الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما عدا المصحف الذي أُرسل إلى الشام، وفي مصحف الشام:{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ} بالواو (1). وفي سورة الشمس في بعض المصاحف {فلا يخاف عقباها} [الشمس / 15] بالفاء، وفي بعضها:{وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا} (2).
فإذا كانت الحروف تختلف بهذا الاختلاف بإبدال حرف بحرف، وحذف كلمة في قراءة وإثباتها في قراءة أخرى، فالبسملة آية في بعض هذه القراءات وليست بآية في بعضها، ولا مانع من أن يقرأها جبريل على النبي في بعض الحروف باسم أنها آية، وفي بعض الحروف يقرأ بدونها، وهذا أمر جائز، والمعروف في الأصول أنه إذا أمكن الجمع سير إليه، وهذا تُجمع به الأقاويل، واختاره غير واحد من المحققين.
وأكثر العلماء يقولون: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت عنه الجهر بها -كان قال بعضهم ثبت عنه- فالأكثر عدم الجهر بها. إذا القول بالإسرار أكثر قائلًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان معهودًا عنه أنه يجهر بها دائمًا لما كان في ذلك خلاف.
[السؤال الحادي عشر: ] ما هو الأظهر عندكم في الأقوال المختلفة في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "أنزل القرآن على سبعة أحرف
" (3)؟
(1) السابق (134).
(2)
السابق (ص 474).
(3)
حديث الأحرف السبعة متواتر كما نص على ذلك جمع من الأئمة، ومن شاء الوقوف على رواياته وطرقه فليراجع على سبيل المثال: فضائل القرآن لأبي =
الجواب: في هذا السؤال هو أنا نقول عملًا بقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] نقول: الله تعالى أعلم.
[السؤال الثاني عشر: ] ما هي الحكمة في تقديم (به) في البقرة في قوله تعالى: {أُهِلَّ بِهِ لِغَيرِ اللَّهِ} [البقرة: 173] وتأخيرها في غيرها؟
الجواب: الظاهر أن أقرب الحِكَم البلاغية فيه: هو ما يذكره بعض العلماء أنه تفنن في العبارة؛ لأن تكرير العبارة بلفظ واحد أحلى منه عند النفوس تغيير الأسلوب.
[السؤال الثالث عشر: ] ما هو التوفيق بين الحصرين في قوله تعالى: {إنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ} [الكهف: 55] وقوله: {إلا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)} [الإسراء: 94].
الجواب: أنه كما تفضلتم يظهر إشكال بين الحصرين في قوله في سورة الإسراء -سورة بني إسرائيل- {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إلا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)} [الإسراء: 94] فكأن
= عبيد (ص 301 - 307)، تفسير الطبري (1/ 21 - 67)، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (2/ 59 - 63)، الإبانة عن معاني القرآءات (ص 78 - 85)، الأحرف السبعة للداني (ص 11 - 22)، التمهيد (7/ 272)، مشكل الآثار (4/ 181 - 195)، شرح السنة للبغوي (4/ 501 - 512)، المرشد الوجيز (ص 77 - 90)، جامع الأصول (2/ 477 - 484)، فضائل القرآن لابن كثير (ص 26 - 31)، مجمع الزوائد (7/ 150 - 154)، كنز العمال (2/ 591 - 610)، كتاب مناهل العرفان دراسة وتقويم (1/ 354).
استغرابهم ببعث الرسول محصور فيه هذا المنع من الهدى، وقوله في سورة الكهف:{وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إلا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (55)} [الكهف: 55] وفي القراءة الأخرى: {قُبُلًا} (1).
والجواب عن هذا عند العلماء: هو اختلاف جهة الحصرين، أما الحصر في سورة بني إسرائيل فهو حصر عادي في سببه العادي، والأسباب العادية قد تتخلّف بمشيئة الله -جل وعلا-؛ لأنه جرت العادة أن البشر إذا جاءهم رسول منهم استغربوا وقالوا: كيف يُرسل إلينا رجل يأكل ويشرب ويمشي في الأسواق؟ وهذا كثير في القرآن كقولهم عنه: {مَا هَذَا إلا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيكُمْ} [المؤمنون: 24] وقالوا في البشر: {يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33)} [المؤمنون: 33]{أبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا} [التغابن: 6]{أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)} [القمر: 24]{مَا أَنْتُمْ إلا بَشَرٌ مِثْلُنَا} [يس: 15] فكون الناس يستغربون بعث البشر هذا استغراب عادي ضل بسببه أكثرهم، مِع أن الله بيّن لهم أن رسالة البشر هي معروفة، قال:{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ} [الفرقان: 20]{وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إلا رِجَالًا} [الأنبياء: 7] أي: لا ملائكة، وقال في الرسل:{وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ} [الأنبياء: 8] فهذا المانع وهو قولهم: {أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا} [الإسراء: 94]
(1) انظر: المبسوط لابن مهران (ص 200).