الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذكرى
قل لا أعرف الرق، وتقيد بالواجب وتقيد بالحق؛ الحرية وما هيه؟ "الحميراء" الغالية، فتنة القرون الخالية، وطلبة النفوس العالية؛ غذاء الطبائع، ومادة الشرائع، وأم الوسائل والذرائع؛ بنت العلم إذا عم، والخلق إذا تم، وربيبة الصبر الجميل والعمل الجم؛ الجهل يئدها، والصغائر تفسدها، والفرقة تبعدها؛ تكبيرة الوجود، في أذن المولود؛ وتحية الدنيا له إذا وصل، وصيحة الحياة به إذا نصل؛ هاتف من السماء يقول له: يا ابن آدم؛ حسبك من الأسماء عبد الله وسيد العالم، وهي القابلة التي تستقبله، ثم
تسره وتسربله، وهي المهد والتميمة، والمرضع الكريمة، المنجبة ك"حليمة". ألبانها حياة، وأحضانها جنات. وأنفاسها طبات. العزيز من ولد بين سحرها ونحرها، وتعلق بصدرها، ولعب على كتفها وحجرها، وترعرع بين خدرها وسترها. ضجيعة موسى في التابوت، وجاورته في دار الطاغوت،
والعصا التي توكأ عليها، والنار التي عشا إليها، جبلة المسيح، السيد السميح، وإنجيله، الذي حاربه جيله، وسبيله، الذي جانبه قبيله، طينة محمد عن نفسه، عن قومه، عن أمسه، عن يومه، أنساب عالية، وأحساب زاكية، وملوك بادية، لم يدنهم طاغية، وهي روح بيانه، ومنحدر السور على لسانه، الحرية، عقد الملك، وعهد الملك، وسكان الفلك، يد القلم، على الأمم، ومنحة الفكر، ونفحة الشعر وقصيدة الدهر، لا يستعظم فيها قربان، ولو كان الخليفة عثمان بن عفان، جنين يحمل به في أيام المحنة، وتحت أفياء الفتنة، وحين البغي سيرة السامة، والعدوان وتيرة العامة، وعند تناهي غفلة السواد، وتفاقم عبث القواد، وبين الدم المطلول، والسيف المسلول، والنظم المحلول، وكذلك كان الرسل
يولدون عند عموم الجهالة، ويبعثون حين طموم الضلالة؛ فإذا كملت مدته. وطلعت غرته، وسطعت أسرته وصحت في المهد إمرته، بدلت الحال غير الحال، وجاء رجال بيد الرجال؛ دين ينفسح للصادق والمنافق، وسوق يتسع للكاسد والنافق، مولود حمله قرون، ووضعه سنون وحداثته أشغال وشئون، وأهوال وشجون، فرحم الله كل من وطأ ومهد، وهيأ وتعهد، ثم استشهد قبل أن يشهد.
إذا أحرزت الأمم الحرية أتت السيادة من نفسها، وسعت الإمارة على رأسها، وبنيت الحضارة من أسها؛ فهي الآمر الوازع، القليل المنازع، النبيل المشارب والمنازع؛ الذي لا يتخذ شيعة، ولا صنيعة، ولا يزدهي بخديعة؛ خازن ساهر، وحاسب ماهر؛ دانق الجماعة بذمة منه وأمان، ودرهمهم في حرزه درهمان.
"فيا ليلى" ماذا من أتراب، واريت التراب؟ وأخدان أسلمت للديدان؟ عمال للحق عمار، كانوا الشموس والأقمار، فأصبحوا على أفواه الركاب والسمار؛ وأين قيسك المعول؟ ومجنونك الأول؟ حائط الحق الأطول، وفارس الحقيقة الأجول؛ أين مصطفى؟ زين الشباب، وريحان الأحباب. وأول من دفع الباب، وأبرز الناب، وزأر دون الغاب؟. . .