المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌اللسان مضغة لحم، في عظم؛ سماها الناس اللسان، وعظموها لفضيلة‌ ‌ البيان ، - أسواق الذهب

[أحمد شوقي]

الفصل: ‌ ‌اللسان مضغة لحم، في عظم؛ سماها الناس اللسان، وعظموها لفضيلة‌ ‌ البيان ،

‌اللسان

مضغة لحم، في عظم؛ سماها الناس اللسان، وعظموها لفضيلة‌

‌ البيان

، فقوموها بنصف الإنسان؛ عضل نبت من الحلقوم وقناته، وثبت في أصل لهاته، ولبث في السجن ظمء حياته، لا يتحرك منه سوى شباته؛ رسول العقل في النقل؛ وأداة الدماغ، في البلاغ؛ وترجمان النفس في رواية العاطفة، وحكاية الصحو والعاصفة؛ الوحي على عذباته ظهر، ومن جنباته انحدر؛ فكان أول من سفر بين الخالق وبين البشر، ثم فجر بالحكمة فانفجر، ثم علم الشعر فشعر، فسبحان الذي خلقه، وعلقه، والذي قيده وأطلقه، والذي أسكنه وأنطقه. والذي يميته فيندثر والذي هو على بعثه مقتدر.

ص: 64

البيان

رحيق النبيين ووإبريق العبقريين. وحظ المرزوقين ونصيب الموفقين. وذرا الجمال، وذرا الكمال، والتوفيق الذي لا ينال، بسلطان ولا مال، والخلد الذي يؤخذ باليمين وغيره يؤخذ بالشمال؛ صديق البشرية، وعدو الجبرية، حادى الإنسانية، السائق بالمطية، حتى تبلغ الطية، يمر بها على الخير وربوعه، والبر وينبوعه، ويقبل بها على الحق وقبيله، ويعدلها إلى العدل وسبيله، ويلم بها على الجمال ومغناه، وغرف لفظه تحت حور معناه ويلج بها على العواطف، حنايا الضلوع اللواطف، وهو الملك على كل اللغات، إذا انتظم سلطانه أقطار البلاغات، إذا

ص: 65

انتقل من لسان إلى لسان، في أمانةٍ من الناقل وإحسان، أسرع في مضاهاته وتمكن في جهاته، تمكن اللسان من لهاته، فكأنه التغريد أو البغام، أو منطق الأنغام، ترجع له الأمم، وإن ذهبت كل أمة بكلام.

ص: 66