المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ ج 2

بسم الله الرحمن الرحيم

‌الصلاة

قدمت على باقى العبادات، لأنها عماد الدين، وللإجماع على أفضليتها، (روى) ابن مسعود أنّ رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم: أىُّ الأعمالِ أفضلُ؟ قال: الصلاةُ لوقتها. أخرجه الشيخان (1){1}

وهى لغة الدعاء. وشرعا عبادة ذات أقوال وأفعال مخصوصة، مفتتحة بالتكبير، مختتمة بالتسليم، وهى مشتقة من الصلة، لأنها توصل البعد وتقرّبه من رحمة ربه.

وهى ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال الله تعالى:{وَأقيمُوا الصَّلَاةَ} وقال: {إنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِين كَتاَباً مَوْقُوتاً} (2)، أى مفروضاً مقدّراً وقتها فلا تؤخر عنه (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال لمعاذٍ حين أرسلَه إلى اليمن:" إيك ستأتى قوما أهلَ كتابٍ فادْعُهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسولُ اللهِ، فإِنْ هُم أطاعوك لذلك فأعْلِمهم أنّ الله تعالى قد افْترض عليهم خمسَ صلواتٍ فى كل يوم وليلة "(الحديث) أخرجه السبعة وقال الترمذى حسن صحيح (3){2}

(1) انظر ص 393 ج 13 فتح البارى (وسمى النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة عملا - التوحيد) وص 73‌

‌ ج 2

نووى (الإيمان بالله افضل الأعمال) والسائل ابن مسعود كما فى رواية للشيخين. وتمام الحديث: وبر الوالدين ثم الجهاد فى سبيل الله. وكما يأتى رقم 13 ص 10

(2)

سورة النساء: عجز آية 103 وصدروها " فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا ".

(3)

انظر رقم 5 ص 83 ج 8 - الدين الخالص (دليل الزكاة).

ص: 2

(وقد فرضت) ليلة الإسراء قبل الهجرة بسنة ونصف.

(قال) أنس بن مالك رضى الله عنه: " فُرِضَتْ على النبى صلى الله عليه وسلم ليلة أُسِرىَ به الصلاة خمسين، ثم نُقِصتْ حتى جُعِلتْ خمسا.

ثم نودِى يا محمد: إنه لا يُبدَّل القول لدىّ، وإن لك بهذا الخمس خمسين " أخرجه أحمد والنسائى والترمذى وقال حسن صحيح وهذا لفظه (1){3}

أى أنها خمس فى العدد وخمسون فى الأجر: {مَنْ جاَء بِالْحَسْنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمثَالِهاَ} (2)

(وحكمة مشروعيتها) القيام بشكر المنعم وتكفير الذنوب بأدائها.

(روى) أبو هريرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " أرأيتُم لو أنّ نهراً بباب أحدِكم يغتسلُ فيه كلَّ يوم خمسَ مرات ما تقولون؟ هل يَبقى من دَرَنه؟ قالوا: لا يبقى من درَنه شئ، قال " فدّلك مثَلُ الصلوات الخمسِ يمحو الله بها الخطايا " أخرجه أحمد والشيخان (3){4}

والإجماع على أنّ المفروض منها خمس (قال) طلحة بن عُبيد الله: جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم من قِبَل نْجدٍ ثائرَ الرأس يسألُ عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" خمسُ صلوات فى اليوم والليلة. قال: هل علّى غيرهنّ؟ قال لا، إلا أن تطوّع "(الحديث) أخرجه مالك وأحمد والشيخان. (4)

(1) انظر ص 197 ج 2 - الفتح الربانى. وص 77 ج 1 مجتبى (فرض الصلاة) وص 186 ج 1 تحفة الأحوذى (كم فرض الله على عباده من الصلاة)

(2)

الأنعام: آية 160

(3)

انظر ص 202 ج 2 - الفتح الربانى، وص 8 ج 2 فتح البارى (الصلوات الخمس كفارة) وص 170 ج 5 نووى (فضل المشى إلى الصلاة - المساجد).

(4)

انظر ص 68 ج 1 - الفتح الربانى. ومن 78 ج 1 فتح البارى (الزكاة من الإسلام - الإيمان) = وص 166 ج نووى (الصلوات الخمس أحد أركان الإسلام) وتطوع: بتشديد الطاء والواو، أصله تتطوع بتاءين أدغمت ثانيتهما فى الطاء، ويجوز تخفيف الطاء بحذف إحدى التاءين.

ص: 3

(وثمرة أدائها) سقوط الطلب والبعد عن المخالفات فى الدنيا، ونيل الثواب في العقبى، قال تعالى {وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} (1). (وعن أبى أُمامة) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"اتقوا الله ربكم وصلُّوا خمسَكم، وصوموا شهرَكم، وأدّوا زكاةَ أمواِلكم، وأطيعوا ذا أمْرِكم، تدخلوا جنة ربكم " أخرجه البيهقى والترمذى وقال حسن صحيح (2){6}

هذا. وقد اختلفوا فى صلاته صلى الله عليه وسلم قبل الإسراء. فقال جماعة: إنّ النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن عليه الصلاة مفروضة قبل الإسراء إلا ما كان أُمر به من صلاة الليل على نحو قيام رمضان من غير توقيت ولا تحديد ركعات معلومات. وكان صلى الله عليه وسلم يقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفَه وثلثَه، وقام معه المسلمون نحواً من حول حتى شقّ عليهم ذلك فأنزل الله التخفيف فى ذلك. فنسخه فضلا من رحمة. فلم يبق فى الصلاة فريضة إلا الخَمس. قال ابن عبد البر (وقال) ابن عباس رضى الله عنهما فى تفسيره: قم الليل يعنى قم الليل كله إلا قليلا منه، فاشتدّ ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه، وقاموا الليل كله ولم يعرفوا ما حدّ القليل، فأنزل الله تعالى:{نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً} فاشتدّ ذلك أيضاً عليهم وقاموا حتى انتفخت أَقدامهم. ففعلوا ذلك سنة فأنزل الله ناسختها فقال: {عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ} يعنى قيام الليل من الثلث والنصف. وكان

(1) سورة العنكبوت: آية 45

(2)

انظر ص 416 ج 1 تحفة الأحوذى (فضل الصلاة).

ص: 4