الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِجِنَايَاتِهِ تَقُولُ لَهُ الْعَرَبَ رَجُلٌ لَعِينٌ، وَمِنْهُ قَول الشَّاعِر:
ذَعَرْتُ بِهِ الْقَطَا وَنَفَيْتُ عَنْهُ
…
مَقَامَ الذِئْبِ كَالرَجُلِ اللَّعِينِ
وَفِي اصْطِلَاحِ الشَّرْعِ: اللَّعْنَةُ: الطَّرْدُ والإبعاد عَن رَحْمَة اللَّه] (1) .
عدد الْكَبَائِر وَبَعض أمثلتها:
[وَاعْلَمْ أَنَّ كَبَائِرَ الْإِثْمِ لَيْسَتْ مَحْدُودَةً فِي عَدَدٍ مُعَيَّنٍ، وَقَدْ جَاءَ تَعْيِينُ بَعْضِهَا كَالسَّبْعِ الموبقات أَي المهكات لِعِظَمِهَا، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّهَا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَالسِّحْرُ وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذَفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ» (2) وَقَدْ جَاءَتْ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْيِينِ بَعْضِ الْكَبَائِرِ كَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَاسْتِحْلَالِ حُرْمَةِ بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ، وَالرُّجُوعِ إِلَى الْبَادِيَةِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ، وَالسَّرِقَةِ، وَمَنْعِ فَضْلِ الْمَاءِ، وَمَنْعِ فَضْلِ الْكَلَإِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ الَّذِي خَلَقَ الْخَلْقَ ثُمَّ قَتْلُ الرَّجُلِ وَلَدَهُ خَشْيَةَ أَنْ يَطْعَمَ مَعَهُ، ثُمَّ زِنَاهُ بِحَلِيلَةِ جَارِهِ» (3) . وَفِي بَعْضِهَا أَيْضًا «أَنَّ مِنَ الْكَبَائِرِ تَسَبُّبَ الرَّجُلِ فِي سَبِّ وَالِدَيْهِ» (4) ، وَفِي بَعْضِهَا أَيْضًا «أَنَّ سِبَابَ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالَهُ كُفْرٌ» (5) وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الْكَبَائِرِ. وَفِي بعض الرِّوَايَات «أَن من
(1) - 1/290، النِّسَاء /47.
(2)
- أخرجه البُخَارِيّ (3/1017)(2615) ، وَمُسلم (1/92)(89) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِهِ.
(3)
- أخرجه البُخَارِيّ (4/1626)(4207) ، وَمُسلم (1/90)(86) بِنَحْوِهِ.
(4)
- أخرجه البُخَارِيّ (5/2228)(5628) مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه بِهِ.
(5)
- أخرجه البُخَارِيّ (1/27)(48) ، وَمُسلم (1/81)(64) من حَدِيث ابْن مَسْعُود رضي الله عنه بِهِ.
الْكَبَائِرِ الْوُقُوعَ فِي عِرْضِ الْمُسْلِمِ، وَالسَّبَّتَيْنِ بِالسَّبَّةِ» (1) .
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «أَنَّ
مِنْهَا جَمْعَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ» (2) .
وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّ مِنْهَا الْيَأْسَ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ، وَالْأَمْنَ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ» (3) وَيَدُلُّ عَلَيْهِمَا قَوْلُهُ تَعَالَى: (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) . وَقَوْلُهُ (فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَاّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) . وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّ مِنْهَا سُوءَ الظَّنِّ بِاللَّهِ» (4) وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ الظَّآنِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً) . وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّ مِنْهَا الْإِضْرَارَ فِي الْوَصِيَّةِ» (5) . وَفِي بَعْضِهَا أَنَّ مِنْهَا
(1) - أخرجه أَبُو دَاوُد (2/685)(4877) ، وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي الصمت (1/306)(727) من طَرِيق زُهَيْر بن مُحَمَّد عَن الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ، وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق عبد الله بن الْعَلَاء بن زبر عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة بِهِ كَمَا ذكر ابْن كثير فِي تَفْسِيره، والْحَدِيث صَححهُ لغيره الشَّيْخ الألباني رحمه الله فِي صَحِيح التَّرْغِيب والترهيب تَحت حَدِيث (2832) .
(2)
- رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (1/356)(188) من طَرِيق حَنش عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (مَنْ جَمَعَ الصَّلَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ فَقَدْ أَتَى بَابًا من أَبْوَاب الْكَبَائِر) قَالَ أَبُو عِيسَى: وحَنش هَذَا هُوَ أَبُو على الرَّحبِي وَهُوَ حُسَيْن بن قيس وَهُوَ ضَعِيف عِنْد أهل الحَدِيث ضعفه أَحْمد وَغَيره. والْحَدِيث ضعفه الشَّيْخ الألباني رحمه الله فَقَالَ: ضَعِيف جدا.
(3)
- لم أَقف عَلَيْهِ مَرْفُوعا وَإِنَّمَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَعبد الرَّزَّاق، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب مَوْقُوفا على ابْن مَسْعُود، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب مَوْقُوفا على ابْن عَبَّاس.
(4)
- قَالَ العجلوني فِي كشف الخفاء (1/200) : (رَوَاهُ الديلمي وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عمر بِسَنَد ضَعِيف) ، والْحَدِيث ضعفه الشَّيْخ الألباني رحمه الله فِي ضَعِيف الْجَامِع.
(5)
- رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ (6/271) عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مَرْفُوعا بِهِ، وَضَعفه الزَّيْلَعِيّ فِي نصب الرَّايَة (4/474) ، وَالشَّيْخ الألباني رحمه الله فِي ضَعِيف التَّرْغِيب والترهيب، وَقَالَ: مُنكر، وَرجح الْبَيْهَقِيّ فِيهِ الْوَقْف.
الْغَلُولَ (1)، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى:(وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . وَقَدَّمْنَا مَعْنَى الْغَلُولِ فِي سُورَةِ الْأَنْفَالِ، وَذَكَرْنَا حُكْمَ الْغَالِّ. وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّ مِنْ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا» (2) .
وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: (أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِى الآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وَلَمْ نَذْكُرْ أَسَانِيدَ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَنُصُوصَ مُتُونِهَا خَوْفَ الْإِطَالَةِ، وَأَسَانِيدُ بَعْضِهَا لَا تَخْلُو مِنْ نَظَرٍ لَكِنَّهَا لَا يَكَادُ يَخْلُو شَيْءٌ مِنْهَا عَنْ بَعْضِ الشَّوَاهِدِ الصَّحِيحَةِ، مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم
…
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ الْكَبَائِرَ أَقْرَبُ إِلَى السَّبْعِينَ مِنْهَا إِلَى السَّبْعِ. وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا أَقْرَبُ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ مِنْهَا إِلَى سَبْعٍ.
قَالَ مُقَيِّدُهُ- عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ -: التَّحْقِيقُ أَنَّهَا لَا تَنْحَصِرُ فِي سَبْعٍ، وَأَنَّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهَا سَبْعٌ لَا يَقْتَضِي انْحِصَارَهَا فِي ذَلِكَ الْعَدَدِ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا دَلَّ عَلَى نَفْيِ غَيْرِ السَّبْعِ بِالْمَفْهُومِ، وَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ، وَالْحَقُّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِ. وَلَوْ قُلْنَا إِنَّهُ مَفْهُومُ عَدَدٍ لَكَانَ غَيْرَ مُعْتَبَرٍ أَيْضًا، لِأَنَّ زِيَادَةَ الْكَبَائِرِ عَلَى السَّبْعِ مَدْلُولٌ عَلَيْهَا بِالْمَنْطُوقِ. وَقَدْ جَاءَ مِنْهَا فِي الصَّحِيحِ عَدَدٌ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعٍ، وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ، مَعَ أَنَّ مَفْهُومَ الْعَدَدِ لَيْسَ مِنْ أقوى المفاهيم] (3) .
(1) - رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ (12/252)(13023) عَن ابْن عَبَّاس رضي الله عنهما مَوْقُوفا عَلَيْهِ، وَحسن الهيثمي فِي الْمجمع (7/249) إِسْنَاده.
(2)
- انْظُر التَّعْلِيق السَّابِق، وَلكنه جعل الْيَمين الْغمُوس الْفَاجِرَة هِيَ الَّتِي من الْكَبَائِر مستدلا بِالْآيَةِ الْمَذْكُورَة.
(3)
- 7/197 - 199، الشورى / 37.