الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ قِصَّةِ ابْنِ سَبَأٍ الْمَلْعُونِ وَقِصَّةِ الْجَيْشِ الَّذِينَ سَارُوا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه فَقَتَلُوهُ
1458 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَيْفٍ السِّجِسْتَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ بْنُ يَحْيَى بْنِ السَّرِيِّ التَّمِيمِيُّ أَبُو عُبَيْدَةَ قَالَ حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ عَطِيَّةَ ، عَنْ يَزِيدَ الْقَفَسِيِّ قَالَ: كَانَ ابْنُ سَبَأٍ يَهُودِيًّا مِنْ أَهْلِ صَنْعَاءَ ، أُمُّهُ سَوْدَاءُ ، فَأَسْلَمَ زَمَانَ عُثْمَانَ رضي الله عنه ، ثُمَّ تَنَقَّلَ فِي بُلْدَانِ الْمُسْلِمِينَ يُحَاوِلُ ضَلَالَتَهُمْ ، فَبَدَأَ بِالْحِجَازِ ، ثُمَّ الْبَصْرَةِ ، ثُمَّ الْكُوفَةِ ، ثُمَّ الشَّامِ ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَا يُرِيدُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ ، فَأَخْرَجُوهُ ، حَتَّى أَتَى مِصْرَ ، فَاغْتَمَرَ فِيهِمْ ، فَقَالَ لَهُمْ فِيمَا كَانَ يَقُولُ: الْعَجَبُ مِمَّنْ يَزْعُمُ أَنَّ عِيسَى عليه السلام يَرْجِعُ، وَيُكْذِّبُ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَرْجِعُ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ
⦗ص: 1985⦘
عز وجل {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ} [القصص: 85] فَمُحَمَّدٌ أَحَقُّ بِالرُّجُوعِ مِنْ عِيسَى قَالَ: فَقُبِلَ ذَلِكَ عَنْهُ، ثُمَّ وَضَعَ لَهُمُ الرَّجْعَةَ فَتَكَلَّمُوا فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّهُ كَانَ لِكُلِّ نَبِيٍّ وَصِيُّ ، وَكَانَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَصِيَّ مُحَمَّدٍ ، وَقَالَ لَهُمْ: مُحَمَّدٌ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلِيٌّ خَاتَمُ الْأَوْصِيَاءِ ، وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ لَمْ يُجِزْ وَصِيَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَوَثَبَ عَلَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ قَالَ لَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ: أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ جَمَعَ أَنْ أَخَذَهَا بِغَيْرِ حَقِّهَا ، وَهَذَا وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَانْهَضُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ فَحَرِّكُوهُ وَابْدَءُوا بِالطَّعْنِ عَلَى أُمَرَائِكُمْ ، وَأَظْهِرُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ، تَسْتَمِيلُوا النَّاسَ ، وَادْعُوا إِلَى هَذَا الْأَمْرِ ، فَبَثَّ دُعَاةً ، وَكَاتَبَ مَنْ كَانَ اسْتَفْسَدَ فِي الْأَمْصَارِ وَكَاتَبُوهُ ، وَدَعَوْا فِي السَّيْرِ إِلَى مَا عَلَيْهِ رَأْيُهُمْ ، وَأَظْهَرُوا الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ ، وَجَعَلُوا يَكْتُبُونَ إِلَى الْأَمْصَارِ بِكُتُبٍ يَضَعُونَهَا فِي عُيُوبِ وُلَاتِهِمْ ، وَيُكَاتِبُهُمْ إِخْوَانُهُمْ بِمِثْلِ ذَلِكَ ، وَيَكْتُبُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ إِلَى أَهْلِ مِصْرٍ آخَرَ بِمَا يَصْنَعُونَ ، فَيَقْرَأُهُ أُولَئِكَ فِي أَمْصَارِهِمْ ، وَهَؤُلَاءِ فِي أَمْصَارِهِمْ ، حَتَّى يَنَالُوا بِذَلِكَ الْمَدِينَةَ ، وَأَوْسَعُوا الْأَرْضَ إِذَاعَةً وَهُمْ يُرِيدُونَ غَيْرَ مَا يُظْهِرُونَ ، وَيَسْتُرُونَ غَيْرَ مَا يَرَوْنَ ، فَيَقُولُ أَهْلُ كُلِّ مِصْرَ: إِنَّا لَفِي عَافِيَةٍ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَإِنَّهُمْ جَاءَهُمْ ذَلِكَ ، عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ ، فَقَالُوا: إِنَّا لَفِي عَافِيَةٍ مِمَّا النَّاسُ فِيهِ
⦗ص: 1986⦘
قَالَ: وَاجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَيَأْتِيكَ عَنِ النَّاسِ الَّذِي أَتَانَا؟ قَالَ:«لَا وَاللَّهِ مَا جَاءَنِي إِلَّا السَّلَامَةُ» قَالُوا: فَإِنَّا قَدْ أَتَانَا وَأَخْبَرُوهُ بِالَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِمْ قَالَ: «فَأَنْتُمْ شُرَكَائِي ، وَشُهُودُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَشِيرُوا عَلَيَّ» ، قَالُوا: نُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَبْعَثَ رِجَالًا مِمَّنْ تَثِقُ بِهِمْ إِلَى الْأَمْصَارِ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْكَ بِأَخْبَارِهِمْ ، فَدَعَا مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ فَأَرْسَلَهُ إِلَى الْكُوفَةِ ، وَأَرْسَلَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ إِلَى الْبَصْرَةِ ، وَأَرْسَلَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ إِلَى مِصْرَ ، وَأَرْسَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ إِلَى الشَّامِ ، وَفَرَّقَ رِجَالًا سِوَاهُمْ فَرَجَعُوا جَمِيعًا قَبْلَ عَمَّارٍ ، فَقَالُوا جَمِيعًا: أَيُّهَا النَّاسُ ، وَاللَّهِ مَا أَنْكَرْنَا شَيْئًا وَلَا أَنْكَرَهُ أَعْلَامُ الْمُسْلِمِينَ وَلَا عَوَامُّهُمْ ، وَقَالُوا جَمِيعًا: الْأَمْرُ أَمْرُ الْمُسْلِمِينَ
1459 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ سَيْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا السَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ أَبِي حَارِثَةَ ، وَأَبِي عُثْمَانَ الْغَسَّانِيُّ قَالَا: " لَمَّا قَدِمَ ابْنُ السَّوْدَاءِ مِصْرَ أَعْجَبَهُمْ ، وَاسْتَحْلَاهُمْ وَاسْتَحْلُوهُ ، فَعَرَضَ لَهُمْ بِالْكُفْرِ فَأَبْعَدُوهُ ، وَعَرَضَ لَهُمْ بِالشِّقَاقِ فَأَطْمَعُوهُ فِيهِ ، فَبَدَأَ فَطَعَنَ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَالَ: مَا بَالُهُ أَكْثَرُكُمْ عَطَاءً وَرِزْقًا أَلَا نَنْصِبُ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ يُسَوِّي بَيْنَنَا ، فَاسْتَحْلُوا ذَلِكَ مِنْهُ ، وَقَالُوا: كَيْفَ نُطِيقُ ذَلِكَ مَعَ عَمْرٍو
⦗ص: 1987⦘
وَهُوَ رَجُلُ الْعَرَبِ؟ قَالَ: تَسْتَعْفُونَ مِنْهُ ثُمَّ نَعْمِلُ عَمَلْنَا ، وَنُظْهِرُ الِائْتِمَارَ بِالْمَعْرُوفِ وَالطَّعْنِ ، فَلَا يَرُدَّهُ عَلَيْنَا أَحَدٌ ، فَاسْتَعْفُوا مِنْهُ ، وَسَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدٍ فَأَشْرَكَهُ مَعَ عَمْرٍو ، فَجَعَلَهُ عَلَى الْخَرَاجِ ، وَوَلَّى عَمْرًا عَلَى الْحَرْبِ ، وَلَمْ يَعْزِلْهُ ، ثُمَّ دَخَلُوا بَيْنَهُمَا حَتَّى كَتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه بِالَّذِي يَبْلُغُهُ عَنْ صَاحِبِهِ ، فَرَكِبَ أُولَئِكَ فَاسْتَعْفُوا مِنْ عَمْرٍو ، وَسَأَلُوا عَبْدَ اللَّهِ فَأَعْفَاهُمْ ، فَلَمَّا قَدِمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ عَلَى عُثْمَانَ رضي الله عنه قَالَ: مَا شَأْنُكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا كُنْتُ مُنْذُ وَلِيتُهُمْ أَجْمَعَ أَمْرًا وَلَا رَأَيَا مِنِّي مُنْذُ كَرِهُونِي ، وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَتَيْتُ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: وَلَكِنِّي أَدْرِي ، لَقَدْ دَنَا أَمَرٌ هُوَ الَّذِي كُنْتُ أَحْذَرُ ، وَلَقَدْ جَاءَنِي نَفَرٌ مِنْ رَكْبٍ فَرَدَدْتُ عَنْهُمْ وَكَرِهْتَهُمْ ، أَلَا وَإِنَّهُ لَابُدَّ لِمَا هُوَ كَائِنٌ أَنْ يَكُونَ ، وَوَاللَّهِ لَأَسِيرَنَّ فِيهِمْ بِالصَّبِرِ ، وَلَنُتَابِعَنَّهُمْ مَا لَمْ يُعْصَ اللَّهُ عز وجل قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَهَذِهِ مِنْ بَعْضِ قَصَصِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَبَأٍ وَأَصْحَابِهِ لَعَنَهُ اللَّهُ ، أَغْرُوا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مُنْذُ وَقْتِ الصَّحَابَةِ إِلَى وَقْتِنَا هَذَا ، وَجَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ يُنْكِرُونَ عَلَى ابْنِ سَبَأٍ مَذْهَبَهُ ، وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه نَفَاهُ إِلَى سَابَاطَ ، فَأَقَامَ فِيهِمْ فَأَهْلَكَهُمْ ، وَادَّعَى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه مَا قَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ وَصَانَهُ ، وَأَعْلَى قَدْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ عَمَّا يَنْحَلُهُ إِلَيْهِ السَّبَأِيَّةُ ، وَلَقَدْ أَحَرَقَهُمْ بِالنَّارِ ، وَقَالَ:
[البحر الرجز]
⦗ص: 1988⦘
لَمَّا سَمِعْتُ الْقَوْلَ قَوْلًا مُنْكَرَا
…
أَجَّجْتُ نَارًا ، وَدَعَوْتُ قَنْبَرَا
فَحَرَّقَهُمْ بِالْكُوفَةِ بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: صَحْرَاءُ أَحَدَ عَشَرَ