الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرع: الرَّد على من يتشاءم بِيَوْم الْأَرْبَعَاء، وَتَقْرِير أَن النحس والشؤم منشأه وَسَببه الْكفْر والمعاصي
.
[قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ}
…
وَيَزْعُم بعض أهل الْعلم، أَنَّهَا - أَي الْأَيَّام النحسات - مِنْ آخَرِ شَوَّالٍ، وَأَنَّ أَوَّلَهَا يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ وَآخِرَهَا يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ، وَلَا دَلِيلَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَنَّ يَوْمَ النَّحْسِ الْمُسْتَمِرِّ، هُوَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ الْأَخِيرُ مِنَ الشَّهْرِ، أَوْ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ مُطْلَقًا، حَتَّى إِنَّ بَعْضَ الْمُنْتَسِبِينَ لِطَلَبِ الْعِلْمِ وَكَثِيرًا مِنَ الْعَوَامِّ صَارُوا يَتَشَاءَمُونَ بِيَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ الْأَخِيرِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، حَتَّى إِنَّهُمْ لَا يقدمُونَ على السّفر، وَالتَّزْوِيج وَنَحْوِ ذَلِكَ فِيهِ، ظَانِّينَ أَنَّهُ يَوْمُ نَحْسٍ وَشُؤْمٍ، وَأَنَّ نَحْسَهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ فِي جَمِيعِ الزَّمَنِ، لَا أَصْلَ لَهُ وَلَا مُعَوِّلَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ، مَنْ عِنْدَهُ عِلْمٌ، لِأَنَّ نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ مُسْتَمِرٌّ عَلَى عَادٍ فَقَطِ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ فِيهِ، فَاتَّصَلَ لَهُمْ عَذَابُ الْبَرْزَخِ وَالْآخِرَةِ، بِعَذَابِ الدُّنْيَا، فَصَارَ ذَلِكَ الشُّؤْمُ مُسْتَمِرًّا عَلَيْهِمُ اسْتِمْرَارًا لَا انْقِطَاعَ لَهُ.
أَمَّا غَيْرُ عَادٍ فَلَيْسَ مُؤَاخَذًا بِذَنْبِ عَادٍ، لِأَنَّهُ لَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى.
وَقَدْ أَرَدْنَا هُنَا أَنْ نَذْكُرَ بَعْضَ الرِّوَايَاتِ الَّتِي اغْتَرَّ بِهَا، مَنْ ظَنَّ اسْتِمْرَارَ نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ، لِنُبَيِّنَ أَنَّهَا لَا مُعَوِّلَ عَلَيْهَا.
قَالَ صَاحِبُ الدُّرِّ الْمَنْثُورِ (1) : وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ {فِى يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ} «قَالَ: يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ
(1) - (7/677) .
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لِي جِبْرِيلُ اقْضِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ. وَقَالَ: يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ» (1) .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ والحجامة وَيَوْم الْأَرْبِعَاءِ يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ» (2) .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَوْمُ نَحْسٍ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ» (3) .
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْأَيَّامِ، وَسُئِلَ عَنْ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ قَالَ: يَوْمُ نَحْسٍ، قَالُوا كَيْفَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَغْرَقَ فِيهِ اللَّهُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ، وَأَهْلَكَ عَادًا
وَثَمُودَ» (4) .
وَأَخْرَجَ وَكِيعٌ فِي الْغَرَرِ وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَالْخَطِيبُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «آخِرُ أَرْبِعَاءَ فِي الشَّهْرِ يَوْمُ نحسمستمر» (5) .
(1) - ضعف إِسْنَاده الْحَافِظ ابْن حجر فِي التَّلْخِيص (4/206) بإبراهيم بن أبي حَيَّة، قَالَ عَنهُ: ضَعِيف جدا.
(2)
- أخرجه ابْن عدي فِي الْكَامِل (5/243) من طَرِيق عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد عَن أَبِيه عَن أَبِيه عَن جده عَن عَليّ رضي الله عنه بِهِ. وَقَالَ ابْن حبَان فِي الْمَجْرُوحين فِي تَرْجَمَة عِيسَى: [عِيسَى بن عبد الله بن مُحَمَّد بن عمر بن عَليّ بن أبي طَالب من أهل الْكُوفَة يروي عَن أَبِيه عَن آبَائِهِ أَشْيَاء مَوْضُوعَة لَا يحل الِاحْتِجَاج بِهِ كَأَنَّهُ كَانَ يهم ويخطيء حَتَّى كَانَ يَجِيء بالأشياء الْمَوْضُوعَة عَن أسلافه فَبَطل الِاحْتِجَاج بِمَا يرويهِ لما وصفت] .
(3)
- وَأعله السُّيُوطِيّ فِي اللآلي بإبراهيم بن هراسة، قَالَ عَنهُ: مَتْرُوك.
(4)
- وَأعله السُّيُوطِيّ فِي اللآلي بِأبي الأخيل خَالِد بن عَمْرو الْحِمصِي، قَالَ عَنهُ مُتَّهم.
(5)
- قَالَ العجلوني فِي كشف الخفاء (1/11) : [رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس والخطيب لَكِن بِلَفْظ من الشَّهْر وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي الْجَامِع الْكَبِير رَوَاهُ وَكِيع فِي الْغرَر وَابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره عَن ابْن عَبَّاس وَفِيه مسلمة ابْن الصَّلْت مَتْرُوك وَأوردهُ ابْن الْجَوْزِيّ فِي الموضوعات وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ من وَجه آخر عَن ابْن عَبَّاس مَوْقُوفا انْتهى وَقَالَ ابْن رَجَب لَا يَصح وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ بِسَنَد ضعفه بِلَفْظ يَوْم الْأَرْبَعَاء يَوْمُ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ] .