المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة الحادية عشر: قال المبتدعون: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذم نجد وامتنع أن يدعو لهم - الشيخ محمد بن عبد الوهاب المجدد المفترى عليه

[أحمد بن حجر آل بوطامي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الشبهة الأولى: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه يكرهون النبي صلى الله عليه وسلم ويحطون من شأنه وشأن الأنبياء

- ‌الشبهة الثانية: إن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه منعوا من قراءة كتاب دلائل الخيرات

- ‌الشبهة الثالثة: أن الشيخ وأتباعه يمنعون التوسل والإستغاثة بالأولياء والصالحين

- ‌الشبهة الرابعة: في جواز الاستغاثة بغير الله

- ‌الشبهة الخامسة: من شبههم جواز الإستغاثة بغير الله

- ‌الشبهة السادسة: من شبههم على جواز الاستغاثة بغير الله مارواه ابن السني عن عبد الله ابن مسعود

- ‌الشبهة السابعة: شبهتهم على جواز الاستغاثة بقول سواد بن قارب للرسول صلى الله عليه وسلم: فكن لي شفيعا…ألخ

- ‌الشبهة الثامنة: ما روى ابن السني في كتاب عمل اليوم والليلة

- ‌الشبهة التاسعة: أن الشيخ وأتباعه يكفرون المسلمين بأدنى شبهة

- ‌الشبهة العاشرة: إن الشيخ وأتباعه يقسمون التوحيد إلى توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية

- ‌الشبهة الحادية عشر: قال المبتدعون: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذم نجد وامتنع أن يدعو لهم

- ‌الشبهة الثانية عشر: قول المعترضين: أما تخيل المانعين المحرومين أن منع التوسل والزيارة من المحافظة على التوحيد

- ‌الشبهة الثالثة عشر: إن الشيخ وأتباعه كفروا صاحب البردة ومن كانت في بيته أو قرأها

- ‌الشبهة الرابعة عشر: إن الشيخ وأتباعه منعوا من شد الرحال إلى قبور الأنبياء

- ‌الشبهة الخامسة عشر: إن الوهابيين خالفوا المسلمين بمنعهم الإحتفال بالمولد النبوي الشريف

- ‌الشبهة السادسة عشرة: شبهة المنتقدين أن الشيخ أنكر على الصوفية وطرقهم مقلدا في ذلك ابن تيمية

الفصل: ‌الشبهة الحادية عشر: قال المبتدعون: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذم نجد وامتنع أن يدعو لهم

‌الشبهة الحادية عشر: قال المبتدعون: أن النبي صلى الله عليه وسلم ذم نجد وامتنع أن يدعو لهم

الشبهة الحادية عشرة

قال المبتدعون: إن النبي صلى الله عليه وسلم ذم نجدا، وامتنع أن يدعو لهم، فقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، قالوا: وفي نجدنا قال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، قالوا: وفي نجدنا: فأظنه قال في الثالثة: هناك الزلازل، والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان" ، وفي حديث آخر "رأس الكفر قبل المشرق ".

وابن عبد الوهاب خرج من نجد، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك الزلازل والفتن ودعوته من الفتن والزلازل، وقد خرج قبله من اليمامة مسيلمة الكذاب يدعي النبوة، وطليحة بن خويلد الأسدي، فإذا كانت نجد موضع الزلازل والفتن، وفي الحديث رأس الكفر قبل المشرق، ونجد تقع شرق المدينة، فمن هنا نعلم أن دعوته ضالة وأن أكثر المسلمين على خلاف ما يقول هذا الشيخ، فقد أتى بما لم يسبق إليه أحد.

جواب الشبهة الحادية عشرة

وجواب الشبهة ومن الله أستمد الصواب:

لا ريب أن هذا الحديث الذي أورد المعترضون صحيح، ولكن ليس الذم واردا لنجد اليمامة ولكن كلمة نجد هي كل ما ارتفع من الأرض، وشرق المدينة هي العراق وليست اليمامة.

ص: 111

معنى نجد في اللغة

مصدر معناه الرفعة والعلو، يقال لكل شيء عال نجد، ولكل قطعة من الأرض مرتفعة عما حواليها وهذا مذكور في جميع كتب اللغة كالقاموس ولسان العرب وتاج العروس والمنجد وغيرها.

قال الكرماني في شرح البخاري: وأصل نجد ما ارتفع من الأرض وهو خلاف الغور، وكذا قال الحافظ ابن حجر والقسطلاني: واتفقت كلمة شراح الحديث وأئمة اللغة أن نجدا ليس اسما لبلد خاص ولا اسما لبلدة بعينها، بل يقال لكل قطعة من الأرض المرتفعة عما حواليها.

ونجود العرب كثيرة منها نجد البرق، نجد أجاء، نجد العقاب بدمشق، نجد اليمن، نجد الحجاز، نجد العراق وهو يقع جهة الشرق من المدينة المنورة.

قال صاحب تاج العروس: كل ما وراء الخندق على سواد العراق هو نجد.

قال الكرماني في شرح حديث يطلع منها قرن الشيطان: هو الأرض المرتفعة من تهامة إلى العراق، وأصرح من هذا قوله: ومن كان بالمدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام كان نجد بادية العراق وهي مشرق أهلها.

وقال الخطابي: نجد من جهة المشرق ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها.

ومما أوردناه تعلم أيها الواقف أن الذم الوارد في نجد في قوله صلى الله عليه وسلم هنالك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان، فليس المراد نجد اليمامة بل نجد العراق.

ص: 112

وأزيد القارئ بيانا أنه جاء في بعض الأحاديث ما يؤيد ما أسلفنا ذكره، فقد قال صلى الله عليه وسلم:

(1)

"رأس الكفر قبل المشرق"(صحيح مسلم) .

(2)

رأس الكفر نحو المشرق (صحيح البخاري)

(3)

"ومن ههنا جاءت الفتن نحو المشرق"(صحيح البخاري) .

(4)

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير نحو المشرق "أن الفتنة ههنا، أن الفتنة ههنا".

(5)

وهو مستقبل الشرق يقول: "إن الفتنة ههنا".

وقال صاحب "أكمل البيان في شرح حديث نجد قرن الشيطان": مقصود الأحاديث أن البلاد الواقعة في جهة المشرق من المدينة المنورة هي مبدأ الفتنة والفساد ومركز الكفر والإلحاد ومصدر الابتداع والضلال، فانظروا في خريطة العرب بنظر الإمعان، يظهر لكم أن الأرض الواقعة في شرق المدينة إنما هي أرض العراق فقط، موضع الكوفة والبصرة وبغداد، والراسخون في العلم يعلمون هذا من إلقاء النظرة على الخريطة أ. هـ.

وها أنا ذا أوضح للقراء بالحوادث التي لا تقبل النقاش والجدال الذي لا يرقى إليه شك ولا ارتياب ويقوي قول العلماء، أن المقصود بنجد العراق، وأن الزلازل والفتن التي حصلت في العراق لم يحصل عشرها في نجد.

الزلازل والفتن التي وقعت والتي تقع في العراق

منها وقعة الجمل وصفين اللتان فرقتا شمل المسلمين، وهاتان الوقعتان هما الأساس لخروج الفرق الضالة وتشتيت كلمة المسلمين، وتكفير بعضهم لبعض، فقد ظهرت الخوارج والشيعة بسبب هاتين الوقعتين.

ثم حادثة قتل الحسين بن علي رضي الله عنه، وهي من أكبر الفتن جرت الوبال على المسلمين وأشعلت نار الفرقة بينهم، وظهور المختار ابن أبي عبيد

ص: 113

الثقفي ودعواه نزول الوحي عليه، وحادثة قتل زيد بن علي بن الحسين.

وظهور المعتزلة والقدرية وحادثة القول بخلق القرآن، وموقف المأمون مع الإمام أحمد بن حنبل وعلماء السنة، يأمرهم بهذا الاعتقاد الفاسد، ووصل الأمر به إلى حد سجنهم، وجاء المعتصم بعد المأمون على منهجه ثم الواثق بالله وسار هو أيضا على درب سابقيه، وسجن الإمام أحمد ثمانية وعشرين شهرا وضر بالسياط مرارا حتى أغمي عليه ولم يوافقهم على ما يريدون، ولا زالت الفتن بها حتى جاء عبد الكريم قاسم وقتل من قتل من الملوك والعلماء، ودعا إلى مذهب الشيوعية والإلحاد، ولا زالت الفتن تترى.

فقل بربك هل ظهر في نجد اليمامة حوادث كحوادث العراق، أو ربع تلك الحوادث أو عشرها، فإن كان قد ظهر مسيلمة الكذاب في نجد فقد ظهر الأسود العنسي في اليمن مدعيا النبوة، وكم من مدع للنبوة ظهر في غير نجد، فما بال هؤلاء يغضبون من نجد ويرضون عن غيرها.

ولهذا قال الشيخ يوسف النبهاني عائبا أهل نجد بخروج مسيلمة بقوله:

مسيلمة الجد الكبير وعرسه

سجاح لكل منهم الجدة الكبرى

أجابه المرزوقي رحمه الله بقوله:

نعم كان في ذاك الزمان مسيلم

وأسود في صنعا وطلحة ذو الأغرا

ومثلهم المختار في كوفة افترى

غداة حكى جبريل أوحى له الأمرا

ففي يمن كانوا ونجد وكوفة

أتغضب من نجد وترضى عن الأخرى

فماذا على نجد من العيب والأذى

بمن قد خلا من كافر عنه وازورا

تعير نجدا في سجاح وزوجها

وذنبك في الإسلام قد جاوز الحصرا

ص: 114

ثم هناك أمر ثان، أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول "اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا" ، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قد رأى كتب شيخي الإسلام ابن تيمية وابن القيم وأمعن النظر فيها وهضم معانيها، فنفخت فيه روح الثورة على تلك الأوضاع الفاسدة ومنحته سلاحا قويا من الحجج النقلية والبراهين العقلية ما استطاع بها أن يزهق باطل أولئك المردة والمشركين، وأن يزيف شبه علمائهم ودعاة مذاهبهم، ولا ريب أن الشيخين كانا شاميين، فإذا دعوة الشيخ شامية لا نجدية، الحديث يقول "اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا"

فهل بقي للقراء بعدما أسلفنا ذكره من أدلة لغوية وحديثية والحوادث التاريخية شك أن المتشبثين بحديث "اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا" في ذم الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته تشبث باطل ومستند فاسد لا يستريب في منصف، وأن هؤلاء لما كانوا مفلسين في ميادين الحجج النقلية الصحيحة والعقلية الرجيحة، أخذوا يتشبثون ويستمسكون بما هو أوهن من بيت العنكبوت من الشبه الفاسدة والآراء الكاسدة ليقووا مذهبهم ويوهنوا دعوة الشيخ رحمه الله تعالى..

ص: 115