الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن كانت له حسنات أخذوا من حسناته، وإن لم تكن له حسنات حملوا عليه من سيئاتهم".
(وأخرجه أيضاً من طريق مالك عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بنحوه، ومن طريق مالك أخرجه البخاري. (فتح الباري - الرقاق، ب القصاص يوم القيامة 6534)) .
وقال تعالى (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا) لقمان: 33.
قال ابن كثير بعد أن ذكر هذه الآية: فهذا أبلغ المقامات أن كلا من الوالد وولده لا يغني أحدهما عن الآخر شيئاً.
وقال الطبري أيضاً: حدثني موسى بن سهل الرملي، حدثنا نعيم بن حماد قال، حدثنا عبد العزيز الدراوردي، عن عمرو بن أبي عمرو، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم وعليه دين، فإنه ليس هناك دينار ولا درهم، إنما يقتسمون الحسنات والسيئات. وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده يمينا وشمالا".
((وصحح إسناده الأستاذ أحمد شاكر والصواب أن إسناده حسن لأن الدراوردي صدوق كان يحدث من كتب غيره فيخطئ. قال النسائي: حديثه عن عبيد الله العمري منكر، ونعيم بن حماد صدوق يخطيء كثيرا وقد تتبع ابن عدي ما أخطأ فيه وقال: باقي حديثه مستقيم، ولم يذكر ابن عدي هذا الحديث من أخطائه (الكامل ص 2
48
2-2485) . وباقي رجاله ثقات والحديث السابق شاهد له وعلى هذا فالإسناد حسن) .
قوله تعالى (ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ مها عدل ولا هم ينصرون)
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل) لو جاءت بكل شيء لم يقبل منها.
(وإسناده صحيح) .
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله (ولا يؤخذ منها عدل) يعني فداء.
(ثم قال: وروي عن أبي مالك والحسن وسعيد بن جبير وقتادة والربيع بن أنس نحو ذلك) .
وقال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: ظاهر هذه الآية عدم قبول الشفاعة مطلقاً يوم القيامة. ولكنه بين في مواضع أخر أن الشفاعة المنفية هي الشفاعة للكفار، والشفاعة لغيرهم بدون إذن رب السموات والأرض. أما الشفاعة للمؤمنين بإذنه فهي ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع. فنص على عدم الشفاعة للكفار بقوله (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى) الأنبياء:28. وقد قال (ولا يرضى لعباده الكفر) الزمر: 7. وقال تعالى عنهم مقررا له (فما لنا من شافعين) الشعراء: 100. وقال (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) المدثر: 48.
إلى غير ذلك من الآيات. وقال في الشفاعة بدون إذنه (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) البقرة: 255. وقال (وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى) النجم: 26. وقال (يؤمئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا) طه: 109. إلى غير ذلك من الآيات وادعاء شفعاء عند الله للكفار أو بغير إذنه، من أنواع الكفر به جل وعلا. كما صرح بذلك قوله (ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون) يونس: 18.
وقال الألوسي عند قوله تعالى (ولا يقبل منها شفاعة) إن النفي مخصص بما قبل الإذن لقوله تعالى (لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن) طه: 109.
(روح المعاني 1/252) .
قوله تعالى (وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب)
أخرج الشيخان بسنديهما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال: ما هذا قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه.
((صحيح البخاري رقم 2004 - الصيام، ب صيام يوم عاشوراء) ، (وصحيح مسلم رقم 128 - الصيام، باب أي يوم يصام عاشوراء) . واللفظ للبخاري. وذكره ابن كثير في (التفسير 1/167) .
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (يسومونكم سوء العذاب) بينه بقوله بعده (يذبحون أبناءكم
…
) الآية.
وقال الطبري: حدثنا به العباس بن الوليد الآملي، وتميم المنتصر الواسطي قالا، حدثنا يزيد بن هرون قال، أخبرنا الأسبغ بن زيد (الجهني) قال، حدثنا القاسم ابن أبي أيوب قال، حدثنا سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله وعد إبراهيم خليله -أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا، وائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا منهم الشفار، يطوفون في بني إسرائيل فلا يجدون مولودا ذكرا إلا ذبحوه ففعلوا فلما رأوا أن الكبار من بني إسرائيل يموتون بآجالهم، وأن الصغار يذبحون، قال: توشكون أن تفنوا بني إسرائيل، فتصيروا إلى أن تباشروا من الأعمال والخدمة ما كانوا يكفونكم! فاقتلوا عاما كل مولود ذكر، فتقل أبناؤهم، ودعوا عاما. فحملت أم موسى بهارون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان، فولدته علانية آمنة، حتى إذا كان القابل حملت بموسى.
(ورجاله ثقات إلا الأصبغ صدوق يغرب والخبر ليس من غرائبه لأنه روي من طرق أخرى (انظر مثلا تفسير الطبري رقم 892) . وغالبا ما يكون من أخبار أهل الكتاب ولكن لا ضير لأن هذا الخبر من قبيل المسكوت عنه فلا نصدقه ولا نكذبه ونسوقه لا اعتقادا بسلامته من التحريف وإنما للتوسع في باب الأخبار والاستشهاد والاعتبار، وأن صح إلى ابن عباس (انظر تفسير القاسمي 1/44، 45)) .
قوله تعالى (وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (بلاء من ربكم عظيم) قال: نعمة. ثم قال ابن أبي حاتم وروي عن مجاهد وأبي مالك والسدي نحو ذلك.
قوله تعالى (وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون)
قال الطبري: حدثني عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال، حدثنا سفيان قال، حدثنا أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: أوحى الله جل وعز إلى موسى أن أسر بعبادي ليلا إنكم متبعون. قال: فسرى موسى ببني إسرائيل ليلا، فاتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الإناث، وكان موسى في ستمئة ألف. فلما عاينهم فرعون قال (إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون) الشعراء: 54-56.
فسرى موسى ببني إسرائيل حتى هجموا على البحر، فالتفتوا فإذا هم برهج دواب فرعون، فقالوا: يا موسى، أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا! هذا البحر أمامنا، وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه! قال: عسى ربكم أن
يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون. قال: فأوحى الله جل ثناؤه إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر، وأوحى إلى البحر أن اسمع لموسى وأطع إذا ضربك. قال: فبات البحر له أفكل -يعني: له رعدة- لا يدري من أي جوانبه يضربه قال: فقال يوشع لموسى: بماذا أمرت؟ قال: أمرت أن أضرب البحر. قال: فاضربه. قال: فضرب موسى البحر بعصاه، فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا، كل طريق كالطود العظيم، فكان لكل سبط منهم طريق يأخذون فيه. فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم لبعض: مالنا لا نرى أصحابنا؟ قالوا لموسى: أين أصحابنا لا نراهم؟ قال: سيروا فإنهم على طريق مثل طريقكم. قالوا: لا نرضى حتى نراهم. قال سفيان، قال عمار الدهني: قال موسى: اللهم أعني على أخلاقهم السيئة. قال: فأوحى الله إليه أن قل بعصاك هكذا. وأومأ إبراهيم بيده يديرها على البحر. قال موسى بعصاه على
الحيطان هكذا، فصار فيها كوى ينظر بعضهم إلى بعض. قال سفيان: قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس: فساروا حتى خرجوا من البحر. فلما جاز آخر قوم موسى، هجم فرعون على البحر هو وأصحابه........ وقيل لموسى: اترك البحر رهوا -قال: طرقا على حاله- قال: ودخل فرعون وقومه في البحر، فلما دخل آخر قوم فرعون، وجاز آخر قوم موسى، أطبق البحر على فرعون وقومه، فأغرقوا.
(ورجاله ثقات والإسناد صحيح، وأبو سعيد هو عبد الكريم بن مالك الجزري، والخبر غالبا ما يكون من أخبار أهل الكتاب وهو شبيه بما تقدم في الآية السابقة ولكن له شواهد من القرآن ذكر بعضها الشيخ الشنقيطي عند تفسيره لهذه الآية فقال: لم يبين هنا كيفية فرق البحر بهم، ولكنه بين ذلك في مواضع أخر كقوله (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) الشعراء: 63، وقوله (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً) الآية، طه 77) .
قوله تعالى (وأغرقنا آل فرعون)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا كيفية إغراقهم ولكنه بينها في مواضع أخر كقوله (فأتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا إن معي ربي سيهدين فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين) الشعراء: 60-64. وقوله (فأتبعهم فرعون بجنوده فغشيهم من اليم ما غشيهم) طه: 78. وقوله (واترك البحر رهوا إنهم جند مغرقون) الدخان: 24. وقوله (رهوا) أي ساكنا على حالة انفلاقه حتى يدخلوا فيه، إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى (وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة)
بين الله تعالى مكان الواعدة في سورة طه آية (80) فقال (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم جانب الطور الأيمن
…
) . والطور سيأتي ذكره عند الآية (63) من هذه السورة إن شاء الله.
وقال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: لم يبين هنا هل واعده إياها مجتمعة أو متفرقة؟ ولكنه بين في سورة الأعراف أنها متفرقة، وأنه واعده أولا ثلاثين، ثم أتمها بعشر. وذلك في قوله تعالى (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة) .
صفة موسى عليه السلام
أخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليلة أسري بي رأيت موسى وإذا هو رجل ضرب، رجل كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى فإذا هو رجل ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس، وأنا أشبه ولد إبراهيم رضي الله عنه به. ثم أتيت بإناءين في أحدهما لبن وفي الآخر خمر فقال: اشرب أيهما شئت فأخذت اللبن فشربته، فقيل: أخذت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك".
((الصحيح رقم 3394 - الأنبياء - باب قوله تعالى: (وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى
…
) .
- ضَرب: بفتح الضاد وسكون الراء: نحيف.
- شنوءة: حي من اليمين ينسبون إلى شنوءة وهو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ولقب شنوءة لشنآن كان بينه وبين أهله. (فتح الباري 6/429) .
- الديماس: الحمَّام، وقيل الكن، وفي حديت المسيح: كأنه خرج من ديماس يعنى في نضرته وكثرة ماء وجهه (انظر لسان العرب 6/88)) .
قوله تعالى (لم اتخذتم العجل من بعده)
بين الله تعالى من أي شيء هذا العجل وصفته وصرح بذكر السامري الذي صنع العجل في قوله (واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار) الأعراف 148. وقوله (ولكنا حملنا أوزارا من زينة القوم فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار) طه 87-88.
((أضواء البيان 1/140)) .
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحجاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله (العجل) حسيل البقرة -ولد البقرة-.
(وإسناده حسن) .
قوله تعالى (وأنتم ظالمون)
وأخرج ابن أبي حاتم بإسناده الحسن عن مجاهد قوله: الظالمين. قال: أصحاب العجل.
قوله تعالى (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية في قوله (ثم عفونا عنكم من بعد ذلك) يعني: من بعد ما اتخذوا العجل.
قوله تعالى (لعلكم تشكرون)
أخرج ابن أبي حاتم عن أبيه قال: ثنا ابن أبي عمر العدني ثنا سفيان، عن مسعر، عن عون بن عبد الله في قوله (لعلكم) قال: إن لعل من الله واحب.
(رجاله ثقات وإسناده صحيح) .
قوله تعالى (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية في قوله (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان) قال: فرق فيه بين الحق والباطل.
وأخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله (وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان) قال: الكتاب هو الفرقان فرق بين الحق والباطل.
قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)
أخرج الطبري عن عبد الكريم بن الهيثم قال، حدثنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان بن عيينة قال، قال أبو سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال موسى لقومه (توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم) قال: أمر موسى قومه -عن أمر ربه عز وجل أن يقتلوا أنفسهم، قال: فاحتبى الذين عكفوا على العجل فجلسوا، وقام الذين لم يعكفوا على العجل، وأخذوا الخناجر بأيديهم، وأصابتهم ظلمة شديدة، فجعل يقتل بعضهم بعضا، فانجلت الظلمة عنهم وقد أجلوا عن سبعين ألف قتيل، كل من قتل منهم كانت له توبة، وكل من بقي كانت له توبة.
(أبو سعيد هو عبد الكريم بن مالك الجزري. ورجاله ثقات وإسناده صحيح والخبر عن أهل الكتاب وهو من قبيل المسكوت عنه) .
وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى (باتخاذكم العجل) قال: كان موسى أمر قومه عن أمر ربه أن يقتل بعضهم بعضاً بالخناجر فجعل الرجل يقتل أباه ويقتل ولده فتاب الله عليهم.
قوله تعالى (فتوبوا إلى بارئكم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية (فتوبوا إلى بارئكم) أي إلى خالقكم.
قوله تعالى (فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم
…
) الآية
قال الطبري: حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن الزهري وقتادة في قوله (فاقتلوا أنفسكم) قال: قاموا صفين يقتل بعضهم بعضا، حتى قيل لهم: كفوا! قال قتادة: كانت شهادة للمقتول وتوبة للحي.
(وإسناده حسن) .
قوله تعالى (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة)
قال ابن أبي حاتم: حدثني أبي قال كتب إلي أحمد بن حفص بن عبد الله النيسابوري حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق عن أبي الحويرث عن ابن عباس أنه قال في قول الله (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) أي علانية. أي حتى نرى الله.
(وفي إسناده أبو الحويرث وهو عبد الرحمن بن معاوية الرزقي، صدوق سيء الحفظ، ولكن المتن لا يحتمل الخطأ لأن له شواهد من اللغة وأهل التفسير كما سيأتي، وباقي رجاله ما بين ثقة وصدوق فالإسناد حسن) .
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن قتادة في قول الله تعالى (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة) أي عيانا. ثم قال: وكذا فسره الربيع بن أنس: عيانا.
قوله تعالى (فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون)
روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم) قال: أخذتهم الصاعقة أي ماتوا ثم بعتهم الله تعالى. -ليكملوا بقية آجالهم-.
((التفسير ص 37) وإسناده صحيح. والتتمة من رواية الطبري رقم 960، وابن أبي حاتم رقم 547) .
قوله تعالى (وظللنا عليكم الغمام)
أخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد في قول الله جل ثناؤه (وظللنا عليكم الغمام) قال: هو بمنزلة السحاب.
قوله تعالى (وأنزلنا عليكم المن)
أخرج الشيخان بسنديهما عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين".
((صحيح البخاري رقم 4478 - التفسير - سورة البقرة، ب قوله تعالى (وظللنا عليكم الغمام)) ، (وصحيح مسلم رقم 157-162 - الأشربة، ب فضل الكمأة ومداواة العين)) .
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان المن ينزل عليهم على الأشجار فيغدون إليه فيأكلون منه ما شاءوا.
وأخرج الفريابي عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله (المن) قال: صمغة.
((تغليق التعليق 4/173) ، وإسناده حسن) .
قوله تعالى (والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم
…
) الآية
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (وأنزلنا عليكم المن والسلوى) قال: كان المن ينزل عليهم مثل الثلج والسلوى طير كانت تحشرها عليهم ريح الجنوب.
((التفسير ص 37) ، وإسناده صحيح) .
وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد قال: السلوى: طائر.
قوله تعالى (وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية)
ومعنى ادخلوا هنا أي اسكنوا كما جاء في قوله تعالى (قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيت شئتم رغدا
…
) الأعراف: 116.
وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (ادخلوا هذه القرية) قال: بيت القدس.
((التفسير ص 27)، وإسناده صحيح. وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق عبد الرزاق به ثم قال: وروي عن الربيع بن أنس والسدي نحو ذلك) .
قوله تعالى (فكلوا منها حيث شئتم رغداً)
أخرج ابن أبي حاتم عن حجاج بن حمزة ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (رغدا) قال: لا حساب عليهم.
(وإسناده حسن) .
قوله تعالى (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم)
أخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد (ادخلوا الباب سجدا) قال: باب الحطة من باب إيلياء من بيت المقدس.
وأخرج البخاري بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قيل لبني إسرائيل (ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) فدخلوا يزحفون على أستاههم فبدلوا، وقالوا حطة حبة في شعرة".
((الصحيح رقم 4479 - التفسير - سورة البقرة - ب (وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً
…
)) . وأخرجه أيضاً من حديث أبي هريرة من طريق آخر بلفظ: وقالوا: حبة في شعرة) ، (الصحيح رقم 4641 - التفسير - سورة الأعراف - ب (وقولوا حطة)) .
وقال الطبري عن محمد بن بشار قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله (ادخلوا الباب سجدا) قال: ركعا من باب صغير.
(وأخرجه الحاكم من طريق أبي حذيفة عن سفيان به. وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/262)) .
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة: أي احطط عنا خطايانا، فدخلوا على غير الجهة التي أمرو بها، دخلوا متزحفين على أوراكهم وبدلوا قولا غير الذي قيل لهم فقالوا: حبة في شعيرة.
انظر الآية رقم (71) من السورة نفسها.
((التفسير ص 37) ، وإسناده صحيح) .
وأخرج الطبري عن أبي كريب قال: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله (حطة) مغفرة.
(وأخرجه الحاكم من طريق أبي حذيفة عن سفيان به. وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/262)) .
قوله تعالى (وسنزيد المحسنين)
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر بآية رحمة سأل.
((انظر آخر تفسير آية 37 من هذه السورة)) .
قوله تعالى (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم)
أخرج الحاكم: عن أبي بكر محمد بن عبد الله الشافعي، ثنا إسحاق بن الحسن، ثنا أبو حذيفة، ثنا سفيان، عن الأعمش، عن المنهال بن عمرو، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما ادخلوا الباب سجدا قال بابا ضيقا قال ركعا، وقوله حطة قال: مغفرة. فقالوا: حنطة ودخلوا على أستاههم فذلك قوله تعالى (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم) .
(وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/262) . وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق يحيى بن آدم عن سفيان به ثم قال: وروى عن عطاء ومجاهد وعكرمة وقتادة والضحاك والحسن والربيع ويحيى بن رافع نحو ذلك) .
قوله تعالى (فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون)
أخرج الشيخان بسنديهما عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الطاعون رجس أرسل على طائفة من بني إسرائيل -أو على من كان قبلكم- فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها لا تخرجوا فرارا منه". قال أبو النضر: لا يخرجكم إلا فرارا منه.
((صحيح البخاري رقم 3473 - الأنبياء) ، (وصحيح مسلم - السلام، ب الطاعون والطيرة رقم 2218 وما بعده) . واللفظ للبخاري وسقناه مختصرا) .
قوله تعالى (وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا)
قال الطبري: حدثني عبد الكريم قال، أخبرنا إبراهيم بن بشار قال، حدثنا سفيان، عن أبي سعيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: ذلك في التيه.
ضرب لهم موسى الحجر فصار فيه اثنتا عشرة عينا من ماء، لكل سبط منهم عين يشربون منها.
(وأبو سعيد: هو عبد الكريم بن مالك الجزري. ورجاله ثقات والإسناد صحيح وقد أخرج الطبري بأسانيد صحيحة عن قتادة ومجاهد بنحوه) .
قوله تعالى (قد علم كل أناس مشربهم)
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (قد علم كل أناس مشربهم) قال: كانوا اثني عشر سبطا لكل سبط عين.
((التفسير ص 37) ، وإسناده صحيح) .
قوله تعالى (كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية في قوله (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) يقول: لا تسعوا في الأرض فسادا.
وأخرج أيضاً بإسناده الصحيح عن شيبان عن قتادة (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) قال: لا تسيروا في الأرض مفسدين.
قوله تعالى (وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها)
قال عبد الرزاق نا معمر عن قتادة في قوله (لن نصبر على طعام واحد) قال: ملوا طعامهم، وذكروا عيشهم الذي كانوا فيه مثل ذلك، فقالوا:(ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها) .
((التفسير ص 37) ، وإسناده صحيح) .
وأخرج الطبري بإسناده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (وفومها) يقول: الحنطة والخبز.
وأخرج نافع بن أبي نعيم القاري في "تفسيره" قال: سمعت الأعرج يقول: سمعت عبد الله بن عباس يقول في قول الله عز وجل (فومها) قال: الحنطة ثم قال ابن عباس أما سمعت قول أحيحة بن الجلاح حيث يقول:
قد كنت أغنى الناس شخصا واحدا
…
ورد المدينة عن زراعة فوم
((تفسير القرآن ليحيى بن يمان، وتفسير لنافع بن أبي نعيم رقم 37) .
الأعرج: هو عبد الرحمن بن هرمز الأعرج أخذ القراءة عرضا عن أبي هريرة وابن عباس وتلا عليه نافع بن أبي نعيم وصفه الذهبي بالإمام الحافظ الحجة المقري ت 117 هـ (سير أعلام النبلاء 5/69، 70) . أحيحه بن الجلاح: بن الحريشي الأوسي شاعر جاهلي من دهاة العرب وشجعانهم (الأعلام 1/277))
وأخرج الطبري بإسناده الصحيح عن مجاهد (وفومها) قال الخبز.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة والحسن: الفوم: الخبز.
((التفسير ص 37) ، وإسناده صحيح) .
قوله تعالى (قال أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الصحيح عن قتادة: (أتستبدلون الذي هو أدنى -الذي هو شر- (بالذي هو خير) .
قوله تعالى (اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم)
أخرج الطبري بإسناده الحسن عن قتادة (اهبطوا مصرا) أي مصرا من الأمصار فإن لكم ما سألتم.
قوله تعالى (ضربت عليهم الذلة)
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله (ضربت عليهم الذلة) قالا: يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
((التفسير ص 38) ، وإسناده صحيح) .
قوله تعالى (والمسكنة)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية: في قوله (ضربت عليهم الذلة والمسكنة) قال: المسكنة: الفاقة.
ثم قال: وروي عن السدي والربيع نحو ذلك.
قوله تعالى (وباءوا بغضب من الله)
أخرج عبد الرزاق في "تفسيره" عن معمر عن قتادة في قوله (فباءوا) قال: فانقلبوا. وهذا التفسير يعود لقوله تعالى (فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين) .
((انظر تغليق التعليق 4/172) ، وإسناده صحيح) .
قوله تعالى (ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق)
قال الإمام أحمد: حدثنا عبد الصمد، حدثنا أبان، حدثنا عاصم، عن أبي وائل، عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتله نبي، أو قتل نبيا، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين".
((المسند رقم 3868) ، وصححه أحمد شاكر، وذكره الهيثمي ونسبه إلى أحمد والبزار ونسبه إلى أحمد والبزار ونص أن رجالهما ثقات (مجمع الزوائد 5/236) . ولكن عاصما هذا هو ابن بهدلة صدوق له أوهام فالإسناد حسن وحسنه أيضاً الشيخ مقبل الوادعي. (انظر حاشية تفسير ابن كثير 1/186)) .
قوله تعالى (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الصحيح عن قتادة (ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بهما هلك من هلك قبلكم من الناس.
قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين) إلى قوله (ولاهم يحزنون) . فأنزل الله تعالى بعد هذا (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) سورة آل عمران: 85.
ثم قال الطبري: وهذا الخبر يدل على أن ابن عباس كان يرى أن الله جل ثناؤه كان قد وعد من عمل صالحا -من اليهود والنصارى والصابئين- على عمله، في الآخرة الجنة، ثم نسخ ذلك بقوله (ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه) .
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن سعيد عن قتادة قال: إنما سموا نصارى لأنهم كانوا بقرية يقال لها ناصرة ينزلها عيسى بن مريم فهو اسم تسموا به ولم يؤمروا به.
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مجاهد قوله (والصابئين) قال: بين المجوس واليهود لا دين لهم.
وقال الطبري: حدثنا محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن الحسن قال: حدثني زياد: أن الصابئين يصلون إلى القبلة، ويصلون الخمس. قال: فأراد أن يضع عنهم الجزية. قال: فخبر بعد أنهم يعبدون الملائكة.
(ورجاله ثقات وإسناده صحيح. (وزياد: هو زياد بن أبيه، واسم أبيه: عبيد، ادعاه معاوية أنه أخوه والتحق به فعرف بزياد بن أبي سفيان ونسبه ابن الأثير إلى أمه سمية أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره ولاه معاوية العراق. ت 53 هـ. انظر تاريخ خليفة ص 219، والإستيعاب 1/567، أسد الغابة 2/119، تهذيب تاريخ ابن عساكر 5/409، الوافي بالوفيات 15/10)) .
قوله تعالى (من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (من آمن بالله) يعني من وحد الله. (واليوم الآخر) من آمن باليوم الآخر يقول آمن بما أنزل الله.
قوله تعالى (فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
أخرج ابن أبي حاتم عن أبيه ثنا هشام بن خالد ثنا شعيب بن إسحاق ثنا سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة قال: أجر كبير لحسناتهم وهي الجنة.
(ورجاله ثقات إلا هشام بن خالد وهو ابن الأزرق الدمشقي صدوق. فالإسناد حسن) .
قوله تعالى (وإذ أخذنا ميثاقكم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية قوله (ميثاقكم) يقول: أخذ مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره.
قوله تعالى (ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة)
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ورفعنا فوقكم الطور) أوضحه بقوله (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة) .
قوله تعالى (خذوا ما آتيناكم بقوة)
لم يبين هنا هذا الذي آتاهم ما هو، ولكنه بين في موضع آخر أنه الكتاب الفارق بين الحق والباطل.
وذلك في قوله (وإذا آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون) .
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور) قال: الطور: الجبل، اقتلعه الله فرفعه فوقهم، فقال:(خذوا ما آتيناكم بقوة)، والقوة: الجد، وإلا قذفته عليكم، قال: فأقروا بذلك أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة.
((التفسير ص 38) ، وإسناده صحيح) .
وأخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله (خذوا ما آتيناكم بقوة) أي بطاعة.
وقال عبد بن حميد: ثنا شبابة، ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله (بقوة) يعمل بما فيه.
((انظر تغليق التعليق 4/173) ، وإسناده حسن) .
قوله تعالى (واذكروا ما فيه لعلكم تتقون)
أخرج ابن أبي حاتم بإسناده الجيد عن أبي العالية في قوله (واذكروا ما فيه) يقول: أقرّوا ما في التوراة واعملوا به.
قوله تعالى (ثم توليتم من بعد ذلك)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن قتادة في قوله (من بعد ذلك) قال: من بعد ما أتاهم.
قوله تعالى (فلولا فضل الله عليكم ورحمته)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الجيد عن أبي العالية في قوله (ورحمته) قال: القرآن. ثم قال وروي عن قتادة والربيع بن أنس ومجاهد والحسن والضحاك وهلال بن يساف نحو ذلك.
وكأنهم استنبطوا هذا التفسير من قوله تعالى (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) الإسراء: 82.
قوله تعالى (لكنتم من الخاسرين)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (لكنتم من الخاسرين) قال: خسروا الدنيا والآخرة.
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا مر بآية رحمة سأل. انظر آخر تفسير آية (37) من هذه السورة.