وَمَغَارِبهَا، فَمر النَّفر الَّذِي أخذُوا نَحْو تهَامَة بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ بنخلٍ عَامِدين إِلَى سوق عكاظٍ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْفجْر، فَلَمَّا سمعُوا الْقُرْآن اسْتَمعُوا لَهُ وَقَالُوا: هَذَا الَّذِي حَال بَيْننَا وَبَين خبر السَّمَاء، فَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ، فَقَالُوا:{يَا قَومنَا إِنَّا سمعنَا قُرْآنًا عجبا يهدي إِلَى الرشد فَآمَنا بِهِ وَلنْ نشْرك بربنا أحدا} فَأنْزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم، قَالَ:{أُوحِي إِلَيّ أَنه اسْتمع نفر من الْجِنّ} [سُورَة الْجِنّ] .
فِي آخر حَدِيث مُوسَى بن إِسْمَاعِيل: وَإِنَّمَا أُوحِي إِلَيْهِ قَول الْجِنّ.
1046 -
السبعون: عَن أبي بشر عَن سعيد عَن ابْن عَبَّاس: {وَلَا تجْهر بصلاتك وَلَا تخَافت بهَا وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} [سُورَة الْإِسْرَاء]، قَالَ: أنزلت وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم متوارٍ بِمَكَّة، وَكَانَ إِذا رفع صَوته سَمعه الْمُشْركُونَ، فَسبوا الْقُرْآن وَمن أنزلهُ وَمن جَاءَ بِهِ، فَقَالَ الله تَعَالَى:{وَلَا تجْهر بصلاتك} ، أَي بِقِرَاءَتِك حَتَّى يسمع الْمُشْركُونَ، {وَلَا تخَافت بهَا} عَن أَصْحَابك فَلَا تسمعهم، {وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} أسمعهم وَلَا تجْهر حَتَّى يَأْخُذُوا عَنْك الْقُرْآن.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الصَّباح وَعَمْرو الواقد: {وابتغ بَين ذَلِك سَبِيلا} [سُورَة الْإِسْرَاء]، يَقُول: بَين الْجَهْر والمخافتة.
1047 -
الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي بشر عَن سعيد بن جُبَير قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس: سُورَة التَّوْبَة. فَقَالَ: هِيَ الفاضحة، مَا زَالَت تَقول: (وَمِنْهُم
…
وَمِنْهُم) حَتَّى ظنُّوا أَن لن تبقي أحدا إِلَّا ذكر فِيهَا.
قَالَ: قلت: سُورَة الْأَنْفَال. قَالَ: نزلت فِي بدر.
قَالَ: قلت: سُورَة الْحَشْر. قَالَ: نزلت فِي بني النَّضِير.
وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة، قلت لِابْنِ عَبَّاس: سُورَة الْحَشْر، قَالَ: قل: سُورَة بني النَّضِير.
1048 -
الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ: عَن يعلى بن حَكِيم: أَن سعيد بن جُبَير أخبرهُ أَنه سمع ابْن عَبَّاس قَالَ: إِذا حرم الرجل امْرَأَته فَهُوَ يمينٌ يكفرهَا وَقَالَ: {لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة} [سُورَة الْأَحْزَاب] .
وَفِي حَدِيث الرّبيع بن نَافِع:
إِذا حرم الرجل امْرَأَته لَيْسَ بشيءٍ، وَقَالَ:{لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أسوةٌ حَسَنَة} .
1049 -
الثَّالِث وَالسَّبْعُونَ: عَن يعلى بن مُسلم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس: {أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم} [سُورَة النِّسَاء] ، نزلت فِي عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السَّهْمِي، إِذْ بَعثه النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّة.
1050 -
الرَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي عَمْرو عَامر بن شرَاحِيل الشّعبِيّ من رِوَايَة عَاصِم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: سقيت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من زَمْزَم، فَشرب وَهُوَ قَائِم.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة:
واستسقى وَهُوَ عِنْد الْبَيْت، فَأَتَيْته بِدَلْو. زَاد فِي رِوَايَة الْفَزارِيّ، قَالَ عَاصِم: فَحلف عِكْرِمَة: مَا كَانَ يومئذٍ إِلَّا على بعير.
1051 -
الْخَامِس وَالسَّبْعُونَ: عَن الشّعبِيّ قَالَ: أَخْبرنِي من مر مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ، فَأمهمْ وَصفهم خَلفه. قَالَ الشَّيْبَانِيّ: قلت: من حَدثَك بِهَذَا يَا أَبَا عَمْرو؟ قَالَ: ابْن عَبَّاس.
وَفِي حَدِيث يحيى بن أبي بكير عَن زَائِدَة:
أَتَى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قبراً فَقَالُوا: هَذَا دفن أَو دفنت البارحة. قَالَ ابْن عَبَّاس: فصفنا خَلفه، ثمَّ صلى عَلَيْهَا.
وَمِنْهُم من قَالَ:
إِنَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: " أَفلا آذنتموني " قَالُوا: دفناه فِي ظلمَة اللَّيْل وكرهنا أَن نوقظك. فَقَامَ فصففنا خَلفه. قَالَ ابْن عَبَّاس: وَأَنا فيهم، فصلى عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَة ابْن نمير قَالَ:
انْتهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى قبرٍ رطبٍ فصلى عَلَيْهِ، وصفوا خَلفه، وَكبر أَرْبعا. 1052 - السَّادِس وَالسَّبْعُونَ: عَن عَامر الشّعبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا أَدْرِي، أنهى عَنهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أَنه كَانَ حمولة النَّاس، فكره أَن تذْهب حمولتهم، أَو حرمه فِي يَوْم خَيْبَر. لُحُوم الْحمر الْأَهْلِيَّة.
1053 -
السَّابِع وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي رَجَاء العطاردي - واسْمه عمرَان بن ملْحَان - عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِيمَا روى عَن ربه عز وجل: " إِن الله عز وجل كتب الْحَسَنَات والسيئات، ثمَّ بَين ذَلِك، فَمن هم بحسنةٍ: فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة، وَإِن هم بهَا وعملها كتبهَا الله عِنْده عشر حسناتٍ إِلَى سَبْعمِائة ضعف، إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة. وَمن هم بسيئة فَلم يعملها كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة، فَإِن هُوَ هم بهَا فعملها كتبهَا الله لَهُ سَيِّئَة وَاحِدَة ".
زَاد أَبُو جَعْفَر بن سُلَيْمَان: " أَو محاها. وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك ".
1054 -
الثَّامِن وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قَالَ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم " اطَّلَعت فِي الْجنَّة، فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا الْفُقَرَاء، واطلعت فِي النَّار، فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء ".
وَقد أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث أبي رَجَاء عَن عمرَان بن حُصَيْن. وَهُوَ مَذْكُور فِي مُسْند عمرَان. 1055 - التَّاسِع وَالسَّبْعُونَ: عَن أبي رَجَاء عَن ابْن عَبَّاس يرويهِ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " من رأى من أميره شَيْئا يكرههُ فليصبر عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ من فَارق الْجَمَاعَة شبْرًا فَمَاتَ فميتةٌ جَاهِلِيَّة ".
1056 -
الثَّمَانُونَ: عَن يحيى بن يعمر عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول: " اللَّهُمَّ لَك أسلمت، وَبِك آمَنت، وَعَلَيْك توكلت، وَإِلَيْك أنبت، وَبِك خَاصَمت. اللَّهُمَّ أعوذ بعزتك، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت - أَن تضلني، أَنْت الْحَيّ الَّذِي لَا يَمُوت، وَالْجِنّ وَالْإِنْس يموتون ".
وَهُوَ عِنْد البُخَارِيّ مُخْتَصر:
" أعوذ بعزتك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت الَّذِي لَا يَمُوت، وَالْجِنّ وَالْإِنْس يموتون " لم يزدْ.
1057 -
الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ: عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي - واسْمه رفيع - عَن ابْن عَبَّاس: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُول عِنْد الكرب: " لَا إِلَه إِلَّا الله الْعَظِيم الْحَلِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْعَظِيم، لَا إِلَه إِلَّا الله رب السَّمَوَات وَرب الأَرْض، لَا إِلَه إِلَّا الله رب الْعَرْش الْكَرِيم ".
1058 -
الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ: عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يَنْبَغِي لعبد أَن يَقُول: أَنا خيرٌ من يُونُس بن مَتى " وَنسبه إِلَى أَبِيه.
1059 -
الثَّالِث وَالثَّمَانُونَ: عَن جَابر بن زيد أبي الشعْثَاء عَن ابْن عَبَّاس عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " من لم يجد إزاراً فليلبس سَرَاوِيل، وَمن لم يجد نَعْلَيْنِ فليلبس خُفَّيْنِ ".
وَفِي حَدِيث حَفْص بن عمر عَن شُعْبَة:
سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخْطب بِعَرَفَات.
أفرد البُخَارِيّ هَذَا الْقدر مِنْهُ فِي بَاب " الْخطْبَة فِي أَيَّام منى " وَتَمَامه هَذَا الْمَتْن الَّذِي أوردنا فِي الْإِزَار والنعلين.
1060 -
الرَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم تزوج مَيْمُونَة وَهُوَ محرم.
وَأخرج البُخَارِيّ تَعْلِيقا من حَدِيث عَطاء وَمُجاهد عَن ابْن عَبَّاس:
تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَة فِي عمْرَة الْقَضَاء.
وَأخرج أَيْضا من حَدِيث عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
تزوج النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَة وَهُوَ محرمٌ، وَبنى بهَا وَهُوَ حلالٌ، وَمَاتَتْ بسرف.
وَمن رِوَايَة عَطاء بن أبي رَبَاح عَن ابْن عَبَّاس مثل رِوَايَة جَابر بن زيد عَنهُ.
1061 -
الْخَامِس وَالثَّمَانُونَ: عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
صلى بِالْمَدِينَةِ سبعا وثمانياً، الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء. قَالَ أَيُّوب: لَعَلَّه فِي ليلةٍ مطيرة. قَالَ: عَسى.
وَفِي حَدِيث سُفْيَان بن عُيَيْنَة:
صليت مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثمانياً جَمِيعًا، وَسبعا جَمِيعًا. قَالَ عَمْرو: قلت: يَا أَبَا الشعْثَاء: أَظُنهُ أخر الظّهْر وَعجل الْعَصْر، وَأخر الْمغرب وَعجل الْعشَاء. قَالَ: وَأَنا أَظن ذَاك.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي الزبير مُحَمَّد بن مُسلم عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا، من غير خوف وَلَا سفر. زَاد فِي رِوَايَة زُهَيْر: بِالْمَدِينَةِ. وَقَالَ: قَالَ أَبُو الزبير: فَسَأَلت سعيداً: لم فعل ذَلِك؟ قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس كَمَا سَأَلتنِي، فَقَالَ: أَرَادَ أَلا يحرج أمته. وَفِي حَدِيث قُرَّة عَن أبي الزبير أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جمع بَين الصَّلَاة فِي سفرةٍ سافرها فِي غَزْوَة تَبُوك، فَجمع بَين الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث يحيى بن أبي كثير الطَّائِي عَن عِكْرِمَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بَين صَلَاة الظّهْر وَالْعصر إِذا كَانَ على ظهر سيرٍ، وَيجمع بَين الْمغرب وَالْعشَاء.
وروى مُسلم أَيْضا من حَدِيث حبيب بن أبي ثَابت عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس نَحْو حَدِيث زُهَيْر عَن أبي الزبير. وَقَالَ: فِي غير خوف وَلَا مطر. وَفِي حَدِيث وَكِيع قَالَ: كي لَا يحرج أمته. وَفِي حَدِيث أبي مُعَاوِيَة بِمَعْنَاهُ.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث عبد الله بن شَقِيق الْعقيلِيّ قَالَ:
خَطَبنَا ابْن عَبَّاس يَوْمًا
بعد الْعَصْر حَتَّى غربت الشَّمْس وبدت النُّجُوم، وَجعل النَّاس يَقُولُونَ: الصَّلَاة الصَّلَاة. قَالَ: فَجَاءَهُ رجلٌ من بني تَمِيم لَا يفتر وَلَا ينثني: الصَّلَاة الصَّلَاة. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أتعلمني بِالسنةِ - لَا أبالك. ثمَّ قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم جمع بَين الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء. قَالَ عبد الله بن شَقِيق: فحاك فِي صَدْرِي من ذَلِك شيءٌ فَأتيت أَبَا هُرَيْرَة فَسَأَلته، فَصدق مقَالَته.
وَفِي حَدِيث عمرَان بن حدير عَن عبد الله بن شَقِيق قَالَ:
قَالَ رجلا لِابْنِ عَبَّاس: الصَّلَاة، فَسكت. ثمَّ قَالَ: الصَّلَاة، فَسكت، ثمَّ قَالَ: الصَّلَاة، فَسكت.
ثمَّ قَالَ: لَا أم لَك، تعلمنا بِالصَّلَاةِ، وَكُنَّا نجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم.
1062 -
السَّادِس وَالثَّمَانُونَ: عَن جَابر بن زيد عَن ابْن عَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أُرِيد على ابْنة حَمْزَة، فَقَالَ:" إِنَّهَا لَا تحل لي، إِنَّهَا ابْنة أخي من الرضَاعَة، وَيحرم من الرضَاعَة مَا يحرم من الرَّحِم ".
وَفِي حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة نَحوه، وَقَالَ:" مَا يحرم من النّسَب ".
1063 -
السَّابِع وَالثَّمَانُونَ: عَن جَابر بن زيد أَيْضا عَن ابْن عَبَّاس: أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومَيْمُونَة كَانَا يفتسلان من إِنَاء وَاحِد. قَالَ أَبُو عبد الله: كَانَ ابْن عُيَيْنَة أخيراً يَقُول عَن ابْن عَبَّاس عَن مَيْمُونَة. وَالصَّحِيح مَا روى أَبُو نعيم. أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ومَيْمُونَة كَانَا يغتسلان من إِنَاء وَاحِد.
وَقد أخرجه مُسلم بن الْحجَّاج على الْوَجْهَيْنِ:
فَفِي رِوَايَة إِسْحَق بن رَاهَوَيْه وَمُحَمّد بن حَاتِم عَن مُحَمَّد بن بكر: أَن عَمْرو بن دِينَار قَالَ: أكبر علمي، وَالَّذِي يخْطر على بالي أَن أَبَا الشعْثَاء أَخْبرنِي أَن ابْن عَبَّاس أخبرهُ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يغْتَسل بِفضل مَيْمُونَة.
وَفِي رِوَايَة قُتَيْبَة وَأبي بكر بن أبي شيبَة عَن ابْن عُيَيْنَة أَن ابْن عَبَّاس قَالَ: أَخْبَرتنِي مَيْمُونَة أَنَّهَا كَانَت تَغْتَسِل هِيَ وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم من إِنَاء وَاحِد.
1064 -
الثَّامِن وَالثَّمَانُونَ: عَن عبد الله بن الْحَارِث الْبَصْرِيّ - وَهُوَ ابْن عَم مُحَمَّد بن سِيرِين - قَالَ: خَطَبنَا ابْن عَبَّاس فِي يَوْم ذِي ردغٍ، فَأمر الْمُؤَذّن لما بلغ: حَيّ على الصَّلَاة، قَالَ: قل: الصَّلَاة فِي الرّحال. فَنظر بَعضهم إِلَى بعض كَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا. فَقَالَ: كأنكم أنكرتم هَذَا، إِن هَذَا فعله من هُوَ خيرٌ مني - يَعْنِي النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِنَّهَا عَزمَة وَإِنِّي كرهت أَن أحرجكم.
وَفِي رِوَايَة حَمَّاد عَن عَاصِم:
كرهت أَن أؤثمكم فتجيئون فتدوسون الطين إِلَى ركبكم.
وَفِي حَدِيث عبد الحميد صَاحب الزيَادي: أذن مُؤذن ابْن عَبَّاس يَوْم جُمُعَة فِي يَوْم مطير، فَذكر نَحوه. وَقَالَ:
إِن الْجُمُعَة عَزمَة. وَقَالَ: كرهت أَن تَمْشُوا فِي الدحض والزلل.
1065 -
التَّاسِع وَالثَّمَانُونَ: حَدِيث وَفد عبد الْقَيْس: عَن أبي جَمْرَة نصر بن عمرَان الضبعِي قَالَ: كنت أترجم بَين ابْن عَبَّاس وَبَين النَّاس. وَمِنْهُم من قَالَ: وَكَانَ يقعدني مَعَه على سَرِيره، فَأَتَتْهُ امْرَأَة تسأله عَن نَبِيذ
لجر، فَقَالَ: إِن وَفد عبد الْقَيْس أَتَوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" من الْوَفْد؟ " أَو " من الْقَوْم؟ " قَالُوا: ربيعَة. قَالَ: " مرْحَبًا بالقوم أَو بالوفد - غير خزايا وَلَا الندامى " قَالَ: فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، إِنَّا نَأْتِيك من شقةٍ بعيدَة، وَإِن بَيْننَا وَبَيْنك هَذَا الْحَيّ من كفار مُضر، وَإِنَّا لَا نستطيع أَن نَأْتِيك إِلَّا فِي الشَّهْر الْحَرَام، فمرنا بأمرٍ فصل نخبر بِهِ من وَرَاءَنَا، وندخل بِهِ الْجنَّة. قَالَ: فَأَمرهمْ بِأَرْبَع، ونهاهم عَن أَربع. قَالَ: أَمرهم بِالْإِيمَان بِاللَّه وَحده. قَالَ: " هَل تَدْرُونَ مَا الْإِيمَان بِاللَّه؟ " قَالُوا: الله وَرَسُوله أعلم. قَالَ: " شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، وإقام الصَّلَاة، وإيتاء الزَّكَاة، وَصَوْم رَمَضَان، وَأَن تُؤَدُّوا خمْسا من الْمغنم. " ونهاهم عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير. قَالَ شُعْبَة: وَرُبمَا قَالَ: المقير. وَقَالَ: احْفَظُوا وأخبروا بِهِ من وراءكم ".
وَفِي حَدِيث نصر بن عَليّ نَحوه وَقَالَ: أنهاكم عَمَّا ينْبذ فِي الدُّبَّاء والنقير والحنتم والمزفت. وَزَاد فِي حَدِيث عبيد الله بن معَاذ عَن أَبِيه قَالَ:
وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم للأشج - أشج عبد الْقَيْس. إِن فِيك خَصْلَتَيْنِ يحبهما الله: الْحلم والأناة.
قَالَ سُلَيْمَان بن حَرْب وَخلف بن هِشَام فِي روايتهما عَن حَمَّاد بن زيد: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَعقد وَاحِدَة.
وَفِي حَدِيث النَّضر عَن شُعْبَة:
وسألوه عَن الْأَشْرِبَة، وَفِيه: شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده.
وَحَدِيث عمرَان بن ميسرَة:
مرْحَبًا بالوفد الَّذين جاؤوا غير خزايا وَلَا ندامى
…
.
وَفِي حَدِيث عَمْرو بن عَليّ:
وَأَنا لَا نصل إِلَيْك إِلَّا فِي الْأَشْهر الْحرم، فمرنا بجملٍ من الْأَمر إِن عَملنَا بِهِ دَخَلنَا الْجنَّة، وندعو إِلَيْهِ من وَرَاءَنَا.
وَفِي أول حَدِيث إِسْحَاق عَن أبي عَامر الْعَقدي أَن أَبَا جَمْرَة قَالَ: قلت لِابْنِ عَبَّاس إِن لي جرةً تنبذ لي فأشربه حلواً، فَإِذا أكثرت مِنْهُ فجالست الْقَوْم، فأطلت الْجُلُوس خشيت أَن أفتضح. فَقَالَ: قدم وَفد عبد الْقَيْس
…
وَذكره.
وَأخرج مُسلم نَحوا مِمَّا فِيهِ من الْأَشْرِبَة، من رِوَايَة ابْن عمر يحيى بن عبيد البهراني النَّخعِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الدُّبَّاء والنقير والمزفت.
وَمن رِوَايَة أبي يحيى حبيب بن أبي ثَابت - وَاسم أبي ثَابت قيس بن دِينَار - عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير.
وَعَن أبي عبد الله حبيب بن أبي عمْرَة عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير، وَأَن يخلط البلح بالزهو.
وَعَن مَنْصُور بن حَيَّان عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس:
أَنَّهُمَا شَهدا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن الدُّبَّاء والحنتم والمزفت والنقير.
وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود فِي الروَاة عَن سعيد بن جُبَير من هَذَا الْمسند مَنْصُور بن حَيَّان.
1066 -
التِّسْعُونَ: عَن أبي جَمْرَة قَالَ: سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الْمُتْعَة فَأمرنِي بهَا، وَسَأَلته عَن الْهَدْي، فَقَالَ فِيهَا جزورٌ أَو بقرةٌ أَو شركٌ فِي دمٍ.
قَالَ:
وَكَانَ النَّاس كرهوها، فَنمت، فَرَأَيْت فِي الْمَنَام كَأَن إنْسَانا يُنَادي: حجٌّ مبرورٌ ومتعةٌ متقبلة. فَأتيت ابْن عَبَّاس فَحَدَّثته، فَقَالَ: الله أكبر، سنة أبي الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم. قَالَ البُخَارِيّ: وَقَالَ آدم ووهب بن جرير عَن شُعْبَة: عمرةٌ متقبلةٌ، وحجٌّ مبرور.
وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث غنْدر عَن شُعْبَة قَالَ:
سَمِعت أَبَا جَمْرَة قَالَ: تمتعت فنهاني ناسٌ عَن ذَلِك، فَأتيت ابْن عَبَّاس فَأمرنِي بهَا، قَالَ: ثمَّ انْطَلَقت إِلَى الْبَيْت فَنمت، فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي، فَقَالَ: عمرةٌ متقبلة وحجٌّ مبرورٌ. فَأتيت ابْن عَبَّاس فَأَخْبَرته فَقَالَ: الله أكبر، الله أكبر، سنة أبي الْقَاسِم صلى الله عليه وسلم.
1067 -
الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ: عَن أبي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: كَانَت صَلَاة النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثَلَاث عشرَة رَكْعَة - يَعْنِي فِي اللَّيْل.
1068 -
الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ: فِي إِسْلَام أبي ذَر: عَن أبي جَمْرَة عَن ابْن عَبَّاس من رِوَايَة عبد الرَّحْمَن بن مهْدي قَالَ: لما بلغ أَبَا ذرٍّ مبعث النَّبِي صلى الله عليه وسلم بِمَكَّة، قَالَ لِأَخِيهِ: اركب إِلَى هَذَا الْوَادي فَاعْلَم لي علم هَذَا الرجل الَّذِي زعم أَنه يَأْتِيهِ الْخَبَر من السَّمَاء، واسمع قَوْله، ثمَّ ائتنى. فَانْطَلق حَتَّى قدم مَكَّة، وَسمع من قَوْله، ثمَّ رَجَعَ إِلَى أبي ذرٍّ فَقَالَ: رَأَيْته يَأْمر بمكارم الْأَخْلَاق، وكلاماً مَا هُوَ بالشعر. فَقَالَ: مَا شفيتني فِيمَا أردْت. فتزود وَحمل شنةً لَهُ فِيهَا مَاء حَتَّى قدم مَكَّة، فَأتى الْمَسْجِد، فالتمس النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَلَا يعرفهُ، وَكره أَن
يسْأَل عَنهُ، حَتَّى أدْركهُ اللَّيْل، فاضطجع، فَرَآهُ عَليّ بن أبي طَالب، فَعرف أَنه غريبٌ، فَلَمَّا رَآهُ تبعه، وَلم يسْأَل واحدٌ مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء حَتَّى أصبح، ثمَّ احْتمل قربته وزاده إِلَى الْمَسْجِد، فظل ذَلِك الْيَوْم وَلَا يرى النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَمْسَى، فَعَاد إِلَى مضجعه، فَمر بِهِ عليٌّ، فَقَالَ: مَا أَنى للرجل أَن يعرف منزله؟ فأقامه فَذهب بِهِ مَعَه، وَلَا يسْأَل واحدٌ مِنْهُمَا صَاحبه عَن شَيْء، حَتَّى إِذا كَانَ يَوْم الثَّالِثَة فعل مثل ذَلِك، فأقامه عليٌّ مَعَه، ثمَّ قَالَ لَهُ: أَلا تُحَدِّثنِي مَا الَّذِي أقدمك هَذَا الْبَلَد؟ قَالَ: إِن أَعْطَيْتنِي عهدا وميثاقاً لترشدني فعلت. فَفعل، فَأخْبرهُ، فَقَالَ: فَإِنَّهُ حقٌّ، وَهُوَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِذا أَصبَحت فاتبعني، فَإِنِّي إِن رَأَيْت شَيْئا أَخَاف عَلَيْك قُمْت كَأَنِّي أريق المَاء، فَإِن مضيت فاتبعني حَتَّى تدخل مدخلي. فَفعل، فَانْطَلق يقفوه حَتَّى دخل على النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَدخل مَعَه، فَسمع من قَوْله، وَأسلم مَكَانَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" ارْجع إِلَى قَوْمك، فَأخْبرهُم حَتَّى يَأْتِيك أَمْرِي " فَقَالَ: وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لأصرخن بهَا بَين ظهرانيهم. فَخرج حَتَّى أَتَى الْمَسْجِد، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوته: أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله. وثار الْقَوْم فضربوه حَتَّى أضجعوه، وأتى الْعَبَّاس فأكب عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَيْلكُمْ، ألستم تعلمُونَ أَنه من غفار، وَأَن طَرِيق تجارتكم إِلَى الشَّام - يَعْنِي عَلَيْهِم - فأنقذه مِنْهُم، ثمَّ عَاد من الْغَد لمثلهَا، وثاروا إِلَيْهِ، فضربوه فأكب عَلَيْهِ الْعَبَّاس فأنقذه.
1069 -
الثَّالِث وَالتِّسْعُونَ: عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ:
جَاءَ رجلٌ إِلَى ابْن عَبَّاس فَقَالَ: إِنِّي رجل أصور هَذِه الصُّور، فأفتني فِيهَا. فَقَالَ لَهُ: ادن مني، فَدَنَا ثمَّ قَالَ: ادن مني، فَدَنَا حَتَّى وضع يَده على رَأسه وَقَالَ: أنبئك بِمَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:" كل مُصَور فِي النَّار، يَجْعَل لَهُ بِكُل صُورَة صورها نفسا، فتعذبه فِي جَهَنَّم ". قَالَ: إِن كنت لابد فَاعِلا فَاصْنَعْ الشَّجَرَة وَمَا لَا نفس لَهُ ".
وَعند البُخَارِيّ فِي حَدِيث عَوْف عَن سعيد بن أبي الْحسن قَالَ: كنت عِنْد ابْن
عَبَّاس إِذْ جَاءَ رجلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاس، إِنِّي رجلٌ إِنَّمَا معيشتي من صَنْعَة يَدي، وَإِنِّي أصنع هَذِه التصاوير. فَقَالَ ابْن عَبَّاس: لَا أحَدثك إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يَقُول: " من صور صُورَة فَإِن الله معذبه حَتَّى ينْفخ فِيهَا الرّوح وَلَيْسَ بنافخٍ فِيهَا أبدا ". فربا الرجل ربوةً شَدِيدَة، واصفر وَجهه، فَقَالَ: وَيحك، إِن أَبيت إِلَّا أَن تصنع فَعَلَيْك بِهَذَا الشّجر، كل شَيْء لَيْسَ فِيهِ روح.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث النَّضر بن أنس بن مَالك قَالَ:
كنت جَالِسا عِنْد ابْن عَبَّاس فَجعل يُفْتِي، وَلَا يَقُول: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. حَتَّى سَأَلَهُ رجلٌ فَقَالَ: إِنِّي رجل أصور هَذِه الصُّور. فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: ادن، فَدَنَا الرجل، فَقَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " من صور صُورَة فِي الدُّنْيَا كلف أَن ينْفخ فِيهَا الرّوح يَوْم الْقِيَامَة وَلَيْسَ بنافخ ".
وَلَيْسَ للنضر بن أنس عَن ابْن عَبَّاس فِي الصَّحِيح غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1070 -
الرَّابِع وَالتِّسْعُونَ: عَن أبي البخْترِي سعيد بن فَيْرُوز أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَن بيع النّخل. فَقَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن بيع النّخل حَتَّى يَأْكُل مِنْهُ، أَو يُؤْكَل، وَحَتَّى يُوزن. قَالَ: فَقلت: مَا يُوزن؟ فَقَالَ رجلٌ عِنْده: حَتَّى يحرز.
1071 -
الْخَامِس وَالتِّسْعُونَ: عَن أبي الْمنْهَال عبد الرَّحْمَن بن مطعم عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: قدم النَّبِي صلى الله عليه وسلم وهم يسلفون فِي الثِّمَار السّنة والسنتين. فَقَالَ: من أسلف فِي تمرٍ فليسلف فِي كيلٍ مَعْلُوم، ووزنٍ مَعْلُوم، إِلَى أجلٍ مَعْلُوم ".