الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
معنى الإحصاء لأسمائه تَعَالَى:
قَالَ صَاحب التَّتِمَّة رحمه الله: [قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: سَمَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَسْمَاءَهُ بِالْحُسْنَى؛ لِأَنَّهَا حَسَنَةٌ فِي الْأَسْمَاعِ وَالْقُلُوبِ، فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى تَوْحِيدِهِ وَكَرَمِهِ وَجُودِهِ وَإِفْضَالِهِ، وَمَجِيءُ قَوْلِهِ تَعَالَى:(لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى) بَعْدَ تَعْدَادِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ اسْمًا مِنْ أَسْمَائِهِ سُبْحَانَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَأْتِ حَصْرُهَا وَلَا عَدُّهَا فِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ لله تسعا وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ وَتْرٌ يُحِبُّ الْوَتْرَ» (1) .
وَسَرَدَ ابْنُ كَثِيرٍ عَدَدَ الْمِائَةِ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الرِّوَايَات.
وَذكر عِنْد آيَةِ الْأَعْرَافِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَحْصُورَةً فِي هَذَا الْعَدَدِ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلَا حَزَنٌ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبدك بن عَبدك بن أَمَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ
أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي
وَجَلَاءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّي إِلَّا أَذْهَبَ اللَّهُ حُزْنَهُ وهمه» الحَدِيث (2) .
اهـ.
(1) - أخرجه البُخَارِيّ (2/891)(2585) ، وَمُسلم (4/2062)(2677) .
(2)
- أخرجه أَحْمد (1/391، 452) ، وَابْن أبي شيبَة (6/40)(29318) ، وَأَبُو يعلى (9/198)(5297) ، وَابْن حبَان (3/253)(972) ، وَالْحَاكِم (1/690)(1877)، وَقَالَ:" هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم إِن سلم من إرْسَال عبد الرَّحْمَن بن عبد الله عَن أَبِيه فَإِنَّهُ مُخْتَلف فِي سَمَاعه عَن أَبِيه ". - كلهم - من طَرِيق أبي سَلمَة الْجُهَنِيّ عَن الْقَاسِم بن
…
عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبن مَسْعُود رضي الله عنه بِهِ. والْحَدِيث مَعْلُول بِجَهَالَة أبي مُوسَى الْجُهَنِيّ، إِلَّا أَنه لم ينْفَرد بِهِ فقد تَابعه: عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق عَن الْقَاسِم عَن أَبِيه عَن ابْن مَسْعُود بِهِ، عِنْد الْبَزَّار (5/363)(1994) ، وَرَوَاهُ أَيْضا من نفس الطَّرِيق السَّابِق الْقزْوِينِي فِي " التدوين فِي أَخْبَار قزوين "(2/337)، والضبي فِي "الدُّعَاء" (ص/163) (6) إِلَّا أَنهم لم يذكرُوا: عَن أَبِيه. وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق ضَعِيف.
وَلِلْحَدِيثِ شَوَاهِد عَن أبي مُوسَى رضي الله عنه عِنْد ابْن السّني (343) ، عزاهُ الهيثمي فِي الْمجمع للطبراني، وَقَالَ: فِيهِ من لم أعرفهُ. والْحَدِيث ضعفه الأرناؤوط فِي تَحْقِيق الْمسند، وأعل هَذَا السَّنَد بالإنقطاع بَين عبد الله بن زبيد، أبي مُوسَى، وَقد ضعف حَدِيث أبي مُوسَى الْحَافِظ فِي أمالي الْأَذْكَار فِيمَا نَقله ابْن عَلان إِلَّا أَنه حسن حَدِيث ابْن مَسْعُود بِهِ، والْحَدِيث صَححهُ الشَّيْخ الألباني رحمه الله فِي الصَّحِيحَة (198) ، وَقد وقفت للْحَدِيث على شَاهد آخر من حَدِيث ابْن عمر رضي الله عنه عِنْد ابْن عَسَاكِر فِي "تَارِيخ دمشق"(68/120) من طَرِيق عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم الإفْرِيقِي عَن رجل عَن ابْن عمر نَحوه، وَهَذَا السَّنَد ضَعِيف لضعف الأفريقي، وجهالة الْوَاسِطَة بَينه وَبَين ابْن عمر. وَهَذِه الطّرق للْحَدِيث تصلح لتقويته وَالله أعلم.
وَمَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنْهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً أَنْزَلَهَا فِي كُتُبِهِ وَأَسْمَاءً خَصَّ بِهَا بَعْضَ خَلْقِهِ كَمَا خَصَّ الْخِضْرَ بِعِلْمٍ مِنْ لَدُنْهُ، وَأَسْمَاءً اسْتَأْثَرَ بِهَا فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ، كَمَا يَدُلُّ حَدِيثُ الشَّفَاعَةِ:«فَيُلْهِمُنِي رَبِّي بِمَحَامِدَ لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهَا مِنْ قَبْلُ» (1)، وَالْوَاقِعُ أَنَّهُ لَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ: يتَعَلَّق بِعَدَد معِين، وَبِمَا تترتب عَلَيْهِ مِنَ الْجَزَاءِ، وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: يَتَعَلَّقُ بِبَيَانِ أَقْسَامِ أَسْمَائِهِ تَعَالَى، مِنْ حَيْثُ الْعِلْمُ بِهَا وَتَعْلِيمُهَا وَمَا أُنْزِلُ مِنْهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْجَمْعَ فِي الْفَتْحِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ عِنْدَ بَابِ: لِلَّهِ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ.
وَقَدْ حَاوَلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ اسْتِخْرَاجَ الْمِائَةِ اسْمٍ مِنَ الْقُرْآنِ فَزَادُوا وَنَقَصُوا لِاعْتِبَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، وَقَدْ أَطَالَ فِي الْفَتْحِ بَحْثَ هَذَا الْمَوْضُوعِ فِي أَرْبَعَ عَشْرَةَ صفحة مِمَّا لَا غِنَى عَنْهُ وَلَا يُمْكِنُ نَقْلُهُ، وَلَا يصلح تلخيصه، وَقد ذكر من
(1) - أخرجه البُخَارِيّ (6/2695)(6975) ، وَمُسلم (1/180)(193) من حَدِيث أنس بِنَحْوِهِ.