المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌11 - طرف مما رتب عليها من الكرامات والأحوال والهيآت - السبحة تاريخها وحكمها

[بكر أبو زيد]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الأولفي بيان المشروع وهو عد الذكر بالأنامل

- ‌المبحث الثانيفي بيان غير المشروع وهو عد الذكر بغير الأنامل، مثل العَدُّ بالسُّبْحَة

- ‌المرحلة الأولىالتسبيح بالحصى أو النَّوى

- ‌المرتبة الأولى: في زمن النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المرتبة الثانية: في زمن الصحابة رضي الله عنهم

- ‌النوع الأول: الآثار في الإِنكار:

- ‌النوع الثاني: آثار في الإِقرار:

- ‌المرتبة الثالثة: العَدُّ بالحصى أو النوى عند التابعين إلى الآخر:

- ‌المرحلة الثانيةعَدُّ الذكر بالسُّبْحَة

- ‌ 1 - تعريفها

- ‌2 - أسماؤها:

- ‌3 - مادتها

- ‌4 - تاريخها عند غير العرب

- ‌5 - وظيفتها عندهم

- ‌6 - تاريخ السُّبْحة عند العرب

- ‌7 - تاريخ السُّبْحة في العصور الإِسلامية:

- ‌أ- في عصر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ب- السُّبْحة لدى الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ج- السبحة لدى التابعين - رحمهم الله تعالى

- ‌د- السُّبحة بعد عصر التابعين:

- ‌8 - عَدَدُ حباتها:

- ‌9 - وظيفتها عند من اتخذها من المسلمين:

- ‌10 - أسماؤها عندهم:

- ‌11 - طَرَفٌ مما رتب عليها من الكرامات والأحوال والهيآت

- ‌ مبحث تعليقها بالعنق:

- ‌ السُّبَح في أعناق الملائكة:

- ‌المرحلة الثالثة:عَدَّ الذكر بآلة حديدية مصنعة

- ‌خلاصة التحقيق

الفصل: ‌11 - طرف مما رتب عليها من الكرامات والأحوال والهيآت

4 -

سوط الشيطان.

بل اتخذت سُبْحة الرجل اسماً خاصاً، ومنها ما ذكره السيوطي - رحمه الله تعالى - إذْ قَال (1):((وقال الشيخ الإِمام العارف عمر البزار، كانت سبحة الشيخ أبو الوفاء ((كاكيش)) وبالعربي: عبد الرحمن التي أعطاها للشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني - قَدَّس الله أرواحهم - إذا وضعها على الأرض تدور حبة حبة)) انتهى.

انظر كيف شَبَّه لهم الشيطان بالسُّبْحَة، حتى نُفِخَتْ فيها الرُّوْح؟!.

‌11 - طَرَفٌ مما رتب عليها من الكرامات والأحوال والهيآت

.

ورتبوا عليها من الكرامات والأحوال ما يطول الكتاب بذكره.

منها: ما تقدم عن أبي مسلم الخولاني. ومنها: سُبحة أبي الوفاء المذكورة آنفاً، ومنها: ما ذكره السيوطي أيضاً

(1) المنحة في: الحاوي: 2/ 144. ولعل: ((كاكيش)) اسم لأبي الوفاء صاحب السُّبْحَة.

ص: 76

فقال: ((وقد أخبرني من أثق به؟! أنه كان مع قافلة في درب بيت المقدس، فقام عليه سرية عرب، وجردوا القافلة جميعهم وجردوني معهم، فلما أخذوا عمامتي سقطت مسبحة من رأسي، فلما رأوها، قالوا: هذا صاحب سُبحة، فردوا عليَّ ما كان أخذ لي، وانصرفت سالماً منهم.

قال السيوطي: فانظر يا أخي إلى هذه الآلة المباركة الزاهرة، وما جمع فيها من خير الدنيا والآخرة)) انتهى؟!!.

وقد تطور الحال إلى مشروعية تعليقها بالأعناق، حتى أَلَّف البناني محمد بن عبد السلام - ابن حمدون الفاسي - المتوفى سنة 1163 رسالة باسم:((تحفة أهل الفتوحات والأذواق في اتخاذ السبحة وجعلها في الأعناق)) وهو مطبوع في ((156)) صفحة.

وقد بلغ الحال إلى إمرار الإِبهام والسبابة على خرزات السبحة بسرعة فائقة، لا يساوي زمن إدارتها قول:((سبحان الله)) مرتين أو ثلاثاً.

وحصل فيها من فاسد الاعتقاد: إلى توارثها بعد

ص: 77

الصالحين، والاعتقاد فيها، والاحتفاظ بها، وإلى وقفيتها، ولدى بعض النظار على الأوقاف شنطة صغيرة فيها مجموعة سبح، يأتي الفقراء والدراويش للتسبيح بها على روح صاحب الوقف، وهكذا. . وبعض محبي الخير يعلقونها في المساجد للتسبيح بها، وقد شاهدت ذلك في عدد من بلدان العالم الإِسلامي. وقد صار عند بعض من تلاعب بهم الشيطان مظهراً للرياء، وإظهار التعبد، وأنه في زُمْرة الذاكرين، وهو من الذين يختلون الدنيا بالدين. وللشاعر محمد الأسمر كما ذكر الجندي في مقاله:((السبحة والمسبحون)) قصيدة في ((18)) بيتاً، ذكر فيها بعض أحوال المسبحين بالسُّبْحَة فقال:

فقد تُرى في حانة

كما تُرى في المسجد

وعدة للنصب من

أدهى وشر العدد

حَبَّالة الخاتل إن

تَلْقَ حِمَاراً تَصْطَدِ

يحملها في كفه

وهي فساد المُفْسِدِ

ومن رآها ظنها

هداية للمُهْتَدِي

ص: 78

واعلم أن أصحاب الطرق، تَعَلَّقُوا بالسُّبْحَة، وشُغِفوا بها، حتى صارت سمة لهم وشعاراً، وكل أصحاب طريقة يذكرون لها من الكرامات، والخصائص، والأوصاف، ما لا يخطر على بال، فصارت من لوازم الطريق بداية ونهاية، ومن وظائف المريد، ولو أخذت أتتبع ما لديهم بشأنها من الأقوال والأفعال؛ لطال الكلام، وكله من بابة واحدة:

الغلو، والإِسراف، من جهة، والاختلاق، والتصورات الشيطانية، من جهة أخرى، وهكذا من ضل عن الطريق النبوي وقع في مثل هذه النقائص.

وأكتفي هنا بسياق مقتطفات بنصها من كتاب: ((تحفة أهل الفتوحات والأذواق في اتخاذ السُّبْحَة وجعلها في الأعناق وبعض الآداب. . .)) تأليف فتح الله بن أبي بكر بن عبد السلام بن حمدون البناني الشاذلي الدرقوي المتوفى سنة 1353، فإن هذا الكتاب يقع في:((156)) صفحة، تكلم عن السُّبْحَة من ص / 3 - حتى ص / 20 وما بعد ذلك فهو في آداب الطريقة، وأسوق هذه المقتطفات جاعلاً لها عناوين؛

ص: 79

لتلفت الأنظار إلى مضامينها المظلمة المنسوبة إلى الشرع المطهر ظلماً، وهي:

• سُبحة الشيخ السلوي:

((وفي طبقاتنا)) في ترجمة الشيخ المتقدم - نفعنا الله به - في الكلام على مجاهدته وخلوته التي كان يتعبد فيها بإزاء جامع الأندلس بفاس - حرسها الله - ما نصه: وقد زرت هذه الخلوة المباركة بعد وفاته رحمه الله في بعض سياحاتي لما حللت فاساً لزيارة مولانا إدريس ووالده والإِخوان والأولياء الكائنين بها الأَحياء والمنتقلين - نفعنا الله بهم - ورأيت فيها سبحته التي كان يذكر بها رضي الله عنه وتبركت بها وهي عظيمة جداً بحيث كان يعلقها في سقف الخلوة تعظيماً لها وتحفظاً عليها؛ لكونها آلة يستعان بها في الجهاد الأكبر، والسقف المعلقة فيه عال في الجملة، وتصل إِلى الأرض، ويستعملها على تلك الحالة وقد جعل لها جرارة ليسهل دورانها فيها - وقد قال بعض الكبار -: لو أمكننا التسبيح بالجبال لفعلنا، أي أن يجعل حبة السبحة مقدار

ص: 80