الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَا قُلْنَا
1183 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّقْرِ السُّكَّرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةٌ فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ أَجِدْكَ؟ كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ فَقَالَ: «إِنْ لَمْ تَجِدِينِي ائْتِي أَبَا بَكْرٍ»
1184 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رِزْقِ اللَّهِ الْكَلْوَذَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ
⦗ص: 1716⦘
بْنَ مُطْعِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ فَقَالَتْ: إِنْ جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ تُعَرِّضُ بِالْمَوْتِ فَقَالَ لَهَا: «إِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ»
1185 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ قَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّزُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرَّازِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو تُمَيْلَةَ وَهُوَ يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِأَبِي بَكْرٍ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ قَالَ: «لَسْتُ بِخَلِيفَةِ اللَّهِ ، وَلَكِنِّي خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم»
1186 -
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ
⦗ص: 1717⦘
قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعُ بْنُ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ قَالَ: " أَنَا خَلِيفَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا رَاضٍ بِذَلِكَ يَعْنِي فَكَرِهَ أَنْ يُقَالَ: يَا خَلِيفَةَ اللَّهِ عز وجل "
1187 -
وَأَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ أَيْضًا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ رضي الله عنهم قَالَ: وَلِيَنَا أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه «فَخَيْرُ خَلِيفَةٍ أَرْحَمُهُ بِنَا وَأَحْنَاهُ عَلَيْنَا»
1188 -
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مَنْصُورٍ الضُّبَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَبَابَةُ يَعْنِي: ابْنَ سَوَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ مَيْمُونٍ ، عَنْ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبِي حُبَابٍ كِلَاهُمَا عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه: اسْتَخْلِفْ عَلَيْنَا قَالَ: «مَا أَسْتَخْلِفُ ، وَلَكِنْ إِنْ يُرِدِ اللَّهُ عز وجل بِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَيْرًا يَجْمَعُهُمْ عَلَى خَيْرِهِمْ كَمَا جَمَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيْرِهِمْ»
1189 -
وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسَاوِرٌ الْوَرَّاقُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ سُفْيَانَ قَالَ: خَطَبَنَا
⦗ص: 1719⦘
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه يَوْمَ الْجَمَلِ فَقَالَ: أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ الْإِمَارَةَ لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا عَهْدًا فَنَتَّبِعَ أَمْرَهُ ، وَلَكِنَّا رَأَيْنَاهَا مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِنَا ، اسْتَخْلَفَ أَبُو بَكْرٍ رحمه الله فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَ عُمَرُ فَأَقَامَ وَاسْتَقَامَ "
1190 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
⦗ص: 1720⦘
بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالَجَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ هَاشِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ ، قَالَ: قَامَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه بَعْدَمَا بُويِعَ لَهُ وَبَايَعَ لَهُ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَأَصْحَابُهُ قَامَ ثَلَاثًا يَقُولُ: " أَيُّهَا النَّاسُ ، قَدْ أَقَلْتُكُمْ بِيعَتَكُمْ هَلْ مِنْ كَارِهٍ؟ قَالَ: فَيَقُومُ عَلِيٌّ رضي الله عنه أَوَائِلَ النَّاسِ يَقُولُ: لَا وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ ، وَلَا نَسْتَقِيلُكَ قَدَّمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُكَ "
1191 -
أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ الْفَلَّاسُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِدْرِيسَ تَلِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْجَحَّافِ قَالَ: احْتَجَبَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
⦗ص: 1721⦘
اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّاسِ ثَلَاثًا يُشْرِفُ عَلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ فَيَقُولُ: «قَدْ أَقَلْتُكُمْ بَيْعَتِي فَبَايِعُوا مَنْ شِئْتُمْ» قَالَ: فَيَقُومُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَيَقُولُ: لَا وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ ، وَلَا نَسْتَقِيلُكَ قَدَّمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُكَ "
1192 -
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ الْعَلَاءِ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سِنَانٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ مُزَاحِمٍ ، عَنِ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ الْهِلَالِيِّ قَالَ: وَافَقْنَا مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ذَاتَ يَوْمٍ طِيبَ نَفْسٍ وَمِزَاحًا فَقُلْنَا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ، قَالَ:«كُلُّ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابِي» قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ أَصْحَابِكَ خَاصَّةً، قَالَ:«مَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَاحِبٌ إِلَّا كَانَ لِي صَاحِبًا» قُلْنَا: حَدِّثْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ قَالَ: «ذَاكَ امْرُؤٌ سَمَّاهُ اللَّهُ عز وجل صِدِّيقًا عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عليه السلام ، وَعَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ
⦗ص: 1722⦘
خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَضِيَهُ لِدِينِنَا فَرَضِينَاهُ لِدُنْيَانَا» . . . . . . وَذَكَرَ الْحَدِيثَ
1193 -
حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ الْأَعْرَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ فَهْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: «قَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه يُصَلِّي بِالنَّاسِ وَقَدْ رَأَى مَكَانِي ، وَمَا كُنْتُ غَائِبًا وَلَا مَرِيضًا ، وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَنِي لَقَدَّمَنِي ، فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِدِينِنَا»
1194 -
وَحَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّا ، وَقَيْسُ بْنُ عُبَادٍ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بَعْدَمَا فَرَغَ مِنْ قِتَالِ الْجَمَلِ فَقَالَا لَهُ: أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا الَّذِي سِرْتَ: رَأْيًا رَأَيْتَهُ حِينَ تَفَرَّقَتِ الْأُمَّةُ ، وَاخْتَلَفَتِ الدَّعْوَةُ ، إِنَّكَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَذَا الْأَمْرِ ، فَإِنْ كَانَ رَأْيًا رَأَيْتَهُ أَجَبْنَاكَ فِي رَأْيِكَ ، وَإِنْ كَانَ عَهْدًا عَهِدَ إِلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَنْتَ الْمَوْثُوقُ الْمَأْمُونُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا تُحَدِّثُ عَنْهُ ، قَالَ: فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ رضي الله عنه قَالَ: وَكَانَ الْقَوْمُ إِذَا تَكَلَّمُوا تَشَهَّدُوا ، قَالَ: فَقَالَ: أَمَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدِي عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَا وَاللَّهِ ، وَلَوْ كَانَ عِنْدِي عَهْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَرَكْتُ أَخَا تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ ، وَلَا ابْنَ الْخَطَّابِ عَلَى مِنْبَرِهِ ، وَلَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا يَدِي هَذِهِ ، وَلَكِنَّ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم نَبِيُّ رَحْمَةٍ ، لَمْ يَمُتْ فَجْأَةً ، وَلَمْ يُقْتَلْ قَتْلًا ، مَرِضَ لَيَالِيَ وَأَيَّامًا ، وَأَيَّامًا وَلَيَالِيَ ، فَيَأْتِيهِ بِلَالٌ فَيُؤْذِنُهُ بِالصَّلَاةِ ، فَيَقُولُ مُرُوا أَبَا بَكْرٍ
⦗ص: 1724⦘
فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ، وَهُوَ يَرَى مَكَانِي ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، نَظَرْنَا فِي أَمْرِنَا ، فَإِذَا الصَّلَاةُ عَضُدُ الْإِسْلَامِ وَقِوَامُ الدِّينِ فَرَضِينَا لِدُنْيَانَا مَنْ رَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، لِدِينِنَا فَوَلَّيْنَا الْأَمْرَ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه، فَأَقَامَ أَبُو بَكْرٍ رحمه الله بَيْنَ أَظْهُرِنَا، الْكَلِمَةُ جَامِعَةٌ ، وَالْأَمْرُ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ مِنَّا اثْنَانِ ، وَلَا يَشْهَدُ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى أَحَدٍ بِالشِّرْكِ ، وَلَا نَقْطَعُ مِنْهُ الْبَرَاءَةَ، فَكُنْتُ وَاللَّهِ آخُذُ إِذَا أَعْطَانِي ، وَأَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي ، وَأَضْرِبُ بِيَدِي هَذِهِ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ وَلَّاهَا عُمَرَ رحمه الله فَأَقَامَ عُمَرُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، الْكَلِمَةُ جَامِعَةٌ وَالْأَمْرُ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ عَلَيْهِ مِنَّا اثْنَانِ ، وَلَا يَشْهَدُ أَحَدٌ مِنَّا عَلَى أَحَدٍ بِالشِّرْكِ ، وَلَا نَقْطَعُ مِنْهُ الْبَرَاءَةَ ، فَكُنْتُ وَاللَّهُ آخُذُ إِذَا أَعْطَانِي ، وَأَغْزُوا إِذَا أَغْزَانِي ، وَأَضْرِبُ بِيَدِي هَذِهِ الْحُدُودَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَمَّا حَضَرَتْ عُمَرَ رضي الله عنه الْوَفَاةُ ظَنَّ أَنَّهُ إِنْ يَسْتَخْلِفْ خَلِيفَةً فَيَعْمَلُ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ بِخَطِيئَةٍ إِلَّا لَحِقَتْ عُمَرَ فِي قَبْرِهِ ، فَأَخْرَجَ مِنْهَا وَلَدَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ ، وَجَعَلَهَا فِي سِتَّةِ رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِيهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ، فَقَالَ: هَلْ لَكُمْ أَنْ أَدَعَ نَصِيبِي مِنْهَا عَلَى أَنْ أَخْتَارَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَأَخَذَ مِيثَاقَنَا عَلَى أَنْ نَسْمَعَ وَنُطِيعَ لِمَنْ وَلَّاهُ أَمْرَنَا ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ يَدَ عُثْمَانَ فَبَايَعَهُ فَنَظَرْتُ فِي أَمْرِي ، فَإِذَا طَاعَتِي قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَتِي ، وَإِذَا الْمِيثَاقُ فِي عُنُقِي لِعُثْمَانَ فَاتَّبَعْتُ عُثْمَانَ رحمه الله لِطَاعَتِهِ حَتَّى أَدَّيْتُ لَهُ حَقَّهُ "
1195 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو
⦗ص: 1725⦘
جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ التُّسْتَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو النَّخَعِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: لَمَّا بَايَعَ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه ، قَامَ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، أُذَكِّرُكُمْ بِاللَّهِ ، أَيُّمَا رَجُلٍ نَدِمَ عَلَى بَيْعَتِي لَمَا قَامَ عَلَى رِجْلَيْهِ قَالَ: فَأَكَبَّ النَّاسُ كَأَنَّمَا صُبَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ السُّخْنُ قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَمَعَهُ السَّيْفُ ، فَدَنَا مِنْهُ حَتَّى وَضَعَ رِجْلًا عَلَى عَتَبَةِ الْمِنْبَرِ وَالْأُخْرَى عَلَى الْحَصْبَا فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا نُقِيلُكَ وَلَا نَسْتَقِيلُكَ قَدَّمَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَمَنْ ذَا الَّذِي يُؤَخِّرُكَ "
1196 -
وَحَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ أَيُّوبَ السَّقَطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ بْنِ مَالَجَ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ مَرْوَانَ الْفِلَسْطِينِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ
⦗ص: 1726⦘
عُمَارَةَ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنَ الشِّيعَةِ يَتَنَاوَلُونَ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ رضي الله عنهما وَيَنْتَقِصُونَهُمَا ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِكَ يَذْكُرُونَ أَبَا بَكْرٍ ، وَعُمَرَ بِغَيْرِ الَّذِي هُمَا فِيهِ مِنَ الْأُمَّةِ أَهْلٌ ، وَلَوْلَا أَنَّهُمْ يَرَوْنَ أَنَّكَ تُضْمِرُ لَهُمَا مِثْلَ مَا أَعْلَنُوا مَا اجْتَرَءُوا عَلَى ذَلِكَ قَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه: " أَعُوذُ بِاللَّهِ ، أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أُضْمِرَ لَهُمَا إِلَّا الَّذِي أَتَمَنَّى عَلَيْهِ الْمُضِيَّ ، لَعَنِ اللَّهُ مَنْ أَضْمَرَ لَهُمَا إِلَّا الْحَسَنَ الْجَمِيلَ ، أَخَوَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَصَاحِبَاهُ وَوَزِيرَاهُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا ، ثُمَّ قَامَ دَامِعَ الْعَيْنِ يَبْكِي قَابِضًا عَلَى يَدِي حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ مُتَمَكِّنًا قَابِضًا عَلَى لِحْيَتِهِ يَنْظُرُ فِيهَا ، وَهَىَ بَيْضَاءُ ، حَتَّى اجْتَمَعَ لَهُ النَّاسُ ، ثُمَّ قَامَ فَتَشَهَّدَ بِخُطْبَةٍ مُوجَزَةٍ بَلِيغَةٍ ، ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَذْكُرُونَ سَيِّدَيْ قُرَيْشٍ وَأَبَوَيِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا أَنَا عَنْهُ مُتَنَزِّهٌ ، وَعَمَّا قَالُوا عَنْهُ بَرِيءٌ ، وَعَلَى مَا قَالُوا مُعَاقِبٌ ، أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَا يُحِبُّهُمَا إِلَّا مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ ، وَلَا يُبْغِضْهُمَا إِلَّا فَاجِرٌ رَدِيءٌ ، صَحِبَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصِّدْقِ وَالْوَفَاءِ يَأْمُرَانِ وَيَنْهَيَانِ وَيَقْضِيَانِ وَيُعَاقِبَانِ ، فَمَا يُجَاوِزَانِ فِيمَا يَصْنَعَانِ رَأْيَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ،
⦗ص: 1727⦘
وَلَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، يَرَى مِثْلَ رَأْيِهِمَا رَأْيًا ، وَلَا يُحِبُّ كَحُبِّهِمَا أَحَدًا ، مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَهُوَ عَنْهُمَا رَاضٍ ، وَالْمُؤْمِنُونَ عَنْهُمَا رَاضُونَ ، أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا بَكْرٍ عَلَى صَلَاةِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَصَلَّى بِهِمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا قَبَضَ اللَّهُ تبارك وتعالى نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم ، وَاخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ ، وَوَلَّاهُ الْمُؤْمِنُونَ ذَلِكَ ، وَفَوَّضُوا الزَّكَاةَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مَقْرُونَتَانِ ، ثُمَّ أَعْطَوْهُ الْبَيْعَةَ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ ، أَنَا أَوَّلُ مَنْ سَنَّ ذَلِكَ لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَهُوَ لِذَلِكَ كَارِهٌ يَوَدُّ أَحَدًا مِنَّا كَفَاهُ ذَلِكَ ، وَكَانَ وَاللَّهِ خَيْرَ مَنْ بَقِيَ ، وَأَرْأَفَهُ رَأْفَةً ، وَأَحْسَنَهُ وَرَعًا ، وَأَقْدَمَهُ سِنًّا وَإِسْلَامًا ، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِيكَائِيلَ رَأْفَةً وَرَحْمَةً ، وَبِإِبْرَاهِيمَ عَفْوًا وَوَقَارًا ، فَسَارَ فِينَا سِيرَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، حَتَّى مَضَى عَلَى أَجَلِهِ ذَلِكَ ، ثُمَّ وَلَّى الْأَمْرَ بَعْدَهُ عُمَرَ رحمه الله وَاسْتَأْمَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا فَمِنْهُمْ مَنْ رَضِيَ بِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَرِهَ ، وَكُنْتُ فِيمَنْ رَضِيَ فَلَمْ يُفَارِقِ الدُّنْيَا حَتَّى رَضِيَ بِهِ مَنْ كَانَ كَرِهَهُ ، فَأَقَامَ الْأَمْرَ عَلَى مِنْهَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَصَاحِبِهِ ، يَتْبَعُ آثَارَهُمَا كَاتِّبَاعِ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ ، وَكَانَ وَاللَّهِ رَفِيقًا رَحِيمًا بِالضُّعَفَاءِ ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ عَوْنًا ، وَنَاصِرًا لِلْمَظْلُومِينَ عَلَى الظَّالِمِينَ ، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ ، ثُمَّ ضَرَبَ اللَّهُ عز وجل بِالْحَقِّ عَلَى لِسَانِهِ ، وَجَعَلَ الصِّدْقَ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى كُنَّا نَظُنُّ أَنَّ مَلَكًا يَنْطِقُ عَلَى لِسَانِهِ ، فَأَعَزَّ اللَّهُ بِإِسْلَامِهِ الْإِسْلَامَ ، وَجَعَلَ هِجْرَتَهُ لِلدِّينِ قِوَامًا ، وَأَلْقَى اللَّهُ عز وجل لَهُ فِي قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ الرَّهْبَةَ ، وَفِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الْمَحَبَّةَ ، شَبَّهَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِجِبْرِيلَ عليه السلام فَظًّا غَلِيظًا عَلَى الْأَعْدَاءِ ، وَبِنُوحٍ حَنَقًا مُغْتَاظًا عَلَى
⦗ص: 1728⦘
الْكُفَّارِ ، الضَّرَّاءُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ آثَرُ عِنْدَهُ مِنَ السَّرَّاءِ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِهِمَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمَا، وَرَزَقَنَا الْمُضِيَّ عَلَى أَثَرِهِمَا وَالْحُبَّ لَهُمَا، فَمَنْ لَكُمْ بِمِثْلِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُبْلَغُ مَبْلَغُهُمَا إِلَّا بِاتِّبَاعِ أَثَرِهِمَا ، وَالْحُبِّ لَهُمَا ، فَمَنْ أَحَبَّنِي فَلْيِحِبَّهُمَا ، وَمَنْ لَمْ يُحِبَّهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ، وَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِي أَمْرِهِمَا لَعَاقَبْتُ عَلَى هَذَا أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ ، وَلَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ أُعَاقِبَ قَبْلَ التَّقَدُّمِ ، أَلَا فَمَنْ أُتِيتُ بِهِ يَقُولُ هَذَا بَعْدَ الْيَوْمِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مَا عَلَى الْمُفْتَرِي ، أَلَا وَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، ثُمَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِالْخَيْرِ أَيْنَ هُوَ ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَيَغْفِرُ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: وَنَذْكُرُ فِي هَذَا الْبَابِ قِصَّةَ وَفَاةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه لَمَّا قُبِضَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، وَسُجِّيَ عَلَيْهِ ارْتَجَّتِ الْمَدِينَةُ بِالْبُكَاءِ كَيَوْمِ قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه بَاكِيًا مُسْرِعًا مُسْتَرْجِعًا وَهُوَ يَقُولُ: الْيَوْمَ انْقَطَعَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ ، حَتَّى وَقَفَ عَلَى بَابِ الْبَيْتِ الَّذِي فِيهِ أَبُو بَكْرٍ ، وَأَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مُسَجًّى فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ كُنْتَ إِلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنِيسَهُ وَمُسْتَرَاحَهُ وَثِقَتَهُ وَمَوْضِعَ سَرِّهِ وَمُشَاوَرَتِهِ ، وَكُنْتَ أَوَّلَ الْقَوْمِ إِسْلَامًا ، وَأَخْلَصَهُمْ إِيمَانًا ، وَأَشَدَّهُمْ يَقِينًا ، وَأَخْوَفَهُمْ لِلَّهِ تبارك وتعالى ، وَأَعْظَمَهُمْ غَنَاءً فِي دِينِ اللَّهِ عز وجل ، وَأَحْوَطَهُمْ عَلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَحْدَبَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَأَيْمَنَهُمْ عَلَى أَصْحَابِهِ ، وَأَحْسَنَهُمْ صُحْبَةً ، وَأَكْثَرَهُمْ مَنَاقِبَ ، وَأَفْضَلَهُمْ سَوَابِقَ ، وَأَرْفَعَهُمْ دَرَجَةً ، وَأَقْرَبَهُمْ وَسِيلَةً ، وَأَشْبَهَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَدْيًا وَسَمْتًا وَرَحْمَةً وَفَضْلًا ، أَشْرَفَهُمْ
⦗ص: 1729⦘
مَنْزِلَةً ، وَأَكْرَمَهُمْ عَلَيْهِ وَأَوْثَقَهُمْ عِنْدَهُ ، فَجَزَاكَ اللَّهُ عَنِ الْإِسْلَامِ وَعَنْ رَسُولِهِ خَيْرًا ، كُنْتَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ ، صَدَّقْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ كَذَّبَهَ النَّاسُ فَسَمَّاكَ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ صِدِّيقًا فَقَالَ فِي كِتَابِهِ:{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: 33] أَبُو بَكْرٍ وَآسَيْتَهُ حِينَ بَخِلُوا ، وَأَقَمْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْمَكَارِهِ حِينَ عَنْهُ قَعَدُوا ، وَصَحِبْتَهُ فِي الشِّدَّةِ أَكْرَمَ الصُّحْبَةِ ، وَصَاحَبْتَهُ فِي الْغَارِ ، وَالْمُنَزَّلُ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ ، وَرَفِيقُهُ فِي الْهِجْرَةِ وَخَلَفْتَهُ فِي دِينِ اللَّهِ عز وجل وَفِي أُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْخِلَافَةِ حِينَ ارْتَدَّ النَّاسُ فَقُمْتَ بِالْأَمْرِ مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ خَلِيفَةُ نَبِيٍّ ، فَنَهَضْتَ حِينَ وَهَنَ أَصْحَابُهُ ، وَبَرَزْتَ حِينَ اسْتَكَانُوا ، وَقَوِيتَ حِينَ ضَعُفُوا ، وَلَزِمْتَ مِنْهَاجَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، فَكُنْتَ خَلِيفَتَهُ حَقًّا ، لَمْ تَنَازَعْ وَلَمْ تُصْدَعْ بِزَعْمِ الْمُنَافِقِينَ ، وَكَبْتِ الْكَافِرِينَ ، وَكُرْهِ الْحَاسِدِينَ ، وَفِسْقِ الْفَاسِقِينَ وَغَيْظِ الْبَاغِينَ ، وَقُمْتَ بِالْأَمْرِ حِينَ فَشَلُوا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى آخِرِهِ ، ثُمَّ قَالَ: رَضِينَا عَنِ اللَّهِ قَضَاهُ ، وَسَلَّمْنَا لَهُ أَمْرَهُ ، وَاللَّهِ لَنْ يُصَابَ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، بِمِثْلِكَ أَبَدًا وَذَكَرَ الْحَدِيثَ ، وَسَنَذْكُرُهُ بِطُولِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله
⦗ص: 1730⦘
: مَنْ يَقُولُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه ، غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ بَيْعَتِهِ لَهُ وَرِضَاهُ بِذَلِكَ ، وَمَعُونَتِهِ لَهُ وَذِكْرِ فَضْلِهِ فَقَدِ افْتَرَى عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، وَنَحَلَهُ إِلَى مَا قَدْ بَرَّأَهُ اللَّهُ عز وجل مِنْهُ مِنْ مَذَاهِبِ الرَّافِضَةِ الَّذِينَ قَدْ خَطِئَ بِهِمْ عَنْ سَبِيلِ الرَّشَادِ ، فَإِنْ قَالَ: فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لَمْ يُبَايِعْ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه ، إِلَّا بَعْدَ أَشْهُرٍ ، ثُمَّ بَايَعَهُ قِيلَ لَهُ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عِنْدَ مَنْ عَقَلَ عَنِ اللَّهِ عَزَّ
⦗ص: 1731⦘
وَجَلَّ أَعْلَى قَدْرًا ، وَأَصْوَبَ رَأْيًا مِمَّا تَنْحَلُهُ إِلَيْهِ الرَّافِضَةُ ، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِيَ يَنْحَلُ هَذَا إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه عَلَيْهِ فِيهِ أَشْيَاءُ لَوْ عَقَلَ مَا يَقُولُ كَانَ سُكُوتُهُ أَوْلَى بِهِ مِنَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ ، بَلْ مَا يُعْرَفُ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه ، غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنَ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ بِخِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه ، وَكَذَا أَهْلُ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَشْهَدُونَ لِأَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بِالْخِلَافَةِ وَالْفَضْلِ
1197 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَغَوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: ثنا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الطَّيَّارِ رضي الله عنه قَالَ: وَلِيَنَا أَبُو بَكْرٍ رحمه الله «فَخَيْرُ خَلِيفَةٍ أَرْحَمُهُ بِنَا وَأَحْنَاهُ عَلَيْنَا» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً ، وَقَى اللَّهُ شَرَّهَا قِيلَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَعْقِلُ فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا مَدْحٌ لِبَيْعَةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه ، وَلَيْسَ هُوَ ذَمًّا لَهَا يَا جَاهِلُ ، فَإِنْ قَالَ: كَيْفَ؟
⦗ص: 1732⦘
قِيلَ لَهُ: لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَدُفِنَ اجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَمَضَى إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَمَعَهُ عُمَرُ رضي الله عنهما ، وَخَشِيَ أَنْ يُحْدِثُوا شَيْئًا لَا يُسْتَدْرَكُ سَرِيعًا فَكَلَّمَهُمْ بِمَا يَحْسُنُ ، وَيَجْمُلُ مِنَ الْكَلَامِ ، وَوَعَظَهُمْ فَقَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ: مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: فَلَوْ تَمَّ هَذَا لَكَانَ فِيهِ بَلَاءٌ عَظِيمٌ ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا خَلِيفَتَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، فَقَامَ عُمَرُ رضي الله عنه بِتَوْفِيقِ اللَّهِ الْكَرِيمِ لَهُ فَقَالَ: لَأَنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَتَأَمَّرَ عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ: مُدَّ يَدَكَ أُبَايِعْكَ ، فَمَدَّ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ، فَعَلِمَتِ الْأَنْصَارُ وَجَمِيعُ الْمُهَاجِرِينَ أَنَّ الْحَقَّ فِيمَا فَعَلَهُ عُمَرُ فَبَايَعَهُ الْجَمِيعُ طَائِعِينَ غَيْرَ مُكْرَهِينَ لَمْ يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ ، وَجَاءَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَبَايَعَهُ ، وَجَاءَ الزُّبَيْرُ فَبَايَعَهُ ، وَجَاءَ بَنُو هَاشِمٍ فَبَايَعُوهُ ، فَقُولُ عُمَرَ رضي الله عنه: كَانَتْ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ فَلْتَةً يَعْنِي: افْتُلِتَتْ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلشَّيْطَانِ فِيهَا نَصِيبٌ ، لَمْ يُسْفَكْ فِيهَا دَمٌ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْهِ النَّاسُ ، فَهَذَا مَدْحٌ لَهَا لَيْسَ بِذَمٍّ يَا مَنْ يَطْلُبُ الْفِتْنَةَ اعْقِلْ إِنْ كُنْتَ تَعْقِلُ
1198 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّسَائِيُّ قَالَ
⦗ص: 1733⦘
: حَدَّثَنَا مُشْرِفُ بْنُ سَعِيدٍ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ أَبُو سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ زِرٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" كَانَ رُجُوعُ الْأَنْصَارِ يَوْمَ سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ بِكَلَامٍ قَالَهُ عُمَرُ رضي الله عنه: أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ فَصَلَّى بِالنَّاسِ؟ قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: فَأَيُّكُمْ تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَبَا بَكْرٍ؟ قَالُوا: كُلُّنَا لَا تَطِيبُ نَفْسُهُ نَحْنُ نَسْتَغْفِرُ اللَّهَ عز وجل "
1199 -
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ
⦗ص: 1734⦘
أَبِي بَكْرٍ الْقُرَشِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ: " ائْتِنِي بِكَتِفٍ حَتَّى أَكْتُبَ لِأَبِي بَكْرٍ كِتَابًا لَا يُخْتَلَفُ عَلَيْهِ بَعْدِي قَالَتْ: فَلَمَّا قَامَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ أَنْ يُخْتَلَفَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ» قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رحمه الله: كَانَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا اخْتَلَفَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه بَلْ تَتَابَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، وَبَنُو هَاشِمٍ عَلَى بَيْعَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى رَغْمِ أَنْفِ كُلِّ رَافِضِيٍّ مَقْمُوعٍ ذَلِيلٍ ، قَدْ بَرَّأَ اللَّهُ عز وجل عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنه عَنْ مَذْهَبِ السُّوءِ