الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظائف المجالس التشريعية في الأنظمة الحديثة
للمجالس التشريعية (البرلمان) في الأنظمة القانونية الحديثة ثلاث وظائف رئيسية:
1 -
الوظيفة التشريعية: المراد بها سن القوانين التي تحتاج إليها الدولة حيث تقوم السلطة التنفيذية باقتراح مشروع قانون ما، ثم تقدمه إلى البرلمان، الذي يحيله بدوره إلى لجانه المتخصصة لدراسته، وبعدها يعرض على الهيئة التشريعية مجتمعة لمناقشته، وفي حال إقراره ثم إصداره بقانون يوضع موضع التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية وسنأتي قريباً على بيان كيفية سن القوانين وما هي القوانين التي يجب أن يناط استنباطها بهذه المجالس سواءً كانت اقتصادية أم اجتماعية أم غير ذلك.
2 -
الوظيفة السياسية: وهي من أهم وظائف الهيئة التشريعية وتتمثل باختيار الحاكم أو تزكية من يترشح، ومنح الثقة للسلطة التنفيذية أو حجبها عنها، ثم مراقبة أعمال هذه السلطة، والتحقق من مدى تنفيذها للقوانين الصادرة عنها، ومسائلة الوزراء عن أعمالهم وتصرفاتهم في مجال وزاراتهم.
3 -
الوظيفة المالية: وتتمثل في إقرار الميزانية العامة للدولة ومناقشتها قبل إقرارها، ثم الإشراف على إنفاقها وصرفها، وتشترط بعض الدساتير في بعض الدول موافقة الهيئة التشريعية على القروض العامة والارتباطات المالية التي تربط بها الدولة، هذا ومضمون هذه الوظيفة يرجع في الحقيقة إلى كل من الوظيفة التشريعية والوظيفة السياسية، ذلك إن إصدار الموازنة العامة للدولة يكون بقانون وهذا تشريع، والإشراف على إنفاق هذه الموازنة يعد رقابة وهذه وظيفة سياسية.
إذاً فوظيفة وصلاحيات البرلمان أو ما يمكن تسميته بمجلس الشورى يمكن ردها إلى أمرين رئيسين كما يقول د. هاني الطعيمات:
الأول: إصدار التشريعات في الدولة.
والثاني: مراقبة السلطة التنفيذية ومحاسبتها على أعمالها (1).
(1) - د. هاني سليمان الطعيمات 243 مرجع سابق.
يضاف إلى ذلك أمر ثالث هو اختيار رئيس الدولة بطريق الانتخاب غير المباشر أو تزكيته ثم انتخابه من قبل الشعب بطريق الانتخاب المباشر.
وقد سبق أن بينا قصة أهل الشورى الذين اختارهم عمر رضي الله عنه ويستفاد من ذلك جواز تزكية الرئيس أو الخليفة من قبل أهل الشورى أو المجلس النيأبي ثم انتخابه من قبل الشعب واعتبار ذلك بمثابة البيعة أو انتخاب من قبل المجلس النيأبي بطريق الانتخاب غير المباشر.
كما يجوز في النظام الملكي تزكية ولي العهد أو الملك أيضاً، أما الوظيفة التشريعية فسبق أن أوردنا من الأدلة ما يكفي لجواز قيام المجتهدين وأهل التخصص بإصدار تشريعات فيما لا نص فيه من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بما يكفي لتحقيق الصالح العام ضمن ضوابط الاستنباط المعروفة في الفقه الإسلامي، كما سنأتي قريباً على ما نختاره من ضوابط التصويت، غير أننا قبل ذلك نشير إلى الفرق الذي يأتي في الأنظمة البرلمانية (مجالس الشورى) في الدول التي لا تتخذ الإسلام منهجاً لها، في التشريع والدول التي تتخذ الإسلام والتشريع الرباني أساساً حيث يكمن الفرق في أن البرلمانات المعاصرة التي لا تتخذ الإسلام منهجاً لها أن السلطة التشريعية تملك أن تصدر من القوانين ما تشاء دون أن تكون ملتزمة بأي ضوابط أو قيود سوى عدم معارضة ما تسنه من قوانين لأحكام الدستور، والهيئة المختارة لوضع الدستور تملك وضع ما تراه في الدستور عدا مراعاة الاعتبارات والظروف التي تم اختيارهم وتعيينهم فيها، وكثيراً ما تكون هذه الهيئة خاضعة لاعتبارات مفروضة عليها مادياً أو معنوياً (1) ، أما الدول التي تأخذ بالإسلام منهجاً فإنها تكون مقيدة بضوابط الشريعة، فالشريعة هديها متكامل وهي صالحة لكل زمان ومكان وهي المصدر الوحيد للتشريع في الدولة الإسلامية وليس لمسلم أو مجلس تشريعي أو حكومة إسلامية أن تسن قوانين مخالفة للشريعة الإسلامية، وإنما يجب على جميع أفراد أو جماعات البرلمانات والحكومات الالتزام في كل شؤون الحياة بكل ما جاءت به الشريعة الإسلامية في أصولها وفروعها، ويوم تلتزم الأمة بذلك فإنه سيعود للأمة عزها ومجدها الذي فقد بإهمال الشريعة ونسيانها، والأدلة على وجوب اتباع شرع الله وتحكيمه من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة والعلماء كثيرة ونشير إلى بعض منها.
(1) - نظام الحكم في الإسلام د. محمد فاروق النبهاني ص 427 وما بعدها وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ص 246.