الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عوامل نجاح المجالس التشريعية
إن من أهم عوامل نجاح المجالس التشريعية هو احترام أعضاء المجالس التشريعية لهذه المؤسسة والعمل على مد روابط الثقة فيما بين أعضاء هذه المؤسسة أولاً ثم ما بين الناس وممثليهم في هذه المجالس، وتطوير الثقافة المعرفية التي تمكن الأعضاء من فهم القواعد الأساسية لعمل هذه المجالس وتجعلهم على دراية وفهم بما يمارسونه ويسعون إلى تحقيقه طاعة لله وخدمة لأوطانهم ومجتمعاتهم حتى يشعر الجميع في هذه المؤسسة بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وأنهم يتقاسمون جميعاً المسؤولية ويتحملونها، وذلك ما يتطلب العمل على إيجاد قواسم يتم الألتقاء عليها ويتأكد الصلة بها في تعميق الروابط الثقافية ومد جسور الاخاء بين الاعضاء، والنظر إلى المصلحة العليا لجميع الأمة في مختلف أقطارها أساس للنجاح فليس ثم مصالح شخصية ولا عداوات تنشأ لأمور شخصية وإنما هي مصالح أمة، وقد قال بعض المثقفين من رجال الفكر والسياسة: لا تحرقوا الجسور في السياسة، إذ لا يوجد أعداء دائمون، كما لا يوجد أصدقاء دائمون، ففي الوقت الذي تكون فيه كارهاً أو حتى نافراً من بعض الزملاء تذكّر أن خصم اليوم قد يكون حليف الغد. (1)
ومعلوم أنه قد جاء سابقاً لهذه المقولة المشتملة على الحكمة ما ورد في الهدي النبوي (أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما)(2)، وجاء في بعض كلام الشعراء:
فهون في حبٍ وبغضٍ فربما
…
بدا صاحبٌ من جانبٍ بعد جانبِ
وقال الإمام علي رضي الله عنه:
وأحبب إذا أحببت حباً مقارباً
…
فإنك لا تدري متى الخير نازع
وأبغض إذا أبغضت بغضاً مقارباً
…
فإنك لا تدري متى الحب راجع (3)
(1) - انظر المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية (قراءات برلمانية مختارة) ص15.
(2)
- أخرجه الترمذي في سنده حديث (2065) ، ورواه البخاري في الآدب المفرد، والبيهقي عن علي رضي الله عنه موقوفاً ، وقال عنه الترمذي حديث صحيح.
(3)
- ديوان الامام علي رضي الله عنه ص40.
والمجالس التشريعية إنما تُعمّر بأخلاق الأعضاء الاكفاء، وإذا كانت وظائف المجالس التشريعية تتمحور في نقاط ثلاث وهي:
- المهام الدستورية: فهو يصادق على المعاهدات والاتفاقات الاقتصادية والسياسية الدولية ذات الطابع العام، وله حق توجيه التوصيات للحكومة، وحق مباشرة سحب الثقة، وحق تقصي الحقائق في أي موضوع يتعارض مع المصلحة العامة، وفحص نشاط الوزارت والهيئات والمؤسسات وفقاً لأحكام الدستور. (1)
- المهام المالية: وتتمثل في إقرار الميزانية العامة للدولة، ومناقشتها قبل اقرارها ثم الاشراف على انفاقها وصرفها، كما سبق الاشارة إلى ذلك. (2)
- المهام التشريعية: وتمثل الوضيفة التشريعية الإختصاص الأصلي لهذه المجالس وسبق التوضيح بأن هذه التشريعات التي غالباً ما تقترحها السلطة التنفيذة تمر بعدة مراحل، فتحال أولاً إلى لجان متخصصة للدراسة قبل أن تعرض على الهيئة التشريعية مجتمعةً للمناقشة.
فإن من أهم عوامل النجاح في القضايا السياسية تعرّف الأعضاء واللجان المتخصصة في المجلس على غرض التشريع ونطاقه وعلى ما ينص التشريع ومن يستهدف مشروع القانون، بحيث يعرف من ينتفع من مشروع القانون ومن يضره؟ وما هي الحقوق والواجبات والمسؤوليات التي يحددها هذا القانون أو ذاك؟ وهل يتفق مع قوانين العدالة ونواميس الفطرة واحكام الشرع؟ ومن الذي سينفذ هذا القانون أو سيدير النتاج أو البرنامج أو النشاط الذي ينتج عن مشروع القانون؟
كما يجب التعرف على حقوق ومسؤوليات الموظفين السياسيين والإداريين في هذه الوزارة أو تلك ، وهل يمكلك الوزير أو الموظفون الحكوميون السلطة الكافية لتنفيذ هذا القانون بمقتضى أحكامه؟ كما يجب أن يتم التعرف على التأثير السياسي أو الاقتصادي
(1) - انظر المواد (92 إلى 95) من دستور الجمهورية اليمنية الصادر عام 2001م.
(2)
- انظر المواد (88 إلى 91) من دستور الجمهورية اليمنية الصادر عام 2001م.
والاجتماعي لهذا المشروع، وهل تملك الحكومة الوسيلة المالية والادارية للسيطرة على هذا التشريع؟ وما هي العوامل والوسائل لتنفيذه؟ وما هي الجزاءات والعقوبات المدنية والجنائية التي يجب أن يتضمنها هذا القانون؟ وكيف سيتم الحصول على الموارد المالية لتغطية النشاطات التي تستلزم تنفيذ مشروع هذا القانون؟ وما المشورة التي يجب أن يأخذ بها من ذوي الإختصاص في الوزارات أو المنظمات أو النقابات أو المؤسسات أو الجامعات أو المساجد أو الشركات؟ وما الذي يمكن فعله للتأكد من أن القانون سيحقق المصلحة العامة بما يعود بالخير والسعادة والصلاح للمجتمع والأمة كافة؟ وأن ذلك سيحقق مصلحة راجحة في الحاضر وللأجيال في المستقبل، وأنه لا يتعارض مع أحكام الشريعة أو مع قوانين العدالة ونواميسها أو مع تشريعات أخرى قائمة ولا تزال موجودة أو مع معاهدات أو اتفاقات دولية لا تزال سارية المفعول بمقتضى قانون عادل، وبحيث لا يتعارض أيضاً مع السلطات القانونية والثقافية المحلية (1) التي لا تختلف مع شرع الله تعالى.
فمن عوامل النجاح تفحص عضو المجالس التشريعية مثل هذه الأمور في مشاريع القوانين واللوائح كي لا تتسبب في الوقوع في حرج عند التصويت إما بالوقوف مع أو ضد هذه المشاريع، فالكلام عند التصويت على مثل هذه الأمور يعتبر حاسماً والتحضير المسبق يمثل صمام أمان، فحق التحدث والمشاركة في النقاش وقول ما يفكر به العضو ويقتنع به عن قانون مقترح أو ميزانية مقترحة مكفول بمقتضى اللوائح والقوانين، وكذلك حق توجيه أي استفسار أو سؤال، وحق التصويت مكفول لكل عضو من أعضاء الهيئات التشريعية باعتباره ممثل للجمهور ومن حقه ومسؤوليته أن يصوت على المواضيع أمام الهيئة التشريعية. (2)
(1) - انظر تفصيل أوسع في اصدار المعهد الوطني الديمقراطي للشؤون الدولية (تحليل التشريع) ص10و11.
(2)
- انظر المواد (75و97و98و100) من دستور الجمهورية اليمنية الصادر عام 2001م، والمادة (106 إلى 112) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب اليمني، والمواد (16 إلى 20) من نظام مجلس الشورى السعودي.