الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشورى في الحرب بشأن المرتدين في أيام أبي بكر رضي الله عنه
قال في تاريخ الخميس وقدم على أبي بكر رضي الله عنه عيينة بن حصن والأقرع بن حابس في رجال من أشراف العرب فدخلوا على المهاجرين والأنصار وقالوا: إنه قد ارتد عامة من وراءنا وليس في أنفسهم أن يؤدوا إليكم ما كانوا يؤدونه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فإن تجعلوا لنا جعلاً نرجع فنكفيكم من وراءنا فدخل المهاجرون والأنصار على أبي بكر فعرضوا عليه الذي عرضوا عليهم وقالوا: نرى أن تطعم الأقرع وعيينة طعمة يرضيان بها ويكفيانك مَن وراءهما حتى يرجع إليك أسامة وجيشه ويشتد أمرك، فإننا اليوم قليل في كثير ولا طاقة لنا بقتال العرب. قال أبو بكر هل ترون غير ذلك؟ قالوا: لا. قال: إنكم قد علمتم أنه كان من عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إليكم بالمشورة فيما لم يمضِ فيه أمر من نبيكم ولا نزل به الكتاب عليكم وإن الله لم يجمعكم على ضلالة وإني سأشير عليكم وإنما أنا رجل منكم، تنظرون فيما أشرته عليكم وفيما أشرتم به فتجتمعون على أرشد ذلك فإن الله يوفقكم، أما أنا فأرى أن نشد إلى عدونا فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر وألا ترضوا على الإسلام أحداً وأن تتأسوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنجاهد عدوه كما جاهدهم، والله لو منعوني عقالاً لرأيت أن أجاهدهم عليه حتى آخذه من أهله وأدفعه إلى مستحقه، فأتمروا يرشدكم الله فهذا رأيي. فقالوا لأبي بكر لما سمعوا رأيه أنت أفضلنا رأياً ورأينا لرأيك تبع. فأمر أبو بكر الناس بالتجهز وأجمع على المسير بنفسه لقتال أهل الردة. (1)
وفي البداية والنهاية لابن كثير أنه بعد أن أنفذ الصديق رضي الله عنه جيش أسامة قلَّ الجند فطمعت كثير من الأعراب في المدينة، وأن الصديق رضي الله عنه جعل على أنقاب المدينة حراساً، وجعلت وفود العرب تقدم المدينة يُقِرّون بالصلاة ويمتنعون من أداء الزكاة، وفيهم من امتنع من دفعها إلى الصديق رضي الله عنه، وذكر أن منهم من احتج بقوله
(1) - انظر محمد أحمد باشميل في حروب الردة. ص 22 - الطبعة الأولى 1399هـ - 1979م دار الفكر - نقلاً عن تاريخ الخميس.
تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ)(1) قالوا فلسنا ندفع زكاتنا إلا إلى من صلاته سكن لنا وأنشد بعضهم:
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا
…
فواعجباً ما بالُ ملك أبي بكر
ثم ساق ابن كثير ما دار بين أصحاب رسول الله مع أبي بكر حول تركهم وتألفهم وامتناع الصديق رضي الله عنه وما قاله عمر رضي الله عنه وما رد به الصديق على نحو مما سلف بيانه. (2)
وجاء في صحيح البخاري قال: حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال أخبرنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال حدثنا عبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما توفي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وكان أبو بكر رضي الله عنه (3) وكفر من كفر من العرب فقال عمر رضي الله عنه: فكيف تقاتل الناس؟ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله. فقال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه: فوالله ما هو إلا أن شرح الله صدر أبي بكر رضي الله عنه فعلمت أنه الحق. (4)
وهذا الحديث نص في الشورى وأنها كانت ديدن الخلفاء الراشدين ومعتمدهم، وأنه لم يعارض أحد إلا عمر رضي الله عنه ثم تابع أبا بكر الصديق رضي الله عنه وقد كان رأي أبي بكر رضي الله عنه في حرب المرتدين ومانعي الزكاة رأياً موفقاً.
(1) - سورة التوبة (103).
(2)
- أبو الفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي المتوفى سنة 770 في البداية والنهاية ج6 - ص 311 الناشر: مكتبة المعارف - بيروت - لبنان.
(3)
- كان أبو بكر: أي تولى أبو بكر.
(4)
- انظر صحيح البخاري كتاب الزكاة - باب وجوب الزكاة - حديث (1399و1400و1456و1457و6924و7284)، وأخرج أبو داود في سننه بنحوه في كتاب الزكاة حديث 1556.