المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌خطيب المساجد يا مرشد العابد، وراد الهوى الشارد: أعلمت أي مقام - أسواق الذهب

[أحمد شوقي]

الفصل: ‌ ‌خطيب المساجد يا مرشد العابد، وراد الهوى الشارد: أعلمت أي مقام

‌خطيب المساجد

يا مرشد العابد، وراد الهوى الشارد: أعلمت أي مقام أقمت، ولأي بلاء قدمت؟ إنما ندبت للوعظ والإرشاد، وتعليم العلية والسواد، أدب المعاش والمعاد، وخلفت الخلفاء على تلك الأعواد؛ الآذان لك مرهفة، والأذهان إليك متشوقة، فماذا عندك للأتقياء من الأغنياء؛ ولكل ممول، في الصف الأول من إشارة إلى الذهب المدخر، والقريب الضجر، والوارث المنتظر؛ وإلى الخير وجمعياته، والبر وقضياته؟ وماذا أعددت للتاجر، من الوعظ الزاجر، تحضه فيه على الأمانة، وتحذره عواقب الخيانة، وتوصيه بسمعته ضنا وصيانة؟ أو الذي بذلت للعامل والصانع، من لفظ رائع ووعظ جامع، في السلوك الحسن والدعوة إليه، وإتقان العمل والحض عليه؟ وهل ذكرت للعامة أن ضرب النسوة، ضرب من القسوة؟ وأن البغي ب‌

‌الطلاق

، يمقته الدين والأخلاق؟ وأن الطفل من حقه أن يهذب، لا أن يضرب ويعذب، وأن

ص: 88

يكسب عليه، لا أن يكسب هو على أبويه؟ وأن التيس لو عقل ما اتخذ نعجتين، فكيف يتزوج الفقير العاقل اثنتين!؟ أم أنت كما زعموا ببغاء لم تحفظ غير صوت، تردده إلى الموت، كلمات محفوظة، في كل مكتوبة ملفوظة، سف من خشب، وخطوب في صورة خطب؟.

ص: 89

الطلاق

أزمة تمنع أزمات، وملمة تدفع ملمات؛ دواء ساء استعماله فصار هو الداء، ودرع للتوقي عادت آلة اعتداء؛ نظم على غير أصوله متبع، عبث به الجهل حتى انقطع، وضاعت على الشارع حكمة ما شرع؛ حلال عليه بشاعة الحرام، وحق يشره إليه اللئام، ويكره عليه الكرام؛ منع الله به الظلم، رأفة بكم ورحمة؛ فما بالكم قلبتم الحكم، وعكستم الحكمة؛ تختلقون الريب، وتطلقون على غضب، وتسرحون بلا سبب؟ أيها الناس: إن كان الكتاب تسمح، فإن الحديث قد لمح؛ هبوا أن الشارع أطلق الطلاق. اتكالا على الدين والأخلاق؛ أليس الموقف موقف حذر، والمسألة فيها نظر؟ أمر تبعاته على ضمائركم، وسوء استعماله على سرائركم وفضيحة بعضكم به واقعة على سائركم! حرم الطلاق دينهم ثم حللته قوانينهم، ولكن في دائرة الحق ووجوه الرفق وبإشراف قضاة يحمون نظم الزواج من عبث الخاصة، وجهالة العامة.

ص: 90