الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قال) العلامة الدسوقى: وأما السجود على غير المتصل بالأرض كسرير معلق، فلا خلاف فى عدم صحته، أى والحال أنه غير واقف فى ذلك السرير وإلا صحت كالصلاة فى المحمل (1).
(التاسع) أركان الصلاة
هى جمع ركن. وهو لغة الجانب القوى. ومنه قوله تعالى حكاية عن سيدنا لوط عليه الصلاة والسلام: {أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ (2)} واصطلاحا ما تتوقف عليه صحة الماهية وكان جزءا ذاتيا لها. وللصلاة أركان. المذكور منها هنا ستة عشر:
(1)
النية: هى لغة العزم. وشرعا العزم على الشئ مقترناً بفعله. وصحت فى الصوم مع عدم المقارن للضرورة. فإنه يشق على الصائم مراقبة الفجر وهى ركن فى الصلاة عند المالكية والشافعية. وشرط عند الحنفيين وأحمد لقوله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (3)} فإن الإخلاص هو النية، لأنه علم من أعمال القلب، ولحديث:" إنما الأعمال بالنيات " أخرجه الشيخان عن عمر (4){177}
أى صحتها بالنية. وقد أجمع العلماء على أنها فرض فى الصلاة وغيرها من مقاصد العبادات. ولابد من التعيين فى الفرض اتفاقا. كأن ينوى ظهرا أو عصرا وكذا الواجب عند الحنفيين كوتر وعيد وركعتى الطواف (وعند
(1) ص 200 ج 1 حاشية الدسوقى على كبير الدردير (مكروهات الصلاة).
(2)
سورة هود: أية 80.
(3)
سورة البينة: أية 5.
(4)
انظر رقم 29 ص 106 ج 8 - الدين الخالص (شروطه صحة الزكاة).
الشافعية) لابد من تعيين الفرض بنية الفرضية، وقصد الفعل وتعيين الصلاة، بأن يقصد إيقاع صلاة فرض الظهر مثلا. ولابد أن يكون ذلك مقارنا لجزء من تكبيرة الإحرام (وعند) الحنفيين يشترط لصحة النية أن تكون سابقة تكبيرة الإحرام بلا فاصل أجنبى من الصلاة كالأكل والشرب والكلام. أما غير الأجنبى من الصلاة كالوضوء والمشى لها، فلا يضر الفصل به (وعند) المالكية والحنبلية: يصح تقدم النية على التحريمة بزمن يسير عرفا.
(ويكفى) مطلق النية فى صلاة النفل ولو راتبة أو تراويح عند الحنفيين إلا أن الأحوط فى صلاة التراويح أن ينوى التراويح أو سنة الوقت أو قيام الليل.
(وقالت) المالكية: يلزم التعيين فى السنة المؤكدة كالوتر والعيدين والكسوف والاستسقاء. وكذا فى الرغيبة " وهى صلاة فجر " ويكفى مطلق النية فى المندوبات كالرواتب والضحى والتراويح والتهجد.
(وقالت) الشافعية: إن كانت النافلة لها وقت معين كالرواتب والضحى، أولها سبب كصلاة الاستسقاء والكسوف، فلابد من قصدها وتعيينها بأن ينوى سنة الظهر القبلية أو البعدية. ولابدّ من مقارنة ذلك لجزء من التحريمة. أما النفل المطلق فيكفى فيه مطلق قصد الصلاة حال النطق بأي جزء من أجزاء التحريمة (وقالت) الحنبلية: يشترط التعيين فى الرواتب وصلاة التراويح. ويكفى فى النفل المطلق نية مطلق الصلاة.
هذا. ولا يشترط نية الفرضية فى الفرض عند غير الشافعية. ولا نية النفلية فى النفل، ولا نية عدد الركعات، ولا الأداء لقضاء اتفاقا. ولا يضر الغلط فى عدد الركعات عند الحنفيين ومالك فمن نوى الظهر مثلا خمس ركعات، فإن كان متعمدا بطلت صلاته عند غير الحنفيين وكذا عندهم
إن لم يقعد على راس الرابعة ثم يسلم. وإن قعد وسلم صحت صلاته ولغت نية الخامسة. وإن كان غالطا وصلاها أربعا، صحت عند الحنفيين ومالك.
هذا. ويشترط أيضا فى حق المأموم أن ينوى الاقتداء بأن ينوى متابعة الإمام فى أوّل الصلاة. فلو أحرم شخص بالصلاة منفردا ثم وجد إماما فنوى الاقتداء به لا تصح صلاته عند الحنفيين ومالك (وقالت) الشافعية: إذا نوى الاقتداء فى أثناء الصلاة صحت إلا فى صلاة الجمعة، وما جمعت جمع تقديم للمطر. فإنه لابد أن ينوى الاقتداء فيهما أول صلاته. وإلا فلا تصح (وقالت) الحنبلية: يشترط فى صحة صلاة المأموم أن ينوى الاقتداء بالإمام أول الصلاة غلا إذا كان مسبوقا، فله أن يقتدى بعد سلام إمامه بمسبوق مثله فى غير الجمعة. وكذا إذا اقتدى مقيم بمسافر يقصر الصلاة، فله أن يقتدى بمقيم مثله بعد فراغ الإمام (وأما) نية الإمام الإمامة فشرط فى كل صلاة عند الحنبلية وتكون فى أول الصلاة إلا فى الصورتين السابقتين (وقال) الحنفيون: نية الإمام الإمامة شرط لحصول الثواب له. ولا يلزمه نيتها إلا إذا كان إماما للنساء، فإنه يشترط لصحة اقتدائهن به أن ينوى إمامتهن (وقالت) المالكية: يشترط نية الإمامة فى كل صلاة تتوقف صحتها على الجماعة وهى: الجمعة، والمغرب والعشاء المجموعتان جمع تقديم ليلة المطر، وصلاة الخوف، وصلاة الاستخلاف. فلو ترك نية الإمامة فى الأوليين بطلتا. وإن تركها فى صلاة الخوف بطلت على الطائفة الأولى لمفارقتها فى غير محل المفارقة. وصحت فى حق الإمام والطائفة الثانية. والخليفة إن نوى الإمامة صحت له وللمأمومين. وإن لم ينوها صحت صلاته وبطلت صلاة المأمومين (وقالت) الشافعية: يجب على الإمام أن ينوى الإمامة فى أربع مسائل:
(أ) الجمعة (ب) الصلاة المجموعة للمطر جمع تقديم، فإنه يلزمه أن ينوى الإمامة فى الثانية منهما دون الأولى، لأنها وقعت فى وقتها (ج) الصلاة المعادة فى القوت فلابد للإمام فيها من نية الإمامة (د) الصلاة التى نذر أن يصليها جماعة، فيلزمه أن ينوى فيها الجماعة. فإن لم ينوها صحت، ولا يزال آثما حتى يعيدها جماعة ناوياً الإمامة.
هذا ما قاله الفقهاء. والثابت بالدليل أن شرط النية، عمله بقلبه أىّ صلاة يصلى. هذا. والنية محلها القلب. ولم يرد التلفظ بها عن أحد ممن يقتدى بهم، ولا عبرة باللسان وغن خالف القلب (قال) ابن الهمام: قال بعض الحفاظ: لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بطريق صحيح ولا ضعيف، أنه كان يقول عند الافتتاح: أصلى كذا، ولا عن أحد من الصحابة والتابعين. بل المنقول أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر. وهذه بدعة أهـ (1) (وقال) ابن نجيم: وزاد فى شرح المنية أنه لم ينقل عن الأئمة أيضا أهـ (2)(وقال) الشيخ منصور الحنبلى: والتلفظ بالنية فى الوضوء والغسل وسائر العبادات بدعة. ويكره الجهر بها وتكريرها. قال الشيخ تقى الدين: اتفق الأئمة على أنه لا يشرع الجهر بها وتكريرها، بل من اعتاده ينبغى تأديبه. والجهر بها مستحق للتعزير بعد تعريفه لاسيما إذا آذى به أو كرره. والجهر بها منهى عنه عند الشافعى وسائر أئمة المسلمين. وفاعله مسئ. ويجب نهيه ويعزل عن الإمامة عن لم ينته (3) (وقال) العلامة أبو بكر العامرى: ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم منطوقاً ولا مفهوما أنه تلفظ
(1) ص 186 ج 1 - فتح القدير (شروط الصلاة).
(2)
ص 278 ج 1 - البحر الرائق.
(3)
ص 63 ج 1 - كشاف القناع (الوضوء).
بالنية ولا بالمنوى ولا دَخَلَ فى الصلاة بغير التكبير. وأما ما اعتاده الناس أمام التكبير من الشغل بالأشياء التى تشترط نيتها كقصد فعل الصلاة وتعيينها ومفروضها فلا بأس به. ولا كلام أنه إن تكلم بلسانه من غير نية لم يجزه. وإن نوى بقلبه وتكلم بالتكبير فقط كما هو المنقول عنه صلى الله عليه سلم، أجزأه وبعض الناس يزيد فى التحريم ألفاظا.
فيذكر النية واستقبال القبلة وعدد الركعات فى تطويل وتهويل أحدثوه، لم يد به كتاب ولا سنة ولا أثر عمن تصح به القدوة " ومما أحدث " أيضاً وعم العلم به حتى توهم كثير من الناس أنه سنة أو واجب " ما اعتاده " المأمومون بأجمعهم من التكبير لتكبير إحرام إمامهم. ثم يعودون ينظمون الألفاظ ويكررونها لإحرام أنفسهم حتى يطول الفصل وتفوته فضيلة إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام وما أحسن تلك التكبيرة الزائدة لو كانت عقب إحرامهم وأدركوا بها الفضيلة أهـ بتصرف (1) (وقال) ابن الحاج: لا يجهر إمام ولا مأموم ولا فذّ بالنية، فإنه لم يرو أنّ النبى صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء ولا الصحابة رضوان الله عليهم، جهروا بها فكان بدعة (2) (وقال) ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر ولم يقل شيئا قبلها ولا تلفظ بالنية ألبتة، ولا قال أصلى لله صلاة وكذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماماً أو مأموماً أداء أو قضاء ولا فرض الوقت. وهذه عشر بدع. لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف ولا مُسنّد ولا مرسَل، لفظة واحدة منها ألبتة بل ولا عن أحد من أصحابه ولا استحسنه
(1) ص 309 ج 2 - بهجة المحافل (صلاة سلف الصالحين).
(2)
ص 103 ج 2 مدخل (دخوله فى الصلاة).
أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة وإنما غرّ بعضَ المتأخرين قولُ الشافعى رضى الله عنه فى الصلاة: إِنها ليست كالصيام ولا يدخل فيها إلا بذكر. فظنّ أن الذكر تلفظ المصلى بالنية. وإنما أراد الشافعى رحمه الله بالذكر تكبيرة الإحرام ليس إلا. وكيف يستحب الشافعى أمراً لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة واحدة ولا أحد من خلفائه وأصحابه. وهذا هديهم وسيرتهم. ولا هَدّىَ أكمل من هديهم. ولا سُنة إلا ما تلقوه عن صاحب الشرع صلى الله عليه وسلم (1).
(2)
التحريمة: هى ركن عند الجمهور. وشرط صحة فى غير جنازة للقادر عليها - وليست ركنا على الصحيح - عند الحنفيين " وإنما اشترط لها " ما اشترط للصلاة من الطهارة وستر العورة والاستقبال وغيرها " لا تصالها " بالقيام الذى هو ركن. وقد ثبتت فرضيتها بالكتاب والسنة وإجماع الأمّة.
قال الله تعالى: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} (2) أجمع العلماء على أنّ المراد به تكبيرة الإحرام، لأن الأمر للوجوب وغيرها ليس بواجب (وعن) على بن أبى طالب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" مِفْتاح الصلاة الطُّهورُ وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " أخرجه الشافعى وأحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وصححه والترمذى وقال: هذا أصح شئ فى هذا الباب وأحسن (3){178}
(1) ص 51 ج 1 - زاد المعاد (هديه صلى الله عليه وسلم فى الصلاة).
(2)
سورة المدثر: أية 3.
(3)
انظر رقم 139 ص 68 ج 1 - بدائع المنن (صفة الصلاة) وص 159 ج 3 - الفتح الربانى (افتتاح الصلاة) وص 211 ج 1 - المنهل العذب (فرض الوضوء) وص 5 ج 5 منه (تحريم الصلاة وتحليلها) وص 60 ج 1 - ابن ماجه (مفتاح الصلاة الطهور) وص 132 ج 1 - مستدرك وص 12 = ج 1 تحفة الأحوذى. والمعنى أن الطهور أوّل شئ يبتدأ به من أعمال الصلاة لكونه شرطا ن شروط صحتها (والطهور) بضم الطاء اسم الفعل وهو التطهر بالماء أو التراب. ويحتمل أن يكون بفتح الطاء اسما لما يتطهر به.
وبقوله (وتحريمها التكبير) استدل الجمهور على أن افتتاح الصلاة إنما يكون بالتكبير دون غيره من الأذكار (ويتعين) فيه لفظ الله أكبر عند مالك وأحمد واكثر السلف، لأن أل فى التبكير للعهد. والمعهود هو التكبير الذى نقلته الأمة خلفا عن سلف عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله فى كل صلاة ولم يقل غيره ولا مرة واحدة (ولحديث) رفاعة بن رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إنه لا تتمّ صلاة لأحد من الناس حتى يتَوضأَ فيَضعَ الوُضوءَ مواضعه ثم يكبرُ "(الحديث) أخرجه أبو داود (1){179}
(وقال) الشافعى: يتعين أحد اللفظين الله أكبر أو الله الأكبر، لأن المعرّف ف معنى المنكّر. فاللام لم تخرجه عن موضوعه. بل هى زيادة فى اللفظ غير مخلة بالمعنى (وقال) أبو يوسف: يتعين ألفاظ التكبير وهى الله الكبير، والله أكبر، والله الأكبر، والله كبير، والله الكُبَّّار كرمّان ويخفف لدخول ذلك كله تحت قوله: وتحريمها التكبير (وقال) النعمان ومحمد: يصح الشروع فى الصلاة بكل ذكر خالص دال على تعظيم الله تعالى لقوله: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (2)} المراد ذكر اسم الرب لافتتاح الصلاة لأنه عطف صَلىّ على ذكَرَ بالفاء الدال على التعقيب بلا فاصل. والذكر الذى تعقبه الصلاة بلا فاصل هو التحريمة. ولإطلاق الآية قالا: يصح الشروع بما ذكر. فلو شرع بغير التبكير، بأن قال الله أجل أو أعظم، أو الرحمن
(1) ص 303 ج 5 - المنهل العذب (صلاة م يقيم صلبه فى الركوع).
(2)
سورة الأعلى: أية 15.
أكبر أو تبارك الله أو سبّح او هلّل، صح مع الكراهة التحريمية، لحديث " وتحريمها التبكير" ونحوه. وهو حديث آحاد يفيد الوجوب. ولمواظبة النبى صلى الله عليه وسلم على الافتتاح بالله أبكر.
(وجملة القول) أنّ الثابت بالنص عندهم الافتتاح بذكر خالص يدل على التعظيم. ولفظ التكبير ثبت الدليل ظنى يفيد الوجوب. فيكره تحريما الافتتاح بغيره لن يحسنه. وخرج بالذكر الخالص غيره. فلا يصح الشروع فى الصلاة بنحو اللهم أغفر لى، لأنه مشوب بالدعاء، ولا بالتعوّذ والحوقلة، لنهما فى معنى الدعاء. ولا البسملة لأنهما للتبرك.
هذا. ويشترط لصحة التحريمة تسعة شروط: (1) أن تكون متصلة بالنية حقيقة أو حكما كما لو وجد فاصل غير أجنبى من الصلاة كالوضوء على ما تقدم بيانه فى النية (2) الإتيان بها قائما أو منحنيا قليلا فيما يلزم فيه القيام. فإن أتى بها منحنياً قليلا ل يضر، خلافاً للمالكية حث قالوا ببطلانها إذا أتى بها غيرُ المسبوق منحنياً ولو قليلا. أما المسبوق إذا ابتدأ التكبير من قيام حال الانحناء بلا فصل فصلاته صحيحة. ويعتد بالركعة على القول الراجح. وإن ابتدأ التكبير حال الانحناء صحت صلاته ولا يعتدّ بالراكعة.
وإن أتى بالتحريمة منحنياً وهو إلى الركوع أقرب، لا تصح صلاته خلافاً للحنبلية حيث قالوا تصح ما لم يكن راكعاً أو قاعدا. فإن أتى بها من قعود أو ابتدأها قائما وأتمها راكعا انعقدت نفلا واستأنف الفرض.
(3)
النطق بها بحيث يسمع نفسه إن أمكن (وقالت) المالكية: لا يشترط إسماع نفسه ولو لم يكن مانع كصمم وضوضاء. ولا يلزم الأخرس ولا الأمى تحريك اللسان بها. بل يكفيهما مجّرد النية عند المالكية والحنبلية وهو
الصحيح عند الحنفيين وكذا إن كان الخرس أصليا عند الشافعية. وإن كان طارئا فلا بد عندهم من تحريك لسانه وشفتيه بالتكبير
…
(4) أن تكون بجملة عربية صحيحة إن كان قادرا عليها عند الأئمة الثلاثة وهو المشهور عند الحنفيين. لكن قال العلامة ابن عابدين: ولو كبر بالفارسية أو بأى لسان - سواء أكان يسحن العربية أم لا - جاز بالاتفاق (1)(5) ألاّ يمدّ همزا فيها ولا باء أكبر. فإن فعل بطلت صلاته عند الجمهور وعند المالكية لا يضر مدّ الهمزة إلا إذا قصد الاستفهام، ولا مدّ باء أكبر إلا إذا قصد به جمع كَبَر بفتحتين. وهو الطبل له وجه واحد.
(6)
عدم حذف الهاء من لفظ الجلالة.
(7)
ألاّ يأتى لا بواو متحركة بين الكلمتين بأن يقول الله وأكبر، أما زيادة واو ساكنة ناشئة م إشباع الهاء فلا يضر خلافا للحنبلية (وقالت) الشافعية: يغتفر للعامى زيادة واو متحركة أو ساكنة ولو بلا عذر.
(8)
ألاّ يشرع فيها المأموم قبل فراغ إمامه منها عند الجمهور (لحديث) أبى هريرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إنما جّعِل الإمامُ لِيؤتمّ به. فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر "(الحديث) أخرجه أحمد وأبو داود (2){180}
(وقالت) المالكية: يشترط أن يبدأ التحريمة بعد بدء الإمام وألاّ يختمها قبله.
(9)
الموالاة فى النطق بين لفظى التحريمة عند من يرى تعين لفظ الله أكبر بحيث لا يفصل بين لفظى الله وأكبر بكلام طويل أو قصير أو سكوت طويل عرفا عند المالكية (وقالت) الشافعية: يضر
(1) ص 358 ج 1 - رد المحتار.
(2)
ص 197 ج 3 - الفتح الربانى (قراءة المأموم وإنصاته) وص 330 ج 4 المنهل العذب (الإمام يصلى من قعود).
الفصل بسكوت زائد على سكتة النفس والعىّ، وبكلام أجنبى أو بذكر ليس وطبقاً لله ولو قصيرا. أما الفصل بوصف للفظ الجلالة، فلا يضر إن لم يزد على كلمتين، كأن يقول: الله الرحمن الرحيم أبكر. ولا يضرك الفصل بأداة التعريف.
(فائدة) يسن للمأموم والمنفرد الاقتصار فى التكبير على ما يسمع نفسه فقط. ويسن للإمام رفع صوته به بقدر ما يسمع المأمومين. ويكره له الجهر أزيد من ذلك (ومن البدع) السيئة ما يفعله كثير ممن استحكم عليهم تلبيس إبليس من الجهر بالتكبير والتهويش على المصلين. فقد عدلوا فى ذلك عن المشروع وجانبوا المنقول عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وصاروا يرفعون أصواتهم بالتكبير ويردد أحدهم التحريمة ويلتوى حتى كأنه يحاول أمراً فادحا، أو يتسوغ أُجاجا مالحا. ويكرر التكبير حتى تفوته الفتحة بل الركعة بل الصلاة جملة. فيقع فى الخيبة والحرمان، ويبلغ الشيطان منه مراده ويؤذى من حوله بالجهر بالتكبير وترديده. ويظن أنه لا يسمع نفسه إلا بذلك فيتضاعف وزره. وقد بلغ الشيطان منهم أن أغواهم وأخرجهم عن سلوك طريق نبيهم صلى الله عليه وسلم. فصاروا من المتنطعين الغالين فى الدين الذين ضل سعيهم فى العقل أو جهل بالسنة. وفيه اقتدى الجاهلون بالمهملين (قال) عماد الدين يحيى العامرى: قلا السيد الجليل أحمد بن عطاء الرُّوذَبارى (1): كنت أستقصى فى أمر الطهارة حتى ضاق صدرى ليلة لكثرة
(1) الروذبارى، بضم الراء وفتح الذال المعجمة والباء الموحدة: نسبة إلى روذبار، مدينة بالشام.
ما صببن من الماء ولم يسكن قلبى. فقلت: يارب عفوَك عفوَك. فسمعت هاتفاً يقول: العفو فى العلم. فزال عنى ذلك. وَنَعَم لقد صدق " فلو تأمل " الموسوسون أحوال النبى صلى الله عليه وسلم وتعرفوها، وعلموا تيسيره وأنه لم ينقل عنه أنه تردّد فى التكبير ولا تلفظ بقول أصلى ولا غيره سوى التكبير " لرأوا " ما هم فيه من ضلال وخروج عن حدّ الاعتدال. وقد أوجب الله علينا اتباعه صلى الله عليه وسلم فى الأفعال والأقوال.
قال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (1)} وقال: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ (2)} وأخبر تعالى أن الشيطان واقف لما بالمرصاد، يمنع عن الطاعات، ويرغِّب فى المخالفات:{قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ. ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (3)} وقد أمرنا الله تعالى بالرجوع على الكتاب والسنة عند التنازع فقال: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (4)} وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاًّ مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (5)} وقال: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا (6)} فقد حتم الله على الخلق اتباعه
(1) سورة آل عمران: أية 31.
(2)
سورة الأنعام: أية 153.
(3)
سورة الأعراف: أية 16، 17.
(4)
سورة النساء: أية 59 وأولها: (يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول).
(5)
سورة النساء. أية 65
(6)
سورة الحشر: أية 7.
صلى الله عليه وسلم فى أحكام الشريعة وإن لم تكن على هوى الأنفس. ففى الحديث " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئتُ به " ذكره النووى فى كتاب الحجة بسند صحيح (1). {181}
(وقال) السيد الجنيد بن محمد البغدادى: الطرق كلها مسدودة إلا على من اقتفى أثر النبى صلى الله عليه وسلم. إذا علمت أيها الموسوس ما ذكر، ثبت عندك أن الصلاة النبى صلى الله عليه وسلم وصلاة أصحابه والسلف الصالح، كانت خالية عن مثل ما استحدثه جهلك أو سوء رأى من اقتديت به. فتخل عنه وتحل بهدى النبى صلى الله عليه وسلم فإنه ليس بعد الحق إلا الضلال. ولا خير فى صلاة اشتملت على بدعة أو ترك فيها سنة. قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (2)} هذا. وقد علمت أن هذه الوساوس من من تلبيس إبليس. وطريق دفعها أن يذكر الله تعالى ويتعوذ بالله من الشيطان ويتفل عن يساره ثلاثا (قال) عثمان بن أبى العاص رضى الله عنه: يا رسول الله إن الشيطان قد حال بينى وبين صلاتى وقراءتى يَلْبسها علّى. فقال صلى الله عليه وسلم: ذاك شيطان يقال له خَنْزَبُ فإذا أحسته فتعوذ بالله منه واتْفل عن يسارك ثلاثا، ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عنى " أخرجه أحمد ومسلم (3){182}
(1) وأخرجه الحاكم وغيره عن ابن عمرو. انظر رقم 46 ص 73 فتاوى أئمة المسلمين ..
(2)
سورة الأحزاب: أية 21 أهـ ملخصا من ص 311 - 315 ج 2 - بهجة المحافل.
(3)
ص 139 ج 4 - الفتح الربانى (وسوسة الشيطان للمصلى .. ) وص 189 ج 14 - نووى (التعوذ من شيطان الوسوسة فى الصلاة) و (يلبسها) بفتح فسكون فكسر: أى يخلطها علّى ويشككنى و (خنزب) بتثليث الخاء وسكون النون وفتح الزاى، لقب للشيطان. والخنزب فى الأصل قطعة لحم منتنة.
(وقال) أبو زُمَيل: قلت لابن عباس ما شئ أجده فى صدرى؟ قال: ما هو؟ قلت والله لا أتكلّم به. فقال لى أشئ من شك؟ إذا وجدت فى نفسك شيئاً فقل: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أخرجه أبو داود (1)(وقال) النووى: يستحب قول لا إله إلا الله لمن ابتلى بالوسوسة فى الوضوء والصلاة وأشباههما، فإن الشيطان إذا سمع الذكر خنَس. ويؤيده حيدث الحارث الأشعرى: أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إنّ الله أمرَ يحيى بنَ زكريا بخمس كلمات، أن يعمل بها ويأمر بنى إسرائيل أن يعملوا بها (الحديث) وفيه: وأمرَكم بذكر الله كثيرا. فإن مثَل ذلك كمثَل رجل طلبه العدوّ سِراعا فى أثره، فأتى حِصْناً حصينا فتحصن فيه. وإن العبدَ أحصنُ ما يكون من الشيطان إذا كان فى ذكر الله " أخرجه أحمد والنسائى والترمذى. وقال: حسن غريب صحيح (2){183}
ومما يدفع الوَسواس، قراءة المعوذتين. فإن لهما تأثيرا عجيبا فى دفع شر الشيطان والتحصن منه (قال) أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوّذ من الجانّ وعينِ الإنسان حتى نزلت المعوذتان. فأخذ بهما وترك ما سواهما " أخرجه الترمذى وحسنه (3){184}
ومما يدفع الوسواس. قراءةُ آية الكرسى. ففى حديث أبى هريرة: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آيةَ الكرسى. فإنه لن يزالَ عليك من الله حافظ ولا يقربُك شيطان حتى تُصبِحَ (الحديث) أخرجه البخارى مطولا (4){185}
(1) انظره تاما ص 309 ج 4 - سنن أبى داود (ردّ الوسوسة - أبواب النوم) و (أبو زميل) بالتصغير - سماك بن الوليد.
(2)
ص 130 ج 4 - مسند أحمد. وص 37 ج 4 - تحفة الأحوذى (مثل الصلاة والصيام والصدقة) ويأتى الحديث تاما بهامش ص 225 ج 3 - الدين الخالص (الالتفات فى الصلاة (إن شاء الله.
(3)
ص 165 ج 3 - تحفة الأحوذى (الرقية بالمعوّذتين).
(4)
ص 212 ج 6 = فتح البارى (صفة إبليس وجنوده -بدء الخلق) وسيأتى تاما إن شاء الله تعالى فى بحث (الدعاء والاستغفار بعد الصلاة).
(3)
القيام: هو ركن فى الفرض للقادر عليه إجماعا، لقوله تعالى:{وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (1)} أى مطيعين. والمراد القيام فى الصلاة بإجماع المفسرين (ولقول) عمِران بن حُصيْن رضى الله عنه: " كانت بى بَواسيرُ فسألتُ النبى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال: صل قائماً. فإن لم تستطع فقاعدا. فإن لم تستطع فعلى جَنْب " أخرجه البخارى والنسائى وزاد: فغن لم تستطع فمستلقيا " لا يكلف الله نفساً إلا وسعها (2) " وهو ركن أيضاً عند الحنفيين فى الواجب وما ألحق به كسنة الفجر للقادر عليه وعلى الركوع والسجود.
وحدّه أن يقف منتصباً بحيث لو مدّ يديه لا ينال ركبتيه. وهو فرض من التحريمة إلى الركوع عند الجمهور (وقالت) المالكية: هو فرض فى صلاة الفرض للتحريمة وقراءة الفاتحة والهوىّ للركوع. وسنة حال قراءة السورة. فلو استند حال قراءتها إلى ما لو أزيل لسقط، لا تبطل. لكنه إذا جلس وقت قراءتها بطلت صلاته، لإخلاله بهيئة الصلاة.
هذا. ومن قدر على القيام دون الركوع والسجود، لزمه القيام عند الجمهور (وقال) الحنفيون: يخير بين القيام والقعود وهو أفضل. ومن ضعُف عن القيام، لزمه القيام معتمدا على نحو عصا، عند الحنفيين وأحمد وجماعة من الشافعية (لحديث) أم قيس بنت فُحْصَنٍ أنّ النبى صلى الله عليه وسلم لما أسَنَ وحمَل اللحم اتخذ عمودا فى مُصلاّه يعتِمد عليه " أخرجه أبو داود.
(1) سورة البقرة عجز أية: 238 وأولها: حافظوا على الصلوات.
(2)
تقدم رقم 175 ص 125 (الصلاة فى السفينة).
وفى سنده عبد الرحمن بن صخر. قال فى التقريب مجهول (1){186}
ولا يلزمه القيام مستندا عند المالكية والقاضى حسين الشافعى بل يستحب. وإن كان الاعتماد لغير عذر، فالصلاة صحيحة مع الكراهة عند الحنفيين (وقالت) المالكية وجمهور الشافعية والحنبلية: تبطل الصلاة لو كان الاستناد إلى ما لو أزيل لسقط المصلِّى وهذا كله فى المكتوبة. وأما التطوّع فيجوز الاعتماد فيه بلا كراهة عند الجمهور. وحكى عن ابن سيرين كراهته. وهو قول للحنفيين.
(فائدة) اختص النبى صلى الله عليه وسلم بجواز صلاة الفرض قاعدا بلا عذر (2). وبأن تطوّعه قاعدا بلا عذر كتطوّعه قائما فى الأجر (لقول) ابن عمرو رضى الله عنهما: " حُدِّثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صلاةُ الرجل قاعدا نصفُ الصلاة فأتيتُه فوجدتُه يصلى جالسا فوضعتُ يدى على رأسه فقال: مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت: حُدّثت يا رسول الله أنك قلت: صلاة الرجل قاعدا نصف الصلاة وأنت تصلى قاعدا. قال أجَلْ ولكنى لست كأحد منكم " أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى (3){187}
(1) ص 53 ج 6 - المنهل العذب (الرجل يعتمد فى الصلاة على عصا).
(2)
ذكره المناوى فى شرح الخصائص.
(3)
ص 14 ج 6 - نووى (جواز النافلة قامئا وقاعدا) وص 56 ج 6 - المنهل العذب (صلاة القاعد) وص 245 ج 1 - مجتبى (فصل صلاة القائم على القاعد) (فوضعت يدى
…
) أى بعد فراغه صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال القارى: وإنما وضعها ليتوجه إليه، وكأنه كان هناك مانع من أن يحضر بين يديه. ومثل هذا لا يسمى خلاف الأدب عند العرب، لعدم تكلفهم وكمال تألفهم أهـ وفى رواية أبى داود: فوضعت يدى على رأسى. فعله تعجبا وليلتفت إليه و (أجل) كنعم وزنا ومعنى.
وهو محمول على صلاة النفل قاعدا مع القدرة على القيام. أما صلاة الفرض قاعدا مع القدرة على القيام، فلا تصح. ويكون آثما. وإن استحله كفر وجرى عليه أحكام المرتدين. وإذا صلى الفرض أو النفل قاعدا لعجزه عن القيام، فثوابه كثواب القائم (لحديث) أبى موسى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم " أخرجه البخارى (1){188}
(4)
القراءة: هى فرض على من قدر عليها بالعربية إماما ومنفردا اتفاقا، وفى أحكامها تفصيل عند الأئمة (قال) الحنفيون: هى فرض على غير أمىّ وأخرس ومأموم فى ركعتين غير معينتين من الفرض. وفى كل ركعات النفل والوتر. وفرضها عند النعمان آية لو قصيرة مركبة من كلمتين كآية " ثمَّ نظَرَ " أما المركبة من كلمة "كَمُدْهَاَّمتَان (2) " فالأصح أنها لا تكفى (وقال) أبو يوسف ومحمد: فرضها ثلاث آيات قصار أو آية طويلة تعِدلها. والمفروض عندهم مطلق القراءة لا قراءة الفاتحة بخصوصها، لقوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ القُرْآن (3)} (ولحديث) أبى هريرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاةَ إلا بقراءة " أخرجه أبو الحسن رزين بن معاوية (4){189}
(ولحديث) أبى هريرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال للمسئ صلاته:
(1) ص 83 ج 6 - فتح البارى (يكتب للمسافر ما كان يعمل فى الإقامة - الجهاد).
(2)
تثنية مدهامّة، من الداهمة وهى السواد، أى خضراوان تضربان إلى السواد لكثرة بساتينهما.
(3)
المراد القراءة فى الصلاة، لأنها المكلف بها.
(4)
ص 144 ج 2 - تيسير الوصول (القراءة) ذكره رواية فى حديث أبى هريرة
" إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن (1) (وقالت) الحنبلية: تفترض القراءة على غير مأموم فى كل ركعات الفرض والنفل. وهو الصحيح عند المالكية (لقول) جابر رضى الله عنه: " من صلّى ركعةً لم يقرأْ فيها بأمّ القرآن فلم يُصلِّ إلا أن يكون وراءَ الإمام " أخرجه الترمذى وقال حسن صحيح (2) قال أحمد: فهذا صحابى تأوّل قول النبى صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب أنّ هذا إذا كان وحده. واختار أحمد مع هذا القراءة خلف الإمام (3) (وقالت) الشافعية: تفترض القراءة على كل مصلى فى كل ركعة، لقوله صلى الله عليه وسلم للمسئ صلاته-من حديث أبى هريرة -: " ثم أفعل ذلك فى صلاتك كلها (4)" وفى رواية لأحمد والبيهقى " ثم أفعل ذلك فى كل ركعة " (وعن) مالك بن الحُويرث أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قلا: " صلوا كما رأيتمونى أصلى " أخرجه البخارى (5){190}
وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ الفاتحة فى كل ركعة (قال) أبو قتادة رضى الله عنه: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعتين الأولَييْنِ من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورةٍ ويُسمِعُنا الآية أحيانا، ويقرأ فى الركعتين الآُخْرَيْين بفاتحة الكتاب " أخرجه مسلم (6){191}
هذا. وتتعين الفتحة للقادر عليها عند مالك والشافعى وأحمد والجمهور لحديث عُبادةَ بن الصامت أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاة لمن لم يقرأ
(1) تقدم رقم 159 ص 111 (استقبال القبلة).
(2)
ص 261 ج 1 - تحفة الأحوذى (ترك القراءة خلف الإمام إذا جهر بالقراءة).
(3)
ص 257 منه.
(4)
تقدم رقم 159 ص 111.
(5)
هذا بعض حديث ص 76 ج 2 - فتح البارى (الأذان للمسافرين).
(6)
ص 172 ج 4 - نووى (القراءة فى الظهر والعصر).
بفاتحة الكتاب " أخرجه أحمد والشيخان والنسائى (1){192}
وجه الدلالة أنّ النفى فى قوله: لا صلاة، متوجه إلى ذات الصلاة، لأنّ المراد الصلاة الشرعية. وهى تنتفى بفقد جزء منها كما تنتفى بإنتفاء الكل. ويحتمل توجه النفى إلى صحة الصلاة أو إجرائها - لا إلى كمالها - لأنّ نفيتهما أقرب إلى نفى الحقيقة، ولأنّ نفيهما يستوجب نفى الكمال من غير عكس، (ولحديث) عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قلا:" لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها بفاتحة الكتاب " أخرجه الدار قطنى وقال إسناده صحيح (2){193}
(وأجابوا) عن أدلة الحنفيين بأنها مجملة بينتها الأحاديث المفصلة.
(وقال) الحنفيون: قراءة الفاتحة واجبة، لأن هذه الأحاديث منها ما هو قطعى الثبوت ظنى الدلالة كحديث عبادة بن الصامت الأوّل. والباقى ظنى الثبوت فتفيد الوجوب لا الفرضية.
ويشترط فى القراءة أن تكون صحيحة شرعا مسموعة للقارئ حيث لا مانع عند الجمهور. ويكفى عند المالكية أن يحرّك بها لسانه. والأولى أن يُسمع بها نفسه مراعاة للخلاف. هذا. ومن عجز عن القراءة كأمىّ وأخرسَ، لا تكون ركنا فى حقه اتفاقا، واختلفوا فيما يطلب منه (قال) الحنفيون: يقف ساكنا ولا يجب عليه الذكر بل يندب. وعلى الأمىّ أن يجتهد فى تعلم القراءة (وقالت) المالكية: يلزمه الاقتداء بمن يحسن القراءة إن أمكنه.
(1) ص 193 ج 3 - الفتج الربانى. وص 163 ج 2 - فتح البارى (وجوب القراءة للإمام والمأموم). وص 100 ج 4 - نووى. وص 145 ج 1 - مجتبى (إيجاب قراءة الفاتحة فى الصلاة).
(2)
ص 122 الدار قطنى.
وإلا سقطت القراءة عنه. فيكون فرضه الذكر عند محمد بن سحنون. ومعتمد المذهب أنه لا يجب عليه تسبيح ولا تحميد. بل يندب له أن يفصل بين التحريمة والركوع بذكر الله تعالى (وقالت) الحنبلية: من عجز عن الفاتحة، لزمه قراءة قدرها فى عدد الحروف والآيات من غيرها. فإن لم يسحن إلا آية من الفاتحة أو من غيرها، كرّرها بقدرها. وإن كان يحسن شيئاً آيه منها وآية من غيرها، كرّر آيتها بقدرها دون الأخرى. فإن لم سحن شيئاً من القرآن، لزمه أن يقول: سبحان لله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، لما فى حديث رِفاعةَ بن رافع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمسئ صلاته:" فإن كان معك قرآن فاقرأ. وإلا فاحْمدَ الله وكبّره وهلّله ثم أرجع " أخرجه أبو داود (1){194}
(وقال) عبد الله بن أبى أوفى: " جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن لا أستطيعُ أن آخُذَ من القرآن شيئاً فعلِّى ما يجزئنى منه. فقال قل: سبحانَ اللهِ والحمدُ للهِ ولا إله إلا اللهُ والله أكبرُ ولا حولَ ولا قوّةَ غلا بالله. قال يا رسول الله هذا لله فما لى؟ قال قل: اللهم ارحمنى وارزقنى وعافِنى واهِدنى. فلما قام، قال هكذا بيده. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمّا هذا فقد ملأ يَده من الخير: أخرجه النسائى وأبو داود والدار قطنى والحاكم (2){195}
(1) ص 306 ج 5 - المنهل العذب (صلاة من لا يقيم صلبه فى الركوع والسجود).
(2)
ص 146 ج 1 - مجتبى (ما يجزئ مم القراءة لمن لا يحسن القرآن) وص 265 ج 5 المنهل العذب (ما يجزئ الأمى والأعجمى من القراءة) وص 118 الدار قطنى (فقال) أى أشار (بيده) ضاما لبيان أنه حفظ ما سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم. ويؤيده قوله: عند الدار قطنى - بعد ولا حول ولا وقة إلا بالله - قال: فضم عليها بيده وقال: هذا لربى: فما لى؟ قال ل: اللهم اغفر لى وارحمنى واهدنى وارزقنى وعافنى. فضم بيده الأخرى وقام.
فإن لم يُحْسنْ إلا بعض هذا الذكر كرّره بقدره فى الحروف والجمل. فإن لم يحسن شيئاً من الذكر وقف بقدر الفاتحة كالأخرس. زلا يلزمه الاقتداء بالقارئ بل يستحب خروجا من خلاف من أوجبه.
وكذا قالت الشافعية إلا أنهم اختلفوا فى الذكر. فقال بعضهم: يجب ان يقول: سبحان الله والحمد لله الخ ما فى الحديث. ولا يزيد عليه. والصحيح أنه لا يتعين شئ من الذكر. بل يِجزئه التهليل والتسبيح والتكبير وغيرها. ويجب سبعة أنواع من الذكر. ويشترط ألاّ ينقص ما أتى به عن حروف الفاتحة. هذا (واختلف) فيمن عجز عن القراءة بالعربية فى الصلاة، هل يقرأ بغير العربية؟ (قال) الجمهور: لا تجوز القراءة بغير العربية ولو فى غير الصلاة. وإن قرأ فيها بطلت، لأن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام، لم يقرءوا القرآن بغير العربية ولو خارج الصلاة. وغير العربىّ لا يكون قرآنا. وقد قال تعالى:{قُرْآناً عَرَبِياًّ غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (1)} وقال تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ (2)} (وقال) النعمان: تجوز القراءة بغير العربية حتى لمن يُحسنها، لقول الله تعالى:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْآنُ لأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ (3)} قال: ولا يُنْذّركم قوم إلا بلسانهم (وأجيب) بأن الإنذار يحصل بنقل معناه. ولا يتوقف على قراءته بغير لفظة المنزل (قال) النووى: مذهبنا أنه لا يجوز قراءة القرآن بغير لسان العرب، سواء أمكنه العربية
(1) سورة الشعراء: أية 193 - 195.
(2)
سورة الأنعام من أية: 19 وأولها: (قل أى شئ أكبر شهادة) أى لأنذركم بهذا القرآن ومن سيبلغه من بعدى فكأنى أنذرته وبلغته.
(3)
سورة الأنعام من أية: 19 وأولها: : (قل أى شئ أكبر شهادة) أى لأنذركم بهذا القرآن ومن سيبلغه من بعدى فكأنى أنذرته وبلغته.
أم عجز عنها، وسواء أكان فى الصلاة أم فى غيرها. فإن أتى بترجمته فى صلاة لم تصح صلاته وغن لم يسحن القراءة.
وبه قال الجمهور منهم مالك وأحمد وداود (1)(ثم قال)" وإذا علم " أنّ الترجمة ليست قرآنا، وقد ثبت أنه لا تصح صلاة إلا بقرآن " حصل " أنّ الصلاة لا تصح بالترجمة. والصلاة مبناها على التعبد والاتباع لا على الرأى والاختراع " وإذا نظرنا " فى أصل الصلاة أعدادها واختصاصها بأوقاتها وما اشتملت عليه من عدد ركعاتها وإعادة ركوعها فى كل ركعة وتكرر سجودها إلى غير ذلك من أفعالها، وأن مدارها على الاتباع ولم يفارقها جملة وتفصيلا " لوجدنا هذا " يسدّ باب القياس. حتى لو قال قائل: مقصود الصلاة الخضوع فيقوم السجود مقام الركوع، لم يقبل ذلك منه وإن كان السجود أبلغ فى الخضوع. ثم عجبت من قولهم: إن الترجمة لا يكون لها حكم القرآن فى تحريمها على الجنب، ويقولون لها حكمه فى صحة الصلاة التى مبناها على التعبد والاتباع، وهذا بخلاف تكبيرة الإحرام التى قلنا يأتى بها العاجز عن العربية بلسانه، لأن مقصودها المعنى مع اللفظ. وهذا بخلافه أهـ بتصرف (2).
(5)
الركوع: هو لغة مطلق الانحناء والميل. وشرعا الانحناء بالظهر والرأس جميعاً فى الصلاة. وهو فرض فى كل صلاة - غير الجنازة - للقادر عليه بالكتاب والسنة وإجماع الأمة. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا (3)} أى فى الصلاة (وعن) أبى هريرة فى حديث المسئ صلاتَه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ثم اركع حتى تطمئن راكعاً،
(1) ص 379 ج 3 - شرح المهذب.
(2)
ص 381 منه.
(3)
سورة الحج: أية 77.
أخرجه السبعة (1)(وأقله) بالنسبة للقائم - عند الحنفيين والشافعى وأحمد والجمهور - انحناؤه بالرأس بحيث لومدّ يديه لمس ركبتيه إذا كان معتدل الخلقة لا طويل اليدين ولا قصيرهما. وبالنسبة لغير الوسط الانحناء بحيث يمكنه مس ركبتيه بيديه لو كان وسطا (وقالت) المالكية: أقله أن ينحنى حتى تقرُب راحتاه من ركبتيه إن كان متوسط اليدين، بحيث لو وضعهما لكاننا على رأس الفخذين مما يلى الركبتين (وأكمله) عند الكل: يكون بتسوية الرأس والعجز والاعتماد بيديه على ركبتيه وتفريج أصابعه وبسط ظهره (لقول) أى حُميد الساعدى رضى الله عنه: " كان النبىّ صلى الله عليه وسلم إذا ركع اعتدل ولم يُصَوّبْ رأسه ولم يُقْنِعْه ووضَع يديه على ركبتيه " أخرجه النسائى (2){196}
" وأقله " بالنسبة للقاعد - عند الحنفيين - يحصل بطأطأة الرأس مع انحناء الظهر. وأكمله أن تحاذى جبهتُه قدّام ركبتيه (وعند) الشافعية وأحمد: أقله للقاعد مقابلة وجهه ما أمام ركبتيه. وأكمله عند الشافعية أن تحاذى جبهته موضع سجوده بحيث تكون قريباً منه. وعند أحمد أن تتم مقابلة وجهه لما قدّامَ ركبتيه.
(6)
السجود: هو فرض بالكتاب والسنة وإجماع الأمّة. وتكريره
(1) ص 155 ج 3 - الفتح الربانى. وص 141 ج 1 - مجتبى (فرض التكبيرة الأولى) وص 249 ج 1 - تحفة الأحوذى (وصف الصلاة) وتقدم باقى المراجع رقم 159 ص 111 (استقبال القبلة).
(2)
ص 159 ج 1 - مجتبى (الاعتدال فى الركوع) و (لم يصوّب رأسه .. ) أى لا يميل بها إلى أسفل، ولا يرفعها أعلى من ظهره. فالتصويب انخفاض الرأس إلى أسفل (ويقنع) من أقنع إذا رفع رأسه حتى تكون أعلى من ظهره.
فى كل ركعة فرض بالسنة والإجماع. قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} (وعن) أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال للمسئ صلاتّه: ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا. ثم ارفع حتى تطمئن جالسا. ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا (الحديث) أخرجه أحمد والخمسة (1).
وهو لغة الخضوع. ويتحقق عند النعمان وابن القاسم المالكى بوضع الجبهة أو الأنف على الأرض أو على متصل بها بشرط أن يكون ثابتاً لا يلين بالضغط كالحصير والبساط، بخلاف القطن الندوف والتبن والأرز ونحوها مما لا تستقرّ الجبهه عليه. فإنه لا يصح السجود عليه. وتمامه يكون بالإيتان بالواجب فيه. وهو وضع جميع الكفين والركبتين والقدمين والجبهة والأنف فى مكان السجود. فإن اقتصر على أحدهما بلا عذر صح السجود مع الكراهة. ولو لعذر فلا كراهة (لحديث) العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إذا سجدا العبدُ سجد معه سبعةُ آرابٍ: وجهُه وكفاه وركبتاه وقدماه " أخرجه أحمد ومسلم والأربعة (2){197}
وهو خير بمعنى الأمر. أى فليسجد معه سبعة أعضاء. والمراد بالوجه الجبهة والأنف، لحديث ابن عباس رضى الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أّمِرْتُ أن أسجدَ على سبْع ولا أكْفِتَ الشعْرَ ولا الثياب
(1) انظر المراجع ص 111 و 147.
(2)
ص 285 ج 3 - الفتح الربانى (أعضاء السجود .. ) وص 207 ج 4 - نووى. وص 343 ج 5 - المنهل العذب وص 165 ج 1 مجتبى. وص 232 ج 1 - تحفة الأحوذى (السجود عل سبعة أعضاء) وص 149 ج 1 - ابن ماجه (السجود) و (آراب) بالمدّ جمع أرب بكسر فسكون، العضو:
الجبهِة والأنفِ واليدين (الحديث) أخرجه مسلم (1){198}
(وقال) أبو يوسف ومحمد: يتحقق السجود بوضع الجبهة. ويجب عليها وعلى الأنف. فلو اقتصر فى سجوده عليها بلا عذر صح مع الكراهة. وإن اقتصر على الأنف بلا عذر بالجهة لا يصح لما تقدم، ولأنه لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم الاقتصار على الأنف، ولإجماع الصحابة على أنه لا يجزئ السجود على الأنف فقط. نقله ابن المنذر. (ويشترط) لصحة السجود عند الحنفيين عدم ارتفاع مكان الجبهة عن موضع القدمين بأكثر م نصف ذراع إلا لعذر كالزحام. (وقالت) المالكية: فرض السجود يتحقق بوضع جزء من الجهة. ويندب السجود على أنفه. ويعيد الصلاة من تركه فى الوقت مراعاة للقول بوجوبه. فلو سجد على أنفه دون جبهته لم يكف. وإن عجز عن السجود على الجبهة ففرضه الإيماء له. ويسنّ السجود على اليدين والركبتين وأطراف أصابع القدمين (ويندب) إلصاق جميع الجبهة بالأضر وتمكينها (ويشترط) عندهم ألاّ يكون موضع السجود مرتفعاً عن الأرض ارتفاعا كثيراً ككرسىّ متصل بها. فإن سجد عليه بطلت صلاته عل المعتمد. أما السجود على أرض مرتفعة فمكروه فقط.
(وقالت) اشافعية: فرض السجود يتحقق بوضع كل عضو من الأعضاء السبعة، ويندب السجود على الأنف لقول جابر بن عبد الله: رأيتُ النبى صلى الله عليه وسلم يسجد فى أعلى جبهته على قُصاص الشعْر. أخرجه الدار قطنى وقا ل: تفرد به بعد العزيز بن عُبيد الله عن وهب، وليس بالقوى (2){199}
وجه الدلالة أن من سجد على أعلى الجبهة لا يسجد على الأنف.
(1) ص 207 ج 4 - نووى.
(2)
ص 133 - الدار قطنى. و (قصاص الشعر) بتثليث القاف منتهى منبته فوق الجبهة.
(ويشترط) عندهم: كون السجود على بطون الكفين والركبتين وبطون أصابع القدمين. ورفع العجيزة على الرأس والكتفين حال السجود. فلو رفع رأسه على عجيزته بطلت صلاته. وكذا إن تساويا على الأصح إلا لعذر كالحبَل. فلا يلزم الحبلى رفع عجيزتها إذا خافت الضرر. (وقال) أحمد والأوزاعى وإسحاق وابن حبيب المالكى. يفترض السجود على اليدين والركبتين والقدمين والجبهة والأنف. فلو سجد على أحدهما لم يجزه، لحديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلى لا يصيبُ أنفُه الأرضَ فقال: لا صلاةَ لمن لا يصيبُ انفُه الأرضَ. أخرجه ابن أبى شيبة، وكذا الدار قطنى بلفظ: لا صلاةَ لمن لا يصيبُ أنفُه م الأرض ما يصيبُ الجبينُ وقال: الصواب أنه مرسل عن عكرمة ورواته ثقات (1){200}
هذا. والراجح القول بوجوب السجود على كل من الجبهة والأنف (وعند) الحنبلية يشترط لصحة السجود ألاّ يكون موضع الجبهة مرتفعاً عن موضع القدمين ارتفاعا يخرج المصلى عن هيئة الصلاة.
هذا. وظاهر الأدلة أنه لا يجب كشف شئ من أعضاء السجود، لأنّ مسماه يحصل بوضعها دون كشفها. وهو متفق عليه فى الركبتين والقدمين وأما اليدان فقال الجمهور لا يجب كشفهما، لقول عبد الله بن عبد الرحمن: جاءنا النبىُّ صلى الله عليه وسلم وصّى بنا فى مسجد بنى عبِد الأشْهِل، فرأيتُه واضعاً يدَيه فى ثوبه إذا سجد. أخرجه أحمد وابن ماجه (2){201}
وعن الشافعى قول بوجوب كشفهما
(1) ص 133 - الدار قطنى.
(2)
ص 288 ج 3 - الفتح الربانى (سجود المصلى على ثوبه لحاجة) وص 166 ج 1 - ابن ماجه (السجود على الثياب فى الحر والبرد)
(وقالت) الحنبلية: يكره سترهما وأما الجبهة فقد قال بوجوب كشفها داود والشافعية وأحمد فى رواية. فلا يجوز السجود على كور العمامة، لحديث صالح بن خَيوانَ السَّبائى أنّ النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسجدُ إلى جنبه وقد اعْتمّ على جبهته فحسَر عن جبهته. أخرجه البيهقى وأبو داود فى المراسيل. وصالح لا يحتج به (1){202}
(وقال) مالك الحنفيون والأوزاعى وإسحاق والجمهور: لا يجب كشف الجبهة وهو رواية عن أحمد لكن يكره سترها. واستدلوا على عدم وجوب كشفها بحديث ابن عباس رضى الله عنهما أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يسجد على كَور عمامته. أخرجه أبو نُعَيم فى الحلية. ورواه الطبرانى عن ابن أبى أوفى. وابن عدىّ عن جابر. لكن كان طرقه ضعيفة. بل قال أبو حاتم: هو حديث باطل (2){203}
(وقال) البيهقى: وأما ماروى عن النبى صلى الله عليه وسلم من السجود على كور العمامة فلا يثبت شئ من ذلك (3). وعلى تقدير ثبوته يحمل على حالة العذر. وما تقدم يحمل على غير العذر.
هذا. ويشترط فى السجود ألا يضع جبهته على كفه. فإن وضعها عليه بطلت صلاته، خلافا للحنفيين حيث قالوا بكراهته فقط.
(فائدة) يجوز لعذر - عند الحنفيين ومالك وأحمد - سجود المصلى على ثوبه المتصل به وغيره، وعلى كور العمامة لعذر بلا كراهة. ويكره عند عدمه (قال) انس بن مالك: " كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم فى شدة الحر
(1) ص 105 ج 2 - بيهقى (الكشف عن الجبهة فى السجود).
(2)
ص 384 ج 1 - نصب الراية.
(3)
ص 106 ج 2. بيهقى (من بسط ثوبا فسجد عليه).
فإذا لم يستطع أحدنُا أن يُمكِّنَ وجهه من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه"أخرجه أحمد والأربعة (1){204}
(وقال) الحسن البصرى: " كان أصحابُ النبى صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم فى ثيابهم. ويسجدُ الرجلُ على عمامته " أخرجه البيهقى (2).
(وعن) ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى ثوبٍ واحد متوشحاً به يتقى بفُضوله حرّ الأرض وبردَها. أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبرانى فى الأوسط والكبير بسند: رجاله رجال الصحيح (3){205}
ففى هذه الأحاديث دلالة على أن الأفضل السجود على الأرض، وأنه يجوز على الثياب ونحوها سيما عند الضرورة. وبه قال الجمهور (وقالت) الشافعية: لا يجوز للمصلى السجود على طرف ثوبه المتحرك بحركته، ولا على كور عمامته، ولا على متصل بالجبهة. فإن سجد عليه عامداً عالما بالتحريم بطلت صلاته (لقول) خَبّاب:"شكَوْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرّ الرمْضاءِ فى جِباهِنا وأكُفِّنا فلم يُشْكِنا"أخرجه البيهقى (4){206}
(وقال) عياض بن عبد الله: " رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يسجد على كور عمامته فأومأ بيده ارفع عمامتَك وأومأ إلى جبهته " أخرجه ابن أبى شيبة والبيهقى (5){207}
(1) ص 288 ج 3 - الفتح الربانى (سجود المصلى على ثوبه
…
) وص 49 ج 5 - المنهل العذب. وص 167 ج 1 - مجتبى. وص 166 ج 1 - ابن ماجه.
(2)
ص 106 ج 2 بيهقى.
(3)
ص 287 ج 3 - الفتح الربانى.
(4)
ص 105 ج 2 - بيهقى (الكشف عن الجبهة فى السجود)(فلم يكشنا) بضم فسكون فكسر، أى لم يجبنا إلى ما طلبناه ولم يزل شكوانا. يقال أشكيت الرجل إذا أزلت شكايته (وكور العمامة) بفتح فسكون دورها:
(5)
ص 105 ج 2 - بيهقى (الكشف عن الجبهة فى السجود)(فلم يكشنا) بضم فسكون فكسر، أى لم يجبنا إلى ما طلبناه ولم يزل شكوانا. يقال أشكيت الرجل إذا أزلت شكايته (وكور العمامة) بفتح فسكون دورها:
(وأما) إن سجد عليه ساهيا أو جاهلا فيلزمه إعادة تلك السجدة ولا تبطل الصلاة (وأجاب) الجمهور عن حديث خباب بأنه ليس نصا فى منع السجود على الحائل المتصل إذا يجوز أن يكون المراد فى قوله، فلم يُشْكِنا، أن ذلك كان لأجل تأخير الصلاة حتى يذهب حرّ الشمس، لا لأجل السجود على الحائل إذ لو كان كذلك، لأذن لهم بالسجود على الحائل المنفصل، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى على الخُمرة (1) وعلى الفَرُوة المدبوغة.
(وقال) المغيرة بن شعبة: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى على الحصيرة والفروة المدبوغة " أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى (2){208}
وقد ورد فى هذا عدة أحاديث (وحديث عياض) بن عبد الله لم يثبت مرفوعاً، وعلى فرض ثبوته فيحمل على عدم العذر من حرّ أو برد. وتحمل الأحاديث الدالة على جواز السجود على الحائل المتصل على العذر. والراجح القول الأول لقوة أدلته.
(7 - 11) الرفع من الركوع، والاعتدال، والرفع من السجود، والجلوس بين السجدتين، والطمأنينة فى الأركان.
هذه الخمسة قال بفرضيتها مالك وأبو يوسف والشافعى وأحمد والجمهور.
(أما) الرفع من الركوع، فيتحقق عند المالكية بالخروج عن حالة الركوع (والاعتدال) ركن مستقل للفصل بين الأركان. فيجب حال التحريمة وبعد الركوع وبعد السجود وحال السلام (والطمأنينة) ركن مستقل
(1) الخمرة، كغرفة، الحصيرة الصغيرة.
(2)
ص 111 ج 3 - الفتح الربانى (الصلاة على الحصير .. ). وص 48 ج 5 - المنهل العذب. وص 420 ج 2 - بيهقى (الصلاة فى الجلد المدبوغ).
أيضاً فى جميع أركان الصلاة. وتحصل باستقرار الأعضاء زمنا مّا زيادة على ما يحصل به الفرض من الاعتدال والانحناء. (وعند) الشافعية يتحقق الرفع بالعود إلى الحالة التى كان عليها قبل أن يركع من قيام أو قعود مع طمأنينة فاصلة بين رفعه من الركوع ونزوله للسجود. وهذا هو الاعتدال عندهم.
(وأما) الرفع من السجود الأول، فهو عندهم الجلوس بين السجدتين. ويتحقق بالجلوس مستويا مع طمأنينة بحيث يستقر كل عضو فى موضعه. فلو لم يستو لم تصح صلاته وإن كان إلى الجلوس أقرب. ويشترط عندهم ألاّ يقصد بالرفع من الركوع أو السجود غيره. فلو رفع من أحدهما لِفَزَعِ أو نحوه، وجب عليه أن يعود إلى الحالة التى كان عليها من ركوع أو سجود ثم يعيد الاعتدال، وإلا بطلت صلاته. (ويتحقق) الرفع من الركوع عند الحنبلية بمفارقة القدر المجزئ فى الركوع بحيث لا تصل يداه إلى ركبتيه (والاعتدال) بعده يتحقق بالاستواء قائما بحيث يرجع كل عضو إلى موضعه (والرفع) من السجود يتحقق بمفارقة جبهته الأرض (والاعتدال) فيه يتحقق بالجلوس مستويا بحيث يرجع كل عضو إلى موضعه. ودليل فرضية ما ذكر قوله صلى الله عليه وسلم للمسئ صلاته: ثم أركع حتى تطمئن راكعا. ثم أرفع حتى تعتدل قائما. ثم أسجد حتى تطمئن ساجدا. ثم أرفع حتى تطمئن جالسا. ثم أسجد حتى تطمئن ساجدا ثم أفعل ذلك فى صلاتك كلها (1)(وحديث) أبى مسعود البدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا تجزئ صلاة يقيم الرجل فيها صلبه فى الركوع والسجود " أخرجه الأربعة والبيهقى وقال إسناده صحيح وقال الترمذى حسن صحيح. وفى رواية أبى داود
(1) انظر المراجع هامش ص 111 (استقبال القبلة) وص 147 (الركوع).
ولا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيمَ ظهره فى الركوع والسجود (1){209}
(وحديث) رفاعة بن رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال للمسئ صلاته: " إذا أردتَ أن تصلىَ فتوضأ فأحسن وضوءَك ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ ثم أركع حتى تطمئن راكعا ثم أرفع حتى تطمئن قائما ثم أسجد حتى تطمئن ساجدا ثم أرفع حتى تطمئن جالسا ثم أسجد حتى تطمئن ساجدا ثم قم فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد أتممتها وما انتقصت من هذا من شئ فإنما انتقصته من صلاتك " أخرجه أحمد وهذا لفظه وأبو داود والترمذى وحسنه (2){210}
(وعن) أبى عبد الله الأشعرى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا لا يتم ركوعَه وينقُر فى سجوده وهو يصلى. فقال: " لو ماتَ هذا على حاله هذه، مات على غير ملة محمد صلى الله عليه وسلم "(الحديث) أخرجه الطبرانى فى الكبير وأبو يعلى بسند حسن وابن خزيمة فى صحيحه (3){211}
(وقال) زيد بن وهب: " رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود فقال: ما صليت، ولو مُتَّ مُتَّ على غير الفِطْرة التى فطَر اللهُ عليها محمداً صلى الله عليه وسلم " أخرجه أحمد والبخارى وهذا لفظه (4).
(1) ص 158 ج 1 - مجتبى (إقامة الصلب فى الكوع) وص 298 ج 5 - المنهل العذب (صلاة من لا يقيم صلبهن فى الركوع) وص 226 ج 1 - تحفة الأحوذى. وص 88 ج 2 - بيهقى (الطمأنينة فى الركوع) و (صلبه) أى ظهره كما فى رواية أبى داود.
(2)
ص 156 ج 3 - الفتح الربانى (حديث المسئ فى صلاته) وص 303 ج 5 - المنهل العذب (صلاة من لا يقيم صلبه فى الركوع) وص 247 ج 1 - تحفة الأحوذى (وصف الصلاة).
(3)
ص 121 ج 2 - مجمع الزوائد (من لا يتم صلاته).
(4)
ص 260 ج 3 - افتح الربانى. ص 186 ج 2 - فتح البارى (إذا لم يتم الركوع) و (الفطرة) بكسر فسكون، الملة والدين.
والأحاديث والآثار فى ذلك كثيرة. وفيها الوعيد الشديد لمن لا يتم ركوعه وسجوده وفيها عظات وعبر لمن ألقى السمع وهو شهيد. فليتنبه الغافل وليعتبر المضلل فهى تدل على وجوب الطمأنينة فى الركوع والسجود والرفع منهما، وعلى أنّ الإخلال بشئٍ منها يبطل الصلاة (وقال) النعمان ومحمد: الرفع من الركوع والاعتدال والجلوس بين السجدتين والطمأنينة فيها وفى الأركان، من واجبات الصلاة لا من فرائضها (والواجب) فى الرفع من الركوع القدر الذى يتحقق به معنى الرفع، وما زاد عليه إلى أن يستوى قائما هو الاعتدال (أما) الرفع من السجود بحيث يكون إلى القعود أقرب فهو فرض. وما زاد على ذلك إلى أن يستوى جالسا، فهو واجب بمقتضى الدليل وقيل إنه سنة (والطمأنينة) تسكين الجوارح حتى تطمئن المفاصل ويستقرّ كل عضو فى مقتره، وأدناها قدر تسبيحة. ودليل وجوب ما ذكر، قول النبى صلى الله عليه وسلم للمسئ صلاته:" فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك وما انتقصت من هذا شيئا فإنما انتقصته من صلاتك " أخرجه السبعة من حديث أبى هريرة (1)(وجه) الاستدلال أنه صلى الله عليه وسلم وصفَها بالنقص والباطلة إنما توصف بالانعدام، وأيضا قد سماها صلاة. والباطلة ليست صلاة. يدل على هذا ما فى حديث رفاعة بن رافع من قوله: وكان هذا أهونَ عليهم من الأوّل، أنه من انتقص من ذلك شيئا انتقص من صلاته ولم تذَهب كلُّها. أخرجه الترمذى (2)(وإنما أمر) صلى الله عليه وسلم المسئ بإعاة الصلاة، ليوقعها على غير
(1) انظر المراجع بهامش ص 111، 147.
(2)
ص 248 ج 1 - تحفة الأحوذى (وصف الصلاة).
كراهة لا الفساد " ويحمل " قوله صلى الله عليه وسلم له: فإنك لم تصل على " الصلاة " الخالية من الإثم، ويصح حمل قول أبى يوسف بفرضية ما ذكر على الفرض العملى. وهو الواجب.
فيرتفع الخلاف بين الحنفيين (وقال) الجمهور: المراد بالصلاة فى قوله: فإنما انتقصته من صلاتك، الصلاة المطلوب تأديتها، لا الصلاة التى تلبس بها وترك شيئا من أركانها " فإن ظاهر " قو النبى صلى الله عليه وسلم للمسئ صلاته: فإنك لم تصل " فساد " تلك الصلاة. فإنّ النفى أصل لنفى الحقيقة، ولا مقتضى للعدول عنه. فالراجح ما ذهب إليه الجمهور.
(فائدة) ذكر كثير من الشافعية أنّ كلا من الاعتدال والجلوس بين السجدتين، ركن قصير تفسد الصلاة بإطالته. ولا دليل على ذلك بل يردّه الثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام من إطالتهما كباقى أركان الصلاة (قال) أنس رضى الله عنه: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائما حتى يقولَ الناسُ قد نَسِىَ. وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول الناسُ قد نَسِى. أخرجه أحمد والشيخان (1){212}
ولذا صحح النووى فى التحقيق أنّ الاعتدال ركن طويل (قال) الشوكانى:
والحديث يدل على مشروعية تطويل الاعتدال من الركوع والجلسة بين السجدتين، وقد ذهب بعض الشافعية إلى بطلان الصلاة بتطويل الاعتدال والجلوس بين السجدتين محتجا بان طولهما ينفى الموالاة. وما أدرى ما يكون
(1) ص 269 ج 3 - الفتح الربانى (وجوب الرفع من الركوع .. ) وص 204 ج 2 - فتح البارى (المكث بين السجدتين)(قد نسى) أىنسى الهوىّ إلى السجود، أو أنه فى صلاة.
جوابه عن حديث الباب؟ وعن حديث البراء أنه قال: كانت الصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى فركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا سجد وإذا رفع رأسه من السجود وبين السجدتين قريبا من السواء. أخرجه أحمد والشيخان (1){213}
(قال) ابن دقيق العيد: هذا الحديث يدل عل أن الاعتدال ركن طويل وحديث أنس أصرح فى الدلالة على ذلك بل هو نص فيه. فلا ينبغى العدول عنه الدليل ضعيف، وهو قولهم لم يسنّ فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود، ووجه ضعفه أنه قياس فى مقابلة النص فهو فاسد أهـ (على) أنه قد ثبتت مشروعية أذكار فى الاعتدال أكثر من التسبيح المشروع فى الركوع والسجود كما سيأتى (وأما) القول بأن طولهما ينفى الموالاة، فباطل، لأن معنى الموالاة ألاّ يتخلل فصل طويل بين الأركان مما ليس فيها. وما ورد به الشرع من أذكارها لا يعقل نفى كونه منها (وقد) ترك الناس هذه السنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة، محدّثهم وفقيههم ومجتهدهم ومقلدهم. فليت شعرى ما الذى عوّلوا عليه فى ذلك؟ والله المستعان أهـ (2).
(12)
القعود الأخير: هو ما يكون آخر الصلاة وإن لم يتقدمه أول، وهو شرط للخروج من الصلاة عند الحنفيين والصحيح أنه ليس ركناً أصليا عندهم، لعدم توقف الماهية عليه شرعا. فغن من حلف لا يصلى، يحنث بمجرّد الرفع من السجود الثانى فى الركعة الثانية. ويشترط تأخيره عن
(1) ص 256 ج 3 - الفتح الربانى (مقدار الركوع .. ) وص 196 ج 2 - فتح البارى (الطمأنينة حين يرفه رأسه من الركوع).
(2)
ص 293 ج 2 - نيل الأوطار (الجلسة بين السجدتين).
الأركان. فيعاد لسجدة صلبية تذكرها أو تلاوية لا لسهوية، فإنها ترفع التشهد لا القعود (ويلزم) أن يكون قدر أدنى قراءة التشهد إلى عبده ورسوله وهو فرض بالإجماع وقد روى الشيخان وغيرهما من طرق عديدة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال للمسئ صلاته: فإذا رفعتَ رأسَك من آخرِ سجدة وقعدتَ قدر التشهد، فقد تّمت صلاتك. ذكره ابن نُجَيْم وقال: قد وردت أدلة كثيرة بلغت مبلغ التواتر على أنّ القعدة الأخيرة فرض (1).
(وقالت) المالكية: إنه فرض بقدر السلام المفروض (وقالت) الشافعية: هو فرض بقدر التشهد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، والتسليمة الأولى، لأنه محل للفرائض الثلاثة المذكورة. فهو كالقيام للفاتحة.
(وقالت) الحنبلية: هو فرض بقدر التشهد والتسليمتين، لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعله وداوم عيه وقال: صلوا كما رأيتمونى أصلى (2).
(13)
التشهد الأخير: هو ركن - عند الشافعى وأحمد والحسن البصرى - لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعله وداوم عليه وأمر به (قال) ابن مسعود رضى الله عنه: " كنا نقول فى الصلاة قبل أن يُفْرضَ التشهدُ: السلام على الله السلام على جبريل وميكائيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا هكذا، فإن اللهَ هو السلامُ، ولكنْ قولوا: " التحيات والصلوات والطيبات " أخرجه النسائى والدار قطنى. وقال: هذا إسناد صحيح. وقال ابن عبد البر تفرد ابن عيينة بقوله: قبل أن يفرض (3){214}
(1) ص 294 ج 1 - البحر الرائق (صفة الصلاة).
(2)
تقدم رقم 190 ص 142 (القراءة).
(3)
ص 187 ج 1 - مجتبى (إيجاب التشهد). وص 133 - الدار قطنى.
(وقال) أيضا: " كان النبى صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا التشهد كما يعلِّمنا السورةّ من القرآن. ويقولُ تعلّموا فإنه لا صلاة إلا بتشهدٍ " أخرجه الطبرانى فى الأوسط. وفى سنده صفَدى بن سنان. ضعفه ابن مَعيٍ. ورواه البزار برجال موثقين. وفى بعضهم خلاف لا يضر (1){215}
(وقال) الحنفيون إنه واجب لا فرض (روى) ابن مسعود: أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله عز وجل هو السلام فإذا قعد أحدُكم فلْيقُل التحياتُ لله، والصلواتُ والطيباتُ "(الحديث) أخرجه أحمد والنسائى بسند جيد (2){216}
وهو سنة عند المالكية كالتشهد الأول. لأنه لم يُذكر فى حديث المسئ صلاتَه (وأجابوا) عن الأمر به فى أحاديث التشهد، بأنه محمول على الندب لما ذكر. وعن قول ابن مسعود - قبل أن يفرض التشهد - بأن المراد بالفرض فيه التقدير (وردّ) بأن عدم ذكره فى حديث المسئ صلاته، لا يدل على عدم وجوبه، لاحتمال أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يذكره له لأنه لم يره تركه حتى يعلّمه إياه، وبأن حمل الفرض على التقدير خلاف الظاهر من اللفظ، لو ورده فى مقام بيان حقيقة شرعية لا لغوية.
هذا. وأقل التشهد عند الشافعية الحنبلية التحيات لله، سلاُم** عليك أيُّها النبى ورحمة الله وبركاته. سلاُم** علينا** وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
(ويشترط) فى صحته عندهم، كونه بالعربية للقادر عليها، وإسماعُ نفسه
(1) ص 140 ج 2 مجمع الزوائد (التشهد والجلوس
…
).
(2)
ص 4 ج 4 - الفتح الربانى. وص 188 ج 1 - مجتبى (كيف التشهد).
حيث لا مانع، والموالاةُ بين كلماته، وترتيبُها. فإن لم يرتبها وتغير المعنى لعدم الترتيب، بطلت صلاته إن كان عامداً. وإلا فلا.
(قال) ابن قدامة: ولا يجوز لمن قدر على العربية التشهد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بغيرها كالتكبير. فإن عجز عن العربية تشهد بلسانه (وقال) القاضى: لا يتشهد. وحكمه كالأخرس. ومن قدر على تعلم التشهد والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، لزمه ذلك. فإن صلى قبل تعلمه مع إمكانه لم تصح صلاته. وإن خاف فوت الوقت أو عجز عن التعلم، أتى بما يمكنه وأجزأه للضرورة. وإن لم يحسن شيئاً سقط. والسنة ترتيب التشهد وتقديمه على الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم. وإن أتى به منكّساً من غير تغيير للمعنى ولا إخلال بشئ من الواجب فيه، فالأصح أنه لا يصح، لإخلاله بالترتيب فى ذكْر ورد الشرع به مرتبا فلم يصح كالأذان. وقيل يجزئه، لأن المقصود المعنى وقد حصل أهـ (1).
(وأكمله) عند الشافعية تشهد ابن عباس قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا التشهد كما يُعلِّمنا القرآن. وكان يقول: التحيات المباركاتُ الصلواتُ الطيباتُ لله. السلام عليك أيها النبىّ ورحمةُ الله وبركاتُه. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله " أخرجه أحمد ومسلم وأبو داود وابن ماجه والترمذى وقال: حسن صحيح غريب والشافعى (2). {217}
(1) ص 586 مغنى.
(2)
ص 8 ج 4 - الفتح الربانى. وص 118 ج 4 نووى (التشهد فى الصلاة) وص 81 ج 6 - المنهل العذب. وص 151 ج 1 - ابن ماجه. وص 239 ج 1 - تحفة الأحوذى. وص 89 ج 1 - بدائع المنن (التحيات) جمع تحية. وهى فى الأصل الدعاء بطول الحياة والمراد بها هنا كل عبادة قولية وأنواع =
وقال: رُويت أحاديث فى التشهد مختلفة. وكان هذا أحب إلىّ، لأنه
= التعظيم وصفاته. وجمعها لأنّ كل واحد من الملوك يُحياَّ بتحية مخصوصة. فقيل هنا جميع تحياتهم لله تعالى وهو المستحق لها حقيقة. و (المباركات) جمع مباركة، أى كثيرة الخير (الصلوات الطيبات) بحذف حرف العطف اختصارا. و " الصلوات " العبادات البدنية. وقيل المراد بها الرحمة، أى أن العبادات البدنية مستحقة لله تعالى. والرحمات هو المتفضل بها دون سواه. و " الطيبات " العبادات المالية، أو ك قول وعمل ووصف صالح خالص لله تعالى. ولذا كان طيبا. " وأما " قوله (السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته)" فهو " حكاية سلام الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ردا لما أثنى به النبى صلى الله عليه وسلم على ربه جل شأنه ليلة الإسراء.
هذا والسلام معناه الأمان من سلم الله عليه أى أعطاه الأمان وسلمه من الآفات. وقيل السلام أسم من أسمائه تعالى، أى السلام حافظ لك من الآفات. والمراد بالرحمة الإحسان منه تعالى. والبركة النماء والزيادة من الخير. وجمع البركة دون السلام والرحمة، لأنهما مصدران. ثم أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى سهما من هذه التحية الإلهية لإخوانه الأنباء والملائكة والصالحين من الإنس والجن، لأنه قوله (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) يعمهم، لقوله عليه الصلاة والسلام فى حديث ابن مسعود " فإنكم إذا قلتم ذلك أصاب كل عبد صالح فى السماء والأرض " فينبغى للمصلى أن يستحضر بذلك جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين، ليتوافق لفظه وقصده.
(قال) الحكيم الترمذى: من أراد أن يحظى بهذا السلام الذى يسلمه الخلق فى الصلاة فليكن عبداً صالحاً، والإحرام هذا الفضل العظيم. انظر ص 213 ج 2 - فتح البارى. والمراد بقوله (السلام علينا) الحاضرون من الإمام والمأموم والملائكة. و " الصالحون " القائمون بحقوق الله تعالى وحقوق العباد. هذا. والحديث أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجه بتعريف السلام فيهما. ورواه الشافعى والترمذى بالتنكير فيهما كرواية لأحمد. وفى رواية الدار قطنى بتعريف الأول وتنكير الثانى. وأخرجه الطبرانى بالعكس ولا خلاف فى جواز الأمرين وأن التعريف أفضل.
هذا. وقد علمنا النبى صلى الله عليه وسلم أن نفرد بالذكر لشرفه ومزيد حقه علينا، وأن نخص أنفسنا بعده بالسلام للاهتمام. ثم نعممه على الصالحين إرشادا إلى أنه ينبغى التعميم فى الدعاء (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمداً رسول الله) أى =
أكملها. وقد سئل عن اختياره تشهد ابن عباس فال: لّما رأيته واسعاً وسمعته عن ابن عباس صحيحا كان عندى أجمع وأكثر لفظا م غيره وأخذتُ به غير مَعَنِّفٍ لمن يأخذ بغيره مما صح (1)(وقال) النووى: تشهد ابن عباس أفضل لزيادة لفظ المباركات فيه. وهى موافقة لقوله تعالى: {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً (2)} ولأنه أكده بقوله: يعلِّمنا التشهد كما يعلمنا السورة م القرآن (3).
هذا. ويصح التشهد عند الحنفيين بالعربية وغيرها ولو مع القدرة عليها (وأكمله) عندهم وعند الحنبلية تشهد ابن مسعود قال: كنا إذا جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة قلنا: السلام على الله قبْل عباده السلام على وَفلانٍ وفلان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام، ولكن إذا جلس أحدُكم فليقل: التحيات لله والصلوات والطيبات. السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين " فإنكم إذا قُلتم ذلك أصاب كل عبد صالح فى السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، واشهد أن محمدا عبده ورسوله. ثم ليتخيَّرْ أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فيدعو به. أخرجه السبعة (4){218}
= أقر بسلانى وأتيقن بجنانى بأنه لا يستحق العبادة يغر الله سبحانه وتعالى، كما أقر أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(1)
ص 214 ج 2 - فتح البارى (التشهد فى الآخرة).
(2)
من أية " 61 سورة النور.
(3)
ص 115 ج 4 - شرح مسلم (التشهد فى الصلاة).
(4)
ص 6 ج 4 - الفتح الربانى. وص 218 ج 2 - فتح البارى (ما يتخير من الدعاء بعد التشهد .. ) وص 115 ج 4 - نووى (التشهد فى الصلاة) وص 70 ج 6 - المنهل العذب = وص 187 ج 1 مجتبى (إيجاب التشهد) وص 238 ج 1 - تحفة =
واختار جمهور الفقهاء العمل بهذه الرواية لوجوه (منها) اتفاق السبعة
= الأحوذى. وص 150 ج 1 - ابن ماجه و (قبل عباده) أى قبل السلام عليهم. فقبل ظرف. وفى رواية: قبل - بكسر ففتح - منصوب على نزع الخافض، أى السلام على الله من قبل عباده. ويؤيد هذا ما فى رواية لأحمد: قلنا السلام على الله من عباده. كأنهم رأوا السلام من قبيل الحمد. فجّوزوا ثبوته لله تعالى. لكن لما كان السلام بمعنى السلامة من الآفات والنقائص والله هو الذى يسلم منها من يشاء، فلا يدعى بالسلامة له. ولذا نهاهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال: لا تقزلزا السلام على الله فإن السلام اسم من أسمائه تعالى. ومعناه السليم من الشريك والنقائص، أو المسلم على عباده المؤمنين ىف الجنة، أو المؤمن عباده من المخاوف والمهالك. و (فلان وفلان) يعنى جبريل وميكائيل. ففى رواية لأحمد وغيره: السلام على جبريل السلام على ميكائيل السلام على فلان .. وفى رواية لابن ماجه: السلام على فلان وفلان يعنون الملائكة (السلام علينا) هكذا أكثر الروايات فى حديث ابن مسعوزد بتعريف السلام فى الموضعين. وقد بالغ الحافظ فى الفتح فقال: لم يقع فى شئ من طرق حديث ابن مسعود بحذف اللام أهـ لكن قال فى التلخيص: ووقع فى رواية النسائى سم علينا بالتنكير. وفى رواية للطبرانى: سلام عليك أهـ. وأل فى السلام للعهد الذهنى أى السلام - الذى وجه على الرسل والأنبياء - عليك أيها النبى. والسلام - الذى وجه إلى الأمم السالفة - علينا وعلى عباد الله الصالحين. ويحتمل أن تكون أل للجنس، أى حقيقة السلام - الذى يعرفه كل واحد عليك - أيها النبىِّ وعلينا وعلى عباد الله الصالحين (وأشهد أن محمدا عبده ورسوله) قدم العبودية على الرسالة، لأنها أسبق وأبقى وأشرف الصفات. فإنها الرضا بما يفعله الرب تعالى وتبقى فى الآخرة دون الرسالة (قال) عطاء: بينا النبى صلى الله عليه وسلم يعلم التشهد إذ قال رجل: وأشهد أن محمدا ورسوله وعبده - فقال صلى الله عليه وسلم: لقد كنت عبدا قبل أن أكون رسولا. قل عبده ورسوله - أخرجه عبد الرزاق مرسلا بسند رجاله ثقات (انظر ص 214 ج 2 - فتح البارى) و (قال) ابن عبد الملك: روى أنه صلى الله عليه وسلم لما عرج به أثنى على الله تعالى بهذه الكلمات، يعنى التحيات لله الخ فقال الله تعالى: السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته - فقال صلى الله عليه وسلم: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين - فقال جبريل: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (انظر ص 74 ج 6 - المنهل العذب).
وغيرهم على تخريجها، ولذا قال الترمذى وغيره: حديث ابن مسعود أصح حيدث فى التشهد. وقال مسلم: أجمع الناس على تشهد ابن مسعود، لأنّ أصحابه لا يخالف بعضهم بعضا. وغيره قد اختلف أصحابه (ومنها) أنّ التصدّيق رضى الله عنه علّمه الناس على المنبر (واختار) مالك تشهد عمر (روى) عبد الرحمن بن عبد القارىُّ أنه سمع عمَر بن الخطاب وهو على المنبر يعلِّم الناس التشهد يقول: قولوا: التحيات لله الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله واشهد أن محمداً عبده ورسوله. أخرجه مالك والشافعى موقوفا وابن مردويه مرفوعا (1){219}
وإنما اختاره مالك، لأنه يجرى مجرى الخبر المتواتر. فقد علَّمه عمر الناس على المنبر بحضرة الصحابة وأئمة المسمين ولم ينكره عليه أحمد ولا خافه فيه (وروى) القاسم بن محمد أنّ عائشة رضى الله عنها كانت تقول إذا تشهدتُ: التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله. أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله. السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. السلام عليكم. أخرجه مالك وصححه النووى فى المجموع (2){220}
هذا. ويجوز العمل بكل من هذه الروايات اتفاقا. والخلاف إنما هو
(1) ص 167 ج 1 - زرقانى (التشهد ف الصلاة) وص 90 ج 1 بدائع المنن و (الزاكيات) أى صالح الأعمال لله. وهذه زيادة فى تشهد عمر كما ذكر فيه لفظ. لله ثلاث مرات وفى غيره مرة. وزيد تشهد فى ابن عباس المباركات، وفى تشهد ابن مسعود واو العطف.
(2)
ص 170 ج 1 - زرقانى. وقال (السلام عليكم) للخروج من الصلاة.
فى المختار والأفضل (قال) ابن قدامة: وبأىّ تشهد تشهد مما صح عن النبى صلى الله عليه وسلم جاز. قلا أحمد: تشهد عبد الله أعجب إلىّ وغن تشهد بغيره فهو جائز، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لما علمه أصحابة مختلفا دل على جواز الجميع كالقراءات المختلفة. وهذا يدل على أنه إذا أسقط لفظة هى ساقطة فى بعض التشهدات المروية ضح تشهده. وعليه يكون أقل ما يجزئ من التشهد التحيات لله السلام عليك أيها النبى الخ (1) (وقال) النووى: فهذه الأحاديث الواردة ف التشهد كلها صحيحة. وأشدها صحة باتفاق المحدثين حديث ابن مسعود ثم حديث ابن عباس. قال الشافعى: وأبيها تشهد أجزأه. وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها أهـ (2).
(فائدتان) الأولى: قد ورد فى بعض طرق حديث ابن مسعود ما يدل على أنه يقال فى التشهد حال حياة النبى صلى الله عليه وسلم " السلام عليك أيها النبى " وبعد انتقاله يقال " السلام على النبى "(قال) أبو معمر " سمعت ابن مسعود يقول: " علّمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفِّى بين كفيه التشهدَ كما يعلمنى السورة من القرآن: التحيات لله، والصلوات والطيبات. السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وهو بني ظهر انَيْنا فلما قُبض قلنا السلام على النبى " أخرجه أحمد والبخارى (3){221}
(قال) السبكى فى شرح المنهاج بعد ذكر هذه الرواية: إن صح هذا دل
(1) ص 589 ج 1 - مغنى.
(2)
ص 457 ج 3 - شرح المهذب.
(3)
ص 5 ج 4 - الفتح الربانى. وص 44 ج 11 - فتح البارى (الأخذ باليد - الاستئذان) و (بين ظهر انينا) بفتح الظاء والنون وسكون الياء أصله ظهرنا والتثنية باعتبار المتقدم منه والمتأخر.
على أن السلام بالخطاب بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم غير واجب. فيقال السلام على النبى (قال) الحافظ: قلت قد صح بلا ريب ووجدت له متابعا قويا (قال) عطاء: عن الصحابة كانوا يقولون والنبى صلى الله عليه وسلم حىّ: السلام عليك أيها النبى. فلما مات قالوا: السلام على النبى. أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح (1) والمعمول به ما تقدم فى روايات التشهد لا فرق بين زمان حياته ومماته. ولا نعلم أحدا من الأئمة قال بالتفرقة.
(الثانية) قال الرافعى فى كتاب الأذان: المنقول أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول فى تشهده: وأنى رسول الله. ولا دليل عليه بل المنقول خلافه (قال) الحافظ: ألفاظ التشهد متواترة أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: أشهد أن محمدا رسول الله، أو عبده ورسوله أهـ. نعم ورد عنه أنه كان يقول فى غير التشهد وأنى رسول الله.
(14)
الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد التشهد: هى ركن عند الشافعى وإسحاق وروى عن أحمد. واختاره ابن العربى المالكى، لما فى حديث فُضالة بن عَبيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " إذا صلى أحدُكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه. ثم يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء. أخرجه أحمد وأبو داود والبيهقى وصححه الحاكم والترمذى (2){222}
(وعن) أبى مسعود الأنصارى رضى الله عنه أن بَشِير بن سعد قال
(1) ص 213 ج 2 - فتح البارى (التشهد فى الآخرة).
(2)
ص 22 ج 4 - الفتح الربانى. وص 146 ج 8 - المنهل العذب (الدعاء). وص 147 ج 2 - بيهقى (الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى التشهد) وص 268 ج 1 - مستدرك.
للنبى صلى الله عليه وسلم: أرمنا الله أن نصلِّىَ عليك فكسف نصلى عليك؟ قال: قولوا اللهم صلِّى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم. وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد. والسلام كما علمتم. أخرجه أحمد ومسلم والنسائى والترمذى وصححه (1){223}
وهذا يدل على أن فرض الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فى الصلاة، كان معروفا عندهم (قال ابن قدامة) وظاهر مذهب أحمد وجوبها، فإنّ أبازرعة الدمشقى نقل عنه أنه قال: كنت أتهيب ذلك ثم تبينت فإذا الصلاة واجبة أهـ (2)(وقال) الحنفيون ومالك والجمهور: إنها سنة لا واجبة، (لحديث) أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إذا فرغ أحدكم ن التشهد الآخر فليتعوذ بالله من أربع: من عذب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال " أخرجه أحمد ومسلم والنسائى وابن ماجه وأبو داود (3){224}
أمر بالاستعاذة عقب التشهد ولم يذكر الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم ولو كانت ركنا لذكرها، ولأن الوجوب إنما يكون بدليل شرعىّ.
(1) ص 21 ج 4 - الفتح الربانى. وص 124 ج 4 - نووى (الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد التشهد) وص 189 ح 1 مجتبى (الأمى بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم و (أمرنا الله أن نصلى عليك) أى بقوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلم وتسليما) و (علمتم) بفتح العين وكسر اللام. وروى بضم العين وتشديد اللام، أى علمتوه، وهو قولهم: السلام عليك أيها النبى فى التشهد.
(2)
ص 574 ج 1 - مغنى.
(3)
ص 29 ج 4 - الفتح الربانى. وص 87 ج 5 نووى. وص 97 ج 6 - المنهل العذب (ما يقول بعد التشهد) وص 193 ج 1 - مجتبى (التعوذ فى الصلاة). وص 152 ج 1 - ابن ماجه.
ولم يرد. وحديث فضالة لا يدل على وجوبها لأنه صلى الله عليه وسلم أرم فيه بالدعاء فى آخر الصلاة وهو غير واجب اتفاقا. والأمر فى حديث أبى مسعود ونحوه بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم إنما ورد لتعليم الكيفية وهو لا يفيد الوجوب كما فى حديث: " إذا قام أحدكم م الليل فليصلّ ركعتين خفيفتين " أخرجه أحمد وأبو داود عن أبى هريرة (1){225}
(قال) المروزى قيل لأبى عبد الله إنّ ابن راهويه يقول: لو أنّ رجلا ترك الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى التشهد بطلت صلاته. قال: ما أجترئ أن أقول هذا. وقال فى موضع: هذا شذوذ أهـ (2)(وقال) العلامة يحيى بن أبى بكر العامرى: وقد تتبعت دليل الوجوب فلم يظهر لى كل الظهور. وجميع روايات التشهد خالية عن ذكرها أهـ (3). فهذا هو الراجح لقوة أدلته (وقال) الشوكانى: نحن لا ننكر أن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم من أجلّ الطاعات التى يتقرب بها الخلق إلى الخالق. وإنما النزاع فى إثبات واجب من واجبات الصلاة بلا دليل يقتضيه أهـ (4).
(فائدة) لا خلاف فى وجوب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى العمر مرة للأمر بها فى قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (5)} وهو للوجوب عند الأكثر. بل ذكر بعضهم الإجماع عليه (وقال) الطحاوى: تجب كلما ذكر صلى الله عليه وسلم. واختاره الحليمى من الشافعية، لحديث: رغِم أنفُ رجُلٍ ذُكرتُ عنده فلم يصلِّ علىَّ
(1) ص 268 ج 4 - الفتح الربانى. وص 252 ج 7 - المنهل العذب (افتتاح صلاة الليل بركعتين).
(2)
ص 583 ج 1 - مغنى.
(3)
ص 332 ج 2 = بهجة المحافل.
(4)
ص 234 ج 2 - نيل الأوطار (الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(5)
سورة الأحزاب أية: 56.
أخرجه الترمذى والحاكم عن أبى هريرة (1){226}
(وقيل) تجب فى كل مجلس مرة وإن تكرر ذكر النبى صلى الله عليه وسلم والاحتياط الصلاة عند كل ذكر (2)
هذا وتصح الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بأى صيغة والأفضل أن تكون بصيغة من الصيغ الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها أكثر ثوابا من غيرها وهى كثيرة (أفضلها) ما فى حديث كعب بن عُجْرة قال: قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف نسلِّم عليك فكيف نصلى عليك؟ قال: فقولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كمال باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. أخرجه السبعة (3){227}
وفى لفظ لأبى داود: قولوا اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم (4) وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك
(1) ص 549 ج 1 - مستدرك.
(2)
ص 233 ج 14 - تفسير القرطبى.
(3)
ص 23 ج 4 - الفتح الربانى. وص 118 ج 11 - فتح البارى (الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم الدعوات). وص 126 ج 4 - نووى. وص 83 ج 6 - المنهل العذب (الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعد التشهد) وص 190 ج 1 - مجتبى. وص 151 ج 1 - ابن ماجه (وقد علمنا كيف نسلم عليك) يعنى ما تقدم فى أحاديث التشهد. وهو السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته. وهو يدل على تأخر مشروعية الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عن التشهد. وصلاة الله على نبيه ثناؤه عليه وتعظيمه فى الدنيا بإعلاء ذكره، وفى الآخرة بإجزال ثوابه وقبول شفاعته و (آل إبراهيم) إسماعيل وإسحاق وأولادهما، وقد حيتهم الملائكة بقولهم (رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت) و (البركة) الزيادة من الخير والكرامة. و (حميد) فعيل من الحمد، وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها، ومجيد من المجد وهو من كمل فى العظمة والشرف.
(4)
(كما صليت على إبراهيم) لا يقال الأصل فى التشبيه أن = يكون المشبه أقل من المشبه به وها هنا ليس كذلك، لأنا نقول التشبيه هنا فى أصل الصلاة لا فى قفدرها على حد (كتب عليكم الصيام كما كب على الذين من قبلكم) أو نقول: المشبه الصلاة على آل محمد. فالمعنى وصل على آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فهو من عطف الجمل. وخص سيدنا إبراهيم بالذكر دون سائر الأنبياء لأنه أفضلهم بعد نبينا صلى اله عليه وسلم. وقد ورد أنه لما مر به النبى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء، قال له أقرئ أمّتك منى السلام. فأمرنا بالثناء عليه فى كل صلاة مجازاة له على إحسانه.
حميد مجيد. وفى رواية له ولأحمد: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم. إنك حميد مجيد.
(ومنها) ما تقدم فى حديث أبى مسعود الأنصارى (1)(قال) النووى: ينبغى أن يجمع ما فى الأحاديث الصحيحة فيقول: اللهم صلى على محمد عبدك ورسولك النبى الأمى وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. وبارك على محمد وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين. إنك حميد مجيد.
وأقل الصلاة: اللهم صلى على محمد. فلو قال: صلى الله على محمد فالصحيح انه يجزئه. وكذا لو قال: اللهم صلى على النبى أو على أحمد أجزأه (2) وفيما ذكر نظر، بل الأفضل أن يؤتى بكل رواية على حدتها فى أوقات مختلفة كما كان يفعل النبى صلى الله عليه وسلم وعلى أصحابه.
(فائدتان) الأولى. اختلف العلماء فى الإتيان بالسيادة حال الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم والأذان ونحوهما (فقالت) المالكية وكثيرون يؤتى بها فى غير الصيغ الواردة عنه صلى الله عليه وسلم تأدبا. وأما الصيغ
(1) تقدم رقم 223 ص 167.
(2)
ص 466 ج 3 - شرح المهذب.
الواردة كالأذان والإقامة والتشهد فيقتصر فيها على ما ورد وقوفا على ما حدّه الشارع، واتباعا للفظه وفرارا من الزيادة على ما ورد، لكونه خُرِّجَ مخرج التعليم (قال) الحنفيون والحنبليون: تكره السيادة فى الأذان والإقامة والتشهد والأفضل تركها فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم عند الحنبلين ومحققى الحنفيين والشافعية. (قال) الشهاب فى شرح الشفاء: إن اتباع الآثار الواردة أرجح ولم تنقل السيادة عن الصحابة والتابعين ولم ترو إلا فى حديث ضعيف عن ابن مسعود. ولو كان مندوبا لما خفى عليهم. وهذا يقرب من مسألة أصولية وهى أنّ الأدب أحسن أم الاتباع؟ ورجح الثانى بل قيل إنه الأدب (وقال) بعضهم: لا بأس بالسيادة فى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، لما تقرّر أنه سيد ولد آدم (قال) الحصنى: وندبت السيادة لأنّ زيادة الإخبار بالواقع عين سلوك الأدب، فهو أفضل من تركه. ذكره الرملى الشافعى وغيره " وما قيل " لا تسوّدونى فى الصلاة " فكذب " وقولهم لا تسبدونى بالياء لحن أيضاً. والصواب بالواو أهـ (1). والمشهور عند الشافعية أنه يستحب الإتيان بها فى الصيغ الواردة وغيرها " لأنه " صلى الله عليه وسلم لما جاء وأبو بكر يَوُمُّ الناس فتأخر أمره أن يثبت مكانه فلم يثبت. ثم سأله بعد الفراغ من الصلاة عن ذلك فقال: ما كان ينبغى لابن أبى قحافه أن يتقدم بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك (وهو مردود) بأنّ الإيتان بها فى الصيغ الواردة زيادة على ما شرعه وبينه صلى الله عليه وسلم.
والزيادة فى الوارد تؤدّى إلى ردّ العمل وعدم قبوله
(1) ص 379 ج 1 - الدر المختار (صفة الصلاة).
(روت) عائشة رضى الله عناه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من عمِل عملا ليس عليه أمرنا فهو ردّ " أخرجه أحمد ومسلم (1).
(وأما) قصة أبى بكر رضى الله عنه، فهى فى خصوص الإمامة فلا تصلح دليلا على جواز الزيادة فيما شرعه وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(فما يفعله) بعض الناس من زيادة لفظ سيدنا فى الأذان ونحوه (مخالف) لهديه صلى الله عليه وسلم وهدى الخلفاء الراشدين وأصحابه الكرام.
(الثانية) اختلف فى حكم إفراد الصلاة عن السلام عليه صلى الله عليه وسلم وعكسه فقيل بكراهته. والأولى الجمع بينهما خروجا من هذا الخلاف (قال) الشهاب الأوسى: والأمر بالصلاة والتسليم على النبى صلى الله عليه وسلم من خواص هذه الأمّة فلم تؤمر أمّة غيرها بالصلاة والسلام على نبيها أهـ (2). والصلاة على سائر الأنبياء مشروعة (روى) ابن عباس أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا صلّيتم علىَّ فصلوا على أنبياء الله، فإن الله بعثهم كما بعثنى " أخرجه الطبرانى بسند ضعيف (3){228}
والضعيف يعمل به فى مثل هذا كما لا يخفى.
" وأما " ما حكى عن مالك من أنه ل يصلى على غير نبينا صلى الله عليه وسلم من الأنبياء " فأوله " أصحابه بأنّ معناه إنا لم نتعبد بالصلاة عليهم كما تعبدنا بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم. ذكره الألوسى فى تفسيره (وقال) وقد صرح بعض أجلة الشافعية بوجوب الصلاة عليه صلى اله عليه وسلم فى صلاته وذكر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى على نفسه خارجها كما هو
(1) تقدم رقم 134 ص 88 (بدع الأذان).
(2)
ص 99 ج 7 - روح المعانى.
(3)
ص 205 ج 4 - فيض القدير للمناوى.
ظاهر الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم حين ضلّتْ نافتُه وتكلم منافق فيها - إن رجلا من المنافقين شِمت أنْ ضلّتْ ناقةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقوله - حين عرض على المسلمين ردّ ما أخذه من أبى العاص زوج ابنته زينب قبل إسلامه - وإن زينبَ بنتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتنى (الحديث) فذكر الصلاة والتسليم على نفسه بعد ذكره (واحتمال) أن ذلك فى الحديثين من الراوى بعيد جدا (1).
(15)
السلام: السلام للخروج من الصلاة ركن عند مالك والشافعى وأحمد والجمهور (لحديث) مفتاحُ الصلاةِ الطُّهورُ وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم (2)(ولحديث) صلوا كما رأيتمونى أصلى (3). وقد واظب صلى الله عليه وسلم على الخروج من لاصلاة والسلام.
(وشرطه) عند المالكية والحنبلية أن يكون معرّفا بالألف واللام مرتبا بلفظ الجمع. فلو قال سلامُ عليكم أو عليكم السلام، أو السلام عليك، لا يجزئ (وقالت) المالكية: أم فى لغة حْميَر كأل. فيغتفر لمن عجز منهم - دون غيرهم - عن الإيتان بال أن يقول: أم سلامُ عليكم. واللحن عندهم فى السلام كاللحن فى الإحرام. وهو أنه إِنْ عرَف الصوابَ وتعمّد اللحنَ بطلت صلاته. وإِن لم يَعْرِفْه فصلاته صحيحة على المعتمد. وعند الشافعية لا يشترط الترتيب فى السلام، فلو قال عليكم السلام صح مع الكراهة. والمفروض عندهم وعند المالكية تسليمة واحدة لكل مصل.
(وعن) ابن سيرين والأوزاعى أن الشرع تسليمه واحدة (لحديث)
(1) ص 98 ج 7 - روح المعانى.
(2)
تقدم رقم 178 ص 131 (التحريمة).
(3)
تقدم رقم 190 ص 143 (القراءة).
عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يُسلِّّم فى الصلاة تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه " أخرجه الترمذى وابن ماجه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين (1){229}
(ورد) بأن فى سنده زُهَيرَ بن محمد. وهو إن كان من رجال الصحيحين لكن له منا كير وهذا الحديث منها. قال أبو حاتم: هو حديث منكر وأصله الوقف على عائشة. وقال الترمذى: لا نعرفه مرفرعا إلا من هذا الوجه. وقال النووى: إنه غير ثابت عند أهل النقل. وقال فى الخلاصة: هو حديث ضعيف ولا نقبل تصحيح الحاكم له، وليس فى الاقتصار على تسليمه واحدة شئ ثابت أهـ (وقال) ابن عبد البر: روى عن النبى صلى الله علهي وسلم أنه كان يسلم تسليمه واحدة من حديث سعد بن أبى وقاص، ومن حديث عائشة، ومن حديث أنس إلا أنها معلولة ولا يصححها أهل العلم بالحديث أهـ.
ولذا ذهب الجمهور إلى مشروعية التسليمتين لكل مصل لما سيأتى.
(ومشهور) مذهب الحنبلية أن التسليمتين فرض فى الفرض لمواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليهما. وقيل المفروض عندهم تسليمه واحدة. وصححه ابن قدامه قال: وليس نص أحمد بصريح فى وجوب التسليمتين إنما قال: التسليمتان أصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيجوز أن يذهب إليه فى المشروعية لا الإيجاب كما ذهب إلى ذلك غيره. وقد دل عليه قوله فى رواية: وأعجب إلىّ التسليمتان، ولأن عائشة وسلمة بن الأكوع وسهل بن سعد قد رووا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة
(1) ص 242 ج 1 - تحفة الأحوذى. وص 153 ج 1 - ابني ماجه (من يسلم تسليمة واحدة 9 وص 230 ج 1 - مستدرك.
واحدة، وكان المهاجرون يسلمون تسليمة واحدة. وفيما ذكرناه جمع بين الأخبار وأقوال الصحابة فى أن يكون المشروع والمسنون تسليميتن، والواجب واحدة. ويدل على هذا قول ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم أن صلاة من اقتصر على تسليمه واحدة جائزة (1).
(أما) النافلة وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة والشكر فلا خلاف عندهم فى أن المفروض فيها تسليمه واحدة (وعلى) القول بأن التسليمتين فرض فى الفرض فهما من الصلاة كسائر الأركان، فلا يقوم المسبوق قبلهما.
(وقال) الحنيفون وعطاء بن أبى رباح وسعيد بن المسيب وإسحاق بن رَاهَوَيْهِ: لا يتعين السلام للخروج من الصلاة بل يكتفى الخروج بكل فعل اختيارى مناف للصلاة بعد تمام فرضها (لحديث) عبد الله بن عمرو أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قضى الإمامُ الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته ومنَ كان خلفه ممن أتم الصلاة " أخرجه أحمد وأبو داود، وكذا الترمذى بلفظ: إذا أحدث الرجلُ وقد جلس فى آخر صلاته قبل أن يُسلِّم فقد جازت صلاتهُ. وقال: ليس إسناده بذاك القوى (2){230}
أى لأن فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعُم الأفريقى (قال) النووى: إنه ضعيف باتفاق الحفاظ (ورد) بأنه قد وثقه غير واحد منهم زكريا الساجى وأحمد بن صالح المصرى وقال فيه ابن معين ويعقوب بن سفيان: ليس به بأس. ذكره الشوكانى (3)
(1) ص 594 ج 1 - مغنى.
(2)
ص 3 ج 5 - المنهل العذب (الإمام يحدث بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة)
(3)
ص 345 ج 2 - نيل الأوطار (كون السلام فرضا).
(وأجاب) الجمهور عنه بأنه ضعيف، لأنّ فى سنده عبدَ الرحمن بنَ رافع وعبدَ الرحمن بن زياد، وفيهما مقال (قال) البيهقى فى المعرفة: عبد الرحمن ابن زياد قد ضعفه أهل العلم بالحديث، وإن صح ذلك فإنما كان قبل فرض التسليم (قال) عطاء بن أبى رباح: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد فى آخر صلاته فقضى التشهدَ أقبل على الناس بوجهه، وذلك قبل أن يَنزِل التسليمُ (1).
هذا. والواجب عند الحنفيين السلام مرتين، لمواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليهما (وأقله) السلام دون عليكم، أو سلام عليكم، أو عليكم السلام (وأكمله) - عند الحنفيين والشافعى وأحمد والجمهور - السلام عليكم ورحمة الله يميناً وشمالا (لحديث) ابن مسعود رضى الله عنه أنّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يُسلِّم عن يمينه وعن شمِاله حتى يُرَى بياُض خدّه: السلام عليكم ورحمة الله. والسلام عليكم ورحمة الله " أخرجه أحمد والطحاوى والأربعة، وقال الترمذى حسن صحيح (2){231}
دل على مشروعية التسليمتين لكل مصل إماما وغيره. وعلى أنّ السنة الالتفات فى السلام الأوّل إلى اليمين وفى الثانى إلى اليسار (قال) النووى: ولو سلم التسليمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه صحت صلاته وحصلت التسليمتان ولكن فاتنه الفضيلة فى كيفيتهما أهـ (3).
(1) ص 4 ج 5 - المنهل العذب.
(2)
ص 38 ج 4 - الفتح الربانى (كيفية السلام) وص 158 ج 1 - شرح معانى الآثار. وص 109 ج 6 - المنهل العذب. وص 194 ج 1 - مجتبى (كيف السلام عن اليمين) وص 242 ج 1 - تحفة الأحوذى. وص 153 ج 1 - ابن ماجه.
(3)
ص 83 ج 5 - شرح مسلم.
(ومشهور) مذهب مالك أن الإمام والمنفرد يسلم تسليمة واحدة يقصد بها الخروج م الصلاة (وقال) المازرى: رُوى عن مالك أنّ الإمام والفذ يسلم كلّ تسليمتين. ولا يسلم المأموم حتى يفرغ الإمام منهما. ورَوى مطرّف فى الواضحة عن مالك أن المنفرد يسلم تسليمتين عن يمينه ويساره. وبه كان يأخذ مالك فى خاصته أهـ (1) والمأموم يسلم واحدة عن يمينه يتحلل بها من صلاته وأخرى يردّ بها على إمامه (لقول) سَمُرة بن جُنْدبٍ رضى الله عنه: " أمرنَا النبى صلى الله عليه وسلم أن نردّ على الإمام وأن نتحابَّ وأن يسلِّم بعضُنا على بعض " أخرجه أبو داود والحاكم وقال: صحيح الإسناد وسعيد بن بشير إمام أهل الشام فى عصره أهـ. لكن قال ابن حبان: كان ردئ الحفظ فاحش الخطأ يروى عن قتادة ما لا يتابع عليه. وضعفه ابن معين والنسائى وابن المدينى وغيرهم (2){232}
(ومشهور) المذهب أن المأموم يسلم ثالثة يردّ بها على من على يساره، لقول سَمُرَة: وأن يُسلم بعضنا على بعض، ولقول نافع: كان ابن عمر يسلَم عن يمينه ثم يردّ على الإمام. ثم إن كان على يساره أحد ردّ عليه. رواه ابن القاسم عن مالك. وبه تعلم ردّ قول ابن العربى: التسليمة الثالثة احذروها فإنها بدعة لم تثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة رضى الله عنهم. وحديث سمرة وإن كان ضعيفا، يقوّيه فعل ابن عمر لأنه لا يفعل مثل هذا إلا بتوقيف من النبى صلى الله عليه وسلم.
(1) ص 111 ج 6 - المنهل العذب (السلام).
(2)
ص 119 منه (الرد على الإمام) وص 270 ج 1 - مستدرك (وأن يسلم بعضنا) أى فى الصلاة. ففى رواية البزار " وأن نسلم على أئمتنا وأن يسلم بعضنا على بعض فى الصلاة " ويدخل فيه سلام كل من الإمام والمأموم على غيره. وخص السلام بالذكر لأنه سبب المحبة.
والراجح القول بالاقتصار على التسليمتين لكل مصل لقوّة أدلته.
هذا. وحديث سمرة يدل على أنه يطلب من المصلى أن ينوى بسلامه القوم والحفظةَ عن الجانبين الأيمنِ والأيسر وهو مندوب عند الحنفيين والشافعية (وقالت) المالكية وبعض الحنبلية: ينوى بالأولى الخروج من الصلاة وبالثانية السلام على القوم والحفظة إن كان مأموما. ولا يقلب يديه وقت السلام (لقول) جابر بن سمرة: " كنا إذا صلبنا خلف النبى صلى الله عليه وسلم فسلّم أحدُنا أشار بيده مَنْ عن يمينه ومَن عن يساره، فلما صلى قال: ما بال أحدكم يومئ بيده كأنها أذنابُ خيل شُمْشٍ إنما يكفى أحدَكم أن يضعَ يده على فخذه ثم يسلم على أخيه مَنْ عن يمينه وشماله " أخرجه مسلم وأبو داود (1){233}
(فادئة) يندب - عند بعض الحنفيين والحنبليين والشافعيين - زيادة وبركاته فى التسليمة الأولى (لقول) وائل بن حُجْر رضى الله عنه: " صليتُ مع النبى صلى الله عليه وسلم فكان يُسلم عن يمينه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وعن شماله السلام عليكم ورحمة الله " أخرجه أبو داود بسند صحيح (2){234}
(قال) الحافظ فى التلخيص: وقع فى صحيح ابن حبان من حديث ابن مسعود زيادة وبركاته. وهى عند ابن ماجه أيضاً وعند أبى داود فى حديث وائل بن حجر. فالعجب من ابن الصلاح فى قوله: إن هذه الزيادة ليست فى
(1) ص 153 ص ج 4 - نووى (السكون فى الصلاة والنهى عن الإشارة باليد) وص 117 ج 6 - المنهل العذب (السلام) و (شمس) بضم فسكون جمع شموس بفتح فضم وهو النفور من الدواب. و (من عن يمينه) من اسم موصول أى أشار بيده إلى من عن يمينه .. ومن الثانية بدل من أخيه.
(2)
ص 116 ج 6 - المنهل العذب.
شئ من كتب الحديث أهـ (1)(ومنه) تعلم " بطلان " ما قاله بعضهم من أن زيادتها بدعة " وردُّ " ما قاله بعض المالكية من أنه يندب عدم زيادة " **ورحمة الله وبركاته " لثبوت الحديث بها. ولذا قال العلامة النفراوى: والذى يظهر أنه لا بأس بزيادة ورحمة الله وبركاته، خلافا لمن كرهها (2).
(16)
ترتيب الأركان: هو ركن** عند المالكية والشافعية والحنبلية بأن قدّم القيام على الركوع والركوع على الاعتدال. وهو على السجود. وهكذا على حسب ترتيبها فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال للمسئ صلاتهَ: " إذا قمتَ إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلةَ فكبرْ. ثم اقرأ ما تيسّر معك من القرآن. ثم اركع حتى تطمئن راكعا. ثم ارفع حتى تعتدِل قائما. ثم اسجدْ حتى تطمئن ساجدا. ثم ارفع حتى تطمئن جالسا. ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا. ثم أفعل ذلك فى صلاتك كلِّها " أخرجه السبعة وقال الترمذى: حسن صحيح (3)
(وقال) الحنفيون: الترتيب شرط فيما لا يتكرر كالقيام والركوع لقعود الأخير. فلو ركع ثم قام لم يعتبر ذلك الركوع، فإن ركع ثانياً صحت صلاته لوجود الترتيب المفروض ولزمه سجود السهو لتقديمه الركوع على القيام. ولو سجد ثم ركع، فإن سجد ثانياً صحت صلاته وإلا فلا.
(1) ص 523 ج 3 - التلخيص الحبير مع شرح المهذب.
(2)
ص 224 ج 1 - الفواكه الدوانى.
(3)
انظر المراجع بهامش ص 111 و 147.
ولو تذكر بعد القعود الأخير سجدة صلبية أو تلاوية، سجدها وأعاد القعود وسجد للسهو. ولو تذكر ركوعا قضاه مع ما بعده من السجود. ولو تذكر قياما أو قراءة صلى ركعة " أما ما يتكرّر " فى كل ركعة كالسجود أو فى كل الصلاة كالركعات " فإن الترتيب " فيه واجب لا فرض. فلو نسى سجدة من الركعة الأولى **مثلا قضاها ولو بعد السلام قبل الكلام. ثم يتشهد إلى عبده** ورسوله ثم يسجد للسهو ثم يتشهد ويصلى على النبى صلى الله عليه وسلم ويدعو **ثم يسلم. وكذا الترتيب بين القراءة والركوع واجب فى الأوليين من الفرض إن لم يقرأ فيهما. فإن ركع فيهما بلا قراءة صح الركوع، لأنه لا يشترط فيه أن يكون مسبوقا بقراءة فى كل ركعة. أما لو قرأ فى الأوليين صار الترتيب فرضا، حتى لو تذكر السورة راكعاً فعاد وقرأها، لزم إعادة الركوع، لأن السورة التحقت بما قبلها وصارت القراءة كلها فرضا. فلزم تأخير الركوع عنها. ومنه يعلم أن هذا الترتيب واجب قبل تحقق** القراءة فرض بعدها، كقراءة السورة فإنها قبل قراءتها تسمى واجب وبعدها تسمى فرضا. وفرضيته حينئذ عارضة كما إذا ضاق وقت القراءة بأن لم يقرأ فى الأوليين.
(تنبيه) علم أن أركان الصلاة أفعال وأقوال (فالأفعال) أحد عشر فعلا. وهى: النية، والقيام فى الفرض للقادر عليه، والركوع، والرفع منه، والاعتدال، والسجود فى كل ركعة مرتين، والرفع منه، والجلوس بين السجدتين والقعود الأخير، وتعديل الأركان " أى الطمأنينة فيها " والترتيب.
(والأقوال) خمسة وهى: التحريمة، والقراءة، والتشهد الأخير، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعده، والسلام. وأن منها ما هو متفق على فريضته ومنها ما هو مختلف فيه
وهاك جدولا يتجلى لك منه حكم كل منها عند الأئمة الأربعة:
المطلوب
…
حكمه عند
النعمان
…
مالك
…
الشافعى
…
أحمد
1 النية
…
شرط
…
ركن
…
ركن
…
شرط
2 التحريمة
…
"
…
"
…
"
…
ركن
3 القيام
…
ركن
…
"
…
"
…
"
4 القراءة
…
"
…
"
…
"
…
"
5 الركوع
…
"
…
"
…
"
…
"
6 الرفع منه
…
واجب
…
"
…
"
…
"
7 الاعتدال
…
"
…
"
…
"
…
"
8 السجود مرتين
…
ركن
…
"
…
"
…
"
9 الرفع منه
…
واجب
…
"
…
"
…
"
10 الجلوس بين السجدتين
…
"
…
"
…
"
…
"
11 الطمأنينة فى الأركان
…
"
…
"
…
"
…
"
12 القعود الأخير
…
شرط
…
"
…
"
…
"
13 التشهد الأخير
…
واجب
…
سنة
…
"
…
"
14 الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم بعده
…
سنة
…
"
…
"
…
ركن أو سنة
15 السلام
…
واجب
…
ركن
…
"
…
ركن
16 الترتيب
…
فرض وواجب على ما تقدم بيانه
…
"
…
"
…
"