الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ مَقْتَلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه
1395 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: كَانَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامًا لِلْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، وَكَانَ يَصْنَعُ الْأَرْحَاءَ ، وَكَانَ يُصِيبُ مِنْهَا إِصَابَةً كَبِيرَةً ، وَكَانَ الْمُغِيرَةُ يَسْتَغِلُّ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ ، فَأَتَى عُمَرَ رضي الله عنه ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمُغِيرَةَ قَدْ أَثْقَلَ غَلَّتِي؛ فَكَلِّمْهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنِّي ، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ ، وَأَحْسِنْ إِلَى مَوَالِيكَ ، وَافْعَلْ وَافْعَلْ ، قَالَ: وَمِنْ نِيَّتِهِ أَنْ يَلْقَى الْمُغِيرَةَ ، فَيَأْمُرُهُ بِالتَّخْفِيفِ عَنْهُ؛ قَالَ
⦗ص: 1919⦘
: فَغَضِبَ وَقَالَ: وَسِعَ النَّاسَ كُلَّهُمْ عَدْلُكَ غَيْرِي ، فَصَنَعَ خِنْجَرًا ، وَشَحَذَهُ قَالَ: وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَجَعَلَ لَهُ رَأْسَيْنِ؛ ثُمَّ أَتَى بِهِ الْهُرْمُزَانِ مِنَ الْفُرْسِ ، فَقَالَ: كَيْفَ تَرَى هَذَا؟ قَالَ: أَرَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُضْرَبُ بِهِ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلَهُ ، قَالَ: فَتَحَيَّنَ عُمَرَ رضي الله عنه ، فَأَتَاهُ مِنْ وَرَائِهِ وَهُوَ فِي إِقَامَةِ الصَّفِّ؛ فَوَجَأَهُ ثَلَاثَ وَجَآتٍ ، طَعَنَهُ فِي كَتِفِهِ ، وَطَعَنَهُ فِي خَاصِرَتِهِ ، وَطَعَنَهُ فِي بَعْضِ جَسَدِهِ ، قَالَ: فَسَقَطَ ، وَاحْتُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ رحمه الله: الصَّلَاةُ الصَّلَاةُ؛ فَتَقَدَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَصَلَّى بِهِمْ ، وَقَرَأَ بِأَقْصَرِ سُورَتَيْنِ فِي الْقُرْآنِ ، وَانْطَلَقَ النَّاسُ نَحْوَ عُمَرَ يَسْأَلُونَ عَنْهُ ، وَيَدْعُونَ لَهُ ، وَيَقُولُونَ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ؛ فَقَالَ عُمَرُ: «إِنْ يَكُنْ عَلَيَّ فِي الْقَتْلِ بَأْسٌ؛ فَقَدْ قُتِلْتُ» ؛ فَدَعَا بِشَرَابٍ لِيَنْظُرَ مَا قَدْرُ جِرَاحَتِهِ ، فَشَرِبَ فَخَرَجَ مَعَ الدَّمِ ، فَلَمْ يَتَبَيَّنْ؛ فَجَعَلُوا يُثْنُونَ عَلَيْهِ؛ فَقَالَ عُمَرُ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوَدِدْتُ أَنِّي انْفَلَتُّ مِنْهَا كَفَافًا ، وَسَلِمَ لِي عَمَلِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قَالَ: وَسَلِمَ لِي مَا قَبْلَهَا قَالَ: وَابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَ رَأْسِهِ ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَا وَاللَّهِ لَا تَنْفَلِتُ مِنْهَا كَفَافًا ، لَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَصَحِبْتَهُ بِخَيْرِ مَا صَحِبَهُ فِيهِ صَاحِبٌ ، كُنْتَ تُنَفِّذُ أَمَرَهُ، وَكُنْتَ فِي عَوْنِهِ حَتَّى قُبِضَ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ، ثُمَّ وَلِيَهَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، فَكُنْتَ تُنَفِّذُ أَمَرَهُ ، وَكُنْتَ فِي عَوْنِهِ حَتَّى قُبِضَ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ ، ثُمَّ وُلِّيتَهَا بِخَيْرِ مَا وَلِيَهَا وَالٍ قَالَ: وَذَكَرَ مَحَاسِنَهُ ، فَكَأَنَّ
⦗ص: 1920⦘
عُمَرَ اسْتَرَاحَ إِلَى كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ فِي كَرْبِ الْمَوْتِ ، فَقَالَ: كَرِّرْ عَلَيَّ كَلَامَكَ فَأَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَقَالَ عُمَرُ:«وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِيَ طِلَاعَ الْأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ» وَجَاءَ صُهَيْبٌ ، فَقَالَ: وَأَخَاهُ وَأَخَاهُ ، رَفَعَ صُهَيْبٌ صَوْتَهُ فَقَالَ عُمَرُ: " مَهْلًا يَا صُهَيْبُ مَهْلًا يَا صُهَيْبُ ، أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«إِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ» . قَالَ: وَجَعَلَ الْأَمْرَ إِلَى سِتَّةٍ: إِلَى عُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَطَلْحَةَ ، وَالزُّبَيْرِ ، وَسَعْدٍ ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَمَرَ صُهَيْبًا أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ
1396 -
أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ صَاعِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ شَاهِينَ أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ،
⦗ص: 1921⦘
1397 -
قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ
1398 -
قَالَ ابْنُ صَاعِدٍ: وَحَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ ، وَخَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ - وَاللَّفْظُ لِخَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " بَعْثَ حُذَيْفَةَ عَلَى مَا سَقَتْ دِجْلَةُ ، وَبَعَثَ عُثْمَانَ بْنَ حُنَيْفٍ عَلَى مَا سَقَى الْفُرَاتُ ، فَوَضَعَا الْخَرَاجَ ، فَلَمَّا قَدِمَا عَلَيْهِ قَالَ: لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الْأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَوْ شِئْتَ لَا ضَعَّفْتُ أَرْضِي، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ: لَقَدْ حَمَّلْتُهَا مَا تُطِيقُ ، وَمَا فِيهَا كَبِيرُ فَضْلٍ فَقَالَ: لَئِنْ عِشْتُ لِأَرَامِلِ أَهْلِ الْعِرَاقِ لَأَدَعْهُنَّ لَا يَحْتَجْنَ إِلَى أَحَدٍ بَعْدِي قَالَ: فَمَا لَبِثَ إِلَّا أَرْبَعَةً حَتَّى أُصِيبَ قَالَ: وَكَانَ عُمَرُ رضي الله عنه إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ؛ قَالَ لِلنَّاسِ: اسْتَوَوْا فَلَمَّا اسْتَوَوْا طَعَنَهُ
⦗ص: 1922⦘
رَجُلٌ فَقَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ أَكَلَنِي الْكَلْبُ ، أَوْ قَتَلَنِي الْكَلْبُ قَالَ: فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذِي طَرَفَيْنِ لَا يَدْنُوا مِنْهُ إِنْسَانٌ إِلَّا طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا ، فَمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ ، وَأَلْقَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بُرْنُسًا ، ثُمَّ جَثَمَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَأْخُوذٌ ، طَعَنَ نَفْسَهُ ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ قَالَ: وَقَدَّمَ النَّاسُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَصَلَّى بِهِمْ صَلَاةً خَفِيفَةً قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: انْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي قَالَ: فَجَالَ جَوْلَةً ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ ، فَقَالَ: الصَّنِيعُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: قَاتَلَهُ اللَّهُ لَقَدْ كُنْتُ أَمَرْتُ بِهِ خَيْرًا ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ مَنِيَّتِي فِي يَدِ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَقَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لَقَدْ كُنْتَ أَنْتَ وَأَبُوكَ تُحِبَّانِ أَنْ تَكْثُرَ الْعُلُوجُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ: فَقَالَ: أَلَا نَقْتُلُهُمْ؛ قَالَ: أَبَعْدَ مَا صَلَّوْا صَلَاتَكُمْ وَحَجُّوا حَجَّكُمْ ، ثُمَّ حُمِلَ حَتَّى أَدْخَلُوهُ مَنْزِلَهُ ، فَكَأَنَّ لَمْ يُصِبِ الْمُسْلِمِينَ مُصِيبَةٌ قَبْلَ يَوْمَئِذٍ قَالَ: فَجَعَلَ النَّاسُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ ، إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ شَابٌّ فَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ بِبُشْرَى اللَّهِ عز وجل فَإِنَّ لَكَ مِنَ الْقِدَمِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا كَانَ لَكَ ، ثُمَّ وُلِّيتَ فَعَدَلْتَ ، ثُمَّ رَزَقَكَ اللَّهُ عز وجل الشَّهَادَةَ قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي ، وَدِدْتُ أَنِّي وَذَاكَ لَا لِي وَلَا عَلَيَّ ، ثُمَّ أَدْبَرَ الشَّابُّ ، فَإِذَا هُوَ يَجُرُّ إِزَارُهُ ، فَقَالَ: رُدُّوهُ ، فَرُدَّ ، فَقَالَ لَهُ: يَا ابْنَ أَخِي ، ارْفَعْ إِزَارَكَ فَإِنَّهُ أَنْقَى لِثَوْبِكَ ، أَتْقَى لِرَبِّكَ. قَالَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ: فَوَاللَّهِ مَا مَنَعَهُ مَا كَانَ فِيهِ أَنْ نَصَحَهُ ، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابِ نَبِيذٍ فَشَرِبَ مِنْهُ فَخَرَجَ مِنْ جُرْحِهِ فَعَرَفَ أَنَّهُ لَمَّ بِهِ ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، انْظُرْ مَا عَلَيَّ
⦗ص: 1923⦘
مِنَ الدَّيْنِ فَنَظَرَ فَإِذَا بِضْعٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا فَقَالَ: سَلْ فِي آلِ عُمَرَ فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا فَسَلْ فِي بَنِي عَدِيٍّ ، فَإِنْ وَفَّتْ وَإِلَّا فَسَلْ فِي قُرَيْشٍ ، وَلَا تَعْدُهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ ، ائْتِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ فَقُلْ: إِنَّ عُمَرَ يَقْرَأُ عَلَيْكِ السَّلَامَ ، وَلَا تَقُلْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَمِيرٍ ، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ فِي أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ فَإِنْ أَذِنَتْ فَادْفِنُونِي مَعَهُمَا ، وَإِنْ أَبَتْ فَرَدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ، فَأَتَاهَا عَبْدُ اللَّهِ وَهِيَ تَبْكِي فَقَالَ: إِنَّ عُمَرَ يَسْتَأْذِنُ فِي أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ فَقَالَتْ: لَقَدْ كُنْتُ أَدَّخِرُ ذَلِكَ الْمَكَانَ لِنَفْسِي لَأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَمَّا أَقْبَلَ قَالَ عُمَرُ: أَقْعِدُونِي ثُمَّ قَالَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: قَدْ أَذِنَتْ لَكَ ، قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ، مَا شَيْءٌ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ الْمَضْجَعِ ، فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ قُولُوا: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ فَإِنْ أَذِنَتْ فَادْفِنُونِي وَإِلَّا فَرَدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: اسْتَخْلِفْ وَإِنَّ الْأَمْرَ إِلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ: عَلِيٍّ ، وَعُثْمَانَ ، وَطَلْحَةَ ، وَالزُّبَيْرِ ، وَعَبْدِ الرُّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، وَسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ ، وَلْيَشْهَدْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ، فَإِنْ أَصَابَتِ الْخِلَافَةُ سَعْدًا ، وَإِلَّا فَلْيَسْتَعِنْ بِهِ مَنْ وَلِيَ ، فَإِنِّي لَمْ أَعْزِلْهُ عَنْ عَجْزٍ وَلَا خِيَانَةٍ ، ثُمَّ قَالَ: أُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِتَقْوَى اللَّهِ عز وجل ، وَأُوصِيهِ بِالْمُهَاجِرِينَ
⦗ص: 1924⦘
الْأَوَّلِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ ، وَيَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِالْأَنْصَارِ خَيْرًا أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ ، وَأُوصِيهِ بِأَهْلِ الْأَمْصَارِ خَيْرًا فَإِنَّهُمْ رِدْءُ الْإِسْلَامِ ، وَغَيْظُ الْعَدُوِّ وَجُبَاةُ الْمَالِ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ إِلَّا فَضْلَهُمْ عَنْ رِضًى مِنْهُمْ ، وَأُوصِيهِ بِالْأَعْرَابِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ وَمَادَّةُ الْإِسْلَامِ ، أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ فَيُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، وَأُوصِيهِ بِذِمَّةِ اللَّهِ عز وجل وَذِمَّةِ رَسُولِهِ أَنْ يُوفِيَ لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ ، وَأَنْ يُقَاتِلَ مِنْ وَرَائِهِمْ وَلَا يُكَلَّفُوا إِلَّا طَاقَتَهُمْ "
1399 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ سَهْلِ بْنِ مَخْلَدٍ الْبَزَّارُ مِنْ كِتَابِهِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو السَّائِبِ سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ بْنِ سَلْمِ بْنِ خَالِدِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ
⦗ص: 1925⦘
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنْ أُمَّهِ وَكَانَتْ أُمُّهُ عَاتِكَةُ بِنْتُ عَوْفٍ قَالَتْ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَوْمًا يَطُوفُ فِي السُّوقِ فَلَقِيَهُ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَكَانَ نَصْرَانِيًّا فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أُعْدُنِي عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَإِنَّ عَلَيَّ خَرَاجًا كَثِيرًا قَالَ: فَكَمْ خَرَاجُكَ؟ قَالَ: دِرْهَمَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ قَالَ: وَأَيُّ شَيْءٍ صِنَاعَتُكَ؟ قَالَ: نَجَّارًا نَقَّاشًا حَدَّادًا قَالَ: مَا أَرَى خَرَاجُكَ بِكَثِيرٍ عَلَى مَا تَصْنَعُ مِنَ الْأَعْمَالِ ، ثُمَّ لَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ أَعْمَلَ رَحًى تَطْحَنُ بِالرِّيحِ فَعَلْتُ قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَاعْمِلْ لِي رَحًى قَالَ: لَأَنْ سَلِمْتُ لَأَعْمَلَنَّ لَكَ رَحًى يَتَحَدَّثُ بِهَا مَنْ بِالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قَالَ: ثُمَّ انْصَرَفَ عُمَرُ إِلَى مَنْزِلِهِ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ جَاءَهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اعْهَدْ ، فَإِنَّكَ مَيِّتٌ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ قَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ؟ قَالَ: أَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل التَّوْرَاةِ قَالَ عُمَرُ: آللَّهِ إِنَّكَ تَجِدُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي التَّوْرَاةِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا ، وَلَكِنْ أَجِدُ صِفَتَكَ وَحِلْيَتَكَ ، وَأَنَّهُ قَدْ فَنِيَ أَجَلُكَ قَالَ وَعُمَرُ لَا يَحُسُّ وَجَعًا ، وَلَا أَلَمًا قَالَ: فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ جَاءَهُ كَعْبٌ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، ذَهَبَ يَوْمٌ وَبَقِيَ يَوْمَانِ قَالَ: ثُمَّ جَاءَهُ الْغَدُ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، ذَهَبَ يَوْمَانِ وَبَقِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ ، وَهِيَ لَكَ إِلَى صَبِيحَتِهَا قَالَ ، فَلَمَّا كَانَ فِي الصُّبْحِ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الصَّلَاةِ ، وَكَانَ يُوَكِّلُ بِالصُّفُوفِ رِجَالًا فَإِذَا اسْتَووا دَخَلَ هُوَ فَكَبَّرَ قَالَ: وَدَخَلَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ فِي النَّاسِ فِي يَدِهِ خِنْجَرٌ لَهُ رَأْسَانِ ، نِصَابُهُ فِي وَسَطِهِ ، فَضَرَبَ عُمَرَ سِتَّ ضَرَبَاتٍ ، إِحْدَاهُنَّ تَحْتَ سُرَّتِهِ ، هِيَ الَّتِي قَتَلَتْهُ ، وَقُتِلَ مَعَهُ كُلَيْبُ بْنُ وَائِلِ بْنِ الْبُكَيْرِ اللَّيْثِيُّ ، كَانَ حَلِيفَهُمْ ، فَلَمَّا وَجَدَ عُمَرَ حُرَّ السِّلَاحِ سَقَطَ ، وَقَالَ: أَفِي النَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ
⦗ص: 1926⦘
بْنُ عَوْفٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ هُوَ ذَا قَالَ: فَتَقَدَّمَ بِالنَّاسِ فَصَلَّى قَالَ: فَصَلَّى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعُمَرُ طَرِيحٌ؟ قَالَ: ثُمَّ احْتُمِلَ فَأُدْخِلَ إِلَى دَارِهِ ، وَدَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَقَالَ: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَعْهَدَ إِلَيْكَ قَالَ: يَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ أَشَرْتَ عَلَيَّ قَالَ: وَمَا تُرِيدُ؟ قَالَ: أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ أَتُشِيرُ عَلَيَّ بِذَلِكَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ لَا قَالَ: إِذَنْ وَاللَّهِ لَا أَدْخَلُ فِيهِ أَبَدًا قَالَ: فَهِبْنِي صَمْتًا حَتَّى أَعْهَدَ إِلَى النَّفْرِ الَّذِينَ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَنْهُمْ رَاضٍ ، أُدْعُ لِي عَلِيًّا وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرَ وَسَعْدًا؛ قَالَ: وَانْتَظِرُوا أَخَاكُمْ طَلْحَةَ ثَلَاثًا فَإِنْ جَاءَ ، وَإِلَّا فَاقْضُوا أَمْرَكُمْ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عَلِيٌّ ، إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي هَاشِمٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُثْمَانَ ، إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ بَنِي أَبِي مُعَيْطٍ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ ، أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا سَعْدُ ، إِنْ وُلِّيتَ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ شَيْئًا أَنْ تَحْمِلَ أَقَارِبَكَ عَلَى رِقَابِ النَّاسِ ، قُومُوا فَتَشَاوَرُوا ، ثُمَّ اقْضُوا أَمْرَكُمْ ، وَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ صُهَيْبٌ ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ فَقَالَ: قُمْ عَلَى بَابِهِمْ فَلَا تَدَعْ أَحَدًا يَدْخُلُ إِلَيْهِمْ ، وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهُمْ أَنْ يُقَسِّمَ عَلَيْهِمْ فَيْئَهُمْ ، وَلَا يَسْتَأْثِرْ عَلَيْهِمْ ، وَأَوْصَى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَنْ يُحْسِنَ إِلَى مُحْسِنِهِمْ ، وَأَنْ يَعْفُو عَنْ مُسِيئِهِمْ ، وَأَوْصَى الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِالْعَرَبِ فَإِنَّهُمْ مَادَّةُ الْإِسْلَامِ ، أَنْ تُؤْخَذَ صَدَقَاتُهُمْ مِنْ حَقِّهَا ، وَتُوضَعَ فِي فُقَرَائِهِمْ ،
⦗ص: 1927⦘
وَأُوصِي الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِي بِذِمَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُوَفِّيَ لَهُمْ بَعَهْدِهِمْ ، اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ تَرَكْتُ الْخَلِيفَةَ بَعْدِي عَلَى أَنْقَى مِنَ الرَّاحَةِ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَانْظُرْ مَنْ قَتَلَنِي قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، قَتَلَكَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ غُلَامُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ قَتْلِي بِيَدِ رَجُلٍ سَجَدَ لِلَّهِ سَجْدَةً وَاحِدَةً يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، اذْهَبْ إِلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَسَلْهَا أَنْ تَأْذَنَ لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ ، يَا عَبْدَ اللَّهِ ، إِنِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فَكُنْ مَعَ الْأَكْثَرِ ، وَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَثَلَاثَةً ، فَكُنْ فِي الْحِزْبِ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، ائْذَنْ لِلنَّاسِ فَجَعَلَ يُدْخِلُ عَلَيْهِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُمْ: أَعَنْ مِلَاءٍ مِنْكُمْ كَانَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ: مَعَاذَ اللَّهِ. قَالَ: وَدَخَلَ فِي النَّاسِ كَعْبُ الْأَحْبَارِ ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ عُمَرُ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
وَأَوْعَدَنِي كَعْبٌ ثَلَاثًا أَعُدُّهَا
…
وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ كَعْبُ
وَمَا بِي حِذَارُ الْمَوْتِ إِنِّي لَمَيِّتٌ
…
وَلَكِنْ حِذَارُ الذَّنْبِ يَتْبَعُهُ الذَّنْبُ
فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، لَوْ دَعَوْتَ طَبِيبًا؛ قَالَ: فَدُعِيَ بِطَبِيبٍ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ ، فَسَقَاهُ نَبِيذًا فَخَرَجَ النَّبِيذُ يَعْنِي مَعَ الدَّمِ قَالَ: فَاسْقُوهُ لَبَنًا ، فَخَرَجَ اللَّبَنُ أَبْيَضَ فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، اعْهَدْ ، قَالَ: قَدْ فَرَغْتُ
⦗ص: 1928⦘
ثُمَّ تُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَرْبِعَاءِ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ قَالَ: فَخَرَجُوا بِهِ بَكْرَةَ يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ ، فَدُفِنَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَتَقَدَّمَ صُهَيْبٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ