الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(78)
الْمُتَّفق عَلَيْهِ من مُسْند أبي سعيد، سعد بن مَالك بن سنانٍ الْخُدْرِيّ رضي الله عنه
1733 -
الحَدِيث الأول: عَن عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر بن عبد الله عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يَأْتِي على النَّاس زمانٌ فيغزو فِئَام من النَّاس فَيَقُولُونَ: هَل فِيكُم من صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نعم، فَيفتح لَهُم. ثمَّ يَأْتِي على النَّاس زمانٌ فيغزو فئامٌ من النَّاس، فَيُقَال: هَل فِيكُم من صَاحب أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نعم، فَيفتح لَهُم. ثمَّ يَأْتِي عَليّ النَّاس زمانٌ فيغزو فئامٌ من النَّاس فَيُقَال لَهُم: هَل فِيكُم من صَاحب من صَاحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَيَقُولُونَ: نعم. فَيفتح لَهُم ".
وَفِي روايه زُهَيْر وَأحمد بن عَبدة عَن سُفْيَان:
" فِيكُم من رأى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ " وَفِي الثَّانِي: " فِيكُم من رأى من صحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ " وَفِي الثَّالِث: " فِيكُم من رأى من صحب من صحب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم ".
وَلمُسلم فِي رِوَايَة أبي الزبير عَن جَابر قَالَ:
زعم أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يَأْتِي على النَّاس زمانٌ يبْعَث مِنْهُم الْبَعْث فَيَقُولُونَ: انْظُرُوا، هَل تَجِدُونَ فِيكُم أحدا من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فيوجد الرجل، فَيفتح لَهُم بِهِ، ثمَّ يبْعَث الْبَعْث الثَّانِي، فَيَقُولُونَ: هَل فيهم من رأى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَيفتح لَهُم، ثمَّ يبْعَث الْبَعْث الثَّالِث، فَيُقَال: انْظُرُوا، هَل ترَوْنَ فيهم من رأى من رأى أَصْحَاب
النَّبِي صلى الله عليه وسلم، ثمَّ يكون بعث الرَّابِع فَيُقَال: انْظُرُوا هَل ترَوْنَ فيهم أحدا رأى من رأى أحدا رأى أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فيوجد فَيفتح لَهُم ".
1734 -
الثَّانِي: عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي سعيد قَالَ: حَدثنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثا طَويلا عَن الدَّجَّال، فَكَانَ فِيمَا حَدثنَا بِهِ أَن قَالَ:" يَأْتِي الدَّجَّال وَهُوَ محرمٌ عَلَيْهِ أَن يدْخل نقاب الْمَدِينَة، فينتهي إِلَى بعض السباخ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ، فَيخرج إِلَيْهِ يومئذٍ رجلٌ هُوَ خير النَّاس - أَو من خير النَّاس - فَيَقُول: أشهد أَنَّك الدَّجَّال الَّذِي حَدثنَا عَنْك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم حَدِيثه، فَيَقُول الدَّجَّال: أَرَأَيْت إِن قتلت هَذَا ثمَّ أحييته، هَل تشكون فِي الْأَمر؟ فَيَقُولُونَ: لَا. فيقتله ثمَّ يحييه، فَيَقُول حِين يحييه: وَالله مَا كنت قطّ أَشد بَصِيرَة مني الْيَوْم. فَيَقُول الدَّجَّال: أَقتلهُ، وَلَا يُسَلط عَلَيْهِ ".
وَأخرجه مُسلم أَيْضا بِنَحْوِ مَعْنَاهُ، وَفِيه زِيَادَة أَلْفَاظ من حَدِيث أبي الوداك عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " يخرج الدَّجَّال، فَيتَوَجَّه قبله رجلٌ من الْمُؤمنِينَ، فَتَلقاهُ المسالح مسالح الدَّجَّال، فَيَقُولُونَ: أَيْن تعمد؟ فَيَقُول: أعمد إِلَى هَذَا الَّذِي خرج. فَيَقُولُونَ لَهُ: أَو مَا تؤمن بربنا؟ فَقَالَ: مَا بربنا خَفَاء.
فَيَقُولُونَ: اقْتُلُوهُ. فَيَقُول بَعضهم لبَعض: أَلَيْسَ يَنْهَاكُم ربكُم أَن تقتلُوا أحدا دونه.
قَالَ: فَيَنْطَلِقُونَ بِهِ إِلَى الدَّجَّال، فَإِذا رَآهُ الْمُؤمن قَالَ: يأيها النَّاس، هَذَا الدَّجَّال الَّذِي ذكر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. قَالَ: فيأمر الدَّجَّال فيشبح، فَيَقُول: خذوه وشجوه، فيوسع ظَهره وبطنه ضربا. فَيَقُول: أما تؤمن بِي؟ قَالَ: فَيَقُول: أَنْت الْمَسِيح الْكذَّاب. قَالَ: فَيُؤْمَر بِهِ فيؤشر بالمئشار من مفرقه حَتَّى يفرق بَين رجلَيْهِ. قَالَ: ثمَّ يمشي الدَّجَّال بَين القطعتين. قَالَ: ثمَّ يَقُول لَهُ: قُم، فيستوي قَائِما. قَالَ: ثمَّ
يَقُول لَهُ: أتؤمن بِي؟ فَيَقُول: مَا ازددت فِيك إِلَّا بَصِيرَة. قَالَ: ثمَّ يَقُول: يأيها النَّاس، إِنَّه لَا يفعل بعدِي بأحدٍ من النَّاس. قَالَ: فَيَأْخذهُ الدَّجَّال ليذبحه، فَيجْعَل مَا بَين رقبته إِلَى ترقوته نُحَاسا، فَلَا يَسْتَطِيع إِلَيْهِ سَبِيلا. قَالَ: فَيَأْخُذ بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ فيقذف بِهِ، فيحسب النَّاس أَنما قذفه إِلَى النَّار، وَإِنَّمَا ألقِي فِي الْجنَّة ". فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" هَذَا أعظم النَّاس شَهَادَة عِنْد رب الْعَالمين ".
1735 -
الثَّالِث: عَن عبيد الله بن عبد الله عَن أبي سعيد أَنه قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن اختناث الأسقية، أَن يشرب من أفواهها. قَالَ فِي رِوَايَة معمر: واختناثها أَن يقلب رَأسهَا فيشرب مِنْهُ.
1736 -
الرَّابِع: عَن أبي سَلمَة وَعَطَاء بن يسَار أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ فَسَأَلَاهُ عَن الحرورية: هَل سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يذكرهَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي من الحرورية، وَلَكِن سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:" يخرج فِي هَذِه الْأمة - وَلم يقل مِنْهَا - قومٌ تحقرون صَلَاتكُمْ مَعَ صلَاتهم، يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حُلُوقهمْ - أَو قَالَ حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدّين مروق السهْم من الرَّمية، فَينْظر الرَّامِي إِلَى سَهْمه، إِلَى نصله، إِلَى رصافه، فيتمارى فِي الفوقة، هَل علق بهَا من الدَّم شيءٌ ". هَكَذَا فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة وَعَطَاء.
وللبخاري فِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي مسلمة وَحده عَن أبي سعيد أَنه قَالَ:
سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " يخرج فِيكُم قوم تحقرون صَلَاتكُمْ مَعَ صلَاتهم، وَصِيَامكُمْ مَعَ صِيَامهمْ، وعملكم مَعَ عَمَلهم، يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، ينظر فِي النصل فَلَا يرى
شَيْئا، وَينظر فِي الْقدح فَلَا يرى شَيْئا، وَينظر فِي الريش فَلَا يرى شَيْئا، ويتمارى فِي الفوق ".
وَلَهُمَا فِي رِوَايَة الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَالضَّحَّاك الْهَمدَانِي أَن أَبَا سعيد قَالَ:
بَيْنَمَا نَحن عِنْد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يقسم قسما، أَتَاهُ ذُو الْخوَيْصِرَة، وَهُوَ رجل من بني تَمِيم، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اعْدِلْ. فَقَالَ:" وَيلك، وَمن يعدل إِذا لم أعدل؟ " زَاد فِي رِوَايَة يُونُس وَشُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: " قد خبت وخسرت إِن لم أعدل؟ " فَقَالَ عمر بن الْخطاب: ائْذَنْ لي فِيهِ أضْرب عُنُقه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " دَعه، فَإِن لَهُ أصحاباً يحقر أحدكُم صلَاته مَعَ صلَاتهم، وصيامه مَعَ صِيَامهمْ ". زَاد يُونُس وَشُعَيْب: " يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم، يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام - وَفِي رِوَايَة من الدّين - كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، ينظر إِلَى نصله فَلَا يُوجد فِيهِ شَيْء، ثمَّ ينظر إِلَى رصافه فَلَا يُوجد فِيهِ شيءٌ، ثمَّ ينظر إِلَى نضيه فَلَا يُوجد فِيهِ شيئ - وَهُوَ الْقدح - ثمَّ ينظر إِلَى قذذه فَلَا يُوجد فِيهِ شيءٌ، سبق الفرث وَالدَّم، آيَتهم رجلٌ أسود، إِحْدَى عضديه - وَفِي رِوَايَة الْأَوْزَاعِيّ إِحْدَى يَدَيْهِ - مثل الْبضْعَة تدَرْدر، يخرجُون على حِين فرقةٍ من النَّاس " قَالَ أَبُو سعيد: فَأشْهد أَنِّي سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، واشهد أَن عَليّ بن أبي طَالب قَاتلهم وَأَنا مَعَه، فَأمر بذلك الرجل فالتمس، فَوجدَ، فَأتي بِهِ، حَتَّى نظرت إِلَيْهِ على نعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الَّذِي نعت.
أَلْفَاظ الروَاة عَن الزُّهْرِيّ مُتَقَارِبَة، إِلَّا فِيمَا بَينا من الزِّيَادَة، وَرِوَايَة معمر وَشُعَيْب إِنَّمَا هِيَ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَحده عَن أبي سعيد.
وَأَخْرَجَاهُ على نَحْو من هَذَا من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي نعم عَن أبي سعيد قَالَ:
بعث عليٌّ رضي الله عنه وَهُوَ بِالْيمن إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بذهيبة فِي تربَتهَا، فَقَسمهَا بَين أَرْبَعَة: الْأَقْرَع بن حَابِس الْحَنْظَلِي ثمَّ أحد بني مجاشع، وَبَين عُيَيْنَة بن بدر الْفَزارِيّ، وَبَين عَلْقَمَة بن علائة العامري ثمَّ أحد بني كلاب، وَبَين زيد الْخَيل الطَّائِي ثمَّ أحد بني نَبهَان، فَغضِبت قريشٌ وَالْأَنْصَار، فَقَالُوا: يُعْطِيهِ صَنَادِيد أهل نجد ويدعنا. قَالَ: " إِنَّمَا أتألفهم " فَأقبل رجلٌ غائر الْعَينَيْنِ، ناتئ الجبين، كث اللِّحْيَة، مشرق الوجنتين، محلوق الرَّأْس، فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، اتَّقِ الله، فَقَالَ:" فَمن يُطِيع الله إِذا عصيته، فيأمنني على أهل الأَرْض، وَلَا تأمنوني؟ " فَسَأَلَ رجلٌ من الْقَوْم قَتله - أرَاهُ خَالِد بن الْوَلِيد، فَمَنعه، فَلَمَّا ولى قَالَ:" إِن من ضئضئ هَذَا قوما يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الْإِسْلَام مروق السهْم من الرَّمية، يقتلُون أهل الْإِسْلَام وَيدعونَ أهل الْأَوْثَان، لَئِن أدركتهم لأقتلنهم قتل عَاد ".
وَفِي رِوَايَة مُسلم عَن قُتَيْبَة نَحوه وَزِيَادَة أَلْفَاظ، وفيهَا: وَالرَّابِع إِمَّا عَلْقَمَة بن علائة، وَإِمَّا عَامر بن الطُّفَيْل. وفيهَا:" أَلا تأمنوني وَأَنا أَمِين من فِي السَّمَاء، يأتيني خبر السَّمَاء صباحاً وَمَسَاء؟ " وفيهَا: فَقَالَ: يَا رَسُول الله، اتَّقِ الله. فَقَالَ:" وَيلك، أَو لست أَحَق أهل الأَرْض أَن يَتَّقِي الله ". قَالَ ثمَّ ولى الرجل. فَقَالَ خَالِد بن الْوَلِيد: يَا رَسُول الله، أَلا أضْرب عُنُقه؟ فَقَالَ: لَا، لَعَلَّه أَن يكون يُصَلِّي ". قَالَ خَالِد: وَكم من مصل يَقُول بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قلبه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لم أُؤمر أَن أنقب عَن قُلُوب النَّاس، وَلَا أشق بطونهم ": قَالَ: ثمَّ نظر إِلَيْهِ وَهُوَ مقفٍّ
فَقَالَ لَهُ: " يخرج من ضئضئ هَؤُلَاءِ قومٌ يَتلون كتاب الله رطبا، لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية " قَالَ: أَظُنهُ قَالَ: " لَئِن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثَمُود ".
وَفِي حَدِيث جرير عَن عمَارَة:
فَقَامَ إِلَيْهِ عمر بن الْخطاب فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أضْرب عُنُقه؟ قَالَ:" لَا " فَقَامَ إِلَيْهِ خَالِد سيف الله فَقَالَ: يَا رَسُول الله، أَلا أضْرب عُنُقه؟ قَالَ:" لَا ".
وَأخرج البُخَارِيّ مِنْهُ طرفا مُخْتَصرا من حَدِيث معبد بن سِيرِين عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ:
سيخرج ناسٌ من قبل الْمشرق، يقرءُون الْقُرْآن لَا يُجَاوز تراقيهم، يَمْرُقُونَ من الدّين كَمَا يَمْرُق السهْم من الرَّمية، لَا يعودون فِيهِ حَتَّى يعود السهْم إِلَى فَوْقه ". قيل: مَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: " سِيمَاهُمْ التحليق " أَو قَالَ: " التسبيد ".
وَأخرجه مُسلم على مساقٍ آخر، وَفِيه زِيَادَة من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر قوما يكونُونَ فِي أمته، يخرجُون فِي فرقة من النَّاس سِيمَاهُمْ التحاليق. قَالَ: هم شَرّ الْخلق أَو من أشر الْخلق، يقتلهُمْ أدنى الطَّائِفَتَيْنِ إِلَى الْحق ". قَالَ: فَضرب النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَهُم مثلا أَو قَالَ قولا: " الرجل يَرْمِي الرَّمية - أَو قَالَ الْغَرَض، فَينْظر فِي النصل فَلَا يرى بَصِيرَة، وَينظر فِي الفوق فَلَا يرى بَصِيرَة " قَالَ أَبُو سعيد: وَأَنْتُم قَتَلْتُمُوهُمْ يَا أهل الْعرَاق.
وَفِي رِوَايَة الْقَاسِم بن الْفضل الْحدانِي عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " يَمْرُق مارقةٌ عِنْد فرقة من الْمُسلمين، يَقْتُلهَا أولى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ " مُخْتَصر.
وَفِي رِوَايَة قَتَادَة، وَدَاوُد بن أبي هِنْد عَن أبي نَضرة كَذَلِك بِمَعْنَاهُ.
وَأخرج مُسلم هَذَا الطّرف مِنْهُ من حَدِيث الضَّحَّاك المشرفي عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، وَذكر فِيهِ قوما يخرجُون على فرقة مُخْتَلفَة، يقتلهُمْ أقرب الطَّائِفَتَيْنِ من الْحق. هَكَذَا قَالَ، وَلم يزدْ.
1737 -
الْخَامِس: عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد قَالَ: كُنَّا نرْزق تمر الْجمع على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَهُوَ الْخَلْط من التَّمْر - فَكُنَّا نبيع صَاعَيْنِ بصاعٍ. فَبلغ ذَلِك رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " لَا صَاعَيْنِ تَمرا بِصَاع، وَلَا صَاعَيْنِ حِنْطَة بِصَاع، وَلَا دِرْهَم بِدِرْهَمَيْنِ ".
وَفِي رِوَايَة أبي نعيم عَن شَيبَان فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
وَلَا دِرْهَمَيْنِ بدرهم ".
وَعِنْدَهُمَا من حَدِيث عقبَة بن عبد الغافر العوذي عَن أبي سعيد قَالَ:
جَاءَ بلالٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم بتمرٍ برنيٍّ فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " من أَيْن هَذَا؟ " فَقَالَ بِلَال: كَانَ عندنَا تمرٌ رديءٌ، فَبِعْت مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاع لمطعم النَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم عِنْد ذَلِك:" أوه، عين الرِّبَا، عين الرِّبَا، لَا تفعل، وَلَكِن إِذا أردْت أَن تشتري فبع التَّمْر ببيعٍ آخر، ثمَّ اشْتَرِ بِهِ ".
وَلمُسلم من حَدِيث أبي نَضرة الْمُنْذر بن مَالك بن قِطْعَة الْعَبْدي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
أُتِي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بتمرٍ، فَقَالَ:" مَا هَذَا التَّمْر من تمرنا " فَقَالَ الرجل: يَا رَسُول الله، بعنا تمرنا صَاعَيْنِ بصاعٍ من هَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" هَذَا الرِّبَا، فَردُّوهُ، ثمَّ بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هَذَا ".
وَمن حَدِيث أبي نَضرة أَيْضا قَالَ:
سَأَلت ابْن عمر وَابْن عَبَّاس عَن الصّرْف، فَلم يريَا بِهِ بَأْسا، فَإِنِّي لقاعدٌ عِنْد أبي سعيد الْخُدْرِيّ، فَسَأَلته عَن الصّرْف فَقَالَ: مَا زَاد فَهُوَ رَبًّا. فأنكرت ذَلِك لقولهما. فَقَالَ: لَا أحَدثك إِلَّا مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: جَاءَهُ صَاحب نخلةٍ بصاعٍ من تمرٍ طيب، وَكَانَ تمر النَّبِي صلى الله عليه وسلم هَذَا اللَّوْن، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" أَنى لَك هَذَا؟ " قَالَ: انْطَلَقت بصاعين فاشتريت بِهِ هَذَا الصَّاع، فَإِن سعر هَذَا فِي السُّوق كَذَا، وسعر هَذَا كَذَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أربيت، إِذا أردْت ذَلِك، فبع تمرك بسلعةٍ، ثمَّ اشْتَرِ بسلعتك أَي تمرٍ شِئْت ". قَالَ أَبُو سعيد: فالتمر بِالتَّمْرِ أَحَق أَن يكون رَبًّا أم الْفضة بِالْفِضَّةِ؟ قَالَ: فَأتيت ابْن عمر بعد فنهاني، وَلم آتٍ ابْن عَبَّاس. قَالَ: فَحَدثني أَبُو الصَّهْبَاء أَنه سَأَلَ ابْن عَبَّاس عَنهُ بِمَكَّة فكرهه.
وَفِي رِوَايَة سعيد الْجريرِي عَن أبي نَضرة قَالَ:
سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الصّرْف فَقَالَ: أيداً بيدٍ؟ فَقلت: نعم. قَالَ: لَا بَأْس. فَأخْبرت أَبَا سعيد فَقلت:
إِنِّي سَأَلت ابْن عَبَّاس عَن الصّرْف، فَقَالَ: أيداً بيدٍ؟ قلت: نعم، قَالَ: فَلَا بَأْس بِهِ. قَالَ: أَو قَالَ ذَلِك؟ إِنَّا سنكتب إِلَيْهِ فَلَا يفتكموه. قَالَ: فوَاللَّه لقد جَاءَ بعض فتيَان رَسُول الله صلى الله عليه وسلم بتمرٍ فَأنكرهُ، قَالَ:" كَأَن هَذَا لَيْسَ من تمر أَرْضنَا " قَالَ: كَانَ فِي تمر أَرْضنَا - أَو فِي تمرنا - الْعَام بعض الشَّيْء، فَأخذت هَذَا وزدت بعض الزِّيَادَة. فَقَالَ:" أضعفت، أربيت، لَا تقربن هَذَا، إِذا رَابَك من تمرك شَيْء فبعه، ثمَّ اشْتَرِ الَّذِي تُرِيدُ من التَّمْر ".
وَهُوَ فِي مُسْند أبي هُرَيْرَة بِنَحْوِ هَذَا الْمَعْنى، عَنهُ وَعَن أبي سعيد من رِوَايَة سعيد ابْن الْمسيب عَنْهُمَا، وَهُوَ مَذْكُور هُنَالك.
وَقد أخرجَا من حَدِيث أبي صَالح السمان قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: " الدِّينَار بالدينار، وَالدِّرْهَم بالدرهم " كَذَا فِي رِوَايَة ابْن جريج عَن عَمْرو، لم يزدْ. وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة عَن عَمْرو:" الدِّينَار بالدينار، وَالدِّرْهَم بالدرهم مثلا بِمثل، من زَاد أَو ازْدَادَ فقد أربى " وَمن الرِّوَايَتَيْنِ بعد هَذَا القَوْل: فَقلت لَهُ: فَإِن ابْن عَبَّاس لَا يَقُوله. فَقَالَ: أَبُو سعيد: سَأَلته فَقلت: سمعته من النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَو وجدته فِي كتاب الله؟ قَالَ: كل ذَلِك لَا أَقُول، وَأَنْتُم أعلم برَسُول الله صلى الله عليه وسلم مني، وَلَكِن أَخْبرنِي أُسَامَة بن زيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:" لَا رَبًّا إِلَّا فِي النَّسِيئَة ".
أخرجه أَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي فِي مُسْند أبي سعيد، وَلَيْسَ لأبي سعيد فِيهِ إِلَّا متن مَوْقُوف عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا هُوَ من مُسْند أُسَامَة. وَقد أَخْرجَاهُ جَمِيعًا كَمَا ذَكرْنَاهُ أَو بِمَعْنَاهُ، فَكَانَ يلْزمه إِخْرَاجه فِي مُسْند أُسَامَة كَمَا أخرج هُنَاكَ حَدِيث عَطاء بن أبي رَبَاح عَن أبي سعيد:
إِذْ لَقِي ابْن عَبَّاس فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْت قَوْلك فِي الصّرْف، أشيئاً سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم
…
الحَدِيث بِنَحْوِ حَدِيث أبي صَالح.
وَقد أخرج مُسلم بن الْحجَّاج قَول أبي سعيد مُسْندًا من حَدِيث سُهَيْل بن أبي صَالح عَن أَبِيه عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب، وَلَا الْوَرق بالورق إِلَّا وزنا بِوَزْن، مثلا بِمثل، سَوَاء بِسَوَاء ".
وَقد انْفَرد مُسلم بِإِخْرَاج هَذَا الْمَعْنى من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي سعيد.
وَلَيْسَ هَذَا الْمَتْن أصلا عِنْد البُخَارِيّ من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي سعيد، بل هُوَ عِنْده وَعند مُسلم من غير حَدِيث أبي صَالح، أَخْرجَاهُ جَمِيعًا من حَدِيث نَافِع مولى ابْن عمر عَن أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" لَا تَبِيعُوا الذَّهَب بِالذَّهَب إِلَّا مثلا بِمثل، وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض، وَلَا تَبِيعُوا الْوَرق بالورق إِلَّا مثلا بِمثل،
وَلَا تشفوا بَعْضهَا على بعض، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبا بناجزٍ " زَاد فِي رِوَايَة اللَّيْث عَن نَافِع " إِلَّا يدا بيد ".
وَلَيْسَ لنافع عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا.
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث سَالم عَن ابْن عمر
أَن ابْن عمر لَقِي أَبَا سعيد، فَقَالَ: أَبَا سعيد، مَا هَذَا الَّذِي تحدث عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ أَبُو سعيد: فِي الصّرْف سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول: " الذَّهَب بِالذَّهَب مثلا بِمثل، وَالْوَرق بالورق مثلا بِمثل ".
وَأخرجه مُسلم بأكمل من هَذَا من حَدِيث أبي المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: الذَّهَب بِالذَّهَب، وَالْفِضَّة بِالْفِضَّةِ، وَالْبر بِالْبرِّ، وَالشعِير بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْر بِالتَّمْرِ، وَالْملح بالملح، مثلا بِمثل، يدا بيدٍ، فَمن زَاد أَو اسْتَزَادَ فقد أربى، الْآخِذ والمعطي فِيهِ سَوَاء ".
1738 -
السَّادِس: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة فَقومُوا، فَمن تبعها فَلَا يقْعد حَتَّى تُوضَع ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي صَالح السمان عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِذا اتبعتم جَنَازَة فَلَا تجلسوا حَتَّى تُوضَع ".
وَأخرج البُخَارِيّ من حَدِيث أبي سعيد المَقْبُري - واسْمه كيسَان - قَالَ:
كُنَّا فِي جنازةٍ، فَأخذ أَبُو هُرَيْرَة بيد مَرْوَان فَجَلَسَ قبل أَن تُوضَع، فجَاء أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ فَأخذ بيد مَرْوَان فَقَالَ: قُم، فوَاللَّه لقد علم هَذَا أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نهى عَن ذَلِك. فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: صدق.
1739 -
السَّابِع: عَن أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي سعيد قَالَ: اعتكفنا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعشْر الْأَوْسَط، فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة عشْرين نقلنا متاعنا، فَأَتَانَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" من كَانَ اعْتكف فَليرْجع إِلَى معكتفه، فَإِنِّي رَأَيْت هَذِه اللَّيْلَة، ورأيتني أَسجد فِي مَاء وطين ". فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى مُعْتَكفه هَاجَتْ السَّمَاء فمرطنا، فوالذي بَعثه بِالْحَقِّ لقد هَاجَتْ السَّمَاء فِي آخر ذَلِك الْيَوْم، وَكَانَ الْمَسْجِد على عريشٍ، فَلَقَد رَأَيْت على أَنفه وأرنبته أثر المَاء والطين.
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن أبي سَلمَة من رِوَايَة مَالك عَن يزِيد بن عبد الله بن الْهَاد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم نَحوه، إِلَّا أَنه قَالَ:
حَتَّى إِذا كَانَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين - وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يخرج من صبيحتها من اعْتِكَافه قَالَ: " من كَانَ اعْتكف معي فليعتكف الْعشْر الْأَوَاخِر ".
وَفِي حَدِيث الدَّرَاورْدِي وَابْن أبي حَازِم عَن يزِيد عَن مُحَمَّد نَحوه أَيْضا، إِلَّا أَنه قَالَ:
كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يجاور فِي رَمَضَان الْعشْر الَّتِي فِي وسط الشَّهْر، فَإِذا كَانَ حِين يُمْسِي من عشْرين لَيْلَة تمْضِي وَيسْتَقْبل إِحْدَى وَعشْرين رَجَعَ إِلَى مَسْكَنه، وَرجع من كَانَ يجاور مَعَه. وَأَنه أَقَامَ فِي شهر جاور فِيهِ اللَّيْلَة الَّتِي كَانَ يرجع فِيهَا، فَخَطب النَّاس، وَأمرهمْ بِمَا شَاءَ الله، ثمَّ قَالَ:" كنت أجاور هَذِه الْعشْر، ثمَّ قد بدا لي أَن أجاور هَذِه الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمن كَانَ اعْتكف معي فليثبت فِي مُعْتَكفه. " ثمَّ
ذكره، وَفِيه: فوكف الْمَسْجِد فِي مصلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين.
الحَدِيث.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن أبي كثير عَن أبي سَلمَة قَالَ:
انْطَلَقت إِلَى أبي سعيد فَقلت: أَلا تخرج بِنَا إِلَى النّخل فنتحدث، فَخرج، فَقلت: حَدثنِي مَا سَمِعت من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَة الْقدر. قَالَ: اعْتكف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عشر الأول من رَمَضَان واعتكفنا مَعَه، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ: إِن الَّذِي تطلب أمامك، فاعتكف الْعشْر الْأَوْسَط واعتكفنا مَعَه، فَأَتَاهُ جِبْرِيل عليه السلام فَقَالَ: إِن الَّذِي تطلب أمامك، ثمَّ قَامَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا صَبِيحَة عشْرين من رَمَضَان فَقَالَ:" من كَانَ اعْتكف مَعَ النَّبِي فَليرْجع، فَإِنِّي رَأَيْت كَأَنِّي أَسجد فِي طين وَمَاء " وَكَانَ سقف الْمَسْجِد جريد النّخل، وَمَا نرى فِي السَّمَاء شَيْئا، فَجَاءَت قزعة فمطرنا، فصلى النَّبِي صلى الله عليه وسلم حَتَّى رَأَيْت أثر الطين وَالْمَاء على جبهة رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته، تَصْدِيق رُؤْيَاهُ.
قَالَ البُخَارِيّ:
كَانَ الْحميدِي يحْتَج بِهَذَا الحَدِيث، يَقُول: لَا تمسح الْجَبْهَة فِي الصَّلَاة، بل تمسح بعد الصَّلَاة، لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم رئي المَاء والطين فِي أرنبته وجبهته بَعْدَمَا صلى.
أعَاد البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ فِي الصَّلَاة من رِوَايَة يحيى عَن أبي سَلمَة عَن أبي سعيد قَالَ:
رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم سجد فِي المَاء والطين، حَتَّى رَأَيْت أثر الطين فِي جَبهته. لم يزدْ.
وَهَذَا عِنْد مُسلم بِأَلْفَاظ فِيهَا زِيَادَة بَيَان من حَدِيث عمَارَة بن غزيَّة عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم عَن أبي سَلمَة عَنهُ:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اعْتكف فِي الْعشْر الأول من رَمَضَان، ثمَّ اعْتكف الْعشْر الْأَوْسَط فِي قبَّة تركية على سدتها حصيرٌ، فَأخذ الْحَصِير بِيَدِهِ فنحاها من نَاحيَة الْقبَّة، ثمَّ أطلع رَأسه فَكلم النَّاس، فدنوا مِنْهُ فَقَالَ:" إِنِّي اعتكفت الْعشْر الأول ألتمس هَذِه اللَّيْلَة، ثمَّ إِنِّي اعتكفت الْعشْر الْأَوْسَط، ثمَّ أتيت فَقيل لي: إِنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَمن أحب مِنْكُم أَن يعْتَكف فليعتكف " فاعتكف النَّاس مَعَه، فَقَالَ:" وَإِنِّي أريتها لَيْلَة وترٍ، وَإِنِّي أَسجد فِي صبيحتها فِي طين وَمَاء. " فَأصْبح من لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين وَقد قَامَ إِلَى الصُّبْح، فمطرت السَّمَاء، فوكف الْمَسْجِد، فَأَبْصَرت الطين وَالْمَاء، فَخرج حِين فرغ من صَلَاة الصُّبْح، وجبينه وروثة أَنفه فِيهَا الطين وَالْمَاء، وَإِذا هِيَ لَيْلَة إِحْدَى وَعشْرين، من الْعشْر الْأَوَاخِر.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد قَالَ:
اعْتكف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْعشْر الْأَوْسَط من رَمَضَان يلْتَمس لَيْلَة الْقدر، قبل أَن تبان لَهُ، فَلَمَّا انقضين أَمر بِالْبِنَاءِ فقوض، ثمَّ أبينت لَهُ أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَوَاخِر، فَأمر بِالْبِنَاءِ فأعيد، ثمَّ خرج على النَّاس فَقَالَ:" يأيها النَّاس، إِنَّهَا كَانَت أبينت لي لَيْلَة الْقدر، وَإِنِّي خرجت لأخبركم بهَا، فجَاء رجلَانِ يحتقان مَعَهُمَا الشَّيْطَان فنسيتها، فالتمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر من رَمَضَان، التموسها فِي التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة ". قَالَ: قلت: يَا أَبَا سعيد، إِنَّكُم بِالْعدَدِ أعلم منا. قَالَ: أجل، نَحن أَحَق بِذَاكَ مِنْكُم. قَالَ: قلت: مَا التَّاسِعَة وَالسَّابِعَة وَالْخَامِسَة؟ قَالَ: إِذا مَضَت
وَاحِدَة وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا ثِنْتَانِ وَعِشْرُونَ، فهى التَّاسِعَة، وَإِذا مَضَت ثَلَاث وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا السَّابِعَة، فَإِذا مَضَت خمس وَعِشْرُونَ فالتي تَلِيهَا الْخَامِسَة.
قَالَ ابْن خَلاد مَكَان يحتقان: يختمصان.
1740 -
الثَّامِن عَن حميد بن عبد الرَّحْمَن عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رأى نخامةً فِي جِدَار الْمَسْجِد - وَفِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة: فِي قبْلَة الْمَسْجِد - فَتَنَاول حَصَاة فحتها، وَقَالَ:" إِذا تنخم أحدكُم فَلَا يتنخمن قبل وَجهه وَلَا عَن يَمِينه، وليبصق عَن يسَاره أَو تَحت قدمه الْيُسْرَى ".
لَيْسَ فِي حَدِيث ابْن عُيَيْنَة ذكر أبي هُرَيْرَة، وَهُوَ عِنْده عَن أبي سعيد وَحده، وَقَالَ: فحكها بحصاة، ثمَّ نهى أَن يبصق الرجل بَين يَدَيْهِ أَو عَن يَمِينه وَلَكِن عَن يسَاره أَو تَحت قدمه الْيُسْرَى.
1741 -
التَّاسِع: عَن عَامر بن سعد بن أبي وَقاص عَن أبي سعيد قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن لبستين وَعَن بيعَتَيْنِ: نهى عَن الْمُلَامسَة والمنابذة فِي البيع.
وَالْمُلَامَسَة: لمس الرجل ثوب الآخر بِيَدِهِ بِاللَّيْلِ أَو بِالنَّهَارِ وَلَا يقلبه. والمنابذة: أَن ينْبذ الرجل بِثَوْبِهِ، وينبذ الآخر بِثَوْبِهِ، وَيكون ذَلِك بيعهمَا عَن غير نظرٍ وَلَا تراضٍ. واللبستين: اشْتِمَال الصماء، والصماء: أَن يَجْعَل ثَوْبه على أحد عَاتِقيهِ، فيبدو أحد شقيه لَيْسَ عَلَيْهِ ثوب. واللبسة الْأُخْرَى احتباؤه بِثَوْبِهِ وَهُوَ جَالس لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شيءٌ. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ، وَهُوَ أتم.
وَلَيْسَ لعامر بن سعد فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي سعيد قَالَ:
نهى النَّبِي صلى الله عليه وسلم عَن لبستين، وَعَن بيعَتَيْنِ: اشْتِمَال الصماء، والاحتباء فِي ثوب وَاحِد لَيْسَ على فرج الْإِنْسَان مِنْهُ شَيْء.
وَمن حَدِيث عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة بن مَسْعُود عَن أبي سعيد:
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم نهى عَن اشْتِمَال الصماء، وَأَن يحتبي الرجل فِي ثوبٍ لَيْسَ على فرجه مِنْهُ شيءٌ. لم يزدْ.
1742 -
الْعَاشِر: عَن أبي أُمَامَة أسعد بن سهل بن حنيف عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " بَينا أَنا نَائِم، رَأَيْت النَّاس يعرضون عَليّ وَعَلَيْهِم قمص، مِنْهَا مَا يبلغ الثدي، وَمِنْهَا مَا يبلغ دون ذَلِك، وَعرض عَليّ عمر بن الْخطاب وَعَلِيهِ قميصٌ يجره ". قَالُوا: فَمَا أولت ذَلِك يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " الدّين ".
1743 -
الْحَادِي عشر: عَن أبي أُمَامَة عَن أبي سعيد: أَن أهل قُرَيْظَة نزلُوا على حكم سعد، فَأرْسل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى سعد - هُوَ ابْن معَاذ - فَأَتَاهُ على حِمَاره، فَلَمَّا دنا قَرِيبا من الْمَسْجِد قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" قومُوا إِلَى سيدكم " أَو قَالَ " خَيركُمْ ".
فَقعدَ عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" إِن هَؤُلَاءِ نزلُوا على حكمك " قَالَ: فَإِنِّي أحكم أَن تقتل مُقَاتلَتهمْ، وتسبى ذَرَارِيهمْ. فَقَالَ:" لقد حكمت بِمَا حكم بِهِ الْملك ".
وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بن الْمثنى عَن مُحَمَّد بن جَعْفَر عَن شُعْبَة نَحوه، وَقَالَ: فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:
قضيت بِحكم الله ".
1744 -
الثَّانِي عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد قَالَ: جَاءَ أعرابيٌّ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَن الْهِجْرَة، فَقَالَ:" وَيحك، إِن الْهِجْرَة شَأْنهَا شديدٌ، فَهَل لَك من إبل؟ ". قَالَ: نعم. قَالَ: " فتعطي صدقتها؟ " قَالَ: نعم. قَالَ: " فَهَل تمنح مِنْهَا ".
قَالَ: نعم. قَالَ: " فتحلبها يَوْم وردهَا؟ " قَالَ: نعم، قَالَ: فاعمل من وَرَاء الْبحار، فَإِن الله لن يتْرك من عَمَلك شَيْئا ".
1745 -
الثَّالِث عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد: أَن نَاسا من الْأَنْصَار سَأَلُوا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَأَعْطَاهُمْ، ثمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ حَتَّى نفد مَا عِنْده، فَقَالَ لَهُم حِين أنْفق كل شيءٍ بِيَدِهِ:" مَا يكن عِنْدِي من خير فَلَنْ أدخره عَنْكُم، وَمن يستعفف يعفه الله، وَمن يسْتَغْن يغنه الله، وَمن يتصبر يصبره الله، وَمَا أعطي أحدٌ عطاءٌ خيرا وأوسع من الصَّبْر ".
1746 -
الرَّابِع عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رجل: أَي النَّاس أفضل يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " مؤمنٌ يُجَاهد بِنَفسِهِ وَمَاله فِي سَبِيل الله ". قَالَ: ثمَّ من؟ قَالَ: " ثمَّ رجلٌ معتزلٌ فِي شعبٍ من الشعاب، يعبد ربه " وَفِي رِوَايَة شُعَيْب عَن الزُّهْرِيّ: " يَتَّقِي الله ويدع النَّاس من شَره ".
1747 -
الْخَامِس عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِذا سَمِعْتُمْ النداء فَقولُوا مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن ".
1748 -
السَّادِس عشر: عَن عَطاء بن يزِيد عَن أبي سعيد عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا صَلَاة بعد الصُّبْح حَتَّى ترْتَفع الشَّمْس، وَلَا صَلَاة بعد الْعَصْر حَتَّى تغيب الشَّمْس ".
وَفِي حَدِيث يُونُس عَن الزُّهْرِيّ:
" لَا صَلَاة بعد صَلَاة الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَلَا صَلَاة بعد صَلَاة الْفجْر حَتَّى تطلع الشَّمْس ".
وَقد أخرج البُخَارِيّ هَذَا الْفَصْل مَعَ فُصُول أخر من حَدِيث قزعة بن يحيى مولى زِيَاد عَن أبي سعيد، وَأخرج مُسلم بَعْضهَا وَلم يذكر بَاقِيهَا. والْحَدِيث بِكَمَالِهِ الْمُشْتَمل على الْفُصُول الَّتِي هَذَا الْفَصْل مِنْهَا عِنْد البُخَارِيّ فِي غير مَوضِع من كِتَابه، وَهَذَا نَصه:
عَن قزعة قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ يحدث بأربعٍ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فأعجبتني وآنقتني قَالَ:" لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ إِلَّا مَعهَا زَوجهَا أَو ذُو محرم. وَلَا صَوْم فِي يَوْمَيْنِ: الْفطر والأضحى. وَلَا صَلَاة بعد صَلَاتَيْنِ: بعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَبعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس. وَلَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِد الْحَرَام، وَمَسْجِد الْأَقْصَى، ومسجدي ".
وَفِي رِوَايَة سُلَيْمَان بن حَرْب عَن شُعْبَة:
أَن قزعة مولى زِيَاد قَالَ: سَمِعت أَبَا سعيدٍ وَقد غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عشرَة غَزْوَة، قَالَ: أَربع سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَو قَالَ: يحدثهن عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأعجبتني وآنقتني، وَذكر نَحوه.
وَالَّذِي أخرج مُسلم مِنْهُ من حَدِيث قزعة عَن أبي سعيد فِي كتاب " الْحَج " قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " لَا تشدوا الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِدي هَذَا، وَالْمَسْجِد الْحَرَام، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى ". قَالَ: وسمعته يَقُول: " لَا تُسَافِر الْمَرْأَة يَوْمَيْنِ من الدَّهْر إِلَّا وَمَعَهَا ذُو محرمٍ مِنْهَا أَو زَوجهَا ".
وَعِنْده من رِوَايَة سهم بن منْجَاب عَن قزعة عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قَالَ:
لَا تُسَافِر امرأةٌ ثَلَاثًا إِلَّا مَعَ ذِي محرم ".
وَمن رِوَايَة قَتَادَة عَن قزعة عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تُسَافِر امرأةٌ فَوق ثلاثٍ إِلَّا مَعَ ذِي محرم ".
وَفِي كتاب " الصّيام " عَن قزعة قَالَ: سَمِعت مِنْهُ - يَعْنِي أَبَا سعيد - حَدِيثا فَأَعْجَبَنِي. قلت لَهُ: آنت سَمِعت هَذَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: فَأَقُول على رَسُول الله صلى الله عليه وسلم مَا لم أسمع؟ قَالَ: سمعته يَقُول: " لَا يصلح الصّيام فِي يَوْمَيْنِ: يَوْم الْأَضْحَى، وَيَوْم الْفطر فِي رَمَضَان ".
هَذَا الَّذِي أخرج مُسلم من الْفُصُول الْمَذْكُورَة فِي حَدِيث البُخَارِيّ فَقَط، وَقد أهمل أَبُو مَسْعُود بَيَان ذَلِك فِي الْأَطْرَاف، فيوهم ذَلِك أَنَّهُمَا قد أخرجَا جَمِيعه، لِأَنَّهُ ذكره فِيمَا اتفقَا عَلَيْهِ. وَقد أهمل أَبُو مَسْعُود مثل هَذَا الإهمال فِي تَرْجَمَة أُخْرَى متن هَذَا الحَدِيث: فَإِن البُخَارِيّ أخرج من حَدِيث يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد قَالَ:
نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن صَوْم يَوْمَيْنِ: الْفطر والنحر، وَعَن الصماء، وَأَن يحتبي الرجل فِي ثوب وَاحِد، وَعَن الصَّلَاة بعد الصُّبْح.
وَأخرج مِنْهُ مُسلم من حَدِيث يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم نهى عَن صِيَام يَوْمَيْنِ: يَوْم الْفطر، وَيَوْم النَّحْر. لم يزدْ شَيْئا. فقد انْفَرد البُخَارِيّ بالفصول الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة من هَذِه التَّرْجَمَة، وَذكر ذَلِك أَبُو مَسْعُود فِي الْمُتَّفق عَلَيْهِ، وَلم يبين هَذَا.
وَقد أخرج البُخَارِيّ أَيْضا من حَدِيث قزعة فِي مَوضِع من كِتَابه طرفا من أَوله مُنْقَطِعًا، قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد أَرْبعا. قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَكَانَ غزا مَعَ
النَّبِي صلى الله عليه وسلم ثِنْتَيْ عشرَة غَزْوَة - لم يزدْ. فأهمل وَلم يبين، وأوقع السَّامع فِي حيرة، لِأَنَّهُ أَتَى بِهِ هَا هُنَا مُنْقَطِعًا مِمَّا يتم بِهِ.
وَقد أخرجه فِي مَوضِع آخر من كِتَابه فِي " الصَّوْم " وَفِي " الْحَج " فِي التَّرْجَمَة بِعَينهَا، من حَدِيث قزعة قَالَ:
سَمِعت أَبَا سعيد - وَقد غزا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: أربعٌ سَمِعتهنَّ من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، أَو قَالَ: يحدثهن عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فأعجبتني وآنقتني: أَن لَا تُسَافِر الْمَرْأَة مسيرَة يَوْمَيْنِ لَيْسَ مَعهَا زَوجهَا أَو ذُو محرمٍ، وَلَا صَوْم يَوْمَيْنِ: الْفطر والأضحى، وَلَا صَلَاة بعد صَلَاتَيْنِ: بعد الْعَصْر حَتَّى تغرب الشَّمْس، وَبعد الصُّبْح حَتَّى تطلع الشَّمْس، وَلَا تشد الرّحال إِلَّا إِلَى ثَلَاثَة مَسَاجِد: مَسْجِد الْحَرَام، ومسجدي، وَالْمَسْجِد الْأَقْصَى.
وَأخرج مُسلم من حَدِيث أبي صَالح عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا يحل لامرأةٍ تؤمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر أَن تُسَافِر سفرا يكون ثَلَاثَة أَيَّام فَصَاعِدا إِلَّا وَمَعَهَا أَبوهَا أَو ابْنهَا أَو زَوجهَا أَو أَخُوهَا أَو ذُو محرم مِنْهَا ".
1749 -
السَّابِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إيَّاكُمْ وَالْجُلُوس فِي الطرقات " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، مَا لنا من مجالسنا بدٌّ، نتحدث فِيهَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" فَإِذا أَبَيْتُم إِلَّا الْمجْلس فأعطوا الطَّرِيق حَقه " قَالُوا: وَمَا حق الطَّرِيق يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " غض الْبَصَر، وكف الْأَذَى، ورد السَّلَام، وَالْأَمر بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْي عَن الْمُنكر ".
1750 -
الثَّامِن عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " غسل الْجُمُعَة واجبٌ على كل محتلم ". وَفِي رِوَايَة يحيى بن يحيى: " الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة واجبٌ على كل مُسلم ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث عَمْرو بن سليم الزرقي عَن أبي سعيد قَالَ: " الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة واجبٌ على كل محتلم، وَأَن يستن، وان يمس طيبا إِن وجد " قَالَ عَمْرو:
أما الْغسْل فَأشْهد انه وَاجِب، وَأما الاستنان وَالطّيب - فَالله أعلم - أواجبٌ هُوَ أم لَا، وَلَكِن هَكَذَا فِي الحَدِيث. كَذَا عِنْد البُخَارِيّ.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عَمْرو بن سليم عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن أَبِيه
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " غسل الْجُمُعَة على كل محتلمٍ، وسواكٌ، ويمس من الطّيب مَا قدر عَلَيْهِ " إِلَّا أَن بعض الروَاة لم يذكر عبد الرَّحْمَن، وَقَالَ فِي الطّيب:" وَلَو من طيب الْمَرْأَة ".
1751 -
التَّاسِع عشر: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " تكون الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة خبْزَة وَاحِدَة، يتكفأها الْجَبَّار بِيَدِهِ كَمَا يَتَكَفَّأ أحدكُم خبزته فِي السّفر، نزلا لأهل الْجنَّة " فَأتى رجل من الْيَهُود فَقَالَ: بَارك الرَّحْمَن عَلَيْك يَا أَبَا الْقَاسِم، أَلا أخْبرك بِنزل أهل الْجنَّة يَوْم الْقِيَامَة؟ " قَالَ:" بلَى ". قَالَ: تكون الأَرْض خبْزَة وَاحِدَة. كَمَا قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم. فَنظر النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِلَيْنَا ثمَّ ضحك حَتَّى بَدَت نَوَاجِذه، ثمَّ قَالَ: أَلا أخْبرك بِإِدَامِهِمْ؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: إدَامهمْ بَالَام وَنون قَالُوا وَمَا هَذَا؟ قَالَ: ثَوْر وَنون. يَأْكُل من زَائِدَة كبدهما سَبْعُونَ ألفا.
1752 -
الْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجَالًا من الْمُنَافِقين على عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذا خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الْغَزْو تخلفوا عَنهُ، وفرحوا بِمَقْعَدِهِمْ خلاف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَإِذا قدم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم اعتذروا إِلَيْهِ وحلفوا وأحبوا أَن يحْمَدُوا بِمَا لم يَفْعَلُوا، فَنزلت:{لَا تحسبن الَّذين يفرحون بِمَا أَتَوا} ، الْآيَة [سُورَة آل عمرَان] .
1753 -
الْحَادِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " لتتبعن سنَن من قبلكُمْ، شبْرًا بشبرٍ، وذراعاً بِذِرَاع، حَتَّى لَو دخلُوا جُحر ضَب لتبعتموهم " قُلْنَا: يَا رَسُول الله، الْيَهُود وَالنَّصَارَى؟ قَالَ:" فَمن؟ ".
1754 -
الثَّانِي وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، هَل نرى رَبنَا يَوْم الْقِيَامَة؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" نعم، فَهَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس بالظهيرة ضحواً لَيْسَ مَعهَا سَحَاب؟ وَهل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الْقَمَر لَيْلَة الْبَدْر ضحواً لَيْسَ فِيهَا سَحَاب؟ " قَالُوا: لَا يَا رَسُول الله. قَالَ: " مَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة الله تبارك وتعالى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة أَحدهمَا. إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أذن مُؤذن: لتتبع كل أمةٍ مَا كَانَت تعبد، فَلَا يبْقى أحدٌ كَانَ يعبد غير الله من الْأَصْنَام والأنصاب إِلَّا يتساقطون فِي النَّار، حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا من كَانَ يعبد الله من برٍّ وفاجرٍ وَغير أهل الْكتاب، فيدعى الْيَهُود فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نعْبد عُزَيْر، ابْن الله. فَيُقَال: كَذبْتُمْ، مَا اتخذ الله من صاحبةٍ وَلَا ولدٍ، فَمَاذَا تبغون؟ قَالُوا: عطشنا يَا رب فاسقنا، فيشار إِلَيْهِم: أَلا تردون؟ فيحشرون إِلَى النَّار كَأَنَّهَا سرابٌ يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فيتساقطون فِي النَّار، ثمَّ يدعى النَّصَارَى، فَيُقَال لَهُم: مَا كُنْتُم تَعْبدُونَ؟ قَالُوا: كُنَّا نعْبد الْمَسِيح، ابْن الله. فَيُقَال لَهُم: كَذبْتُمْ، مَا اتخذ الله من صاحبةٍ وَلَا ولدٍ، فَمَاذَا تبغون؟ فَيَقُولُونَ: عطشنا يَا رَبنَا فاسقنا. قَالَ: فيشار إِلَيْهِم: أَلا تردون؟ فيحشرون إِلَى جَهَنَّم كَأَنَّهُمْ سرابٌ يحطم بَعْضهَا بَعْضًا، فيتساقطون فِي النَّار، حَتَّى إِذا لم يبْق إِلَّا من كتاب يعبد الله من برٍّ وفاجرٍ، أَتَاهُم الله فِي أدنى صورةٍ من الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا، قَالَ: فَمَا تنْظرُون؟ تتبع كل أمةٍ مَا كَانَت تعبد. قَالُوا: يَا رَبنَا، فارقنا النَّاس فِي الدُّنْيَا أفقر مَا كُنَّا إِلَيْهِم، وَلم نصاحبهم. فَيَقُول: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: نَعُوذ بِاللَّه مِنْك، لَا نشْرك بِاللَّه شَيْئا - مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا، حَتَّى إِن بَعضهم ليكاد أَن يَنْقَلِب. فَيَقُول: هَل بَيْنكُم وَبَينه آيةٌ فتعرفونه بهَا؟ فَيَقُولُونَ نعم. فَيكْشف عَن سَاقه، فَلَا
يبْقى من كَانَ يسْجد لله من تِلْقَاء نَفسه إِلَّا أذن الله لَهُ بِالسُّجُود، وَلَا يبْقى من كَانَ يسْجد اتقاء ورياءً إِلَّا جعل الله ظَهره طبقَة وَاحِدَة، كلما أَرَادَ أَن يسْجد خر على قَفاهُ، ثمَّ يرفعون رؤوسهم وَقد تحول فِي صورته الَّتِي رَأَوْهُ فِيهَا أول مرّة، فَقَالَ: أَنا ربكُم. فَيَقُولُونَ: أَنْت رَبنَا. ثمَّ يضْرب الجسر على جَهَنَّم، وَتحل الشَّفَاعَة، وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ سلم سلم ". قيل: يَا رَسُول الله، وَمَا الجسر؟ قَالَ: " دحضٌ مزلة، فِيهِ خطاطيف وكلاليب وحسكٌ يكون بنجدٍ، فِيهَا شويكة يُقَال لَهَا سَعْدَان، فيمر الْمُؤْمِنُونَ كطرف الْعين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاويد الْخَيل والركاب، فناجٍ مُسلم، ومخدوش مرسلٌ، ومكدوسٌ فِي نَار جَهَنَّم، حَتَّى إِذا خلص الْمُؤْمِنُونَ من النَّار، فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ مَا من أحد مِنْكُم بأشد مناشدةً لله فِي استقصاء الْحق من الْمُؤمنِينَ لله يَوْم الْقِيَامَة لإخوانهم الَّذين فِي النَّار " وَفِي رِوَايَة يحيى بن بكير عَن اللَّيْث:" فَمَا أَنْتُم بأشد مناشدةً فِي الْحق، قد تبين لكم من الْمُؤمنِينَ يؤمئذٍ للجبار إِذا رَأَوْا أَنهم قد نَجوا فِي إخْوَانهمْ، يَقُولُونَ: رَبنَا، كَانُوا يَصُومُونَ مَعنا وَيصلونَ ويحجون، فَيُقَال لَهُم: أخرجُوا من عَرَفْتُمْ، فَتحرم صورهم على النَّار، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا قد أخذت النَّار إِلَى نصف سَاقه، وَإِلَى رُكْبَتَيْهِ، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا مَا بَقِي أحدٌ مِمَّن أمرتنا بِهِ. فَيَقُول: ارْجعُوا فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال دينارٍ من خير فأخرجوه، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر فِيهَا مِمَّن أمرتنا أحدا. ارْجعُوا، فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال نصف دِينَار من خيرٍ فأخرجوه، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا، ثمَّ يَقُولُونَ: رَبنَا لم نذر فِيهَا مِمَّن أمرتنا أحدا، ثمَّ يَقُول: ارْجعُوا، فَمن وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال ذرةٍ من خيرٍ فأخرجوه، فَيخْرجُونَ خلقا كثيرا ثمَّ يَقُولُونَ: لم نذر فِيهَا خيرا " وَكَانَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ يَقُول: إِن لم تصدقوني بِهَذَا الحَدِيث فاقرءوا إِن شِئْتُم: {إِن الله لَا يظلم مِثْقَال ذرة وَإِن تَكُ حَسَنَة يُضَاعِفهَا وَيُؤْت من لَدنه أجرا عَظِيما} [سُورَة النِّسَاء]، فَيَقُول الله عز وجل: شفعت الْمَلَائِكَة، وشفع النَّبِيُّونَ، وَلم يبْق إِلَّا أرْحم الرَّاحِمِينَ، فَيقبض قَبْضَة من
النَّار، فَيخرج مِنْهَا قوما من النَّار لم يعملوا خيرا قطّ، قد عَادوا حمماً، فيلقيهم فِي نهر فِي أَفْوَاه الْجنَّة يُقَال لَهُ نهر الْحَيَاة، فَيخْرجُونَ كَمَا تخرج الْحبَّة من حميل السَّيْل أَلا ترونها تكون إِلَى الْحجر، أَو إِلَى الشّجر، مَا يكون إِلَى الشَّمْس أصيفر وأخيضر، وَمَا يكون مِنْهَا إِلَى الظل يكون أَبيض " فَقَالُوا: يَا رَسُول الله، كَأَنَّك كنت ترعى بالبادية. قَالَ:" فَيخْرجُونَ كَاللُّؤْلُؤِ، فِي رقابهم الخواتيم، يعرفهُمْ أهل الْجنَّة، هَؤُلَاءِ عُتَقَاء الله الَّذين أدخلهم الْجنَّة بِغَيْر عمل عملوه، وَلَا خيرٍ قدموه، ثمَّ يَقُول: ادخُلُوا الْجنَّة، فَمَا رَأَيْتُمُوهُ فَهُوَ لكم، فَيَقُولُونَ: رَبنَا أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من الْعَالمين. فَيَقُول: لكم عِنْدِي أفضل من هَذَا. فَيَقُولُونَ. يَا رَبنَا، وَأي شيءٍ افضل من هَذَا؟ فَيَقُول: رضاي فَلَا أَسخط عَلَيْكُم أبدا ".
وَقد أخرجَا جَمِيعًا فِي هَذَا الْمَعْنى الْمَخْصُوص أَنه يَقُول تَعَالَى أَيْضا لعامة أهل الْجنَّة، من رِوَايَة عَطاء بن يسَار بأسانيد أخر عَن أبي سعيد
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِن الله عز وجل يَقُول لأهل الْجنَّة: أهل الْجنَّة. فَيَقُولُونَ: لبيْك رَبنَا وَسَعْديك، وَالْخَيْر فِي يَديك. فَيَقُول: هَل رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لنا لَا نرضى يَا رب وَقد أَعطيتنَا مَا لم تعط أحدا من خلقك؟ فَيَقُول: أَلا أُعْطِيكُم أفضل من ذَلِك؟ فَيَقُولُونَ: يَا رب، وَأي شيءٍ أفضل من ذَلِك؟ أحل عَلَيْكُم رضاي، فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا ".
وَفِي حَدِيث زيد بن أسلم عَن عَطاء فِي الحَدِيث الَّذِي بدأنا بِهِ بعد قَوْله:
بِغَيْر عمل عملوه، وَلَا قدم قدموه " فَيُقَال لَهُم:" لكم مَا رَأَيْتُمْ وَمثله مَعَه " قَالَ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ: بَلغنِي أَن الجسر أدق من الشعرة، وَأحد من السَّيْف.
وَأَخْرَجَا جَمِيعًا طرفا مِنْهُ من حَدِيث يحيى بن عمَارَة بن أَبى حسن الْمَازِني عَن
أبي سعيد أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" يدْخل الله أهل الْجنَّة الْجنَّة، وَيدخل أهل النَّار النَّار، ثمَّ يَقُول: " انْظُرُوا، من وجدْتُم فِي قلبه مِثْقَال حبةٍ من خردلٍ من إِيمَان فأخرجوه، فَيخْرجُونَ مِنْهَا حمماً قد امتحشوا، فيلقون فِي نهر الْحَيَاة أَو الحيا، فينبتون فِيهِ كَمَا تنْبت الْحبَّة إِلَى جَانب السَّيْل، ألم تَرَوْهَا كَيفَ تخرج صفراء ملتوية ".
وَفِي رِوَايَة وهيب وخَالِد نَحوه، وَقَالا: فيلقون فِي نهرٍ يُقَال لَهُ الْحَيَاة - وَلم يشكا - لفظ حَدِيث مُسلم.
وَفِي حَدِيث مَالك للْبُخَارِيّ
" فَيخْرجُونَ مِنْهَا قد اسودوا ". وَقَالَ البُخَارِيّ: قَالَ وهيب: حَدثنَا عَمْرو - يَعْنِي ابْن يحيى: الْحَيَاة. وَقَالَ: " خَرْدَل من خير ".
وَأخرج مُسلم طرفا مِنْهُ بِمَعْنَاهُ وَفِيه أَلْفَاظ أخر وزوائد من حَدِيث الْمُنْذر بن مَالك ابْن قِطْعَة الْعَبْدي عَن أبي سعيد قَالَ:
قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " أما أهل النَّار الَّذين هم أَهلهَا، فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا وَلَا يحيون، وَلَكِن ناسٌ أَصَابَتْهُم النَّار بِذُنُوبِهِمْ - أَو قَالَ: بخطاياهم - وأماتتهم إماتةً، حَتَّى إِذا كَانُوا فحماً أذن بالشفاعة، فجيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أَنهَار الْجنَّة، ثمَّ قيل: يَا أهل الْجنَّة، أفيضوا عَلَيْهِم، فينبتون نَبَات الْحبَّة فِي حميل السَّيْل " فَقَالَ رجل من الْقَوْم: كَأَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قد كَانَ بالبادية.
وَفِي رِوَايَة يحيى بن بكير عَن اللَّيْث أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: قُلْنَا:
يَا رَسُول الله هَل نرى رَبنَا؟ قَالَ: " هَل تضَارونَ فِي رُؤْيَة الشَّمْس إِذا كَانَ صحوٌ؟ " قُلْنَا: لَا.
قَالَ: " فَإِنَّكُم لَا تضَارونَ فِي رُؤْيَة ربكُم يومئذٍ إِلَّا كَمَا تضَارونَ فِي رؤيتها ". ثمَّ قَالَ: " يُنَادي منادٍ: ليذْهب كل قومٍ إِلَى مَا كَانُوا يعْبدُونَ " فَذكر نَحْو معنى حَدِيث عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد بِطُولِهِ. وَفِيه: قُلْنَا: يَا رَسُول الله، وَمَا الجسر؟ قَالَ:
" مدحضةٌ مزلة، عَلَيْهِ خطاطيف وكلاليب وحسكٌ مفلطحة، لَهُ شَوْكَة عقيفاء، تكون بِنَجْد يُقَال لَهَا السعدان " وَفِيه: " فناجٍ مُسلم، وناج مخدوش، ومكدوسٌ فِي نَار جَهَنَّم، حَتَّى يمر آخِرهم يسحب سحباً. . " ثمَّ ذكره إِلَى آخِره كَذَلِك.
1755 -
الثَّالِث وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء بن يسَار عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " إِن أهل الْجنَّة ليتراءون أهل الغرف من فَوْقهم كَمَا تتراءون الْكَوْكَب الدُّرِّي الغابر فِي الْأُفق من الْمشرق أَو الْمغرب، لتفاضل مَا بَينهم ". قَالُوا: يَا رَسُول الله، تِلْكَ منَازِل الْأَنْبِيَاء لَا يبلغهَا غَيرهم. قَالَ:" بلَى، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ، رجالٌ آمنُوا بِاللَّه، وَصَدقُوا الْمُرْسلين ".
1756 -
الرَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن عَطاء عَن يسَار عَن أبي سعيد قَالَ: جلس رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على الْمِنْبَر، وَجَلَسْنَا حوله، فَقَالَ:" إِن مِمَّا أَخَاف عَلَيْكُم بعدِي مَا يفتح عَلَيْكُم من زهرَة الدُّنْيَا وَزينتهَا " فَقَالَ رجل: أَو يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ يَا رَسُول الله؟ قَالَ: فَسكت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، فَقيل: مَا شَأْنك تكلم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وَلَا يكلمك؟ قَالَ: ورأينا أَنه ينزل عَلَيْهِ، فأفاق يمسح عَنهُ الرحضاء. وَقَالَ:" أَيْن هَذَا السَّائِل؟ " وَكَأَنَّهُ حَمده، فَقَالَ:" إِنَّه لَا يَأْتِي الْخَيْر بِالشَّرِّ ". وَفِي رِوَايَة: فَقَالَ: " أَيْن السَّائِل آنِفا؟ أَو خير هُوَ " ثَلَاثًا. " إِن الْخَيْر لَا يَأْتِي إِلَّا بِالْخَيرِ، وَإِن مِمَّا ينْبت الرّبيع يقتل حَبطًا أَو يلم، إِلَّا آكِلَة الْخضر، فَإِنَّهَا أكلت حَتَّى إِذا امتدت خاصرتاها اسْتقْبلت عين الشَّمْس، فثلطت وبالت، ثمَّ رتعت، وَإِن هَذَا المَال خضرٌ حلوٌ، وَنعم صَاحب الْمُسلم هُوَ لمن أعْطى مِنْهُ الْمِسْكِين واليتيم وَابْن السَّبِيل " أَو كَمَا قَالَ
رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، " وَإنَّهُ من يَأْخُذهُ بِغَيْر حَقه كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع، وَيكون عَلَيْهِ شَهِيدا يَوْم الْقِيَامَة ".
وأوله عِنْد ابْن وهبٍ عَن مَالك:
" أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم مَا يخرج الله لكم من زهرَة الدُّنْيَا " قَالُوا: وَمَا زهرَة الدُّنْيَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " بَرَكَات الأَرْض. . " وَذكره. وَفِي آخِره: " فَمن أَخذه بِحقِّهِ، وَوَضعه فِي حَقه، فَنعم المعونة هُوَ، وَمن أَخذه بِغَيْر حَقه كَانَ كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع ".
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عِيَاض بن عبد الله بن سعد بن أبي سرح عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ بِنَحْوِهِ.
1757 -
الْخَامِس وَالْعشْرُونَ: عَن أبي محيريز عبد الله بن محيريز الجُمَحِي قَالَ: دخلت الْمَسْجِد فَرَأَيْت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ، فَجَلَست إِلَيْهِ فَسَأَلته عَن الْعَزْل، فَقَالَ أَبُو سعيد: خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَة بني المصطلق، فأصبنا سبياً من سبي الْعَرَب، فاشتهينا النِّسَاء، واشتدت علينا الْعزبَة، وأحببنا الْعَزْل، فأردنا أَن نعزل، وَقُلْنَا: نعزل وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم بَين أظهرنَا قبل أَن نَسْأَلهُ، فَسَأَلْنَاهُ عَن ذَلِك، فَقَالَ:" مَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، مَا من نسمَة كائنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة ".
وَفِي رِوَايَة يُونُس عَن الزُّهْرِيّ نَحوه، وَفِيه أَنه عليه السلام قَالَ:
" لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، فَأَنَّهُ لَيست نسمةٌ كتب الله أَن تَجِيء إِلَّا وَهِي كائنة ". وَفِي رِوَايَة عبد الله عَن يُوسُف عَن مَالك: " إِلَّا وَهِي خَارِجَة. وَفِي رِوَايَة وهيب، وَمُحَمّد بن الزبْرِقَان عَن مُوسَى بن عقبَة: " مَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، فَإِن الله قد كتب من هُوَ خَالق إِلَى يَوْم الْقِيَامَة ".
وَلمُسلم من حَدِيث عَليّ بن حجر وَيحيى بن أَيُّوب عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: " لَا
عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا، مَا كتب الله خلق نسمةٍ هِيَ كائنةٌ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا سَتَكُون ".
وَلَيْسَ لِابْنِ محيريز عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
وَأخرجه مُسلم بِالْإِسْنَادِ من حَدِيث مُجَاهِد عَن قزعة عَن أبي سعيد قَالَ:
ذكر الْعَزْل لرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " وَلم يفعل ذَلِك أحدكُم؟ " وَلم يقل: " فَلَا يفعل ذَلِك أحدكُم "" فَإِنَّهُ لَيست نفسٌ مخلوقة إِلَّا الله خَالِقهَا " وَقد جعله أَبُو مَسْعُود من أَفْرَاد مُسلم.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ تَعْلِيقا فَقَالَ: وَقَالَ مُجَاهِد عَن قزعة قَالَ:
سَأَلت أَبَا سعيد فَقَالَ:
قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " لَيست نفسٌ مخلوقةٌ إِلَّا الله خَالِقهَا " وَلم يذكر أَبُو مَسْعُود إِخْرَاج البُخَارِيّ لَهُ تَعْلِيقا، وَقد جرت عَادَته بِإِخْرَاج التَّعَالِيق.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث معبد بن سِيرِين عَن أبي سعيد أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا ذَلِكُم، فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر ".
وَمن حَدِيث مُحَمَّد بن سِيرِين عَن عبد الرَّحْمَن بن بشر بن مَسْعُود الْأنْصَارِيّ عَن أبي سعيد قَالَ:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْعَزْل، فَقَالَ:" لَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا ذاكم، فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر " قَالَ ابْن سِيرِين: وَقَوله: " لَا عَلَيْكُم " أقرب إِلَى النَّهْي.
وَقَالَ فِي رِوَايَة ابْن عون عَن ابْن سِيرِين عَن عبد الرَّحْمَن أَن أَبَا سعيد قَالَ: ذكر الْعَزْل عِنْد النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:" وَمَا ذاكم؟ " قَالُوا: الرجل تكون لَهُ الْمَرْأَة ترْضع، فَيُصِيب مِنْهَا وَيكرهُ أَن تحمل مِنْهُ، وَالرجل تكون لَهُ الْأمة فَيُصِيب مِنْهَا وَيكرهُ أَن تحمل مِنْهُ. قَالَ:" فَلَا عَلَيْكُم أَلا تَفعلُوا ذاكم، فَإِنَّمَا هُوَ الْقدر ".
قَالَ ابْن عون: فَحدثت بِهِ الْحسن فَقَالَ: وَالله لكأن هَذَا زجر.
وَلَيْسَ لأبي بشر عبد الرَّحْمَن بن بشر عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيح غير هَذَا.
وَأخرجه أَيْضا من حَدِيث أبي الوداك جبر بن نوف عَن أبي سعيد، قَالَ:
سُئِلَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْعَزْل، فَقَالَ:" مَا من كل المَاء يكون الْوَلَد، وَإِذا أَرَادَ الله خلق شيءٍ لم يمنعهُ شيءٌ ".
1758 -
السَّادِس وَالْعشْرُونَ: عَن يحيى بن عمَارَة بن أبي حسن الْمَازِني عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ: جَاءَ رجلٌ من الْيَهُود إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد لطم وَجهه، وَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِن رجلا من الْأَنْصَار من أَصْحَابك لطم فِي وَجْهي. فَقَالَ:" ادعوهُ " فَدَعوهُ. قَالَ: " لم لطمت وَجهه؟ قَالَ: يَا رَسُول الله، إِنِّي مَرَرْت باليهودي، فَسَمعته يَقُول: وَالَّذِي اصْطفى مُوسَى على الْبشر. فَقلت: وعَلى مُحَمَّد؟ فَأَخَذَتْنِي غضبةٌ فلطمته. فَقَالَ: " لَا تخيروني من بَين الْأَنْبِيَاء، فَإِن النَّاس يصعقون يَوْم الْقِيَامَة فَأَكُون أول من يفِيق، فَإِذا أَنا بمُوسَى آخذٌ بقائمةٍ من قَوَائِم الْعَرْش، فَلَا أَدْرِي أَفَاق قبلي أَو جزي بصعقة الطّور ".
وَفِي حَدِيث وهيب:
فَأَكُون أول من تَنْشَق عَنهُ الأَرْض، فَإِذا أَنا بمُوسَى آخذٌ بقائمة من قَوَائِم الْعَرْش
…
" وَذكر نَحوه.
1759 -
السَّابِع وَالْعشْرُونَ: عَن يحيى بن عمَارَة عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ فِيمَا دون خمس أواقٍ صدقةٌ، وَلَا فِيمَا دون خمس ذود صَدَقَة، وَلَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسقٍ صَدَقَة ".
وَفِي حَدِيث وَكِيع عَن سُفْيَان أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوساق من تمرٍ وَلَا حب صدقةٌ " لم يزدْ.
وَفِي حَدِيث ابْن مهْدي عَن سُفْيَان
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَيْسَ فِي حبٍّ وَلَا تمرٍ صدقةٌ حَتَّى يبلغ خَمْسَة أوسق، وَلَا فِيمَا دون خمس ذودٍ، وَلَا فِيمَا دون خمس أواقٍ صَدَقَة ".
وَفِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن الثَّوْريّ
ومعمرٍ مثل حَدِيث ابْن مهْدي، غير أَنه قَالَ بدل التَّمْر: ثَمَر، هَكَذَا فِي كتاب مُسلم.
وَأخرجه البُخَارِيّ من حَدِيث عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أبي صعصعة عَن أبي سعيد
أَن رَسُول الله، قَالَ:" لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسقٍ من التَّمْر صدقةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أواقٍ من الْوَرق صدقةٌ، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذودٍ من الْإِبِل صَدَقَة ".
ذكره البُخَارِيّ فِي كِتَابه بعد حَدِيث ابْن عمر
أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: " فِيمَا سقت السَّمَاء أَو الْعُيُون أَو كَانَ عثرياً الْعشْر، وَمَا سقِِي بالنضح نصف الْعشْر " ثمَّ قَالَ البُخَارِيّ: هَذَا تَفْسِير الأول، لِأَنَّهُ لم يُوَقت فِي الأول - يَعْنِي حَدِيث ابْن عمر:" فِيمَا سقت السَّمَاء الْعشْر " وَبَين فِي هَذَا وَوقت. وَالزِّيَادَة مَقْبُولَة، والمفسر يقْضِي على الْمُبْهم إِذا رَوَاهُ أهل الثبت، كَمَا روى الْفضل بن الْعَبَّاس أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم لم يصل فِي الْكَعْبَة، وَقَالَ بلالٌ: قد صلى، فَأخذ بقول بلالٍ، وَترك قَول الْفضل. هَذَا آخر كَلَام البُخَارِيّ فِي هَذَا.
1760 -
الثَّامِن وَالْعشْرُونَ: عَن بسر بن سعيد من رِوَايَة يزِيد بن خصيفَة عَنهُ عَن أبي سعيد قَالَ: كنت فِي مجْلِس من مجَالِس الْأَنْصَار، إِذْ جَاءَ أَبُو مُوسَى كَأَنَّهُ مذعور فَقَالَ: اسْتَأْذَنت على عمر ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لي، فَرَجَعت، قَالَ: مَا مَنعك؟ قلت: اسْتَأْذَنت ثَلَاثًا فَلم يُؤذن فَرَجَعت، وَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إِذا اسْتَأْذن أحدكُم ثَلَاثًا فَلم يُؤذن لَهُ فَليرْجع " فَقَالَ: وَالله لتقيمن عَلَيْهِ بَيِّنَة. أمنكم أحدٌ سَمعه من النَّبِي صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ أبي بن كَعْب: فوَاللَّه لَا يقوم مَعَك إِلَّا أَصْغَر الْقَوْم، فَكنت أَصْغَر الْقَوْم، فَقُمْت مَعَه، فَأخْبرت عمر أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ ذَلِك.
أَلْفَاظ الروَاة فِي الْحِكَايَة عَن عمر وَأبي مُوسَى فِي هَذَا الحَدِيث مُخْتَلفَة،
والمعاني مُتَقَارِبَة، وَلَفظ الْمَتْن فِيهِ واحدٌ كَمَا قدمنَا، إِلَّا أَن فِي رِوَايَة ابْن وهب عَن عَمْرو بن الْحَارِث أَن أَبَا مُوسَى قَالَ:
أنْشدكُمْ بِاللَّه، هَل سمع أحدٌ مِنْكُم رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول:" الاسْتِئْذَان ثَلَاث، فَإِن أذن لَك وَإِلَّا فَارْجِع " قَالَ أَبُو سعيد: فَقُمْت حَتَّى أتيت عمر، فَقلت: قد سَمِعت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقُول هَذَا.
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر بن قَتَادَة اللَّيْثِيّ:
أَن أَبَا مُوسَى اسْتَأْذن على عمر ثَلَاثًا، فَكَأَنَّهُ وجده مَشْغُولًا، فَرجع، فَقَالَ عمر: ألم أسمع صَوت عبد الله بن قيس؟ ائذنوا لَهُ، فدعي، فَقَالَ: مَا حملك على مَا صنعت؟ قَالَ: إِنَّا كُنَّا نؤمر بِهَذَا. قَالَ: لتقيمن على هَذَا بَيِّنَة، أَو لَأَفْعَلَنَّ. فَخرج، فَانْطَلق إِلَى مجلسٍ من الْأَنْصَار، فَقَالُوا: لَا يشْهد لَك على هَذَا إِلَّا أصغرنا، فَقَامَ أَبُو سعيد فَقَالَ: كُنَّا نؤمر بِهَذَا. فَقَالَ عمر: خَفِي عَليّ هَذَا من رَسُول الله صلى الله عليه وسلم، ألهاني عَنهُ الصفق بالأسواق.
وَلَيْسَ لأبي عَاصِم عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيحَيْنِ غَيره.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي نَضرة عَن أبي سعيد: أَن أَبَا مُوسَى أَتَى بَاب عمر، فَاسْتَأْذن، فَقَالَ عمر: وَاحِدَة، ثمَّ اسْتَأْذن الثَّانِيَة، فَقَالَ عمر: ثِنْتَانِ، ثمَّ اسْتَأْذن الثَّالِثَة، فَقَالَ عمر: ثَلَاث، ثمَّ انْصَرف، فَأتبعهُ فَرده، فَقَالَ: إِن كَانَ هَذَا شَيْئا حفظته من رَسُول الله، فها، وَإِلَّا لأجعلنك عظةً. فَقَالَ: أَبُو سعيد: فَأَتَانَا فَقَالَ: ألم تعلمُوا أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " الاسْتِئْذَان ثَلَاث "؟ قَالَ: فَجعلُوا يَضْحَكُونَ، قَالَ: فَقلت: أَتَاكُم أخوكم الْمُسلم قد أفزع، تضحكون؟ قَالَ: انْطلق، فَأَنا شريكك فِي هَذِه الْعقُوبَة، فَأَتَاهُ فَقَالَ: هَذَا أَبُو سعيد.
1761 -
التَّاسِع وَالْعشْرُونَ: عَن بسر بن سعيد عَن أبي سعيد قَالَ: خطب رَسُول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس وَقَالَ: " إِن الله عز وجل خير عبدا بَين الدُّنْيَا وَبَين مَا عِنْده،
فَاخْتَارَ ذَلِك العَبْد مَا عِنْد الله "، قَالَ: فَبكى أَبُو بكر، فعجبنا لبكائه، أَن يخبر رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن عبد خير فَكَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَير، وَكَانَ أَبُو بكر أعلمنَا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " إِن أَمن النَّاس عَليّ فِي صحبته وَمَاله أَبُو بكر، وَلَو كنت متخذاً غير رَبِّي لاتخذت أَبَا بكر خَلِيلًا، وَلَكِن أخوة الْإِسْلَام ومودته، لَا يبْقين فِي الْمَسْجِد بابٌ إِلَّا سد إِلَّا بَاب أبي بكر ".
وَأَخْرَجَاهُ أَيْضا من حَدِيث عبيد بن حنين عَن أبي سعيد بِنَحْوِهِ.
1762 -
الثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح السمان - واسْمه ذكْوَان - عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النِّسَاء للنَّبِي صلى الله عليه وسلم: غلبنا عَلَيْك الرِّجَال، فَاجْعَلْ لنا يَوْمًا من نَفسك.
فوعدهن يَوْمًا لقيهن فِيهِ، فوعظهن وأمرهن، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ:" مَا مِنْكُن امرأةٌ تقدم ثَلَاثَة من وَلَدهَا إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا من النَّار " فَقَالَت امْرَأَة: واثنين؟ قَالَ: " واثنين ".
وَفِي رِوَايَة مُسَدّد عَن أبي عوَانَة:
جَاءَت امرأةٌ إِلَى رَسُول الله، فَقَالَت: يَا رَسُول الله، ذهب الرِّجَال بحديثك، فَاجْعَلْ لنا من نَفسك يَوْمًا نأتي فِيهِ تعلمنا مِمَّا علمك الله، فَقَالَ:" اجْتَمعْنَ فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا، فِي مَكَان كَذَا وَكَذَا " فاجتمعن، فأتاهن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فعلمهن مِمَّا علمه الله، ثمَّ قَالَ:" مَا مِنْكُن امرأةٌ تقدم بَين يَديهَا ثَلَاثَة إِلَّا كَانَ لَهَا حِجَابا من النَّار " فَقَالَت امْرَأَة مِنْهُنَّ: يَا رَسُول الله: اثْنَيْنِ. فأعادتها مرَّتَيْنِ قَالَ: " واثنين واثنين واثنين ".
قَالَ البُخَارِيّ:
قَالَ شريك عَن ابْن الْأَصْبَهَانِيّ قَالَ:
حَدثنِي أَبُو صَالح عَن أبي سعيد وَأبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم، قَالَ أَبُو هُرَيْرَة " لم يبلغُوا الْحِنْث ".
1763 -
الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح السمان قَالَ: رَأَيْت أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ
فِي يَوْم جُمُعَة يُصَلِّي إِلَى شيءٍ يستره من النَّاس، فَأَرَادَ شابٌّ من بني أبي معيط أَن يجتاز بَين يَدَيْهِ. فَدفع بِهِ أَبُو سعيد فِي صَدره، فَنظر الشَّاب، فَلم يجد مساغاً إِلَّا بَين يَدَيْهِ، فَعَاد ليجتاز، فَدفعهُ أَبُو سعيد أَشد من الأولى، فنال من أبي سعيد، ثمَّ دخل على مَرْوَان فَشَكا إِلَيْهِ مَا لَقِي من أبي سعيد، وَدخل أَبُو سعيد خَلفه على مَرْوَان، فَقَالَ: مَا لَك وَلابْن أَخِيك يَا أَبَا سعيد؟ قَالَ: سَمِعت النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُول: " إِذا صلى أحدكُم إِلَى شيءٍ يستره من النَّاس، فَأَرَادَ أحدٌ أَن يجتاز بَين يَدَيْهِ فليدفعه، فَإِن أَبى فليقاتله، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
وَأخرج مُسلم الْمسند مِنْهُ من حَدِيث أبي حَفْص عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ:
إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يدع أحدا يمر بَين يَدَيْهِ، وليدرأه مَا اسْتَطَاعَ، فَإِن أَبى فليقاتله، فَإِنَّمَا هُوَ شَيْطَان ".
1764 -
الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد: أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم أرسل إِلَى رجل من الْأَنْصَار، فجَاء وَرَأسه يقطر، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَعَلَّنَا أعجلناك " فَقَالَ: نعم يَا رَسُول الله. قَالَ: " إِذا أعجلت أَو قحطت فَلَا غسل عَلَيْك، وَعَلَيْك الْوضُوء " وَلَفظ حَدِيث مُسلم أتم.
وَأخرجه مُسلم من حَدِيث عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن أَبِيه قَالَ:
خرجنَا مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْإِثْنَيْنِ إِلَى قبَاء، حَتَّى إِذا كُنَّا فِي بني سَالم، وقف رَسُول الله صلى الله عليه وسلم على بَاب عتْبَان، فَصَرَخَ بِهِ، فَخرج يجر إزَاره، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" أعجلنا الرجل " فَقَالَ عتْبَان: يَا رَسُول الله، أَرَأَيْت الرجل يعجل عَن امْرَأَته وَلم يمن، مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" إِنَّمَا المَاء من المَاء ".
وَمن حَدِيث أبي سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن بن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَنه
قَالَ: " إِنَّمَا المَاء من المَاء ".
1765 -
الثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم " يُؤْتى بِالْمَوْتِ كَهَيئَةِ كبشٍ أَمْلَح، فينادي منادٍ " يَا أهل الْجنَّة، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم، هَذَا الْمَوْت، وَكلهمْ قد رَآهُ.
ثمَّ يُنَادي: يَا أهل النَّار، فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ، فَيَقُول: هَل تعرفُون هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: نعم، هَذَا الْمَوْت، وَكلهمْ قد رَآهُ، فَيذْبَح، ثمَّ يَقُول: يَا أهل الْجنَّة، خلودٌ فَلَا موت، وَيَا أهل النَّار، خلودٌ فَلَا موت، ثمَّ قَرَأَ:{وَأَنْذرهُمْ يَوْم الْحَسْرَة إِذْ قضي الْأَمر وهم فِي غَفلَة} - أهل الدُّنْيَا -[وهم لَا يُؤمنُونَ} [سُورَة مَرْيَم] .
1766 -
الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم " يَقُول الله يَوْم الْقِيَامَة: يَا آدم. يَقُول: لبيْك وَسَعْديك " زَاد فِي رِوَايَة جريج عَن الْأَعْمَش: " وَالْخَيْر فِي يَديك. فينادي بِصَوْت: إِن الله يَأْمُرك أَن تخرج من ذريتك بعثاً إِلَى النَّار. قَالَ: يَا رب، وَمَا بعث النَّار؟ أرَاهُ قَالَ: من كل ألفٍ تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتِسْعين، فحينئذٍ تضع الْحَامِل حملهَا، ويشيب الْوَلِيد، وَترى النَّاس سكارى وَمَا هم بسكارى وَلَكِن عَذَاب الله شَدِيد " فشق ذَلِك على النَّاس حَتَّى تَغَيَّرت وُجُوههم زَاد بعض الروَاة: قَالُوا: يَا رَسُول الله، أَيّنَا ذَلِك الرجل؟ فَقَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم:" من يَأْجُوج وَمَأْجُوج تِسْعمائَة وَتِسْعَة وَتسْعُونَ، ومنكم وَاحِد. ثمَّ أَنْتُم فِي النَّاس كالشعرة السَّوْدَاء فِي جنب الثور الْأَبْيَض، أَو كالشعرة الْبَيْضَاء فِي جنب الثور الْأسود " وَفِي رِوَايَة جرير: " أَو كالرقمة فِي ذِرَاع الْحمار، وَإِنِّي لأرجو أَن تَكُونُوا ربع أهل الْجنَّة فكبرنا، قَالَ: " ثلث أهل الْجنَّة " فكبرنا. قَالَ: " شطر أهل الْجنَّة " فكبرنا.
اللَّفْظ للْبُخَارِيّ من حَدِيث حَفْص بن غياث عَن الْأَعْمَش، إِلَّا مَا بيّنت من رِوَايَة جرير عَن الْأَعْمَش.
1767 -
الْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن أبي صَالح عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: " لَا تسبوا أَصْحَابِي، فَلَو أَن أحدكُم أنْفق مثل أحدٍ ذَهَبا مَا بلغ مد أحدهم وَلَا نصيفه ".
وَفِي حَدِيث جرير عَن الْأَعْمَش:
كَانَ بَين خَالِد بن الْوَلِيد وَبَين عبد الرَّحْمَن بن عَوْف شيءٌ فَسَبهُ خالدٌ، فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم:" لَا تسبوا أَصْحَابِي، فَإِن أحدكُم لَو أنْفق ملْء أحدٍ ذَهَبا مَا أدْرك مد أحدهم وَلَا نصيفه ".
رَوَاهُ أَبُو بكر البرقاني فِي كِتَابه الْمخْرج على الصَّحِيح، من حَدِيث أبي بكر بن عَيَّاش عَن الْأَعْمَش، وَفِيه:
" لَا تسبوا أَصْحَابِي، دعوا أَصْحَابِي، فَإِن أحدكُم لَو أنْفق كل يومٍ مثل أحدٍ ذَهَبا لم يبلغ مد أحدهم ". ثمَّ قَالَ أَبُو بكر البرقاني: " كل يَوْم " حسن مليح.
1768 -
السَّادِس وَالثَّلَاثُونَ: عَن عِيَاض بن عبد الله بن أبي سرح عَن أبي سعيد قَالَ: " كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر صَاعا من طعامٍ، أَو صَاعا من شعير، أَو صَاعا من تمرٍ، أَو صَاعا من أقطٍ، أَو صَاعا من زبيب " زَاد فِي رِوَايَة سُفْيَان عَن زيد ابْن أسلم عَن عِيَاض عَنهُ: فَلَمَّا جَاءَ مُعَاوِيَة، وَجَاءَت السمراء، قَالَ: أرى مدا من هَذَا يعدل مَدين.
وَفِي رِوَايَة حَفْص بن ميسرَة عَن زيد:
كُنَّا نخرج فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَوْم الْفطر صَاعا من طَعَام. قَالَ أَبُو سعيد: وَكَانَ طعامنا الشّعير وَالزَّبِيب والأقط وَالتَّمْر.
قَالَ قبيصَة فِي رِوَايَته عَن سُفْيَان عَن زيد عَن عِيَاض عَن أبي سعيد:
كُنَّا نطعم الصَّدَقَة صَاعا من شعير، لم يزدْ.
وَفِي رِوَايَة إِسْمَاعِيل بن أُميَّة عَن عِيَاض عَنهُ:
كُنَّا نخرج زَكَاة الْفطر وَرَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِينَا، عَن كل صَغِير وكبير، حرٍّ ومملوك، من ثَلَاثَة أَصْنَاف، صَاعا من تمرٍ، صَاعا من أقط، صَاعا من شعير. فَلم نزل نخرجهُ حَتَّى كَانَ مُعَاوِيَة، فَرَأى أَن مَدين من برٍّ تعدل صَاعا من تمر. قَالَ أَبُو سعيد: أما أَنا فَلَا أَزَال أخرجه كَذَلِك.
وَفِي رِوَايَة دَاوُد بن قيس عَن عِيَاض عَنهُ قَالَ:
فَأَما أَنا فَلَا أَزَال أخرجه كَمَا كنت أخرجه، مَا عِشْت.
1769 -
السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن عِيَاض بن عبد الله من رِوَايَة زيد بن أسلم عَنهُ عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يخرج يَوْم الْفطر والأضحى إِلَى الْمصلى، وَأول شيءٍ يبْدَأ بِهِ الصَّلَاة، ثمَّ ينْصَرف فَيقوم مُقَابل النَّاس، وَالنَّاس جلوسٌ على صفوفهم، فيعظهم ويوصيهم وَيَأْمُرهُمْ، وَإِن كَانَ يُرِيد أَن يقطع بعثاً، أَو يَأْمر بشيءٍ أَمر بِهِ، ثمَّ ينْصَرف. قَالَ أَبُو سعيد: فَلم يزل النَّاس على ذَلِك، حَتَّى خرجت مَعَ مَرْوَان - وَهُوَ أَمِير الْمَدِينَة - فِي أضحى أَو فطر، فَلَمَّا أَتَيْنَا الْمصلى، إِذا منبرٌ قد بناه كثير بن الصَّلْت، فَإِذا مَرْوَان يُرِيد أَن يرتقيه قبل أَن يُصَلِّي، فجبذت بِثَوْبِهِ، فجبذني وارتفع، فَخَطب قبل الصَّلَاة. فَقلت لَهُ: غيرتم وَالله، فَقَالَ: أَبَا سعيد، ذهب مَا تعلم. فَقلت: مَا أعلم - وَالله - خيرٌ مِمَّا لَا أعلم. فَقَالَ لي: إِن النَّاس لم يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لنا بعد الصَّلَاة، فجعلتها قبل الصَّلَاة.
وَهُوَ عِنْد مُسلم من حَدِيث دَاوُد بن قيس عَن عِيَاض عَن أبي سعيد:
أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يخرج يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفطر، فَيبْدَأ بِالصَّلَاةِ، فَإِذا صلى صلَاته قَامَ فَأقبل على النَّاس وهم جلوسٌ فِي مصلاهم، فَإِن كَانَت لَهُ حَاجَة ببعثٍ ذكره
للنَّاس، أَو حَاجَة بِغَيْر ذَلِك أَمرهم بهَا. وَكَانَ يَقُول:
" تصدقوا، تصدقوا، تصدقوا " فَكَانَ أَكثر من يتَصَدَّق النِّسَاء، ثمَّ ينْصَرف، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى كَانَ مَرْوَان بن الحكم، فَخرجت مخاصراً مَرْوَان حَتَّى أَتَيْنَا الْمصلى، فَإِذا كثير بن الصَّلْت قد بنى منبراً من طينٍ ولبنٍ، وَإِذا مَرْوَان يُنَازعنِي بِيَدِهِ كَأَنَّهُ يجْرِي نَحْو الْمِنْبَر وَأَنا أجره نَحْو الصَّلَاة. فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك قلت: أَيْن الِابْتِدَاء بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: لَا يَا أَبَا سعيد، قد ترك مَا تعلم. قلت: كلا، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تأتون بِخَير مِمَّا أعلم - ثَلَاث مَرَّات - ثمَّ انْصَرف.
وَأَخْرَجَا طرفا مِنْهُ من رِوَايَة زيد بن أسلم عَن عِيَاض، إِلَّا أَن مُسلما لم يذكر لَفظه، وأدرجه على مَا قبله، وَذكر البُخَارِيّ لَفظه:
أَن أَبَا سعيد قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أضحى أَو فطر إِلَى الْمصلى، فَمر على النِّسَاء فَقَالَ:" يَا معشر النِّسَاء تصدقن، فَإِنِّي أريتكن أَكثر أهل النَّار " فَقُلْنَ: لم يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " تكثرن اللَّعْن، وتكفرن العشير، مَا رَأَيْت من ناقصات عقلٍ ودينٍ أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن " قُلْنَ: وَمَا نُقْصَان عقلنا وَدِيننَا يَا رَسُول الله؟ قَالَ: " أَلَيْسَ شَهَادَة الْمَرْأَة مثل نصف شَهَادَة الرجل؟ " قُلْنَ: بلَى. قَالَ: " أَلَيْسَ إِذا حَاضَت لم تصل وَلم تصم؟ " قُلْنَ: بلَى. قَالَ: " فَذَلِك من نُقْصَان دينهَا ".
وَقد أعَاد البُخَارِيّ طرفا مِنْهُ، وَهُوَ:
أَلَيْسَ إِذا حَاضَت لم تصل وَلم تصم؟ فَذَلِك من نُقْصَان دينهَا ".
هَذَا هُوَ الَّذِي اتفقَا عَلَيْهِ عَن عِيَاض من الرِّوَايَتَيْنِ عَنهُ، إِلَّا مَا يتَكَرَّر بعض مَعْنَاهُ فِيمَا يَأْتِي الْآن، وكل مَا أخرجه البُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث فِيمَا تقدم، وَفِيمَا يَأْتِي
الْآن مِنْهُ فَهُوَ عِنْده كُله بِإِسْنَاد وَاحِد إِلَى زيد بن أسلم عَن عِيَاض، فرقه فِي مَوَاضِع من كِتَابه. وَمن ذَلِك فِي كتاب " الزَّكَاة " أَن أَبَا سعيد الْخُدْرِيّ قَالَ:
خرج رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فِي أضحى أَو فطر إِلَى الْمصلى، ثمَّ انْصَرف فوعظ النَّاس، فَأَمرهمْ بِالصَّدَقَةِ فَقَالَ:
أَيهَا النَّاس، تصدقوا " ثمَّ ذكر قَوْله للنِّسَاء بِنَحْوِ مَا تقدم، وَزَاد: قَالَ: فَلَمَّا صَار إِلَى منزله جَاءَت زَيْنَب امْرَأَة ابْن مَسْعُود تستأذن عَلَيْهِ، فَقيل لَهُ: يَا رَسُول الله، هَذِه زَيْنَب. قَالَ: " أَي الزيانب؟ " فَقيل: امْرَأَة ابْن مَسْعُود.
فَقَالَ: " نعم، ائذنوا لَهَا، فَأذن لَهَا، فَقَالَت: يَا نَبِي الله، إِنَّك أمرت الْيَوْم بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِي حليٌّ لي، فَأَرَدْت أَن أَتصدق بِهِ، فَزعم ابْن مَسْعُود أَنه وَولده أَحَق من تَصَدَّقت بِهِ عَلَيْهِم. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: " صدق ابْن مَسْعُود، زَوجك وولدك أَحَق من تَصَدَّقت بِهِ عَلَيْهِم ".
وَهَذِه الزِّيَادَة فِي أَمر زَيْنَب لَيست عِنْد مُسلم أصلا فِي حَدِيث عِيَاض من الطَّرِيقَيْنِ، وَلَا فِيمَا أدرجه عَلَيْهِ، وَهُوَ مِمَّا انْفَرد بِهِ البُخَارِيّ، وَلم يبين ذَلِك أَبُو مَسْعُود، وَهُوَ حكم قَائِم بِنَفسِهِ، كاملٌ منفصلٌ مِمَّا قبله.
1770 -
الثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ: عَن عبد الله بن خباب عَن أبي سعيد أَنه سمع النَّبِي صلى الله عليه وسلم ذكر عِنْده عَمه، فَقَالَ:" لَعَلَّه تَنْفَعهُ شَفَاعَتِي يَوْم الْقِيَامَة، فَيجْعَل فِي ضحضاحٍ من النَّار يبلغ كعبيه، يغلي مِنْهُ دماغه ".
وَفِي رِوَايَة عبد الْعَزِيز بن أبي حَازِم وَعبد الْعَزِيز الدَّرَاورْدِي:
يغلي مِنْهُ أم دماغه ".
1771 -
التَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ: عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش الزرقي عَن أبي سعيد قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " من صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيل الله بعد الله وَجهه عَن النَّار سبعين خَرِيفًا ".
1772 -
الْأَرْبَعُونَ: عَن النُّعْمَان بن أبي عَيَّاش عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم " إِن فِي الْجنَّة شَجَرَة يسير الرَّاكِب الْجواد الْمُضمر السَّرِيع مائَة عامٍ، مَا يقطعهَا ".
أخرجه جَمِيعًا مُتَّصِلا بحديثٍ لسهل بن سعد السَّاعِدِيّ فِي هَذَا الْمَعْنى، هُوَ مَذْكُور هُنَالك.
1773 -
الْحَادِي وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد عَن أبي سعيد قَالَ: نهى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم عَن الْمُزَابَنَة والمحاقلة. والمزابنة: اشْتِرَاء التَّمْر فِي رُؤُوس النّخل. زَاد ابْن وهب فِي رِوَايَته: والمحاقلة: كِرَاء الأَرْض.
وَلم يخرجَاهُ إِلَّا من حَدِيث مَالك عَن دَاوُد بن الْحصين عَن أبي سُفْيَان.
وَلَيْسَ لأبي سُفْيَان مولى ابْن أبي أَحْمد عَن أبي سعيد فِي الصَّحِيحَيْنِ غير هَذَا الحَدِيث الْوَاحِد.
1774 -
الثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ: من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ من رِوَايَة معبد بن سِيرِين عَنهُ قَالَ: كُنَّا فِي مسيرٍ لنا، فنزلنا منزلا، فَجَاءَت جاريةٌ فَقَالَت: إِن سيد الْحَيّ سليمٌ، وَإِن نفرنا غيبٌ، فَهَل مِنْكُم راقٍ؟ فَقَامَ مَعهَا رجلٌ، مَا كُنَّا نأبنه برقيةٍ، فرقاه فبرأ، فَأمر لَهُ بِثَلَاثِينَ شَاة وَسَقَانَا لَبَنًا، فَلَمَّا رَجَعَ قُلْنَا لَهُ: أَكنت تحسن رقية، أَو كنت ترقي؟ قَالَ: لَا، مَا رقيت إِلَّا بِأم الْكتاب. قُلْنَا: لَا تحدثُوا شَيْئا حَتَّى نأتي - أَو نسْأَل - رَسُول الله صلى الله عليه وسلم. فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَة ذَكرْنَاهُ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ:
" وَمَا كَانَ يدريه أَنَّهَا رقية؟ اقسموا واضربوا لي بِسَهْم ".
وَأَخْرَجَاهُ من حَدِيث أبي المتَوَكل عَليّ بن دَاوُد النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ:
انْطلق نفرٌ من أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عليه وسلم فِي سفرة سافروها، حَتَّى نزلُوا على حيٍّ من
أَحيَاء الْعَرَب، فاستضافوهم، فَأَبَوا أَن يضيفوهم، فلدغ سيد ذَلِك الْحَيّ، فسعوا لَهُ بِكُل شيءٍ، لَا يَنْفَعهُ شيءٌ، فَقَالَ بَعضهم: لَو أتيتم هَؤُلَاءِ الرَّهْط الَّذين نزلُوا، لَعَلَّهُم أَن يكون عِنْدهم بعض شيءٍ، فأتوهم، قَالُوا:" يأيها الرَّهْط، إِن سيدنَا لدغ، وسعينا لَهُ بِكُل شيءٍ لَا يَنْفَعهُ، فَهَل عِنْد أحدٍ مِنْكُم من شيءٍ؟ قَالَ بَعضهم: إِنِّي وَالله لأرقي، وَلَكِن وَالله لقد استضفناكم فَلم تضيفونا، فَمَا أَنا براق لكم حَتَّى تجْعَلُوا لنا جعلا. فصالحوهم على قطيع من الْغنم، فَانْطَلق يتفل عَلَيْهِ وَيقْرَأ {الْحَمد لله رب الْعَالمين} [سُورَة الْفَاتِحَة] ، فَكَأَنَّمَا نشط من عقالٍ، فَانْطَلق يمشي وَمَا بِهِ قلبةٌ. قَالَ: فأوفوهم جعلهم الَّذِي صالحوهم عَلَيْهِ. وَقَالَ بَعضهم: اقتسموا. فَقَالَ الَّذِي رقى: لَا تَفعلُوا حَتَّى نأتي رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فَنَذْكُر لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُر الَّذِي يَأْمُرنَا. فقدموا على النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَذكرُوا لَهُ، فَقَالَ: " وَمَا يدْريك أَنَّهَا رقية؟ " ثمَّ قَالَ: " قد أصبْتُم، اقسموا واضربوا لي مَعكُمْ سَهْما " وَضحك النَّبِي صلى الله عليه وسلم. هَذَا لفظ حَدِيث البُخَارِيّ عَن أبي النُّعْمَان وَهُوَ أتم.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة:
فَجعل يقْرَأ بِأم الْقُرْآن، وَيجمع بزاقه ويتفل، فبرأ الرجل.
1775 -
الثَّالِث وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي نَهَار عقبَة بن عبد الغافر العوذي عَن أبي سعيد عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِن رجلا كَانَ قبلكُمْ، رغسه الله مَالا، فَقَالَ لِبَنِيهِ لما حضر: أَي أبٍ كنت لكم؟ قَالُوا: خير أَب، قَالَ: فَإِنِّي لم أعمل خيرا قطّ، فَإِذا مت فأحرقوني، ثمَّ اسحقوني، ثمَّ ذروني فِي يَوْم عاصفٍ. فَفَعَلُوا، فَجَمعه الله فَقَالَ: مَا حملك؟ فَقَالَ: مخافتك. فَتَلقاهُ برحمته ".
وَفِي حَدِيث عبد الله بن أبي الْأسود عَن مُعْتَمر نَحوه، وَفِيه:
فَإِنَّهُ لم يبتئر عِنْد الله خيرا، وَإِن يقدر الله عَلَيْهِ يعذبه. فسر قَتَادَة قَوْله: لم يبتئر: لم يدّخر.
قَالَ مُسلم بن الْحجَّاج: وَفِي حَدِيث أبي عوَانَة: مَا امتأر عِنْد الله خيرا، بِالْمِيم.
1776 -
الرَّابِع وَالْأَرْبَعُونَ: عَن عبد الله بن عتبَة، وَمِنْهُم من يَقُول: عبد الله بن أبي عتبَة، مولى أنس عَن أبي سعيد قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أَشد حَيَاء من الْعَذْرَاء فِي خدرها، وَإِذا كره شَيْئا عرف فِي وَجهه.
1777 -
الْخَامِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي الصّديق، بكر بن عَمْرو النَّاجِي عَن أبي سعيد الْخُدْرِيّ: أَن نَبِي الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: " كَانَ فِيمَن كَانَ قبلكُمْ رجلٌ قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَسَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على رَاهِب، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّه قتل تِسْعَة وَتِسْعين نفسا، فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَقَالَ: لَا،. فَقتله، فكمل بِهِ مائَة. ثمَّ سَأَلَ عَن أعلم أهل الأَرْض، فَدلَّ على عالمٍ، فَقَالَ: إِنَّه قتل مائَة نفسٍ، فَهَل لَهُ من تَوْبَة؟ فَقَالَ: نعم، وَمن يحول بَينه وَبَين التَّوْبَة؟ انْطلق إِلَى أَرض كَذَا وَكَذَا، فَإِن بهَا أُنَاسًا يعْبدُونَ الله، فاعبد الله مَعَهم، وَلَا ترجع إِلَى أَرْضك، فَإِنَّهَا أَرض سوء.
فَانْطَلق حَتَّى إِذا نصف الطَّرِيق أَتَاهُ الْمَوْت، فاختصمت فِيهِ مَلَائِكَة الرَّحْمَة وملائكة الْعَذَاب: فَقَالَت مَلَائِكَة الرَّحْمَة: جَاءَ تَائِبًا مُقبلا بِقَلْبِه إِلَى الله. وَقَالَت مَلَائِكَة الْعَذَاب: إِنَّه لم يعْمل خيرا قطّ. فَأَتَاهُم ملكٌ فِي صُورَة آدَمِيّ، فجعلوه بَينهم، فَقَالَ:" قيسوا مَا بَين الْأَرْضين، فَإلَى أَيَّتهمَا كَانَ أدنى فَهُوَ لَهُ، فقاسوا، فوجدوه أدنى إِلَى الأَرْض الَّتِي أَرَادَ، فقبضته مَلَائِكَة الرَّحْمَة " لفظ حَدِيث هِشَام الدستوَائي، وَهُوَ أتم.
وَفِي حَدِيث شُعْبَة عَن قَتَادَة نَحوه، وَفِيه:" فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الطَّرِيق أدْركهُ الْمَوْت، فنَاء بصدره نَحْوهَا. وَفِيه: فَكَانَ إِلَى الْقرْيَة الصَّالِحَة أقرب مِنْهَا بشبر، فَجعل من أَهلهَا ".
وَفِي حَدِيث مُحَمَّد بن أبي عدي عَن شُعْبَة نَحوه، وَزَاد:" فَأوحى الله إِلَى هَذِه أَن تباعدي وَإِلَى هَذِه أَن تقربي، وَقَالَ: قيسوا مَا بَينهمَا، فَوجدَ: إِلَى هَذِه أقرب بشبر، فغفر لَهُ ".
1778 -
السَّادِس وَالْأَرْبَعُونَ: عَن أبي المتَوَكل النَّاجِي عَن أبي سعيد قَالَ: جَاءَ رجلٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِن أخي اسْتطْلقَ بَطْنه. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: " اسْقِهِ عسلاً " فَسَقَاهُ، ثمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سقيته عسلاً وَلم يزده إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ لَهُ ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ جَاءَ الرَّابِعَة فَقَالَ:" اسْقِهِ عسلاً " فَقَالَ: لقد سقيته فَلم يزده إِلَّا اسْتِطْلَاقًا. فَقَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم " صدق الله، وَكذب بطن أَخِيك " فَسَقَاهُ فبرأ.
وَفِي حَدِيث سعيد بن أبي عرُوبَة عَن قَتَادَة:
أَن رجلا أَتَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " إِن أخي عرب. قَالَ: اسْقِهِ عسلاً، ثمَّ ذكر نَحوه وَمَعْنَاهُ.