الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم وَنَفَعَنَا بِمَحَبَّتِهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: اعْلَمُوا رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ أَنَّ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم بَيَانُهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل وَفِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَبَيَانٌ مِنْ
قَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَبَيَانٌ مِنْ قَوْلِ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَلَا يَنْبَغِي لِمُسْلِمٍ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ عز وجل أَنْ يَشُكَّ فِي هَذَا ، فَأَمَّا دَلِيلُ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ عز وجل قَالَ:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعَبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [النور: 55] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَقَدْ وَاللَّهِ أَنْجَزَ اللَّهُ الْكَرِيمُ لَهُمْ مَا وَعَدَهُمْ بِهِ ، جَعَلَهُمُ الْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَكَّنَهُمْ فِي الْبِلَادِ ، وَفَتَحُوا الْفُتُوحَ ، وَغَنِمُوا الْأَمْوَالَ ، وَسَبَوْا ذَرَارِيَّ الْكُفَّارِ ، وَأَسْلَمَ فِي خِلَافَتِهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، وَقَاتَلُوا مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ حَتَّى أَجْلَوْهُمْ ، وَرَجَعَ بَعْضُهُمْ ، كَذَلِكَ فَعَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه فَكَانَ
سَيْفُهُ فِيهِمْ سَيْفَ حَقٍّ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ الرَّابِعُ وَهُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه كَانَ سَيْفُهُ فِي الْخَوَارِجِ سَيْفَ حَقٍّ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ ، فَأَعَزَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ دِينَهُ بِخِلَافَتِهِمْ ، وَأَذَلُّوا الْأَعْدَاءَ ، وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ ، وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ، وَسَنُّوا لِلْمُسْلِمِينَ السُّنَنَ الشَّرِيفَةَ ، وَكَانُوا بَرَكَةً عَلَى جَمِيعِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَأَمَّا مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَإِنَّهُ رَوَى سَفِينَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً» ثُمَّ قَالَ: أَمْسَكَ أَبُو بَكْرٍ سَنَتَيْنِ ، وَعُمَرُ عَشْرًا ، وَعُثْمَانُ ثِنْتَا عَشْرَةَ ، وَعَلِيٌّ سِتًا ، وَكَذَا وُلُّوهَا ، وَكَذَا رَوَى أَبُو بَكْرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَبِيهًا بِهَذَا ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:«الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ» وَسَنَذْكُرُ السُّنَنَ وَالْآثَارَ فِي ذَلِكَ
1177 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ قَالَ
⦗ص: 1704⦘
: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ ، عَنْ سَفِينَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ سَنَةً» ثُمَّ قَالَ: أَمْسِكْ ، خِلَافَةُ أَبِي بَكْرٍ سَنَتَانِ ، وَعُمَرَ عَشْرٌ ، وَعُثْمَانَ ثِنْتَا عَشْرَةَ ، وَعَلِيٍّ سِتٌّ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: قُلْتُ لِحَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ: سَفِينَةُ الْقَائِلُ: أَمْسِكْ قَالَ: نَعَمْ
1178 -
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، وَهُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ قَالَا: أَنْبَأَنَا الْعَوَّامُ بْنُ حَوْشَبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ قَالَ: سَمِعْتُ سَفِينَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْخِلَافَةُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَةً» فَحَسَبْنَا فَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ
1179 -
وَأَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الْجَوْزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِشْكَابَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنِ الْعَوَّامِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ ، عَنْ سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْخِلَافَةُ فِي أُمَّتِي ثَلَاثُونَ سَنَةً» قَالَ: فَعَدُّوا ذَلِكَ فَوَجَدُوهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: وَلِحَدِيثِ سَفِينَةَ طُرُقٌ جَمَاعَةٌ
1180 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِقْسَمِيُّ قَالَ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ: وَلَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا عَنْهُ ، وَكَانَ أَبِي يَسْأَلُ عَنْهُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: وَفَدْنَا مَعَ زِيَادٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ رحمه الله فَلَمَّا دَخَلْنَا عَلَيْهِ قَالَ لِأَبِي: يَا أَبَا بَكْرَةَ حَدِّثْنَا بِحَدِيثٍ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْخِلَافَةُ ثَلَاثُونَ ، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا»
1181 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ
⦗ص: 1707⦘
الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ الْكَلْوَذَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ ، عَنْ شُفَيِّ بْنِ مَاتِعٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْكُمُ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ، لَا يَلْبَثُ بَعْدِي إِلَّا قَلِيلًا ، وَصَاحِبُ رَحَا دَارَةِ الْعَرَبِ يَعِيشُ حَمِيدًا ، وَيَمُوتُ شَهِيدًا» فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَقَالَ: «وَأَنْتَ يَسْأَلُكَ النَّاسُ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصًا كَسَاكَهُ اللَّهُ عز وجل فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ لَئِنْ خَلَعْتَهُ لَمْ تَدْخُلِ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ» فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: مَا لَنَا وَلِهَذَا ، إِنَّمَا جَلَسْنَا لِتُذَكِّرَنَا قَالَ: فَقَالَ: أَمَا لَوْ تَرَكْتَنِي لَأَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ فِيهِمْ وَاحِدًا وَاحِدًا "
1182 -
وَأَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ الصُّوفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ شُفَيٍّ الْأَصْبَحِيِّ ، فَقَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «يَكُونُ خَلْفِي اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً ، أَبُو بَكْرٍ لَا يَلْبَثُ خَلْفِي إِلَّا قَلِيلًا ، وَصَاحِبُ رَحَا دَارِهِ الْعَرَبُ يَعِيشُ حَمِيدًا ، وَيَمُوتُ شَهِيدًا» قَالُوا: وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ: «عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ» قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: «يَا عُثْمَانُ ، إِنْ كَسَاكَ اللَّهُ قَمِيصًا ، فَأَرَادَكَ النَّاسُ عَلَى خَلْعِهِ ، فَلَا تَخْلَعْهُ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَئِنْ خَلَعْتَهُ ، لَا تُرَحْ رِيحَ الْجَنَّةِ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: وَقَدْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ رضي الله عنهم خَلْقٌ كَثِيرٌ فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَلَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَصَّرَ فِيمَا يَجِبُ لِلَّهِ عز وجل عَلَيْهِ وَأَسْرَفَ ، وَقَدْ وَرَدَ الْجَمِيعُ إِلَى اللَّهِ عز وجل وَهُوَ أَحْكُمُ الْحَاكِمِينَ ، وَقَدْ أَمَرَنَا نَحْنُ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لَهُمْ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ ، وَبِالصَّلَاةِ خَلْفَهُمْ ، وَبِالْجِهَادِ مَعَهُمْ ، وَبِالْحَجِّ مَعَهُمْ ، مَعَ الْبَرِّ مِنْهُمْ وَالْفَاجِرِ ، وَالْعَدْلِ مِنْهُمْ وَالْجَائِرِ ، وَلَا نَخْرُجُ عَلَيْهِمْ ، وَالصَّبْرِ
⦗ص: 1709⦘
حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عز وجل ، قَالَ رَجُلٌ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ مَا تَقُولُ فِي أُمَرَائِنَا هَؤُلَاءِ؟ فَقَالَ الْحَسَنُ: «مَا عَسَى أَنْ أَقُولَ فِيهِمْ ، هُمْ لِحَجِّنَا ، وَهُمْ لِغَزْوِنَا ، وَهُمْ لِقَسْمِ فَيْئِنَا ، وَهُمْ لِإِقَامَةِ حُدُودِنَا ، وَاللَّهِ إِنَّ طَاعَتَهُمْ لَغَيْظٌ ، وَإِنَّ فُرْقَتَهُمْ لَكُفْرٌ ، وَمَا يُصْلِحُ اللَّهُ بِهِمْ أَكْثَرُ مِمَّا يُفْسِدُ» وَقِيلَ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ إِنَّ خَارِجِيًّا خَرَجَ بِالْحَرِيبَةِ ، فَقَالَ:«الْمِسْكِينُ رَأَى مُنْكَرًا فَأَنْكَرَهُ ، فَوَقَعَ فِيمَا هُوَ أَنْكَرُ مِنْهُ»