الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع
الجواب عن أهم أدلة المخالفين
.. وهي أربعة عشر دليلاً
الدليل الأول
قول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة 44]
.
فإن قيل: إن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر بنص الآية.
فالجواب: أن الكفر هنا هو الكفر الأصغر لا الأكبر، وبرهان ذلك ثلاثة أمور:
1.
إجماع أهل السنة على أن الآية ليست على ظاهرها، وقد تقدم (ص 24).
2.
تفسير ابن عباس رضي الله عنهما، وقد تقدم (ص 42).
3.
تفسير بعض التابعين
(1)
(= أصحاب ابن عباس رضي الله عنه ورحمهم)، وقد تقدم (ص 41)، ولا يعلم لهم مخالف من عصرهم.
ثم إن قيل: الأصل عند الإطلاق انصراف الكفر للكفر الأكبر.
فالجواب: أن هذا الإيراد لا ثمرة منه؛ لأنه جاء ما يجعل المراد بالكفر في الآية: الكفر الأصغر، وهو تفسير ابن عباس وبعض أصحابه.
ثم إن قيل: قد استقرأ ابن تيمية رحمه الله لفظ (الكفر) المعرَّف بـ (أل) فوجد أنه لا يأتي إلا أريد به الكفر الأكبر، فقال:
(1)
قال ابن تيمية عن تفاسير التابعين رحمهم الله: " إذا أجمعوا على الشيء فلا يُرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ويُرجَع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب أو أقوال الصحابة في ذلك "(الفتاوى 13/ 370).
وقال رحمه الله: " من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك: كان مخطئاً في ذلك، بل مبتدعاً وإن كان مجتهداً مغفوراً له خطؤه "(الفتاوى 13/ 361).
" والكفر المعرَّف: ينصرف إلى الكفر المعروف، وهو المخرج عن الملة "(" شرح العمدة "، قسم الصلاة ص 82).
فالجواب: أن استقراءه رحمه الله جاء على المصدر (الكفر) بينما جاءت الآية باسم الفاعل (الكافر) وفرق بينهما؛ إذ المصدر يدل على الفعل وحده، أما اسم الفاعل فهو دال على الفعل وعلى من قام بالفعل (= الفاعل).
لذلك فقد جعل ابنُ تيمية - نفسه - القولَ بأن المراد بالكفر في الآية هو الكفر الأصغر؛ قولاً لبعض أئمة السنة، بل لعامة السلف، وتقدم كلامه (ص 44).
قال ابن عثيمين رحمه الله: " مِن سوء الفهم قول مَن نسب لشيخ الإسلام ابن تيمية أنه قال (إذا أُطلق الكفر فإنما يراد به كفر أكبر)؛ مستدلاً بهذا القول على التكفير بآية {فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة 44]! مع أنه ليس في الآية أن هذا هو (الكفر)! وأما القول الصحيح عن شيخ الإسلام فهو تفريقه رحمه الله بين (الكفر) المعرَّف بـ (أل) و (كفر) مُنكّراً. فأما الوصفُ فيصلح أن نقول فيه (هؤلاء كافرون) أو (هؤلاء الكافرون) بناءً على ما اتصفوا به من الكفر الذي