المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌صفة أهل الشورى عند العلماء - الشورى في الشريعة الإسلامية

[حسين بن محمد المهدي]

فهرس الكتاب

- ‌بين يدي الكتاب

- ‌تقديمد. عبدالعزيز المقالح

- ‌تمهيد:

- ‌خطتنا في هذا البحث:

- ‌الفصل الأوللمحة تاريخية عن الشورى

- ‌الفصل الثانيتعريف الشورى وبيان مشروعيتها

- ‌المبحث الأول: تعريف الشورى

- ‌ أولاً تعريف الشورى لغة:

- ‌ ثانياً: تعريف الشورى اصطلاحاً:

- ‌المبحث الثاني:مشروعية الشورى في النظام الإسلامي

- ‌الفصل الثالثالشورى في الأمور العامة

- ‌المبحث الأول: الشورى في التشريع

- ‌النظام النيابي وفكرة تمثيل الأمة بواسطة نواب عنها .. أساسه وسنده

- ‌صلة المجالس التشريعية (نواب الشعب) بأهل الحل والعقد

- ‌وظائف المجالس التشريعية في الأنظمة الحديثة

- ‌الأدلة على وجوب اتباع الشريعة الإسلامية وعدم جواز مخالفتها

- ‌ الدليل الأول: من كتاب الله تعالى

- ‌ثانياً: ما ورد في السنة النبوية

- ‌القانون المناط سنّهُ بالمجالس التشريعية

- ‌عوامل نجاح المجالس التشريعية

- ‌ضوابط النقاش والتصويت وإطاره الأخلاقي

- ‌نتائج التصويت وحكمه في المجالس التشريعية

- ‌رقابة القضاء على دستورية القوانين

- ‌ الرقابة عن طريق الدفع الفرعي:

- ‌المبحث الثانيالشورى في الوظائف العامة

- ‌الوظائف العامة مبدء تقره الدساتير والقوانين في مختلف البلدان

- ‌المبحث الثالثالشورى في القضاء والحكم

- ‌فكرة نظام المحلفين في القوانين الوضعية

- ‌المبحث الرابعالشورى في الحرب

- ‌الشورى في غزوة أحد

- ‌الشورى في غزوة الأحزاب وحفر الخندق

- ‌الشورى في تفريق الأحزاب

- ‌الشورى في غزوة الحديبية

- ‌الشورى في الفتح الأعظم

- ‌الشورى في غزوة حنين وأوطاس

- ‌الشورى في أيام الخلفاء الراشدين

- ‌الشورى في الحرب بشأن المرتدين في أيام أبي بكر رضي الله عنه

- ‌الشورى في الحرب في أيام عمر رضي الله عنه

- ‌عمر رضي الله عنه يستشير في الذهاب إلى العراق

- ‌عمر رضي الله عنه يستشير في الخروج لقتال الروم

- ‌المبحث الخامس

- ‌أولاً: ما ورد في القرآن الكريم

- ‌ثانياً: ما ورد في السنن النبوية وما يستفاد منها عن صفة أهل الشورى

- ‌صفة أهل الشورى عند العلماء

- ‌المبحث السادسبيان الكيفية التي كانت تتم بها الشورى في صدر الدولة الإسلامية وما يستفاد من ذلك

- ‌المبحث السابعالشورى ومدى إلزاميتها

- ‌الفصل الرابعخصوصية الشورى وأهمية تعليمها

- ‌المبحث الأولالشورى في الأسرة والمجتمع ومنهجيتها

- ‌المبحث الثانيتعليم الشورى واتخاذها منهجاً تعليمياً

- ‌الخاتمة

- ‌أهم المراجع:

- ‌كلمة شكر وتنوية

- ‌المحتويات

الفصل: ‌صفة أهل الشورى عند العلماء

‌صفة أهل الشورى عند العلماء

لقد حرص العلماء والمحققون من الفقهاء والمفسرين استنباطاً من كتاب الله وسنة رسوله على بيان صفة المستشار، جاء في مصنف أبي داود عن أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال:(المستشار مؤتمن)، قال العلماء: وصفة المستشار إن كان في الأحكام أن يكون عالماً ديناً وقل ما يكون ذلك إلا في عاقل. قال الحسن: ما كمل دين امرء ما لم يكمُل عقله فإذا استشير مَنْ هذه صفته واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقعت الإشارة خطأ فلا غرامة عليه. قال الخطأبي وغيره: أما صفة المستشار في أمور الدنيا عند القرطبي فهو كما يقول وصفة المستشار في أمور الدنيا أن يكون عاقلاً مجرباً واداً في المستشير. قال الشاعر:

شاور صديقك في الخفي المشكل

واقبل نصيحة ناصح متفضل

وقال آخر:

وإن باب أمر عليك التوى

فشاور لبيباً ولا تعصه

وقال البخاري: كانت الأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستشيرون الأمناء من أهل العلم في الأمور المباحة ليأخذوا بأسهلها، وقال سفيان الثوري: ليكن أهل مشورتك أهل التقوى والأمانة، وقال ابن خويز منداد: واجب على الولاة مشاورة العلماء فيما لا يعلمون وفيما أشكل عليهم من أمور الدين ووجوه الجيش فيما يتعلق بالحرب ووجوه الناس فيما يتعلق بالمصالح ووجوه الكتَّاب والوزراء والعمال فيما يتعلق بمصالح البلاد وعمارتها، وقال ابن عطية: الشورى من قواعد الشريعة وعزائم الأحكام، من لا يستشير أهل العلم والدين فعزله واجب وهذا مما لا خلاف فيه. (1)

وقال أبو حيان في معرض تفسيره لقوله تعالى: (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْلهم) ليكمل لهم صفحه وصفح الله عنهم ويحصل لهم رضاه صلى الله عليه وآله وسلم ورضا الله تعالى، ولما زالت التبعات من الجانبين شاورهم إيذاناً بأنهم أهل للمحبة الصادقة والخلة الناصحة إذ لا يستشير الإنسان إلا من كان معتقداً فيه المودة والعقل والتجربة. (2)

(1) - انظر القرطبي في الجامع لأحكام القرآن - ج4 - ص249، 250. بتصرف.

(2)

- البحر المحيط ج2 - ص99.

ص: 198

وقال الماوردي: أنه إذا عزم على المشاورة ارتاد لها من أهلها من قد استكملت فيه خمس خصال: إحداهن عقل كامل مع تجربة سالفة؛ فإنه بكثرة التجارب تصح الروية، والخصلة الثانية: أن يكون ذا دين وتقى فإن ذلك عماد كل صلاح وباب كل نجاح؛ ومن غلب عليه الدين فهو مؤمن السريرة موفق العزيمة، والخصلة الثالثة: أن يكون ناصحاً ودوداً فالنصح والمودة يصدقان الفكرة ويمحضان الرأي؛ وقد قال بعض العلماء لا تشاور إلا الحازم غير الحسود واللبيب غير الحقود، والخصلة الرابعة: أن يكون سليم الفكر من هِمٍّ قاطع وغمٍّ شاغل فإن من عارضت فكره شوائب الهموم لا يسلم له رأي ولا يستقيم له خاطر وقد قيل في منثور الحكم كل شيء يحتاج إلى العقل والعقل يحتاج إلى التجارب، والخصلة الخامسة: أن لا يكون له في الأمر المستشار فيه غرض يتابعه ولا هوى يساعده فإن الأغراض جاذبة والهوى صاد، والرأي إذا عارضه الهوى وجاذبته الأغراض فسد، فإذا استكملت هذه الخصال الخمس في رجل كان أهلاً للمشورة ومعدناً للرأي فلا تعدل عن استشارته اعتماداً على ما تتوهمه من فضل رأيك وثقة بما تستشعره من صحة رؤيتك، فإن رأي غير ذي الحاجة أسلم وهو من الصواب أقرب لخلوص الفكر وخلو الخاطر وارتفاع الشهوة (1). وذكر الماوردي في الأحكام السلطانية: أن الشروط المعتبرة فيمن يصلح جعله من أهل الإختيار أحدها: العدالة الجامعة لشروطها. الثاني: العلم الذي يتوصل به إلى معرفة من يستحق الإمامة على الشروط المعتبرة فيه، والثالث: الرأي والحكمة والمؤديان إلى اختيار من هو للإمامة أصلح وبتدبير المصالح أقوم وأعرف. (2)

وقد ذكر الدكتور حسن ضياء الدين محمد: أنه لعل أوفى وأقدم المباحث في صفة أهل الشورى ما دبَّجة العلامة الماوردي، فإنه تحدث عن الشورى فأشاد بعظيم أهميتها لكل ذي عقل وإيمان، ثم أورد مقتبساً من كلامه في الصفات التي أوردها الماوردي في أدب الدنيا والدين، وهي إشادة في محلها.

(1) - أدب الدنيا والدين لأبي الحسن محمد بن حبيب الماوردي ص 260، 263 بتصرف. طبعة دار الكتب العلمية - بيروت.

(2)

- الأحكام السلطانية - مصدر سابق ص 4.

ص: 199

وقد ذكر الدكتور حسن ضياء الدين: أن أصحاب الشورى دائماً هم نخبة من خيار المسلمين في كل عصر وقطر، لذا فإن من البديهي أن تتوفر فيهم صفات المؤمنين التي ذكرها القرآن العظيم والحديث الشريف، لكن العلماء الأجلاء لم يتصدوا لسرد جميع صفات المؤمنين لدى حديثهم عن صفات أهل الشورى وإنما ذكروا الصفات الأساسية الضرورية التي يلزم التنبّه إلى الأهمية العظمى لضرورتها فيهم. (1)

قلت: وهي كافية لتقرير صفة من يصلح أن يكون موضع ثقة ومشاورة من ولي الأمر أو من خواص المسلمين وعامتهم.

وذكر الدكتور عز الدين التميمي: صفات لأهل الشورى فقال: ينبغي أن يختار لأهل المشورة أناس يتحلون بخصال وأوصاف معينة حتى تؤتي أكلها وتعطي ثمارها نلخصها بإيجاز:

أولاً: مرتبة العقل الكامل والفطنة والذكاء مع طول التجربة مستدلاً بقوله عليه الصلاة والسلام (استرشدوا العقل ترشدوا ولا تعصوه تندموا)(2) وبقوله عليه الصلاة والسلام (ولا حكيم إلا ذو تجربة)(3).

ثانياً: الاستقلال في الرأي، فمن المفضل أن يكون المستشار من ذوي الاستقلال في الرأي وقد استدل على ذلك بما ورد في السنة النبوية (لا يكون أحدكم إمعة يقول أنا مع الناس إن أحسن الناس أحسنت وإن أساءوا أسأت)(4).

ثالثاً: الشجاعة في إبداء الرأي، فالشجاعة في إبداء الرأي والتصريح به من الأمور المهمة مستدلاً على ذلك بما جاء في حديث عبادة بن الصامت الذي يقول فيه (بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان وعلى أن نقول الحق أينما كان لا نخاف في الله لومة لائم). (5)

(1) - الشورى في ضوء القرآن والسنة - تأليف الأستاذ الدكتور محمد ضياء الدين عز الناشر دار البحوث الإسلامية للدراسات وإحياء التراث دبي- الطبعة الأولى 1422هـ - 2001م.

(2)

- رواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، وأورده الماوردي في أدب الدنيا والدين ص 272.

(3)

- أخرجه الترمذي برقم 2031 في البر وحسن الصلة، وانظر ابن الأثير في جامع الأصول ج11 - ص699.

(4)

- رواه الترمذي في البر باب ما جاء في الإحسان والعفو حديث (2007).

(5)

- الحديث أخرجه البخاري ومسلم، تجريج سابق.

ص: 200

رابعاً: الدين والاستقامة قال وهذه من الصفات الرئيسية في المستشار لئلا يغش فيما يستنصح فيه مستدلاً على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (المستشار مؤتمن). (1)

ويرى فريق من العلماء أن من صفات المستشارين أن يكونوا شيوخاً كباراً في السن ولا يستشار الأحداث من الشباب، والصحيح أن لكل من الشيوخ والشباب مزايا فالشيوخ قد حنكتهم التجارب وعركتهم الأيام وصقلتهم الأحداث والسنون وشهدوا من الأحداث ما يسعف عقولهم باقتناص الآراء الصائبة، وقد كانت العرب تقول المشائخ أشجار الوقار ومنابع الأخبار لا يطيش بهم فهم ولا يسقط بهم وهم. وقال بعض العلماء الآراء هي قياس أمور مستقبلة على أمور ماضية ولها أمثال وأشباه، ومادة الرأي التجارب مباشرة أو سماعاً فلكثرة التجارب ندب إلى استشارة المشائخ، أما الشباب فإنهم إذا تمتعوا بأمزجة صحيحة وقرائح سليمة وعلوم غزيرة فربما فاقوا في إدراك الصواب الكهول والشيوخ، وكان يقال عليكم بآراء الأحداث ومشاورة الشباب فإن لهم أذهاناً تغل الفواصل وتحطم الذوابل، وكان مجلس عمر بن الخطاب رضي الله عنه يغص بالقراء والعلماء شيوخاً كانوا أو شباناً وربما استشارهم، وكان يقول: لا يمنع أحدكم حداثة سنه أن يشير برأي فإن الرأي ليس على حداثة السن ولا على قدمه ولكن على أمر يضعه الله حيث يشاء. (2)

أما أبو الفتح البوستي فهو يقول:

خصائص من تشاوره ثلاثٌ فخذ منها جميعاً بالوثيقة

ودادٌ خالصٌ ووفور عقلٍ ومعرفة بحالك بالحقيقة

فمن حصلت له هذي المعاني فتابع رأيه والزم طريقه (3)

ولصلاح بن عبدالقدوس:

ولا مشير كذي نصحٍ ومقدرةٍ في مشكل الأمر فختر ذاك منتصحا (4)

ولا مانع من أخذ رأي المرأة ومشاورتها في الأمور العامة كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قصة مشاورته لأم سلمة رضي الله عنها في الحديبية، وذهب البعض من العلماء إلى القول بجواز عضوية المرأة لمجلس الشورى، وفي ذلك يقول الدكتور محمود الخالدي: إنه كما كان مجلس الشورى وكيلاً عن الناس في الرأي والمرأة يجوز لها شرعاً أن تبدي رأيها للخليفة، لذلك يجوز للمرأة أن تكون عضواً في مجلس الشورى والدليل على ذلك ما يلي:

أولاً: لم يرد في الشرع أي دليل على تحريم انتخاب المرأة عضواً في مجلس الشورى، فدل على أنه مباح، أما ما ورد في السنة في قوله صلى الله عليه وآله وسلم (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)(5) فإنه لا علاقة له بمجلس الشورى لأن الحديث وارد في الحكم ومجلس الشورى ليس من قبيل الحكم، فلا يكون دليلاً على ذلك.

ثانياً: في السنة الثالثة عشر للبعثة أي السنة التي هاجر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم قدم عليه خمسة وسبعون مسلماً من المدينة منهم ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان وبايعوه جميعاً بيعة العقبة الثانية وهي بيعة حرب وقتال وبيعة سياسة، وبعد أن فرغوا من بيعته قال لهم جميعاً:(أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيباً يكونون على قومهم كفلاء)(6) وهذا أمر فيه توجيه للجميع بأن ينتخبوا من الجميع ولم يخصص الرجال ولم يستثن النساء، لا فيمن يُنتخب ولا فيمن يَنتخب، والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد دليل للتخصيص والتقييد فيدل على أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أمر المرأتين أن تنتخبا النقباء، وجعل للمرأتين حق انتخابهما من المسلمين نقيبتين.

(1) - سبق تخريجه.

(2)

- انظر الشورى بين الأصالة والمعاصرة - مصدر سابق ص 39 - 41 بتصرف.

(3)

- ديوان أبو الفتح البوستي ص375.

(4)

- ادب الدنيا والدين للماوردي ص220.

(5)

- الترمذي في كتاب الفتن باب 75 حديث 2262، وقد رواه أحمد في المسند والبخاري والنسائي.

(6)

-السيرة النبوية لابن هشام ج2 - ص 64.

ص: 201

ثالثاً: لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صلح الحديبية ولقي مقاومة عنيفة من المسلمين لشروطها أمرهم أن ينحروا ويحلقوا فرفض المسلمون جميعاً ذلك، فدخل على زوجته أم سلمة رضي الله عنها، وأخبرها بما صنعه المسلمون فأشارت عليه أن يخرج وينحر ويحلق فأخذ برأيها وفعل كما قالت له، فهبَّ المسلمون ينحرون ويحلقون حتى كادوا يتذابحون لسرعتهم في التقيد بفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا يدل على حق المرأة في الشورى وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يشاور النساء ويأخذ برأيهن فيجوز للمرأة أن تكون عضواً في مجلس الشورى لتعطي رأيها كما فعلت أم سلمة رضي الله عنها مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. (1)

وورد في الشورى في الإسلام الإصدار المقدم له من الدكتور/ صالح بن عبدالله بن حميد امام وخطيب المسجد الحرام رئيس مجلس الشورى السعودي عرضاَ مفصلاً عن شروط عضوية مجلس الشورى السعودي، وبعد ذلك وتحت عنوان عضوية المرأة ، هناك أمراً في غاية الأهمية كثيراً ما تطرح حوله الأسئلة ويثار في مناسبات عدة ولا سيما عند الحديث عن قضايا المرأة في المملكة العربية السعودية هذا الأمر لم يرد له ذكر في شروط العضوية ألا وهو:(عضوية المرأة في مجلس الشورى).

ففي ديننا الحنيف ليس هناك ما يمنع من اسهام المرأة في شؤون المجتمع، إذا ما كانت وفق الضوابط الشرعية التي تحافظ عليها. وقد أسهمت المرأة السعودية بجهد وافر في العملية التنموية للبلاد، من خلال ما تحمل من مؤهلات عالية، وتخصصات متنوعة.

ومجلس الشورى كثيراً ما يستعين بالنساء ويستشيرهن في الأمور التي تخصهن، وليس هناك ما يمنع حضورهن للمجلس سواءً لتقديم استشارة أو لحضور جلسة من جلسات المجلس (2).

أما النظم القانونية والدساتير فإنها لا تشترط الذكورة فيمن يعين عضواً في مجلس الشورى، وبالنسبة للأعمار فاشترطت فيمن ينتخب في عضوية مجلس النواب أن لا يقل

(1) - نظام الشورى في الإسلام مصدر سابق 137 - 140.

(2)

- الشورى في الإسلام رؤية نيابية تجربة المملكة العربية السعودية ، ص12، مصدر سابق.

ص: 202

سنه عن خمسة وعشرين عاماً، وهذه مرحلة النضج، وقد نص على ذلك في دستور الجمهورية اليمنية بالمادة (64) ، كما يشترط فيمن يُنتخب أن يكون مستقيم الخلق والسلوك مؤدياً للفرائض الدينية وأن لا يكون قد صدر ضده حكم قضائي بات في قضية مخلة بالشرف والأمانة ما لم يكن قد رد إليه اعتباره، أما نظام مجلس الشورى السعودي الصادر سنة 1412هـ فإنه يشترط فيمن يقوم الملك باختياره لعضوية مجلس الشورى أن يكون سعودي الجنسية وأن يكون من المشهود لهم بالصلاح والكفاءة وأن لا يقل عمره عن ثلاثين سنة (1).

أما الناخب فإن الدستور اليمني لا يشترط فيه إلا أن يكون يمنياً وأن لا يقل سنه عن ثمانية عشر عاماً وهو حسن لأن في ذلك إعطاء كل مواطن بالغ عاقل حق المشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ومن ذلك حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي.

إن اعتبار تكافؤ الفرص لجميع المواطنين على السواء ميزة ينبغي أن يحافظ عليها الكافة فهي لا تختلف مع أحكام الشريعة في شيء ولكن شرط العلم والأمانة أُغفِل في بعض التشريعات وربما عولج موضوعه عن طريق اختيار هيئة استشارية من بين كبار العلماء في مختلف التخصصات لأنها ضرورة لا بد منها، فإشراك الأمة في مزاولة السلطة والتفكير بقضاياها العامة وتوسيع دائرة المسؤولية بقصد تجنب الخطأ في اتخاذ القرارات لا يتأتى إلا عن طريق استشارة أهل الاختصاص، ومما لا شك فيه أن محاربة اعتقال الإرادة الإنسانية التي تمارسها الأنظمة الدكتاتورية وتحقيق ذاتية الأمة يقتضي إشراك الناس كافة ووضعهم في دائرة المسؤولية لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول:(إن أمتي لا تجتمع على ضلالة)(2)، فالشورى هي يسيرة المنال عظيمة الفائدة ويتحقق بها النفع العظيم للأمة ولهذا جاءت بصورة مختلفة في العهد النبوي، فالخير ممارستها في أي صورة من الصور التي لا تختلف مع منهج الله وشرعه، كما سنزيد الأمر بياناً عند الحديث عن

(1) - النظام السياسي والدستوري للمملكة العربية السعودية تأليف الدكتور أحمد بن عبدالله بن باز ص 244 - الطبعة الثانية.

(2)

- انظر سنن ابن ماجه - كتاب الفتن - باب السواد الأعظم - حديث 3950.

ص: 203

نتائج الشورى والكيفية التي كانت تمارس بها، والذي يهمنا هنا هو القول بأن الدعوة لمشاركة الكافة لا يعني عدم التركيز على ذوي الإختصاص ولا يجيز تهميشهم لأن الله سبحانه يقول:(فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)(1).

ولا تكاد النظم القانونية في مختلف البلدان تختلف على وجوب إشراك الأمة في معظم شؤونها وعلى إعطاء الإنسان كافة حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية في مختلف المجالات كما هو مصرح بذلك في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/ 12/1994م المادة (21) من الإعلان العالمي تقول: لكل فرد الحق في الاشتراك في إدارة الشئوون العامة لبلاده إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون اختياراً حراً، وكذلك ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية بالمادة (25) التي جاء فيها أن لكل مواطن أن يشارك في سير الحياة في بلاده مباشرة أو عن طريق ممثل له وأن ينتخب ويُنتخب وأن جميع الأفراد متساوون أمام القانون بدون تمييز.

وفي الولايات المتحدة الأمريكية يعتبر الدستور أعلى قاعدة قانونية ويتألف من مقدمة وسبع مواد وستة وعشرين تعديلاً ويقيم نظاماً فدرالياً تتوزع فيه السلطات بين حكومات الولايات المتحدة والحكومة القومية، كما ينشأ حكومة قومية متوازنة كذلك تتوزع السلطة على ثلاثة فروع مستقلة هي الفرع التنفيذي والفرع التشريعي والفرع القضائي، ويتولى الفرع التنفيذي تنفيذ القوانين بينما يقوم الفرع التشريعي بسن القوانين ويقوم الفرع القضائي بتفسير القوانين، ويمثل رئيس الجمهورية الفرع التنفيذي بينما يمثل الكونجرس الفرع التشريعي وتمثل المحكمة العليا الفرع القضائي، ويتم اختيار الرئيس مباشرة عن طريق الانتخابات المباشرة.

أما السلطة التشريعية فإنها تناط بالكونجرس كما هو مقر في دستور الولايات المتحدة، إلا أن السلطة التشريعية بالكونجرس تتألف من مجلس الشيوخ ومجلس النواب، ويتألف مجلس النواب من أعضاء يختارون كل سنتين من قبل الشعب في مختلف الولايات، ويجب أن يتوفر من الناخبين في كل ولاية نفس المؤهلات التي يتوجب توافرها في ناخبي

(1) - سورة النحل الآية (43).

ص: 204

مجلس الهيئة التشريعية في تلك الولاية، وينتخب أعضاء مجلس النواب لدورات مدة الواحدة منها سنتان وإذا كان شخصاً مؤهلاً لانتخاب أعضاء الكونجرس والفرع الأكثر عدداً هو المجلس الذي يضم العدد الأكبر من الأعضاء ولدى جميع الولايات باستثناء (نبراساكا) هيئات تشريعية مكونة من مجلسين.

ومسألة أهلية انتخاب أعضاء الهيئة التشريعية لولاية ما متروكة كلياً لتلك الولاية وإنما خاضعة لقيود الدستور والقانون الفدرالي كقانون حقوق الاقتراع لعام 1965م ويمنع الدستور الأمريكي في تعديلاته رقم 15، 19، 24، 26 الولايات من حرمان المواطن من حق الاقتراع أو تقييد هذا الحق بسبب العرق أو الجنس أو التقصير عن دفع ضريبة ما أو السن إذا كان سنه ثمان عشر سنة على الأقل، ولا يصبح أي شخص نائباً ما لم يكن قد بلغ سن الخامسة والعشرين ولم تكن مضت عليه سبع سنوات وهو من مواطني الولايات المتحدة.

أما مجلس الشيوخ فإنه يتألف من شيخين عن كل ولاية تختارها الهيئة التشريعية في كل ولاية لمدة ست سنوات ويكون لكل شيخ صوت واحد ولا يصبح أي شخص عضواً في مجلس الشيوخ ما لم يكن قد بلغ الثلاثين من العمر وما لم تكن مضت عليه تسع سنوات وهو من مواطني الولايات المتحدة وما لم يكن لدى انتخابه من سكان الولاية التي يتم اختياره عنها، وتحدد في كل ولاية مواعيد وأماكن وطريق انتخاب الشيوخ والنواب، تحددها هيئاتها التشريعية، ولكن يمكن للكونجرس في أي وقت أن يسن قانوناً يحدد فيه مثل هذه الأنظمة أو يعدلها إلا فيما يتعلق بدوائر اختيار الشيوخ، وعلى كل حال فإن الدستور الأمريكي الفدرالي هو الذي يحدد القوانين الأساسية للبلاد ويرسم شكل نظام الحكم القومي، كما يحدد حقوق الشعب الأمريكي وحرياته، ويحدد الدستور أيضاً أهداف الحكومة وسبل تحقيقها، وقد جاء في التعديل السادس والعشرين لدستور الولايات المتحدة الأمريكية الذي تم المصادقة عليه في 1 يوليو 1971م أنه لا يجوز للولايات المتحدة ولا

ص: 205