المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السؤال الثالث: لما كانت زكاة العروض للمدير عند مالك لا يلزم صاحبها أن يزكيها إلا إذا لم يبق له دينار أو درهم، فهل إذا كانت الدراهم والدنانير تباع بالأسواق، وتوجد فيها الأرباح الكثيرة، ولم يشترها المدير يعد ذلك فرارا من الزكاة، ويعامل بنقيض قصده أم - الرحلة إلى إفريقيا

[محمد الأمين الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌أعضاء الوفد:

- ‌الدول التي زارها الوفد:

- ‌أهداف الوفد:

- ‌الحفاوة التي قوبل بها الوفد:

- ‌القدر الذي وصلنا عبر التسجيل الصوتي مما ألقي في هذه الرحلة:

- ‌توصيف محتويات الأشرطة:

- ‌عَمَلُنا في هذه المادة:

- ‌القسم الأول (المحاضرات والكلمات)

- ‌[1] تفسير الآيات (21 - 24) من سورة البقرة

- ‌[2] (اشتمال القرآن على خيري الدُّنيا والآخرة)

- ‌[3] الإسلام دين القوة - تكريم الإسلام للمرأة

- ‌[4] (أضواء على مسائل مهمة يكثر الغلط في تصورها)

- ‌[5] الرابطة الإيمانية

- ‌[6] (الرابطة الإيمانية)

- ‌القسم الثاني (السؤالات)

- ‌السؤال الثالث: لما كانت زكاة العروض للمدير عند مالك لا يلزم صاحبها أن يزكيها إلا إذا لم يبق له دينار أو درهم، فهل إذا كانت الدراهم والدنانير تباع بالأسواق، وتوجد فيها الأرباح الكثيرة، ولم يشترها المدير يُعد ذلك فرارًا من الزكاة، ويعامل بنقيض قصده أم

- ‌السؤال الرابع: ما عندكم في لزوم الصوم، أو وجوب الفطر لخبر الرجل مع اتحاد القطر؟ وما عندكم في الاستماع لقراءة القرآن [في الإذاعة]

- ‌السؤال الخامس: ما هو حدّ البدعة التي من ارتكبها يعدّ مخالفًا للسنّة؟ وما عندكم فيما يفعله بعض متصوفة زماننا من حركات، والكلمات التي لا تعلّق لها بالصلاة، كاستدبار القبلة، والرقص والكلام بنحو: "مرّ، مرّ" مع الجزم بأن هذا كله لا يؤثر خللا في صلاتهم زاع

- ‌السؤال السادس: ما عندكم في أداء الصلاة في الطائرة الجوية إذا تيقن عدم النزول إلا بعد خروج الوقت

- ‌[السؤال التاسع: ] أريد أن يبين الشيخ للناس أن المرأة ليست لعبة بين يديّ الرجل؛ لأن يكون الرجل عادلًا مع المرأة ويعطيها حقها، ولا يجعلها لعبة أي: إذا زال الغرض فيُلقيها عنه فهذا ليس من القِسط وليس من الإنسانية

- ‌[السؤال العاشر: ] ما هو الدليل القطعي على وجوب إثبات البسملة في غير سورة النمل أو حذفها، وعلى الأول هل يجهر بها أو يسر

- ‌[السؤال الحادي عشر: ] ما هو الأظهر عندكم في الأقوال المختلفة في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف

- ‌[السؤال الرابع عشر: ] ما معنى قوله تعالى في سورة النمل: {بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ} [

- ‌[السؤال الخامس عشر: ] هل يمكن عندكم الآن تصحيح ما لم يصحح من الأحاديث كما هو مذهب النووي، أم لا يمكن كما هو مذهب ابن الصلاح

- ‌[السؤال السابع عشر: ] هل الخلع طلاق أو فسخ؟ وما هو رأيكم في تعدد الزوجات

- ‌[السؤال الثامن عشر: ] ما تقولون في التزام شخص مذهبًا معينًا

الفصل: ‌السؤال الثالث: لما كانت زكاة العروض للمدير عند مالك لا يلزم صاحبها أن يزكيها إلا إذا لم يبق له دينار أو درهم، فهل إذا كانت الدراهم والدنانير تباع بالأسواق، وتوجد فيها الأرباح الكثيرة، ولم يشترها المدير يعد ذلك فرارا من الزكاة، ويعامل بنقيض قصده أم

أنه حرام، وأنه يفرق فيه بين ذكاة العقر وذكاة الذبح.

وقد استدل مالك بالآية التي تفضّل بها فضيلة الشيخ؛ لأن الله قال في الصيد: {تَنَالُهُ أَيدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} وأضاف الأيدي والرّماح للمسلمين، فعلم من ذلك أنه لا يحل منه إلا ما كان بأيدي أو رماح المسلمين. والجمهور يقولون: إن هذا أصرح منه قول: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} [المائدة: 5]. وقد أجمع العلماء أن ذبائحهم داخلة في ذلك، قالوا: ولا فرق بين العقر والذبح؛ لأن العقر والذبح كلاهما نوع من أنواع الذكاة.

‌السؤال الثالث: لما كانت زكاة العروض للمدير عند مالك لا يلزم صاحبها أن يزكيها إلا إذا لم يبق له دينار أو درهم، فهل إذا كانت الدراهم والدنانير تباع بالأسواق، وتوجد فيها الأرباح الكثيرة، ولم يشترها المدير يُعد ذلك فرارًا من الزكاة، ويعامل بنقيض قصده أم

لا؟ وهل الورق المتعامل فيه اليوم بدل العين تجب فيه الزكاة، أم هو كسائر العُروض؟ (1).

الجواب: أمّا التجارات فجماهير علماء الأمصار، والأئمة الأربعة، والصحابة كلهم مطبقون على وجوب زكاة التجارة (2)، ولم يخالف في هذا إلا بعض الظاهرية كابن حزم (3)، قال: إنه لا

(1) انظر: الأضواء (1/ 256).

(2)

انظر: المبسوط (2/ 190)، المحلى (6/ 114)، المجموع (6/ 47)، المغني (4/ 249 - 262)، الموسوعة الفقهية (23/ 268)، الأضواء (2/ 457).

(3)

انظر: المحلى (6/ 114).

ص: 114

زكاة في التجارة، دمانه لم يقم دليل قائم على زكاة التجارة. والجمهور معهم الحق، استدلوا على وجوب الزكاة في التجارات بأدلة:

أولًا: أنها ورد فيها حديثان مرفوعان إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن صحابيين (1)، والواقع في الحقيقة أن كل واحد من الحديثين لا

(1) أما الأول فحديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعًا: "في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البرّ صدقته".

أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 213)، وأحمد (5/ 179)، والترمذي في العلل الكبير (1/ 307) وعقبه بقوله:"سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: ابن جريج لم يسمع من عمران بن أبي أنس. يقول: حُدّثت عن عمران بن أبي أنس"اهـ. وابن زنجويه في الأموال (2/ 783)، والبزار (9/ 340)، والبيهقي (4/ 147)، والحاكم (1/ 388)، وقال:"على شرط الشيخين ولم يخرجاه" اهـ. وتعقبه ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 1438) بقوله: "وفيه نظر" اهـ. وأخرجه الدارقطني (2/ 101 - 102). (بألفاظ متقاربة). والحديث ضعفه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (2/ 388)، (5/ 55 - 56)، وذكر له الحافظ في التلخيص (2/ 179) أربعة طرق -وهي عند الدارقطني- فضعف -الحافظ- ثلاثة منها وقال عن الرابع:"وهذا إسناد لا باس به" اهـ. وقال عن هذا الحديث في الدراية (1/ 260): "وإسناده حسن"اهـ. وانظر في الكلام عليه: تنقيح التحقيق (2/ 1436 - 1437)، إتحاف المهرة (14/ 11)، نصب الراية (2/ 376)، أضواء البيان (2/ 458).

وأما الحديث الثاني: فحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: "أما بعد، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نُعِدُّ للبيع".

أخرجه أبو داود في الزكاة، باب العروض إذا كانت للتجارة هي فيها من زكاة؟ حديث رقم (1547)، (4/ 424)، والدارقطني (2/ 127)، والبيهقي=

ص: 115

يخلو سنده من كلام، إلا أن الجمهور قالوا: هذان الحديثان -وإن كان كل واحد منهما لا يخلو سنده من مقال- فإنهما قد يعتضد أحدهما بالآخر، ويعتضد ذلك بما ثبت بسند صحيح لا مطعن فيه عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه أنه أخذ زكاة الجلود من تاجر يتجر بالجلود (1). هذا ثابت عن عمر بن

= في الكبرى (4/ 146 - 147) وفي الصغرى (1/ 327)، والطبراني في الكبير (7/ 253، 257)، وذكره ابن حزم في المحلى (5/ 234) وقال:"أما حديث سمرة فساقط؛ لأن جميع رواته ما بين سليمان بن موسى وسمرة رضي الله عنه مجهولون لا يُعرف من هم"اهـ .. وقال الهيثمي في المجمع (3/ 69): "في إسناده ضعف"اهـ. وقال الذهبي في الميزان (1/ 408) عن سلسلة هذا الإسناد: "وبكل حال هذا إسناد مظلم لا ينهض بحكم"اهـ. وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 1435): "انفرد أبو داود بإخراج هذا الحديث وإسناده حسن غريب"اهـ. والحديث سكت عنه أبو داود والمنذري، وحسنه ابن عبد البر، وضعفه الحافظ في التلخيص (2/ 179)، والدراية (1/ 260) والألباني في التعليق على المشكاة (1/ 568)، ضعيف أبي داود (ص 154). وانظر: بيان الوهم والإيهام (5/ 139)، إتحاف المهرة (6/ 30)، تنقيح التحقيق (2/ 1435)، التعليق المغني على الدارقطني (2/ 127 - 128)، أضواء البيان (2/ 459 - 460).

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة (3/ 183)، والشافعي (شفاء العي بتخريج وتحقيق مسند الشافعي)(1/ 414)، وفي الأم (2/ 46)، وأبو عبيد في الأموال (ص 384)، وعبد الرزاق (4/ 96)، والبيهقي (1/ 327)، وابن زنجويه في الأموال (3/ 941 - 942)، وذكره ابن حزم في المحلى (5/ 234 - 235)، وقال:"وأما حديث عمر فلا يصح؛ لأنه عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه، وهما مجهولان"اهـ. وانظر: تلخيص الحبير (2/ 180).

ص: 116

الخطاب ثبوتًا لا مطعن فيه، ولم يخالف أحد من الصحابة، فكان إجماعًا سكوتيًّا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت عن عمر بن عبد العزيز -وهو من خيار الخلفاء العظام- أنه كان يقيم الناس في الطرق، ويأخذ الزكاة من التجارات (1)، وقد قال الإمام البخاري -إمام المحدثين- في صحيحه:"باب في زكاة التجارة"(2)، وجعل هذا العنوان لزكاة التجارة، ولكنه لم يكن فيها حديث على شرط البخاري -لصعوبة شرط البخاري- فساق تحت هذا العنوان بسنده الصحيح عن مجاهد أنه فسر قوله تعالى:{أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [البقرة: 267]، قال:{مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} يعني التجارات. {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} يعني: الثمار والحبوب.

وإذا عرفنا مثلًا أن جميع العلماء يقولون بزكاة التجارات، وأنه لم يخالف في ذلك إلا من لا يعتد بهم كبعض أتباع داود كابن حزم (3)، فجميع العلماء لا يشترطون في التجارة وجوب شيء.

(1) أخرجه مالك في الموطأ (ص 170)، (596).

(2)

في كتاب الزكاة باب: صدقة الكسب والتجار (3/ 357). واقتصر في هذا الباب على آية البقرة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ -إلى قوله- أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} . قال الحافظ: "وكأنه أشار إلى ما رواه شعبة عن الحكم عن مجاهد في هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} قال: من التجارة الحلال" اهـ. إلى آخر ما ذكره الحافظ رحمه الله. والمقصود أن أثر مجاهد لم يورده البخاري رحمه الله وإنما ذكره الحافظ كما رأيت.

(3)

انظر: المحلى (6/ 414).

ص: 117

وخالف مالك في مشهور مذهبه، واشترط في تقويم عروض التجارة أن يصل يد التاجر نقد المال، وعثر بالمدوّنة بربع درهم، وشرّاحها يقولون: ولو أقل من ربع درهم، وهذا خالف فيه مالك جميع العلماء، حتى إنّ ابن حبيب من أصحابه خالفه وانضمّ إلى الجمهور، ولكنّا نقول: إن الإمام مالكًا، إنما قال هذا في وقت يكثر فيه الذهب والفضة، وينتشر فيه التجارة بالذهب والفضة، وهي أغلب الأثمان، وأن الأغلب عادة لا بدّ أن يصل يد مدير العروض بعض نقد المال؛ لأنه هو الذي به العمل والسعي في جميع المشتريات، ولا يكاد تاجر يسلم منه، أنها لو كان مالك موجودًا في زمننا هذا -بحيث لا يوجد نقد ولا فضة ولا ذهب- فمن المستحيل أن يقول للتاجر: هذه التجارات الطائلة، والأرباح النامية سنة بعد سنة تُشترى بها العقارات والدُّور هي معفاة من الزكاة، هذا ليس بصحيح، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} [البقرة: 267].

ونحن نقول: إنه لو فرضنا أن هناك أقوال وزيد يقول وعمرو يقول، فسيّد الخلق -صلوات الله وسلامه عليه- علمنا تعاليم واضحة، وأنوارًا نبوية ليس لنا أن نعدل عنها، وهو قوله -صلوات الله وسلامه عليه-:"دع ما يريبك إلى ما لا يريبك"(1) وقوله:

(1) أخرجه عبد الرزاق (3/ 117 - 118)، والطيالسي (ص 163)، والدارمي (2/ 161)، وأحمد (1/ 200)، والترمذي في أبواب صفة القيامة، باب=

ص: 118

"فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه"(1)، والزكاة ليست بالأمر الهين؛ لأنها دعيمة من دعائم الإسلام، ومن جاءت في ذمته فويله وويله، والله يقول:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34، 35] والتجارات نائبة عن الذهب والفضة؛ ولذا العلماء يقومونها بالذهب والفضة، ويخرجون منها ربع العشر كزكاة الذهب والفضة.

أمّا الأوراق فلم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد فيها نص من

= (60)، حديث رقم (2518) 4/ 668، والنسائي في الأشربة، باب الحث على ترك الشبهات. حديث رقم (5711) 8/ 327، والحاكم (2/ 13) 4/ 99، وقال:"صحيح الإسناد ولم يخرجاه"اهـ. وابن حبان (الإحسان 2/ 52)، والطبراني (3/ 75 - 76)، وأبو نعيم في الحلية (8/ 264)، وأبو يعلى (12/ 132)، من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه. وصححه الألباني في الإرواء (7/ 155)، غاية المرام (ص 130 - 131) المشكاة (2/ 845)، صحيح الترمذي (2/ 309)، ظلال الجنة (179). وللحديث شاهد من حديث واثلة بن الأسقع رضي الله عنه عند أبي يعلى (13/ 476)، والطبراني (22/ 78)، ومن حديث أنس رضي الله عنه (موقوفًا) عند أحمد (3/ 153، 112)، ومن حديث ابن عمر عند الطبراني في الصغير (1/ 102)، وعقبه بقوله:"تفرد به عبد الله بن أبي رومان" اهـ. وانظر: الإرواء (7/ 156).

(1)

أخرجه البخاري في الإيمان، باب فضل من استبرأ لدينه. حديث رقم (52) 1/ 126. وأخرجه في موضع آخر برقم (2051). ومسلم في المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات حديث رقم (1599) 3/ 1219.

ص: 119

كتاب ولا سنّة، وعندما حدثت فالمتأخرون من العلماء اختلفت وجهات نظرهم فيها، فجماعة قالوا: هي كعروض التجارة، وقال به جماعة من متأخري المالكية والحنابلة، وهذا القول لا يظهر كل الظهور؛ لأن العرض غالبًا لا بد أن تكون في ذاته منفعة مالية متمولة، وهي لا منفعة فيها، وجماعة قالوا: هي أسانيد لفلوس، وهذا أقرب إلى الحقائق؛ لأن عليها سطرًا مكتوبًا فيه: إن المؤسسة الفلانية تتعهد لحامل هذا السند أن تعطيه كذا. فهي إلى السندات أقرب، والذي وجد من هذا عن الصحابة أنهم جعلوا السند بمنزلة الشيء المكتوب فيه؛ ولذا قالوا في بيع الصكاك الذي جاء في صحيح مسلم وموطأ الإمام مالك، ومقصودي ببيع الصكاك: أنه في أيام إمامة مروان بن الحكم على المدينة، الحكومة أعطت للناس طعامًا مكتوبًا في صكوك وأوراق إلى بيما المال، فجماعة باعوا الطعام في هذه الصكوك قبل القبض، فعامّة الموجودين من العلماء قالوا: لا يجوز هذا؛ لأنكم بعتم الطعام قبل قبضه (1)، فلم يجعلوا هذه الورقة عَرَضًا، وإنما قالوا إن المدار على الشيء المكتوب فيها، وهذا أقرب الوجهين. وعلى كل حال فالذي نوصي به أنفسنا وإخواننا بتقوى الله، وأن الواحد إذا كان عنده تجارة مال من أوراق أو من غيره ينمو نموًا بعد نمو ويزداد أنه ليس من المنطق الإسلامي الرحب أن يترك الفقراء محرومين من هذا؛ لأن

(1) الموطأ (ص 443)، (1333)، ومسلم في البيوع، باب بطلان بيع المبيع قبل القبض (1528)، (3/ 1162).

ص: 120