الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرش وما روي فيه
محمد بن عثمان بن أبي شيبة
دراسة وتحقيق: محمد بن خليفة التميمي
بسم الله الرحمن الرحيم
ال
مقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، فصل اللهم وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فما من بناء إلا وله أصل وأساس يقوم عليه، ديان أصل بناء الإسلام وأساسه الذي يقوم عليه هو توحيد الله، الذي يشتمل على معرفة الله تعالى باسمائه وصفاته، ومعرفة ما يجب له على عباده.
ومن المعلوم أن هذه المعرفة وهذا التوحيد لا يتحقق ولا يكون إلا عن طريق ما أنزله الله في كتابه، أو ما شرعه على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أن هذا هو السبيل الوحيد إلى ذلك، فالله سبحانه وتعالى قد أتم لهذه الأمة أمر دينها وأكمله، قال تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينا} 1، كما أن نبيه صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لأمته حتى تركها على المحجة البيضاء، فقد قال
1سورة المائدة، الآية:3.
: " وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء، ليلها ونهارها سواء"1، فما من سبيل إلى معرفة أمور هذا الدين إلا عن طريق الكتاب والسنة. ولقد كان لجانب توحيد الله الحظ الأوفر، والنصيب الأعظم، من ذلك البيان والإيضاح الذي جاءت به آيات القرآن ونصوص السنة المتواترة، ولقد عرف السلف من الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم ذلك المنهج الذي يعرف به توحيد الله حق المعرفة، فطبقوه أتم التطبيق، فلذلك كان الكتاب والسنة هما المنبع الوحيد الذي يستمدون منه ما يجب عليهم تجاه خالقهم عز وجل.
ولقد صنف كثير من السلف وبخاصة في القرنين الثالث والرابع الهجريين مؤلفات ورسائل كثيرة في مسائل أسماء الله وصفاته، فبينوا فيها ما يجب على المسلم تجاه هذا الأمر العظيم، وقد اعتمدوا في تصانيفهم تلك على نصوص القرآن والسنة، وقد كان من ضمن تلك المؤلفات كتاب "العرش" للحافظ محمد بن عثمان بن أبي شيبة، وقد عالج المصنف- رحمه الله في هذا الكتاب مسألة تعد من أهم مسائل الأسماء والصفات، بل ومن أهم مسائل العقيدة وأخطرها، ألا وهي: مسألة علو الله عز وجل على خلقه، واستوائه على عرشه.
ولقد وقع اختياري على "كتاب العرش " هذا لكي يكون هو موضوع رسالتي في مرحلة الماجستير، ولعل من أهم الأسباب والدوافع التي جعلتني أقدم على تحقيق الكتاب ما يلي:
1سنن ابن ماجه: (4/ 4، حديث 5) .
أولا: كونه يبحث في مسألة هي من أعظم المسائل التي ينبغي على المسلم معرفتها في باب الأسماء والصفات، وهي مسألة علو الله عز وجل واستوائه على عرشه، الثابتة في الكتاب والسنة المتواترة.
ثانيا: كون المؤلف قد سار على طريقة السلف ومنهجهم في تأليفه لهذا الكتاب، وذلك لاعتماده في مادة الكتاب على آيات من القرآن، وعلى الأحاديث النبوية، وأقوال الصحابة والتابعين ومن سار على نهجهم.
ثالثا: رغبتي الشخصية في الاشتغال بتحقيق المخطوطات من تراث سلفنا الصالح، وبخاصة في مجال العقيدة، وذلك لكونها ترجع إلى الأصول الأولى المستمدة من الكتاب والسنة، ولخلوها من شوائب الفلسفة والانحراف.
رابعا: تشجيع أستاذي الشيخ حماد بن محمد الأنصاري لي على تحقيق هذا الكتاب، فقد أشار- جزاه الله خيرا - علي بان أقوم بتحقيق هذا الكتاب وإخراجه من حيز المخطوطات.
وبحمد من الله وفضل منه فقد قمت بتحقيق هذا الكتاب، ولم أواجه خلال عملي في إنجازه من الصعوبات التي تستحق الذكر، سوى ما واجهته في البحث عن أماكن بعض الأحاديث والآثار التي لم أقف على مكانها، وكذلك في تراجم الأعلام الواردة أسماؤهم في الكتاب، حيث لم أقف على تراجم بعضهم، بالرغم من أني بذلت من الجهد والوقت ما أستطيع.
المبحث الأول: أقوال نفاة الاستواء.
المبحث الثاني: أقوال مثبتة الاستواء.
وأما القسم الثاني من الدراسة فقد جعلته في التعريف بالمؤلف والكتاب والمخطوطة، وهو يشتمل على بابين - هما:
الباب الأول: التعريف بالمؤلف - وفيه فصلان:
الفصل الأول: عصر المؤلف.
وقد تعرضت فيه للأمور التالية:
أولا: الحالة السياسية.
ثانيا: الحالة الاجتماعية.
ثالثا: الحالة العلمية.
الفصل الثاني: سيرته الشخصية، وحياته العلمية.
وتكلمت فيه عن الجوانب التالية:
أولا: اسمه، وكنيته.
ثانيا: أصله.
ثالثا: مولده.
رابعا: أسرته.
خامسا: نشأته، وطلبه للعلم.
سادسا: ثقافته، وعلمه.
سابعا: شيوخه.
ثامنا: تلاميذه.
تاسعا: عقيدته.
عاشرا: مؤلفا ته.
الحادي عشر: وفاته.
الثاني عشر: مكانته العلمية، وأقول، العلماء فيه.
وأما الباب الثاني فهو في: التعريف بالكتاب والمخطوطة وفيه فصلان:
الفصل الأول: التعريف بالكتاب - وتطرقت فيه لما يلي:
أولا: اسم الكتاب.
ثانيا: موضوع الكتاب، ومنهج المخالف فيه.
ثالثا: سبب التأليف.
رابعا: توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف.
خامسا: أهمية الكتاب.
سادسا: المآخذ على الكتاب.
الفصل الثاني: التعريف بالمخطوطة، ويتضمن ما يلي:
أولا: دراسة النسخة الخطية.
ثانيا: سند الكتاب.
ثالثا: السماعات الموجودة على الكتاب.
وأما بالنسبة لما يتعلق بالجانب الثاني من جوانب الرسالة فهو قسم التحقيق:
وقد كان عملي في الكتاب يتلخص في النقاط التالية:
أولا: الترجمة: فقد ترجمت لكثير من الرواة الذين وردت أسماؤهم في أسانيد الكتاب، أما من لم أقف على تراجمهم- وهم قلة- فإني أشير إلى ذلك بقولي:"لم أقف على ترجمته"، وأما إذا ترجمت لشخص ثم تكرر اسمه مرة أخرى فإني أكتفي بقولي:"تقدمت ترجمته"، وقد لا أشير إلى ذلك، فإذا أراد القارئ معرفة مكان التعريف به فليرجع إلى الفهارس الأخيرة، ليعرف مكانه من الكتاب.
ثانيا: تخريج الأحاديث: اشتمل الكتاب على الكثير من الأحاديث، ولم يذكر المؤلف مخرجيها مما اضطرني إلى البحث عن أماكن وجودها، وقد وجدت أماكن جلها، وأما بعضها الآخر- وهو قليل - فلم أجد مكانه، ولكنني لم أشر في كثير من الأحيان إلى اختلاف الألفاظ، لأن ذلك سيخرجنا عن غرض التحقيق.
ثالثا: درجة الحديث: لم يذكر المؤلف- رحمه الله درجة الأحاديث، التي أوردها، وقد بينت صحة أو ضعف كل حديث من تلك الأحاديث معتمدا في ذلك على أسانيدها، ثم بعد ذلك أذكر أقوال العلماء فيها إن وجدت شيئا من ذلك، كما تتبعت بعض الأحاديث بالمتابعات والشواهد التي تتعلق بها.
وقد أخذ مني هذا الجانب الكثير من الوقت والجهد، ولكني لم أبخل بشيء من ذلك، لعلمي أن معرفة صحة الحديث من ضعفه
خطة الرسالة:
أما الخطة التي سلكتها في إنجاز هذه الرسالة فهي كما يلي:
قسمت الرسالة إلى قسمين:
القسم الأول: الدراسة.
القسم الثاني: التحقيق.
أما ما يتعلق بجانب الدراسة فقد جعلته على قسمين هما:
القسم الأول: الدراسة الموضوعية.
القسم الثاني: التعريف بالمؤلف، والكتاب، والمخطوطة.
أما القسم الأول وهو الدراسة الموضوعية:
فقد جاء رغبة مني في الجمع بين منهج التحقيق ومنهج البحث العلمي، وقد أحببت أن أجعل القسم الأول من أقسام الدراسة يتعلق بدراسة موضوعية لموضوع الكتاب، الذي يتحدث عن مسائل العلو، والاستواء، والعرش، والكرسي، وما يتعلق بها، وقد دفعني إلى ذلك كون الكتاب من أوله إلى آخره يبحث في هذه المسائل بذاتها، كما أن المؤلف- رحمه الله لم يتطرق إلى تلك المسائل إلا من جانب واحد فقط، هو ذكر ما ورد فيها من آيات وأحاديث وآثار، ولذلك قمت بهذه الدراسة المشتملة على ثلاثة أبواب هي:
الباب الأولى: تعريف العرش، والأدلة عليه- وفيه فصلان:
الفصل الأول: تعريف العرش- وفيه مبحثان:
المبحث الأول: المعنى اللغوي لكلمة "عرش ".
وقد ذكرت في هذا المبحث الاستعمالات اللغوية لكلمة "عرش" عند علماء اللغة، وذكرت في نهاية هذا المبحث أن أصل استعمال هذه الكلمة عند العرب إنما هو في سرير الملك، وأن هذا المعنى هو المقصود في عرش الرحمن، كما يشهد لذلك نصوص القرآن، والأحاديث الصحيحة.
وأما المبحث الثاني: فهو في الخلاف في تعريف العرش.
وقد بينت في هذا المبحث قول السلف وأدلتهم، كما بينت فيه أقوال المخالفين وما استدلوا به، ورد السلف عليهم.
وأما الفصل الثاني: فهو في الأدلة على صفة العرش من الكتاب والسنة- وفيه مبحثان:
المبحث الأول: الأدلة القرآنية على صفة العرش.
وقد ذكرت في هذا المبحث الآيات القرآنية التي ورد فيها ذكر عرش الرحمن، وأشرت إلى بعض ما تضمنته تلك الآيات من الدلائل والصفات على عرش الرحمن- تبارك وتعالى.
وأما المبحث الثاني: فهو في الأدلة من السنة على صفة العرش.
وقد أوردت فيه بعض الأحاديث الصحيحة الواردة في العرش وصفته، والتي لم يذكرها صاحب كتاب العرش في كتابه.
وأما الباب الثاني: فهو في صفة العرش، وذكر ما يتعلق به - وفيه فصلان هما:
المبحث الأول: خلق العرش وهيئته.
المبحث الثاني: مكان العرش.
المبحث الثالث: خصائص العرش.
وأما الفصل الثاني: فهو في ذكر ما يتعلق بالعرش- وفيه مبحثان هما:
المبحث الأول: الكلام على حملة العرش.
المبحث الثاني: الكلام على الكرسي.
وأما الباب الثالث: فهو في الكلام على صفتي العلو والاستواء - وفيه فصلان هما:
الفصل الأول: الأقوال في صفة العلو- وفيه مبحثان:
المبحث الأول: أقوال المخالفين في مسألة العلو.
وقد تعرضت في هذا المبحث لأقوال المنكرين لعلو الله وذكر بعض شبههم العقلية والسمعية والرد عليها.
وأما المبحث الثاني فهو في: قول السلف ومن وافقهم.
وقد بينت في هذا المبحث مذهب السلف في إثبات علو الله - تعالى- فوق خلقه، ومن وافقهم في هذا المذهب، كما أوردت ما استدلوا به على هذا القول من القرآن والسنة والإجماع والمعقول والفطرة.
أما الفصل الثاني: فهو الاستواء والأقوال فيه - وفيه مبحثان:
واجبة في كل مسألة، سواء كانت فرعية أو أصلية، إذ أن ما لم يصح لا يجوز التدين به.
رابعا: تخريج الآثار: وقد ذكرت أماكن الكثير من هذه الآثار، وأشرت في البعض إلى درجته.
خامسا: التعليق على بعض الأحاديث والآثار، وبيان ما تضمنته من مسائل في العقيدة، وتبيين الحق في تلك المسائل.
سادسا: الكلمات الغريبة بينت معانيها من كتب اللغة.
سابعا: الترقيم: رقمت جميع الأحاديث المرفوعة والموقوفة والآثار وذلك ليسهل معرفتها في الكتاب.
ثامنا: وضعت أرقاما في داخل نص الكتاب تدل على بداية الصفحة في المخطوط، وقد كان هناك ترقيمان على صفحات المخطوطة استعملت أحدهما.
تاسعا: جعلت الآيات القرآنية بين قوسين هكذا: {} . وأشرت في الحاشية إلى رقم تلك الآية والسورة التي وردت فيها، وكذلك جعلت الأحاديث بين قوسين هكذا:" "، وأما الآثار فهي بين قوسين هكذا " ".
عاشرا: إذا أضفت حرفا أو كلمة أو جملة أو عنوانا مما يقتضيه السياق جعلت ذلك بين قوسين هكذا، ليعرف أنه ليس من الأصل.
الحادي عشر: وضعت فهارس للأمور التالية:
أ- فهرس للآيات القرآنية حسب ترتيب سورها.
ب- فهرس للأحاديث المرفوعة والموقوفة.
ج- فهرس للآثار على ترتيب أصحابها.
د- فهرس للأعلام الوارد ذكرهم في الكتاب.
هـ- فهرس المفردات.
وفهرس للتعريف بالفرق.
ز- فهرس للأبيات الشعرية.
ح- فهرس للمصادر والمراجع.
ط- فهرس لموضوعات الرسالة.
وفي الختام أتوجه بالشكر إلى الله تعالى الذي سهل لي أمر إعداد هذه الرسالة بفضل منه وتوفيق، وأسأله - سبحانه - أن يجعل عملنا هذا خالصا لوجهه، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه على كل شيء قدير.
كما أشكر فضيلة الشيخ/ عبد الله بن محمد الغنيمان - المشرف على هذه الرسالة - على ما بذله من جهد وعون لي في إعدادها. وكذلك كل من بذل المساعدة لي في إنجازها، وعلى رأسهم فضيلة الشيخ حماد بن محمد الأنصاري- جزاه الله خيرا-، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.