الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرعها، وَالْأَحَادِيث فِي ذَلِك مُتعَدِّدَة مِنْهَا قَوْله [صلى الله عليه وسلم]
" يَا معشر قُرَيْش إِنَّكُم أهل هَذَا الْأَمر مالم تحدثُوا فَإِذا غيرتم بعث الله عَلَيْكُم من يلحاكم كَمَا يلحى الْقَضِيب " رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود بِسَنَد رِجَاله ثِقَات وَله طَرِيق آخر بِلَفْظ آخر وشواهد وَمِنْهَا " الْأُمَرَاء من قُرَيْش مَا عمِلُوا فِيكُم بِثَلَاث - مَا رحموا إِذا استرحموا، واقسطوا إِذا قسموا، وَعدلُوا إِذا حكمُوا " رَوَاهُ الْحَاكِم عَن أنس بِسَنَد حسن. .
هَذَا وَإِن العباسيين لم يحملوا بني هَاشم على رِقَاب النَّاس بل كَانُوا أَشد من بني أُميَّة وَطْأَة على العلويين الَّذين هم خيارهم وفضلوا الْفرس ثمَّ التّرْك على الْعَرَب، وَأما العلويون فَكَانُوا أزهد النَّاس فِي الدُّنْيَا وملكها، وَلَوْلَا ذَلِك لسعوا لَهَا سعيها، وَمن صَحَّ مِنْهُ الْهوى أرشد للحيل، وَلم يتول أحد مِنْهُم الْإِمَامَة بعد أَن نزل عَنْهَا الإِمَام الْحسن السبط عليه السلام إِلَّا أَئِمَّة الزيدية فِي الْيمن فَكَانُوا وَمَا زَالُوا أفضل وَأَعْدل أهل بَيت تولوها بعد الرَّاشِدين. . وَأما أدارسة الْمغرب فيلقبون بالسلاطين وَأما العبيديون فَكَانُوا أدعياء فِي النّسَب وَفِي الْإِسْلَام أَيْضا. .
وَجُمْلَة القَوْل أَن الشعوبية أوردوا شُبُهَات كَثِيرَة على الْعَرَب وعَلى قُرَيْش وَأجَاب عَنْهَا الْعلمَاء كَابْن قُتَيْبَة وَغَيره، وَلكُل قوم محامد ومساوئ وَدين الله فَوق كل شَيْء وَمَا صَحَّ دَلِيله وأجمعت عَلَيْهِ الْأمة أَو سوادها الْأَعْظَم فِي خير الْقُرُون لَا نقبل رَأيا وَلَا بحثا فِي نقضه، وَإِلَّا لم يبْق لنا شَيْء من ديننَا، وَمَا كَانَت أهواء العصبية والمحاباة فِي الدّين إِلَّا فتْنَة لنا، وضارة بعربنا وعجمنا، وَإِن جهل ذَلِك الكثيرون منا، وَإِن حِكْمَة الشَّارِع [صلى الله عليه وسلم] فِي جعل خلَافَة نبوته فِي قُرَيْش منزهة عَن العصبية الْجَاهِلِيَّة الَّتِي حرمهَا، ولبابها مَكَان قُرَيْش من هَذَا الدّين وَكتابه وَنبيه ولغته وَأَهْلهَا. . إِذْ لم تقم لَهُ قَائِمَة إِلَّا بدعوتهم ولغتهم، ثمَّ لم يَخْدمه أحد من الْأَعَاجِم إِلَّا من أتقنها، فخدمه أَولا من استعرب من الْفرس وَغَيرهم، ثمَّ جدد قُوَّة دولته العثمانيون من التّرْك، بعد أَن مزق شَمله وأضعفه سلفهم، وسنبين بعد مَا يجب لَهُ علينا وَعَلَيْهِم. .
صِيغَة الْمُبَايعَة:
الْإِمَامَة عقد تحصل بالمبايعة من أهل الْحل وَالْعقد لمن اختاروه إِمَامًا للْأمة بعد التشاور بَينهم، وَالْأَصْل فِي الْبيعَة أَن تكون على الْكتاب وَالسّنة وَإِقَامَة الْحق وَالْعدْل من قبله وعَلى السّمع وَالطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف من قبلهم. فَفِي الصَّحِيح أَن عبد الرَّحْمَن
ابْن عَوْف قَالَ فِي مبايعته لعُثْمَان: أُبَايِعك على سنة الله وَرَسُوله والخليفتين من بعده، وَبَايَعَهُ النَّاس على ذَلِك. وَإِن النَّاس لما اجْتَمعُوا على عبد الْملك بن مَرْوَان بعد قتل عبد الله بن الزبير بَايعه عبد الله بن عمر رضي الله عنه بعد أَن امْتنع عَن مبايعتهما مَعًا لأجل الْخلاف والتفرقة. فَكتب إِلَيْهِ: إِنِّي أقرّ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَة لعبد الله عبد الْملك أَمِير الْمُؤمنِينَ على سنة الله وَرَسُوله فِيمَا اسْتَطَعْت، وَإِن بَنِى ّ قد أقرُّوا بذلك.
وَكَانَ الصَّحَابَة يبايعون النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] على السّمع وَالطَّاعَة فِي المنشط وَالْمكْره وَقَول الْحق وَالْقِيَام بِهِ فِيمَا اسْتَطَاعُوا وَعدم عصيانه فِي الْمَعْرُوف، كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي مبايعة النِّسَاء لَهُ (وَلَا يعصِينك فِي مَعْرُوف) وَقد صَحَّ أَن النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] هُوَ الَّذِي كَانَ يلقنهم قيد الِاسْتِطَاعَة عِنْد الْمُبَايعَة وَقد بَايعُوهُ أَيْضا على الْإِسْلَام وعَلى الْهِجْرَة وعَلى الْجِهَاد وَالصَّبْر وَعدم الْفِرَار من الْقِتَال وعَلى بيعَة النِّسَاء المنصوصة فِي الْقُرْآن. وَالْأَحَادِيث فِي هَذَا مَعْرُوفَة فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسّنَن. نخص بِالذكر مِنْهَا حَدِيث عبَادَة بن الصَّامِت الْمُتَّفق عَلَيْهِ وَلَفظه كَمَا فِي كتاب الْفِتَن من البُخَارِيّ: دَعَانَا النَّبِي [صلى الله عليه وسلم] فَبَايعْنَا فَقَالَ فِيمَا أَخذ علينا أَن بَايعنَا على السّمع وَالطَّاعَة فِي منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا وَألا ننازع الْأَمر أَهله
" إِلَّا أَن تروا كفرا بواحا عنْدكُمْ من الله فِيهِ برهَان " وَلَفظه فِي بَاب الْمُبَايعَة من كتاب الْأَحْكَام " بَايعنَا رَسُول الله [صلى الله عليه وسلم] على السّمع وَالطَّاعَة فِي المنشط وَالْمكْره وَألا ننازع الْأَمر أَهله، وَأَن نقوم وَأَن نقُول بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَاف فِي الله لومة لائم " قَالَ الْحَافِظ فِي شرح حَدِيث البُخَارِيّ فِي الْمُبَايعَة على السّمع وَالطَّاعَة الَّذِي تقدم فِي الأَصْل عِنْد قَوْله فِيهِ من كتاب الْفِتَن " وَألا ننازع الْأَمر أَهله " أَي الْملك والإمارة. .
وَجُمْلَة القَوْل أَن الْعلمَاء اتَّفقُوا على وجوب الْخُرُوج على الإِمَام بالْكفْر وَاخْتلفُوا فِي الظُّلم وَالْفِسْق لتعارض الْأَدِلَّة وَمِنْهَا سد ذَرِيعَة الْفِتْنَة وَالتَّحْقِيق الْمُخْتَار أَن على الْأَفْرَاد الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر بشروطهما دون الْخُرُوج على ولي الْأَمر بِالْقُوَّةِ، وَأما أهل الْحل وَالْعقد فَيجب عَلَيْهِم مَا يرَوْنَ فِيهِ الْمصلحَة الراجحة حَتَّى الْقِتَال وَقد تقدم النَّقْل فِي هَذَا فِي مَسْأَلَة سلطة الْأمة وسنعود إِلَيْهِ فِي بحث مَا يخرج بِهِ الإِمَام عَن الْخلَافَة. .