الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الأدلة على صفة العرش من الكتاب والسنة
المبحث الأول: الأدلة القرآنية على صفة العرش
.
…
لقد جاء ذكر عرش الرحمن في القرآن في واحد وعشرين موضعا:
وقال تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إلَاّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم} 2.
1 سورة الأعراف، الآية:54.
2سورة التوبة، الآية:129.
3سورة يونس، الآية:3.
4سورة هود، الآية:7.
وقال تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} 2.
وقال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 3.
وقال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِما آلِهَةٌ إلَاّ اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَما يَصِفُونَ} 4.
وقال تعالى: {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} 5.
وقال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} 6.
وقال تعا لى: {الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} 7.
وقال تعالى: {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} 8.
1سورة الرعد، الآية:2.
2سورة الإسراء، الآية:42.
3سورة طه، الآية:5.
4سورة الأنبياء، الآية:22.
5سورة المؤمنون، الآية:86.
6سورة المؤمنون، الآية:116.
7 سورة الفرقان، الآية:59.
8 سورة النمل، الآية:26.
وقال تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَما يَصِفُونَ} 5.
وقال تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ} 7.
1سورة السجدة، الآية:4.
2 سورة الزمر، الآية:75.
3 سورة غافر، الآية:7.
4سورة غافر، الآية:15.
5 سورة الزخرف، الآية:82.
6سورة الحديد، الآية:4.
7 سورة الحاقة، الآية:17.
وقال تعالى: {ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} 1.
وقال تعالى: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} 2.
من خلال هذه النصوص التي جاء فيها ذكر عرش الرحمن- تبارك وتعالى، نستطيع أن نرى الدلائل والصفات العظيمة التي وصف الله بها هذا المخلوق العظيم، فذكر العرش في هذه المواضع الكثيرة، وفي خلال تسع عشرة سورة من سور القرآن- أمر يشعر بعظم هذا المخلوق وعظم ما اختص به، وسنعرض في هذا المبحث دلالة تلك الآيات على ما للعرش من مكانة ومنزلة.
وأما ما نبدأ به من تلك الآيات آيات الاستواء على العرش، فالاستواء على العرش هو أعظم ما اختص الله به هذا المخلوق، وقد جاء ذكر الاستواء في سبع آيات، وهذه الآيات السبع التي جاء فيه ذكر الاستواء على العرش قد جاءت مصحوبة بما يبهر العقول من صفات الله وجلاله وكماله3، وسنذكر تلك الآيات وما اقترن بها.
ا- فأول سورة ذكر الله فيها صفة الاستواء حسب ترتيب المصحف سورة الأعراف: قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثا
1 سورة التكوير، الآية:20.
2 سورة البروج، الآية:15.
3 "منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات": ص 15.
وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بأمره أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} 1.
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال2.
2-
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الكمال والجلال.
3-
الموضع الثالث في سورة الرعد في قوله جل وعلا: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمّىً يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآياتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ وَهُوَ الَّذِي
1 سورة الأعراف، الآية:54.
2 "منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات": ص 15.
3 سورة يونس، الآيات: 3-6.
مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِماءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} 1.
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.
4-
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الجلال والكمال.
5-
الموضع الخامس في سورة الفرقان في قوله تعالى: {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} 3.
1 سورة الرعد، الآيات: 2- 4.
2 سورة طه، الآيات: 1- 8.
3 سورة الفرقان، الآيتان: 58- 59.
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الكمال والجلال.
وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: "إنه ينبغي للمؤلين أن يتاملوا هذه الآية من سورة الفرقان وهي قوله تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} ويتاملوا معها قوله تعالى: {وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} 1، فإن قوله في الفرقان: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} بعد قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} يدل دلالة واضحة أن الله الذي وصف نفسه بالاستواء خبير بما يصف به نفسه، ولا تخفى عليه الصفة اللائقة من غيرها ويفهم منه أن الذي ينفي عنه صفة الاستواء ليس بخبير، نعم هو والله ليس بخبير"2.
6-
1 سورة فاطر، الآية:14.
2 "منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات": ص 26.
3 سورة السجدة، الآيات: 3- 9.
فهل لأحد أن ينفي شيئا من هذه الصفات الدالة على الجلال وا لكمال..
7-
الموضع السابع: في سورة الحديد في قوله تعالى: {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْهَا وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} 1.
فالله سبحانه وتعالى مع استوائه على عرشه لا يخفى عنه شيء من أمور مخلوقاته، فهو يعلم جميع ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وجميع ما ينزل من السماء وما يعرج فيها، فسبحان من لا يعزب عن علمه مثقال حبة من خردل لا في السماء ولا في الأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم.
فالشاهد من ذكر آيات الاستواء على العرش وذكر ما اقترن بها من صفات العظمة والجلال بيان أن هذه الصفة التي ظن الجاهلون أنها صفة نقص، ويتهجمون على رب السموات والأرض بأنه وصف نفسه بصفة نقص، ثم يسببون عن هذا أن ينفوها ويؤولوها، مع أن الله- جل وعلا- تمدح بها، وجعلها من صفات الجلال والكمال مقرونة بما يبهر العقول من صفات الجلال والكمال، وهذا يدل على جهل وهوس من ينفي بعض صفات الله جل وعلا بالتأويل2.
1 سورة الحديد، الآيتان: 3- 4.
2 "كتاب منهج ودراسات لآيات الأسماء والصفات": ص 17.
وبعد ذكر آيات الاستواء وما اقترن بها من صفات الجلال والكمال، نتامل المواضع الأخر ى التي جاء فيها ذكر العرش فقوله تعالى:{هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} ، وقوله:{فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَما يَصِفُونَ} ، وقوله:{قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، وقوله:{فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} ، وقوله:{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَاّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} ، وقوله تعالى:{سُبْحَانَ رَبِّ السَّماوَاتِ وَالأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَما يَصِفُونَ} .
ففي هذه الآيات نرى أن الله أخبر عن العرش بما يدل على أنه مخلوق من مخلوقات الله، وذلك بوصفه له بأنه مربوب، ومعلوم أن كل مربوب مخلوق، وهذه الآيات تؤكد لنا وجود العرش، وتبطل زعم القائلين بان المراد منه الملك، فالإخبار عنه بهذه الصيغة يؤكد استقلاله وتميزه، ومما يزيدنا يقينا وصف العرش بتلك الصفات الجليلة، فقد وصفه الله بأنه كريم، ومجيد، وعظيم1.
كما أن مما يدلنا على منزلة العرش ومكانته عند الله تعالى من خلال هذه الآيات هو أنه سبحانه قد تمدح نفسه في بعضها بأنه ذو العرش قال تعالى: {إِذاً لابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} ، وقوله:{رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْش} ، وقوله:{ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} ، وقوله:{ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ} .
وأما ما جاء في قوله تعالى: {وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} ، وقوله تعالى:{وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ} .
1 هذا إذا قرئ بالخفض، أما إذا قرئ بالرفع فتكون تلك الصفات لله.
فإن هذه الآيات توجب أن لله عرشا يحمل، وتوجب أن ذلك العرش ليس هو الملك كما تقوله طائفة من الجهمية، فإن الملك مجموع الخلق، فهنا دلت الآيات على أن لله ملائكة من جملة خلقه يحملون عرشه، وآخرين يكونون حوله، وعلى أنه يوم القيامة يحمله ثمانية، إما ثمانية صفوف أو ثمانية أملاك، أو ثمانية أصناف1، فهذه الآيات أعظم إثبات على وجود العرش حقيقة، ومن أعظم الردود على زعم النافين له.
1 "نقض التأسيس": (1/ 576) .