الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّقْسِيمُ: فَكَانَ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ يَقُولُ لِابْنِ أَبِي دُؤَادٍ: مَقَالَتُكَ هَذِهِ الَّتِي تَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهَا لَا تَخْلُو بِالتَّقْسِيمِ الصَّحِيحِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَاؤُهُ الرَّاشِدُونَ عَالِمِينَ بِهَا أَوْ غَيْرَ عَالَمِينَ بِهَا وَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ. فَلَا قِسْمٌ ثَالِثٌ أَلْبَتَّةَ. ثُمَّ إِنَّهُ رَجَعَ بِالسَّبْرِ الصَّحِيحِ إِلَى الْقِسْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ فَبَيَّنَ أَنَّ السَّبْرَ الصَّحِيحَ يُظْهِرُ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي دُؤَادٍ لَيْسَ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ مِنَ التَّقْدِيرَيْنِ.
أَمَّا عَلَى أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم كَانَ عَالِمًا بِهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَتَرَكُوا النَّاسَ وَلَمْ يَدْعُوهُمْ إِلَيْهَا فَدَعْوَةُ ابْنِ أَبِي دُؤَادٍ إِلَيْهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبي وَأَصْحَابُهُ مِنْ عَدَمِ الدَّعْوَةِ لَهَا، وَكَانَ يَسَعُهُ مَا وَسِعَهُمْ.
وَأَمَّا عَلَى كَوْنِ النَّبي صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ غَيْرَ عَالِمِينَ بِهَا فَلَا يُمْكِنُ لِابْنِ أَبِي دُؤَادٍ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ عَالِمٌ بِهَا مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِمْ بِهَا. فَظَهَرَ ضَلَالُهُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَلِذَلِكَ سَقَطَ مِنْ عَيْنِ الْوَاثِقِ، وَتَرَكَ الْوَاثِقُ لِذَلِكَ امْتِحَانَ أَهْلِ الْعِلْمِ. فَكَانَ هَذَا الدَّلِيلُ الْعَظِيمُ أَوَّلَ مَصْدَرٍ تَارِيخِيٍّ لِضَعْفِ هَذِهِ الْمِحْنَةِ الْكُبْرَى. حَتَّى أَزَالَهَا اللَّهُ بِالْكُلِّيَّةِ عَلَى يَدِ الْمُتَوَكِّلِ رحمه الله، وَفِي هَذَا مَنْقَبَةٌ تَارِيخِيَّةٌ عَظِيمَةٌ لِهَذَا الدَّلِيل الْمَذْكُور.] (1) .
-
صفة الْغَضَب:
[وَوَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ يَغْضَبُ إِنِ انْتُهِكَتْ حُرُمَاتُهُ فَقَالَ {قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللَّهِ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} ، {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ} ](2) .
وَقَالَ: [وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَضَبَ صِفَةٌ وَصَفَ اللَّهُ بِهَا نَفسه إِذا انتهكت
(1) - 4/411: 408، مَرْيَم/78.
(2)
- 2/283، الْأَعْرَاف/54.