المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(الخامس) الأوقات المنهى عن الصلاة فيها - الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق - جـ ٢

[السبكي، محمود خطاب]

الفصل: ‌(الخامس) الأوقات المنهى عن الصلاة فيها

ويسجد سجدتين. قال النووى: هل يشترط مع التكبيرة أو الركعة إمكان الطهارة؟ فيه وجهان لأصحابنا.

أصحهما أنه لا يشترط (1)(وقالت) المالكية يشترط فى حق المعذور غير الكافر أن يدرك من الوقت زمناً يسع الطهر المحتاج إليه وركعة كاملة. أما الكافر فلا يقدّر له الطهر، لأنّ إزالة عذره بإسلامه فى وسعه (وقال) الحنفيون: يشترط فى وجوب الصلاة على من طرأ عليه سبب الوجوب أن يدرك فى آخر الوقت زمناً يسع الطهارة وستر العورة وتكبيرة الإحرام. وقد اتفق العلماء على أنه لا يجوز تعمد التأخير إلى هذا الوقت.

(الخامس) الأوقات المنهى عن الصلاة فيها

هى ثمانية أوقات يجمعها خمسة أنواع:

(1)

الصلاة بعد صلاة الصبح والعصر: نهى النبى صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس. وعن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس (روى) أبو سعيد الخدرى رضى الله عنه أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: " لا صلاةَ بعد الصبح حتى ترتفعَ الشمس. ولا صلاة بعد العصر حتى تغيبَ الشمس " أخرجه أحمد والشيخان (2){44}

وقد اختلف العلماء فى الصلاة فى هذين الوقتين (فقال) الحنفيون: يكره فيهما التنقل ولو كان له سبب. وبه قال مالك والحسن البصرى وجماعة

(1) ص 105 ج 5 شرح مسلم.

(2)

ص 291 ج 2 - الفتح الربانى وص 41 ج 2 فتح البارى (لا تتحرى الصلاة قبل الغروب) وص 112 ج 6 نووى (الأوقات التى نهى عن الصلاة فيها).

ص: 28

من الصحابة. منهم على وابن مسعود وأبو هريرة. وكان عمر يضرب على الركعتين بعد العصر بمحضر من الصحابة من غير نكير (وقال) الشافعى: يجوز أن يصلى فى هذين الوقتين ماله سبب. واستدل بصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد صلاة العصر (وأجاب) الجمهور عنه بأنه من خصوصيات النبى صلى الله عليه وسلم (وقالت) الحنبلية: يحرم التطوّع مطلقاً ولو له سبب فى هذين الوقتين، لظاهر النهى إلا ركعتى الطواف (لحديث) جُبير ابن مُطعم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" يا بنى عبدِ منافٍ لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيتٍ وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار " أخرجه أحمد والثلاثة وصححه ابن خزيمة والترمذى والحاكم وابن حبان (1){45}

ومشهور مذهب الظاهرية المنع من الصلاة مطلقا ولو فرضا بعد الصلاة الصبح وبعد صلاة العصر، لعموم النهى فى الأحاديث. ويردّه أن النبى صلى الله عليه وسلم أقرّ قيس بن عمرو على صلاته ركعتى الفجر بعد صلاة الصبح (قال) قيس بن عمرو: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقيمت الصلاة فصليتُ معه الصبح ثم انصرف فوجدنى أصلى فقال: مهْلا ياقيسُ، أصلاتان معا؟ قلت يا رسول الله إن لم أكن ركعتُ ركعتى الفجر قال: فلا إذاً " أخرجه أبو داود وابن ماجه والترمذى. وهذا لفظه (2){46}

(1) ص 54 ج 12. الفتح الربانى. وص 36 ج 2 مجتبى (إباحة الطواف فى كل الأوقات) وص 180 ج 2 سنن أدبى داود (الطواف بعد العصر) ولفظه: لا تمنعوا أحدا يطوف .. وص 94 ج 2 تحفة الأحوذى.

(2)

ص 157 ج 7 - المنهل العذب (من فاتته - سنة الفجر - متى يقضيها) وص 324 ج 1 تحفة الأحوذى (من تفوته الركعتان قبل الفجر يصليهما بعد صلاة الصبح)(فلا إذا) أى فلا حرج عليك حيث إنهما ركعتا الفجر.

ص: 29

(وقد أجمع) العلماء على جواز قضاء الفوائت فى هذين الوقتين لعموم حديث أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " من نسِىَ صلاة فلْيُصلِّها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " أخرجه الشيخان وأبو داود (1){47}

وحديث " إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفَل عنها فلْيصلها إذا ذكرها " أخرجه مسلم عن أنس (2){48}

(وقال) جماعة من السلف: تباح الصلاة مطلقا فى جميع الأوقات. وحكى عن داود. وبه جزم ابن جزم (لحديث): لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (3)(وزعموا) أن أحاديث النهى منسوخة بهذا الحديث وحديث أبى هريرة: " من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح. ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (4) " وردّ استدلالهم (أ) بأن حديث جُبير ابن مُطْهِم خاص بالصلاة فى الحرم المكى ودعواهم عامّة. فلا يصلح الاستدلال به عليها. ولا يصلح لنسخ الأحاديث الدالة على النهى عن الصلاة فى أوقات المذكورة (ب) وحديث أبى هريرة خاص بالمكتوبة صاحبة الوقت. وأحاديث النهى فى غير صاحبة الوقت. فلا يصح دعوى نسخها به على فرض تأخره (وروى) عن ابن عمر تحريم الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، لظاهر الأحاديث المذكورة، وإباحتها بعد العصر حتى تصفر الشمس، (لحديث) على رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة

(1) ص 47 ج 2 فتح البارى (من نسى صلاة فليصل إذا ذكر) وص 193 ج 5 نووى (قضاء الفائتة) وص 37 ج 4 - المنهل العذب (من نام عن صلاة أو نسيها)

(2)

ص 193 ج 5 نووى.

(3)

تقدم رقم 45 ص 29.

(4)

تقدم أول ص 27.

ص: 30

بعد العصر إلا والشمس مرتفعة " أخرجه أبو داود (1){49}

(2)

الصلاة وقت طلوع الشمس واستوائها وغروبها: نهى النبى صلى الله لعيه وسلم عن الصلاة وقت طلوع الشمس حتى ترتفع كرمح، ووقت استوائها وسط السماء - إلا يوم الجمعة - حتى تزول، ووقت اصفرارها حتى يتم الغروب (قال) عقبة بن عامر:" ثلاثَ ساعاتٍ كان النبى صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نُصلىّ فيهن أو نقُبرَ فيهن موتانا: حين تطلعُ الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميلَ الشمس، وحين تَضَيَّفُ الشمسُ للغروب حتى تغربَ " أخرجه الجماعة إلا البخارى (2){50}

وقد اختلف الفقهاء فى الصلاة فى هذه الأوقات (فقال) الحنفيون: لا تصح فى هذه الأوقات صلاة مطلقا مفروضة أو واجبة أو نافلة قضاء أو أداء مستدلين بعموم النهى عن الصلاة فى هذه الأوقات، بناء على أن النهى يقتضى الفساد (واستثنوا) من ذلك عصر اليوم، لحديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:" من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرُبَ الشمس فقد أدرك العصر (3) " فيصح أداؤه وقت الغروب، لأنه أدّاة كما وجب. ويكره تحريما تأخيره إلى هذا الوقت (واستثنوا) أيضا صلاة الجنازة إن حضرت فى وقت من هذه الأوقات فإنها تصلى فيها بلا كراهة، لحديث علىّ رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " ثلاث لا يؤخَّرن: الصلاةُ إذا أتت، والجنازةُ إذا حضرت، والأيِّم

(1) ص 168 ج 7. المنهل العذب (من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة).

(2)

انظر رقم 497 ص 282 ج 7 الدين الخالص (وقت صلاة الجنازة) و (تضيف) بتاء وضاد مفتوحتين فياء مشدّدة. أى تميل.

(3)

تقدم رقم 17 ص 13.

ص: 31

إذا وجدت كفئاً " أخرجه أحمد وابن ماجه والحاكم والترمذى وقال غريب ليس بمتصل (1){51}

(واستثنوا) أيضا سجدة تلاوة تليت آيتها فى وقت من هذه الأوقات، فإنه يصح تأديتها فيه، لأنها أدّيت كما وجبت. لكنه يكره تنزيها، لنقصان الوقت بالنهى عن الصلاة فيه. والأفضل تأخيرها لتؤدى فى الوقت المستحب، لأنها لا تفوت بالتأخير (وقد فرقوا) بين الصبح والعصر حيث قالوا بعدم صحة أداء الصبح وقت الطلوع، وبصحة أداء العصر وقت الغروب (ويرده) قول النبى صلى الله عليه وسلم:" من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (2) " فقد ستوى بينهما (واستثنى) أبو يوسف أيضا التنفل يوم الجمعة وقت الاستواء لحديث أبى قتادةَ رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كَرِه الصلاةَ نصف النهار إلا يومَ الجمعة، وقال:" إن جهنم تُسَجّر إلا يوم الجمعة " أخرجه أبو داود (3){52}

وفيه انقطاع. لأنه من رواية مجاهد عن أبى الخليل عن أبى قتادة قال أبو داود: وهو مرسل مجاهد أكبر من أبى الخليل. وهذا لم يَسمع من أبى قتادة وفى سنده ليث بن أبى سليم وهو ضعيف وقد ذكر له البيهقى شواهد ضعيفة يقوى بها وبحديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة نصفَ النهار حتى تزولَ الشمس إلا يوم الجمعة " أخرجه الشافعى فى مسنده (4){53}

(1) انظر رقم 364 ص 205 ج 7. الدين الخالص (المبادرة بتجهيز الميت) و (الأيم) بفتح الهمزة وكسر الياء مشدّدة من لا زوج له ذكرا أو أنثى.

(2)

تقدم رقم 17 ص 13، 27.

(3)

ص 239 ج 6 المنهل العذب (الصلاة يوم الجمعة قبل الزوال).

(4)

ص 52 ج 1 بدائع المنن (الأوقات المنهى عن الصلاة فيها).

ص: 32

(وقالت) الحنبلية: لا ينعقد النفل مطلقا فى هذه الأوقات الثلاثة حتى ماله سبب كسجود تلاوة وشكر وصلاة كسوف وتحية مسجد، لعموم أدلة النهى. ولا فرق فى ذلك بين مكة وغيرها ولا يوم الجمعة وغيره إلا تحية المسجد يوم الجمعة. فإنهم قالوا بجواز فعلها بلا كراهة وقت الاستواء وحال الخطبة، لحديث أبى قتادة (1)(وردّ) بأنه يفيد إباحة الصلاة مطلقا وقت الاستواء يوم الجمعة. وهم لا يقولون إلا إباحة تحية المسجد حينئذ (ويحرم) عندهم أيضا صلاة الجنازة فى هذه الأوقات إلا إن خيف عليها التغير، فتجوز للضرورة، ويجوز بلا كراهة قضاء الفوائت فى هذه الأوقات لحديث أنس مرفوعا:"من نسى صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها " أخرجه أحمد ومسلم (2). {54}

جعلوه مخصصا لأحاديث النهى (وجوّزوا) أيضا فى هذه الأوقات الصلاة المنذورة ولو نذر أن يوقعها فيها - بأن قال لله علّى أن أصلى ركعتين عند طلوع الشمس مثلا - لأنها صلاة واجبة فأشبهت الفرائض (وأباحوا) تأدية ركعتى الطواف ولو نفلا فى كل وقت، لحديث خبير بن مطعم (3) (وقالت) المالكية: تحرم النوافل ولو لها سبب والمنذورة وسجدة التلاوة وقت الطلوع والغروب لأحاديث النهى، وكذا تحرم صلاة الجنازة فى هذين الوقتين إلا إن خيف تغيرها فتجوز، وأباحوا الفرائض العينية قضاء أو أداء فى هذين الوقتين (وأباحوا) الصلاة مطلقا فرضا أو نفلا وقت الاستواء (قال الزرقانى) فى شرح الموطأ: قال الجمهور والأئمة الثلاثة بكراهة الصلاة

(1) تقدم رقم 52 ص 32.

(2)

ص 300 ج 2 - الفتح الربانى (قضاء الفوائت) وص 193 ج 5 نووى.

(3)

تقدم رقم 45 ص 29.

...

ص: 33

عند الاستواء. وقال مالك بالجواز مع روايته هذا الحديث (1)(قال) ابن عبد البر: فإما أنه لم يصح عنده، أورده بالعمل الذى ذكره بقوله: ما أدركت أهل الفضل إلا وهم يجتهدون ويصلون نصف النهار أهـ. والثانى أولى أو متعين فإن الحديث صحيح بلا شك إذ رواته ثقات مشاهير. وعلى تقدير أنه مرسل فقد تقوّى بحديثى عقبة وعمرو بن عَبَسَة وقد صححهما مسلم أهـ (2)(أقول) وحيث ثبتت صحة الحديث فهو مذهب مالك ولا وجه للتفرقة بين أجزائه بعمل الناس.

فإنه لا كلام لأحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. على أن عمل الناس إنما هو فى الصلاة وقت الاستواء يوم الجمعة. وقد تقدّم ما يدل على استثنائه. ولذا قال الباجى فى شرح الموطأ: وفى المبسوط عن ابن وهب. سئل مالك عن الصلاة نصف النهار فقال أدركت الناس وهم يصلون يوم الجمعة نصف النهار. وقد جاء فى بعض الحديث نهى عن ذلك، فأنا لا أنهى عنه الذى أدركتُ الناس عليه، ولا أحبه للنهى عنه أهـ (3) وقول مالك لا أحبه للنهى عنه، محمول على أنه لم يثبت عنده الحديث الدال على إباحة الصلاة وقت الاستواء يوم الجمعة. وقد تقدّم ما فيه (وقالت) الشافعية: يكره النفل الذى لا سبب له فى هذه الأوقات. أما الفرض مطلقا والنفل الذى له سبب،

(1) يعنى حديث أبى عبد الله الصنابحى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان، فإذا ارتفعت فارقها. ثم إذا استوت قارنها. فإذا زالت فارقها. فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها. ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فى تلك الساعات. أخرجه مالك واحمد والنسائى وابن ماجه. انظر ص 395 ج 1 زرقانى. وص 288 ج 2 - الفتح الربانى (أوقات النهى).

(2)

انظر ص 395 ج 1 زرقانى (النهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر) وحديث عقبة تقدم رقم 50 ص 31. وحديث عمرو يأتى رقم 57 ص 35.

(3)

انظر ص 362 ج 1 - المنتقى شرح مسلم.

ص: 34

فلا يكرهان لحديث: من نسى صلاة أو نام عنها فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها. أخرجه أحمد ومسلم عن أنس (1)(وأباحوا) أيضا التنفل فى الحرم المكى فى هذه الأوقات، لحديث جبير بن مطعم (2)(وأباحوا النفل) أيضا وقت الاستواء يوم الجمعة، لحديث أبى قتادة (3).

هذا والمعوّل عليه أن الصلاة مطلقا ممنوعة فى هذه الأوقات الثلاثة إلا أداء الصبح وقت الطلوع، والعصر وقت الغروب والنفل وقت الاستواء يوم الجمعة.

(3)

الصلاة بعد طلوع الفجر: تكره الصلاة بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح بأكثر من سنته عند الحنفيين وهو المشهور عن أحمد (لحديث) ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تُصلوا بعد الفجر إلا سجدتين أخرجه أبو داود والترمذى (4){55}

(ولقول) حفصة رضى الله عنها: كان النبى صلى اله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلى إلا ركعتين خفيفتين. أخرجه مسلم (5). {56}

(وقال) الحسن البصرى والشافعى: يجوز التنفل مطلقا بلا كراهة بعد طلوع الفجر قبل صلاة الصبح، لما فى حديث عمرو بن عبسة قال: قلت يا رسول الله أى الليل أسمع؟ قال جوف الليل الآخر، فصل ما شئت، فإن الصلاة مشهودة مكتوبة حتى تصلى الصبح (الحديث) أخرجه أبو داود (6){57}

(1) تقدم رقم 54 ص 33.

(2)

تقدم رقم 45 ص 29.

(3)

تقدم رقم 52 ص 32.

(4)

انظر ص 178 ج 7 - المنهل العذب. وص 321 ج 1 تحفه الأحوذى (لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا ركعتين).

(5)

انظر ص 2 ج 6 نووى (استحباب ركعتى الفجر).

(6)

انظر ص 172 ج 7 - المنهل العذب (من رخص فيهما) = أى الركعتين بعد العصر - إذا كانت الشمس مرتفعة، و (أسمع) أى أقرب إلى إجابة الدعاء وقبول العمل. و (جوف الليل الآخر) أى ثلثه الأخير أقرب للإجابة. فجوف مبتدأ خبره محذوف. و (مشهودة مكتوبة) أى تحضرها الملائكة وتكتب ثوابها.

ص: 35

فهو يدل بظاهرة على إباحة التطوّع بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتيه. ولكن ينافيه ما فى رواية عن عمرو بن عَبَسَة قال: قلتُ أىّ الساعاتِ أفضل؟ قال: جوف الليل الآخر ثم الصلاة مكتوبة مشهودة حتى يطلع الفجر. فإذا طلع الفجر فلا صلاة إلا ركعتين حتى تُصَلِّىَ الفجر (الحديث) أخرجه أحمد (1){58}

فهو صريح فى كراهة التطوع بعد طلوع الفجر بغير ركعتى الفجر، ولعله وقع اختصار فى رواية أبى داود (وقال) مالك: يجوز ذلك لمن فاتته صلاة الليل لعذر، لقول سعيد بن جبير: إن عبد الله بن عباس رقد ثم استيقظ ثم قال لخادمه أنظر ما صنع الناس وهو يومئذ قد ذهب بصره. فذهب الخادم ثم رجع فقال: قد انصرف الناس من الصبح. فقام عبد الله بن عباس فأوتر ثم صلى الصبح (وعن هشام) بن عروة عن أبيه أن عبد الله بن مسعود قال: ما أُبالى لو أقيمت صلاة الصبح وأنا أوتِر (وقال) يحيى بن سعيد: كان عبادة بن الصامت يؤمّ قوما فخرج يوما إلى الصبح فأقام المؤذن صلاة الصبح فأسكته عُبادة حتى أو تر ثم صلى بهم الصبح. أخرج هذه الآثار مالك (2).

(4)

التنفل بعد الإقامة: التطوّع بعد الشروع فى إقامة الصلاة غير مشروع (لحديث) أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أقيمت

(1) انظر ص 385 ج 4 مسند أحمد.

(2)

انظر ص 234 ج 1 زرقانى الموطأ (الوتر بعد الفجر).

ص: 36

فلا صلاة إلا المكتوبة " أخرجه أحمد ومسلم والأربعة. وذكره البخار ترجمة (1){59}

" والنفى " فيه " بمعنى النهى " وهو متوجه إلى الشروع فى غير المكتوبة المقامة. أمّا تمام ما شرع فيه قبل الإقامة، فلا يشمله النهى بل يتمّه. وإلا لزم إبطاله وهو منهى عنه بقوله تعالى:{وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} ويحتمل إبقاء النفى على أصله، أى فلا صلاة صحيحة أو كاملة. وحمله على نفى الصحة أولى، لأن نفيها أقرب إلى نفى الحقيقة. لكنه معارض بحديث عبد الله بن سَرْجِسَ قال: " جاء رجل والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى الصبح فصلى الركعتين ثم دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الصلاة فلما انصرف قال يا فلانُ: أيتُهما صلاتُك التى صلّيتَ وحدَك، أو التى صليتَ معنا؟ أخرجه مسلم والنسائى وابن ماجه وأبو داود (2){60}

فقد أنكر النبى صلى الله عليه وسلم على الرجل صلاتَه بعد الإقامة ولم يأمره بإعادة ركعتى الفجر. فدل ذلك على أن المراد نفى الكمال لا ننفى الصحة.

وحكمه النهى عن التنفل بعد الإقامة، التفرغ للفريضة من أوّلها والمحافظة على إكمالها مع الإمام، وعلى أسباب الاتفاق والبعد عما يؤدّى إلى الخلاف على الأئمة والطعن فيهم.

(1) انظر ص 221 ج 5 نووى (كراهة الشروع فى نافلة بعد الشروع فى الإقامة) وص 154 ج 7 - المنهل العذب (إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتى الفجر) وص 323 ج 1 - تحفة الأحوذى. وص 181 ج 1 - ابن ماجه (إذا أقيمت الصلاة

) وص 102 ج 2 فتح البارى.

(2)

انظر ص 223 ج 6 نووى. وص 139 ج 1 مجتبى (من يصلى ركعتى الفجر والإمام فى الصلاة) وص 182 ج 1 - ابن ماجه. وص 151 ج 7 - المنهل العذب (إذا أدرك الإمام ولم يصل ركعتى الفجر).

ص: 37

هذا. وقد دل الحديث على أنه لا ينبغى لمن حضر حال الإقامة أن يشرع فى غير الصلاة المقام لها لا فرق بين سنة الصبح وغيرها (وللعلماء) فى ذلك أقوال:

(أولا) قال ابن المبارك والشافعى وأحمد إسحاق: يكره لأن المراد بالنفى فى الحديث النهى، وهو محمول على الكراهة. أو أن النفى فيه باقى على حقيقته والمراد به نفى الكمال.

(ثانيا) قال ابن عبد البر والظاهرية: لا يجوز صلاة شئ من النوافل إذا أقيمت المكتوبة لا فرق بين ركعتى الفجر وغيرها ولو خارج المسجد، حملا للنفى فى الحديث على نهى التحريم.

(ثالثا) قال الحنفيون والثورى: لا بأس بصلاة سنة الصبح خارج المسجد أو فيه والإمام فى الفريضة إذا تيقن إدراك الركعة الأخيرة مع الإمام. وروى عن ابن مسعود وابن عمر، وابن عباس والأوزاعى وغيرهم لحديث أبى هريرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال:" إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة إلا ركعتى الفجر" أخرجه البيهقى من طريق حجاج بن نُصَير عن عبّاد بن كثير وقال: هذه الزيادة لا اصل لها. وحجاج وعباد ضعيفان (1). {61}

(وقال) أبو عثمان الأنصارى: جاء عبد الله بن عباس والإمام فى صلاة الغداة ولم يكن صلى الركعتين فصلى الركعتين خلف الإمام ثم دخل معهم (وعن) أبى الدرداء أنه كان يدخل المسجد والناس صفوف فى صلاة الفجر فيصلى الركعتين فى ناحية المسجد ثم يدخل مع القوم فى الصلاة. أخرجهما الطحاوى (2)(وقال) أبو موسى: " أقيمت الصلاة فتقدم عبد الله بن مسعود

(1) انظر ص 483 ج 2 بيهقى (كراهية الاشتغال بهما بعدما أقيمت الصلاة).

(2)

انظر ص 219 ج 1 شرح معانى الآثار (الرجل يدخل المسجد والإمام فى صلاة الفجر ولم يكن ركع أيركع؟ ).

ص: 38

إلى أُسْطُوانة فى المسجد فصلى ركعتين ثم دخل يعنى فى الصلاة" أخرجه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات (1) (رابعاً) قال مالك: يركعهما خارج المسجد إذا لم يخف فوات الركعة الأولى مع الإمام وإلا تركهما ودخل معه. لما روى زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه جاء والإمام يصلى الصبح ولم يكن صلى الركعتين قبل صلاة الصبح فصلاهما فى حُجْرة حفصةَ وصلى مع الإمام. أخرجه الطحاوى (2) (قالوا) ويبعد أن يكون حديث عبد الله بنِ سَرْجِسَ على إطلاقه ويفعلَ خلافهَ هؤلاء الصحابةُ الأجلاء (وفيه نظر) لأن ظاهر الحديث الإنكار على من دخل فى النافلة والإمام فى الفريضة. ويؤيد بقاءه على ظاهره، حديث أبى هريرة المذكورة (3). فإن فيه النهى عن ابتداء صلاة أخرى بعد إقامة الصلاة الحاضرة. ويؤيده أيضاً (حديث) أبى موسى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا صلَّى ركعتى الغداة حين أخذ المؤذن يقيم فغمز النبى صلى الله عليه وسلم منكبه وقال: "ألا كان هذا قبل هذا"أخرجه الطبرانى فى الكبير والأوسط ورجاله موثقون (4){62}

" وما ذكروه " من أن ما ذهبوا إليه فيه الجمع بين الفضيلتين " متعقَّب " بأنه يمكن الجمع بين الفضيلتين بصلاة الركعتين بعد الفراغ من الفريضة قبل الشمس أو بعدها (لقول) قيس بن عمرو: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأُقيمت الصلاةَ فصليتُ معه الصبحَ ثم انصرف النبى صلى الله عليه وسلم فوجدنى اصلى فقال " مهلا يا قيسُ، أصلاتان معاً؟ قلت: يا رسول الله إنى لم أكن ركعت ركعتى الفجر قال فلا إذاً (5) " ولحديث أبى هريرة أنّ

(1) انظر ص 75 ج 2 مجمع الزوائد (إذا أقيمت الصلاة هل يصلى غيرها؟ ).

(2)

انظر ص 220 ج 1 شرح معانى الآثار.

(3)

تقدم رقم 59 ص 36.

(4)

انظر ص 75 ج 2 مجمع الزوائد (إذا أقيمت الصلاة هل يصلى غيرها).

(5)

تقدم رقم 46 ص 29.

ص: 39

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من لم يصل ركعتى الفجر فَليُصلها بعد ما تطلع الشمس " أخرجه الترمذى وقال: لا نعرفه إلا من هذا الوجه. وفى سنده قتادة وهو مدلس رواه عن النضر بن أنس بالعنعنة (1). {63}

(وما ذكروا) من الآثار معارض بالمثل فقد ثبت عن عمر وابنه وأبى هريرة وغيرهم أنهم كانوا يمنعون الشروع فى النافلة بعد إقامة الصلاة (فعن عمر) رضى الله عنه أنه كان إذا رأى رجلا يصلى وهو يسمع الإقامة ضربه (وعن) نافع عن ابن عمر أنه أبصر رجلا يصلى الركعتين والمؤذن يقيم فحصبه وقال: أتصلى الصبح أربعا؟ أخرجهما البيهقى (2) وعلى تقدير عدم ما يعارضها فهى لا تقوى على معارضة الأحاديث المرفوعة إلى النبى صلى الله عليه وسلم (قال) ابن عبد البر وغيره: الحجة عند التنازع السنة. فمن أدلى بها فقد أفلح. وتَرْكَ التنفل عند إقامة الصلاة وتداركها بعد قضاء الفرض أقربُ إلى أتباع السنة. ويتأيد ذلك من حيث المعنى، بأن قوله فى الحادث حىّ على الصلاة معناه هلموا إلى الصلاة التى يقام لها، فأسعد الناس بامتثال هذا الأمر من لا يتشاغل عنه بغيره أهـ.

(5)

الصلاة وقت خطبة الجمعة: يمنع التنفل وقت الخطبة ولو لداخل المسجد عند الحنفيين ومالك. لأن استماع الخطبة فرض والأمر بالمعروف حرام وقتها (لحديث) أبى هريرة أنّ النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب يوم الجمعة أنْصِت فقد لغوت " أخرجه الجماعة إلا الترمذى (3). {64}

(1) انظر ص 326 ج 1 تحفة الأحوذى (ما جاء فى إعادتها بعد طلوع الشمس).

(2)

انظر ص 483 ج 2 بيهقى (كراهية الاشتغال بهما بعد الإقامة).

(3)

انظر رقم 54 ص 83 فتاوى أئمة المسلمين.

ص: 40