الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال ابن القيم رحمه الله: " فلا يخرج محلُّ السبب عن الحكم، ويتعلق بغيره "(زاد المعاد 5/ 317).
بل قد نقل الزركشي رحمه الله حكاية بعضهم الإجماع على ذلك فقال: " فإن محلَّ السبب لا يجوز إخراجه بالاجتهاد بالإجماع كما حكاه القاضي أبو بكر في مختصر التقريب؛ لأن دخول السبب قطعي "(البرهان 1/ 117).
الدليل الثالث
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ
يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء 60].
فإن قيل: إن من تحاكم إلى غير الشريعة فقد كفر؛ لأن الله قد حكم عليه بالنفاق.
فالجواب من وجهين:
الوجه الأول: صحيح أن الآية جاءت في شأن المنافقين، لكن معناها محتمل لأمرين:
1.
أن إيمانهم صار مزعوماً (= أنهم صاروا منافقين) لكونهم أرادوا الحكم بالطاغوت، وهذا ما يتمسك به المخالف.
2.
أن من صفات أهل الإيمان المزعوم (= المنافقين) أنهم يريدون التحاكم للطاغوت، ومشابهة المؤمن للمنافقين في صفة من صفاتهم - كالكذب - لا توجب الكفر، فعلى هذا؛ فإن من حكم بغير ما أنزل الله فقد شابه المنافقين في صفة من صفاتهم، وهذا لا يوجب لهم الكفر إلا بدليل آخر.
* أقول: وإذا ورد الاحتمال في أمر بين كونه مكفراً أو غير مكفر؛ لم يُكفَّر به؛ لأن التكفير لا يقوم على أمر محتمل، بل لا يبنى إلا على اليقين، فوجب الاحتياط فيه، لا سيما وأنه لم يدل دليل على أن الحكم عليهم بالنفاق إنما جاء بسبب تحاكمهم لغير الله.
الوجه الثاني: أن إرادة هؤلاء ليست إرادة مطلقة، بل هي إرادة خاصة فيها ما ينافي الكفر به، ومن لم يعتقد وجوب الكفر بالطاغوت فلا شك في كفره الكفر الأكبر.