الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوانين الأحوال الشخصية الوضعية، حيث كتبت حول هذا الموضوع أكثر من مرة، ولم أقصد تطوير القرآن، أنا شخصياً لا أفهم مقصدكم .. ولم أشر في كتاباتي أو محاضراتي إلَّا لتطوير قوانين الأحوال الشخصية والوضعية عن طريق الاجتهاد في بعض الأمور، وقد غابت عني أثناء التصريح كلمة اجتهاد، وأعتقد أن لكل إنسان لديه ضمير لا بد أن يحاول أن يدفع الغبن عن هذه الفئة المستضعفة من الناس، وهم النساء، فالمرأة لا تستطيع استخراج جواز سفر لنفسها، المرأة المتزوجة لا تستطيع أن تفتح حساباً لأطفالها، والمرأة لا تستطيع أن تستخرج شهادة ميلاد لطفلها، والمرأة لا تملك حق القوامة على نفسها.
لقد أعمتكم رغبتكم في الاضطهاد عن حقائق شرعية قائمة في التاريخ الإسلامي، فالرسول صلى الله عليه وسلم نفسه قد جادلته امرأة عادية في حكم أصدره عليها بالطلاق، فلم يرهبها، ولم يتهمها بالكفر، ولم تقبل حكمه عليها الطلاق بالظهار على حسب عادة العرب قبل الإسلام، ونزلت سورة المجادلة استجابة من الله لشكوى خولة بنت ثعلبة {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة: 1]، وجاءت امرأة أخرى عمر رضي الله عنه فلم يكفرها، ولم يكن هناك تكفير خلال دولة الرسول ودولة الراشدين.
أجابت اللجنة بما يلي:
أ - ليست كل القوانين المدنية المطبقة في الدول العربية والإسلامية مأخوذة من الشريعة الإسلامية؛ خلافاً لما ادعته الدكتورة، ولكن بعضها من مصادر أجنبية، وهذه وإن تطابقت في بعض أحكامها مع نبض أحكام الشريعة الإسلامية، إلَّا أنها مختلفة عنها من حيث المصدرية والجذور.
ولهذا؛ فإن هذه الدول الآن قد اتخذت خطوات جادة للعودة بقوانينها إلى الجذور والأصول الإسلامية، ولتستقيها كاملة من القرآن والسنة.
ب- التشريعات الإسلامية مصدرها الرئيسي القرآن والسنة، وهي حافظة قطعاً لكل حقوق الإنسان من غير تفريط، وهي محققة لكل مصالح الناس على اختلاف العصور والأزمان، بما تضمنته من مرونة وقدرة على تلبية المصالح المستجدة للبشر، وأي تشكيك في ذلك هو جهل وضلال، أما ما يظنه البعض مصالح مما منعته الشريعة الإسلامية تأثراً بالأنظمة الغربية، فإنها في الحقيقة مصالح غلب عليها الفساد، ولذلك حرمت شرعاً، ويسميها الفقهاء (مصالح ملغاة)، والشريعة الإسلامية باقية ما بقيت الحياة، وكل اعتقاد يخالف ذلك فهو إخلال لقوله تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وقوله:{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، وقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3]، وقوله:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65]، وغير ذلك من الآيات الكريمة الدالة على شمول الشريعة لكل مصالح البشر.
ج- التشريع الإسلامي أنصف المرأة بما لم ينصفها به أي تشريع آخر؛ حيث جعلها مساوية للرجل في مجموع ما لها وما عليها من حيث الجملة، أما رئاسة الأسرة التي هي عبء ومسؤولية أكثر منها تكريماً ومنحة فإنه لا بد من إسنادها لأحدهما، ولا يصلح الأسرة إسنادها لهما معاً؛ لقوله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: 22]، وهو تقليد مألوف في رئاسة الدول ورئاسة المجالس والمؤسسات والمنظمات .. أن تكون إلى فرد واحد لا إلى اثنين أو أكثر.
ولما كان الرجل هو الأشد قوة وحزماً، وأنه المسؤول عن الإنفاق على الأسرة بإيجاب الشارع كان رئاسة الأسرة له؛ لقوله تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ
وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228].
وأما من حيث تفصيل الأحكام؛ فإن الله أقام تكاملاً بين المرأة والرجل؛ فأسند إلى المرأة واجبات تتفق مع طبيعتها ورتب عليها أحكاماً، وأسند إلى الرجل واجبات ورتب عليها أحكاماً تتفق مع طبيعته، وهذه الواجبات قد تتحد وهو الأكثر وقد تختلف تلبية للتكامل، إلَّا أنها في مجموعها متساوية، ومن هذه الأحكام ما يلي:
1 -
الذمة المالية، فإنها مما يتحد فيها الأحكام في الرجل والمرأة من غير فارق؛ حيث إن للمرأة ذمة مالية مستقلة كالرجل تماماً.
2 -
وجوب القصاص حالة الاعتداء منهما أو عليهما؛ فإنه مما تتحد فيه الأحكام.
3 -
استحقاق الإرث في بعض الأحوال؛ ممّا تتحد فيه المرأة مع الرجل كما إذا توفي إنسان عن أبوين وابن؛ فإن لكل من الأبوين السدس على سواء بينهما، وقد يختلف فيه القدر فيكون للذكر مثل حظ الأنثيين، وذلك في حال العصوبة؛ كما إذا توفي إنسان عن ابن وبنتين؛ فإن النصف للابن، ولكل من البنتين الربع، إلَّا أن ذلك ليس لاعتبار الذكورة والأنوثة وحدها، ولكن لأمور أخرى علق الميراث بها من القرابة، وهي العصوبة (النصرة)؛ بدليل تساوي الأب مع الأم في الإرث أحياناً كما تقدم.
4 -
التكليف بالعبادات، وقبولها عند الله تعالى والإثابة عليها؛ فإنه ممّا تتساوى فيه المرأة مع الرجل؛ لقوله تعالى:{وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124].
5 -
الإنفاق على الأسرة هو واجب على الرجل وحده، وليس على المرأة منه