الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشورى في غزوة الأحزاب وحفر الخندق
لقد حكت كتب السير أن اليهود لما رأوا انتصار المسلمين يوم أحد خرج بعض أشرافهم إلى قريش يحرضونهم على غزو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، قال ابن هشام أنها كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس وأنه كان من حديث الخندق أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري وحيي بن أخطب النضري وكنانة بن أبي الحقيق النضري وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرجوا حتى قدموا على قريش مكة فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا: إنا سنكون معكم عليه حتى نستأصله فقالت لهم قريش: يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد فديننا خير أم دينه؟ قالوا: بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه فهم الذين أنزل الله فيهم (أَلَمْ تَرَ إلى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا * أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا * أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَأهم اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَأهم مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا)(1) قال ابن هشام: فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فاجتمعوا لذلك واتحدوا له، ثم خرج ذلك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلى حرب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأخبروهم أنهم سيكونون معهم عليه وأن قريشاً قد تابعوهم على ذلك فاجتمعوا معهم فيه.
(1) - الآيات 51 - 55 من سورة النساء.
فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان بن حرب وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن في بني فزارة والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري في بني مرة ومسعر بن رخيله بن نويرة بن طريف بن شحمة بن عبدالله بن هلال بن خلاوة فيمن تابعه من قومه من أشجع. قال ابن هشام فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة (1)، وقال ابن هشام أن سلمان الفارسي كان قد أشار على النبي صلى الله عليه وآله وسلم به قال حدثني أهل العلم أن المهاجرين يوم الخندق قالوا سلمان منا وقالت الأنصار سلمان منا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:(سلمان منا أهل البيت)(2)، وجاء في بعض كتب السير أنه: لما سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بزحفهم إلى المدينة وتحزب الأحزاب لقتال المسلمين استشار أصحابه أيقيمون في المدينة أم يخرجوا للقاء العدو، وهناك أشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بضرب الخندق وكانت خطة حربية متبعة عند الفرس، قال سلمان يا رسول الله إنا كنا بأرض فارس إذا تخوفنا الخيل خندقنا علينا فهل لك يا رسول الله أن نخندق؟ فأعجب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأي سلمان فأخذ برأيه، فجعل جبل السلع خلف ظهره وخط لهم مكان الخندق وعمل معه المسلمون فدأب فيه ودأبوا وكان البرد شديداً ولا يجدون من القوت إلا ما يسد الرمق وقد لا يجدونه، ويقول أبو طلحة شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجوع ورفعنا عن بطوننا عن حجر حجر فرفع النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن بطنه حجرين، ويقول أنس رضي الله عنه خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة ولم يكن لهم عبيد يعملون لهم ذلك فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال:
اللهم إن الأجر أجر الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة
فقالوا مجيبون له نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبدا. (3)
(1) - السيرة النبوية لابن هشام ص 226 - 235.
(2)
- المستدرك على الصحيحين ج3ص691 حديث (5639).
(3)
- انظر السيرة النبوية للعلامة أبي الحسن الندوي طبعة دار القلم - 1422هـ - 2001م ص 250 - 251. وسيرة ابن هشام ج3 - ص 226وما بعدها. وزاد المعاد في هدي خير العباد لابن قيم الجوزية ج3 - ص 271. والسيرة النبوية في ضوء القرآن والسنة للدكتور محمد أبو شهبة ج2 - ص 276. وفتح الباري شرح صحيح البخاري ج 8 - ص 395.