المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الذكرى   من البر يا قلب أن تدكر … فمل بي على - أسواق الذهب

[أحمد شوقي]

الفصل: ‌ ‌الذكرى   من البر يا قلب أن تدكر … فمل بي على

‌الذكرى

من البر يا قلب أن تدكر

فمل بي على الفائت المندثر

ولا تأل ذكرى ولا تدخر

هلم ننشر مطوي الصفحات، ونقرب نازح اللذات، ونؤب من سفر الأيام بغائب اللبانات. أعد علي من دقات ناقوسك ترنيما كان لذيذ الحواشي رخيما، ومن دقائق ساعتك مارن في أذني قديما، فما زلت يا قلب تقضي الحقوق، وتذكر العهود فتجزيها التلفت والخفوق، حتى كأنك قلبان، قلب مع الماضي متخلف العنان، وقلب يساير ركب الزمان، بعيشك قل لي: من علمك رد الأحلام؟، ورجوع القهقرى في نواحي الأيام؟، ومن رسم لك الإلمام بدمنة عيش أو برسم غرام؟، ومن علم الدم وصل الحبال،

ص: 54

وحمل اللحم ما يوهن الجبال، من الحنين إلى سالف خال، أو البكاء على دارس بال؟ وما سلطانك يا قلب حتى تدنى الممعن في بعده، وتجده وإن تطاول العهد على فقده؟ ومن علمك أن تتحدث، وتقلب الأقدم والأحدث وتذكر الصبا وأيامه، وواديه وآرامه وبساطه ومدامه؟. . .

هو الله الذي صورك فأدقك، وقدر خفوقك ودقك، ومهدك وزقك، وكتب عليك في الضلوع رقك؛ وما أنت لولا التذكر والفكر، إلا كبعض القلوب إذ هي حجر، ينفجر بالعذب ولا يعلم كيف انفجر، ولا متى نبع ولا أين انحدر أو كالأرض يذهب شجر ويأتي شجر. فلا تذكر ما غاب، ولا تشعر بما حضر.

ص: 55