الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى) قال: قذر.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس قوله (فاعتزلوا النساء في المحيض) يقول: اعتزلوا نكاح فروجهن.
أخرج أحمد (المسند 2121) والدارمي (السنن- الطهارة، ب من قال عليه الكفارة 1/255) والبيهقي (السنن الكبرى 1/317 (والترمذي) السنن، ب الطهارة ح 137) والنسائي (عشرة النساء ح 221،
222)
وأبو يعلى (المسند ح 2432) والطبراني (المعجم الكبير ح 12135) والبغوي (شرح السنة ح 315) والحاكم (المستدرك 1/171، 172) كلهم عن ابن عباس قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يأتي امرأته وهي حائض أن يتصدق بدينار أو نصف دينار".
(وصححه أحمد شاكر في تعليقه على سنن الترمذي حيث أخرجه من خمسين طريقاً. وصححه الحاكم ووفقه الذهبي. وصححه ابن القطان وابن الملقن. والألباني انظر (مرويات الدارمي التفسير ص 82-98) .
قوله تعالى (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين)
قال مسلم: حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار. قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة عن إبراهيم بن المهاجر؛ قال سمعت صفية تحدث عن عائشة؛ أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ فقال: "تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها فتطهر. فتحسن الطهور. ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكاً شديداً.
حتى تبلغ شؤن رأسها. ثم تصب عليها الماء. ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها"
فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: "سبحان الله تطهرين بها" فقالت عائشة (كأنها تخفي ذلك) تتبعين أثر الدم. وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: "تأخذ ماء فتطهر، فتحسن الطهور. أو تبلغ الطهور. ثم تصب على رأسها فتدلكه. حتى تبلغ شؤن رأسها. ثم تفيض عليها الماء". فقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين.
(الصحيح 1/261- ك الحيض، ب استحباب استعمال المغتسلة من الحيض فرصة من مسك في موضع الدم) .
انظر أحاديث أبو هريرة وابن عباس وجابر وغيرهم الآتية عند الآية (108) من سورة التوبة، في ثناء الله عز وجل على الأنصار في طهورهم.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله) لم يبين هنا هذا المكان المأمور بالإتيان منه المعبر عنه بلفظة "حيث" ولكنه بين أن المراد به الإتيان في القبل في آيتين.
إحداهما: هي قوله هنا (فأتوا حرثكم) لأن قوله (فأتوا) أمر بالإتيان بمعنى الجماع وقوله (حرثكم) يبين أن الإتيان المأمور به إنما هو في محل الحرث يعني بذر الولد بالنطفة، وذلك هو القبل دون الدبر كما لا يخفى، لأن الدبر ليس محل بذر للأولاد، كما هو ضروري.
الثانية: قوله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم) لأن المراد بما كتب الله لكم الولد على قول الجمهور وهو اختيار ابن جرير.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس يعني قوله (فإذا تطهرن) يقول: إذا طهرت من الدم وتطهرت بالماء.
أخرج البخاري (الصحيح -الحيض، ب 5 ح 303) ومسلم (الصحيح- الحيض، ب 3 ح 294) عن ميمونة قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض".
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قوله تعالى (فأتوهن من حيث أمركم الله) يقول: طئوهن غير حيّض.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن مسروق الأجدع قال: قلت لعائشة: ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت حائضاً؟ قالت: كل شيء إلا الجماع.
أخرج الطبري وان أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس (فأتوهن من حيث أمركم الله) قال: من حيث جاء الدم، من ثم أمرت أن تأتي.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن ابن عباس (فأتوهن من حيث أمركم الله) يقول: في الفرج لا تعدوه إلى غيره فمن فعل شيئاً من ذلك فقد اعتدى.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن الشعبي قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له ثم قرأ (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) .
أخرج مسلم (الصحيح- التوبة، ب في الحض على التوبة ح 2 ص 2102) عن أبي هريرة مرفوعاً: "لله أشد فرحاً بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها".
قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
…
) الآية
أخرج البخاري (الصحيح- تفسير سورة البقرة ح 4528) ومسلم (الصحيح- النكاح، ب جواز جماعه امرأته في قبلها 117، 118) عن جابر بن عبد الله قال: كانت اليهود تقول: إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم) .
(أخرج أحمد (المسند ح 2703) ، والترمذي (السنن- تفسير سورة البقرة ح 2980)، والطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن ابن عباس قال: جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هلكت. قال: "وما الذي أهلكك"؟ قال: حولت رحلي البارحة. قال: فلم يرد عليه شيئاً. قال: فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) أقبل وأدبر واتقوا الدبر والحيضة.
(وحسنه الترمذي والألباني في صحيح سنن الترمذي وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند وصححه الحافظ ابن حجر في فتح الباري 8/191) . وذكره الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات (مجمع الزوائد 6/319) .
قال الترمذي: حدثنا محمد بن بشار. حدثنا عبد الرحمن بن مهدى. حدثنا سفيان عن ابن خثيم عن ابن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (نساءكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم) يعني صِماماً واحداً.
(جامع الترمذي 5/215-216 ح 2979- ك التفسير، ومن سورة البقرة) . وأخرجه أحمد في مسنده (6/318-319) ، وأبو يعلى في المسند (12/407 ح 6972) ، والطبري في (تفسيره 2/369) ، من طرق عن عبد الرحمن بن مهدي به. وأخرجه أحمد (6/318) ، والدارمي في (سننه 1/204-205 ح 1124)، والبيهقي في سننه (7/195) وفيه عندهم قصة. قال الترمذي: هذا حديث حسن
…
وصححه الألباني على شرط مسلم (آداب الزفاف ص 103) وللحديث شاهد من رواية ابن عباس رضي الله عنه، أخرجه أبو داود في سننه (2/618-620 ح 2164) وفيه تفسير الآية بقوله: أي: مقبلات ومدبرات ومستلقيات، يعني بذلك: موضع الولد. (وانظر مرويات الدارمي في التفسير ص 101-102 ح 159) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن ابن عباس قوله (فأتوا حرثكم أنى شئتم) يعني بالحرث: الفرج، يقول: تأتيه كيف شئتت مستقبله ومستدبره، وعلى أي ذلك أردت بعد أن لا تجاوز الفرج إلى غيره وهو قوله (فأتوهن من حيث أمركم الله) .
قوله تعالى (وقدموا لأنفسكم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن عكرمة (وقدموا لأنفسكم) قال: الولد.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان (وقدموا لأنفسكم) يقول: طاعة ربكم وأحسنوا عبادته.
قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس قوله: (ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم) يقول: لا تجعلني عرضة ليمينك أن لا تصنع الخير، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير.
أخرج البخاري بسنده عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعاً: "وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيراً منها فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير".
(الصحيح- الأيمان والنذور، ب 1 ح 1622) .
أخرج مسلم بسنده عن أبي هريرة مرفوعاً: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي خير وليكفر عن يمينه".
(الصحيح- الأيمان، ب 3 ح 13) .
قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور رحيم)
أخرج البخاري بسنده عن عروة عن عائشة رضي الله عنها (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) قال: قالت: أنزلت في قوله: لا والله، وبلى والله.
(الصحيح 11/547 ح 6663- الأيمان والنذور، ب (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم)) .
أخرج مالك بسنده عن عائشة أنها كانت تقول: لغو اليمين قول الإنسان: لا والله بلى والله.
(الموطأ- الأيمان والنذور، ب اللغو في اليمين 2/477) وأخرجه أحمد في (العلل ومعرفة الرجال ص 245) ، وأبو داود (السنن -الأيمان والنذور، ب لغو اليمين ح 3254) ، والطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما، وهذا لفظ مالك. (وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ح 278) .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) قال: هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك وليس كذلك (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) قال: أن تحلف على الشيء وأنت تعلمه.
قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر
…
) الآية
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن سعيد بن المسيب في قوله (للذين يؤلون) : يحلفون.
أخرج البخاري عن أنس بن مالك يقول: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وكانت انفكت رجله فأقام لا مشربة له تسعاً وعشرين ثم نزل فقالوا: يا رسول الله آليت شهراً فقال: الشهر تسع وعشرون.
(الصحيح- الطلاق، ب قول الله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة، أشهر) إلى قوله (سميع عليم)(ح 5289) ، وأخرج نحوه مسلم عن ابن عباس عن عمر بن الخطاب (الصحيح- الطلاق- ب 5 ح 32-34) .
أخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن عائشة قالت: كان إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقسم بالله لا أقربكن شهراً".
أخرج البخاري بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول في الإيلاء الذي سمى الله: لا يحل لأحد بعد الأجل إلا أن يمسك بالمعروف أو يعزم الطلاق كما أمر الله عز وجل.
وبسند آخر عن ابن عمر: إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق.
قال البخاري: ويذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبي الدرداء وعائشة واثني عشر رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
(الصحيح- الطلاق- باب 21) وقد وصل الحافظ ابن حجر هذه المعلقات في (تغليق التعليق 4/466-468) وصحح بعضها في (فتح الباري 9/428 و429) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر) وهو الرجل يحلف لامرأته بالله لا ينكحها، فيتربص أربعة أشهر فإن هو نكحها كفر عن يمينه بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.
قوله تعالى (فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس الفيء: الجماع.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن الحسن (فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم) قال: لا كفارة عليه.
قوله تعالى (وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
…
) الآية
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس قال: عزم الطلاق انقضاء الأربعة الأشهر.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن ابن مسعود قال في الإيلاء: إذا مضت أربعة أشهر فهى تطليقة بائنة، وتعتد ثلاثة قروء.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن علي بن أبي طالب قال: يُوقَف المولى عند انقضاء الأربعة الأشهر حتى يفيء أو يطلق.
وأخرجه بنحوه بسند صحيح عن ابن عمر.
وأخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: إن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها أجبره السلطان: إما أن يفيء فيراجع وإما أن يعزم فيطلق كما قال الله سبحانه.
قال ابن كثير: وقوله (وإن عزموا الطلاق) فيه دلالة على أن الطلاق لا يقع بمجرد مضي الأربعة أشهر كقول الجمهور من المتأخرين، وذهب آخرون إلى أنه يقع بمضي أربعة أشهر تطليقة وهو مروي بأسانيد صحيحة عن عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وزيد بن ثابت.
قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء
…
) الآية
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) ظاهر هذه الآية شمولها لجميع المطلقات، ولكنه بين في آيات أخر خروج بعض المطلقات من هذا العموم، كالحوامل المنصوص على أن عدتهن وضع الحمل، في قوله (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) . وكالمطلقات قبل الدخول المنصوص على أنهن لا عدة عليهن أصلا، بقوله:(يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهنّ وسرحوهنّ سراحاً جميلاً) .
أما اللواتى لا يحضن، لكبر أو صغر فقد بين أن عدتهن ثلاثة أشهر في قوله (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) .
(أخرج مالك (الموطأ- الطلاق، ب ما جاء في الأقراء 2/576) ، والشافعي (ترتيب المسند 2/60)، والطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن عائشة قالت: الأقراء: الأطهار. وأخرجه الطبري بأسانيد ثابتة عن زيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وغيرهم من التابعين. أخرج أحمد (المسند 6/420، 463، 464) وأبو داود (السنن- الطهارة، ب في المرأة تستحاض ح 280) والنسائي (السنن- الطهارة، ذكر الأقراء 1/121) عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم -
فشكت إليه الدم فقال لها رسول الله: "إنما ذلك عرق فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي فإذا مرّ قرؤك فتطهري، ثم صلي ما بين القرء أبي القرء".
ثم قال: هذا الدليل على أن الأقراء حيض.
(وصححه الألباني (صحيح سنن النسائي ح 205) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد (يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) قال: حيض.
وأخرج الطبري بسند صحيح عن علي بن أبي طالب بنحوه.
وبأسانيده عن ابن مسعود وعمر بن الخطاب أيضاً.
قوله تعالى (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) قال: كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر، فنهاهن الله تعالى عن ذلك.
أخرج الطبري بسنده الصحيح مجاهد في قول الله تعالى ذكره (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) قال: لا يحل للمطلقة أن تقول: إني حائض. وليست بحائض، ولا تقول: إني حبلى. وليست بحبلى. ولا تقول: لست بحبلى، وهي حبلى.
قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً)
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن أزواج كل المطلقات أحق بردهن لا فرق في ذلك بين رجعية وغيرها. ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن البائن لا رجعة له عليها، وذلك في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها) .
وذلك لأن الطلاق قبل الدخول بائن، كما أنه أشار هنا إلى أنها إذا بانت
بانقضاء العدة لا رجعة له عليها، وذلك في قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن
في ذلك لأن الإشارة بقوله (ذلك) راجعة إلى زمن العدة المعبر عنه في الآية بثلاثة قروء. واشترط هنا في كون بعولة الرجعيات أحق بردهن إرادتهم الإصلاح بتلك الرجعة، في قوله (إن أرادوا إصلاحا) ولم يتعرض لمفهوم هذا لا بنية الإصلاح بل يقصد الإضرار بها؛ لتخالعه أو نحو ذلك، أن رجعتها حرام عليه، كما هو مدلول النهي في قوله تعالى (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن ابن عباس قوله (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً) يقول: إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين وهي حامل، فهو أحق برجعتها ما لم تضع.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) : في عدتهن.
وبنحوه أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة.
قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الصحيح عن ابن عباس قال: إني أحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة لأن الله يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) .
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا ما هذه الدرجة التي للرجال على النساء، ولكنه أشار لها في موضع آخر وهو قوله تعالى (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم)
…
وقد أشار تعالى إلى نقص المرأة وضعفها الخلقيين الطبيعيين، بقوله:(أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين)
…
وأشار بقوله: (وبما أنفقوا من أموالهم) إلى أن الكامل في وصفه وقوته وخلقته يناسب حاله أن يكون قائما على الضعيف الناقص خلقة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (وللرجال عليهن درجة)
قال: فضل ما فضله الله به عليها الجهاد، وفضل ميراثه على ميراثها، وكل ما فضل به عليها.
قوله تعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) الآية
أخرج مالك (الموطأ- الطلاق- باب جامع الطلاق 2/588) والترمذي (السنن- الطلاق واللعان 3/488) والطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن عروة بن الزبير: كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها كان ذلك له، وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأته فطلقها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها راجعها ثم طلقها ثم قال: لا والله لا آويك إلي ولا تحلين أبداً فأنزل الله تبارك وتعالى (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فاستقبل الناس الطلاق جديداً من يومئذ من كان طلق منهم أو لم يطلق. واللفظ لمالك.
وأخرجه الترمذي والحاكم وصححه (المستدرك 2/279، 280) والبيهقي (السنن الكبرى 7/333) وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الطبري كلهم عن عروة عن عائشة وتكلم في سنده بسبب يعلى بن شبيب ولكنه روي من طرق مرسلة تقويه.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في التطليقة الثالثة، فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها، أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئاً.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) قال: يطلق الرجل امرأته طاهراً من غير جماع، فإذا حاضت ثم طهرت فقد تم القرء ثم يطلق الثانية كما يطلق الأولى، إن أحب أن يفعل، فإذا طلق الثانية ثم حاضت الحيضة الثانية فهما تطليقتان وقرءان -مثنى قرء- ثم قال الله تعالى ذكره في الثالثة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان) فيطلقها في ذلك القرء كله إن شاء حين تجمع عليها ثيابها.
قال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقاً في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة".
(السنن 2/268 ح 2226- ك الطلاق، ب في الخلع) . وأخرجه ابن ماجه (2/662- ك الطلاق، ب كراهية الخلع للمرأة رقم 2055) وابن الجارود في (المنتقى رقم 748) ، وابن حبان في صحيحه (الإحسان 9/490 ح 4184) والحاكم في (المستدرك 2/200) وغيرهم من طرق عن أيوب به. وأخرجه الترمذي (3/484- ك الطلاق، ب ما جاء في المختلعات رقم 1187) ووقع في إسناده: عن أبي قلابة عمن حدثه عن ثوبان. المبهم في إسناد الترمذي هو أبو أسماء الرحبي كما تقدم.
قال الترمذي: حديث حسن. وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وأقره الذهبي.
قال الألباني: إنما هو على شرط مسلم وحده. (الإرواء 7/100) وحسَّنه السيوطي (فيض القدير مع الجامع الصغير 3/138 ح 2944) . وصححه الألباني (الإرواء 7/100) .
قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله)
قال الشيخ الشنقيطي عند هذه الآية: صرح في هذه الآية الكريمة بأن الزوج لا يحل له الرجوع في شيء مما أعطى زوجته، إلا على سبيل الخلع، إذا خافا ألا يقيما حدود الله، فيما بينها، فلا جناح عليهما إذن في الخلع. أي: لا جناح عليها هي في الدفع، ولا عليه هو في الأخذ.
وصرح في موضع آخر بالنهي عن الرجوع في شيء مما أعطى الأزواج زوجاتهم، ولو كان المعطى قنطاراً وبين أن أخذه بهتان وإثم بين، وبين أن السبب المانع من أخذ شيء منه هو أنه أفضى إليها بالجماع. وذلك في قوله تعالى:(وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) وبين في موضع آخر أن محل النهى عن ذلك إذا لم يكن عن طيب النفس من المرأة، وذلك في قوله:(فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً) وأشار إلى ذلك بقوله: (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) .
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) إلا أن يكون النشوز وسوء الخلق من قبلها فتدعوك إلى أن تفتدي منك فلا جناح عليك فيما افتدت به.
قوله تعالى (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليها فيما افتدت به)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به) هو تركها إقامة حدود الله استخفافاً بحق زوجها وسوء خلقها فتقول له: والله لا أبر لك قسماً، ولا أطأ لك مضجعاً، ولا أطيع لك أمراً، فإذا فعلت ذلك، فقد حل له منها الفدية ولا يأخذ أكثر مما أعطاها شيئاً ويخلي سبيلها إن كانت الإساءة من قبلها.
أخرج البخاري بسنده عن ابن عباس: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أتردين عليه حديقته؟ " قالت: نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أقبل الحديقة وطلقها تطليقة".
(الصحيح- الطلاق، ب الخلع وقول الله تعالى (لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً) ح 5273) .
انظر الآية رقم (233) من السورة نفسها.
قوله تعالى (تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)
انظر سورة البقرة آية (187) .
قوله تعالى (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند حسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله: (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره) يقول: إن طلقها ثلاثاً فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: جعل الله الطلاق ثلاثاً، فإذا طلقها واحدة فهو أحق بها ما لم تنقض العدة، وعدتها ثلاث حيض. فإن انقضت العدة قبل أن يكون راجعها، فقد بانت منه بواحدة، وصارت أحق بنفسها، وصار خاطباً من الخطاب. فكان الرجل إذا أراد طلاق أهله نظر
حيضتها، حتى إذا طهرت طلقها تطليقة في قبل عدتها عند شاهدي عدل. فإن بدا له مراجعتها راجعها ما كانت في عدتها، وإن تركها حتى تنقضي عدتها، فقد بانت منه بواحدة. وإن بدا له طلاقها بعد الواحدة وهي في عدتها نظر حيضتها، حتى إذا طهرت طلقها تطليقة أخرى في قُبْل عدتها. فإن بدا له مراجعتها راجعها، فكانت عنده على واحدة. وإن بدا له طلاقها طلقها الثالثة عند طهرها، فهذه الثالثة التي قال الله تعالى ذكره: لا تحل له حتى تنكح زوجاً.
أخرج الشيخان بسنديهما عن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي تزوج امرأة ثم طلقها فتزوجت آخر فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أنه لا يأتيها، وإنه ليس معه إلا مثل هدبة. فقال:"لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك".
(صحيح البخاري- الطلاق، في 37 ح 5317) ، (وصحيح مسلم- النكاح، ب لا تحل المطلقة ثلاثاً لمطلقها حتى تنكح زوجاً غيره ح 1433) .
أي حتى يحصل الجماع معه. وقد نقل ابن حجر عن ابن المنذر قال: أجمع العلماء على اشتراط الجماع لتحل للأول.
(فتح الباري 9/467) وينظر تفسير الآية السابقة.
قوله تعالى (فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله)
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله) يقول: إذا تزوجت بعد الأول فدخل الآخر بها، فلا حرج على الأول أن يتزوجها إذا طلق الآخر أو مات عنها فقد حلت له.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله (إن ظنا أن يقيما حدود الله) : إن ظنا أن نكاحهما على غير دُلسة.
والتدليس: إخفاء العيب. (النهاية لابن الأثير 2/130) .
وانظر الآية رقم (233) من السورة نفسها.
قوله تعالى (وإذا طلقكم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر قوله تعالى في هذه الآية الكريمة (فبلغن أجلهن) انقضاء عدتهن بالفعل، ولكنه بين في موضع آخر أنه لا رجعة إلا في زمن العدة خاصة، وذلك في قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك)، لأن الإشارة في قوله (ذلك راجعة إلى زمن العدة المعبر عنه بثلاثة قروء في قوله تعالى (والمطلقات يتربصن) الآية. فاتضح من تلك الآية أن معنى (فبلغن أجلهن) أي: قاربن انقضاء العدة، وأشرفن على بلوغ أجلها.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) يعني ثلاثة قروء، يعني ثلاث حيض (فأمسكوهن بمعروف) يقول: فأمسكوهن من قبل أن تغتسل من حيضتها الثالثة بطاعة الله (أو سرحوهن بمعروف) بطاعة الله إذا اغتسلت من حيضتها الثالثة.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف. ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا) قال: كان الرجل يطلق المرأة ثم يراجعها ثم يطلقها ثم يراجعها يضارها فنهاهم الله عن ذلك.
قال الشيخ الشنقيطي: قوله تعالى (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) الآية
صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بالنهى عن إمساك المرأة مضارة لها، لأجل الاعتداء عليها بأخذه ما أعطاها، لأنها إذا طال عليها الإضرار افتدت منه، ابتغاء السلامة من ضرره. وصرح في موضع آخر بأنها إذا أتت بفاحشة مبينة جاز له عضلها، حتى تفتدى منه وذلك في قوله تعالى (ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة) .
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى (ولا تمسكوهن ضراراً) قال: هو الرجل يطلق امرأته فإذا بقي من عدتها يسير راجعها يضارها بذلك ويطول عليها فنهاهم الله تعالى عن ذلك فأمرهم أن يمسكوهن بمعروف أو يسرحوهن بمعروف.
وفي قوله تعالى (ولا تتخذوا آيات الله هزواً)
أخرج أبو داود (السنن- الطلاق، ب الطلاق على الهزل 2/259) والترمذي (السنن- الطلاق، ب في الجد والهزل في الطلاق 3/381) وابن ماجة (السنن - الطلاق، ب من طلق أو نكح أو رجع لاعباً ح 2039) عن أبي هريرة مرفوعاً به: "ثلاثة جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
وحسنه الترمذي، وكذا حسنه ابن حجر (التلخيص الحبير 3/210) ، والسيوطي في (الجامع الصغير 3/300 ح 3451) ، والألباني في (صحيح الجامع ح 3027) ، وصحح إسناده الحاكم ووافقه الذهبي (المستدرك 2/197) .
قوله تعالى (واذكروا نعمت الله عليكم)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (نعمة الله) يقول: عافية الله.
أخرج مسلم (الصحيح- الزهد- ح 9 ص 2255) عن أبي هريرة مرفوعاً: "انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله".
قوله تعالى (وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله)
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله (وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة) يعني بالحكمة: الحلال والحرام وما سن النبي صلى الله عليه وسلم (يعظكم به واتقوا الله) في أمره ونهيه.
قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف
…
) الآية
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر قوله تعالى في هذه الآية الكريمة (فبلغن أجلهن) انقضاء عدتهن بالفعل، ولكنه بين في موضع آخر أنه لا رجعة إلا في زمن العدة خاصة، وذلك في قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن في ذلك) لأن الإشارة في قوله تعالى (ذلك) راجعة إلى زمن العدة المعبر عنه بثلاثة قروء في قوله تعالى (والمطلقات يتربصن) الآية. فاتضح من تلك الآية أن معنى فبلغن أجلهن.
أي: قاربن انقضاء العدة، وأشرفن على بلوغ أجلها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فهذا الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين، فتنقضي عدتها، ثم يبدو له في تزويجها وأن يراجعها، وتريد المرأة فيمنعها أولياؤها من ذلك، فنهى الله سبحانه أن يمنعوها.
(أخرج البخاري (الصحيح- التفسير- سورة البقرة، ب (إذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) ح 4529) عن الحسن: أن أخت معقل بن يسار طلقها زوجها فتركها حتى انقضت عدتها فخطبها فأبى معقل فنزلت (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) فهذا في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين، فتنقضي عدتها ثم يبدو له في تزويجها وأن يراجعها، وتريد المرأة فيمنعها أولياؤها من ذلك. فنهى الله سبحانه أن يمنعوها.
قال ابن ماجة: حدثنا أبو كريب. ثنا عبد الله بن المبارك، عن حجاج، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن عكرمة، عن ابن عباس.
قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا بولي".
وفي حديث عائشة: "والسلطان ولي من لا ولي له".
(السنن- النكاح، ب لا نكاح إلا بولي 1880) حديث ابن عباس أخرجه أحمد والبيهقي من طريق حجاج به. وله طريق آخر من سعيد بن جبير عند الطبراني في المعجم الكبير (انظر: الإرواء 6/238، المسند 1/250، سنن البيهقي 7/109، 110)، وأخرجه من طريق سعيد بن جبير الطبراني في الأوسط (1/318 ح 525) . قال الهيثمي عنه: رجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد 4/186) وحديث عائشة أخرجه أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي والبيهقي من طريق حجاج به، وله طرق أخرى عنها (انظر: الإرواء 6/247، المسند 6/260) قال الألباني. صحيح. (صحيح ابن ماجه 1/317) .
ذكره ابن كثير (1/415) .
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان قوله (إذا تراضوا بينهم بالمعروف) يعني بمهر وبينة ونكاح مؤتنف.
قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضآرّ والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالاً عن تراضٍ منهما وتشاور فلا جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف)
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد حدثنا شعبة، عن الأشعث عن أبيه، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل، فكأنه تغير وجهه كأنه كره ذلك، فقالت: إنه أخي، فقال:"انظرن ما إخوانكن، فإنما الرضاعة من المجاعة".
(الصحيح- النكاح، ب من قال لا رضاع بعد حولين 9/146 ح 5102) ، وأخرجه مسلم في (صحيحه 2/1078 ح 1455) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فجعل الله سبحانه الرضاع حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، ثم قال (فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) إن أرادا أن يفطماه قبل الحولين وبعده.
وبه قوله تعالى (فلا جناح عليهما) قال فلا حرج عليهما.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد قال: حولين كاملين: سنتين.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مجاهد قال: (لا تضآرّ والدة بولدها) لا تأبى أن ترضعه ليشق ذلك على أبيه، ولا يضار الوالد بولده، فيمنع أمه أن ترضعه ليحزنها.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قوله (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده) قال: نهى الله تعالى عن الضرار وقدم فيه، فنهى الله أن يضار الوالد فينتزع الولد من أمه، إذا كانت راضية بما كان مسترضعا به غيرها ونهيت الوالدة أن تقذف الولد إلى أبيه ضرارا.
قال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب أخبرنا هشام، عن أبيه، عن زينب ابنة أبي سلمة، عن أم سلمة: قلت يا رسول الله، هل لي من أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا، إنما همَ بنيَّ. قال:"نعم لك أجر ما أنفقت عليهم".
(صحيح البخاري - النفقات، ب وعلى الوارث مثل ذلك 9/514 ح 5369) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (وعلى الوارث مثل ذلك) ، على وارث الولد.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال (وعلى الوارث مثل ذلك) قال: الولي من كان.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال (وعلى الوارث مثل ذلك) قال: وعلى وارث الولد ما كان على الوالد من أجر الرضاع، إذا كان الولد لا مال له.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة أن الرجل إذا أراد أن يطلب لولده مرضعة غير أمه لا جناح عليه في ذلك، إذا سلم الأجرة المعينة في العقد،
ولم يبين هنا الوجه الموجب لذلك ولكنه بينه في سورة الطلاق بقوله تعالى (وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى) والمراد بتعاسرهم: امتناع الرجل من دفع ما تطلبه المرأة، وامتناع المرأة من قبول الإرضاع بما يبذله الرجل ويرضى به.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) خيفة الضيعة على الصبي (فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما أتيتم بالمعروف) قال: حساب ما أرضع به الصبي.
قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف)
قال الشيخ الشنقيطي: ظاهر هذه الآية الكريمة أن كل متوفي عنها تعتد بأربعة أشهر وعشر، ولكنه بين في موضع آخر أن محل ذلك ما لم تكن حاملا، فإن كانت حاملا كانت عدتها وضع حملها، وذلك في قوله (وأُلات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) ويزيده إيضاحاً ما ثبت في الحديث المتفق عليه من إذن النبي صلى الله عليه وسلم لسبيعة الأسلمية في الزواج بوضع حملها بعد وفاة زوجها بأيام، وكون عدة الحامل المتوفى عنها بوضع حملها هو الحق، كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم خلافا لمن قال: تعتد بأقصى الأجلين. ا. هـ.
روى مالك: عن سعيد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب بن عجرة، أن الفريعة بنت مالك بن سنان، وهي أخت أبي سعيد الخدري، أخبرتها: أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة. فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا. حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم فقتلوه. قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي في بني خدرة. فإن زوجي لم يتركني في مسكن يملكه ولا نفقة قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم" قالت: فانصرفت. حتى إذا كنت في الحجرة ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أمر بي فنوديت له فقال:"كيف قلت"؟ فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي. فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله".
قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً. قالت: فلما كان عثمان بن عفان، أرسل إلي فسألني عن ذلك؟ فأخبرته. فاتبعه وقضى به.
(الموطأ 2/591، ك الطلاق، ب مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها
…
) ، وأخرجه أبو داود (2/291 ك الطلاق، ب المتوفى عنها زوجها تنتقل، ح 2300) ، والترمذي (ك الطلاق، ب ما جاء أين تعتد المتوفى عنها زوجها ح 1204) كلاهما من طريق مالك به، وأخرجه أحمد في المسند (6/420) من طريق بشر بن المفصل عن سعد بن إسحاق به. وأخرجه ابن ماجه (رقم 2031- كتاب الطلاق، باب أين تعتد المتوفى عنها زوجها) من طريق سليمان بن حيان، والحاكم في (المستدرك 2/208) من طريق يحيى بن سعيد كلهم عن سعد بن إسحاق بن كعب به. أما ما وقع عند مالك باسم (سعيد بن إسحاق فقد قال ابن عبد البر: هكذا قال يحيى -أي راوي الموطأ- تابعه بعضهم وأكثر الرواة يقولون فيه: سعد بن إسحاق وهو الأشهر (التمهيد 21/27) . قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. وقال ابن عبد البر: حديث مشهور معروف. (التمهيد 21/31) . وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد، ونقل عن الذهلي قوله: حديث صحيح محفوظ. ووافق الذهبي الحاكم على تصحيحه. وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود ح 2016) .
قال البخاري: حدثنا الحميدي، حدثنا سفيان، حدثنا أيوب بن موسى قال: أخبرني حميد بن نافع، عن زينب ابنة أبي سلمة قالت: لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة رضي الله عنها بصفرة في اليوم الثالث فمسحت عارضيها وذراعيها وقالت إني كنت عن هذا لغنية لولا أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً".
(الصحيح - الجنائز، ب إحداد المرأة على غير زوجها 3/146 ح 1280) وأخرجه مسلم في (صحيحه 2/1125 ح 1486) .
قال مسلم: وحدثنا حسن بن الربيع، حدثنا ابن إدريس عن هشام، عن حفصة، عن أم عطية، أن رسول الله قال:"لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث. إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً. ولا تلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عصب. ولا تكتحل ولا تمس طيباً. إلا إذا طهرت، نبذة من قسط أو أظفار".
(صحيح مسلم 2/127 ح 141 ولعده - الطلاق، ب وجوب الإحداد) .
وقال: حدثنا محمد بن المثنى العنزي. حدثنا عبد الوهاب. قال: سمعت يحيى ابن سعيد. أخبرني سليمان بن يسار؛ أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة. وهما يذكران المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليال.
فقال ابن عباس: عدتها آخر الأجلين. وقال أبو سلمة: قد حلت. فجعلا يتنازعان ذلك. قال: فقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي (يعني أبا سلمة) فبعثوا كريباً (مولى ابن عباس) إلى أم سلمة يسألها عن ذلك؟ فجاءهم فأخبرهم؛ أن أم سلمة قالت: إن سبيعة الأسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال. وإنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم. فأمرها أن تتزوج.
(الصحيح- الطلاق، ب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل 2/1122 ح 1485) ، وأخرجه البخاري في (صحيحه 8/623 ح 4909) .
قال البخاري: حدثنا حبان. حدثنا عبد الله. أخبرنا عبد الله بن عون، عن محمد بن سيرين قال: جلست إلى مجلس فيه عظم من الأنصار وفيهم عبد الرحمن ابن أبي ليلى، فذكرت حديث عبد الله بن عتبة في شأن سبيعة بنت الحارث، فقال عبد الرحمن: ولكن عمه كان لا يقول ذلك، فقلت: إني لجريء إن كذبت على رجل في جانب الكوفة. ورفع صوته. قال: ثم خرجت فلقيت مالك ابن عامر -أو مالك بن عوف- قلت: كيف كان قول ابن مسعود في المتوفى عنها زوجها وهي حامل؟ فقال: قال ابن مسعود: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى.
(البخاري 8/193 ح 4532، كتاب التفسير - سورة البقرة الآية 234) .
قال البخاري: وقال الليث: حدثني يونس، عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أباه كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعن ما قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استفتته. فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله ابن عتبة يخبره أن سبيعة بنت الحارث أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة
-وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدراً- فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك -رجل من بني عبد الدار- فقال لها: ما لي أراك تجملت للخطاب ترجين النكاح؟ فإنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر. قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي، وأمرني بالتزويج إن بدا لي.
تابعه أصبغ عن ابن وهب عن يونس وقال الليث: حدثني يونس عن ابن شهاب وسألناه فقال: أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مولى بني عامر بن لؤي أن محمد بن إياس بن البكير -وكان أبوه شهد بدراً- أخبره.
(البخاري 7/360 ح 3991- ك المغازي، وأخرجه موصولاً 9/469 ح 5319) ، وأخرجه مسلم في صحيحه (2/1122 ك الطلاق، ب انقضاء عدة المتوفى عنها زوجها وغيرها بوضع الحمل رقم 1484) .
قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد. قالا: حدثنا يزيد بن هارون. أخبرنا يحيى بن سعيد، عن حميد بن نافع؛ أنه سمع زينب بنت أبي سلمة تحدث عن أم سلمة وأم حبيبة. تذكران أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكرت له أن بنتاً لها توفي عنها زوجها. فاشتكت عينها فهي تريد أن تكحلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قد كانت إحداكن ترمى بالبعرة عند رأس الحول. وإنما هي أربعة أشهر وعشر".
(مسلم 2/1126 ح 1486 إلى 1488- ك الطلاق، ب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام) .
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فهذه عدة المتوفى عنها زوجها إلا أن تكون حاملا، فعدتها أن تضع ما في بطنها.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف)، قال: الحلال الطيب.
قوله تعالى (وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ)
انظر الآية رقم (233) من السورة نفسها.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يعرض لها في عدتها، يقول لها:"إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك، ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك، ونحو هذا عن الكلام، فلا حرج".
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (أو أكننتم في أنفسكم)، قال: الإكنان: ذكر خطبتها في نفسه، لا يبديه لها. هذا كله حل معروف.
قوله تعالى (وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لا تقل لها: إني عاشق، وعاهديني ألا تتزوجي غيري
…
ونحو هذا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال (ولكن لا تواعدوهن سراً) قال: هذا في الرجل يأخذ عهد المرأة وهي في عدتها أن لا تنكح غيره، فنهى الله عن ذلك وقدم فيه، وأحل الخطبة والقول بالمعروف، ونهى عن الفاحشة والخضع عن القول.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة عن الحسن في قوله تعالى (ولا تواعدوهن سراً) قال: هو الفاحشة.
قوله تعالى (إلا أن تقولوا قولا معروفا)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: هو قوله: إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك.
قوله تعالى (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (حتى يبلغ الكتاب أجله) قال: حتى تنقضي العدة.
قوله تعالى (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المس: النكاح.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً)، قال: ليس لها صداق إلا متاع بالمعروف.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الفريضة: الصداق.
قوله تعالى (وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فهذا الرجل يتزوج المرأة، ولم يسم لها صداقا ثم يطلقها من قبل أن ينكحها، فأمر الله سبحانه وتعالى أن يمتعها على قدر عسره ويسره، فإن كان موسراً متعها بخادم أو شبه ذلك، وإن كان معسراً متعها بثلاثة أثواب ونحو ذلك.
قوله تعالى (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فهذا في الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقا، ثم يطلقها قبل أن يمسها (والمس الجماع) فلها نصف صداقها ليس لها أكثر من ذلك.
قوله تعالى (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: هي المرأة الثيب أو البكر يزوجها غير أبيها، فجعل الله العفو إليهن، إن شئن عفون فتركن، وإن شئن أخذن نصف الصداق.
قوله تعالى (أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: وهو أبو الجارية البكر، جعل الله سبحانه العفو إليه، ليس لها معه أمر إذا طلقت ما كانت في حجره.
قوله تعالى (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (ولا تنسوا الفضل بينكم) قال إتمام الزوج الصداق، وترك المرأة الشطر.
قوله تعالى (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال: حدثنا شعبة قال: الوليد بن العيزار أخبرني قال: سمعت أبا عمرو الشيباني يقول: حدثنا صاحب هذا الدار -وأشار أبي دار عبد الله- قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: "الصلاة على وقتها". قال: ثم أي؟ قال: "ثم بر الوالدين".
قال: ثم أي؟ قال: "الجهاد في سبيل الله". قال: حدثني بهن، ولو استزدته لزادني.
(الصحيح - مواقيت الصلاة، فضل الصلاة لوقتها 2/9 ح 527) ، وأخرجه مسلم في (صحيحه 1/89 ح 85) .
قال مسلم: حدثنا خلف بن هشام، حدثنا حماد بن زيد. ح قال وحدثني أبو الربيع الزهراني وأبو كامل الجحدري. قالا: حدثنا حماد عن أبي عمران الجوني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر؛ قال: قال لي رسول الله: "كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها، أو يميتون الصلاة عن وقتها؟ " قال: قلت: فما تأمرني؟ قال: "صل الصلاة لوقتها، فإن أدركتها معهم فصل. فإنها لك نافلة". ولم يذكر خلف: عن وقتها.
(صحيح مسلم 1/448 ح 648 - كتاب المساجد - باب كراهية تأخير الصلاة عن وقتها) .
قال الدارمي: أخبرنا عبد الله بن يزيد، حدثنا سعيد -هو ابن أبي أيوب- قال: حدثني كعب بن علقمة، عن عيسى بن هلال الصدفي، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوماً فقال:"من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة من النار يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوراً ولا نجاة ولا برهاناً، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن خلف"
(السنن 2/301-302 - كتاب الرقاق - باب في المحافظة على الصلاة) وأخرجه أحمد في المسند (2/169) وابن حبان في صحيحه (الإحسان 4/329 رقم 1467) من طرق عن عبد الله بن يزيد به.
وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد بإسناد جيد
…
وذكره الهيثمي في (المجمع 1/192) وعزاه لأحمد والطبراني ثم قال: ورجال أحمد ثقات. وقال محقق الإحسان: إسناده صحيح.
قال البخاري: حدثنا إسحاق حدثنا روح حدثنا هشام عن محمد، عن عبيدة، عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم الخندق:"ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم ناراً كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس".
(الصحيح - المغاري، ب غزوة الخندق 7/405 ح 4111، ومسلم في (صحيحه 1/437 ح 628) .
وقال: حدثنا المكي بن إبراهيم حدثنا هشام، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس جعل يسب كفار قريش وقال: يا رسول الله، ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب. قال النبي صلى الله عليه وسلم:"والله ما صليتها". فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان، فتوضأنا لها، فصلى العصر بعد ما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب.
(الصحيح - المغازي، ب غزوة الخندق 7/405 ح 4112) .
قال مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرنا يحيى بن آدم. حدثنا الفضيل بن مرزوق، عن شقيق بن عقبة، عن البراء بن عازب؛ قال: نزلت هذه الآية: (حافظوا على الصلوات وصلاة العصر) . فقرأناها ما شاء الله.
ثم نسخها الله. فنزلت: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) . فقال
رجل كان جالساً عند شقيق له: هي إذن صلاة العصر. فقال البراء: قد أخبرنك كيف نزلت وكيف نسخها الله. والله أعلم.
(الصحيح- ك المساجد ومواضع الصلاة، ب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر 1/438 ح 631) .
وقال: حدثنا يحيى بن يحيى التميمي. قال: قرأت على مالك، عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم، عن أبي يونس مولى عائشة؟ أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً. وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فلما بلغتها آذنتها. فأملت عليَّ: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) .
قالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(مسلم 1/437-438 ح 629 - ك المساجد ومواضع الصلاة- ب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر) .
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف، قال: أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
(البخاري 2/37 - كتاب مواقيت الصلاة- باب إثم من فاتته العصر، ح 552) وأخرجه مسلم (1/435 - كتاب المساجد، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، ح200) .
قال مسلم: حدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا هشيم، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن الحارث بن شبيل، عن أبي عمرو الشيباني، عن زيد بن أرقم؛ قال: كنا نتكلم في الصلاة. يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة. حتى نزلت: (وقوموا لله قانتين) . فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام.
(مسلم 1/383 ح 539 - ك المساجد ومواضع الصلاة - ب تحريم الكلام في الصلاة) ، وأخرجه البخاري (8/198 ح 4534- ك التفسير، ب (وقوموا لله قانتين)) .
قال مسلم: حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح، وأبو بكر بن أبي شيبة (وتقاربا في لفظ الحديث) قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، عن حجاج الصواف، عن يحيى ابن أبي كثير، عن هلال بن أبي ميمونة، عن عطاء بن يسار، عن معاوية بن الحكم السلمي؛ قال: بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم.
فقلت: يرحمك الله! فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم؟ تنظرون إليَّ. فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم. فلما رأيتهم يصمتونني.
لكنِّي سكتُّ. فلما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبأبي هو وأمي! ما رأيت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعلماً منه. فوالله! ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني. قال: "إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس. إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"
…
(مسلم 1/381-382 ح 537- كتاب المساجد ومواضع الصلاة، ب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (قانتين) : مطيعين.
وينظر آية رقم (116) من السورة نفسها عند قوله تعالى (كل له قانتون) .
قوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك، عن نافع أن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس، فيصلى بهم الإمام ركعة وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدو لم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون، ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة، ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين، فيقوم كل واحد من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن ينصرف الإمام، فيكون كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين. فإن كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالاً قياماً على أقدامهم أو ركباناً مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها".
قال مالك: قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(الصحيح 8/199 ح 4553 - ك التفسير، ب سورة البقرة) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً) ، أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في القتال على الخيل فإذا وقع الخوف فليصل الرجل على كل جهة قائما أو راكبا، أو كما قدر على أن يومئ برأسه أو يتكلم بلسانه.
قوله تعالى (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ)
أخرج البخاري: بسنده عن ابن الزبير: قلت لعثمان: هذه الآية التي في البقرة (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً -إلى قوله- غير إخراج) قد نسختها الأخرى فلم تكتبها؟ قال: تدعها يا ابن أخي لا أغير شيئاً منه من مكانه.
(الصحيح ح 4536 - التفسير - سورة البقرة، ب (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً)) .
أخرج أبو داود بسنده عن ابن عباس قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية إلى الحول غير إخراج) فنسخ ذلك بآية الميراث، بما فرض لهن من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها؛ أربعة أشهر وعشراً.
(وحسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود - الطلاق، ب نسخ متاع المتوفي عنها ح 2012) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال: فكان الرجل إذا مات وترك امرأته، اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله، ثم أنزل الله تعالى ذكره بعد (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) فهذه عدة المتوفى عنها زوجها، إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها، وقال في ميراثها (ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن) النساء 21. فبين الله ميراث المرأة وترك الوصية والنفقة.
قوله تعالى (وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حقاً عَلَى الْمُتَّقِينَ)
قال ابن كثير: وقد استدل بهذه الآية من ذهب من العلماء إلى وجوب المتعة لكل مطلقة، سواء كانت مفوضة، أو مفروضاً لها أو مطلقة، قبل المسيس أو مدخولاً بها، وهو قول عن الشافعي، رحمه الله. وإليه ذهب سعيد بن جبير.
وغيره من السلف، واختاره ابن جرير. ومن لم يوجبها مطلقاً يخصص من هذا العموم بمفهوم قوله (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعاً بالمعروف حقاً على المحسنين) .
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ)
وقال وكيع بن الجراح في تفسيره: حدثنا سفيان، عن ميسرة بن حبيب النهدي، عن المنهال بن عمرو الأسدي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:(ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) قال كانوا أربعة آلاف، خرجوا فراراً من الطاعون، قالوا: نأتي أرضاً ليس بها موت، حتى إذا كانوا بموضع كذا وكذا قال الله لهم:(موتوا) فماتوا، فمر عليهم نبي من الأنبياء، فدعا ربهم أن يحييهم، فأحياهم، فذلك قوله عز وجل (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) الآية.
ذكره ابن كثير، وسنده حسن.
قوله تعالى (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
قال ابن كثير: وقوله (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)
أي: كما أن الحذر لا يغني من القدر، كذلك الفرار من الجهاد وتجنبه لا يقرب أجلاً، ولا يباعده، بل الأجل المحتوم والرزق المقسوم مقدر مقنن، لا يزاد فيه ولا ينص منه، كما قال تعالى (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا
قل فادرءوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين) وقال (قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) .
قوله تعالى (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا قدر هذه الأضعاف الكثيرة، ولكنه بين في موضع آخر أنها تبلغ سبعمائة ضعف وتزيد عن ذلك. وذلك في قوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ) .
انظر سورة الرعد آية (26) ، وانظر سورة الإسراء آية (30) .
قوله تعالى (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ) سلطانه.
قوله تعالى (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آَيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آَلُ مُوسَى وَآَلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فيه سكينة: رحمة.
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة (فيه سكينة من ربكم) أي: وقار (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) قال: فالبقية عصا موسى والرضراض من الألواح.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال (تحمله الملائكة) قال: تحمله حتى تضعه في بيت طالوت.
قوله تعالى (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (إن الله مبتليكم بنهر) قال: إن الله يبتلى خلقه بما يشاء، ليعلم من يطيعه ممن يعصيه.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة (فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) قال: كان الكفار يشربون فلا يروون، وكان المسلون يغترفون غرفة، فيجزئهم ذلك.
قوله تعالى (فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمنوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ)
قال البخاري: حدثنا عمرو بن خالد. حدثنا زهير. حدثنا أبو إسحاق قال: سمعت البراء رضي الله عنه يقول: حدثني أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدراً أنهم كانوا عدة أصحاب طالوت الذين جازوا معه النهر: بضعة عشر وثلاثمائة. قال البراء: لا والله ما جاوز معه النهر إلا مؤمن.
(الصحيح- ك المغازي، ب عدة أصحاب بدر 7/290 ح 3957) .
قوله تعالى (وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا شيئا مما علمه، وقد بين في مواضع أخر أن مما علمه صنعة الدروع كقوله (وعلمناه صنعة لبوس لكم ليحصنكم من بأسكم) الآية وقوله (وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدّر في السرد) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) يقول: ولولا دفع الله بالبر عن الفاجر، ودفعه ببقية أخلاف الناس بعضهم ببعض (لفسدت الأرض) ، بهلاك أهلها.
وقد بين الله تعالى فساد الأرض بقوله تعالى (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثير) .
كوله تعالى (وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)
قال الشيخ الشنقيطي: يفهم من تأكيده هنا بإن واللام أن الكفار ينكرون رسالته كما تقرر في فن المعاني، وقد صرح بهذا المفهوم في قوله تعالى (ويقول الذين كفروا لست مرسلاً) الآية.
قوله تعالى (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا)
وقال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا هذا الذي كلمه الله منهم وقد بين أن منهم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام بقوله (وكلم الله موسى تكليما) وقوله (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) .
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) قال: يقول: منهم من كلم الله، ورفع بعضهم على بعض درجات. يقول: كلم الله موسى، وأرسل محمداً إلى الناس كافة.
وقال أيضاً: وقوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) أشار في مواضع أخر إلى أن منهم محمداً صلى الله عليه وسلم كقوله (عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً) أو قوله (وما أرسلناك إلا كافة للناس) الآية. وقوله (إني رسول الله إليكم جميعاً) وقوله (تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا) وأشار في مواضع أخر إلى أن منهم إبراهيم كقوله (واتخذ الله إبراهيم خليلا) وقوله (إني جاعلك للناس إماما) إلى غير ذلك من الآيات، وأشار في موضع آخر إلى أن منهم داود وهو قوله (ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض وآتينا داود زبورا) وأشار في موضع آخر إلى أن منهم إدريس وهو قوله (ورفعناه مكانا علياً) وأشار هنا إلى أن منهم عيسى بقوله (وآتينا عيسى ابن مريم البينات) الآية.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة في قوله تعالى (وأيدناه بروح القدس) قال: هو جبريل عليه السلام.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات)، يقول: من بعد موسى وعيسى.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ)
انظر حديث أبي هريرة عند البخاري تحت الآية رقم (177) من سورة البقرة.
وهو حديث: "أن تصدق وأنت صحيح شحيح".
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) ، قد علم الله أن ناسا يتحابون في الدنيا ويشفع بعضهم لبعض. فأما يوم القيامة فلا خلة إلا خلة المتقين.
قوله تعالى (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (القيوم)، قال: القائم على كل شيء.
وفي قوله تعالى (من ذا الذي يشفع إلا بإذنه) انظر سورة الإسراء آية (79) في بيان المقام المحمود، وفيه حديث البخاري عن أنس وفيه: "فانطلق حتى استأذن على ربي فيؤذن
…
ثم أشفع
…
".
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: السنة: النعاس، والنوم هو النوم. (ولا يؤوده حفظهما) : لا يثقل عليه (وهو العلي العظيم) : الذي قد كمل في عظمته.
وانظر سورة البقرة آية (31) حديث الشيخين عن أنس بن مالك.
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو معاوية. حدثنا الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي عبيدة، عن أبي موسى، قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات. فقال: "إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام. يخفض القسط ويرفعه. يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار. وعمل النهار قبل عمل الليل. حجابه النور. (وفي رواية أبي بكر: النار) لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
(صحيح مسلم 1/161-162 ح 179) .
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد بن يحيى بن سعيد القطان، ثنا أبو أحمد الزبيري عن سفيان عن عمار الدهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن الكرسي موضع القدمين.
(أخرجه وكيع في تفسيره كما صرح ابن كثير في التفسير من طريق سفيان به وأطول وأخرجه الحاكم من طريق سفيان به وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/282) وذكره الهيثمي ونسبه إلى الطبراني وقال رجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 6/326) .
قال الضياء المقدسي: وأخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد أيضاً -بأصبهان- أن محمود بن إسماعيل أخبرهم -قراءة عليه وهو حاضر- أنا أحمد بن محمد بن فاذشاه، أنا سليمان بن أحمد الطبراني، ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني، ثنا يحيى بن أبي بكير، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ادع الله أن يدخلني الجنة، فعظّم الرب ثم قال:"إن كرسيه وسع السماوات والأرض وإنه يقعد عليه ما يفضل منه مقدار أربع أصابع" ثم قال بأصابعه فجمعها "وإن له أطيط كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله". وقد رواه شعبة، عن أبي إسحاق.
(المختارة ح 153 وقال محققه: إسناده حسن) .
قوله تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ)
قال الإمام أحمد: حدثنا يحيى، عن حميد، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل:"أسلم". قال: إني أجدني كارهاً. قال: "وإن كنت كارهاً".
(المسند 3/181) وإسناده ثلاثي صحيح، كما قال ابن كثير (التفسير 1/460) .
قال أبو داود: حدثنا محمد بن عمر بن علي المقدمي، قال: ثنا أشعث بن عبد الله -يعني السجستاني- ح وثنا ابن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، وهذا لفظه، ح وثنا الحسن بن علي، قال: ثنا وهب بن جرير، عن شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: كانت المرأة تكون مقلاتاً فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوِّده، فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبناءنا، فأنزل الله عز وجل (لا إكراه في الدين قد تبرأ الرشد من الغي) قال أبو داود: المقلات: التي لا يعيش لها ولد.
(السنن 3/58 - كتاب الجهاد - باب في الأسير يكره على الإسلام) وأخرجه ابن حبان (الإحسان 1/352، ح 140) من طريق إبراهيم بن إسماعيل عن حسن بن علي به. وقال محقق الإحسان: إسناده صحيح على شرطهما. وصححه الألباني في (صحيح سنن أبي داود 2333) . والمرأة المقلاة: التي لا يعيش لها ولد.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة في قوله (لا إكراه في الدين) قال: كانت العرب ليس لها دين، فأكرهوا على الدين بالسيف، قال: ولا يكره اليهودي ولا النصراني ولا المجوسي إذا أعطوا الجزية.
انظر الآية رقم (186) من السورة نفسها.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: الطاغوت الشيطان.
قوله تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا)
قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد. حدثنا أزهر السمان، عن ابن عون، عن محمد، عن قيس بن عباد قال: كنت جالساً في مسجد المدينة، فدخل رجل على وجهه أثر الخشوع، فقالوا: هذا رجل من أهل الجنة، فصلى ركعتين تجوز
فيهما، ثم خرج وتبعته فقلت: إنك حين دخلت المسجد قالوا: هذا رجل من أهل الجنة قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقول ما لا يعلم. وسأحدثك لم ذاك.
رأيت رؤيا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقصصتها عليه، ورأيت كأني في روضة -ذكر من سعتها وخضرتها- وسطها عمود من حديد أسفله في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عروة، فقيل لي: ارقه. قلت: لا أستطيع. فأتاني منصف فرفع ثيابي من خلفي فرقبت حتى كنت في أعلاها، فأخذت في العروة، فقيل له استمسك. فاستيقظت وإنها لفي يدي. فقصصتها على النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"تلك الروضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام وتلك العروة عروة الوثقى، فأنت على الإسلام حتى تموت". وذلك الرجل عبد الله بن سلام.
(البخاري 7/161 ح 3813 - كتاب المناقب، ب مناقب عبد الله بن سلام)، وأخرجه مسلم أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال:(بالعروة الوثقى)، قال: الإيمان.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (لا انفصام لها) قال: لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
قوله تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمنوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور) يقول: من الضلالة إلى الهدى (والذين كفروا أوليائهم الطاغوت)، الشيطان:(يخرجونهم من النور إلى الظلمات)، يقول: من الهدى إلى الضلالة.
قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ)
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ)، قال: هو نمروذ بن كنعان.
قوله تعالى (فَانْظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: (لم يتسنه) : لم يتغير.
قوله تعالى (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنْشِزُهَا)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كيف نخرجها.
قوله تعالى (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي)
قال البخاري: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وسعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) . ا. هـ. وعلى هذا فإن إبراهيم لم يشك وإنما أراد التأكد والاطمئنان.
(البخاري 8/49 ح 4537 - كتاب التفسير - سورة البقرة - باب وإذ قال إبراهيم) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قال: (ولكن ليطمئن قلبي)، يقول: لأزداد يقيناً.
قوله تعالى (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: قطعهن.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن معمر عن قتادة في قوله تعالى (فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك) قال: فمزقهن، قال: أمر أن يخلط الدماء بالدماء والريش بالريش، ثم يجعل على كل جبل منهن جزءاً.
قوله تعالى (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)
قال مسلم: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية ووكيع، عن الأعمش. ح وحدثنا زهير بن حرب. حدثنا جرير، عن الأعمش. ح وحدثنا أبو سعيد الأشج (واللفظ له) حدثنا وكيع. حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل عمل ابن آدم يضاعف.
الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف".
(مسلم 2/807 ح 164 - الصيام، ب فضل الصيام) .
قال مسلم: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرنا جرير، عن الأعمش، عن أبي عمرو الشيباني، عن أبي مسعود الأنصاري. قال: جاء رجل بناقة مخطومة. فقال: هذه في سبيل الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لك بها، يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة".
(الصحيح 3/1505 ح 1892 - كتاب الإمارة - باب فضل الصدقة في سبيل الله) .
قال مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وأبو كريب (واللفظ لأبى كريب) قالوا: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن مزاحم بن زفر، عن مجاهد، عن أبي هريرة؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دينار أنفقته في سبيل الله. ودينار أنفقنه في رقبة. ودينار تصدقت به على مسكين. ودينار أنفقته على أهلك.
أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك".
(الصحيح 2/692 ح 995 - كتاب الزكاة - باب فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم) .
قوله تعالى (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: الغني: الذي كمل غناه. والحليم: الذي كمل في حلمه.
وانظر الآية التالية مع حديث أحمد عن عبد الله بن عمرو.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)
قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة، وحجاج قال: حدثني شعبة، عن منصور، عن سالم بن أبي الجعد، عن نبيط بن شريط -قال غندر: نبيط بن سميط، قال ححاج: نبيط بن شريط- عن جابان، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا يدخل الجنة منان، ولا عاق والديه، ولا مدمن خمر".
(المسند رقم 6882) وأخرجه أيضاً من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابان به. وأخرجه من طرق أخرى كذلك ذكرها المحقق (المسند رقم 6537، 6892) وصححه المحقق بعد أن جمع طرقه وشواهده وخرجه تخريجاً وافياً كافياً نافعاً فلا داعي لتكراره) انظر هامش رقم 6537) . وقال محققو المسند صحيح لغيره (11/473 ح 6882) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) فقرأ حتى بلغ (على شيء مما كسبوا)، فهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول: لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ، كما ترك هذا المطر الصفاة الحجر ليس عليه شيء، أنقى ما كان عليه.
قال الشيخ الشنقيطي: بين أن المراد بالذي الذين بقوله (لا يقدرون على شيء مما كسبوا) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: صفوان: يعني الحجر.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: ليس عليه شيء.
قوله تعالى (وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أنفسهم كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآَتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قال: (وتثبيتا من أنفسهم)، قال: ثقة من أنفسهم.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (كمثل جنة بربوة) قال: الربوة المكان الظاهر المستوى.
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله (فطل) قال: الطل: الندا.
قوله تعالى (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفَاءُ فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)
قال البخاري بسنده عن عبيد بن عمير قال: قال عمر رضي الله عنه يوماً لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: في ترون هذه الآية نزلت (أيود أحدكم أن تكون له جنة) ؟ قالوا: الله أعلم. فغضب عمر فقال: قولوا نعلم أو لا نعلم. فقال ابن عباس: في نفسي منها يا أمير المؤمنين. قال عمر: يا ابن أخي قل ولا تحقر
نفسك. قال ابن عباس: ضربت مثلا لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لعمل. قال عمر: لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله.
(الصحيح ح 4538 - تفسير سورة البقرة، باب قوله (أيود أحدكم أن تكون له جنة)) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب) ، كمثل المفرط في طاعة الله حتى يموت. قال، يقول: أيود أحدكم أن يكون له دنيا لا يعمل فيها بطاعة الله، كمثل هذا الذي له جنات تجري من تحتها الأنهار، (له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت) ، فمثله بعد موته كمثل هذا حين أحرقت جنته وهو كبير لا يغني عنها شيئاً، وولده صغار لا يغنون عنها شيئاً. وكذلك المفرط بعد الموت، كل شيء عليه حسرة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (أيود أحدكم أن تكون له جنة) إلى قوله (فاحترقت) يقول: فذهبت جنته كأحوج ما كان إليها حين كبرت سنه وضعف عن الكسب (وله ذرية ضعفاء) لا ينفعونه. قال: وكان الحسن يقول (فاحترقت) فذهبت أحوج ما كان إليها فذلك قوله: أيود أحدكم أن يذهب عمله أحوج ما كان إليه؟.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: في زوال الدنيا وفنائها، وإقبال الآخرة وبقائها.
أخرج الطبري بسند صحيح قال: حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا الثوري قال، قال مجاهد:(لعلكم تتفكرون)، قال: تطيعون.
قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ
…
)
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: تصدقوا من أطيب أموالكم وأنفسه.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن القاسم بن عطية، ثنا أحمد بن عبد الرحمن، حدثني أبي، عن أبيه، عن الأشعث بن إسحاق، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد، عن ابن عباس قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون، فأنزل الله على نبيه (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم) الآية إلى آخرها.
(التفسير ح رقم 3172) . وعزاه السيوطي إلى ابن مردويه، والضياء المقدسي أيضاً (الدر المنثور 1/345) . وهل الأثر إسناده حسن، وقد تكلم ابن منده وحده في جعفر بن أبي المغيرة، لكن وثقه الإمام أحمد، وابن شاهين، وقال الذهبي: كان صدوقاً. (انظر: ثقات ابن شاهين رقم 167، تهذيب التهذيب 2/108، الميزان 1/417) . وبقية رجال الإسناد. ما بين ثقة إمام، وصدوق، فيكون الإسناد حسناً كما تقدم تقريره. ويشهد له ما سيأتي عن البراء بن عازب.
قوله تعالى (وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ)
قال الحاكم: أخبرنا محمد بن أحمد بن إسحاق الصفار العدل. ثنا أحمد بن محمد بن نصر. ثنا عمرو بن طلحة القناد. ثنا أسباط بن نصر، عن السدي، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب في قول الله عز وجل (ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) قال: نزلت في الأنصار كانت الأنصار تخرج إذا كان جذاذ النخل من حيطانها أقناء البسر فيعلقونه على حد رأس اسطوانتين في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل منه فقراء المهاجرين فيعمد أحدهم فيدخل قنو الحشف يظن أنه في كثرة ما يوضع من الأقناء فنزل فيمن
فعل ذلك (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه)
يقول: لو أهدي لكم لم تقبلوه إلا على استحياء من صاحبه عطاء أنه بعث إليكم بما لم يكن له فيه حاجة واعلموا أن الله غني عن صدقاتكم حميد.
(هذا حديث غريب صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. (المستدرك 2/285) .
قال أبو داود: حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عمارة بن عمير، عن عمته أنها سألت عائشة رضي الله عنها: في حجري يتيم أفأكل من ماله؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه، وولده من كسبه".
(السنن 3/288 - كتاب البيوع - باب في الرجل يأكل من مال ولده، ح 3528) وأخرجه الترمذي (كتاب الأحكام، ب ما جاء أن الوالد يأخذ من مال ولده ح 1358) ، والنسائي (7/241 - كتاب البيوع، ب الحث على الكسب) كلاهط من طريق عمارة بن عمير به. وأخرجه ابن ماجه (كتاب التجارات، ب الحث على الكسب ح 2137) من طريق إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة به.
قال الترمذي: حديث حسن صحح. وصححه الألباني (صحيح الجامع 2/49) .
قال النسائي: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع، عن ابن وهب قال: حدثني عبد الجليل بن حميد اليحصبي أن ابن شهاب حدثه قال: حدثني أبو أمامة بن سهل بن حنيف في الآية التي قال الله عز وجل (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) قال: هو الجعرور ولون حُبَيْق فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤخذ في الصدقة الرذالة.
(السنن 5/43 - كتاب الزكاة - باب قوله عز وجل (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) وأخرجه ابن خزيمة (4/39 - كتاب الزكاة - باب الزجر عن إخراج الحبوب والتمور الرديئة ح 2312) من طريق يونس بن عبد الأعلى، عن ابن وهب به. وأخرجه الحاكم من طريق الزهري به، وصححه ووافقه الذهبي (المستدرك 2/284) قال الألباني: إسناده حسن صحيح. والجُعرور: نوع رديء من العمر (المصباح المنير 1/102) . والحُبيق: لون من الدْقل رديء (مختار الصحاح 205) .
انظر حديث أبي هريرة المتقدم عند تفسير الآية (172) من سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (ولا تيمموا) ، لا تعمدوا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون)، قال: كانوا يتصدقون -يعني من النخل- بحشفه وشراره، فنهوا عن ذلك، وأمروا أن يتصدقوا بطيبه.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه) يقول: لستم بآخدي هذا الرديء بسعر هدا الطيب، إلا أن يغمض لكم فيه.
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: لو كان لكم على أحد حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوا بحساب الجيد حتى تنقصوه، قال فذلك قوله (إلا أن تغمضوا فيه) فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه؟ وهو قوله (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) آل عمران:92.
قوله تعالى (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا)
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا) يقول مغفرة لفحشائكم وفضلاً لفقركم.
قوله تعالى (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ)
أخرج الشيخان بسنديهما عن عبد الله بن مسعود قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلط على هلكته في الحق، ورجل أتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها".
(صحيح البخاري- العلم، ب الاغتباط في العلم والحكمة 1/165 ح 73) ، (وصحيح مسلم 1/558 ح 816 - ك صلاة المسافرين، ب فضل من يقوم بالقرآن ويعلمه) ..
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: يعني المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابيه، ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله.
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (يؤتي الحكمة من يشاء)، قال: يؤتي الإصابة من يشاء.
قوله تعالى (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ)
قال البخاري: حدثنا أبو نعيم. حدثنا مالك، عن طلحة بن عبد الملك، عن القاسم، عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصه فلا يعصيه".
(الصحيح 11/581 ح 6696 - ك الأيمان والنذور، ب النذر في طاعة) .
قال أبو داود: حدثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد القطان قال: أخبرني يحيى بن سعيد الأنصاري، أخبرني عبيد الله بن زحر، أن أبا سعيد أخبره، أن عبد الله بن مالك أخبره، أن عقبة بن عامر أخبره، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة، فقال:"مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام".
(السنن 3/233- ك الأيمان والنذر، ب من رأى عليه كفارة إذا كاد في معصية) وأخرجه
الترمذي (كتاب الأيمان والنذور رقم 1544) عن سفيان، والنسائي (7/20 - ك الأيمان والنذور -
ب إذا حلفت المرأة لتمشي) من طريق عمرو بن علي ومحمد بن المثنى، وأحمد في مسنده (4/143) عن
هيثم، كلهم عن يحيى بن سعيد به. قال الترمذي: هذا حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم،
وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود ح 2821) .
قال مسلم: حدثني زهير بن حرب وعلي بن حجر السعدي -واللفظ لزهير- قالا: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الملهب، عن عمران بن حصين
…
فذكر حديثاً طويلاً فيه قصة المرأة التي نذرت أن تذبح ناقة النبي صلى الله عليه وسلم إن نجاها الله عليها، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم لها:"سبحان الله -بئسما جزتها، نذرت لله إن نجاها عليها لتنحرنها، لا وفاء لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد".
(الصحيح 3/1262-1263 ح 1641 - ك النذر، ب لا وفاء لنذر في معصية الله
…
) .
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه) ، ويحصيه.
قوله تعالى (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ
…
)
قال الإمام أحمد: ثنا علي بن إسحاق، أنا عبد الله بن مبارك، أنا حرملة بن عمران أنه سمع يزيد بن أبي حبيب يحدث أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس -أو قال: يحكم بين الناس-" قال يزيد: وكان أبو الخير لا يخطئه يوم إلا تصدق فيه بشيء ولو كعكة أو بصلة أو كذا.
(المسند 4/147) وصححه الألباني (صحيح الجامع الصغير 4/170) وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (4/94 ح 2431) ، وابن حبان (الإحسان 5/131-132 ح 3299) ، والحاكم في المستدرك (1/416) من طرق عن ابن مبارك به، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي إلى أحمد والطبراني وأبي يعلى وقال: ورجال أحمد ثقات (مجمع الزوائد 3/110) . وصححه السيوطي (الجامع الصغير مع فيض القدير 5/12 ح 6282) .
قال أحمد: حدثنا علي بن عاصم، أخبرنا إبراهيم بن مسلم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: "ليتق أحدكم وجهه من النار ولو بشق تمرة".
(المسند ح 4265) قال الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (مجمع الزوائد 3/105) وصححه الألباني (صحيح الجامع الصغير 5/83) .
أخرج الشيخان بسنديهما عن حارثة بن وهب قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "تصدقوا، فإنه يأتي عليكم زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها".
(البخاري 3/330 ح 1411 - كتاب الزكاة، ب الصدقة قبل الرد) ، (مسلم - كتاب الزكاة، باب الترغيب في الصدقة ح 1011) من طريق محمد بن جعفر، عن شعبة به.
قوله تعالى (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)
أخرج الشيخان بسنديهما عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل
قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه".
(صحح البخاري - الأذان، باب من جلس في المسجد 2/143) ، (وصحيح مسلم 2/517 ح 1031 - الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة) .
أخرج الطبري وابن أبي حاتم بسنديهما الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: فجعل الله صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها بسبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة: علانيتها أفضل من سرها، يقال: بخمسة وعشرين ضعفا وكذلك جميع الفرائض والنوافل.
قوله تعالى (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ)
قال النسائي: أنا محمد بن عبد الله بن عبد الرحيم، نا الفريابي، نا سفيان، عن الأعمش، عن جعفر بن إياس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسبائهم من المشركين، فسألوا فرخص لهم، فنزلت هذه الآية (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) .
(التفسير 1/282 ح 72) . وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (رقم 3242) ، والطبراني في الكبير (12/54 ح 12453) ، والحاكم في المستدرك (2/285، 4/191) ، والبيهقي في سننه (4/191) -من طريق الحاكم في الموضع الأول-، كلهم من طرق عن سفيان، عن الأعمش. وهذا الإسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح، من سفيان إلى آخره، وما دون سفيان: فالفريابي في إسناد النسائي هو محمد بن يوسف. ثقة فاضل، وشيخ النسائي: ثقة. ولهذا قال الحاكم -عقب إخراجه في الموضع الأول-: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورمز له الذهبي في التلخيص برمز البخاري ومسلم. وقد سقط من إسناد الحاكم الأول (الأعمش) وتابعه في ذلك البيهقي، لكنه أتى به تاماً -كرواية الجماعة- في الموضع الثاني. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد 6/324) في رواية البزار: ورجاله ثقات. وقال ابن حجر (مختصر زوائد البزار 2/75 ح 1450) : صحيح.
قوله تعالى (لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا
…
)
قال الشيخ الشنقيطي: لم يبين هنا سبب فقرهم، ولكنه بين في سورة الحشر أن سبب فقرهم هو إخراج الكفار لهم من ديارهم وأموالهم بقوله (للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم) الآية.
قال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا المغيرة (يعني الحزامي) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليس المسكين بهذا الطواف الذي يطوف على الناس. فترده اللقمة واللقمتان. والتمرة والتمرتان". قالوا: فما المسكين؟ يا رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال: "الذي لا يجد غنى يغنيه. ولا يُفطن له، فيُتصدق عليه. ولا يسأل الناس شيئاً".
(الصحيح - الزكاة، ب المسكين الذي لا يجد غنى 2/219 ح 103) وأخرجه البخاري في (الصحيح - التفسير، ب لا يسألون الناس إلحافاً) 8/202 ح 4539) .
قال أبو داود: حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار، قالا: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال، عن عمارة بن غزية، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف" فقلت: ناقتي الياقوتة هي خير من أوقية قال هشام: خير من أربعين درهماً، فرجعت فلم أسأله شيئاً، زاد هشام في حديثه: وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهماً.
(السنن 2/116-117 ك الزكاة، ب من يعطي من الصدقة وحد الغنى) وأخرجه النسائي 5/98 (ك الزكاة، ب من الملحف) من طريق قتيبة عن ابن أبي الرجال به. وأخرجه ابن خزيمة (4/100- ك الزكاة، ب ذكر الغني تكون المسألة معه إلحافاًَ ح 2447) من طريق عبد الله بن يوسف عن ابن أبي الرجال به. قال الألباني: إسناده صحيح كما بينته في الصحيحة رقم (1719) . وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه (ح 2448) ، وابن حبان كما في (الإحسان 5/165 ح 3381) .
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله) ، مهاجري قريش بالمدينة مع النبي صلى الله عليه وسلم، أمروا بالصدقة عليهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: حصروا أنفسهم في سبيل الله للغزو حبسوا أنفسهم في سبيل الله للعدو فلا يستطيعون تجارة.
انظر الآية رقم (196) من السورة نفسها عند قوله تعالى (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) .
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (تعرفهم بسيماهم)، قال: من التخشع.
قوله تعالى (الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)
أخرج البخاري بسنده عن حمزة بن جندب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني مما يكثر أن يقول لأصحابه: "هل رأى أحد منكم من رؤيا"؟
…
ثم ذكر حديث الإسراء وفيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "فانطلقنا فأتينا على نهر -حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم- وإذا في النهر رجل سابح يسبح وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة فيفغر له فاه فليقمه حجراً
…
وفي آخر الحديث قول جبريل عليه السلام: "وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم الحجر فإنه حمل الربا".
(البخاري 12/457 ح 747 - كتاب التعبير - باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح) .
أخرج آدم بسنده الصحيح عن مجاهد قال: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس) ، يوم القيامة، لما أكل الربا في الدنيا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة قال: (الذين يأكلون الربا لا يقومون) الآية، وتلك علامة أهل الربا يوم القيامة، بعثوا وبهم خبل من الشيطان.
قوله تعالى (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)
قال الشيخ الشنقيطي: واعلم أن الله صرح بتحريم الربا بقوله (وحرم الربا)
وصرح بأن المتعامل بالربا محارب الله بقوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ) .
وصرح بأن آكل الربا لا يقوم إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس بقوله (إن الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا) والأحاديث في ذلك كثيرة جداً.
أخرج مسلم بسنده عن أبي قلابة، قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار. فجاء أبو الأشعث. قال: قالوا، أبو الأشعث، أبو الأشعث. فجلس فقلت له: حَدِّث أخانا حديث عبادة بن الصامت. قال: نعم. غزونا غزاة وعلى الناس معاوية. فغنمنا غنائم كثيرة. فكان، فيما غنمنا، آنية من فضة. فأمر معاوية رجلاً أن يبيعها في أعطيات الناس فتسارع الناس في ذلك. فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء. عيناً بعين. فمن زاد أو ازداد فقد أربى". فرد الناس ما أخذوا. فبلغ ذلك معاوية فقام خطيباً فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث. قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه. فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة. ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية (أو قال: وإن رغم) ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء. قال حماد: هذا أو نحوه.
(مسلم 3/1210 ح 1587 - كتاب المساقاة - باب الصرف وبيع الذهب بالورق) .
قال مسلم: حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا ليث. ح وحدثنا محمد بن رمح.
أخبرنا الليث، عن ابن شهاب، عن مالك بن أوس بن الحدثان؛ أنه قال: أقبلت أقول: من يصطرف الدراهم؟ فقال طلحة بن عبيد الله (وهو عند عمر بن الخطاب) : أرنا ذهبك. ثم ائتنا، إذا جاء خادمنا، نعطك ورقك. فقال عمر بن الخطاب: كلا، والله! لتعطينه ورقه. أو لتردن إليه ذهبه. فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"الورق بالذهب رباً إلا هاء وهاء. والبر بالبر رباً إلا هاء وهاء. والشعير بالشعير رباً إلا هاء وهاء. والتمر بالتمر رباً إلا هاء وهاء".
(مسلم 3/1209 ح 1586 - كتاب المساقاة - باب الصرف وبيع الذهب بالورق) .
أخرج الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت آخر البقرة قرأهن النبي صلى الله عليه وسلم عليهم في المسجد، ثم حرم التجارة في الخمر.
صحيح البخاري 4/313 و8/51 ك التفسير سورة البقرة) ، (وصحيح مسلم 3/1206 ح1580) .
أخرج مسلم: عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز".
(مسلم 3/1208 ح 1584 - كتاب المساقاة - ب الصرف وبيع الذهب بالورق) .
قال البخاري: حدثنا أبو الوليد. حدثنا شعبة، عن عون بن أبي جحيفة قال: رأيت أبي اشترى عبداً حجاماً، فسألته، فقال:"نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب وثمن الدم، ونهى عن الواشمة والموشومة، وآكل الربا وموكله، ولعن المصور".
(صحيح البخاري 4/314) .
قوله تعالى (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا
…
)
قال ابن ماجة: حدثنا العباس بن جعفر. ثنا عمرو بن عون. ثنا يحيى بن أبي زائد، عن إسرائيل، عن دكين بن الربيع بن عميلة، عن أبيه، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة".
(السنن - التجارات، ب التغليظ في الربا - 2279. قال البوصيري: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات (مصباح الزجاجة 2/24) ، رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي مسعود أيضاً (المسند 1/395، 424) . والحاكم وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي (المستدرك 2/37) (وحسنه ابن حجر (الفتح 4/315) . وقال الألباني: صحيح. (صحيح ابن ماجه 2/28) .
قال ابن كثير: يخبر الله تعالى أنه يمحق الربا أي يذهبه إما بأن يذهبه بالكلية من يد صاحبه أو يحرمه بركة ماله فلا ينتفع به بل يعدمه به في الدنيا ويعاقبه عليه يوم القيامة كما قال تعالى (قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث) وقال تعالى (ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم) وقال (وما أوتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله) الآية.
قوله تعالى (وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) الآية.
قال الشيخ الشنقيطي: ذكر في هذه الآية الكريمة أنه تعالى يربي الصدقات وبين في موضع آخره أن هذا الإرباء مضاعفة الأجر، وأنه يشترط في ذلك إخلاص النية لوجه الله تعالى وهو قوله تعالى (وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون) .
أخرج البخاري: بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب -ولا يقبل الله إلا الطيب- فإن الله يتقبلها بيمينه، ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه، حتى تكون مثل الجبل".
(الصحيح 3/278 ح 1410 - ك الزكاة، ب الصدقة من كسب طيب لقوله تعالى (ويربي
الصدقات
…
)) . الفلو: المهر بعد الفطام.