الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهادة الدراسة
شهادة
الحياة
ما بال الناشئ وصل اجتهاده، حتى حصل على الشهادة؛ فلما كحل بأحرفها عينيه، وظفرت بزخرفها كلتا يديه؛ هجر العلم وربوعه، وبعث إلى معاهده بأقطوعة؛ طوى الدفاتر، وترك المحابر، وذهب يخايل ويفاخر، ويدعي علم الأول والآخر؟ فمن ينبيه، بارك الله فيه لأبيه، وجزى سعي معلمه ومربيه: أن الشهادة طرف السبب، وفاتحة الطلب، والجواز إلى أقطار العلم والأدب؛ وأن العلم لا يملك بالصكوك والرقاع، وأن المعرفة عند الثقات غير وثائق الإقطاع. ومن يقول له أرشده الله: إن شهادة المدرسة غير
شهادة الحياة
؟.
فيا ناشئ القوم بلغت الشباب، ودفعت على الحياة الباب؛ فهل تأهبت للمعمعة، وجهزت النفس للموقعة، ووطنتها على الضيق بعد السعة، وعلى شظف العيش بعد الدعة؟ دعت الحياة نزال فهلم اقتحم المجال، وتورد القتال؛ أعانك الله على الحياة، إنه حرب فجاءات وغدر وبيات، وخداع من الناس ومن الحادثات؛ فطوبى لمن شهدها كامل الأدوات، موفور المعدات؛ سلاحه، صلاحه، وترسه، درسه؟ ويلبه، أدبه؛ وصمصامته استقامته؛ وكنانته أمانته؛ وحربته، دربته.
الحياة
القبس، والنفس والروح القدس؛ ظاهرها هذه الجيفة، وباطنها النفس الشريفة؛ تبعة الذنب القديم، وأثر آدم على الأديم؛ فيا طريد القدر، ونفي الحظر، وأبا البشر؛ ما أطول ذماءك، وأدوم ماءك، وما أكثر بناتك وأبناءك، وأقل اهتمامك بهم واعتناءك! ولدت للموت، وأوجدت للفوت؛ تقسم القبس نفوسا بلا عدد. وتفرق النفس في شتى الولد؛ فليت شعري كيف استقلهما صلصالك، وكيف قويت عليهما أوصالك؟ آمنا بأنك الجد، فهل لهذا التدفق حد، أم ما لأمر الله مرد؟ الحياة كعهدك بها معصية، عن الحظيرة مقصية؛ وخلوة
حلوة؛ عواقبها نغص، ومشاربها غصص؛ أفعى خداعة، ولذة لذاعة؛ شوك بغض الورد، وقذى نغص الورد: أمور شتى الأعنة، وحوادث وقع وأجنة؛ فقل لمن أطال التفكير، وبالغ في النكير وكد باله، ومد بلباله، واحترق احتراق الذبالة:
خل اهتمامك ناحيه
…
وخذ الحياة كما هيه